إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / العدوان الثلاثي، حرب عام 1956





مسرح الشرق الأوسط
مسرح عمليات حرب العدوان
معركة أم قطف
معركة ممر متلا
معركة رفح
خطة موسكتير المعدلة
خطة موسكتير المعدلة النهائية
خطة الآلاي الثاني

مراحل الهجوم الإسرائيلي
الهجوم على شرم الشيخ
توزيع القوات المصرية



ملحق

خطة الدفاع عن بورسعيد

كانت القوات المصرية الموجودة ببورسعيد عند صدور الإنذار الأنجلو ـ فرنسي يوم 30 أكتوبر، عبارة عن سرية مشاة من الكتيبة الرابعة المشاة، وكتيبتين من جيش التحرير الوطني، وبطاريتي مدفعية ساحلية، وبطارية ثقيلة مضادة للطائرات، وتروب خفيف مضاد للطائرات، بإجمالي لا يزيد عن ألف فرد من مختلف الأسلحة والإدارات.

في يوم أول نوفمبر، كان اللواء 97 المشاة الاحتياطي تحت قيادة العقيد أركان حرب "عبد الرحيم قدري"، مكلفاً بحراسة مطار غرب القاهرة، حين صدرت إليه الأوامر بالتحرك ـ عدا كتيبة ـ إلى بورسعيد ليتولى الدفاع عنها. التي وصلها يوم 3 نوفمبر، بعد تحرك طويل تحت الضرب الجوي الذي أحدث به خسائر كبيرة. وبمجرد وصوله، شرع قائده، في رسم خطة الدفاع، وتخصيص المهام للقوات المتوفرة على قدر ما سمحت به الموارد. وكان النقص شديداً في المعدات الهندسية، اللازمة لزرع حقول الألغام، والموانع داخل الماء، وعلى الساحل الذي ترك تقريباً بغير تجهيزات هندسية أو موانع صناعية.

خطة اللواء 97 المشاة الإحتياطي

قام العقيد أركان الحرب "عبد الرحيم قدري"، قائد اللواء، بتقسيم المنطقة إلى ثلاث قطاعات رئيسية، هي:

قطاع بورفؤاد (اليمين)

تقوم الكتيبة 275 المشاة الاحتياطي (عدا سرية)، وسرية من جيش التحرير الوطني، وبطارية المدفعية الساحلية بالدفاع عن قطاع بورفؤاد، بمواجة 3 كم ومقاومة الإبرار الجوي أو البحري وتدميره، مع تركيز المجهود الرئيسي للدفاع عن منطقة ورش هيئة القناة ومحطة الرادار.   

قطاع بورسعيد (اليسار)

تقوم الكتيبة 291 المشاة الاحتياطي، وسرية من الكتيبة 275 المشاة الاحتياطي، وكتيبة من جيش التحرير الوطني، وبطارية  المدفعية الساحلية، وتروب مدفعية مضادة للدبابات ذاتي الحركة عيار100 مم، بالدفاع عن قطاع بورسعيد من مطار الجميل الواقع غرب المدينة بنحو 10 كم حتى الميناء (داخل)، ومقاومة الإبرار الجوي أو البحري وتدميره، مع تركيز المجهود الرئيسي للدفاع عن منطقة الجميل، الجبانات، وتجهيز كوبري الجميل للنسف.

قطاع الرسوة (الخلفي)

تقوم سرية من جيش التحرير بتأمين مدخل بورسعيد من الجنوب، وكوبري الرسوة للسكة الحديد، وكوبري الرسوة العائم، مع تجهيز الكوبري العائم للنسف.

وبوصول الكتيبة 4 المشاة إلى بورسعيد يوم 3 نوفمبر عائدة من سيناء، وُضْعَت تحت قيادة اللواء 97 المشاة الاحتياطي، وأوكلت إليها المهام التالية:

1. احتلال منطقة الجبانات، على الطرف الغربي للمدينة بسرية مشاة في موقع دفاعي.

2. احتلال تقاطع الطرق شرق الجبانات، والمؤدي إلى قلب المدينة مباشرة بسرية مشاة ثانية في موقع دفاعي.

3. احتلال موقع دفاعي ثالث بسرية مشاة جنوب معسكر الجولف، وشمال كوبري السكة الحديد، ويوضع الموقع تحت قيادة قائد قطاع الرسوة.

4. تبقى سرية المشاة الرابعة في الاحتياط العام، حول نادي الضباط القريب من نادي الجولف، وهي على استعداد لتنفيذ المهام التي تصدر إليها طبقاً لتطور القتال.

مهام ضخمة وقوات ضئيلة

وتجدر الملاحظة أنه عندما بدأ القتال في بورسعيد، كانت القوات المدافعة، لا تتناسب إطلاقاً مع ضخامة المهام المطلوب إنجازها. وفضلاً عن ضآلة حجمها، فقد كانت غير مدربة على القتال في المدن. كما كانت تفتقر إلى الأسلحة والمعدات الميدانية والأدوات الهندسية لإقامة الموانع على الساحل المعرض للغزو، وما يلزمها من تحصينات وحقول ألغام بحرية وبرية. كما أنها جاءت من أماكن بعيدة وتعرضت لضرب جوي شديد، ووصلت بورسعيد قبل أن يبدأ القتال بمده وجيزة، لم يتح لها التعرف على المدينة أو إحكام خطط الدفاع عنها، الأمر الذي جعل بعض القوات البريطانية التي رحلت عن المدينة منذ أشهر قليلة، أكثر معرفة بها من القوات المصرية التي تدافع عنها.   

ويثير هذا الاستعداد الضعيف الذي تم في اللحظات الأخيرة الدهشة من موقف القيادة الشرقية والقيادة العامة، اللتين لم تزودا منطقة بورسعيد بقوة، تستطيع إبداء مقاومة حقيقية في مواجهة قوات الغزو، تتمتع بالتفوق الجوي والبحري والعددي والنوعي، فتكتفيان بدفع تلك القوات القليلة للدفاع عن ساحل الغزو، وفي آخر لحظة قبل نزول القوات الأنجلو ـ الفرنسية فيه.

أول اقتحام رأسي في التاريخ العسكري

انقضت الحوامات البريطانية صباح يوم 5 نوفمبر على خزانات المياه الرئيسية جنوب مدينة بورسعيد، وكباري الرسوة لتحتلها، وفي الساعة الثامنة والثلث وصلت الموجات الأولى من طائرات النقل التي أقلعت بنحو 600 جندي مظلي بريطاني من نقوسيا إلى مطار الجميل، بينما كانت الطائرات الفرنسية التي أقلعت من تايمبو تلقي بالخمسمائة مظلي جنوب كباري الرسوة.

القتال في الجميل

كانت القوات المصرية المكلفة بالدفاع عن مطار الجميل وقت إنزال المظليون البريطانيون عليه صباح 5 نوفمبر، سرية من جنود الاحتياط، أعيد تشكيلها يوم أول نوفمبر من سريتين تعرضتا لقصف جوي فتك بهما، وهما يتقدمان داخل عنق الزجاجة إلى بورسعيد. كما كانت هناك كتيبة من الحرس الوطني، وأربع دشم خرسانية في أركان المطار، تضم كل واحدة منها مدفع رشاش.

وكان المدافعون قد نشروا على أرض المطار عدداً كبيراً من البراميل الفارغة لمنع طائرات العدو من الهبوط فيه، إلا أن تلك البراميل نفسها وفرت سواتر جيدة للمظليين البريطانيين.

وراح البريجادير "بتلر"، والمقدم "بول كروك" قائد كتيبة المظليين، يستحثان الجنود الذين هبطوا معهما على سرعة السيطرة على المطار، وعندما حلت الساعة التاسعة صباحاً، كان البريطانيون قد استولوا على مطار الجميل، كما احتل الفرنسيين كباري الرسوة، ومستودعات المياه المجاورة، وقطعوا المياه عن المدينة.

وكتب الجنرال "كيتلي" في يومية الحرب يصف المقاومة المصرية، صباح ذلك اليوم بالشدة، وخاصة مدافع الاقتحام الأربعة ذاتية الحركة طرازS.U.100، والتي سببت لجنوده كثيراً من المشاكل، كما ذكر أنها أتقنت الانتقال من مربض نيران إلى آخر، بما دفع بعض ضباطه إلى الظن بأن القوة المدافعة تملك 30 أو 40 مدفعاً، وليس مجرد أربعة.

القتال في بورفؤاد

قفزت كتيبة من المظليين الفرنسيين بقيادة الكولونيل "فوسي فرانسوا" في منطقة الجلاء، جنوب بورفؤاد ـ والمقابلة لمنطقة الرسوة ـ وذلك في الساعة الثالثة والربع من بعد الظهر، حيث قابلتها مقاومة عنيفة للغاية، قبل أن ينجح الفرنسيون في الاستيلاء على المدينة خلال ساعات الليل، وفي ذلك الوقت كانت الطائرات البريطانية تحمل 100 آخرين من المظليين، لتعزيز مطار الجميل، وتزويده بالذخائر والمطالب الإدارية الأخرى.

وكانت القوات المدافعة عن بورفؤاد قد خُفّضت إلى حد كبير، بعد سحب جزء منها، للقيام بالهجوم المضاد في منطقة الرسوة. وقد ظلّت قوات بورفؤاد تتشبث بمواقعها بعناد حتى استشهد قائد الكتيبة 275 الاحتياط المقدم "حسين توفيق إسماعيل"ومعظم أفرادها، بعد أن أبلوا بلاءً حسناً.

وصول قوات الغزو البحري الأنجلوـ فرنسية إلى شاطئ بورسعيد

في الساعة الرابعة والربع فجر يوم 6 نوفمبر، انتظمت مائتان وسبعون سفينة من مختلف الأنواع في تشكيل المعركة على مسافة 3500 متر من شاطئ بورسعيد. وبعد أن اتخذت أوضاع الاشتباك تقدمت سفن الإبرار التي كانت تقف خلفها، ثم انقسمت إلى مجموعتين، اتجهت أولهما نحو شرق شاطئ بورسعيد، تحمل اللواء 3 فدائيين بحريين من ثلاث كتائب، بينما اتجهت الثانية نحو غرب الشاطئ، تحمل اللواء 19 فدائيين بحريين من كتيبتين، وراحت كل مجموعة منهما تُفّرِغ حاملات الجنود البرمائية وعائمات الدبابات من جوفها وفوق سطحها.  

وفي الساعة الخامسة والربع فجراً، اكتسحت الطائرات الأنجلو ـ فرنسية شاطئ بورسعيد على امتداد 4500 متر، وأمطرته بالقنابل والصواريخ ومدافع الماكينة لمدة 10 دقائق، فأشعلت النيران في أكشاك الاستحمام والمنشآت القريبة.

ولم تكد الطائرات ترحل في الساعة الخامسة وخمس وعشرين دقيقة، حتى فتحت 12 مدمرة و15 فرقاطة نيرانها على المدينة، فدمرت معظم المباني المطلة على البحر، كما امتدت آثارها للداخل، فاشتعلت الحرائق وقتلت كثيرين تحت أنقاض منازلهم.

استمرت قذائف الأسطول تنهمر على المدينة لمدة 45 دقيقة، وعندما توقفت في الساعة السادسة وعشر دقائق، كانت سحب الدخان تنعقد فوق مدينة بورسعيد تتخللها ألسنة اللهب الصاعدة للسماء.

وأثناء هذا القصف البحري العنيف، كانت الموجات الأولى للإبرار البحري المشكلة من الكتيبتين 40و42 الفدائيين البحريين، وآورطة دبابات سنتوريان من 16 دبابة تقترب من الشاطئ. وقبل وصولها إليه بخمس دقائق، توقفت نيران الأسطول فجأة، واستأنفت الطائرات القصف الجوي بالصواريخ لمدة 3 دقائق.

في الساعة السادسة والربع صباحاً، وصلت المركبات البرمائية وحاملات الدبابات إلى شاطئ بورسعيد، حيث انتشرت يميناً ويساراً لتقتحم الدفاعات المرابطة فيه، والتي لم تكن تملك سوى مدفعين ضد الدبابات عيار 75مم، علاوة على مدفعي هاون 81 مم لتقابل بهم الغزو البحري.

وفتح المدفعان نيرانهما المصوبة، فأصابا دبابتين، قبل أن تدمرهما نيران الدبابات التالية، ثم زحف الفدائيون حتى وصلوا إلى سلسلة المباني الخرسانية على امتداد الشارع الموازي للبحر، وهم يطلقون قذائف البازوكا ومدافع الدبابات والقنابل اليدوية في كل اتجاه، ويغمرون المنطقة بالرشاشات ونيران المدافع 106مم.

ولم يصادف عملية الغزو البحري في بورفؤاد مقاومة تذكر، إذ كانت المقاومة قد توقفت في البلدة في الليلة الماضية، وأصبحت خالية من المدافعين.

في الساعة السابعة صباحاً، بعد تأمين رأس الشاطئ في بورسعيد، أصبحت الإمدادات تتدفق بحراً وجواً على قوات الغزو، ثم صدرت الأوامر في الساعة السابعة بأن تستعد الكتيبة 45 فدائيين بحريين، لاقتحام الشاطئ بالحوامات من فوق حاملتي الطائرات.

وحلق قائد تلك الكتيبة بحوامته فوق منطقة الاقتحام الرأسي، إلا أن سحب الدخان الكثيفة جعلته يخطئ في مكان النزول، فيتجاوزه غرباً حيث حاول الهبوط في ملعب البلدية، الذي تدافع عنه سرية مشاة، قابلته بنيران أسلحتها الصغيرة، فلاذت الحوامات بالفرار، بعد أن أصيب بعضها برصاصات المدافعين.

في الساعة التاسعة والنصف صباحاً، هبطت 22 حوامة من طراز هوير لويند وسيكا مور فوق المنطقة المحددة لها شرق بورسعيد، وخلال 90 دقيقة تم إنزال 415 جندياً و23 طناً من المعدات الحربية.

في الساعة العاشرة صباحاً، كان الجنرال "ستوكويل"، والجنرال "بوفر"، ومارشال الجو "بارنت"، يستقلون لنشاً، لمقابلة الكونت "فينشتي ماريري"، قنصل إيطاليا ببورسعيد، الذي أقترح عليهم الحضور إلى القنصلية، للبحث عن مخرج، يجنب المدينة المزيد من الخراب، وصادف اقتراحه هوى في نفوسهم، خاصة عندما أخبرهم أن محافظ المدينة والقائد العسكري العميد "صلاح الدين صادق الموجي"موجودان معه.

وباقتراب اللنش من مبنى هيئة قناة السويس، جنوب الميناء، انهالت عليه طلقات المدافعين التي أصابت اللنش، بينما لم يتعرض ركابه لأية إصابات. واستدار اللنش بعيداً عن المنطقة، وعندما وصل إلى ميناء الصيد عند الطرف الشمالي للقناة، وجدها آمنة فأنزل "ستوكويل" وصاحباه، واتجهوا مباشرة إلى مبنى القنصلية الإيطالية تسبقهم دبابة لتأمين الطريق.

جلس "ستوكويل" يكتب شروط الاستسلام، التي عرضها على المحافظ والقائد العسكري، وقد اهتم بأن يضمنها شرطاً بضرورة إذاعة مراسم الاستسلام بمختلف وسائل الإعلام، ولكن المحافظ و"الموجي" رفضا التوقيع، فانفض الاجتماع.

الساعة الحادية عشرة صباحاً، تحركت الكتيبة لاحتلال شرق المدينة، بينما كانت بعض السفن الحربية تقتحم مدخل البوغاز، وتحاول الوصول إلى أرصفة الميناء، وهي تحمل جنود الآلاي السادس المدرع، عدا الأورطة التي اشتركت في اقتحام الشاطئ فجراً.

وجاء في الموجات التالية باقي اللواء الثالث المظلات، وهو على أهبة الاستعداد لاستغلال النجاح والاندفاع جنوباً، خلال عنق الزجاجة، للوصول إلى مخرجها على مسافة 40 كم جنوب بورسعيد.

في الساعة الثانية عشرة ظهراً، أصبح إجمالي القوات الأنجلو ـ فرنسية، التي تم إبرارها، جواً وبحراً على شاطئ الغزو، هي: "لواء من المظليين، ولواء من الفدائيين البحريين، و2 ألالاي فرنسي مكون من 6 كتائب، و3 كتائب فدائيين بحريين فرنسيين، وألاي وأورطة دبابات خفيفة". مقابل ثلاث كتائب مصرية قد فقدت أسلحتها الثقيلة، وحرمت من المعاونة الجوية، وتعرضّت للضرب الجوي العنيف، وسقط العديد من جنودها ما بين جريح وشهيد.

القتال داخل مدينة بورسعيد

بدأت الكتيبة 42 فدائيين بحريين التقدم داخل المدينة، في حاملات جنود برمائية، مدعمة ببضع دبابات سنتوريان. وما أن تخطت منطقة الشاطئ حتى قوبلت بالتصفيق والهتاف من الأهالي، ظناً منهم بأنها قوات صديقة. فلما تبين للمدافعين حقيقتها صبوا عليها نيراناً شديدة من حول مبنى المحافظة، حيث كانت قوة من الجنود متحصنة هناك بالبنادق والرشاشات وهاونان عيار 81 مم.

ورغم قلة المدافعين، فقد نجحوا في إيقاف الفدائيين البحريين، الذين بادروا باستدعاء المقاتلات القاذفة لتنقض على الموقع، وتدمر مبنى المحافظة وما حوله من المنازل. وبعد القضاء على جنود الموقع الذين أوقفوا زحف الفدائيين البحريين نحو ساعة.

استأنفت الكتيبة 42 زحفها في اتجاه شارع "محمد علي"، بهدف الاتصال بقوة المظليين الفرنسيين بالرسوة. إلا أنها بمجرد أن دخلت الشارع، وقعت تحت وابل من النيران، والقنابل اليدوية التي انهالت عليها من النوافذ والشرفات، بينما مدافع الدبابات السنتوريان تكتسح الشارع والأبنية بقذائفها وطلقات رشاشاتها.

استغرقت مقدمة الكتيبة نحو ساعتين في عبور الشارع، الذي لا يزيد طوله عن كيلومتر واحد، فلم تصل إلى موقع الفرنسيين لوجود سرية مصرية متحصنة في المباني شمال أرض الجولف مباشرة. وكانت مؤخرة الكتيبة لا زالت متعثرة داخل الشارع، حيث عطلتها المقاومة العنيفة، مما اضطر الجنرال "ستوكويل" إلى دفع الكتيبة 45 فدائيين بحريين، معززا بأورطة دبابات سنتوريان لمعاونة هذه المؤخرة وتخليصها.

التحام الجيش بالشعب

ظلت السيطرة على المعركة من جانب القيادة المصرية تتضاءل بعد أن وقع العميد "الموجي" في الأسر داخل مبنى الفنار، حتى أصبحت شبه منعدمة. وبدأ القتال يتخذ شكل المقاومة التلقائية من منزل إلى منزل، والتحم الجيش مع الشعب، فسببوا متاعب جمّة للمعتدين، دفعتهم إلى زيادة العنف والإفراط في تدمير المباني             

واصلت الكتيبة 45 فدائيين بحريين المدعمة بالدبابات مهمتها، بعد أن نجحت مؤخرتها في الانضمام إليها حوالي الساعة الثالثة والنصف عصراً، إلا أنها عندما حاولت الاتصال بالكتيبة الثالثة مظليين المحصورة داخل المضيق الواقع شرق الجميل، فشلت في اختراق أوكار المدافعين التي اعترضت طريقها، وتحملت خسائر جعلتها تلجأ إلى الحوامات لتنقض بجماعاتها المسلحة فوق أسطح المباني، لإحكام السيطرة عليها وعلى الشوارع الجانبية.

كما قامت تلك القوات بإحراق المباني في منطقة واسعة تقع إلى الغرب من مبنى المحافظة، بإلقاء عبوات حارقة داخلها أشعلت الحرائق الضخمة في عشرات المنازل، مما أجبر سكانها على مغادرتها إلى الشاطئ، هرباً من ذلك الأتون الذي راح يلتهم كل شئ .

ظلت الكتيبة 42 مظليون متوقفة أمام أرض الجولف، نظراً لعنف المقاومة. حتى استدعت هي أيضاً الحوامات لتدك المنازل وتدمر مخابئ المدافعين، ومع آخر ضوء، تمكن المظليون من اجتياح مواقع المدافعين، وإتمام الاتصال بالقوات الفرنسية في منطقة الرسوة.

على الرغم من أن الخطة، كانت تقضي، عندئذ، دفع باقي اللواء 16 المظلي المدعم بدبابات الآلاي 6المدرع، خلال عنق الزجاجة صوب القنطرة بمجرد إتمام الاتصال بالفرنسيين في الرسوة، إلا أن الجنرال "ستوكويل" لم يكن قد اطمأن بعد على السيطرة على المدينة بدرجة كافية، فقرر تأجيل دفع تلك القوات لموعد سوف يحدده فيما بعد.

القتال في الجمرك

كانت الكتيبة 40 فدائيين تعاني هي الأخرى من عنف المقاومة المصرية شرق المدينة، وعلى امتداد المنطقة المجاورة للميناء. وقد كانت مهمة الكتيبة سرعة الاستيلاء على منطقة الجمرك، وأحواض السفن الأربعة في القسم الجنوبي من الميناء، حتى يمكن إبرار القوات الرئيسية اللاحقة من سفنها إلى تلك الأرصفة مباشرة. كما أن الاستيلاء على هذه المنطقة يتيح للقوات اللاحقة أن تتفادى التورط داخل المدينة، والانطلاق من جانبها الشرقي نحو الجنوب مباشرة. واصلت الكتيبة تحركها، واحتلال مباني الجمرك وأرصفة الميناء، حيث اصطدمت بمقاومة شديدة، فقدت خلالها اثنان من الضباط قبل أن تنجح في السيطرة على المنطقة.

وقفت الكتيبة طويلاً أمام تلك المقاومة، وراحت دباباتها ومدافعها تهدم جدران مبنى البحرية، ورغبة في المزيد من السرعة، جاءت المقاتلات القاذفة كسابق عهدها لتصب نيرانها على مبنى البحرية وتهدمه على رؤوس من فيه. وبحلول الظلام كان المبنى قد تحول إلى أنقاض، وعندما دخله الجنود لم يجدوا فيه سوى الشهداء والركام.

بعد الاجتماع الفاشل لإعلان استسلام مدينة بورسعيد، في القنصلية الإيطالية، عاد "ستوكويل" ونائبه "بوفر" إلى الساحل، لتفقد قوات الغزو وحثها على الإسراع في إنجاز مهام القتال. وفي الساعة الرابعة عصراً، عقد "ستوكويل" مؤتمراً لإصدار تعليماته لليوم التالي، فأمر "بتلر" بالزحف بالجنود المظليين جنوباً للاستيلاء على "أبوصوير" ومطارها، بينما يستولي الجنرال "ماسو" على الإسماعيلية. ويقوم البريجادير "مادوك" ولواء الفدائيين بالقضاء على المقاومة النشطة في بورسعيد.

وعند عودة "ستوكويل" إلى سفينة القيادة "تاين"، تلقى برقية عاجلة، تأمره بوقف إطلاق النار اعتباراً من الساعة الثانية بعد منتصف الليل.

ويقول "ستوكويل" إنه بعد أن اجتاز تلك الصدمة، حدثته نفسه أن يأمر "بتلر" بالإسراع باحتلال الإسماعيلية قبل منتصف الليل، إلا أنه صرف النظر عن ذلك نظراً لضيق الوقت.

أما نائبه الجنرال الفرنسي "اندريه بوفر"، فقد توجه إلى مركز قيادة الكولونيل "شاتو جوبير" حيث عقد مؤتمراً حضره البريجادير "بتلر" والجنرال "ماسو"، وبعض قادة التشكيلات المخصصة لعمليات الغد بالاندفاع نحو الجنوب.

وتم الاتفاق على أن يتقدم "بتلر" بحرس أمامي نحو القنطرة، خلال ساعات الظلام على أن يتبعه "ماسو" بالقوة الأساسية. وخلال تلك الليلة، تستعد الكتيبة الثالثة مظليون الفرنسية بقيادة الكولونيل "بيجار"، للإسقاط فوق القنطرة بين الساعة 7 و 8 من صباح 7 نوفمبر. وإذا وجد الجنرال "ماسو"، أن الهجوم يسير طبقاً للخطة الموضوعة. فإنه يستطيع حينئذ أن يدفع الكتيبة الأولى المظلات الخفيفة قيادة الكولونيل "ماير"، لاقتحام الإسماعيلية بعملية إبرار جوي في الساعة الثالثة عصراً على الأكثر.

وبعد أن عاد "بوفر" إلى سفينة القيادة الخاصة به "جوستاف زيديه"، جاءته إشارة من الأدميرال "بارجو" في الساعة السادسة و 42 دقيقة، تنذره بقرب صدور الأمر بإيقاف النيران، وفي الساعة الثامنة بُلغ بأن محطة الإذاعة البريطانية أعلنت عن قبول حكومتا بريطانيا وفرنسا، وقف النيران في منتصف الليل ـ بتوقيت جرينتش ـ أي الساعة الثانية بعد منتصف الليل بتوقيت القاهرة.

مدينة بورسعيد

القوات المصرية

القائد العسكري لمدينة بورسعيد

أميرالاي صلاح الدين صادق الموجي

قائد اللواء 97 مشاة احتياط

قائمقام أركان حرب عبد الرحيم قدري

قائد الكتيبة 275 احتياط الباب

بكباشي حسين توفيق إسماعيل