إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الأزمة بين روسيا وجورجيا: حرب الأيام الخمسة






منطقة القوقاز (الخريطة الطبيعية)
منطقة القوقاز (الخريطة السياسية)
الدول الواقعة غرب روسيا
الدول المحيطة بالبحر الأسود
الدول المحيطة ببحر قزوين
جمهوريات جنوبي روسيا
دول الاتحاد الأوروبي
دول الاتحاد السوفيتي السابق
دول الكومنولث المستقلة
دول بحر البلطيق (1)
دول بحر البلطيق (2)
دول حلف شمال الأطلسي
جورجيا وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا
خط أنابيب باكو ـ تبليسي ـ جيهان
روسيا الاتحادية، والدول المرتبطة بها
غرب روسيا الاتحادية



فهرس الدراسة

مقدمة

لم يكن اندلاع القتال بين روسيا الاتحادية وجورجيا بالأمر الغريب، بل كان متوقعاً منذ شهور؛ ولكن الجديد كان ميدان المواجهة نفسها. فقد كانت التوقعات تميل إلى أن تندلع المواجهة انطلاقاً من إقليم أبخازيا، الذي تتشابه حالته بشكل كبير مع حالة أوسيتيا الجنوبية، إلاّ أن الأحداث تحولت لتبدأ المواجهة فوق أرض أوسيتيا الجنوبية.

بدأت جورجيا العمليات العسكرية ضد أوسيتيا الجنوبية، ثم تدخلت أبخازيا على الخط، ما استدعى روسيا إلى نجدتهما، وبدأ تدخل الكبار بعد أن فعلها الصغار. روسيا من جانب، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من جانب آخر. ولم تفت الفرصة دول متوسطة أخرى، مثل تركيا وإسرائيل، وظهر هناك مستفيدون آخرون، مثل سورية وإيران.

إذا نظرنا إلى ما حدث، يمكن تحديد اللاعبين الرئيسيين على مسرح الأحداث، وغيرهم من اللاعبين الثانويين. اللاعبون المباشرون، واللاعبون غير المباشرين. لاعبون مستفيدون من الأزمة، وآخرون خاسرون. لاعبون يحاولون إيقافها، وآخرون يحاولون زيادة إشعالها. من هم هؤلاء اللاعبون؟ فضلاً عن دول تحاول فرض سيطرتها، وأخرى تدافع عن أمنها الوطني. دول تحاول حل مشاكلها بالقوة، ودول تحاول الحصول على استقلالها وتسعى لنيل الاعتراف بها.

خلال الشهور الماضية وقع العديد من المناوشات المسلحة المحدودة بين الطرفين، في أوسيتيا الجنوبية وجورجيا. وإمعاناً في التمهيد للصدام، اتجهت الآلة الإعلامية لكلِّ طرف نحو التصعيد، وسط فشل واضح لجهود التهدئة. إن الوضع في أوسيتيا الجنوبية له جذور تاريخية عميقة ومعقدة. فالأوسيتيون لهم علاقة تاريخية بروسيا والاتحاد السوفيتي السابق، وتقريباً كلّ سكانها يحملون جوازات سفر روسية، بمن فيهم رئيس البلاد، ومن ثَمّ فهم يشعرون بالانتماء إلى روسيا أكثر من جورجيا.

خاض الأوسيتيون الجنوبيين نضالاً طويلاً للاستقلال عن جورجيا، حتى حصلوا على حكم ذاتي موسع في الإقليم، إلاّ أن ذلك لم يرض طموحاتهم، فزاد سقف مطالبهم إلى درجة السعي إلى الاستقلال عن جورجيا. ومع تولي ميخائي سلكاشفيلي رئاسة جورجيا، وهو سياسي معروف بولائه للغرب ويحمل الجنسية الأمريكية، زادت حدة التوتر بين جورجيا وروسيا الاتحادية، خاصة مع إعلان حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عزمه ضمّ جورجيا إلى عضويته، وهو الأمر الذي أثار استياءً كبيراً في روسيا. وساعد في زيادة حدة التوتر أيضاً أن روسيا اليوم لم تَعُدّ هي روسيا في عهد الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، بل أصبحت دولة تتمتع باقتصاد قوي وسط رغبة وطموح باستعادة مكانتها الدولية السابقة، التي كانت لها إبّان فترة الاتحاد السوفيتي السابق.

فروسيا، وريثة الإمبراطورية السوفيتية، لا تريد أن تتخلى عن وهج القطبية بشكل أو بآخر، وهي تَعُدّ جورجيا خنجراً في خاصرتها. كما أن جورجيا تحالفت رسمياً مع الولايات المتحدة في حرب العراق، التي عارضتها روسيا، وأصبحت جورجيا ثالث أكبر دولة لها قوات في العراق. ولهذا اشتد التوتر بين روسيا وجورجيا في أوسيتيا الجنوبية، ووصل إلى حد المواجهة العسكرية، التي أرادت موسكو من خلالها أن تبعث بعدة رسائل إلى العالم أجمع، رسائل مفادها: أنها عائدة إلى موقعها "قوة عالمية كبرى" لها مكانتها وقادرة على الدفاع عن مصالحها واستعادة مجدها القديم. كما كانت فرصة مواتية لترد عملياً على رفضها مشروع "الدرع الصاروخية الأمريكية"، الذي يهدد أمنها الوطني.

إن معركة أوسيتيا الجنوبية هي واجهة صغيرة تخفي ورائها ملفات متعددة ومتبادلة، منها: الملف النووي الإيراني، والدرع الصاروخية الأمريكية، وتوسيع حلف الناتو (ليطوق مناطق نفوذ تقليدية لروسيا)، ومأزقا العراق وأفغانستان، واحتمالات إعادة القضية الشيشانية. لذا، يمكن القول إن هذه الحرب (إذا أطلق على العمليات التي دارت صفة الحرب) تمثل بالون اختبار حقيقي لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية.