إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الإرهاب، وأولى حروب القرن





أوضاع الجانبين
أوضاع القوات المتصارعة
محاور الحرب البرية
الوجود الأمريكي
الهجوم على مزار الشريف
الهجوم على كابول
الهجوم على قندوز
الأعمال البرية
الأقاليم الأفغانية
التوزيع الجغرافي
الدول والقواعد العسكرية
الطبيعة الجغرافية
القوات المتحاربة
كهوف تورا بورا




القدرة الإقتصادية لإسرائيل

ثامناً: آثار هجمات 11 سبتمبر وتداعياتها على العالمين العربي والإسلامي

1. العالم العربي

حدث تباين في المواقف العربية سواء تجاه أحداث سبتمبر أو التحالف ضد الإرهاب أو الهجمات ضد أفغانستان، فقد شجبت كل الدول العربية ما تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية من إرهاب باستثناء العراق، وعارضت كلا مصر والسعودية التحالف الدولي، بينما وافقت عليه دول عربية أخرى بشرط حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً.

كما عجز التفكير الإستراتيجي العربي عن التعامل مع تطور الأحداث منذ 11 سبتمبر، وسيطر التفكير قصير المدى ، ذو الطبيعة القطرية، على الرغم من أن الحادث هو صراع بين إستراتيجيات مختلفة على إعادة تشكيل آسيا والشرق الأوسط والمنطقة العربية، انطلاقاً من أفغانستان هذا بالإضافة إلى غياب الدور العربي، وقدرته على تشكيل موقف عربي موحد من هذه الأحداث، ولكن هذا الدور كان مغيباً تماماً عن توجيه مسار الأحداث والمواقف.

وقد كان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، تأثيرها الواضح على قضيتين أساسيتين هما، العلاقات العربية – الأمريكية، والصراع العربي – الإسرائيلي، والتي يمكن إيجازها في الآتي:

أ. الانعكاسات على العلاقات العربية - الأمريكية

وقعت أحداث 11 سبتمبر، بينما كانت تشهد العلاقات العربية – الأمريكية، بعض مظاهر التوتر وعدم الاستقرار، بسبب الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل، والذي لم يتحرك لإثنائها عن المضي في سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين، ثم جاءت تلك الأحداث وما تلاها من تطورات لتضيف أسباباً أخرى للتوتر بين العرب والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تجاوزت صورة العرب لدى الغرب مرحلة التشويه التي كانت سائدة قبل 11 سبتمبر، إلى احتمالات الصدام، حيث أستغل البعض تلك الأحداث في شن حملات سياسية ضد الدول العربية، خاصة ضد مصر والسعودية، وذلك من خلال هجوم إعلامي تدعمه بعض الدوائر المعادية بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفى البداية حاولت الإدارة الأمريكية التقرب من الدول العربية بهدف دعم الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، وأعلنت التزامها بإقامة دولة فلسطينية، وأسفرت الجهود الأمريكية بهذا الشأن عن الاتفاق حول رؤية أمريكية لعملية السلام، انتهت بتقديم "خطة خريطة الطريق"،. التي لم يقدر لها أن تطبق حتى الآن.

واختارت الإدارة الأمريكية التعامل مع الأمة العربية من موقع استعلائي، وحاولت كسر إرادة هذه الأمة وهدر كرامتها، الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بينهما، كما أدى إدراج العراق في قائمة دول "محور الشر" واتهامه بتطوير أسلحة الدمار الشامل، واتخاذ ذلك الأمر ذريعة لشن الحرب ضده، وانتهى الأمر بغزوه واحتلاله، على الرغم من الرفض العالمي والعربي لهذا الغزو، لأنه أتى دون تأييد أو شرعية دولية، حيث اعتبرت الأمة العربية بأنه إذلال للأمة، وفرض الهيمنة الأمريكية عليها.

ب. موقف النظام العربي في التوجه الأمريكي للحرب ضد الإرهاب

على الرغم من وجود محاولات "منفردة" ، قامت بها بعض الدول العربية لتحديد رؤيتها تجاه الأحداث وخاصة الحرب ضد الإرهاب، فإن رؤية عربية موحدة لم تتحقق لتحديد إستراتيجية شاملة للتصدي للتحديات والتهديدات الموجهة إليها، وبرغم صدور قرارات عديدة في مؤتمرات القمة وعلى المستوى الوزاري، إلا أن شيئاً منها لم ينفذ. وعلى سبيل المثال، قرارات مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ في أول مارس 2003، ومؤتمر قمة تونس في 28 مايو 2004، وتوصيات مؤتمر مكتبة الإسكندرية في مارس 2004 من أجل الإصلاح للحد من ظاهرة الإرهاب.

ودون الإدراك بأن هذا الحرب توجه بشكل "شبه كامل" تجاه الإسلام كعقيدة، وتجاه المنطقة التي تعتبر في نظر الولايات المتحدة الأمريكية "بيئة ينمو فيها الإرهاب"، فإنه يمكن إجمال الموقف العربي في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية في النقاط التالية:

(1) أن الدول العربية قبلت التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية بصورة فردية، دون الإصرار على أن يكون التعامل من خلال نظام عربي، أو تجمع عربي داخل الجامعة العربية، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تهدف من ذلك إلى تحقيق مصالحها في كل دولة على حدة، ودون أن تواجه تجمعاً عربياً يساند بعضه بعضاً.

(2) أن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل الصراعات والتنافسات العربية – العربية، لتنفذ من خلالها من أجل تحقيق مصالحها، وقد جاءت المتغيرات المتتالية لتعمل على تفعيل أنماط العلاقات العربية – الأمريكية، ولتؤكد النفوذ الأمريكي بالمنطقة، بدءاً من حلف بغداد في منتصف عقد الخمسينيات، وانتهاءً بالتحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة الشرعية للكويت عام 1990/1991، والذي أدى إلى الوجود العسكري الأمريكي في بعض دول المنطقة.

(3) أنه منذ اعتلاء الإدارة الحالية برئاسة بوش الابن، التي اعتلت السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية – اعتباراً من يناير2001- أتت بالعديد من المتغيرات في التعامل مع الجانب العربي ومثال ذلك:

(أ) المغالاة في إشهار الانحياز الكامل لإسرائيل، والتنسيق الكامل مع إسرائيل، حيث تعددت زيارات رئيس الوزراء الإسرائيلي "أريل شارون" لواشنطن لتصل إلى سبعة زيارات خلال عامين، في الوقت الذي أعطى إسرائيل وعوداً عديدة في عدم المساس بالتجمعات الحالية للمستعمرات الإسرائيلية وغيرها.

(ب) احتلال العراق والإصرار على إقامة قواعد متقدمة، والشروع في إقامة دولة عراقية على النمط الديموقراطي الأمريكي، بحيث يصلح هذا النموذج لباقي الدول العربية.

ج. الانعكاسات على الصراع العربي – الإسرائيلي

كان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر تأثيرها المباشر على دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي، بالنظر إلى عدة اعتبارات أهمها:

(1) وقعت هذه الأحداث قبل أيام من إتمام الانتفاضة الفلسطينية عامها الأول وما أحدثته الممارسات الإسرائيلية ضدها من توتر في المنطقة وانهيار مشروع السلام، الذي بدأ مع مؤتمر مدريد عام1991، بحيث سيطرت الحرب على مفردات الخطاب السياسي الإسرائيلي في ظل حكومة أريل شارون.

(2) وقعت هذه الأحداث، في ظل موقف أمريكي من جانب إدارة الرئيس بوش، اتسم بالتحيز الواضح لصالح إسرائيل، كما حصلت إسرائيل على دعم مادي ومعنوي ضخم من الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبار أنها تقوم بدور رئيسي في الحرب ضد الإرهاب الذي تشكله المنظمات الفلسطينية.

(3) بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حدث تطور في قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من عدة جوانب كالآتي:

(أ) في الوقت الذي ندد فيه العرب بالهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية، فإنهم طالبوا في الوقت نفسه الوقوف ضد الإرهاب الإسرائيلي الموجه إلى الشعب الفلسطيني.

(ب) اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، إضافة إلى تحرك أوروبي نشط بالمنطقة، بهدف التوصل إلى تسوية سلمية.

(ج) مناداة بعض الأصوات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بضرورة التحرك من أجل إيجاد حل عادل لمشكلة الصراع العربي- الإسرائيلي، كما قامت الصحف الأمريكية والغربية بنشر العديد من المقالات والتعليقات التي تطالب، بضرورة مراجعة الولايات المتحدة لسياستها بمنطقة الشرق الأوسط، بحيث تكون أقل انحيازاً لإسرائيل.

(د) حدوث تغير في الموقف الأمريكي بعد غزوها للعراق، بتأجيل إقامة الدولة الفلسطينية "المنزوعة السلاح" طبقاً لما حددته خريطة الطريق، إلى عام 2009.

د. حالة النظام العربي وتداعيات الحرب ضد الإرهاب

مع تصاعد الأحداث، وخصوصاً مع إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على شن الحرب على العراق عام 2003، والتي مثلت أعلى درجة من التهديد، فإن حالة النظام العربي لم تكن مهيأة – ولا تزال – للتصدي للدوافع الأمريكية نحو الحرب، سواء ضد العراق أو ضد ظاهرة الإرهاب بشكل عام، أو لاستمرار الحشد العسكري الأمريكي في المنطقة، والأهم من ذلك كله، أن هذه المسببات لا تنبع من داخل النظام العربي نفسه، ولكن من خلال تأثير الولايات المتحدة على العديد من الدول العربية، وتعميق فجوة الثقة فيما بينها، وبما يحول هذه المسببات إلى تداعيات ومن أهمها:

(1) انقسام العالم العربي على نفسه، وتعدد توجهاته القطرية دون تنسيق في مجال الجوار العربي الجغرافي، وبالتالي فقد استحال تجميع الأهداف العربية التي تفرضها المصالح المشتركة في إطار إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة الأخطار وتحقيق المصالح العربية.

(2) انخفاض الثقة المتبادلة على المستوى العربي، محصلة لسياسات وتوجهات بعض الأنظمة العربية.

(3) انعكاس آثار" تحقيق الأمن" على التوجهات السياسية لبعض الدول العربية، وهو أحد أثار حرب الخليج الثانية، إلى جانب رغبة بعض الدول "محدودة القدرة" في احتلال مرتبة أكبر من قدراتها من خلال التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية.

(4) أن حالة جامعة الدول العربية، لا تسمح لها بالتدخل المباشر حيث إنها مؤسسة تنسيق، وليست مؤسسة اتخاذ قرار، وأن دور جامعة الدول العربية، واجه تهميشاً من بعض الدول العربية، خاصة تلك التي تحاول أن يكون لها دور مؤثر على المستوى العربي، دون أن تمتلك مقوماته.

(5) أن الحرب ضد الإرهاب وتصاعدها، أدت إلى تقسيم الوطن العربي إلى مناطق اهتمام جغرافية، وهو ما يمثل خطورة على النظام العربي بالكامل، ويبدو ذلك واضحاً في مجال التوجهات السياسية لدول المشرق العربي، ومثل توجهات ليبيا للانفصال عن النظام العربي وغيرها.

2. العالم الإسلامي

على الرغم من أن الرئيس بوش، قد حاول تدارك تداعيات استخدامه لعبارة الحرب الصليبية في حديثه عن الحرب ضد الإرهاب، سواء من خلال التقرب إلى المسلمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أو من خلال التأكيد على أن الإسلام هو دين السلام، وإن هذه الحرب ضد الإرهاب، ومع ذلك فإن أحداث 11 سبتمبر كان لها تأثيراتها السالبة العديدة على نظرة الغرب للإسلام، وخاصة فيما يتصل بالإدعاءات الخاصة بعلاقته بالإرهاب، ما أدى إلى توفير بيئة مناسبة لبروز التيارات المتعصبة ضد العرب والمسلمين في الغرب وعلى سبيل المثال:

أ. بعد حديث الرئيس بوش عن حرب صليبيه، صرح رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيوبير لوسكوني، أن الحضارة الغربية المسيحية متقدمه عن الحضارة الإسلامية التي تتسم بالتخلف والركود.

ب. ساد الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية موجة عارمة من الغضب والكراهية ضد المسلمين، واتهمها بالإرهاب، وأنهم أعداء للحرية. واتخذت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية إجراءات قال المراقبون إنها عنصرية ضد المسلمين، ما أدى إلى سيادة موقف عام معادٍ للإسلام وسيادة اعتقاد غير صحيح بأن الإسلام مرادف للإرهاب.

تاسعاً: أثار هجمات 11 سبتمبر على القضايا الدولية المختلفة

1. مكافحة الإرهاب

شكلت هجمات 11 سبتمبر نقلة نوعية خطيرة في نمط الإرهاب الدولي، وليس من قبيل المبالغة القول، إن الإرهاب الجديد، أصبح واحداً من الأشكال الرئيسية- أن لم يكن الشكل الرئيسي- للصراع المسلح على الساحة الدولية، ولا يقتصر أهمية هذا التحول على ما يمثله من تهديد جديد للأمن الدولي، ولكن أيضاً على ما استثاره من ردود أفعال من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الدولية الأخرى، والتي لم تقتصر فقط على شن حملة دولية واسعة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب، ولكنها وصلت إلى حد اعتماد الرئيس بوش، لموقف قوامه أن وقف الإرهاب، ومحاسبة الدول التي ترعاه، أصبحا التركيز الرئيسي للإدارة الأمريكية. وهو ما يعنى بوضوح أن أحداث سبتمبر قد غيرت السياسة الخارجية الأمريكية، بصورة جذرية، حيث أصبحت هذه السياسة موجهة بالكامل نحو أهداف مكافحة الإرهاب، بما ينطوي عليه هذا الأمر من تخصيص للموارد المادية والبشرية وإعادة تشكيل التحالفات الخارجية الأمريكية وعلاقاتها الدولية، وهو ما يعد أوضح تعبير عن المكانة التي بات الإرهاب يحتلها بوصفه شكلاً رئيسياً من أشكال الصراع المسلح على الساحة الدولية.

هذا، وقد أعطت هجمات سبتمبر مزيداً من قوة الدفع لجهود مكافحة الإرهاب، بحيث استحوذت الأدوات العسكرية على الجانب الأكبر من جهود مكافحة الإرهاب، حيث اندفعت الولايات المتحدة الأمريكية بقوة نحو القيام برد عسكري على الهجمات حتى قبل أن تتوافر الأدلة الكافية لها بشأن المسئولين عن هذه الهجمات، ووجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في حاجة إلى بناء تحالف دولي واسع النطاق لمكافحة الإرهاب، ولكنه ليس تحالفاً عسكرياً تقليدياً، وإنما يغلب عليه الطابع السياسي، ويركز على التعاون والتنسيق في المجالات الأمنية والاستخبارية والمالية، من أجل تعقب الجماعات الإرهابية وضرب شبكاتها العالمية وتجفيف مواردها المالية.

وتنبع أهمية التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، من أن هجمات 11 سبتمبر، أكدت أن الإرهاب الدولي أصبح يمثل تحدياً بالغ الخطورة، بحيث لا يمكن لأي دولة أن تواجهه بمفردها مهما كانت قدراتها، وفى الوقت نفسه، ركزت الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية على تطوير التشريعات لمكافحة الإرهاب، ليس فقط في المجال الأمني ولكن أيضاً في مجال تشديد إجراءات دخول الولايات المتحدة والإقامة فيها، وكذلك إعادة النظر في سياسات الهجرة.

2. حقوق الإنسان

خلفت أحداث 11 سبتمبر، أجواء غاضبة داخل الولايات المتحدة تجاه العرب والمسلمين، بسبب شكوك المحققين الأمريكيين في وجود صلة بين جماعات إرهابية عربية وإسلامية،وهذا بدوره أدى إلى تراكم حالة العداء والتحفز داخل المجتمع الأمريكي، بما أدى على التأثير على حقوق هذه الطائفة سواء في العمل أو في الحياة، والتي تمثل أدنى حقوق الإنسان. كما كان احتجاز معتقلي القاعدة وطالبان في قاعدة جوانتانامو من دون تقديمهم لمحاكمة عادلة، يمثل كذلك انتهاكا لحقوق الإنسان[2].وقد حاولت الإدارة الأمريكية التخفيف من هذه الأوضاع ومعالجتها من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي الداعية إلى عدم اتخاذ ما جرى في سبتمبر، ذريعة لاضطهاد العرب والمسلمين.

3. الديموقراطية

*من المفترض أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يعبران عن نظام دولي، ارتضته أغلب دول العالم لإدارة الأزمات، ومن المفترض أيضاً أن إدارة الأزمات تتبع أسلوباً ديمقراطياً، حيث لا يمكن تصنيف عمل ما بأنه عمل إرهابي يهدد الأمن والسلام العالميين إلا إذا أقرت معظم الدول الأعضاء في هذه المؤسسة ذلك. وكذلك ينبغي ألا يتم القيام بأي عمل جماعي من شأنه إلحاق الأذى والدمار بعضو في هذه المؤسسة – كما حدث ضد العراق عندما قامت بغزو الكويت عام 1990- إلا بتوافق إرادة دولية جماعية، غير أن الولايات المتحدة الأمريكية وهى تقوم بشن الحرب على الإرهاب لا ترغب في أن يشاركها أحدث في تعريف العدو وأسلوب مواجهته، وهو أمر يتنافى مع الديمقراطية على النطاق الدولي، ومن المسلم به أن إجهاد آليات الديمقراطية على النطاق الدولي، سوف يؤثر على الديمقراطية السياسية والاجتماعية في المجتمع الأمريكي ذاته، وبناءً عليه فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعلن بوضوح أن من يملك القوة بوسعه أن يكسر القواعد الديمقراطية المتعارف عليها، وأن يكون هناك، في هذه اللحظة، إمكان فصل الأمر داخلياً عن نظيره في الخارج.

والولايات المتحدة الأمريكية بعد انفرادها بالتحكم في الكثير من الحلقات السياسية والاقتصادية في العالم، تحولت من نظام ديموقراطي إلى إمبريالية حقيقية، إلا أن المثقفين الأمريكيين يعتقدون أن حكومة بلادهم لا ترغب في احتلال العالم، بل تريد نشر النظام والاستقرار فيه. وعلى الرغم من أن بعض المفكرين الأمريكيين على قناعة تامة بأنه لا مكان لغيرهم في مركز القمة بالعالم، إلا أن لديهم اعتقاداً بأنهم لا يملكون مقومات هذه المكانة، لاسيما وأن الساسة الأمريكيين ليس بإمكانهم التفكير للمدى البعيد، والدليل على ذلك النجاح العسكري في العراق، ثم الفشل في إعادة الاستقرار الإداري والاقتصادي فيه.

عاشراً: أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها على الاقتصاد العالمي

أضير الاقتصاد العالمي بشدة، نتيجة أحداث سبتمبر، حيث إن الاقتصاد الأمريكي يمثل أكبر اقتصاد في العالم، وما يصيبه يؤثر سلباً على الآخرين بشدة، وهذا يمثل أحد آثار العولمة الاقتصادية، وارتباط العالم بقرارات منظمة التجارة العالمية "الجات"، وكانت أهم التأثيرات على الاقتصاد والعالم وخصوصاً تجاه الدول النامية "ذات الاقتصادات محدودة القدرة – هو الكساد وتباطؤ النمو".

أن التأثير الأكبر في المجال الاقتصادي، أصاب الدول العربية، واقتصاداتها العربية – بطبيعتها – محدودة التأثير نظراً لاعتمادها على اقتصادات الغربية المتقدمة، وقد بلغت الخسائر الاقتصادية العربية – طبقاً لما أكدته تقديرات اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة – نتيجة لأحداث 11 سبتمبر كالآتي:

1. انخفاض معدل النمو ببعض الدول العربية، وعلى سبيل المثال: "المملكة العربية السعودية من 4.5% عام 2000 إلى 1.5% عام 2002" – "الكويت من 4 % عام2000 إلى 1.5% عام 2002" – "الإمارات من 6.5% عام 2000 إلى 2.5% عام 2002" – "عُمان من 4.6% عام 2000 إلى 2% عام 2002"- "مصر من 5.5% عام 2000 إلى 3% عام 2002".

2. انخفاض في أسواق الأسهم العربية: حيث كان قطاع البترول من أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً، حيث تراجع الطلب العالمي خلال الجزء الباقي من عام2001، والنصف الأول من عام 2002، بسبب تراجع معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب التأثيرات السلبية على السياحة وحركة الطيران، وقد تراجع سعر برميل البترول خلال تلك الفترة من 27.6 دولاراً عام 2000 إلى حوالي 22 دولاراً، بانخفاض تزيد نسبته على 20%، ما أدى إلى انخفاض عائدات البترول العربية بنسبة تصل إلى نحو 23%.

3. تدفقات الاستثمار العالمية تجاه العالم العربي: والتي تأثرت بشدة – طبقاً لتقديرات مؤسسة التمويل الدولية – فقد انخفضت رؤوس الأموال الخاصة إلى الأسواق الناشئة في العالم من 166 مليار دولار عام 2000، إلى 106 مليار دولار عام 2001، وتبعاً لذلك انخفضت تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى المنطقة العربية من 4.6 مليار دولار عام 2000 إلى 3.5 مليار دولار عام 2001.

4. الاستثمارات العربية في الخارج: والتي تقدر ما بين 800 مليار – 1300 مليار دولار، فقد تأثرت نتيجة للكساد في الدول الصناعية المتقدمة، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية، بالإضافة إلى تلك الاستثمارات التي أصبحت مهددة بمخاطر التجميد في إطار الحملة الدولية ضد الإرهاب.

كما أشار البنك الدولي إلى أن أهم الآثار الاقتصادية المترتبة على الأزمة تتمثل في:

1. التأثير سلباً على معدلات النمو وخاصة في الدول النامية، ما يعنى مزيداً من الفقر.

2. انخفاض حركة التجارة العالمية نظراً لزيادة تكلفتها بارتفاع رسوم التأمين، وتأخر نقل البضائع نتيجة تشديد الإجراءات الأمنية في المطارات والموانئ.

3. زيادة أسعار المدخلات المستوردة واحتمال تأخر وصولها، ما يتطلب زيادة المخزون ويتبعه زيادة تكاليف الإنتاج الصناعي.

4. انخفاض تدفق رؤوس الأموال للدول النامية، نظراً للمشكلات التي تعانى منها الأسواق المالية في هذه الدول.

5. انخفاض أسعار السلع الأولية، بما فيها البترول ما يؤثر سلباً على الاقتصادات النامية، التي تشكل هذه السلع النسبة الأكبر من صادراتها.

أما تأثيراتها على الاقتصاد الأمريكي فيمكن إيجازها في الآتي:

1. الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي الأمريكي، والذي بدأ منذ منتصف عام2000، واستمر طوال الثمانية شهور الأولى من عام 2001، ثم ازدادت تأثيراته السلبية بعد أحداث 11 سبتمبر، فقد ظهر تأثير ذلك في حدوث فجوة في مجال الاستثمار وذلك بانهيار مشتريات المعدات والبرمجيات، كما انخفضت معدلات التصدير، ولكن تأثيرها كان محدوداً بسبب انخفاض الواردات.

2. الانخفاض في معدل النمو الذي ظل في معدل تدهوره، وكذلك معدلات الاستهلاك والاستثمار وغيرها من المعدلات المؤثرة فيه، وقد كان متوقعاً قبل 11 سبتمبر أن تحدث انتعاشة طفيفة في الفترة القادمة بارتفاع الـ GDP بنسبة 1.3% في عام 2001 ثم إلى نسبة 3.3% في عام 2002، ولكن هناك عدداً من المشكلات سبق بيانها، يرجع سببها إلى أمور متعلقة بتأثير الاستثمارات الزائدة على الاقتصاد الكلي، وعلى معدل الإنتاج متوسط الأجل، وانخفاض ثقة المستهلكين.

3. أن أحداث 11 سبتمبر، غيرت إطار تحليل السياسة الاقتصادية الأمريكية، حيث أصبح التحليل يتم في إطار اقتصاد حرب أكثر من أي شيء آخر، كما شكلت هذه الأحداث عودة للنصر الجيوسياسى للأيديولوجية، وللعنصر العسكري في مجال الاقتصاد.


 



[1] تبليس هي عاصمة جورجيا.

[2] صدر مؤخراً في أكتوبر عام2006 قانوناً جديداً بالولايات المتحدة الأمريكية يحتم تقديم هؤلاء المعتقلين للمحاكمة.