إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / العدوان الثلاثي، حرب عام 1956





مسرح الشرق الأوسط
مسرح عمليات حرب العدوان
معركة أم قطف
معركة ممر متلا
معركة رفح
خطة موسكتير المعدلة
خطة موسكتير المعدلة النهائية
خطة الآلاي الثاني

مراحل الهجوم الإسرائيلي
الهجوم على شرم الشيخ
توزيع القوات المصرية



المبحث السابع

خامساً: أحداث القتال يوم الثلاثاء 6 نوفمبر

1. القوات المصرية

انشغلت القيادة الشرقية طيلة هذا اليوم في التعزيزات إلى بورسعيد للتمسك بمنافذها الجنوبية. كما ركزت القيادة العامة جهود القوات المسلحة وقوى النضال الشعبي حول المحيط الخارجي "لرأس الشاطئ" جنوب بحيرة المنزلة، وفى شمال الإسماعيلية.

كما قامت بعض الطائرات بمهام انتحارية على ارتفاعات منخفضة ضد تجمعات المظليين وقوات الاقتحام الجوي الرأسي "برأس الشاطئ". وقد تمكنت من إنجاز مهامها بنجاح، والعودة إلى مطارات سرية بالدلتا، حيث يسهل إخفاؤها بين المزروعات الكثيفة. وقامت جماعات فدائية بعبور بحيرة "المنزلة" إلى بورسعيد، حيث تولت تنظيم المقاومة الشعبية والسيطرة عليها.

2. القوات الأنجلو ـ فرنسية

وصلت قافلة الغزو البحري أمام "بورسعيد" في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 6 نوفمبر، حيث انشطرت إلى قسمين، توجه الأول منها بحمولته من القوات البريطانية صوب ساحل "بورفؤاد".

وبعد تمهيد عنيف جداً بنيران الأسطول والطائرات، استمر من الساعة الخامسة و25 دقيقة حتى السادسة، بدأ الغزو البحري الذي وصلت موجاته الأولى حوالي الساعة السادسة والربع إلى الشاطئ، تحمل الفدائيين البحريين المدعمين بالدبابات. ولم يكن هذا الساحل رغم التقديرات السابقة باحتمال غزوه من البحر قد جهز بأية موانع هندسية أو ألغام، مما جعل نزول القوات علية يتم بسهولة ويسر، وبلا خسائر تقريباً.

إلا إنه بمجرد أن زحفت قوات الفدائيين البحريين لشق طريقها نحو بداية طريق القناة المتجه جنوباً نحو الإسماعيلية، تصدت لها المقاومات العنيفة مما أجبر قياده الغزو على دفع التعزيزات لاحتلال بورسعيد نفسها، فأنزلت كتيبه اقتحام جوي بالمظلات، كما أنزلت ألاي دبابات "سنتوريان" على أرصفة الميناء، ثم دفعته للتو لمعاونة الفدائيين البحريين.

وفى الساعة الثانية عصراً أبرق "إيدن" رئيس وزراء بريطانيا إلى الجنرال "كيتلي" يأمره بالاستعداد لوقف النيران اعتباراً من الساعة الخامسة، مع محاولة كسب أكبر مساحة ممكنة من رأس الشاطئ قبل هذا الوقت. فدفع "كيتلي" على وجه السرعة  بقوة من المظلات والصاعقة الفرنسية والدبابات البريطانية نحو الجنوب، تمكنت من الوصول إلى منطقة "رأس العش" الواقعة على مسافة 17 كيلومتراً جنوب بور سعيد، حيث أوقفتها المقاومات المصرية، وكانت تلك النقطة هي أقصى ما وصلت إليه عملية الغزو البحري، التي كانت تهدف إلى احتلال السويس والإسماعيلية والقاهرة لتسقط نظام الحكم، وتعيد مصر إلى سابق عهدها بالاستعمار، وتلغى تأميم شركه قناة السويس لتغترف من خيرات مواردها الغنية التي حرمت منها شعب مصر، زهاء مائة عام.

سادساً: انهيار محور التواطؤ

بينما كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة من منتصف ليلة 6/7 نوفمبر، كان "إيدن" يقترب من حافة الانهيار العصبي. وكم كانت المفاجأة مؤلمة لبطانته، وهم يرون رئيس وزراء الإمبراطورية التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس، وقف حزيناً، بعد أن رأى نبوءته لم تتحقق ليلة أن توعد مصر لقيامها بتأميم شركه القناة بقوله: "إنني أفضل أن تنهار الإمبراطورية البريطانية دفعة واحدة، على أن تظل تعانى سكرات موت بطئ".

وما أن استرد بعض جأشه، حتى أرسل إلى سكرتير عام الأمم المتحدة يخطره برضوخه لقرار وقف النيران، ولم تقطع قواته من أرض مصر سوى جزء من الألف من المسافة التي قطعتها لتصل من أراضي ألمانيا الغربية والجزيرة البريطانية إلى ساحل بورسعيد.

وكانت خيبة أمل "جي موليه" في زميله "إيدن" شديدة فيما أبرمه من قرار وقف النيران بمفرده. ورغم الإلحاح الذي وجهه إليه، ليرجع عن ذلك القرار الذي هدم المعبد على رؤوس ثلاثي تواطؤ "سيفر"، فقد ظل "إيدن" على تخاذله الذي لم يجد "جي موليه" حياله إلا أن يأمر الجنرال "بول إيلى"، رئيس هيئة أركان الحرب الفرنسية بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحث الأدميرال "بارجو" على أن يعمل منفرداً ويبذل غاية جهده لتستولي قواته على المزيد من الأرض، دون الالتفات إلى قرار وقف إطلاق النيران، أو ما قد يبديه الجنرال "كيتلي" من اعتراضات.

وعندما اجتمع "بارجو" بقيادته لبحث الأمر، اقترح معاونوه ثلاث خطط لتحقيق أوامر"جي موليه"، تلخصت في الأتي:

1. بارجو وتتلخص في إسقاط مظليين فرنسيين على طول قناة السويس لاحتلالها.

2. الزي وتتلخص في أن يرتدى جنود إسرائيل الموجودون قرب ضفة القناة الشرقية الزي العسكري الفرنسي، ثم يزحفوا إلى القناة ليحتلوا ضفتيها نيابة عن القوات الفرنسية.

3. الحمراء وتضيف إلى خطة الزي دفع قوات فرنسية على جناح السرعة لغيار القوات الإسرائيلية التي ترتدي الزي الفرنسي قبل أن يفتضح أمرها، ولتعزز الأرض المكتسبة وتحكم السيطرة عليها.

إلا أنه عندما اتصل "جي موليه" بزميله "بن جوريون"، ليرجوه التعاون في تنفيذ هذه المؤامرة الأخيرة، فوجئ به يكشف عن قراره، وهو يقول له بنبرة التأكيد: " لقد حققت إسرائيل كل ما كانت تصبو إليه، ولم يعد هناك ما يدفعنا إلى مواصلة الحرب بعد موقف إيدن الأخير".

بهذا الرد الحاسم انتهت محاولة التآمر الفرنسية سالفة الذكر، بينما كان إيدن يرسل إلى الجنرال كيتلي أمراً قاطعاً بأن يمنع القوات الفرنسية من محاولة التقدم جنوباً من رأس الشاطئ، فيحيل كيتلي هذا الأمر إلى بتلر الذي يسارع بتنفيذه. ثم يتبعه إيدن بأمر ثان في الساعة الثانية من فجر 7 نوفمبر بوقف النيران، التي كان كيتلي قد أوقفها فعلاً قبل ذلك بنيف ساعتين، أي في الساعة الثانية عشرة إلا ست دقائق من منتصف الليل.

وبوقف النيران انتهت أعمال القتال النظامي في مسرح العمليات، وذهب "إيدن" إلى جزيرة "جامايكا ـ Jamaica" ليقضى فترة نقاهة تحققت في نهايتها نبوءته الثانية، التي قال فيها "أن العالم لا يتسع لي ولعبد الناصر، ويجب على أحدنا أن يذهب"، فقد سقطت حكومته، وأضطر إلى أن يعتزل الحياة السياسية، ويذهب إلى غيابة التاريخ، ثم لحقه "جى موليه" بعد قليل، وإن بقيت وصمة التواطؤ الثلاثي تلطخ صفحات "إيدن" و"موليه" و"بن جوريون"، كلما فتح  قارئ من الأجيال التالية سجل العدوان الثلاثي على مصر في خريف 1956.

سابعاً: العدوان ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة

كشفت الظروف والملابسات التي وقع خلالها العدوان، وكذلك علاقات القوى العظمى والكبرى ونظرتها إليه، عن حقائق موجزها فيما يلي:

إن مركز القوى العالمية أو المحورين الرئيسيين لهذه القوي العالمية، وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي لا يقفان بجانب هذا العدوان، بل معارضتهما له ليست محل شك.

إن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي زعيمة المعسكر الغربي أوضحت رأيها لحليفتها بريطانيا وفرنسا اللتين لم يكونا يملكان من أمرهما الشيء الكثير، فاقتصادهما ومشاكلهما وضعتهما تحت سلطان الحليفة الكبرى، وفي معارضتهما احتمال لمخاطر لا تستطيعان احتمالها وقتذاك.

نجم عن أسلوب التواطؤ والخديعة رد فعل شديد من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، تجسد في المعارضة السافرة لاستخدام القوة ضد مصر.

وبذلك لم تكن بريطانيا أو فرنسا في مركز يسمح لهما بالتحرك العسكري من مركز قوة لاستعادة وضعهما في الشرق الأوسط، ثم جاء تواطؤهما مع إسرائيل مثيراً لاستهجان الرأي العام، وغضب القوتين العظميين، وشجب دول عدم الانحياز فلم يكن باستطاعة مخطط التواطؤ والحالة هذه أن يصل إلى غايته.

ثم إن فترة الثلاث الشهور ما بين تأميم شركة قناة السويس ووقوع العدوان، بما تخللها من مناورات سياسية وتكتل من جانب مجموعة عدم الانحياز منذ مؤتمر "باندونج"، إضافة إلى التقارب السياسي الذي ظهر بين شعوب العالم الثالث في تلك الفترة أثمرت في قيام جبهة من الرأي العام العالمي، ترفض منطق القوة، وتقاومه بكل إصرار.

إذن لم تكن القوة بمصادرها المختلفة إلى جانب المعتدين الثلاثة، كما لم يستميلوا الرأي العام العالمي لقبول ما اعتزموا من عدوان على مصر.

وقد ظهرت بوادر ذلك في انتقال أزمة تأميم شركة قناة السويس إلى قاعات الأمم المتحدة، حيث تتضح داخل تلك المنظمة الدولية الصورة الحقيقية لمعايير القوة، ودرجة التجاوب مع القضايا الساخنة.

ولذلك لم يتطلب الأمر من واشنطن كثيراً من التفكير، لتطلب يوم 29 أكتوبر سرعة عقد مجلس الأمن، لبحث توغل القوات المسلحة الإسرائيلية في الأراضي المصرية، وخرقها بذلك اتفاقية الهدنة المعقودة بين البلدين في مارس 1949.

وبين 29 و30 أكتوبر، كانت المداولات والاتصالات بين العواصم المختلفة تأخذ أشكال متباينة .. فـ "أبا إيبان " سفير إسرائيل في واشنطن، يحاول أن يقنع "وليم راونتري" مساعد وكيل الخارجية الأمريكية، بأن الهدف هو تطهير سيناء وغزة من أوكار الفدائيين... و"راونتري" يرد عليه "إن الوضع سبق أن هدأ منذ بضعة أسابيع، وأن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن إسرائيل مدانة في هذه المرة بالعدوان الصارخ، كما يزعجها الأسلوب الأنجلو ـ فرنسي حيال هذا العدوان، بما يدفع واشنطن إلى الوقوف في جانب واحد مع الاتحاد السوفيتي.

1. انعقاد مجلس الأمن

عقد مجلس الأمن بناء على طلب الولايات المتحدة الأمريكية، ثلاث جلسات في 30 أكتوبر، وانتهى بعد سقوط مشروع القرار الأمريكي بسبب الفيتو الأنجلو ـ فرنسي إلى الموافقة بأغلبية الأصوات على المشروع اليوغسلافي، بدعوة الجمعية العامة إلى جلسة طارئة، عملاً بقرار الجمعية العامة في 3 نوفمبر1950، والخاص بـ "الاتحاد من أجل السلام" .

وعقد المجلس مرة أخرى في 6 نوفمبر 1956، بناء على طلب الاتحاد السوفيتي إرسال قوات سوفيتية وأمريكية، لمساعدة مصر، إذا امتنعت الدول الثلاث المعتدية عن تنفيذ القرار الذي يقضي بوقف إطلاق النار والانسحاب. وقد رفضت أغلبية المجلس إدراج هذا الطلب في جدول الأعمال.

2. المشروع الأمريكي المقدم لمجلس الأمن في 30 أكتوبر 1956

أ. طالب مصر وإسرائيل بوقف إطلاق النار، وسحب القوات الإسرائيلية خلف خطوط الهدنة والحدود الدولية.

ب. ناشد أعضاء المجلس بأن تمتنع حكوماتهم عن تقديم المساعدات لإسرائيل، سواء عسكريا أو اقتصاديا، طالما أصرت على عدم تنفيذ هذا القرار.

ج. تكليف السكرتير العام بأن يتقدم بمقترحات وتوصيات، تكفل تحقيق السلام والأمن.

ولأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة، يسقط اقتراح للولايات المتحدة الأمريكية بالفيتو من حليفتهما بريطانيا وفرنسا.

3. الأزمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

في 2 نوفمبر لجأت الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها عدد كبير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاستصدار قرار يدعوا إلى عقد دورة طارئة للجمعية العامة للنظر في الموقف الخطير الناجم عن العدوان الثلاثي على مصر. وعندما عقدت هذه الدورة أخذت الولايات المتحدة الأمريكية زمام المبادرة مرة أخرى، وتقدمت بمشروع القرار الرقم (3256/أ) الذي يدعو إلى:

أ. دعوة كافة الأطراف إلى وقف الأعمال العدوانية، والالتزام فوراً بوقف إطلاق النار.

ب. الانسحاب العاجل للقوات الإسرائيلية إلى ما وراء خطوط الهدنة الأصلية.

وصدر القرار بأغلبية ساحقة 46 صوتاً ضد 5 أصوات، هي"إسرائيل، أستراليا، فرنسا، بريطانيا، نيوزيلندا".

ولما كانت مصر وحدها، دون الأطراف الأخرى في الأزمة، هي التي أعلنت موافقتها صراحة على هذا القرار، فقد تقدمت 19 دولة أفروـ أسيوية بمشروع قرار شديد اللهجة الرقم (3257/أ) يطالب كافة الأطراف بالالتزام بالقرار السابق، وتمت الموافقة علية يوم 4 نوفمبر بأغلبية 59 دولة ضد خمس دول.

4. الضغوط الدولية لتنفيذ قرار انسحاب قوات العدوان

ولما كانت إسرائيل قد أتمت احتلالها تقريباً لكافة شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة يوم 5 نوفمبر، فقد أعلنت موافقتها على قبول قرار وقف إطلاق النار، وعارضت بشدة سحب قواتها من سيناء ما لم تتم الاستجابة لمعظم مطالبها، ولكن الجمعية العامة أصرت على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في عملياتها الأخيرة دون قيد أو شرط، كما هدد الرئيس "أيزنهاور" إسرائيل بقطع المعونات الأمريكية عنها ما لم تلتزم بأحكام قرار الانسحاب. ولكن إسرائيل رفضت أن تُحرم كلية من ثمار انتصارها، ومن ثم عملت على الحصول على كل ما يمكن لها أن تحصل عليه، وربطت انسحابها بشروط، هي منحها ضمانات دولية لتحقيق:

أ. الحصول على موافقة مصر على الدخول معها في مفاوضات من أجل تحقيق تسوية سلمية للنزاع القائم بينهما.

ب. عدم السماح للوجود المصري بالعودة إلى قطاع "غزة".

ج. منح سفنها حق المرور الحر في قناة السويس ومضيق "تيران".

بيد أنها ونتيجة للضغوط الشديدة التي تعرضت لها من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، فقد سحبت قواتها من الجزء الأكبر من سيناء، باستثناء "شرم الشيخ" و"قطاع غزة". وكانت ترجو من وراء ذلك إما احتلال هاتين المنطقتين بصفة دائمة، أو أن تستغل احتلالها لهما كسلاح للمساومة مع الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية، لتحقيق كل الأهداف التي كانت ترجوها، أو بعضها، إلا أنها اضطرت في النهاية، تحت وطأت الضغوط الأمريكية المتتالية عليها، وارتفاع أصوات عديدة داخل الأمم المتحدة مُطالبة بتوقيع العقوبات عليها، والتهديدات السوفيتية، إلى سحب قواتها من قطاع "غزة" في 8 مارس 1957.

أما بالنسبة لبريطانيا وفرنسا فقد كانتا عند صدور قراري الجمعية العامة السالف الإشارة إليهما القرار الرقم 3256/أ، القرار الرقم 3257/أ، قد تمكنتا من إبرار قواتهما بسرعة في بورسعيد بهدف الاستيلاء على كل منطقة القناة قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، إلا أنه نتيجة للمقاومة العنيدة للجيش المصري والمقاومة الشعبية المصرية وكذا للمعارضة الشديدة للاحتلال التي أبدتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ودول الكومنولث، وفي داخل بريطانيا ذاتها، فقد اضطرت الحكومتان البريطانية والفرنسية إلى قبول وقف إطلاق النار، إلا أنهما رفضتا سحب قواتهما من منطقة القناة قبل قيام الأمم المتحدة بإنشاء قوة عمل للسيطرة على منطقة القناة، والفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية.

وفي 4 نوفمبر كانت الجمعية العامة قد وافقت على مشروع قرار "كندي ـ Canada" الرقم (3276/أ)  الذي ينص على إنشاء قوة طوارئ دولية بموافقة الأطراف المعنية للإشراف على وقف العمليات العسكرية على النحو المشار إليه في قرارات الجمعية العامة السابقة، ولكن إسرائيل رفضت مرابطة هذه القوات على الجانب الإسرائيلي من الحدود، بينما وافقت مصر على مرابطة هذه القوات في منطقتي "غزة" و "شرم الشيخ". وأتاح وصول قوات الطوارئ الدولية إلى المنطقة سبيلاً لإنقاذ ماء وجه كل من بريطانيا وفرنسا، فقامتا بسحب قواتهما تماماً من المنطقة، وهو الانسحاب الذي أكتمل بمغادرة آخر جندي من هذه القوات في 22 ديسمبر 1956.

5. قوات طوارئ الأمم المتحدة:

في 7 نوفمبر وافقت الجمعية العامة بأغلبية 64 صوتاً ضد لا شيء على التقرير المقدم من "داج همرشولد" السكرتير العام للأمم المتحدة بناء عن اقتراح مقدم من "كندا" بإنشاء قوة سلام تابعة للأمم المتحدة عرفت باسم "قوة طوارئ الأمم المتحدة".

استقبلت مصر فوق أرضها ـ ولأول مرة ـ "قوة طوارئ الأمم المتحدة"، لتأمين وقف الأعمال العدوانية ومراقبة انسحاب قوات العدوان الثلاثي، وفقا للقرار 997 الصادر في 2 نوفمبر.

وجاء إنشاء تلك القوة مستنداً إلى قرار "الاتحاد من أجل السلام"، حيث إن الأمر بإنشائها لم يصدر من مجلس الأمن، بل من الجمعية العامة.

وهي تعتبر قوة طوارئ في وقت السلام وفقا للقانون، لها أربع خصائص مميزة هي:

أ. أن تكون قوة سلام.

ب. ألا تكون ناقلة للسيادة.

ج. أن تعمل بالاتفاق مع الدول المضيفة.

د. ألا تكون ذات طبيعة مؤقتة.

6. تطهير وعودة الملاحة لقناة السويس

لما كانت قناة السويس ذات أهمية بالغة في حياة شعوب العالم فإن توقف الملاحة فيها نظراً للسفن التي تم إغراقها إبان الغزو يمثل خسارة فادحة، ومن ثم فلابد من تطهيرها، وحينما صدر قرار الجمعية  العامة للأمم المتحدة في 2 نوفمبر الخاص بوقف إطلاق النار، أشار إلى إعادة تشغيل قناة السويس.

أخذت الأمم المتحدة على عاتقها مهمة تطهير القناة. ووفقا لتقرير السكرتير العام للأمم المتحدة فقد بلغ مجموع النفقات لعملية التطهير 8376042 دولار، وأن عشر دول أعضاء قدمت للأمم المتحدة قرضاً بذلك، ورئي استرداده من حصيلة رسم إضافي على مرور السفن في القناة خلال ثلاث سنوات. ولكن "همرشولد"عاد واقترح زيادة الرسوم بطريقة اختيارية حتى يمكن تسديد القرض، وأيدته الولايات المتحدة الأمريكية. وقدمت إيران وتايلاند والفلبين والبرازيل مشروع قرار للجمعية العامة في 14 ديسمبر يتضمن فرض رسوم 3 % على السفن المارة في القناة لمواجهة النفقات الخاصة بالتطهير، وأقر المشروع بأغلبية 54 صوتا، وامتناع 19 عضوا عن التصويت.

وعادت الملاحة لقناة السويس بصفة مبدئية في النصف الثاني من مارس وقد عبرتها أول قافلة بحرية تكونت من تسع سفن لخمس دول. وفي 24 إبريل أصدرت الحكومة المصرية تصريحا بُلغ للسكرتير العام للأمم المتحدة أعلنت فيه أن قناة السويس أصبحت مفتوحة للملاحة، وغدت مرة أخرى حلقة اتصال بين دول العالم، كما عبر التصريح عن التقدير المصري للمجهودات التي بذلت في تطهير القناة على أكمل وجه وفي أقصر وقت.

7. التعويضات

نتيجة الخسائر التي  نزلت بمصر بسبب العدوان الثلاثي، فقد طالبت مصر بحقها في التعويض كاملاً، إذ تقدم الدكتور محمود فوزي وزير خارجية مصر بمشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر 1956، أشار فيه إلى قرار الأمم المتحدة، بشأن إيقاف إطلاق النار والانسحاب، والأعمال العدوانية التي اقترفتها إسرائيل وفرنسا وبريطانيا ضد مصر، وما سببته من خسائر في الأرواح والأموال.

ثم طلب المشروع تقدير الأضرار الناتجة عن ذلك، خاصة ما تعلق منها بالخسائر في الأرواح بين سكان مصر وقطاع غزة، وكذا التدمير الذي وقع في قطاع غزة، وسيناء وبورسعيد وقناة السويس وبقية أنحاء مصر، إلى جانب ما أصاب القناة ومنشآتها، وما نتج عن تعطيل الملاحة فيها وفي الموانئ والمطارات المصرية، وتدمير الأملاك والمشروعات الخاصة، وبالاقتصاد المصري في جملته.

وطالب مشروع القرار المصري أن يقدم السكرتير العام ـ في أقرب فرصة ـ تقريراً بتقديراتهم للأضرار، التي حملتها مصر، باعتبارها أساساً للتعويض المناسب الواجب أن تدفعه كلا من إسرائيل وفرنسا وبريطانيا. وسجلت مصر بذلك وجوب احترام حقها، حتى لا يترك المعتدون دون محاسبة.