إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب عام 1967، من وجهة النظر المصرية




المقدم جلال هريدي
الفريق أول صدقي محمود
الفريق عبدالمنعم رياض
الفريق عبدالمحسن مرتجي
الفريق عزت سليمان
شمس بدران
سامي شرف
شعراوي جمعة
عبدالحكيم عامر

أوضاع القوات المصرية والإسرائيلية
معركة أم قطف الثانية
معركة رفح
معركة كمين بير لحفن
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الخطة الإسرائيلية للضفة الغربية
الخطة الإسرائيلية للقدس
الضربات الجوية الإسرائيلية
الضربة الجوية الإسرائيلية
القتال داخل القدس
توزيع المجهود الجوي الإسرائيلي
توزيع القوات السورية
توزيع قوات الطوارئ الدولية
تسلسل الضربات الرئيسية الإسرائيلية
تسلسل الضربة الجوية الأولى
خطة الدفاع الرئيسية لسيناء
خطة استخدام الطيران الإسرائيلي
سيناء بعد انسحاب الطوارئ

هجوم اللواء الجولاني
مراحل الهجوم الإسرائيلي
الهجمات الإسرائيلية على الأردن
الهجوم الإسرائيلي
الخطة الإسرائيلية
الخطة الإسرائيلية للهجوم
توزيع القوات الأردنية
توزيع القوات المصرية
خطة الهجوم على الجولان



حرب عام 1967

المبحث الأول

المحطات الرئيسية التي مهدت للحرب

أولاً: انسحاب قوات العدوان الثلاثي 1956

انسحبت قوات العدوان، من دون أن تتحقق أيـا من أغراضها، فلا هي حققت إعادة السيطرة على قناة السويس، ولا هي أسقطت حكم عبدالناصر، وتم تطهير القناة من العوائق التي كانت مصر قد وضعتها في مجرى الملاحة لقفلها، وسمحت مصر بدءاً من 10 أبريل 1957 بمرور السفن التي تدفع الرسوم لهيئة إدارة القناة الجديدة. إلا أن الدول المنتفعة كانت قد تعلمت الدرس فأخذت من الإجراءات المخططة لمواجهة احتمال غلقها مرة أخرى، مما انعكس على قيمة هذا الإجراء في عام 1967.

استمر نظام "عبدالناصر" وازدادت مكانته في البلاد العربية، بل وفي العالم، في الوقت الذي اعتـزل "ايدن" رئيس وزراء بريطانيا في 20 نوفمبر 1956 في جزيرة "جاميكا" إحدى جزر الكاريبي بحجة إرهاق ألم به، ثم عاد فاستقال في 9 يناير 1957، كما سقطت وزارة "غي موليه" في فرنسا في 21 مايو 1957.

في واحد يناير 1957 صدر القرار الجمهوري بالقانون رقم 1/1957 بانقضـاء الاتفاق المصري – البريطاني الموقع في 19 أكتوبر 1954 وذلك اعتباراً من يوم 31 أكتـوبر 1956 تاريخ العدوان البريطاني على قناة السويس. وبذلك ألغيت المعاهدة المصرية البريطانية.

وصادرت مصر كل ما وجد في القاعدة البريطانية في منطقة القناة، من معدات وذخائر، وأسلحة، ومنشآت، ومخازن، ومصانع مملوكة للدولة المعتدية، وقد علق "خروشوف" رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي "بأن مصر قطعت ذيل الأسد".

وصادرت مصر أموال وممتلكات رعايا بريطانيا وفرنسا، وفرضت الحراسة عليها بما في ذلك المؤسسات التجارية والمالية والبنوك. كما تم بناء السد العالي.

ويذكـر أن "الرئيس الأمريكي" الذي سحب تمويل بناء السد العالي قال عند زيارته أسوان بعد ذلك "كانت غلطتنا الكبرى أننا لم نشارك في بناء هذا السد العظيم، وكتب "ايزنهاور" في كتابه "النضال" من أجل النصر" عن السد "أنه مشروع سيجلب الخير والرفاهية لشعب مصر".

وفي 11 فبراير 1957 أعلن وزير الخارجية الأمريكيـة أن خليج العقبة يعد مياهاً دولية، وأنه لا يحق لأي دولة منع المرور الحر البريء في الخليج والمضايق، وأن الولايات المتحدة الأمريكية على استعداد لممارسة هذا الحق لسفنها، وتنضم لإسرائيل لضمان الاعتراف لها بهذا الحق. وكان هذا الإعلان – ضمن عوامل أخرى – أدى إلى الانفجار عام 1967، حينما اعتبرت إسرائيل قيام مصر بغلق الخليج أمام ملاحتها بمثابة إعلان حرب عليها.

وتم وضع قوات دولية على الحدود الشرقية لمصرفي سيناء، ومنطقة خليج العقبة، لضمان حرية الملاحة، وأعطيت مصر حق سحبها في أي وقت تشاء. ولكن عندما مارست مصر هذا الحق عام 1967، لإخلاء ترابها من هذه القوات زاد الموقف اشتعالاً.

وكان هناك تطور خطير آخر تسبب في تغيير قواعد اللعبة الدائرة في المنطقة. فبعد اتفاقية السلاح بين مصر وتشيكوسلوفاكيا التي وقعت في 15 سبتمبر 1955 وأعلنها الرئيس "عبدالناصر" في 27 من الشهر نفسه، أصبح الاتحاد السوفيتي بحكم الواقع الجديد، شريكاً للولايات المتحدة في إدارة الصراع وتهديد مستقبل السلام في المنطقة، وأصبح أسطوله في قلب المياه الدافئة يهدد الحلف الأطلسي في الشمال وخطوط مواصلاته مع عمقـه الإستراتيجي في أفريقيا، بل أصبح موجوداً في قناة السويس والبحر الأحمر والخليج. أو على حد تعبير رئيس هيئة أركان حرب الإمبراطورية البريطانية" أصبح الاتحاد السوفيتي خلفنا بعد اجتيازه للحوائط التي كنا نقيمها أمامه".

هذا التعبير فرض نفسه على تعامل اللاعبين في الـدول الإقليمية مع القوتين الأعظم. فبدلاً من التعامل مع قطب واحد، أصبح التعامل مع قطبين متنافرين كل منهما يريد أن تكون له اليد الطولى في إدارة منطقتنا الحساسة، وسبب ذلك من استقطاب حاد بين الدول العربية وخلط كبير في تحديد العدو أو الصديق.

كانت إسرائيل قلقة من استمرار تدفق الأسلحة السوفيتية لمصر. الأمر الذي لم يعالجه العدوان الثلاثي، والذي شاركت فيه أساساً لتدمير الأسلحة الجديدة التي حصلت عليها مصر قبل أن تستطيع قواتها هضمها واستيعابها.

أي أن الحرب انتهت وظل المنبع الخطير الذي يهدد أمن إسرائيل متاحاً، ويظهر هذا القلق في الاجتماعات المشتركة بين الوفود الأمريكية والإسرائيلية لتقويم الأوضاع في المنطقة، والذي كانت تعقد تباعاً عقب العدوان.

وأهم ما ورد في اجتماعين عقدا في 12، 13 نوفمبر 1965 كمثال على ذلك، من واقع ملخص وثيقة في 8 صفحات من وثائق الخارجية الأمريكية بعنوان "ملخص للمباحثات الإسرائيلية الأمريكية: الاجتماع الأول في 12 نوفمبر 1965 والثاني في 13 نوفمبر 1965".

كان الوفد الأمريكي برئاسة السفير "تالبرت" مساعد وزير الخارجية والوفد الإسرائيلي برئاسة الجنرال "رابين" نائب رئيس الأركان وعضوية العقيد "ياريف" نائب مدير الاستخبارات الحربية وأهمية هذه الوثيقة أنها تصور تصويراً دقيقاً الحالة القلقة التي كانت تعيش فيها إسرائيل قبل عام 1967. وأهم ما ورد في حديث الوفد الإسرائيلي الآتي:

1. تدفق الأسلحة السوفيتية على مصر مستمر حتى أثناء تأزم العلاقات السياسية بين البلدين (مصر ـ الاتحاد السوفيتي)، وبأسعار تقل كثيراً عن أسعار السوق العالمية، وتتوقف خطورة هذا الوضع على قدرة مصر على تدريب قواتها على الأسلحة.

2. تخطط مصر لزيادة حجم قواتها حتى عام 67/1968، كي تبلغ قوتها الآتي:

1800 – 1900 دبابة قتال، 200 – 250 طائرة مقاتلة، 60 – 70 قاذفة، 50 هليكوبتر، علاوة على 4 – 5 بطاريات صواريخ أرض – جو، 10 مدمرات، و12 غواصة، و12 زورق دوريات مسلحة بالصواريخ.

ويشير معدل الاستيعاب عام 62/1963 إلى قدرة مصر على تنفيذ هذا البرنامج. وكذلك تهتم مصر بتنفيذ برنامج صواريخ أرض – أرض لتوجيهها إلى التجمعات السكانية. وبناء على وثيقة حصل الإسرائيليون عليها من مصدر ألماني فإن مصر تنوي إنتاج 500 صاروخ من نوع قاهر مداه 600 كم، 400 صاروخ من نوع ظافر ومداه 380 كم، وتركز مصر على مشروع الصواريخ كبديل يعوض قدرتها المحدودة على تدريب الطيارين.

3. وتهتم مصر بالتسليح النووي عبر بناء مفاعلات بقوة 75 – 200 ميجاوات. وبينما لم تحقق مصر نجاحاً في الحرب البيولوجية، إلا أنها أنتجت ذخائر كيماوية وقنابل غاز وتسعى لإنتاج صواريخ لها رؤوس كيماوية.

4. تتوقع إسرائيل أن تقوم مصر بهجوم عليها بمجرد شعورها بأنها أتمت برامجها.

5. دخول أسلحة جديدة إلى المنطقة يسبب لإسرائيل مشاكل في التخطيط ما لم تتوافر لها إمكانيات إضافية. وتفتقر إسرائيل إلى مطارات جديدة إذ لا تملك إلا ثلاثة، وفترة الإنذار لدفاعها الجوي محدودة جداً، وتحتاج إلى استبدال دبابات حديثة بـ 300 دبابة نوع "شيرمان"، كما تحتاج إلى بعض الصواريخ والطائرات.

6. حاول الجانب الأمريكي تهدئة مخاوف الجانب الإسرائيلي، وأكد أن إمكانات مصر محدودة لأسباب عسكرية واقتصادية، ولأن المساعدات السوفيتية محدودة أيضاً وقدرة مصر على التدريب محل تساؤل، وأن ما ذكره الجانب الإسرائيلـي عن حجم وقدرة مصر ومكانتها في مجال الصواريخ مبالغ فيه تماماً. وأن الإمكانات الاقتصاديـة والفنية لمصر تحول دون تنفيذ البرنامج الطموح.

ولكن مخاوف إسرائيل لم تهدأ، وظلت على قناعة بعدم إمكان فرض السلام الذي تريده ويتفق تماماً مع أغراضها إلا عن طريق تدمير القدر القتالية لمصر.

وفي الوقت الذي بدأ سباق تسلح رهيب في المنطقة تضاءلت فرص جهود السلام للتوفيق بين أطراف الصراع.

وبدأت الاتصالات الأمريكية – البريطانية لجس النبض، إلا أن إصرار الرئيس "عبدالناصر" على تنازل إسرائيل عن كل النقب. وتمسك إسرائيل بعدم التنازل عن أي أرض، قضى على المحاولات بعد شهور من بدايتها.

ولكن إذا أردنا الدقة فإن غرض القوى العظمى، لم يكن أبداً هو حل الصراع العربي – الإسرائيلي فقط، بل كان غرضها الأساسي خدمة مصالحها في المنطقة.

ثانياً: الانتصار السياسي لحرب 1956

خرجت مصر من حرب 1956 منتصرة سياسياً، وتمثل انتصارها في اضطرار بريطانيا وفرنسا، إلى الانسحاب دون أن يحققا غرضهما، باستثناء ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لهما بحرية الملاحة في خليج العقبة، عن طريق وجود قوات الطوارئ الدولية في "شرم الشيخ" و "رأس نصراني" عند "مضايق تيران" بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منها.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي لا تحقق فيها الحرب نتيجة حاسمة للطرف المنتصر عسكرياً، ويرجع ذلك إلى وجود طرف دولي جديد متمثل في توازن القوى بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، أصبح من الممكـن له أن يؤثر في نتائج الحروب المحلية، التي تخوضها دول صغرى يعتدي عليها من دول أقوى منها، متى استمرت إرادة الصمود السياسي لدى الدولة الصغرى المعتدى عليها، رغم خسارتها للجولة العسكرية.

واستطاعت القيادة السياسية المصرية، ممثلة في زعامة "الرئيس جمال عبدالناصر"، أن توظف هذه التنمية السياسية الباهرة في خدمـة أهدافها القومية التحررية في المنطقة العربية بصفة خاصة، وفي العالم الثالث بصفة عامة.

وبهذا أصبحت نتائج حرب السويس عام 1956 نقطة تحول كبرى في نضال الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية.

وكانت أبرز النتائج تتمثل في أربع مجالات مهدت جميعها لحرب 1967.

1. المجال الأول (مجال داخل مصر نفسها)

أما عن المجال الأول: فكان تأثير الحرب يتركز في حصول مصر على استقلالها الكامل للمرة الأولى منذ فترة طويلة من تاريخها الحافل، وتأكيد زعامة "عبدالناصر" في داخل مصر وخارجها سواء عربياً أو عالمياً، وانتشار الاتجاهات الناصرية التي كانت تنادي بالحياد والقومية العربية، وإزالة القواعد الأجنبية والتي شكلت خطورة أكيدة على النفوذ الأجنبي في كثير من البلدان العربية.

ولكن كان أخطر المجالات التي تأثرت بمعركة السويس "المجال الاقتصادي" فقد تغير اقتصاد مصر التقليدي الذي كان تسيطر عليه المصالح الأجنبية إلى اقتصاد وطني حر، ومن اقتصاد يعتمد على القطاع الخاص الذي يتعلق معظمه بالنشاط الزراعي إلى اقتصاد تسيطر عليه الدولة وقادر على أن يتسع في مجالات صناعية ومالية وتجارية وإدارية.

وقد ساعد ذلك على توفر رأس المال. فعلى سبيل المثال كان العائد من قناة السويس بعد إعادة فتحها أمام الملاحة في 10 أبريل 1957، ونتيجة لمرور 92 سفينة بريطانية بين 13 – 31 مايو 1957، والسفن الفرنسية التي مرت في يونيه من نفس العام هو 24.5 مليون جنيه إسترليني في مقابل 2.3 مليون جنيه حصة مصر السنوية من الشركة لتأميمها، علاوة عن الإفراج عن الأرصدة المجمدة لدى بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية والتي بلغت 110 ملايين جنيه إسترليني.

فضلاً عن أن قرارات "التمصير" شملت تسعة مصارف بريطانية، وفرنسية وإسترالية رأسمالها 50 مليون جنيه إسترليني.

وبذلك كان الانتصار المصري في السويس انتصاراً سياسياً واقتصادياً، مما أدى إلى وضع الخطة الخمسية الأولى عام 1960، ثم قرارات التأميم عام 1961 وتكوين القطاع العام.

ولم يكـن هذا التطوير مريحاً للكثيرين في المنطقة وخارجها خوفاً من انتشار تلك الأفكار اليسارية في دول أخرى.

2. المجال الثاني (مجال العلاقات العربية مع الدول العظمى)

المجال الثاني: والذي يتجه إلى العلاقات العربية الدولية، فقد نتج عن حرب السويس نظام عالمي جديد تهمش فيه دور كل من بريطانيا وفرنسا في المنطقة لتحل محلها الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحـاد السوفيتي. وكان من نتيجة ذلك، أن أنظار دول المنطقة أصبحت تتجه إلى واشنطن وموسكو والقاهرة، بعد أن كانت تتجه إلى لندن وباريس. كما أن بريطانيا تلقت درساً قاسياً من "اللعب من وراء ظهر الولايات المتحدة الأمريكية" وتعلمت، منذ حكومة "ماكميلان" الذي خلف "ايدن" أن تكون سياستها متوازية مع السياسة الأمريكية حتى لا تدفع الثمن الباهظ التي دفعته في العدوان الثلاثي.

ولكن كان أخطر العوامل هو ما ترتب على كسر احتكار السلاح الذي بدأه "عبدالناصر" لما أحدث من انقلاب كامل في إستراتيجية الغرب، وقلل من سيطرته على مجريات الأمور، لأن اللعب في توازن القوى الإقليمي أصبح متاحاً لأطراف أخرى. وزاد من صعوبة فرض استقرار إقليمي ترفضه الدول العربية.

وفي الوقت نفسه كانت القوى العسكرية المصرية والسورية تتزايد كماً ونوعاً، ففي العام 1960 تقريباً كان قد أتم إعـادة تسليح وتنظيم وتدريب الجيش المصري وفقاً للنمط السوفيتي، وأثبت في تشكيله الجديد كفاءة واضحة، حين تحركت منه قوى مؤلفة من فرقتي مشاة وفرقة مدرعة خلال شهر فبراير 1960، إلى سيناء لدعم سورية (التي كانت وقت إذ جزئاً من الجمهورية العربية المتحدة) أثناء معركة "التوافيق" الواقعة قرب بحيرة "طبريا".

وكان لا بد لإسرائيل أن تسعى بسرعة لضرب هذه القوة العسكرية العربية المتعاظمة والتي باتت تهدد قوتها العسكرية.

3. المجال الثالث (مجال العلاقات العربية – العربية)

المجال الثالث: فكان بخصوص العلاقات العربية، فقد أعطت حرب السويس بعداً جديداً للثورة المصرية. إذ أخذت تتطلع خارج حدود مصر مما أعطى زخماً لسياسة الحياد وللقومية العربية.

وأخذت بلاد عربية تخوض معارك استقلالها، وتعمل على إلغاء القواعد العسكرية الأجنبية بها، ثم وصـل الزخم القومي إلى منتهاه بتحقيق الوحدة السورية – المصرية عام 1958، وبنجاح الثورة العراقية في 14 يوليو 1958، إلا أنه سرعان ما ساد التنافس، الذي لم يكن له داع بين "عبدالكريم قاسم" في بغداد و "عبدالناصر" في القاهرة وتولى "سليمان النابلسي" الحكم في عمان وألغى المعاهدة البريطانية، واهتز حكـم "كميل شمعون" في لبنان مما أدى إلى عملية الإنزال الأمريكي في بيروت، وتولى "فؤاد شهاب" المتعاون مع "عبدالناصر" السلطة بعد سقوط "شمعون" ثم حدث انقلاب اليمن ضد حكم الأئمة، والثـورة في اليمن الجنوبي ضد الاستعمار البريطاني، وزاد لهيب الثورة الجزائرية حتى وقعت اتفاقية "ايفيان".

وأخطر من كل ذلك كان إحياء الحركة الوطنية الفلسطينية بعد تراجعها عام 1948، فتكونت حركة "فتح" عام 1959 لتعلن عن نفسها عام 1965. وكانت الثورة المصرية وراء الكثير من هذه الأحداث، بل وشاركت فيها ببعض وحدات القوات المسلحة، كما حدث في ثورة اليمن، وثورة اليمن الجنوبي، وبإرسال بعض الوحدات الرمزية إلى العراق والجزائر.

وبقدر ما كانت هذه القوى العسكرية والسياسية العربية تثير قلق إسرائيل، فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية منزعجة للغاية، من الوجود العسكري والسياسي المصري في اليمن. الذي بدأ مهدداً لمصالحها البترولية والإستراتيجية في المنطقة، وكذلك من التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل مصر التي بدأت مساراً غير رأسمالي منذ العام 1961، والتي صاحبها توثيق العلاقات مع الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية بصفة عامة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ولما فشلت الجهود الأمريكية المبذولة من أجل إجبار النظام المصري على التخلي عن سياستها العربية والداخلية عن طريق الضغوط الاقتصادية (قطع المعونات .. ألخ). والاستنزاف العسكري غير المباشر في اليمن.

وقررت الولايات المتحدة الأمريكية في بداية 1967 "ضرورة إسقاط "عبدالناصر" في مصر وعزل مصر عن بقية العالم العربي" كما قال الدبلوماسي الأمريكي "دافيدنيس" الذي كان يعمل وقتئذ في السفارة الأمريكية في القاهرة، وذلك في محاضرة له ألقاها بجامعة "كولورادو" في أبريل 1968، بعد أن استقال من وظيفته احتجاجاً على السياسة الأمريكية المذكورة.

ولهذا قامت أجهزة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بدراسة خطة الهجوم الإسرائيلي المعدة من قبل بخطوطها العامة، واختباراتها في العقل الإلكتروني "الكمبيوتر" على ضـوء تقديرات ميزان القوى وتقارير قياس القدرات القتالية الفعلية، وذلك خلال شهر يناير 1967.

وهكذا تلاقت مصلحة كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في اجتذاب مصر إلى حرب مدمرة يتم فيها تدمير جيشها وإسقاط نظامها السياسي، ومن ثم تحطيم الجيش السوري أيضاً والاستيلاء على الجولان، واحتلال الضفة الغربية لنهر الأردن، التي تشكل نتوءاً خطيراً داخل الأرض المحتلة في فلسطين منذ 1948، وبدأ التخطيط الدقيق لاستدراج مصر إلى هذه الحرب، في توقيت لا يناسبها، خاصة وأن قواتها كانت منشغلة بحرب اليمن.

4. المجال الرابع (مجال الصراع العربي – الإسرائيلي).

المجال الرابع:. فكان تأثير حرب السويس على الصراع العربي الإسرائيلي خطيراً فقد أيقن العرب أن إسرائيل هي أداة الاستعمار في المنطقة، تتحرك بأوامره، وأن نياتها العدوانية، والتوسعية أمراً أكيداً.

لذلك فقد أصبح التصدي لها في رأس أولويات الدول العربية على حساب اهتماماتها بالمشاكل الداخلية. إلا أنه بالرغم من وحدة الهدف، إلا أن توحيد الجهود للتنفيذ باء بالفشل في كل الميادين ولكن تطوراً خطيراً حدث من بداية عام 1965 في صورة تغيير في السياسة الأمريكية في اتجاه إمداد إسرائيل بالأسلحة. فبدأت واشنطن تتخلى، بحذر في أول الأمر، عن سياستها المتحفظة في هذا المجال، فكانت الصفقة الأولى لإمداد إسرائيل بطائرات سكاي هوك، ثم فتحت أمريكا، بعد ذلك ترساناتها للطلبات الإسرائيلية، وأصبح "بقاء إسرائيل دولة مستقلة قوية في قلب المنطقة حقيقة سياسية جغرافية في عداد المصالح الأمريكية الحيوية" وسداً أمام التوغل السوفيتي في المنطقة، كما كانت أمريكا تتخيل في ذلك الوقت.

ثالثاً: الوحدة بين مصر وسورية: (22 فبراير 1958)

الحقيقة أن طريق الوحدة لم يكن مفروشاً بالورود والرياحين كما تصور في بادئ الأمر المتفائلون من البلدين، لقد كان الطريق محفوفاً بالمخاطر. وبرغم أن التاريخ يحفل بكثيراً من قصص الدول التي توحدت، ولكن من النادر أن نرى وحدة يتربص بها هذا العدد الزاخر من الأعداء، بل من الأصدقاء الذين انقلبوا إلى أعداء.

فعلى المستوى العالمي، نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تسعدها هذه الوحدة بالمرة، إذ رأت فيها تجاوزاً لدور "عبدالناصر" يفوق الحد المسموح به، وكذلك بريطانيا، ثم هناك تركيا، ولقد عبرت عن قلقها من الوحدة، عندما قال رئيسها "عدنان مندريس" (بتنا وكان على حدودنا الجنوبية جار يبلغ حجمه خمسة ملايين، وأصبحنا وإذا بهذا الجار خمسة وعشرون مليوناً).

أما روسيا: فهي أيضاً لم تكن من بين السعداء بحدوث هذه الوحدة. فبدلاً من أن تكون الوحدة عوناً وسنداً للمد الشيوعي في البحر الأبيض، فوجئت بأن رجل الاشتراكية الأول في المنطقة يقوم باعتقالات واسعة للشيوعيين، ليس في مصر وحدها، وإنما امتدت إلى سورية بمجرد وقوع الوحدة.

بالنسبة لإسرائيل، وعندما توحدت مصر وسورية وقامت الجمهوريـة العربية المتحدة بين قطرين شمالي في سورية وجنوبي في مصر. وأصبحت بذلك سورية المركز الشمالي للنشاطات الناصرية المتزايدة المواجهة ضد إسرائيل، حيث كان تواجد قوات الأمم المتحدة على الحدود الإسرائيلية – المصرية يعوق نشاطات ناصر على هذه الحدود. ومن سورية، فكانت بمثابة قلق لإسرائيل نتيجة تطور مركز النشاط المعادي لإسرائيل بطول الحدود السورية.

رابعاً: الموقف السوري – المصري وحركة الانفصال (28 سبتمبر 1961)

تمت الوحدة بين مصر وسورية في عجلة شديدة تحت ضغط العسكريين السوريين المـدفوعين بالروح الوحدوية، والذين تأثر بعضهم بمعتقدات حزب البعث.

وشكلت الوزارة الجديدة للجمهورية العربية المتحدة يوم 6 مارس 1958، وهكـذا منذ الوزارة الأولى للوحدة، بدأ العسكريون السوريون الذين كانوا بعيدين عن السلطة التنفيذية وعن مناصب الوزراء يدخلون في السلطة وأصبح الموقف في سورية امتداد للموقف في مصر، وما دام بعض العسكريين قد وصل إلى منصب الوزارة فلا بد من إرضاء الآخرين.

وأعد "عبدالحكيم عامر" نشرة عسكرية يرقى فيها الضباط – من أعضاء المجلس الثوري الذين لم يعينوا وزراء – ترقيات استثنائية إلى رتبة عميد مثلاً. وتضمنت النشرة أيضاً تسريح 94 ضابطاً سورياً. وهكذا سارت عدوى التخلص من الضباط غير الموالين، الذين تم تقسيمهم إلى (شيوعيين، إخوان مسلمين، وشام، وحلبين، وعلوين). وحدث صـدام بين "عبدالحكيم عامر" و"عفيف البزري" قائد الجيش السوري عندما اعترض على نشرة تنقلات الضباط، والقضية تتلخص في رغبة ضباط البعث – وهم منتشرون في الجيش- في أهمية التواجد في المراكز القيادية.

زاد أعداد الضباط السوريين في المناصب الوزارية، وانتهى تواجد الأحزاب السورية القديمة، ولم يسيطر البعث على السلطة الحقيقية. ثم انتهى الأمر بقبول استقالة الوزراء البعثيين الأربعة في 31 ديسمبر 1959.

الضباط السوريين والمصريين:. فقد بدأت تظهر نشرات فصل للضباط السوريين بتهمة الانتماء لحزب البعث، أما عن الضباط المصريين فتولوا مناصب قيادية في الجيش السوري، ولم يكن ذلك خطأً من ناحية المبدأ، ولكن حركـة تنقلات الضباط المصريين أضعفت من ثقة زملائهم السوريين بهم، فبعد أن كان الانتداب إلى سورية قاصراً على أصحاب الكفاءة، تجاوز ذلك بعد الوحدة إلى الوساطة كمساعدة مادية لظروف الزواج أو عذر مالي، مما جعل بعض الضباط من رتبة الملازم ثان ينقلون إلى سورية.

ولم يعد خافياً على أحد أن هناك حساسيات تنمو وتزيد بين الضباط السوريين والقيادات التي يسيطر عليها مصريون.

ولكن في يوليو 1961 أصدر "عبدالناصر" قرارات التأميم المشهورة، والقرارات الاشتراكية، فتغير مسار حركة القومية العربية، ذلك لأن قرارات التأميم، فرزت الطبقات الاجتماعية المتوسطة فـي كل من مصر وسورية. كما ألبت عليها الطبقات الاجتماعية الرأسمالية والإقطاعية ذات النفوذ، التي استطاعت أن تتآمر على الوحدة في سورية، وتنفذ حركتها الانفصالية في 28 سبتمبر 1961.

وفي النهاية التنقلات المستمرة للضباط وعدم إعطاء الحق للضباط الأكفاء بالسفر، أوجد الحساسيات بين الضباط وأدى إلى ضعف الروح المعنوية مما أدى إلى خفض الكفاءة القتالية في داخل الوحدات المصرية والتي كانت نتيجته واضحة في حرب 1967.

خامساً: حرب 56 والقتال في اليمن وأثرهما على القوات المسلحة

كان لحملة اليمن (أو العملية 9000 كما كان يطلق عيها) تأثير على سير الأمور قبل وأثناء اشتباكات سيناء فى يونيه 67، سواء من الناحية السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، أو الناحية المعنوية للقوات المسلحة، ونظرة رجالها إلى شكل الحرب وإحساسهم بأسلوبها.

كان القيام بضربة مضادة سياسية مفيداً لمصر إلى حد بعيد في تغيير الوضـع غير الطبيعي الذي وجدت نفسها فيه عامي 61، 62، بعد انفصال سورية عنها، ولكن أين تكـون الضربة المضادة؟ وهل الجو مهيأ لها؟ وما احتمال نجاحها؟ وما مدى هذا النجاح المحتمل ؟

تلقت أجهزة الدعاية المصرية نتائج 1956 وكانت فرصتها الذهبية، فتحول الانسحـاب من سيناء إلى مخطط إستراتيجي مُعد من قبل، كما صُور قتال بور سعيد الذي استمر لعدة ساعـات قبل سقـوط المدينة وكأنه عمل خارق، ثم قورنت أعمال المقاومة التي بدأت بعد احتلال المدينة وعزلها، بالأعمال التي تمت في روسيا وأوروبا إبان الحرب العالمية الثانية. وهكذا ضاعت الحقيقة واختفت معها الأسباب الحقيقية للهزيمة التي وقعت بالقوات المسلحة المصرية، سواء بضرب القواعد الجوية وتدمير سلاح الطيران عن آخره تقريبا قبل أن يشترك في القتال، أو بالسرعة التي تم بها الانسحاب من سيناء، وما صاحب هذا من هرج ومرج وفقد السيطرة على القوات، أو بنجاح القوات الإنجليزيـة في احتلال مطار الجميل ببور سعيد رغم توقع محاولة الاستيلاء عليه، بل التأكد من ذلك مسبقاً.

إلا أنه لا يمكن أن إغفال البطولة الحقيقية التي أبداها رجال مجموعة اللواء المشاة الذي قاتل في أبو عجيلة بكل شجاعة وبسالة، أو رجال المقاومة، العسكريون منهم والمدنيون، الذين جعلوا من بور سعيد تحت الاحتلال الإنجليزي جحيما لم يطقه المحتلون، ومقبرة لأبناء بعض اللوردات المستعمرين، كما لا بد من الإشادة بأعمال البطولات الفردية التي عرفت وأذيعت عن بعض الضباط، ولا سيمـا الصغار منهم، والجنود الذين قاموا بواجبهم في القتال على الوجه الأكمل. وقد ذكر نابليون في هذا الصدد: "لا يمكن تعلم الحرب إلا بالحرب".

وعلى هذا الأساس سارت الحرب في اليمن، دون أن يكون لدى الأفراد خيال محدد لشكل المعركة، وتـركز في خيالهم الشكل الذي سارت به العمليات التأديبية ضد القبائل المسلحة تسليحاً بدائيـاً، والتي كانت تهدف بموقفها المعادي إلى الحصول على أكبر مكسب مادي من القيادة المصرية في اليمن .

وازداد عدد الراغبين تطوعاً في الرحيل إلى اليمن، حتى كونت هذه الرغبات - المستندة إلى وساطات - قوة ضاغطة على القيادات والرئاسات، فأجيب معظم الرغبات، وازداد حجم القوات المشتركة في القتال حتى فاقت في وقت من الأوقات حجم القوات الموجودة داخل حدود الجمهورية، فتاثرت بذلك الخطط الموضوعة للدفاع عن سيناء لعدم توفر القوات اللازمة، بل تأثر حجم القوات المتمركزة في مواجهة القوات الإسرائيلية.

ولا شك أن الامتيازات الضخمة التي منحت للقوات المشتركة في حرب اليمن، كانت مغرية إلى حد بعيد لجمع الرتب، فنشطت أسواق صنعاء وتعز وعدن في بيع البضائع الأمريكية والأوروبية الصنع، وكانت هذه البضائع معفاة من الرسوم الجمركية، بل من أجر شحنها، حيث تكفلت وسائل النقـل العسكرية، من طائرات وسفن، بنقل هذه الأطنان من البضائع. وإلى جانب هذه الامتيازات كانت هناك مزايا أخرى مغرية، كأولوية تأجير المساكن وتركيب التليفونات، وشراء السيارات "نصر" ونقل الأقارب والموظفين إلى المدن التي يرغبون فيها، وما إلى ذلك من الامتيازات التي تشعر الجندي في اليمن بتفوقه على باقي زملائه من المواطنين.

وزاد الموقف تعقيداً فتح باب الترقيات الاستثنائية للضباط والجنود على مصراعيه، وفي الوقت الذي منح فيه بعض الضباط رتبتين استثنائيتين، نقل عدد كبير من الضباط الاحتياطيين إلى الجيش العامل كمكافأة لهم على أعمال بطولية قاموا بها، بعضها حق وبعضها زيف وتمثيل، وهكذا سارت الأمور من الناحية النفسية في حملة اليمن، وتكون خيال الأفراد، قادة وضباطاً وجنوداً، عن الحرب وشكلها وأهدافها، حتى أصبح المنتصر الحقيقي في هذه الحرب وصاحب المصلحة فيها، بالإضافة إلى مشايخ القبائل والتجار، هو كل من حقق كسباً مادياً أو أدبياً فيها.

أما من الناحية العسكرية، فلم تكن الاشتباكات، ذات قيمة حربية من الناحية العلمية أو الفنية، بل كانت مجرد عمليات بوليسية وتأديبية لرجال القبائل المسلحين تسليحاً خفيفاً لا يحسم موقفاً أو يحقق نهاية، حتى أصبح تصور الجندي عن المعركة – أية معركة – لا يختلف عن خيال أجداده عنها، ممن قاتلوا في السودان في أواخر القرن الماضي، أو آبائه ممن قاتلوا على الضفة الغربية من قناة السويس في أوائل الحرب العالمية الأولى.

كانت هذه الظروف قاتلة لجيش حديث يعد نفسه أساساً لقتال الجيش الإسرائيلي العصري في تسليحه وفي تفكيره وفي أسلوب قتاله، والذي بنى إستراتيجيته العسكرية على أساس الاستفادة إلى أبعد مدى من خواص قواته الجوية.

تميز مسرح العمليات في اليمن أيضاً من الناحية الجغرافية بالجبال الشاهقة والهيئـات الطبيعية البالغة الارتفاع، الأمر الذي يغري باحتلال القمم العالية التي تمنح مواقع ممتازة للملاحظة والرؤيـة الجيدة، بالإضافة إلى تحكمها الكامل في الأراضي المنخفضة، ولكن هذه الميزة القاصرة فقط على الأراضي الجبلية، كانت عيباً خطيراً إذا ما اعتدنا عليها وطبقت في الأراضي الصحراوية المنبسطة، والتي بها بعض الهيئات قليلة الارتفاع كمعظم أراضي صحراء سيناء الشمالية، وضد عدو يحسن الملاحظة ويهتم أول ما يهتم بالتعامل مع القوات المرابطة على خط السماء فينقض عليها مستخدماً طائراته ومدفعيته. وقد كانت العمليات في اليمن مطبوعة بالبطء الشديد، سواء من ناحيتنـا أو مـن ناحية القبائل، فمن ناحيتنا فإن السرعة ـ أو خفة الحركة ـ كما تسمى عسكرياً، لم يكن لها ما يبررها.

كان النجاح في المعارك التي تمت في اليمن والنتائج العسكرية والسياسية الضخمة التي حققتها قواتنا العاملة أدت إلى زيادة الثقة بالنفس، بالنسبة للأفراد على مختلف رتبهم والقيـادات على مختلف مستوياتها. وزيادة الثقة بالنفس قد تصل في مرحلة من مراحلها إلى الغرور، إذ أن القيادة العليا للقوات المسلحة ورئاسة أركانها العامة، قد تصرفتا منذ إعلان حالة الطوارئ يوم 14 يونيه 67 بغرور كامل لا يُقدّر ردود الفعل السياسية والعسكرية التي مكنت للعدو الإسرائيلي القيام بها.