إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الأزمة بين روسيا وجورجيا: حرب الأيام الخمسة






منطقة القوقاز (الخريطة الطبيعية)
منطقة القوقاز (الخريطة السياسية)
الدول الواقعة غرب روسيا
الدول المحيطة بالبحر الأسود
الدول المحيطة ببحر قزوين
جمهوريات جنوبي روسيا
دول الاتحاد الأوروبي
دول الاتحاد السوفيتي السابق
دول الكومنولث المستقلة
دول بحر البلطيق (1)
دول بحر البلطيق (2)
دول حلف شمال الأطلسي
جورجيا وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا
خط أنابيب باكو ـ تبليسي ـ جيهان
روسيا الاتحادية، والدول المرتبطة بها
غرب روسيا الاتحادية



فهرس الدراسة

رصد وتحليل

أولاً: موقف روسيا الاتحادية من الأزمة (مع جورجيا والغرب)

تُعْطي روسيا نفسها الحق في التدخل لحماية المواطنين الأوسيتيين، الذين يحملون جوازات سفر روسية، ضد أي اعتـداء جورجي. وقـد أكد ذلك رئيس مجلس الفيدرالية "سيرجي ميدونوف": "أن العدوان الذي شنته جورجيا ضد أوسيتيا الجنوبية، يوفـر لروسيا كل المسوغات للنظـر في طلبي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بشأن استقلالهما.

وكان الغضب الروسي قد بدأ في التصاعد ـ بشكل ملحوظ ـ بعد الإشارات التي بعث بها حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية إلى جورجيا، في قمته التي عُقدت في إبريل 2008، بالعاصمة الرومانية بوخارست، إذ وعدها بالانضمام في المستقبل القريب للحلف، وهو ما يعني إستراتيجياً اقتراباً كبيراً لقواته في المجال الحيوي للأمن القومي الروسي. وقد ردت موسكو على ذلك بمزيد من التطبيع للعلاقات مع أوسيتيا الجنوبية، فأكثرت من منح جوازات السفر الروسية لسكان الإقليم، وقدمت مزيداً من الدعم العسكري والسياسي للمطالبين بالانفصال عن جورجيا وانضمامها إلى روسيا.

في يوليه 2008، دخلت الطائرات المقاتلة الروسية المجال الجوي الجورجي فوق أوسيتيا الجنوبية، كرسالة تهديد لتبليسي، كما تصاعدت الاشتباكات المتفرقة. وتصر روسيا على أنها تقوم فقط بمهمة حفظ السلام في أوسيتيا الجنوبية، رافضة الاتهامات الجورجية بأنها تزود الانفصاليين بالأسلحة. وعندما تفجرت الأوضاع في 8 أغسطس، حينما اجتاحت القوات الجورجية المناطق الأوسيتية، ردت موسكو عسكرياً على هذا الاجتياح، إذ دفعت بفرقتَيْن مدرعتَيْن تعاونهما المقاتلات. وبعد السيطرة على عاصمة الإقليم، اخترقت القوات الروسية الأراضي الجورجية حتى وصلت إلى نحو 40 ميلاً من خط البترول، الذي يصل من باكو  Baku(في أذربيجان) عبر جورجيا، إلى ميناء جيهان التركي، على البحر المتوسط، وهو خط يمد الدول الأوروبية بالبترول والغاز، ومن ثَمَّ فإن تهديد هذا الخط يمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد الأوروبي، وأحد المصادر الرئيسية للطاقة. كما اتسعت رقعة المواجهات لتشمل مناطق شاسعة داخل جورجيا، وعملت روسيا، قبل انسحابها، على فرض مناطق عازلة حول أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، لتمنع القوات الجورجية من دخولهما. وعلى الرغم من إعلان روسيا عن وقف العمليات العسكرية، وفقاً للاتفاق الذي أُبرم بينها وبين فرنسا، التي تترأس الاتحاد الأوروبي حالياً، إلا أن الوجود العسكري الروسي في بعض القرى والموانئ الجورجية لا يزال مشاهداً.

دعت روسيا، على لسان رئيس وزرائها "فلاديمير بوتين"، إلى التحقيق فيما أسماه "أعمال الإبادة التي ارتكبتها القوات الجورجية في جمهورية أوسيتيا الجنوبية". وذكرت موسكو أنها بصدد إصدار أمر بتوثيق ما أسمته "جرائم الجورجيين"، تمهيداً لمحاسبة مرتكبيها.

وعلى المستوى الدبلوماسي، أوضح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة "فيتالي تشوركيني"، أن الحل العاجل لهذه الأزمة يتمثل في: وقف القتال؛ وانسحاب القوات الجورجية من المواقع، التي دخلتها في أوسيتيا الجنوبية؛ وتوقيع تعهد بعدم استخدام القوة؛ وذلك قبل البحث في أي ترتيبات سياسية أو عسكرية لحل النزاع القائم في هذه المنطقة.

في 25 أغسطس 2008، أعلن الرئيس الروسي "ديمتري مدفيديف": 1. إن روسيا مستعدة للذهاب إلى حد قطع العلاقات مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذا لم يعد هذا الأخير راغباً في التعاون معها. 2. إن الدول الأعضاء في الحلف هي التي في حاجة إلى التعاون مع روسيا بالدرجة الأولى، وليس العكس. 3. إن موسكو لن تتضرر إذا أقدم الناتو على إيقاف التعاون مع روسيا، التي ترى أن العلاقات مع الحلف يجب أن تكون مفيدة وتتسم بطابع الشراكة.

في 26 أغسطس 2008، وفي تصعيد آخر، اعترفت روسيا باستقلال جمهوريتي جورجيا الانفصاليتَيْن: "أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية"، نزولاً على رغبة شعبَيْ الجمهوريتَيْن، اللتَيْن أعرب عنها في استفتاءات جماهيرية وقرارات برلمانية، وذلك عملاً بكل المواثيق والعهود الدولية، بما فيها ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والوثائق.

وفي 5 سبتمبر 2008، نجحت موسكو في استضافة قمة رؤساء دول "معاهدة الأمن الجماعي"[1]، الذين دانوا الاعتداء الجورجي ضد إقليم أوسيتيا الجنوبية؛ وحذروا حلف الناتو من عواقب توسيع رقعة الحلف شرقاً، وتقدم الآلة العسكرية للحلف نحو المنطقة الخاضعة لإشراف منظمة معاهدة الأمن الجماعي. ودعا ميدفيديف، أثناء مؤتمر صحافي، جميع الدول إلى تجنب المعايير المزدوجة في تقييم الوضع في منطقة القوقاز. وأكد ضرورة تنفيذ الخطة الروسية الفرنسية لتسوية الوضع في الإقليم (عدم اللجوء إلى القوة، وقف العداوات بشكلٍ نهائي، ضمان حرية دخول المساعدات الإنسانية، انسحاب القوات الجورجية إلى أماكنها المعتادة في معسكراتها، انسحاب القوات الروسية إلى الخطوط السابقة للعمليات العسكرية، بدء مناقشات دولية حول ترتيبات الأمن والاستقرار في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية) ـ وطالب، كذلك، بفرض حظر على صادرات الأسلحة إلى جورجيا.

وفي 12 سبتمبر، وفي كلمة في الاجتماع السنوي لنادي "فالداي"، الذي يضم صحافيين وأكاديميين خبراء في شؤون روسيا، صرح الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف: (1) "أن الثامن من أغسطس، يوم شنت جورجيا الهجوم على أوسيتيا الجنوبية، هو بالنسبة إلى روسيا أشبه بـ 11 سبتمبر 2001". (2) "لن تتردد روسيا في مهاجمة جورجيا مرة ثانية، إذا استفزت روسيا، ولو كانت في طريقها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي". (3) إن وضع جورجيا وأوكرانيا على المسار الرسمي لعضوية الحلف، لن يحميهما في حالة نشوب صراع جديد مع روسيا، وبالاقتراب أكثر من حدودها لن يصبح الحلف أقوى، وستكون عضوية جورجيا عنصر عدم استقرار للحلف الغربي ولمنطقة القوقاز".

والتساؤل الذي يطرح نفسه: لماذا أقدمت روسيا على هذه الخطوة تجاه جورجيا؟

ينبغي الإشارة إلى أهمية جورجيا لكلٍّ من روسيا والغرب. فهي مهمة للغرب إستراتيجياً، لأنها تشكل نقطة تماس روسيا الاتحادية، وهي في الوقت نفسه تُعَدّ دولة عازلة للدب الروسي Buffer State، في محيطه المباشر. وإذا كانت جورجيا لا تملك الطاقة، إلاّ أنها أصبحت ممراً حيوياً لهذه الطاقة، التي تصل من بحر قزوين[2] إلى تركيا، ثم إلى أوروبا. لذا، يمكن القول إن روسيا أرادت الردِّ على الغرب المندفع تجاهها، خاصة بعد توسع الناتو، وعقب استقلال كوسوفا، وضرب المصالح الروسية عرض الحائط ـ بعدما شعرت بأن هناك تطوراً نفطياً لها عبر تجاوزها كممر تقليدي لنفط دول بحر قزوين. لقد تحركت روسيا في ظل ظروف ارتأت أنها ملائمة، أهمها:

1. قرب نهاية عهد الرئيس بوش، وشلله السياسي.

2. سيطرة الرئيس بوتين على الأوضاع الداخلية في روسيا، وإلمامه، خلال فترة حكمه لروسيا، بكل نقاط الضعف المحيطة بالولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأوروبي، وكذلك تعاونه الشامل مع الرئيس الجديد "ميدفيديف".

3. الشلل العسكري الأمريكي، في كلٍّ من العراق وأفغانستان، إضافة إلى العجز العسكري الأوروبي نسبياً.

4. ازدهار الاقتصاد الروسي، وتوفر احتياطي نقدي، يُقارب 750 مليار دولار، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط.

إن التحرك الروسي تجاه جورجيا أكد الآتي:

* أن الامتداد الأمريكي قد وصل إلى أقصاه، وأن حلف الناتو، هو نمر من ورق، فإذا لم يتخذ موقفاً في حالة جورجيا فكيف يتسنى له اتخاذ مواقف في أماكن أخرى؟

* أن روسيا جادة في استخدام القوة العسكرية، خاصة في محيطها المباشر وخارج أراضيها. كما بعثت بعدة رسائل إلى العالم أجمع، بأنها عائدة بقوة إلى سابق عهدها، كقوة عالمية كبيرة، لها مكانتها وقادرة على الدفاع عن مصالحها الوطنية، وعن وحدة وأراضي جمهوريات منطقة القوقاز.

* أن القوات المسلحة الروسية لم تَعُد عاجزةً، كما كان حالها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.

* أن روسيا  تريد إبقاء أمن الطاقة الأوروبي بيدها هي فقط، كمنتج ومُصَدِّر وممر.

* أن سلوكها في جورجيا، سوف يكون النمط، الذي سوف تنتهجه،  وعلى الغرب مراعاة التأقلم معه، وأنها لم تَعُدّ تخشَ حرباً باردة جديدة، كما سترد بقوة على الدرع الصاروخية الأمريكية.

الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها، بعد توقف القتال في جورجيا

أولاً: فرض هيمنة روسيا، وإبقاء قواتها على الأرض، من خلال عملية حفظ السلام التي تؤديها في القوقاز، باعتبار أنها منطقة إستراتيجية تضم العديد من المصالح الروسية.

ثانياً، فرض السيطرة الروسية على عدد من القرى والمراكز الخاضعة للسيطرة الجورجية داخل أراضي أوسيتيا الجنوبية.

ثالثاً، تحقيق هدف سياسي إستراتيجي، يتمثل في منع حلف شمال الأطلسي من الاستمرار في خطته الرامية إلى ضمِّ جورجيا إلى الحلف، ومن وجود أساطيله بالبحر الأسود، أو إنشاء قواعد صواريخ إستراتيجية ومحطات للرصد في جورجيا. وهو ما يماثل كابوس أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، والتي كادت أن تشعل حرباً نووياً عالمياً.

رابعاً، رغبة روسيا الاتحادية في استغلال فرض سيطرتها المباشرة، أو غير المباشرة، من خلال القوى الانفصالية المناوئة لجورجيا (أبخازيا ـ أوسيتيا الجنوبية) في الردّ على قضية استقلال إقليم كوسوفا

خامساً، الهدف الأكثر أهمية، ويتمثل في المحافظة على المصالح الروسية المرتبطة بموارد الطاقة في المنطقة، وممرات نقلها إلى دول الاتحاد الأوروبي، والتي تزايدت أهميتها النسبية في اتخاذ القرارات السياسية بشكل كبير في الأعوام الأخيرة.

سادساً، الاعتراف بإقليم أبخازيا كدولة مستقلة لها علاقات قوية مع روسيا، خاصة مع إطلالها على البحر الأسود، إضافة إلى انضمام إقليم أوسيتيا الجنوبية مستقبلاً لروسيا.

وعلى الرغم من أن الصراع يُعَدّ ذا طابع عرقي، إلاّ أن روسيا استطاعت أن تستغله بشكل فعّال لتوجيه العديد من الرسائل إلى كلٍّ من حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. وتُعَدّ القيادة الجورجية الخاسر الأكبر، في الوقت الحالي، لأنها راهنت بصورة خاطئة.

وفي التاسع من سبتمبر، أعلنت موسكو أن انتشارها العسكري في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية "سيستمر طويلاً". وأتى هذا التصريح بعد توصل الرئيسيْن، الروسي والفرنسي، إلى اتفاق يستكمل خطة وقف إطلاق النار في القوقاز، التي وقعها الطرفان في 12 أغسطس. والنقاط الرئيسية التي شملتها الخطة، هي: (1) أطر زمنية لانسحاب القوات الروسية من كلِّ المناطق الجورجية في غضون شهر واحد، ماعدا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. (2) ضمانات أوروبية بمنع القيادة الجورجية من شنِّ هجوم جديد على أوسيتيا الجنوبية. (3) نشر وحدة أوروبية قوامها (200) مراقب في المنطقة الأمنية الفاصلة بين جورجيا، من جهة، وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، من جهة أخرى. ويُنظر إلى هذا الاتفاق على أنه كما حقق أهداف موسكو، حَفِظَ، في الوقت نفسه، ماء وجه الاتحاد الأوروبي، الذي تعاظم دوره في المنطقة على حساب الدور الأمريكي".

وقد أعلن وزير الخارجية الروسي، "سيرجي لافروف"، عقب الاتفاق، أن القوات الروسية، التي سترابط في الجمهوريتَيْن، "لن تكون قوات حفظ سلام، بل وحدات عسكرية عادية تابعة لوزارة الدفاع". وأن تعدادها سيبلغ (3800) جندي في كلِّ جمهورية، ويمكن زيادتها باتفاق الطرفَيْن. وفي الوقت نفسه، أبلغت موسكو الاتحاد الأوروبي أنه "لا رجعة عن قرار الاعتراف باستقلال الجمهوريتَيْن، وأن موسكو ستعمل على تعزيز أمنهما وحمايتهما، ومساعدتهما اقتصادياً وعسكرياً".

أرادت روسيا أن تُثبت، أن العبث العسكري على حدودها الجغرافية والسياسية لن يمر مرور الكرام، فضلاً عن أن نظامها السياسي الراسخ، لن يقبل، بعد الآن، بكثير من التحركات الغربية والأمريكية، التي سبق أن قَبِلها في الماضي على مضض. وأبرز الأمثلة الراهنة على ذلك، مسألة الدرع الصاروخية الأمريكية، واستقلال إقليم كوسوفا عن صربيا، وربما، أيضاً، الأزمة النووية الإيرانية. إن موسكو تريد أن تكون لاعباً متميزاً على الساحة الدولية، عموماً، والأوروبية، بشكل خاص.

ثانياً: حلف شمال الأطلسي وحرب القوقاز

لم يتوقع أكثر الخبراء العسكريين تشاؤماً على المستوى العالمي، أن يقف حلف الناتو مكتوف الأيدي في حالة شنّ أي هجوم روسي على جورجيا، التي كانت تُعَدُّها الولايات المتحدة الأمريكية للانضمام إلى الحلف قريباً، من خلال توسعه شرقاً، وذلك تحقيقاً لمصالح الحلف والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، فضلاً عن الخدمات الجليلة التي قدمتها جورجيا إليها، مثل مشاركتها غزو العراق، عام 2003، وغيرها من المواقف.

وقد كانت تصريحات "ياب دي هوب شيفر" الأمين العام لحلف الناتو، بعد ساعات من اندلاع القتال صدمة للقيادة الجورجية، عندما أكد أن الحلف لا يمتلك أي صلاحيات للتدخل في جورجيا. ومن خلال هذا الموقف، وجه الحلف رسالة واضحة لعدة جهات، وفي مقدمتها جورجيا وبولندا وأوكرانيا ودول البلطيق.

وإذا نظرنا إلى العلاقات الجورجية ـ الأطلسية، نجد أنها جيدة جداً. فجورجيا تقدم مساعدات لقوات الحلف في كلٍّ من كوسوفا وأفغانستان، فضلاً عن الوجود العسكري في العراق دعماً للولايات المتحدة الأمريكية. وتلقى جورجيا دعماً قوياً من واشنطن، ويقدم لها الحلف مساعدات عسكرية، تشمل معدات حديثة ومتطورة، بما فيها أجهزة التشويش الإلكتروني وأجهزة الاستخبارات المتقدمة، فضلاً عن تأهيل قواتها المسلحة وتدريبها. ولكن الفيتو، الذي استخدمته ألمانيا في قمة الحلف الأخيرة في بوخارست ضد ضم جورجيا إلى الناتو، أصاب القيادة الجورجية والأمريكية بالصدمة.

لقد أثبتت الحرب الأخيرة للقيادة الجورجية، أن علاقة الحلف بروسيا في الوقت الحالي، أهم بكثير من علاقته بها. فالحلف يواجه روسيا في العديد من الملفات، وجميعها في غاية الحساسية وقابلة للانفجار في أي لحظة، مثل: نشر الدرع الصاروخية في شرقي أوروبا، والتحديد النهائي لوضع كوسوفا، وكذلك الوضع في أفغانستان؛ خاصة أن إمدادات الحلف لقواته إلى أفغانستان تمر عبر روسيا، وهناك أيضاً ملفات أخرى، مثل الملف النووي الإيراني ومشكلة الشرق الأوسط وغيرها. ومن الوجهة الاقتصادية، فأنابيب النفط والغاز بين أذربيجان وتركيا عبر الأراضي الجورجية، أكثر أهمية للاتحاد الأوروبي من غيرها، وهي ما زالت تثير غضب روسيا.

لقد لعبت روسيا دوراً كبيراً في منع انضمام جورجيا للناتو. وقد أبدت، من قَبْل، اعتراضاً على ذلك، كما أن روسيا أظهرت امتعاضها حين أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها إلى جورجيا، في فبراير 2002، بذريعة تعقب مقاتلي القاعدة الفارين إلى جبال القوقاز، خاصة وأن هذه الخطوة جاءت سراً من دون إعلان مسبق، أو تنسيق مع روسيا.

وبعد ستة أعوام، وأثناء افتتاح قمة الناتو في بوخارست، أبريل 2008،، ورداً على دعوة الرئيس الأمريكي "جورج بوش" لضم جورجيا وأوكرانيا للحلف؛ جاء الرد الروسي على لسان وزير خارجيتها "سيرجي لافروف"، أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام قرار توسيع حلف الناتو تجاه أوكرانيا وجورجيا"، وهو ما أدّى إلى تخوف بعض الدول الأوروبية من تصعيد الموقف، ومن ثم تأجيل هذه الخطوة.

لقد تخيلت جورجيا واهمة، أنه حال هجومها على إقليم أوسيتيا الجنوبية، وهجوم روسيا على أراضيها، ستهب قوات حلف شمال الأطلسي إلى نجدتها، وتقف في وجه الزحف الروسي، وهو أمر لم يتحقق.

ثالثاً: موقف الولايات المتحدة الأمريكية

على المستوى الرسمي، سارعت على لسان الرئيس "جورج بوش"، إلى الإعراب عن قلقها إزاء ما يحدث، داعية روسيا إلى وقف هجومها فوراً، وحذرت من اتساع نطاق الحرب إلى أماكن أخرى، بما يهدد الأمن والسلم في تلك المنطقة الحساسة من العالم.

وبخلاف ما كان يحدث إبان الحرب الباردة، التي استمرت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1990، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وجدت نفسها هذه المرة عاجزة عن اتخاذ رد فعل حاسم وصارم تجاه الروس، لمصلحة جمهورية ذات سيادة، وتُعَدّ من أقرب أصدقاء واشنطن في المنطقة. ولم يتعد الأمر سوى بعض المناشدات بضرورة إنهاء التدخل الروسي، وإرسال وزيرة الخارجية الأمريكية "كونداليزا رايس"، وهي الخبيرة في شؤون الاتحاد السوفيتي السابق، إلى العاصمة الجورجية، لدعم الحكومة هناك، وإرسال مساعدات إنسانية عاجلة لسكان المناطق المتضررة من الغزو الروسي. فضلاً عن تصريح لمسؤول أمريكي أنه من المحتمل أن تلغي بلاده اتفاقاً نووياً مدنياً مع روسيا قريباً، عقاباً لها على تلك الحرب. وهذا الاتفاق كان يهدف إلى رفع قيود الحرب الباردة عن التجارة وفتح الأسواق النووية الأمريكية وحقول اليورانيوم الروسية، أمام الشركات من الدولتَيْن.

كما لم يخل الأمر من تهديدات مشكوك في إمكانية تنفيذها، بعزل روسيا دبلوماسياً، وإسقاط عضويتها في مجموعة الدول الصناعية الكبرى (مجموعة الثماني)[3]. وقد كثرت التحليلات السياسية بشأن الموقف الواجب على واشنطن اتخاذه إزاء ما يحدث، وقارنت بين الأهمية الإستراتيجية للحليفة جورجيا، وأهمية التنسيق مع روسيا في ملفات أخرى أكثر أهمية لواشنطن، مثل الملف النووي الإيراني، وإيران وأفغانستان، والشرق الأوسط.

ومع ذلك، يصرح وزير الدفاع الأمريكي "روبرت جيتس"، أن على روسيا أن تتوقع عواقب تصرفاتها بسبب هجماتها على جورجيا. وفي الوقت نفسه، وجهت روسيا تحذيراً شديداً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن أي دعم تقدمه واشنطن إلى جورجيا، وهذا يؤكد على أن العلاقات الروسية ـ الأمريكية سوف تتأثر خلال الفترة القادمة على المدى المنظور من هذه الحرب. ومن الواضح أن توتر العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ليس في مصلحة روسيا ولا في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية.

أثبتت هذه الحرب فشل سياسة الرئيس بوش في الاعتماد على إقامة علاقات شخصية مع زعماء الدول الأخرى، في سبيل تحقيق المصالح الأمريكية. كما ثبت فشل مشروعه الديموقراطي، الذي حاول تطبيقه في العراق وأفغانستان والمناطق الفلسطينية وجورجيا. عموماً ستظل الإدارة الأمريكية منقسمة بين من يرغب في تهميش روسيا وتشديد العقوبات عليها، ومن يرى أن عزلها سيكون أشد خطراً.

والسؤال: ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية؟ إنها لم تُخْفِ ما تريده في أي وقت. منذ سنة 1992، صممت عقيدتها الإستراتيجية على مبدأين: أولاً، عدم السماح بوجود منافس لها في العالم اقتصادياً وعسكرياً وإستراتيجياً. ومن ثَمَّ، يجب أن يصبح انهيار الاتحاد السوفيتي عبرة لمن يعتبر. ثانياً، تنتهز هذه الفرصة الاستثنائية من انفرادها بعرش القوة العالمية لكي تمضي في مشروعها الإمبراطوري الجديد، وأساسه: "وضع اليد على الموارد الطبيعية الحيوية، ومعظمها يقع في دول العالم الثالث أساساً". وفي الطريق إلى ذلك يجب إرغام روسيا على البقاء داخل القفص الإستراتيجي، الذي جرى دفعها إليه، وترك ما تبقى من قوتها ليتآكل مع الزمن، مع النهب المستمر لموارد روسيا وتحويلها إلى الخارج بأقصى سرعة. ومن الملفت، في الأزمة الأخيرة، أن نلاحظ، مثلاً، ما دعت إليه مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية في إدارة بيل كلينتون الثانية، وهي ديموقراطية يفترض فيها المعارضة؛ لكنها زايدت على موقف الإدارة الحالية بأن دعت إلى موقف أمريكي أكثر تشدداً ضد روسيا، وذلك بضم جورجيا فوراً إلى عضوية حلف شمال الأطلنطي، والرد الأميركي الحازم على روسيا نفسها؛ وقالت: إذا "لم يغير بوتين موقفه علينا أن نجد سبيلاً لعزل روسيا دولياً". وفي الواقع فإن عملية محاصرة روسيا بالقواعد العسكرية لحلف شمال الأطلنطي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عملية بدأت أصلا منذ إدارة بيل كلينتون التي كانت مادلين أولبرايت جزءا منها.

رابعاً: الاتحاد الأوروبي

عكست مختلف ردود الأفعال الدولية تراجعاً كبيراً تجاه الموقف الروسي، فقد بدا الموقف الأوروبي منقسماً، وذلك لارتباطه بمصالح متعلقة بإمدادات الطاقة الروسية، إذ بدت بعض الدول الأوروبية أكثر تفهماً لأهمية النزاع بالنسبة إلى روسيا، خاصة ما يتعلق بأمنها، في حين ظهر تيار متشدد ضدها يضم بريطانيا ودول البلطيق (ليتوانيا، وإستونيا، ولاتفيا)[4]، التي تُكِن، من قَبْل، عداوة لروسيا.

والواقع أن الفكر الاستراتيجي الغربي تجاه روسيا لم يتغير كثيراً، وهو يتمحور حول عدم السماح لروسيا بوضع أقدامها في المياه الدافئة، وفي مقدمتها مناطق إنتاج النفط. وهو الموقف الغربي نفسه تجاه الاتحاد السوفيتي السابق.

ومع بداية الأزمة تحرك الاتحاد الأوروبي من خلال فرنسا، رئيس الاتحاد خلال الدورة الحالية، وقدم خطة من ثلاث نقاط لإنهاء القتال، من أهمها دعوة القوات الروسية والجورجية إلى الانسحاب إلى مواقعها السابقة، مع الاحترام الكامل لسيادة أراضي جورجيا وسلامتها.

كما دعت فرنسا إلى عقد قمة استثنائية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، من أجل دراسة الموقف في القوقاز، وما يمكن اتخاذه من إجراءات تجاه روسيا (وقد انعقد بالفعل في الأول من سبتمبر 2008). وقد رأت بعض الدول الأوروبية ضرورة التعامل مع هذه الأزمة بموضوعية، مع عدم تصعيد الأمور وحلّها من خلال التعاون مع روسيا. وكانت وجهة نظر ألمانيا ضرورة السعي لتهدئة التوترات حول الصراع في القوقاز. وهناك دول أوروبية، لا تتفق مع الرأي الأمريكي بضرورة عزل روسيا. فعلى سبيل المثال قال وزير الخارجية البريطاني "ديفيد ميليباند" "لا أعتقد أن فرض سياسة العزلة هي الرد السليم على التصرف الروسي". وأكد وزير خارجية لوكسمبورج "جان اسلبورن" على ضرورة الحوار مع موسكو. وقد أدان البيان الختامي للقمة الأوروبية الاعتراف الروسي بجمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، طالباً من الدول الأخرى عدم اتخاذ خطوة مماثلة، وطالباً من موسكو سحب ما تبقى من قواتها من جورجيا "من دون أي تأخير". على أن هذه الإدانة المرفقة بدعوة موسكو إلى سحب قواتها، جاءت مشفوعة بتصريحات مطمئنة صادرة عن قادة دول أوروبا الغربية؛ فالمستشارة الألمانية ميركل عَدّت انتهاك وحدة أراضي جورجيا أمراً غير مقبول، إلاّ أنها دعت إلى اعتماد "الصراحة" في العلاقات مع روسيا من دون أن تصل الأمور إلى قطع خيوط الحوار معها. ونفى رئيس الحكومة الإيطالية بيرلوسكوني إمكان حدوث مواجهة بين أوروبا وروسيا على خلفية أزمة القوقاز. بل ذهب إلى حد التذكير بأن روسيا ليست قوة عسكرية ونووية عظمى فحسب، بل مصدر بالغ الأهمية للنفط والغاز. وأعلن وزير الخارجية الإسباني موراتينوس رفض بلاده فرض عقوبات على موسكو، معتبراً أن الأمر يحتاج إلى إعادة بناء الثقة المتبادلة.

ومن ثَمَّ، فإن الأوروبيين يواجهون مشكلة في مراجعة علاقاتهم بروسيا، بين من يطالب باستبعادها من مؤسساتهم (مجموعة الثماني، مجلس الناتو) وغيرها، ومن يريدون اتقاء شرها، وتجنب استفزازها بتوسيع حلف شمال الأطلسي شرقاً، أو نشر الصواريخ على حدودها، إذ كيف يغضبونها وهم يعتمدون اعتماداً رئيسياً على بترولها وغازها الطبيعي؟

وقد خلص اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي انعقد في بروكسل، في 13 أغسطس 2008، إلى موافقة الدول الأعضاء على إرسال قوات حفظ سلام ومراقبين إلى أوسيتيا الجنوبية، وأن تحصل الدول الأوروبية على موافقة الأمم المتحدة لتنفيذ هذا القرار؛ بل إن الاتحاد الأوروبي أشار إلى استعداده للعمل من أجل المشاركة في حلِّ الصراع على أرض الواقع. كما أكد الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية "خافيير سولانا"، أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بالعمل والتنسيق مع منظمة الأمن والتعاون الأوروبية[5] من أجل إرسال بعثة المراقبين.

وكرد فعل على أحداث جورجيا، ألغت بريطانيا مشاركتها في مناورات بحرية مشتركة مع روسيا، مؤكدة أنه لا يمكن المضي قدماً في هذه التدريبات، التي كان من المقرر أن تُجرى خلال الفترة من 18 إلى 23 أغسطس، بمشاركة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يوضح أن الغرب الأوروبي غير راضٍ عن التحركات الروسية الأخيرة، ومن ثم يجب أن يكون ثمة رد فعل ليس بهدف عزل روسيا، ولكن بهدف إشعارها أن أوروبا، التي شاركت في بناء اقتصاديات روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، يمكنها أن تعود مرة أخرى للتأثير سلباً على الاقتصاد الروسي.

خامساً: الحرب الروسية ـ الجورجية ومنطقة الشرق الأوسط

السؤال: ما هي تداعيات أحداث حرب القوقاز على منطقة الشرق الأوسط؟

يمكن إيجاز تلك التداعيات في الآتي:

1. إمكانية أن تَحِدْ روسيا من حرية الحركة الأمريكية تجاه إيران، خاصة في مجلس الأمن، وإذا ازدادت العلاقات الروسية ـ الأمريكية تدهوراً، يمكن لروسيا أن تدعم الدفاع الجوي الإيراني بمنظومات حديثة تتعامل مع التكنولوجيا الأمريكية، وهو ما سيعقد مهمة القوات الجوية الأمريكية في حالة التخطيط لضربة جوية ضد إيران، خاصة ضد المراكز النووية، بل ويمكن لروسيا تفعيل تزويد مفاعل بوشهر بالوقود النووي. (في 13 سبتمبر الجاري، اعتمد الرئيس ديمتري ميدفيديف لهجة أكثر حسماً ووضوحاً في معارضته أي هجوم عسكري على إيران بسبب طموحاتها النووية، مؤكداً أنه لا حاجة الآن لتشديد العقوبات على طهران. وتزامنت تلك التصريحات مع زيارة وزير الخارجية الإيرانية، منوشهر متقي، لموسكو)

2. يمكن لروسيا دعم سورية في مجالات عديدة منها المجال العسكري، وهو ما يؤثر على التوازن العسكري إلى حدٍّ ما بمنطقة الشرق الأوسط، تجاه إسرائيل، وهو ما يؤثر على المشروعات الأمريكية بالمنطقة. (في 13 سبتمبر الجاري، كذلك، خطت موسكو خطوة إضافية باتجاه تعزيز تعاونها مع سورية، من خلال اتفاق على تحديث ميناء طرطوس السوري للاستخدام العسكري الروسي)

3. هذه التداعيات يمكن أن تؤثر على تركيا، فهي المحطة الثانية لبحر قزوين، وإذا ما توقف ضخ النفط، وتغير اتجاه ضخه ـ أي عبر روسيا مجددا ـ فإن أهمية تركيا الإستراتيجية سوف تتأثر. كما يمكن لروسيا شلّ حركة تركيا في أذربيجان، خاصة وأن تركيا هي الدولة الداعمة الأساسية لأذربيجان ضد أرمينيا، خاصة بعد استخدام روسيا للقواعد الجوية الأرمينية في عملياتها ضد جورجيا.

وفي ظل هذه التداعيات يمكن أن تتغير الأوضاع إلى ما يلي:

1. أن تصبح سياسة إيران أكثر هجومية في محيطيها المباشر والبعيد، بل ويمكن أن تبدأ في تطوير قدرتها النووية وبخطى واسعة.

2. أن تصبح سورية أكثر عناداً تجاه إسرائيل، وتجاه تفعيل دورها في لبنان ضد إسرائيل، وفي دعمها للمقاومة الفلسطينية على نطاق أوسع، بل ويمكن لسورية أن تجمد محاولات تركيا إحداث تقارب سوري ـ إسرائيلي، بل ويمكن أن تزداد الأمور تعقيداً في العراق.

3. لن تقبل إسرائيل بتعاظم قوة إيران وسورية وكلّ المنظمات المرتبطة بهما، وهذا ما سيدفعها إلى الردِّ عسكرياً في أماكن عديدة بالمنطقة، مثل لبنان على سبيل المثال.

4. إمكانية أن تشتعل قضايا عديدة بالمنطقة ـ وهو السيناريو الأسوأ ـ إلاّ إذا قَبِل الغرب بما جرى في جورجيا، لكن مقابل ثمن يحصل عليه في مكان آخر. وهذا المكان الآخر يمكن أن يكون منطقة الشرق الأوسط؛ ومن ثَمَّ  ستصبح دوله المسرح الأساسي لتداعيات الحرب على جورجيا، خاصة في العراق ولبنان وفلسطين.

وبصفة عامة، يمكن القول إن الحرب الروسية ـ الجورجية، على الرغم من وقف إطلاق النار، باتت تلقي بظلال كثيفة على مستقبل السياسة الدولية في المرحلة القادمة، تجاه منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد أن وضح أن لإسرائيل دوراً أساسياً في إمداد جورجيا بالأسلحة، الأمر الذي يجعل روسيا تعيد النظر في سياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط.

سادساً: انعكاسات حرب القوقاز على بعض القوى الإقليمية

1. تركيا وموقفها تجاه حرب القوقاز

كان على تركيا، خلال حرب الأيام السبعة بين روسيا وجورجيا، الاختيار بين مسارَيْن أحلاهما مرٌّ، إذ إن التحدي الذي واجهته أنقرة كان الأصعب منذ احتلال العراق. كان عليها ضرورة الحفاظ على علاقات متوازنة وجيدة مع الطرفَيْن الروسي والأطلسي ـ الأمريكي. فأنابيب النفط عبر خطي (باكو ـ تبليسي ـ جيهان) و(باكو ـ تبليسي ـ أرضروم) لنقل الطاقة من منابعها في وسط آسيا (دول الاتحاد السوفيتي السابق) إلى قلب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، لا قيمة لها من دون مرفأي جيهان وأرضروم التركيَّيْن، وأي استهداف للخطَّيْن، بعدما تمكن خصوم روسيا من إنشائهما لتحرير تبعيتهم النفطية عن موسكو وطهران، سيفقد تركيا دورها المركزي في قلب حلف شمال الأطلسي سياسيا، وكذلك كوسيط نفطي يؤمن نقله السريع إلى الغرب.

وتشير الشواهد في مجملها إلى أن تركيا استطاعت على مدى السنوات الست الماضية، أن تبني علاقات أفضل مع روسيا، حتى أن التبادل التجاري بين بلديهما بلغ (28) مليار دولار سنوياً، لتصبح روسيا الشريك التجاري الأول لتركيا، فضلاً عن أنها تحصل منها على 70% من حاجتها من الغاز عبر خط أنابيب "التيار الأزرق"، في الوقت الذي تبلغ فيه حجم تجارتها مع جورجيا نحو (945) مليون دولار سنوياً.

ومع اندلاع الحرب شعر الأتراك بأن دورهم الإقليمي والعالمي من خلال تأدية دور الوسيط بين إسرائيل وسورية أو مجهوداتهم في أزمة الملف النووي الإيراني أصبح مهدداً. ولأن حكام أنقرة أدركوا أن القضية أكبر منهم فلم تخرج عنهم أي تصريحات تشير إلى انحيازهم إلى أي طرف، وتمنوا فقط أن يتمكنوا من الوساطة لإنهاء الحرب، والمحافظة على حيادهم لتأدية دور فاعل في هذه الأزمة.

وقد تركزت الرؤية التركية، في إطار أن هذه الأزمة في الحاجة إلى تسوية جماعية، وأن العلاج يستوجب أن يكون في مستوى عالمي عبر المشروع، الذي أطلقه رئيس الوزراء التركي من خلال "ميثاق القوقاز" أو "التحالف من أجل القوقاز"، بعد ما عرضه على الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. وينص المشروع المقترح على إنشاء منظمة دولية تهتم في الأساس بالسلم الإقليمي، من بوابة الحفاظ على الأمن النفطي، على أن تكون برعاية الأمم المتحدة وتكون شبيهة بمنظمة دول بحر قزوين. ويعتمد المقترح على أن تضم المنظمة الجديدة دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وتركيا، وآخرين من المؤثرين في القوقاز (أذربيجان وأرمينيا وجورجيا)، بهدف تنسيق المصالح المشتركة وعقد قمم دورية للاتفاق على سياسات موحدة على الصعيدَيْن: الأمني والنفطي. وتؤكد  تركيا أن تشكيل اتحاد يضم دول القوقاز سيسهم في تطويق صراعات مستقبلية محتملة في المنطقة، كما سيسهم في ترسيخ الاستقرار بين دولها، وبالطبع فإن تركيا تأمل في نجاح هذا المقترح، حتى لا تفقد دورها في تلك المنطقة.

غير أن سماح أنقرة بمرور سفن مساعدات أمريكية عبر المضائق التركية إلى شواطئ جورجيا، أدى إلى إثارة أجواء من التوتر والقلق بين موسكو وأنقرة؛ إذ حمّلت روسيا تركيا مسؤولية عبور السفن الحربية التابعة لحلف الناتو لمضيقَيْ البوسفور والدردنيل، اللذَيْن يربطان البحر المتوسط بالبحر الأسود، محذرة من خطر الموقف في حال لم تخرج هذه السفن في غضون (21) يوماً[6]. وهذا ما دعا رئيس هيئة الأركان الروسي إلى القول إنه "في حال لم تخرج سفن الناتو من البحر الأسود، في الوقت المحدد، فإن تركيا ستكون أول المسؤولين"، منوهاً أن هذه السفن تحمل صواريخ توماهوك ذات الرؤوس النووية.

موقف صعب تواجهه تركيا، فهل سينتقل إلى المصالح الاقتصادية، والتي بدأت بتشديد الإجراءات الجمركية الروسية لعرقلة دخول البضائع التركية إلى روسيا؟

2. إسرائيل ودورها في حرب القوقاز

إن الدور الإسرائيلي من القضايا، التي يجب الالتفات إليها، لما تشكله من أهمية في إدارة هذا الصراع، ومصير منطقة القوقاز في السنوات القادمة. فإسرائيل لا تهدأ، أصابعها في كل مكان. تعمل بجدٍّ وإخلاص لمصلحة شعبها فقط، ولا تهتم بأحد، حتى إن خانت أقرب حلافائها. وياليت العرب يتعلمون بدلاً من الإنكفاء على الذات، والصراعات العربية ـ العربية، التي باتت تُخجل كلَّ عربي.

فإسرائيل، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، تُمدّ جورجيا بالمعدات والأسلحة المتقدمة، التي تصنعها، وترسل مستشاريها لتدريب الجيش الجيورجي. وقد حذرتها روسيا من تلك الإمدادات، وطالبتها بأن تنأى بنفسها عن التدخل في الصراع بالمنطقة[7].

وحتى لا تضار العلاقات الروسية ـ الإسرائيلية، بعد هذه الحرب، سارعت إسرائيل بالإعلان عن وقف كافة الإمدادات العسكرية لجورجيا، وتجميد كافة مبيعاتها الحربية إليها. وخوفا من مساندة روسيا لإيران، كرد فعل على ما قامت به إسرائيل، فقد وجهت تحذيراً لروسيا بالامتناع عن إمداد طهران بأنظمة دفاع جوي متطورة، تحذيراً وصل إلى حد المساومة على التوقف عن مدِّ جورجيا بالأسلحة، مقابل أن تتخلى موسكو عن طهران.

وحصلت روسيا على معلومات تفصيلية عن حجم الدعم العسكري الإسرائيلي، والمشاركة الإسرائيلية في تقديم الدعم الفني والتدريب للعسكريين في جورجيا، من خلال المستشارين الإسرائيليين العاملين في الشركات الأمنية والموساد، إضافة إلى التعاون النفطي في منطقة تسبح على أكثر من 400 مليار برميل من النفط والغاز الطبيعي، منطقة لا تزال مطمعاً لكثير من القوى الدولية التي تتعطش للنفط بصورة هستيرية بما فيها إسرائيل، على الرغم من بعدها الجغرافي عن القوقاز.

ومن الواضح أن إسرائيل أرادت أن تمتلك أوراقاً تفاوض بها موسكو، مقابل مطالب تحقق لها الأمن والبقاء. تلك هي النظرية، التي تنتهجها إسرائيل، منذ نشأتها، في التعامل مع مسائل أمنها وعلاقتها مع الآخرين. فالتخلي السوري عن إيران مطلب لسير المفاوضات بين إسرائيل وسورية حول الجولان. وتخلي موسكو عن طهران شرط ومطلب لتوقف إسرائيل تعاونها العسكري مع جورجيا، فضلاً عن قضايا أخرى تقلق إسرائيل مثل: التقارب بين موسكو وحماس، وعودة اليهود الروس من إسرائيل. إن الأوراق الإسرائيلية معظمها أوراق ليست بالقوة، التي تُثْنِي روسيا عن سياستها تجاه بعض دول منطقة الشرق الأوسط، خاصة تجاه إيران وسورية، وإسرائيل تعلم أنها يمكن أن تكون "الخاسر الأكبر" في هذه القضية بسبب اندفاعها لتحقيق مصالحها، على حساب مصالح الآخرين.

3. سورية وما يمكن أن تحققه من مكاسب من جراء أزمة القوقاز

كان الأمر الطبيعي أن تبدو زيارة الرئيس بشار الأسد إلى موسكو، على إنها زيارة تسعى إلى توسيع وتعميق العلاقات الثنائية بين البلدين؛ ولكن شاءت الظروف والتطورات على الأرض، أن تضع الزيارة في إطار أوسع مدى، وأن تطرح أسئلة ذات أبعاد إستراتيجية، وأن تحمل في طياتها أبعاد تحالف روسي ـ سوري، ضد السياسة الأمريكية العالمية. وهى أبعاد تعطي روسيا فرصة تعميق نفوذها في المنطقة العربية، وتُعَدّ ورقة ضغط في يدها. كما تعطي لسورية تحالفاً دولياً يساعدها في مواجهة الضغوط الأمريكية. وإذا كانت الزيارات السورية السابقة قد أسفرت عن بحث تزويد سورية بسلاح روسي متطور، فإن الوضع الجديد يُخْرج الموضوع من إطار صفقات الأسلحة، إلى إطار إستراتيجي، حيث يمكن أن تتطور الأمور إلى علاقات أبعد، خاصة في المجال العسكري، إذ يمكن أن تعطي سورية لروسيا تسهيلات تؤدي إلى وجود الأسطول الروسي في البحر المتوسط.

أبرزت أحداث جورجيا بعداً أخر للمسألة، يتعلق بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، إذ ظهرت دوراً إسرائيلياً بارزاً في تسليح جورجيا، وتدريب جيشها. وأصبحت إسرائيل بذلك شريكاً أساسياً، فيما تعده روسيا تهديداً لأمنها، وهو أمر سيكون له أثره المستقبلي في العلاقات الثنائية بين روسيا وإسرائيل، بل سيكون له أثره في بروز دور روسي داعم للطرف العربي ضد سياسة إسرائيل، وستكون سورية هي أول من تقطف تلك الثمرة. لقد شعرت إسرائيل بارتكابها خطأ فادحاً سيؤثر في علاقاتها مع روسيا، إذ ظهرت بوضوح أمام الشعب الروسي، أنها أداة ضاربة من أدوات السياسة الأمريكية، ودولة تتحرك لخدمة الأهداف الأمريكية.

إن الوضع الدولي يدخل مرحلة توازنات جديدة، قد تنخفض معها درجة الهيمنة الأمريكية على السياسة الدولية. ومن المحتمل أيضاً أن تنخفض في مجال الصراع العربي ـ الإسرائيلي. لذا، ينبغي أن تبلور سورية، والدول العربية، تكتيكات سياسية جديدة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية للابتعاد عنها قليلاً، والاقتراب من روسيا قليلا، وذلك من أجل المصلحة العربية وحدها، ومن أجل تحسين فرص المساومة السياسية العربية.

4. إيران والحرب في القوقاز

تعلم إيران أن هذه الحرب ستؤثر عليها بشكل مباشر لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها قربها الجغرافي من منطقة الصراع، إذ هي إحدى الدول التي تطل على بحر قزوين، كما إن لها علاقات تاريخية في هذه المنطقة، أضف إلى ذلك العلاقات الروسية الإيرانية التي تتميز بالتناغم والاتفاق في العديد من القضايا الدولية، إضافة إلى الضغوط الأمريكية الأوربية على إيران بسبب برنامجها النووي، والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية المتكررة، بتوجيه الضربات إلى إيران.

إن إيران تعلم أن روسيا تُعاني ضغوطاً دولية من الغرب بسبب برنامجها النووي، وعلى الرغم من تأكدها أن هذا البرنامج، حتى الآن، للأغراض السلمية، إلاّ أن روسيا سايرت الغرب ووافقت على إصدار ثلاثة قرارات من مجلس الأمن هي القرار (1737) في ديسمبر 2006، والقرار (1747) في مارس 2007، والقرار (1803) في مارس 2008، وكلها قرارات تفرض عقوبات اقتصادية ومالية وعسكرية على إيران، كما وافقت روسيا على كافة التحركات الغربية بشأن التعامل مع إيران.

ولكن المتغير الجديد بعد حرب القوقاز، يمكن أن يأتي في مصلحة إيران، بمساندة روسيا لها وعدم إصدار قرارات جديدة ضدها، وإمكانية تزويدها بمنظومات دفاع جوي حديثة، فضلاً عن تسريع وتيرة تشغيل مفاعل بوشهر.

سابعاً: أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وخطر تغيير الحدود

* بعد الحرب العالمية الثانية، وترسخ آليات الحرب الباردة، كان الاتفاق الضمني، بعد مؤتمر يالطا، بين الكبار، يقضي بعدم تغيير الحدود من جانب واحد. وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وتغير آليات اللعبة الكبرى، لم يتأثر هذا المبدأ. وعندما اجتاح صدام حسين الكويت، في 2 أغسطس 1990، أصرّ الكبار على إعادته إلى حدوده في أكبر تحالف عسكري عرفه التاريخ.

* تغير هذا الأمر مع تفكك يوغوسلافيا إلى جمهوريات متعددة، خاصة مع حالة كوسوفا. ومع إعلان استقلالها، والاعتراف المباشر به من اللاعبين الكبار، ورفض روسيا له، راحت موسكو تُعِدّ العدة للرد على سلوك الغرب. وكان من الطبيعي والأسهل، إستراتيجياً وعسكرياً، أن تردّ في محيطها المباشر. وقد أعطت جورجيا الشرارة اللازمة لروسيا. وقبل الاسترسال في هذا الأمر فلنستعرض الإستراتيجيتَيْن، الأمريكية والروسية، التي تبرر تصرفاتهما.

* تقوم الإستراتيجية الكبرى الأمريكية على الأسس الآتية:

1. منع قيام أي تحالف أوراسي ـ خاصة الصين وروسيا ـ لذا، تستشعر الولايات المتحدة الأمريكية خطر استكمال ترسخ منظمة شانغهاي للتعاون[8].

2. استمرار السيطرة على البحار. لذا، تملك الولايات المتحدة (12) مجموعة حاملة طائرات.

3. خوض كلّ الحروب على أراضٍ بعيدة عن القارة الأمريكية. علماً بأنها محمية بمحيطَيْن، وبجيران مسالمين، من الشمال والجنوب، الأمر الذي يعطيها حرية التركيز في القارات الأخرى.

* مقابل هذه الإستراتيجية، تستند الإستراتيجية الروسية، في حدِّها الأدنى، إلى الأسس التالية:

1. تأمين مستمر لمناطق النفوذ في محيطها المباشر، خاصة أوكرانيا.

2. إبعاد التأثير الأمريكي عن هذا المحيط، وحتى إخراجه من اللعبة في آسيا الوسطى.

3. سيطرة الدولة على الطاقة ونقلها؛ لأنها توفر المال، والمال يُعطي تأثيراً في الداخل كما في الخارج، ويساعد على: إعادة تأهيل القوات المسلحة، وانتعاش الاقتصاد، والاستغناء عن قبول أي معونات من الغرب، واسترداد الهيبة الروسية.

* بدأ الغرب، ردّاً على الأزمة الأخيرة، بالحشد البحري في البحر الأسود، تحت غطاء المعونات الإنسانية والتمرينات المشتركة، وكأنه بذلك يريد استباق النوايا الروسية في أوكرانيا، خاصة أن الممر الأوكراني يُعَدّ الخاصرة الضعيفة لروسيا، ومنها حاول هتلر الوصول إلى موسكو، في الحرب العالمية الثانية.

* وماذا عن اعتراف روسيا بأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا:

1. من الغريب أن تعترف روسيا بهاتَيْن المقاطعتَيْن، وهي التي تُعاني حركات انفصالية في الكثير من جمهورياتها: الشيشان، أنغوشيا، شركيسيا، وداغستان وغيرها. لكن يمكن القول إن روسيا قادرة على السيطرة على تلك الجمهوريات، سواء بالمال أو بالقوة العسكرية. فهي دمرت الشيشان إلى درجة جعلتها تستخدم لواءً شيشانياً في عملياتها ضد جورجيا. كذلك، فإن اقتحام روسيا لدولة ذات سيادة بالقوة العسكرية، يجعل الجمهوريات الداخلية، أكثر خوفاً، وأشد بحثاً عن الأمان، واتقاء الشرِّ الروسي.

2. في أوكرانيا، سرت شائعات كثيرة مؤداها أن روسيا بدأت توزيع جوازات سفر روسية على الأوكرانيين من أصل روسي، خاصة منطقة القرم، وهم الغالبية فيها، حيث مقر قيادة الأسطول الروسي في البحر الأسود. فهل تنوي تلك المنطقة الانفصال عن أوكرانيا حيث الاعتراف الروسي جاهز لذلك؟ أمّا في منطقة البلطيق، فالتأثير الروسي له شأن كذلك، خاصة عبر السكان من أصل روسي. فعلى سبيل المثال، 30% من سكّان إستونيا، و40% في لاتفيا، و9% في ليتوانيا، من أصل روسي. ولكن ما يحمي هذه الدول عسكرياً حتى الآن، هو أنها أعضاء في حلف الناتو رسمياً. لكنها من جانب آخر، تعتمد على النفط الروسي عبر خط أنابيب "دروزبا"، الأمر الذي يساعد روسيا على معاقبة تلك الدول عند الحاجة. فهل ستحدث ثورات روسية من داخل تلك الدول؟

4. قد تقطع روسيا عن حلف الناتو خطوط إمداداته، والتي تمر عبرها إلى أفغانستان.

5. لم تعترض الصين على ما جرى من روسيا في حربها على جورجيا، لأن موسكو أرست نمطاً جديداً من العلاقات الدولية، الأمر الذي قد يتيح للصين التصرف، لاحقاً، بهذه الطريقة مع تايوان، مع الاختلاف الكبير في الظروف بينهما، لأن تايوان دولة قوية وتلقى الدعم الكامل الحقيقي من الولايات المتحدة الأمريكية. وتتحفظ الصين، في الوقت نفسه، على إنفصال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، لأنه قد يشجع تايوان، أو التبت، أو إقليم جيانغ جينغ، على الاستقلال، وهي أمور تُعَدّ من الخطوط الحمر في العقل الصيني الأمنيّ.



[1] تضم منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهى تحالف أمنى أقيم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كلاًّ من: أرمينيا، بيلاروس، كازاخستان، قيرغيزستان، روسيا، أوزبكستان، وطاجيكستان.

[2] الدول المطلة على بحر قزوين هي: إيران، أرمينيا، روسيا الاتحادية، كازاخستان، وتركمنستان.

[3] مجموعة الثمانية أو مجموعة الدول الصناعية الثمانية تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم. أعضاؤها هم: الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وألمانيا، وروسيا الاتحادية، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا.

[4] دول البلطيق اسم يطلق في الغالب على ثلاث دول في أوروبا الشمالية وهي إستونيا (أصغرها) ولاتفيا ولتوانيا (أكبر دولة من دول البلطيق). في السابق، كانت فنلندا تحسب بأنها الدولة الرابعة من دول البلطيق، إلاّ أنه مع مرور الوقت استبعدت منها. وتقع دول البلطيق على سواحل بحر البلطيق، الذي هو جزء من بحر الشمال؛ فالتسمية تأتي استناداً إلى موقعها على ذلك البحر.

[5] تضم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عضويتها: دول آسيا الوسطى، وكذلك باقي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، إضافة إلى معظم دول أوروبا الشرقية والغربية إلى جانب الولايات المتحدة وكندا. وتهتم المنظمة بمسائل الأمن والتعاون في القارة الأوروبية بالإضافة إلى مسائل حقوق الإنسان في الدول الأعضاء بالمنظمة. عدد الدول الأعضاء (56)، والدول المشاركة للتعاون (11) دولة.

[6] طبقاً لمعاهدة مونترو لعام 1936، التي تحدد الانتشار في البحر الأسود بمدة 21 يوما للسفن الحربية للدول غير المطلة على هذا البحر. وتحصر حقّ السماح بمرور السفن عبر مضيقي البوسفور والدردنيل (مدخلي ومخرجي البحر الوحيدَيْن على بحر إيجيه والمتوسّط، ويخترقان مدينة اسطنبول التركية) بأنقرة.

[7] انكشفت حقيقة تصدير أسلحة إسرائيلية إلى جورجيا في شهر مارس من عام 2008 عندما أسقطت طائرة التجسس الإسرائيلية من دون طيار "هرمس 450" في الأراضي الأبخازية.

[8] منظمة شنغهاى للتعاون: أقيمت فى يونيو 2001، وتضم 6 دول: الصين، وروسيا، وأربع دول من دول آسيا الوسطى، هي، كازاخستان، وقيرغيستان، وطاجاكستان، وأوزبكستان (التي انضمت في يونيو 2001) . وقد حصلت منغوليا على وضع مراقب في عام 2004، بينما حصلت الهند وباكستان وإيران على وضع مراقب، في يوليه 2005.