إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب عام 1967، من وجهة النظر المصرية




المقدم جلال هريدي
الفريق أول صدقي محمود
الفريق عبدالمنعم رياض
الفريق عبدالمحسن مرتجي
الفريق عزت سليمان
شمس بدران
سامي شرف
شعراوي جمعة
عبدالحكيم عامر

أوضاع القوات المصرية والإسرائيلية
معركة أم قطف الثانية
معركة رفح
معركة كمين بير لحفن
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الخطة الإسرائيلية للضفة الغربية
الخطة الإسرائيلية للقدس
الضربات الجوية الإسرائيلية
الضربة الجوية الإسرائيلية
القتال داخل القدس
توزيع المجهود الجوي الإسرائيلي
توزيع القوات السورية
توزيع قوات الطوارئ الدولية
تسلسل الضربات الرئيسية الإسرائيلية
تسلسل الضربة الجوية الأولى
خطة الدفاع الرئيسية لسيناء
خطة استخدام الطيران الإسرائيلي
سيناء بعد انسحاب الطوارئ

هجوم اللواء الجولاني
مراحل الهجوم الإسرائيلي
الهجمات الإسرائيلية على الأردن
الهجوم الإسرائيلي
الخطة الإسرائيلية
الخطة الإسرائيلية للهجوم
توزيع القوات الأردنية
توزيع القوات المصرية
خطة الهجوم على الجولان



حرب عام 1967

المبحث السابع

الحرب على الجبهة المصرية "مرحلة الاشتباكات"

ما بين الساعة الثامنة وحتى الساعة الحادية عشر والنصف من صباح يوم الاثنين 5 يونيه 1967، كانت معركة الستينات ضمن الصراع الهائل في الشرق الأوسط وعليه – قد بدأت وانتهت بهزيمة مؤلمة لمصر وللأمة العربية كلها.

والحقيقة أن الذي يتابع مجرى الصراع في الشرق الأوسط – منذ بدأت إسرائيل تقوم بدور رئيس فيه، وبهدف استنزاف طاقة مصر والأمة العربية وتطويع إرادتهما – لا يستطيع إلا أن يلاحظ أنها كانت معركة متجددة تفرض نفسها على امتداد الحقب الأربع التي تلت الحرب العالمية الثانية، وأن المعارك بين العرب وإسرائيل تركزت كلها في نفس المواقع واحدة بعد واحدة، حقبة بعد حقبة.

ومع ذلك فإن معركة الستينيات – 1967 – تبقى أخطر معارك الحرب في الشرق الأوسط. كما أنها أكثرها إثارة وأشدها ضراوة وأبعدها تأثيراً وأحفلها بالمفاجآت. وبالتأكيد فقد كانت المفاجأة الكبرى والحاسمة فيها هي قصر المدة التي استغرقتها المعركة. والتي لم تزد في الواقع عن (ثلاث ساعات ونصف). من الساعة الثامنة إلى الساعة الحادية عشر والنصف من صباح يوم الاثنين 5 يونيه 1967.

وكانت هذه المدة القصيرة (ثلاث ساعات ونصف) هي لحظة الزمن التي استغرقتها الضربة الجوية الإسرائيلية والتي جاءت ضربة قاضية .. أدت مباشرة إلى نتيجتين.

الأولى: أن القيادة العسكرية المصرية فقدت أعصابها وتوازنها. وهذا هو الهدف الأول لفكرة الحرب الخاطفة.

والثانية: أن الجيش المصري أصبح في وضع عسكري لا يطاق، فبدون غطاء من طائراته، ومع سيطرة كاملة على الأجواء للعدو، وفي صحراء مكشوفة. فإن القتال لا يعد قتالاً، وإنما يتحول إلى قتل مهما كانت شجاعة الرجال.!

وكانت الخطة الإسرائيلية سنة 1967 هي نفس خطة 1956. والخطط في العادة لا تتغير لأنها محكومة بالجغرافيا، وإنما تتغير أساليب القتال والتحركات وملابسات الخداع، والمفاجأة .. ألخ.

وعلى سبيل المثال فإن خطة غزو فرنسا سنة 1940 كانت هي نفسها خطة الجنرال "شليفين"[1]، وضع خطة تمكن ألمانيا من شن حرب ظافرة على جبهتين، وهذه الخطة تقضي بأن توجه الألمان الكثرة العظمى من قواتهم نحو الغرب والالتفاف حول فرنسا من طريق بلجيكا وهولندا حتى إذا تم لهم إنزال الهزيمة الخاطفة بالقوات الفرنسية ارتدوا إلى مقاتلة الروس في الجهة الشرقية، أثناء حرب السبعين، ولكن الطيران والدبابات كانت هي التي قامت سنة 1940 بمهمة المدفعية والخيالة في خطة سنة 1870

ولم تكن الخطة الإسرائيلية سنة 1967 مجرد استلهام لخطة 1956، وإنما كانت إعادة لها بالنص، خصوصاً بعد أن تمكنت إسرائيل من الحصول على ملف عمليات الطيران البريطاني أثناء الغزو الثلاثي بواسطة "جيمس أنجلتون" (الاستخبارات المركزية الأمريكية) بالترتيب مع إدارة "M. 16" (الاستخبارات البريطانية) – أثناء فترة الإعداد لضربة "اصطياد الديك الرومي"! (أُنظر خريطة مراحل الهجوم الإسرائيلي)

وكان "عيزرا وايزمان" ـ قائد الطيران الإسرائيلي الذي انتقل ليصبح مديراً للعمليات سنة 1967 هو الذي استلم الخطة البريطانية، وقال في مذكراته أنه لسنوات كان يعيش مع الخطة، ويحلم بها ويدرب رجاله عليها. وقد تولى مع عدد من مساعديه مهمة ترتيبها لملاءمة الأوضاع المستجدة ثم تسلم الخطة منه نائبه وخلفه في قيادة الطيران الجنرال "موردخاي هود".

والواقع أن إسرائيل استعدت لهذه الحرب جيداً، وعاونتها ـ بكل إمكانياتها ـ الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كان النقيض على الطرف الآخر حيث كانت تعم الفوضى التخطيط ويسود التفرق ـ ليس على المستوى الإقليمي ـ لكن داخل الوطن الواحد نفسه ـ وربما يكون استقلال كل سلاح رئيس "القوات الجوية، والبحرية، والبرية" بنفسه، وهو أكبر دليل على ذلك.

ومن المحقق أن مصر ـ سواء قدرت ذلك قيادتها السياسية أو لم تقدره ـ كانت في وضع لا يسمح لها مهما فعلت، بالانتصار في معركة الستينات، نظراً لحجم التعاون الأمريكي لإسرائيل فيكفي حجم معلومات الاستخبارات الأمريكية التي أعطيت عن مصر من جميع النواحي الإستراتيجية شاملة لما هو عسكري واقتصادي وسياسي.

وكانت الشفرات المصرية الحربية والمدنية مكسورة ومفتوحة ومقروءة للولايات المتحدة، وبالتالي، فقد كانت على علم كامل بالنوايا المصرية وبالخطط وبالتحركات وبالاتصالات، وبكل ما يمكن أن يعتبر سراً يستحق الحرص عليه.

وأكثر من ذلك فإن الاستخبارات المركزية الأمريكية كانت مستعدة لأن تعطي إسرائيل أكثر مما تقول بتوجيهات الرئيس الأمريكي إلى حكومته الخفية.

ولم تكن الاستخبارات هي وحدها المجال الذي اقتصرت عليه الإمكانيات الأمريكية الضخمة، وإنما كان هناك أيضاً مجال إمداد السلاح ـ وبالتوازي مع إمداد السلاح ـ بعد الإمدادات بمعلومات الاستخبارات ـ فقد كانت الحكومة الخفية في الولايات المتحدة الأمريكيةتقود بنفسها عمليات استهلاك السلاح المصري في معارك اليمن.

وتظهر تقارير الاستطلاع البحري واقعة لم يتيسر تفسيرها أو فسرت خطأ في وقتها، وهي اقتراب اثنين من حاملات الطائرات الأمريكية من شواطئ إسرائيل إلى درجة أعطت الانطباع بأنهما شاركتا في العمليات الجوية على الجبهة الأردنية، ثم كشفت المصادر الأمريكية بعد ذلك الحقيقة، ولم تكن الحقيقة أقل خطراً من الاشتراك في العمليات.

كانت خطة العمليات الإسرائيلية التي استقر عليها الرأي بعد أن تم الاتفـاق في البيت الأبيض، أن تبدأ إسرائيل أولاً ثم يلحق بها "جونسون" ـ وهنا تظهر ثغرة واحدة، وهي ثغرة الفترة ما بين الساعة الثامنة والتاسعة من صباح يوم 5 يونيه 1967، كان الخوف أن يتسرب شيء (عن طريق السوفيت أو غيرهم) إلى مصر حول موعد الضربة الجوية الأولى، ومن ثم يكون في مقدور الطيران المصري أن يقوم في نفس الوقت بغارات على المطارات الإسرائيلية بقصد تدمير مدارجها، فإذا ذهبت الطائرات الإسرائيلية إلى ضرب المطارات المصرية وجدتها خالية لأن الطيران المصري هناك فوق إسرائيل. فإذا عادت الطائرات الإسرائيلية بعد غاراتها إلى مطاراتها وجدت مدارجها مضروبة فاستحال عليها النزول في حين أن الطائرات المصرية إذا وجدت نفسها في هذا الموقف استطاعت أن تنزل في مطارات أردنية أو سعودية أو سودانية.

وهكذا بدا لواضعي الخطة أن ثغرة الساعة المكشوفة لا بد من تغطيتها، وكانت هذه هي المهمة التي تولت تحقيقها حاملتا الطائرات "أمريكا" و"ساراتوجا" فقد وقفت الأولى في مقابل ميناء حيفا شمالاً، والثانية أمام ميناء أشدود الجنوبي، ثم قامت أسرابهما بنشر مظلة حماية جاهزة وليست فقط لتأمين القواعد الإسرائيلية – وإنما أيضاً لتأمين أية أهداف داخل إسرائيل قد تُغير عليها في تلك الساعة أية طائرات عربية.

أولاً: مرحلة الاشتباكات

أجمع المراقبون والكتاب والمعلقون على أن الاعتداء الإسرائيلي بدأ بضربة جوية على جميع القواعـد المصريـة الجوية في حدود الساعة الثامنة وخمسة وأربعين دقيقة من صباح يوم الاثنين 5 يونيه 1967. دمرت فيها معظم الطائرات وهي جاثمة على الأرض، وأتلفت ممرات المطارات بالفجوات العميقة التي أحدثتها القنابل التي ألقتها الطائرات المغيرة.

وفي الواقع أن هذا القول صحيح بصفة عامة ولكنه غير دقيق بالقدر اللازم لتُجمع عليه كافة المصادر، إذا حدث أن هجوماً برياً قد وقع في الساعة السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم قامت به طلائع القوات الإسرائيلية على المحور الأوسط في سيناء وتم فيه احتلالها لموقع متقدم داخل حدودنا كان يدافع عنه سرية من المشاة مدعمة في منطقة أم بسيس الأمامية، أي قبل الهجوم الجوي الكاسح بحوالي تسعين دقيقة.

والغريب في الأمر أن هذا الهجوم لم يأبه له القادة المحللـون، بل لم يعتبروه حدثاً هاماً ينبئ عن أحداث أكثر جسامة لا بد أن تقع في أعقابه، وما لبث أن قلت أهميته بالنسبة للهجمات الجوية في الساعة التاسعة إلا ربعاً بتوقيت القاهرة، ثم اختفى هذا الحـادث نهائياً بعد أن أصبح جزءاً من الهجوم البري الكبير الذي استهدف منطقة أبي عجيلة كمرحلة أولى من مراحل تدمير قواتنا على المحور الأوسط والوصول إلى قناة السويس شرقي مدينة الإسماعيلية.

وإذا ناقشنا هذا العمل تفصيلياً، نجد أن إسرائيل قد بدأت الحرب ضد مصر في الساعة السابعة والنصف من صباح يوم 5 يونيه باجتيازها خط الحدود وهجومها على الموقع الأمامي في أم بسيس، واستيلائها عليه بعد اشتباك قصير بالنيران.

ويجدر بنا أن نشير إلى ما كان يشغل بال القادة مساء يوم 4 يونيه. في هذا اليوم أبلغت قيادة الجبهة بأن المشير "عبدالحكيم عامر" سيزور قواتها في اليوم التالي، وكان من الطبيعي أن يستعد القادة لهذه الزيارة، فيجهز كل منهم تقريراً عن حالة قواته وتعليقه على الدور الذي سيقوم به في المعركة، خاتماً هذا التقرير بالاقتراحات التي يراها، حتى يقوم بواجبه على أحسن وجه، وعُملت الترتيبات ليكون القادة باستقبال قائدهم العام عند هبوط طائرته بمطار تمادا، وتنفيذاً لهذا وضماناً له، استخدمت الطائرات الهليكوبتر في نقلهم في مواقعهم الممتدة على طول جبهة القتـال المتسعة في الصباح الباكر من يوم 5/6، وفعلاً اكتمل عددهم بالمطار قبل الساعة الثامنة والنصف وانتظروا من هذا الوقت وصول طائرة المشير وصحبه.

وفي نفس الوقت تقريباً كان في منطقة فايد، الواقعة غرب القناة وجنوب مدينة الإسماعيلية بحوالي 50 كم، موقف متشابه حين أعدت الترتيبات لاستقبال طائرة أخرى تقل السيد حسين الشافعي، وبصحبته السيد طاهر يحيى نائب رئيس الوزراء العراقي وقتئذ والوفد المرافق لهما. لذلك صدرت الأوامر بتقييد وسائل الدفاع الجوي، وقد لعب هذا الموقف دوراً كبيراً في مستقبل الأحداث وساعد على خلق ظروف غير مواتية للدفاع عن سماء مصر.

ولاستكمال دراما الحدث – فقد اختير هذا اليوم بالذات للاحتفال بالوحدات العربية التي قدمت إلى مصر – للاشتراك الرمزي في المعركة .. حيث كانت بعض القيادات المصرية تقف على محطة سكة حديد العريش تستقبل الفوج الكويتي "المغاوير" الذي وصل بالقطار في نفس توقيت بدء الضربة الجوية.

والغريب أنه في نفس الوقت تقريباً، بدأت الطائرات الإسرائيلية المعادية قيامها من قواعدها، متجهة إلى أهدافها المختلفة في مصر، الأمر الذي ظهر معظمه واضحاً على شاشات الرادارات في الجبهة الأردنية. فأسرعت بتبليغ هذه المعلومات لاسلكياً إلى كل من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، وفي نفس الوقت إلى قيادة قواتها الجوية، وكان من الممكن أن تكون هذه البرقية نقطة تحول لصالحنا في تاريخ المعركة لو أنها وصلت في الوقت المناسب، ولكن القدر من ناحية، والإهمال من ناحية أخرى، وعدم أخذ الأمور بالجدية اللازمة من ناحية ثالثة، حالت دون الاستفادة من هذه المعلومات الثمينة، بل التي لا تقدر بثمن، ومن الطبيعي أن ترسل الرسالة مشفرة، ولكن قد تغير مفتاح الشفرة في الدقائق الأولى من 5 يونيه 1967، ولم يتمكن من استقبلها في القاهرة من فك رموزها، حيث أنه استخدم مفتاح الشفرة عن الفترة التي سبقت يوم 5 يونيه 1967 بجهل وإهمال شديد.

وهكذا بدأت مرحلة الاشتباكات في معركة الأيام الستة رسمياً، بداية لم تكن متوقعة، وكانت الدقائق الأولى فيها حاسمة إلى أبعد الحدود، فالقائد العام كان بين السماء والأرض ومعه قائد القوات الجوية وكبار المعاونين، وقائد الجبهة، وقادة التشكيلات كانوا بعيدين عن مراكز قيادتهم، والجنود في وحداتهم لا يأتمرون إلا بأوامر صغـار الضباط الذين بقوا معهم. ومع ذلك وفوق ذلك كله فقد أخذت قواتنا الجوية على غرة، وبطريقة قاتلة أدت إلى تدمير معظم الطائرات في جميع المطارات، ناهيك عما أصاب الممرات نفسها من تلف يستدعي إصلاحه وقتاً ثميناً، وتعتبر عملية الإصلاح السريع نفسها عملية فدائية بعد أن أسقط العدو في كل مطار بعض القنابل الزمنية غير المعروف ميعاد انفجارها.

وحتى يمكن تلخيص أحداث الحرب فيتم صياغتها وتقسيمها بأسلوب يوميات المعركة على الجبهات المختلفة، ولكن التقسيم سيكون بالجبهات حيث أن كل منها منفصل عن الآخر وتمثل معركته معركة مستقلة بذاتها (مع ملاحظة أن التوقيتات ستحسب على توقيت مصر وهو يسبق إسرائيل والأردن وسورية بساعة، ويسبق توقيت نيويورك بسبعة ساعات، ويسبق توقيت جرينتش بساعتين).

ثانياً: المعارك على الجبهة المصرية " الاثنين 5 - الجمعة 9 يونيه 1967

بداية يوم 5 يونيه كانت شبه عادية، ولو أنها حملت بعض الإشـارات التي لم تفهمها القيادة المصرية ـ أو تجاهلتها ـ فبعد أول ضوء كانت طلعات المظلات الجوية المصرية "الروتينية" بعدها وفى حوالي الساعة الثامنة صباحا تم تقييد نيران الدفاع الجوى تمهيدا لإقلاع طائرة المشير عامر إلى تمادا، وطائرة السيد حسين الشافعي إلى مطار فايد.

ثالثاً: سبب اختيار إسرائيل يوم 5 يونيه لهجومها

1. عدم الاستمرار في التعبئة لمدة طويلة – حيث تؤثر التعبئة الشاملة بشكل حاد على اقتصاديات إسرائيل، واستمرار الحياة اليومية الطبيعية فيها. ونظراً لأن التعبئة ستنتهي في يوم 4 يونيه، وأن إسرائيل لا يمكنها أن تستمر في حرب لمدة طويلة، فقد سارعت بأن يكون 5 يونيه هو بداية الحرب.

2. كما أن يوم السبت يسبب مشاكل خاصة بالعقيدة الدينية اليهودية المتزمتة للمتطرفين من مذاهب اليهود والذين يمتنعون عن أداء أي عمل في هذا اليوم.

3. الحصول على المفاجأة الكاملة التي من ضمن عناصرها وجوب الحصول على السرية التامة بمختلف الوسائل، والتي منها إخفاء ما اعتزمته وشيكاً من عمل عسكري عن سفارات الدول الأجنبية التي كانت تترقب كل حركة بسبب تصاعد التوتر في المنطقة، وحيث أن يوم الأحد هو يوم عطلة في جميع السفارات، فإن يوم الاثنين يكون مناسباً.

4. احتمال علم الإسرائيليون بزيارة المشير عامر يوم 5 يونيه للجبهة والذي أعلن قبلها بيومين ليضع الخطوط النهائية للمعركة المرتقبة ويعيد تنظيم التعاون، يجعل هذا اليوم مناسباً، وكذا لاستغلال فرصة التعلق لدى القوات لعدم الاستقرار على القرار النهائي والهدف الواضح.

5. التوقع بأن تصل طلائع القوات العراقية البرية إلى جبهة الأردن اعتباراً من صباح يوم 5 يونيه 1967، والكويتية إلى سيناء في نفس الوقت، وعدم إعطائهم الفرصة لإعادة التجمع وتنسيق جهودها.

6. علاوة على ما سبق ذكره هناك بعض العوامل التي ساعدت على اختيار هذا اليوم منها:

أ. عدم إعطاء فرصة للجبهات العربية لتنسيق الأعمال العسكرية المشتركة بينها ضد إسرائيل، بعد أن تم توقيع اتفاقيات الدفاع المشترك مع الأردن والعراق.

ب. عدم إعطاء الفرصة لفتح مركز القيادة المتقدم للقيادة المصرية الأردنية المتحالفة في عمّان.

ج. بدأ وصول قوات عراقية وجزائرية وسودانية وليبية إلى مصر قد يؤدي إلى خلل في التوازن.

د. بدء نقل بعض القوات المصرية من مسرح اليمن إلى سيناء وهو يؤدي إلى خلل في التوازن.

هـ. توقع وصول الصفقة المصرية الروسية المعقودة يوم 26 مايو، ووصولها قد يغير كذلك في توازن القوى.

رابعاً: أوجه الشبه بين يومي الهجوم في حرب 56، وحرب 67

في الحديث عن أوجه الشبه نجد أن أحداث الأيام الخمسة السابقة على الهجوم في عام 56 تشابه في جملة تفاصيلها مع عام 67 انطلاقاً من يوم 31 مايو 1967 حيث شكلت وزارة الحرب الإسرائيلية وفرضت التعبئة الشاملة يوم أول يونيه 1967 وازدياد النشاط السياسي الإسرائيلي ووجه الشبه يتلخص في الآتي:

1. التعبئة الشاملة تعلنها وزارة الحرب.

2. بدء الحرب في مدى خمسة أيام من إعلان التعبئة، حيث بدأت صباح يوم الاثنين 5يونيه مثلما بدأت مساء يوم الاثنين 29 أكتوبر 1956 بعد عقد جلسة وزارة الحرب يوم 25 أكتوبر 1956.

3. أن بدء الحرب يكون يوم الاثنين.

4. أن إعلان التعبئة الشاملة لإسرائيل تعني العزم الأكيد على شن الحرب.

5. ازدياد النشاط السياسي الخداعي في الفترة السابقة للعدوان مباشرة لتخفيف حدة الأزمة ظاهرياً، بغية إخفاء التحضيرات للغزو المسلح وكذا نية الهجوم الوشيك.

خامساً: ميزان القوى العسكري عشية بدء الحرب

القوات المصرية

تضم نحو 190 ألف مقاتل

القوات البرية

 

القوة البشرية

تقدر بنحو 160 ألف مقاتل.

الدبابات

نحو 1000 دبابة من أنواع "ستالين 3"، "ت 34"، "ت 55"، فضلاً عن نحو 30 دبابة "سنتوريون"، 20 "ام أكس – 13" وبعض الدبابات البرمائية الخفيفة "ب – ت 76"

المدافع

1000 مدفع ذات أعيرة 100مم، 122مم، 152مم، وقوازف متعددة السبطانات لصواريخ "كاتيوشا" ذات عيارات مختلفة، وحوالي 150 مدفعا ذاتي الحركة "س يو - 100"، "س يو - 152"، ومئا ت من المدافع المضادة للدبابات عيار 57مم، 85مم، 107مم، عديم الارتداد، وهاونات عيار 120مم، 160مم، ومئات من المدافع المضادة للطائرات عيار 37مم، 57مم .

ناقلة جنود مدرعة

نحو 1160 أنواع "ب ت ر – 40"، و"ب ت ر – 152"، و"ب ت ر – 50".

صواريخ أرض - جو

نحو 120 صاروخ "سام – 2".

القوة الجوية

 

مقاتلات

نحو 120 مقاتلة "ميغ 21"، 40 "ميغ 19"، 180 "ميغ 17،15".

مقاتلة قاذفة

20 "سوخوي"، 30 "قاذفة قنابل متوسطة ت يو 16"، و40 قاذفة قنابل خفيفة "اليوشن 28".

هليكوبتر

نحو 60 "مي 2"، "مي 4"، "مي 6".

طائرات نقل

نحو 90 "اليوشن 14"، و"أنتينوف – 12"

القوة البحرية

 

مدمرات

تضم 6 مدمرات (4 منها سوفيتية من طراز "سكوري"، 2 بريطانيتين.

غواصات

12 غواصة (سوفيتية الصنع)

زوارق طوربيد

43 زورق طوربيد (سوفيتية الصنع ويوغسلافية)

القوات الإسرائيلية

تضم نحو 260 ألف مقاتل "عند استكمال التعبئة") وأمام الجبهات الثلاث

القوة البرية

 

الدبابات

لديهم عدد يتراوح بين 1200، 1400 دبابة من أنواع "سنتورين"، و"باتون م – 48"، و"ام أكس – 13"، و"سوبر شيرمان".

ناقلات الجنود المدرعة

عدة مئات أنواع من "م – 2"، "م – 3".

المدافع

عدة مئات من المدافع المختلفة من عيار 25 رطل/ و105 مم، 155 مم الميدانية والهاوتزر والهاونات الثقيلة 120 مم، 160 مم، 57 مم، 17 رطل، 106 عديمة الارتداد،و90 مم وكلها مضادة للدبابات، 20 مم، 30 مم، 40 مم، مضادة للطائرات.

صواريخ أرض - جو

نحو 50 صاروخاً من طراز "هوك".

القوة الجوية

تضم نحو 300 طائرة حربية

المقاتلات والمقاتلات القاذفة

تضم 92 طائرة "ميراج 3 س"، 24 "سوبر مستير"، و50 "مستير 4"، و25 فوتور 2"، و48 "أوراغان"، و60 "فوجا ماستر".

هليكوبتر

25 طائرة.

طائرات نقل

40 طائرة.

القوة البحرية

 

مدمرات

3 مدمرات.

فرقاطة

1 مضادة للغواصات.

غواصة

2 غواصة.

سفن حراسة

2 سفينة حراسة ساحليتين.

زوارق طوربيد

12 زورق طوربيد.

سادساً: إنذاران بهجوم العدو لم يتم استغلالهما

1. الإنذار الأول

من مكتب مخابرات العريش. تم تبليغه الساعة السابعة صباحا إلى مكتب وزير الحربية، يفيد" تجمعت لدى الدوريات الأمامية لوحدات نطاق الأمن، مشاهدات أنوار وسماع أصوات عربات جنزير في مناطق فتح وحدات العدو واستعداده للهجوم حوالي الساعة الرابعة من صباح يوم 5 يونيه 1967" .. وكـان إرسال التبليغ إلى مكتب الوزير يمثل إجراءاً روتينياً .. ولكن التصرف في البلاغ تم بالأسلوب الخاطئ وبلا وعى، حيث أرسل إلى مكتب المشير عامر (وكان وقتها لا يزال نائماً) – ولم يرسل البلاغ إلى هيئة العمليات .. وهى الجهة الرئيسة للتصرف إلا الساعة 9.40 بعد أن كان الهجوم قد بدأ من فترة .. في نفس الوقت كان تصرف قائد مكتب الاستخبارات خاطئاً من الأساس.. حيث استغرق تحليله حوالي 3 ساعات (من 4 - 7)، وتلخص التحليل: أن الوحدات الأمامية لإسرائيل على كلا المحورين الشمالي والأوسط تقوم بتغيير عناصرها من احتياطي المنطقة.. بينما لم تكن هذه التحركات سوى الاستعدادات النهائية للهجوم.

2. الإنذار الثاني

إشارة بالإنذار من محطة "عجلون بالأردن"(وهى محطة إنذار مبكر ذات موقع ممتاز يغطى مساحة كبيرة من إسرائيل) .. وترتبط لاسلكيا بشفرة على جهازي لاسلكي الأول في مكتب وزير الحربية، والثاني بغرفة العمليات الرئيسية للقوات الجوية والدفاع الجوى وقد بثت المحطة في الساعة الثامنة بتوقيت مصر عن وجود موجات متتالية من طائرات العدو تتجه نحو الجنوب الغربي "باللفظ الكودي - عنب .. عنب .. عنب " .. ولم تستقبل الغرفة الرئيسية الإنذار لخطأ جسيم من عامل الإشارة .. أما مكتب وزير الحربية فقد استلمها، ولكن لم يتصرف فيها" نتيجة عدم وجود السيد الوزير في المكتب أو في مدينة نصر".

سابعاً: الخداع الإسرائيلي لإيجاد الذريعة، وتغطية موقفها من العدوان

لكي تتنصل إسرائيل من مسؤولية بدء الحرب وإطلاقها الطلقة الأولى .. فقد حاولت إيهام العالم بان مصر هي التي تبدأ العدوان، ووضعت سيناريو ليذاع على العالم، ويبلغ للأمم المتحدة في أسرع وقت (وقد تزامن هذا السيناريو مع بدء الضربة الجوية على الجبهة المصرية) ويتسلسل السيناريو كالآتي:

1. الساعة 8.50 أصدرت قيادة الجيش الإسرائيلي بلاغاً رسمياً أعلنت فيه (أنها تلقت من القيادة الجنوبية الإسرائيلية في بئر سبع) أن مصر بدأت هجومها البرى والجوى ضد إسرائيل.. ولإحباك السيناريو، فقد أطلقت صفارات الإنذار في تل أبيب معلنة وقوع غارة جوية وهمية على المدينة.

2. في الساعة التاسعة .. أعلنت إسرائيل أنها في حالة حرب مع مصر.

3. في التاسعة وعشر دقائق.. أبلغ مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة .. رئيس مجلس الأمن بالعدوان المصري (وهو وهمي طبعا).

علاوة على بعض إجراءات الخداع الأخرى التي اتخذتها القيادة الإسرائيلية وهي:

1. دعوة الاحتياط بصورة تدريجية سرية خلال الأسابيع الثلاثة قبل بداية الحرب.

2. فتح الإجازات للجنود قبل الحرب بأيام قليلة ودعوة الصحفيين الأجانب لمشاهدة هؤلاء الجنود وهم يستحمون على شواطئ البحر.

3. وقف الاستطلاع الجوي قبل الحرب بخمسة أيام.

4. إرسال تشكيلات قوية من الطائرات قبل الحرب باتجاه خليج العقبة وجنوب سيناء لحمل المصريين على الاعتقاد بأن الهجوم سيتم من ذلك الاتجاه.

5. التركيز في الإذاعات ووسائل الإعلام الإسرائيلية على لجوء إسرائيل إلى المحافل الدولية، وهيئة الأمم المتحدة، والقوة البحرية التي أذيع عن تشكيلها لفتح مضايق تيران من قبل أمريكـا وانجلترا وفاء لالتزاماتها بتأمين الملاحة الإسرائيلية.

6. إتقان أعمال الإخفاء والتمويه للقوات والتشكيلات في مواقع الهجوم وبذلك استطاعت إسرائيل تحقق المباغتة والإمساك بالمبادأة.

وهكذا نجحت إسرائيل في إيقاع البلبلة لدى الرأي العام العالمي في تحديد من الذي بدأ العدوان وهذا يفيدها على الأقل - في تحديد مواقف الدول من العدوان في الأيام الأولى من الحرب.



[1] 'شليفين، الفرد فون، جنرال ألماني، رئيس حرب أركان القوات الألمانية 1891 ـ 1905.