إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب عام 1967، من وجهة النظر المصرية




المقدم جلال هريدي
الفريق أول صدقي محمود
الفريق عبدالمنعم رياض
الفريق عبدالمحسن مرتجي
الفريق عزت سليمان
شمس بدران
سامي شرف
شعراوي جمعة
عبدالحكيم عامر

أوضاع القوات المصرية والإسرائيلية
معركة أم قطف الثانية
معركة رفح
معركة كمين بير لحفن
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الخطة الإسرائيلية للضفة الغربية
الخطة الإسرائيلية للقدس
الضربات الجوية الإسرائيلية
الضربة الجوية الإسرائيلية
القتال داخل القدس
توزيع المجهود الجوي الإسرائيلي
توزيع القوات السورية
توزيع قوات الطوارئ الدولية
تسلسل الضربات الرئيسية الإسرائيلية
تسلسل الضربة الجوية الأولى
خطة الدفاع الرئيسية لسيناء
خطة استخدام الطيران الإسرائيلي
سيناء بعد انسحاب الطوارئ

هجوم اللواء الجولاني
مراحل الهجوم الإسرائيلي
الهجمات الإسرائيلية على الأردن
الهجوم الإسرائيلي
الخطة الإسرائيلية
الخطة الإسرائيلية للهجوم
توزيع القوات الأردنية
توزيع القوات المصرية
خطة الهجوم على الجولان



حرب عام 1967

المبحث السادس

الخطط الإسرائيلية للهجوم وخطة الخداع على الجبهة المصرية

أولاً: الخطة الإسرائيلية للهجوم "ضربة صهيون" يونيه 1967 (أٌنظر خريطة الخطة الإسرائيلية للهجوم)

كأي دولة لها تطلعات كان لإسرائيل خططها الخاصة بالهجوم، والتي دربت عليها قواتها مسبقاً طبقاً لمبادئ نظرية الأمن الإسرائيلية، وطبقاً للخبرات التي حصرتها من متابعتها لتطبيق أساليب القتال الأمريكية في فيتنام – ومن خبرتها ودراستها لمسرح العمليات السينائي، وإستراتيجية الدفاع عنه طبقاً لعقيدة القتال الشرقية التي تتبعها مصر وسورية واستفادتها من خبرات حرب 1956 وتصحيحها لأوجه القصور العديدة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في هذه الحرب .. كل ذلك كان يتم بين أركان إستراتيجية حديثة اتبعتها إسرائيل.

1. إستراتيجية الحرب الحديثة لدى إسرائيل

تتلخص هذه الإستراتيجية في الآتي:

أ. الاعتماد على الذات لشن أي حرب جديدة حتى لا يتكرر موقف الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد السوفيتي.

ب. تحقيق المفاجأة، وأخذ المبادأة منذ اللحظة الأولى لبدء الحرب، وحتى إيقاف النيران بعد أحداث نصر كبير، لأن إسرائيل لا تتحمل الهزيمة داخل حدودها.

ج. السيطرة على سماء المعركة، ومنع الجانب الآخر استخدام قواته الجوية، حتى تضمن أكبر نجاح لقواتها البرية، وإحراز نصر سريع في جبهات القتال (وكانت إستراتيجية تنفيذ الضربة الجوية، وتأثيراتها .. درس استفادته إسرائيل من حرب 1956).

د. تطبيق نظرية الاقتراب غير المباشر بأسلوب متطور للوصول إلى أهداف منتخبة رئيسية ـ خالية من العدو بقدر الإمكان ـ واستدراج الجانب الآخر إلى مسرح عمليات غير مجهز، وفي توقيت من اختيار القوات الإسرائيلية، حيث يتم اصطيادها في كمائن مدبرة .. ومن أجل تطبيق هذه النظرية. فإن إسرائيل تستخدم في أنساقها الأولى الدبابات المدعمة بالمشاة الميكانيكيـة وليس العكس، كما يتم الاختراق في أضيق مواجهة بأكبر حشد ممكن (تطبيقاً لنظرية الجنرال "جورديان" خبير المدرعات الألماني والذي أول من طبق هذه النظرية في اختراق خط "ماجينو" الفرنسي في الحرب العالمية الثانية) – ثم الاندفاع بأقصى سرعة مع إطلاق كل النيران المؤثرة في جميع الاتجاهات بالتعاون الوثيق مع القوات الجوية التي تلاحق الخصم بقبضاتها وتمهد الطريق لتقدم القوات البرية إلى أعمق الأهداف داخل النطاق الدفاعي للعدو.

هـ. استخدام المناورات الواسعة في ميدان المعركة بإجراء عمليات التطويق والالتفاف على أجانب ومؤخرة المواقع، وتجنب مهاجمتها بالمواجهة لتقيل الخسائر بقدر الإمكان، وإجبار الجانب الآخر على إدارة معركة ليست من اختياره، وإجباره على تعديل خططه، وبالتالي القضاء عليه في وقت قليل.

و. استخدام أسلوب "مناوشة الدفاعات من بعد لجذب نيرانها، وبالتالي كشف الخطط الدفاعية، والاشتراك مع الطيران في تدمير هذه المواقع.

ز. كل ذلك يتطلب وضع نظام دقيق للسيطرة على القوات، وتواجد القادة في أماكن مشرفة على المعركة، واستخدامهم للطائرات الخفيفـة والمروحية في تنقلاتهم مع استخدام أقصى إمكانيات حديثة لإفقاد سيطرة الجانب الآخر على قواته.

ح. ويتطلب ذلك أيضاً تجهيز القيادات بخرائط دقيقة لمسرح العمليات مع الإلمام الدقيق بطبوغرافية الأرض، واستخدام كافة الوسائل في تحديد طرق الاقتراب بدقة، والتعرف السليم على الأهداف.

2. الهدف السياسي والأهداف الإستراتيجية لجولة يونيه 1967

في أعقاب جولة 1956 حدد مجلس الحرب الإسرائيلي الهدف السياسي للجولة القادمة ضد العرب ليكون تثبيت أركان دولة إسرائيل على الصعيد العالمي والإطار المحلي كخطوة مرحلية في الطريق المرسوم لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى وكان هذا يشكل هدفاً سياسياً مركباً تنبثق منه عدة أهداف سياسية عسكريـة تتبلور في إيقاع هزيمة بكل القوات المسلحة العربية المتاخمة لإسرائيل، كما توفر لإسرائيل مرحلة هدوء نسبي تالية تستغلها في تنمية قدرة الدولة بمعدل عال دون معوقات – كما تتسبب هذه الهزيمة في إجبار العرب على التوصل إلى حل سياسي لمشكلة فلسطين، وتوقيع معاهدات سلام مع إسرائيل.

3. مراحل تطور خطة الهجوم التي نفذت في يونيه 1967

مع التسليم بأن خطط العدوان كانت معدة من قبل إلا أن سير الأحداث جعل هذه الخطة تمر بمراحل ثلاث:

أ. في الفترة من 14 – 23 مايو – وكانت الرغبة الإسرائيلية ملحة في تنفيذ العدوان طبقاً للخطة المعدة من قبل – ولكن تصاعد الموقف، بسرعة جعل القادة السياسيون يتشككون في إحراز نجاح يتناسب مع أهدافهم .. ووصل هذا التشكك إلى درجة القلق على مصير إسرائيل نفسها، بينما كان العسكريون مصممون على الحرب … وقد مرت هذه المرحلة بمرحلتين فرعيتين، استهدفت الأولى منها تأمين الأوضاع على الجبهات الإسرائيلية المختلفة، والثانية استهدفت الرغبة في عمل عسكري محدود مع الالتزام بمهام الدفاع.

ب. بدأت عقب إعلان مصر إغلاق خليج ا لعقبة، وحتى نهاية شهر مايو 1967، وكانت تستهـدف القيام بعملية تعرضية محدودة لتحقيق بعض الأهداف السياسية العسكرية التي تأتي على رأسها مشكلة خليج العقبة (وقد شرح رئيس الأركان في هذا الوقت المخاطر التي قد تنجم عن العملية المحدودة) – مما أجل اتخاذ قرار بشأنها.

ج. استغرقت الأيام القليلة من شهر يونيه، وبعد أن نجح العسكريون في الضغط على رئيس الوزراء لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية – حيث صار التخطيط بكل أبعاده لشن الضربة الشاملة، تحت إشراف الجنرال "موشي ديان" الذي عين وزيراً للدفاع.

4. العوامل المؤثرة على اتخاذ قرار الحرب "من ناحية التوقيت"، وهناك عدة عوامل أهمها

أ. توالي إجراءات التنسيق العربي للدول المجاورة لإسرائيل بدءا من اتفاقية الدفاع المشترك السورية – المصرية، ثم الأردنية – المصرية يوم 30 مايو ثم التنسيق العراقي – الأردنـي يـوم 31 مـايـو، والتـي قـام بها الفـريق "عبدالمنعم رياض"، والسيد "زكريا محيي الدين"، ومعهم رئيس الأركان الأردني أثناء زيارتهم للعراق في هذا اليوم.

ب. توقع وصول القوات العراقية المدعمة للأردن (4 لواء وصل منهم لواء واحد فقط) يوم 5 يونيه.

ج. بدء تدفق القوات المصرية من اليمن إلى الجبهة مما اعتبرته القيادة الإسرائيلية نوعاً من قلب موازين الحسابات الإستراتيجية.

د. الرغبة في إحباط فاعلية الصفقة المصرية – الروسية المعقودة يوم 26 مايو أثناء زيارة وزير الحربية المصري إلى موسكو ومنعها من تغيير حالة المقارنة العامة السائدة وقتئذ (علماً بأن هذه الصفقة لم يكتب لها التنفيذ قبل الحرب).

5. فكرة العملية الهجومية وتطورها

استهدفت العملية أساساً الجبهة المصرية مع تثبيت الجبهات الأخرى، ولكن مع تطور القتال السريع لصالح القوات الإسرائيلية فقد شملت الخطة الجبهات الثلاث تباعاً وتلخصت في الآتي:

أ. توجيه ضربة جوية تستهدف تدمير الغطاء الجوي لدول المواجهة الثلاث، وتحقق السيادة الجوية للقوات الإسرائيلية.

ب. توجيه ضربة للقوات المصرية، واحتلال سيناء، والوصول إلى قناة السويس.

ج. بظهور بوادر النجاح على الجبهة المصرية توجه ضربة أخرى في اتجاه الجبهة الأردنية، لتحقيق أمل إسرائيل بالاستيلاء على الضفة الغربية لنهر الأردن.

د. وبعد وقفة تعبوية قصيرة، توجه الضربة الثالثة باتجاه الجبهة السورية، بهدف احتلال مرتفعات الجولان.

معنى ذلك أن الهدف الرئيسي للضربات الثلاث هو دفع قوات الدول العربية المحيطة بإسرائيل إلى الجانب البعيد من هيئات طبوغرافية وموانع طبيعية (قناة السويس – نهر الأردن – مرتفعات الجولان). لكي تستند إسرائيل في دفاعاتها القادمة على تلك الموانع وتحقق من خلالها أنسب مناطق أمنية وتحقق الاستيلاء على أراض "توراتية" في نطاق إنشاء دولة "إسرائيل الكبرى" الذي يمثل حلم الأجداد في إسرائيل.

6. الفتح التعبوي وتخصيص القوات للجبهات المختلفة

كان التخصيص الأولى للجبهات المختلفة يتحدد في الآتي:

أ. المنطقة الجنوبية "المسرح السينائي" – (ثلاث مجموعات عمليات) (أُنظر خريطة الخطة الإسرائيلية)

·   القائد: "الجنرال يشيعاهو جافيتش"

·   قادة المجموعات العملياتية:

·   المجموعة الشمالية: "العميد إسرائيل طال"

وتتكون المجموعة من لواء مشاة، ولواء مشاة ميكانيكي، ولواءين مدرعين، ولواء مظلات، وفوج استطلاع ميكانيكي.

واتجاه عمل المجموعة المحور الشمالي: رفح – العريش ثم غرباً حتى القنطرة شرق.

·   مجموعة المحور الأوسط: العميد إرييل شارون.

تتكون المجموعة من لواءين مشاة، ولواءين مدرعين، ولواء مظلات، وفوج استطلاع وتتحدد اتجاه عمل المجموعة على محور أم قطف – الحسنة – ثم غرباً.

·   مجموعة الكمين (المحور الجنوبي): العميد إبراهام يوفيه:

تتكون المجموعة من لواء مشاة ميكانيكي، ولواء مدرع وفوجين مدرعين. وفوج استطلاع يتحدد عمل المجموعة في تدمير الاحتياطي الإستراتيجي المصري في منطقة بير لحفن .. ثم تنطق غرباً إلى متلا وتستولي على خط المضايق.

·   الاحتياطي العام للجبهة يتكون من لواء مدرع، ولواء مظلات.

ب. المنطقة الوسطى: الجبهة الأردنية: (مجموعة عمليات)

·   القائد العميد: "عوزي ناركيس"

وتتكون من مجموعة عمليات من 3 لواء مشاة، لواء مدرع.

وقد انضمت على هذه الجبهة من بدء العمليات مجموعة عمليات من الجبهة السورية بقيادة العميد "ديفيد اليعازر" – كذلك لواء مظلات من الجبهة المصرية.

ج. المنطقة الشمالية "الجبهة السورية": (مجموعتين عمليات)

·   القائد: العميد "ديفيد اليعازر"

وتتكون من مجموعتين عمليات أحدهما بقيادة العميد "ديفيد اليعازر" (التي دعمت جبهة الأردن .. ثم انتقلت إلى الجبهة السورية).

وكل مجموعة تتكون من أربعة لواءات.

وطبقاً للحسابات .. فإن إسرائيل حشدت للعمل على الجبهة المصرية 13 لواء من جميع الأنواع، علاوة على 6 لواءات بنسبة 45 % من حجم قواتها المعبئة لخوض الحرب. وحشدت في اتجاه الجبهة الأردنيـة 9 لواءات بنسبة 30 % وحشدت في اتجاه الجبهة السورية 8 لواءات بنسبة 25 % من حجم القوات الإسرائيلية.

تطور هدف وفكرة العملية: بنجاح الضربة الجوية، وبدء انسحاب القوات المصرية من سيناء تغير هدف العملية، وكما حدده الجنرال "موشي ديان" في مذكراته فقد تلخص في الأهداف الآتية:

(1) تدمير أكبر حجم ممكن من السلاح السوفيتي في المنطقة (لأن ذلك يرضي الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب تأمين إسرائيل).

(2) تحطيم معنويات الجيش المصري وإذلاله حتى لا يقبل مرة أخرى أن يقاد إلى معركة ضد إسرائيل مهما كانت الظروف.

(3) الوصول بالهزيمة العسكرية إلى حد الإهانة حتى لا تعود مصر مهما كانت دعاويها أي مكان الصدارة في العالم العربي (الآن وإلى المستقبل المنظور).

(4) الجمع بين هذه العوامل كلها معاً بحيث تؤدي إلى إسقاط النظام "وجمال عبدالناصر" على رأسه، بحدوث ردود فعل غاضبة لدى الجماهير المصرية والعربية.

(5) بتحقيق ذلك فإن إسرائيل تستطيع أن تفلت بهدفها الأكبر في العملية كلها، وهو الضفة الغربية للأردن بما فيها القدس – دون أن تتعرض لأي ضغط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. ذلك لأنها سوف تعطي "جونسون" كل ما أراده، وبالتالي فهو لا يستطيع أن يحرمها في المقابل من كل ما تريده.

هل كانت إسرائيل لها أهداف في الضفة الغربية لنهر الأردن خلال جولة 1967 .. أم كان هدفها فقط جبهة سيناء "والتخلص من ناصر".

ينظر الغرب عموماً وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية لوضع الأردن على أنها أقرب الأنظمة العربية ارتباطاً بالغرب .. كما أن وضعها الإستراتيجي يجعلها منطقة عازلة بين الدول الغنية بالبترول والتي تمثل مصالح الغرب الإستراتيجية في "الشرق الأوسط" – وبين إسرائيل التي تمثل من "وجهة نظر دول البترول" المصدر الرئيسي للتهديد في المنطقة.

وقد كان واضحاً اهتمام بريطانيا في التأكيد على إسرائيل – أثناء الاتفاق على شن العدوان الثلاثي ـ أن لا تقوم بالهجوم على الأردن ـ كذلك كان تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل عام 67 بتجنيب الاعتداء على الأردن، والتركيز في اتجاه سيناء – ولكن إسرائيل كان لها هدف آخر، حاولت تجنب مناقشته مع الولايات المتحدة الأمريكية بقدر الإمكان .. وأرادت أن تنفذه عندما يصل حجم انتصارها إلى الدرجة المبهرة التي لا تضعها موضع المساءلة في هجومها على الأردن أو يتكرر ما حدث لها في عام 1956 ويذكر الأستاذ هيكل في كتاب "الانفجار" عدة شواهد لنية إسرائيل تجاه الضفة الغربية للأردن نوجزها في الآتي:

(1) إصرار إسرائيل على شن الحرب التي تبدأ بمصر بذريعة إغلاق خليج العقبة – والذي لم يكن بحجم التأثر الذي يخنق إسرائيل كما كانت تذكر .. ولكنها عندما تبدأ كان يجب أن تكون الجبهة المصرية هي الأولى حتى يقتنع الغرب بالهدف الإسرائيلي.

(2) أن تولى "القيادات التاريخية" لمنصب إدارة الحرب في إدارة "وزارة الوحدة الوطنية" كان يدل دلالة قاطعة على الاتجاه لتحقيق أحد الأحلام القديمة لإسرائيل للاستيلاء على الأراضي "التوراتية" والتي تمثل الضفة الغربية أهم أجزائها.

(3) أن قادة الجبهة الوسطى: الأردنية – الإسرائيلية "كانوا على عجلة من أمرهم في الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس ووصفوها بأنها "الحل الوحيد لفتح المضايق" – إلا أن الجنرال رابين "كما سنرى في إدارة الحرب" لم يصدر الأمر بالهجوم إلا عندما وجد أن حجم النصر على الجبهة المصرية سوف يقضي على أية معارضة في استكمال إسرائيل لتحقيق أهدافها.

(4) أن "ليفي أشكول" كان "يحلم" أثناء نومه بالاستيلاء على القدس وفي شهادة زوجته "مريام أشكول" عندما سألته عن مصدر الأرق الذي ينتابه أثناء النوم قال لها "أنني قلق لأننا قريباً جداً سوف نجد أنفسنا أمام أرامل وأيتام نتحمل مسؤوليتهم .. ثم قال ولكن عزائي الوحيد أننا سوف نستعيدها" .. ولما سألته عما هي قال "القدس .. سوف نأخذها .. كاملة".

ويقول الجنرال إسحاق رابين رئيس الأركان الإسرائيلي في ذلك الوقت:

كانت الخطة الأصلية تقضي بتوجيه ضربة حاسمة للقوات المصرية وقواتها المدرعة، واحتلال قطاع غزة والتقدم، نحو العريش دون تحديد عمق العمليات في سيناء. إلا أن الخطة تعدلت في يوم 25 مايو لتشمل الاستعداد للتقدم نحو قناة السويس وبعد تعيين "ديـان" وزيراً للدفاع أصدر تعليماته بعدم احتلال قطاع غزة خلال المرحلة الأولى للحرب تفادياً للقتال منذ البداية في المناطق الآهلة بالسكان، وأنه يجب احتلال شرم الشيخ في وقت مبكر عما هو محدد بالخطة .. ويضيف في حديثه .. إن عمق الهجوم كان يتوقف على نجاح الضربة الجوية ضد مطارات العدو (مصر). فإذا أمكن الحصول على السيطرة الجوية الكاملة، ونجحنا في المرحلة الأولى من الخطة، يمكننا توسيع نطاق العمليات بتدمير قوات الجيش المصري في كل سيناء، وليس المحور الشمالي فقط (رفح – العريش).

وكنت أتوقع أنه في حالة اشتراك سورية والأردن في الحرب فإني أشك في قدرتنا على احتلال كل سيناء، ولكنني كنت مقتنعاً بقدرتنا على توجيه ضربة حاسمة للجيش المصري. وقبل تحركات الدبابات للهجـوم .. وضعنا مصيرنا في أيدي السلاح الجوي الذي كان عليه تدمير الطائرات المصرية على الأرض حتى يصبح لنا السيطرة الجوية … وقبل الهجوم – وبعد الحرب – كنت أسأل نفسي كثيراً: ماذا كان يحدث لو كانت الضربة الجوية ضد مصر استغرقت وقتاً أطول من ثلاث ساعات. وقام الطيران السوري والأردني بمهاجمة إسرائيل، بينما كل مقاتلاتنا فوق مصر ؟؟!!! لقد كان الاعتماد الكلي على المبادأة التي توفر مزايا للجانب المهاجم الذي يحتفظ بها خصوصاً بالنسبة للحصول على السيطرة الجوية، والمحافظة عليها، لأن ذلك يعني تسهيل عمل القوات البرية والبحرية".

ثانياً: خطة الخداع الإسرائيلية

تركزت خطة الخداع الإسرائيلي في اتجاهين رئيسيين، وهما تضليل القيادة المصرية عن اتجاه الضربة الرئيسية – وإخفاء توقيت الهجوم.

وعن التضليل في تحديد اتجاه الضربة الرئيسية: فإن إسرائيل أوحت للقيادة المصرية بأن الضربة ستوجه من اتجاه المحور الجنوبي في اتجاه شرم الشيخ، وسربت معلومات عديدة عن حشود وتحركات وخلافه .. وكانت القيادة المصرية مستعدة لتقبل هذه المعلومات نظراً لتطور إجراءات إغلاق خليج العقبة، وما صاحبه من إجراءات دولية (مثل تكوين قوة بحرية دولية لفتح الملاحة في الخليج بالقوة) أو منع السفن الإسرائيلية أو التي تحمل مواد إستراتيجية لإسرائيل من المرور، وخلافه وقد بدأ تقدير القيادة المصرية للحشد الإسرائيلي في اتجاه الجنـوب اعتباراً من يوم 26/5/1967 بناء على معلومات مخابرات، واستمرت هذه المعلومات في التدفق – لدرجة أن الرئيس "عبدالناصر"، وجه سؤالاً إلى قائد الجيش الأردني المصاحب للملك حسين يوم 30/5 عن معلوماته عن الحشود الإسرائيلية في الجنوب. "والتي وصلت إلى 500 دبابة" فصدق قائد الجيش على هذه المعلومة. وقد أدت تلك المعلومات إلى اتخاذ قرار مصري بتركيز الجهود الرئيسية على المحور الجنوبي .. مما ساعد على سرعة اختراق القوات الإسرائيلية التي كانت تحتشد للهجوم فعلاً من الاتجاه الشمالي والأوسط.

1. أما عن التوقيت ونية الحرب

أ. فقد صرح "موشي ديـان" "الذي تعين وزيراً للدفاع منذ ثلاثة أيام فقط" في مؤتمر صحفي يوم 3 يونيه، "أن الوقت تأخر كثيراً للقيام برد فعل عسكري تلقائي ضد الحصار الذي فرضته مصر على مضيق تيران، وأن الوقت لا يزال مبكراً للغاية لاستخلاص أية آراء من النتيجة المحتملة للعمل الدبلوماسي – وأن الحكومة قبل أن نصبح عضواً فيها كانت تسير في طريق العمل الدبلوماسي، ولا بد من أن نتيح لها الفرصة ..".

ب. وفي مساء الجمعة الثاني من يونيه، زار المراسل الصحفي لجريدة "إيفننج نيوز أوف ذي ورلد" الجنرال موشي ديان في بيته في "زجالا" على مشارف تل أبيب، وسأله أليس صحيحاً أن إسرائيل قد فاتتها الفرصة، ولم يعد باستطاعتها أن تتصرف. وأن النتيجـة سوف تحدد في الجو، حيث تغير التوازن الإستراتيجي قليلاً .. فأجاب وزير الدفاع "إن النظر إلى الأمور قلما تكون بين طريقين لا ثالث بينهما، بل يغلب عليها الرأي الوسـط – وليس من المرجح أن يحقق أي طرف من الطرفين تفوقاً جوياً شاملاً".

ج. قامت الحكومة الإسرائيلية بدور في الخداع – لتخفيف حدة التوتر بطريقة محسوبة – حيث صدر عقب اجتماعات مجلس الوزراء الذي اتخذ فيه قرار المبادرة بالحرب .. بياناً لنشره في الصحف التي تصدر صباح يوم 5 يونيه، ولم يتضمن البيان سوى جدول أعمال عادي يضم مسائل، مثل إجراءات سندات جديدة، والتصديق على اتفاقية ثقافية مع بلجيكا.

د. وفي اليوم السابق للحرب – 4 يونيه – تلقت مكاتب الصحف في أنحاء العالم صوراً فوتوغرافية للقوات الإسرائيلية، وهم يقضون عطلتهم – استرخاءاً على الشواطئ – وقد سمح لعدة آلاف من الجنود الإسرائيليين بالحصول على إجازات في نهاية الأسبوع.

2. هل خدعت القيادة المصرية من هذه الإجراءات؟

لا شك أن الإجراءات الإسرائيلية، منذ بداية الأزمة خدعت القيادة المصرية ليس بالإجراءات فقط، ولكن لأن المخابرات المصرية كانت تعتمد على مصادر محدودة المستوى "الاستخباراتي" ـ وليست صادقة ـ بل ربما يكون بعضها عميل مزدوج يتلقى تعليمات محددة من إسرائيل .. ويدل على ذلك:

أ. أن تقرير الاستخبارات يوم 17/5/1967 ورد فيه: "أن الروح المعنوية للشعب الإسرائيلي منخفضة، وهناك حالة منتشرة من الخوف والتساؤل" (وهذا تقرير غير صحيح ويدلل على حالة خاطئة بالنسبة للشعب الإسرائيلي .. تعكس انطباعات غير سليمة على قواتنا المسلحة).

ب. تقرير ا لمخابرات يوم 19/5/1967 .. ورد فيه: "الأحداث التي جرت في المنطقة قللت فرص إسرائيل في تحقيق المبادأة ودفعها إلى اتخاذ موقف التريث والحذر" … وهذا غير صحيح ويؤدي إلى الاستهانة بقوة العدو.

ج. تقرير الاستخبارات يوم 21/5/1956 – ورد فيه "ظهر نشاط نقل جوي إلى الجنوب – جنوب النقب ـ والظروف الراهنة ليست ملائمة من وجهة نظر إسرائيل لشن عمليات شاملة نظراً لفقدها عامل المبادأة والمفاجأة ـ علاوة على حاجتها الماسة إلى الدعم العسكري الخارجي … "وبدأ هذا التقرير يجذب نظر القيادة المصرية إلى المحور الجنوبي .. علاوة على أنها تحوي معلومات غير صحيحة عن إسرائيل …".

د. شمل تقرير الاستخبارات يوم 24/5/1967 عن مقارنة لقواتنا وقوات العدو على الجبهة. وذكرها التقرير الآتي:

القوات الإسرائيلية

القوات المصرية

السلاح

1

3

المشاة

1

3

المدرعات

عدد غير معروف

1000

المدفعية "بالقطعة"

وبينما كانت النسب الحقيقية التي عرفت فيما بعد هي:

القوات الإسرائيلية

القوات المصرية

السلاح

1

0.59

المشاة

1

0.6

المدرعات

1

2

المدفعية

1

0.4

طائرات

1

0.37

طيارون

1

صفر

مركبات جنزير

1

صفر

مركبات نصف جنزير

هـ. تقرير الاستخبارات يوم 26/5/1967 (وكان هذا التقرير هو أخطر التقارير التي جذبت تقديرات القيادة المصرية في اتجاه المحور الجنوبي، وأثر تماماً على القرار المصري) .. وقد ورد بالتقرير: اهتمام إسرائيل بمنطقة إيلات، وجمع قوات إضافية بها، وأن حجم القوات الإسرائيلية فيها وصل إلى (3 ألوية مدرعة – 3 لواءات مشاة – لواء ميكانيكي – لواء مشاة احتياط – 2 كتيبة مدرعة) (وللأسف كانت الحقيقة هي وجود لواء ميكانيكي واحد فقط) واستمرت التقارير بعد ذلك تضيف عناصر جديدة في الاتجاه الجنوبي.

و. تقرير الاستخبارات يوم 1/6/1967 – ورد فيه: "عزم العدو الوشيك على القيام بعملية تعرضية هجومية ضد الاتجاه الجنوبي – واحتمال إسقاط جوي معادي جنوب الكونتلا" .. وقد أدى هذا التقرير إلى صدور التعليمات إلى القوات في الجبهة للاستعداد لصد الهجوم، وأجريت العديد من التغييرات في الخطة الدفاعية.

ز. تقرير الاستخبارات يوم 2/6/1967 .. اتجه إلى عكس التقرير السابق تماماً. حيث ورد فيه: "أن إسرائيل لن تقدم على عمل عسكري تعرضي "هجومي وأن الصلابة العربية الراهنة ستجبر العدو بلا شك على أن يقدر العـواقب المختلفة المترتبة على اندلاع شرارة الحرب في المنطقة".

ح. تقرير الاستخبارات يوم 3/6/1967 "وكان أول تقرير حقيقي بعد طلعة استطلاع جوي ناجحة حيث حدد أن المحور الجنوبي يتمركز فيه لواء ميكانيكي وكتيبة دبابات وكتيبة "ناحال" فقط.

(وبرغم ذلك لم تحاول القيادة تعديل قرارها أو إستراتيجية الدفاع عن سيناء بناءا على هذا التقرير – وظل الوضع على ما هو عليه).