إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب أكتوبر 1973، من وجهة النظر الإسرائيلية




أهارون باريف
إرييل شارون
حاييم بارليف
دافيد بن أليعازر
يسرائيل تال
شموئيل حونين
كلمان ماحن
عساف ياجوري

أوضاع القوات يوم 6 أكتوبر
هجوم مجموعة عمليات 143 مدرع
هجوم مجموعة عمليات آدن
أعمال قتال يوم 17 أكتوبر
أعمال قتال يوم 18 أكتوبر
الهجوم على رؤوس الكباري
الهجوم قبل ظهر 8 أكتوبر
التقدم الإسرائيلي غرب القناة
الخطة إبيراي هاليف
جبهة القناة يوم 24 أكتوبر
جبهة قناة السويس
خطة الهجوم الإسرائيلي
خطة الهجوم على السويس
عملية العبور في الدفرزوار

أوضاع القوات السورية
أقصى مدى للاختراق السوري
الاختراق على الجبهة السورية
تطور القتال على الجبهة السورية



حرب عام 1967

المبحث السادس

الموقف على الجبهة المصرية في الأول من أكتوبر 1973

يوم الاثنين الأول من أكتوبر 1973، أُبلغ كل من رئيس الأركان العامة، ووزير الدفاع في إسرائيل، عن طريق الاستخبارات العسكرية، أن المصريين يعززون قواتهم المرابطة على الضفة الغربية لقناة السويس. وفضلاً عن ذلك، استمرت المعلومات ترد من المصادر المختلفة، تزيد من تحذيراتها وإنذاراتها، وتقول في صراحة بأن مصر تستعد للهجوم. ووضعت الاستخبارات الإسرائيلية احتمالاتها، بأن الأمر قد يكون بسبب مناورات الخريف، على الأقل بالنسبة لمصر[1].

وقبل أن تعود جولدا مائير إلى إسرائيل، وجه موشي ديان الدعوة لانعقاد مجلس صغير في مكتبه، اقتصر على جنرالات الجيش الرئيسيين. وبدأ المجلس في تحليل متعمق للموقف، ولكن أحداً لم يجسر على القول بأن كل هذه التحركات في القوات، ليست مناورات عادية، ولكنها استعدادات لحرب شاملة. وأبدى ديان قلقه ومخاوفه، وطلب وضع تقرير مكتوب حول الموقف، واختتم التقرير بعبارة، أن هناك "احتمالاً ضئيلاً لحرب عامة"، وفي هذا الوقت أخذت المعلومات القادمة من مراكز المراقبة المتقدمة، على هضبة الجولان، وعلى طول القناة، تتدفق على مقر رئاسة الأركان، وكان بعضها يؤكد ما كان معروفاً من تحركات الجيوش المعادية، كما أن المصريين يضعون في المياه على طول قناة السويس دعائم، يبدو أن الغرض منها حمل بعض الجسور.

وعلى جبهة قناة السويس، أبلغ أفراد الملاحظة، عن حركة كبيرة من القوات المصرية على مقربة من القناة، كما أبلغت عن نقل قوافل زوارق ووسائل عبور. وتجمعت المعلومات في أجهزة الاستخبارات الميدانية بالجبهة، ولكن هذه التفاصيل كانت لا تتمشى مع تقديرات فرع الاستخبارات في هيئة الأركان العامة، بأن الجيش المصري يستعد لمناورة كبيرة "تحرير 41".

ويكتب "سيمان طوف"، أحد ضباط الاستخبارات، في تقريره الذي يقدمه إلى قيادته، ذاكرا فيه: "أنه من المحتمل أن تكون (تحرير 41) هي تمويه لعمل حقيقي"، ويقوم قائده بإلغاء هذا التقرير، ويبلغه بأن هذا التقرير يناقض تقرير فرع الاستخبارات، ولذلك فالأجدر به أن يوافق على شطب استنتاجه. ويصمت "سيمان طوف"، فعلاقته مع قائده متوترة منذ فترة، وحدثت بينهما عدة مشادات، ولكن "طوف" يؤكد مرة ثانية في تقرير في يوم تالي نفس هذا الاستنتاج.

وفي فرع الاستخبارات في هيئة الأركان العامة، كان رئيس اتجاه سورية، أكثر تشاؤما من زميله المسؤول عن الاتجاه المصري. أنه ليس متفهماً، لما يجري وراء قناة السويس، ولكنه مقتنع بأن الجيش السوري ينوي شيئا جدياً، ولكن لا يوجد في الاستخبارات من يشاركه آرائه، ولكنه يجد عزاءً كبيراً، في اتفاق رأيه، مع قائد القيادة الشمالية (حوفي)، بأن الموقف خطير على هضبة الجولان.

أولاً: الموقف يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 1973

في مساء يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 1973، دعا أحد كبار الضباط في الجيش، مراسلي الصحف اليومية، إلى لقاء قصير، وأبلغهم أن حشود القوات العربية على الحدود السورية، وعلى الضفة الغربية لقناة السويس قد لوحظت بشكل واضح. ولكن رئيس الأركان يرى أن احتمال نشوب الحرب احتمال ضئيل. ثم ناشد الصحفيين بألا يرددوا ما تقوله وكالات الأنباء، مما يثير الحديث عن "وجود توتر متزايد على الحدود". وقال الضابط الإسرائيلي الكبير: "عبثا يحاولون إحداث تصاعد".

ولقد ترتب على ذلك، ابتداء من اليوم التالي، أن أصبحت الأنباء العسكرية لا تشغل في الصحف الإسرائيلية إلا خبرا متواضعا. والأكثر من ذلك أنه ابتداء من ذلك اليوم، راحت الرقابة الإسرائيلية تمنع نشر جميع الأنباء التي ترد إلى المراسلين الصحفيين من مصادرهم الخاصة.

ثانياً: اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي (3 أكتوبر 1973) وتقدير الموقف سياسياً وعسكرياً

مع نهاية شهر سبتمبر وبداية شهر أكتوبر 1973، بدأت تصل المعلومات إلى شعبة الاستخبارات، عن استعدادات متزايدة للقوات المصرية والسورية، بجانب خطوط وقف إطلاق النار، لقد تم دراسة هذه المعلومات، واستخلاص الاستنتاجات منها، وإبلاغها إلى قيادة الدفاع.

إن الوثائق والتقارير التي تصف المشاورات وتقديرات المواقف السياسية والعسكرية التي سبقت نشوب حرب يوم الغفران بعدة أيام، تعطي صورة دقيقة وشاملة عن فكر وتقديرات زعماء الدولة ورئيس الأركان العامة وقادة الأركان.

أما تقرير الموقف الأكثر تفصيلاً، فقد تم إعداده يوم الأربعاء 3 أكتوبر 1973، أي قبل ثلاثة أيام من نشوب الحرب، كما تم إعداد تقديرين آخرين للموقف يوم الجمعة 5 أكتوبر 1973، وصل أحدهما إلى وزير الدفاع الساعة 9 صباحاً، ووصل الثاني إلى مكتب رئيسة الوزراء الساعة 30ر11 صباحاً.

 وتحليل تقديرات الموقف، يعطي إيضاحا دقيقا للأعمال والأخطاء، التي سبقت حرب يوم الغفران، ومنها يمكننا أن نتعرف على وجهات النظر الخاصة بكل من المشتركين في هذه المفاوضات، المتعلقة ببحث احتمالات نشوب الحرب، وأسلوب إدارة الحرب إذا ما نشبت، وأهداف الحرب، وكيفية الاستعداد لها.

لقد دارت المشاورات، العسكرية السياسية، يوم 3 أكتوبر 1973 في القدس، في أهم جلسة قبل الحرب، اشترك فيها عدد من القادة ورجال الاستخبارات. وفي هذه الجلسة يكتسب الخطأ الإستخباراتي لجيش الدفاع الإسرائيلي، صبغة رسمية. ومنذ اللحظة التي تنتهي فيها هذه الجلسة، فإن هذا الخطأ لن يعد خطأ جيش الدفاع الإسرائيلي فقط، وإنما خطأ الحكومة كذلك، فقد علمت ولم تتحرك.

كانت تلك الجلسة، تمثل مجلس الحرب في إسرائيل، فهي ليست جلسة حكومية شكلية، تعقد بكامل هيئتها، ولكنها تعقد في الإطار المعروف باسم "المطبخ" برئاسة رئيسة الوزراء الإسرائيلية "جولدا مائير"، التي عادت تواً من رحلتها في الخارج. وكان الوزراء المشتركون في هذا اللقاء هم: "إيجال آلون ـ إسرائيل جاليلي ـ موشي ديان" ، ومن رجال الجيش حضرها "دافيد أليعازر رئيس الأركان العامة الإسرائيلية، والجنرال بنيامين بيليد قائد السلاح الجوي، ومساعد رئيس فرع الاستخبارات لشئون البحوث، تات الوف (عميد)، أرييه شاليف"، (تغيب الوف إيلي زاعيرا رئيس شعبة الاستخبارات عن الجلسة لمرضه) كما حضر أيضا مدير عام ديوان رئيسة الوزراء، "مردخاي جازيت"، ومستشارها وسكرتيرها العسكري، تات الوف "إسرائيل ليئور"، و"يشعياهو رفيف" السكرتير العسكري لوزير الدفاع، وأرييه براون مساعد وزير الدفاع، وأفبير شيلو رئيس مكتب رئيس الأركان العامة، وإيلي مزراحي مدير مكتب رئيسة الوزراء.

كان وزير الدفاع هو الذي طلب من جولدا مائير عقد الاجتماع، لدراسة الموقف على الحدود، ولكي يشركها في مخاوفه. وكانت هذه المرة الأولى، التي يقدم فيها ديان ورجاله في إطار مجلس الوزراء المصغر "المطبخ"، تقريراً كاملاً عن التطورات الأخيرة على حدود سورية ومصر.

اتضح في الجلسة أن استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي، لديها تفاصيل عديدة، ومن مصادر مختلفة، عما يجري في جيوش سورية ومصر، وعن استعدادهما. والفاصل دقيق كالشعرة بين هذه المعلومات الكثيرة، والقرار بأن هذه الجيوش تنوي فعلا شن الحرب قريبا جدا. وعلى ضوء المعلومات المعروضة أمام وزراء "المطبخ" ، فإن التقرير القائل أن الحرب الآن هي "احتمال بسيط"، هو قرار شاذ، وبعيداً بالنسبة للمسؤولية التي يأخذها المقررون على أنفسهم.

كان آرييه شاليف (Aryeh Chalev)، هو المتحدث الرئيسي من بين رجال الجيش. وأكثرت جولدا من التقصي والسؤال، وطلبت تفاصيل من ديان ومن رئيس الأركان العامة وكذلك من قائد السلاح الجوي. تناول شاليف ما أبلغه (المنبع)[2] شخصياً خلال لقائه السري مع رئيسة الوزراء، والذي أكد فيه النوايا الهجومية لسورية ومصر فقد سرد أنباءً مزعجة عن نوايا سورية للدخول في معركة قريبا، ووصف الخطة السورية، حسبما هي معروفة بجهاز الاستخبارات العسكرية، احتلال مرتفعات الجولان بالكامل، بواسطة ثلاث فرق مشاة، وفرقتين مدرعتين.

أما فيما يتعلق بمصر، فقد ذكر شاليف أخباراً مزعجة كذلك، وكان هناك خبر مثير للقلق من مصدر واحد، قد وصل يوم 30 سبتمبر، ويشير الخبر إلى أن مصر تنوي الهجوم على سيناء، بينما تهاجم سورية مرتفعات الجولان في التوقيت نفسه، ثم انتقل بعد ذلك إلى استعراض استعدادات العدو، وقال عن الموقف في المنطقة: توجد حالة طوارئ على الجانب السوري، وتشكيل القوات يتكون من حشود ضخمة، من الجيش السوري، تتمركز ما بين دمشق والجبهة. وقد انتشرت هذه القوات، منذ بداية شهر سبتمبر، وتم تعزيزها بعد 13 سبتمبر، وقال أن هناك اختلاف في حشد القوات، عن المعلومات المتيسرة لديه عن الموقف على الجبهة السورية، في مارس 1973 ومن هذه الاختلافات:

1. وجود سربين من الطائرات المقاتلة من طراز سوخوي ـ 7 في المطارات المتقدمة.

2. دفع كتيبة كباري إلى الجبهة.

3. دفع أعداد كبيرة من وحدات مدفعية القيادة العامة إلى الجبهة.

4. تعزيز شبكة الصواريخ أرض جو، وتعاظم القدرات السورية في مجال الدفاع الجوي، فبينما كانت توجد كتيبة واحدة جنوب دمشق في أوائل أكتوبر 1973، أصبح المتمركز الآن هو 31 كتيبة صواريخ.

وعن المناورة المصرية، ذكر شاليف، أن المعلومات التي تم الحصول عليها، تم إبلاغها للوزراء الذين اشتركوا في الجلسة. وكان تقديره للموقف يعتمد على ظاهرتين:

·   الأولى: حالة الطوارئ في سورية.

·   الثانية: المناورة في مصر.

وهاتين الظاهرتين يمكن أن تؤدي إلى أن هناك أمراً مشتركاً بينها، فإذا كان هناك أمراً مشترك فعلاً، فمعناه احتمالات حرب شاملة.

ويقول شاليف في تحليله عن التأهب السوري، أن هذا التأهب دفاعي واضح، واتخذ التقرير شكل آخر بعد المعركة الجوية في 13 سبتمبر، وعلى الرغم من أن التأهب يبدو دفاعيا، فإنه يوجد فيه استثناءات، ومثال ذلك، تقديم حجم كبير من وحدات المدفعية إلى الجبهة، ونقل كتيبة كباري بالقرب من الخطوط، كذلك فتح عدد من أسراب القتال إلى المطارات الأمامية، وفوق كل ذلك تقريب عشرات من كتائب صواريخ الدفاع الجوي إلى الجبهة، إضافة إلى وجود حشود كبيرة من المدرعات. علاوة علي أنه من الممكن أن يتحول هذا التعزيز الدفاعي، إلى الشكل الهجومي في حالة الحرب، من خلال هذه الاستعدادات.

ثم انتقل شاليف لشرح ما يحدث على الجانب المصري. حيث أوضح أن المناورة المصرية قد شملت الأفرع الرئيسية جميعها، وشملت جميع قياداته. وفي إطار هذه المناورة حرك المصريون القوات تجاه الجبهة، كما قاموا بتزويد وحداتهم بالذخائر، كما أن المصريين يتصرفون كما لو أن هذه ليست مناورة، ولكنه شيء حقيقي. ولكن هناك أنباء مؤكدة، بأنها مناورة فقط، ودرجة الاستعداد لدى القوات المصرية هي درجة الاستعداد الكاملة، ولكنهم اعتادوا على ذلك في جميع مناوراتهم بالماضي، خوفاً من أن يهاجمهم جيش الدفاع الإسرائيلي أثناء التدريب.

ومع كل الشواهد السابقة قال شاليف: "فحسب اعتقادي، وحسب تقدير يستند على المعلومات التي توفرت لدينا مؤخرا، فإن مصر تعتقد أنها غير قادرة الآن على الدخول في حرب، ولذلك فإن احتمالات وقوع حرب مشتركة "سورية ـ مصرية" لا تبدو مقبولة، وفي اعتقادي أيضا أن ما يحدث في مصر هو مناورة فقط، وأن سورية لن تستطيع أن تحارب بدون مصر.

وبدأت جولدا مائير في التساؤل، هل يمكن للسوريين أن يبدأوا الحرب، ويجروا المصريين إليها؟

ويجيب شاليف: أن الأسد هو شخص واقعي، وزعيم متزن، وهادئ بالطبع، حقا يوجد لسورية العشرات من كتائب الصواريخ، وهي تشعر بالثقة في نفسها، ولكن لن تخرج إلى الحرب بمفردها. ويخشى الأسد، أن يصل جيش الدفاع الإسرائيلي إلى دمشق، وليس من المعقول أن يخرج السوريون إلى الحرب الآن، والحشد السوري تم كما يبدو خوفا من أن تهاجم إسرائيل. ومن الجائز أن الفكر السوري، يتجه إلى القيام بعمل محدود، كرد فعل على إسقاط طائراتهم، ولكن هذا الاحتمال كذلك، هو احتمال ضئيل. فالسوريون يذكرون يوم 8 يناير، عندما رد جيش الدفاع الإسرائيلي بشدة، على انتهاك وقف إطلاق النار من جانبهم.

والواقع أن شاليف لم يكن وحيدا في تقديراته، حيث أن الجنرال دافيد أليعازر يوافق تماما على تقدير الاستخبارات. حيث لا ينفي احتمال هجوم مصري سوري، ولكن ليس في هذه المرحلة، كما أن سورية لن تهاجم بمفردها. وإذا حدث أن هاجمت ذات مرة، فإن الإنذار الاستخباراتي سيكون قصير جدا، وبالأخص إذا كان الهجوم صغيراً ومحدوداً. ومن الجائز أن يخترق السوريون المنطقة، ولكن لا يحتلون مستوطنات، وبالتأكيد ليست كل الهضبة. ويوضح أليعازر، أنه من المحتمل أن السوريين، يريدون خلق حالة من التوتر والإجهاد، لدى إسرائيل، بسبب غضبهم من إسقاط طائراتهم، مع أنه في مواجهة مئات الدبابات والمدافع عندهم، تقف فقط بضع عشرات من الدبابات و12 مدفع فقط.

والواقع أن دافيد أليعازر، لم ينفي إمكانية قيام سورية بالهجوم من خلال حشدها الحالي، ولكنه كان لا يعتقد بإمكانية قيامها بذلك، حيث قال: "سوف أبدأ بالنتائج المستخلصة، بالرغم من أنني لا أستطيع إثباتها جميعا. في هذه المرحلة فأنا أعتقد أننا لا نواجه هجوماً مشتركاً، من مصر وسورية، وأنا أعتقد أن سورية بمفردها لا تنوي مهاجمتنا، بدون مشاركة من مصر. توجد تخطيطات مشتركة، وهي موجودة دائما، ونحن دائما ما يصلنا توقيتات عن احتمالات الحرب. وما عرفناه عن التوقيتات السابقة، كان أحيانا أكثر واقعية، مما نعرفه الآن، أي عندما كانت تصلنا توقيتات محتملة عن نوايا السادات، فأنا أعتقد أن هذه التوقيتات كانت تشير إلى احتمالات أكثر جدية لوقوع هجوم فوري، وبشكل أكثر تأكيداً مما تشير إليه الاحتمالات الآن، إن وقوع هجوم مصري ـ سوري مشترك، هو احتمال قائم، ولكن مثل هذا الهجوم يكون دالة على موقف سياسي وعسكري، وهو أمر يمكن أن يحدث في يوم من الأيام، وأنا لا أعتقد بوجود مخاطر حرجة خلال الفترة القريبة القادمة. كما أنني أريد أن أوضح أنه من الناحية الفنية فهناك احتمال قائم، لوقوع هجوم، خلال فترة إنذار قصيرة جدا، خلال زمن قصير جدا، هجوم من مصر وسورية، وذلك لأن أسلوب الاستعدادات المتبع، في جيوش سورية ومصر، يختلف تماما عن أسلوب الاستعدادات المتبع في إسرائيل، فهم لديهم قوات مستعدة دائما على الخطوط. وهذا الأمر متبع منذ سنوات، فهم يحاربون ويستعدون طبقا للنظرية السوفيتية والتي تقول إنه يجب أن تكون الاستعدادات للدفاع مشكلة من قوات ضخمة، بحيث يمكن تطوير الدفاع إلى هجوم، وهذا الأمر يثبت احتمالات الهجوم من الناحية الفنية، حيث يمكن تحويل تشكيلات الدفاع الضخمة إلى الهجوم،

وهذا يصح فيما يتعلق بحرب شاملة مشتركة سورية ـ مصرية، وينطبق ذلك على الجيش السوري، فالجيش السوري يتمركز بقوات ضخمة، ويستعد أمام مرتفعات الجولان، وهو من الناحية الفنية، يمكنه اجتياز الخطوط والاحتلال، وإذا ما تم ذلك فإن الجيش السوري يمكنه تحقيق إنجازات محلية. هذا الأمر وارد منذ سنوات، ويجب أن أقول أن هذه الاحتمالات واردة الآن، أكثر من السنوات الماضية، بسبب أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات السورية، والتي تؤمن لها نوعاً من الثقة، في إمكانية حماية القوات التي ستتحول إلى الهجوم، بهذه الصواريخ، فهي ستؤمن لهم الحماية فوق مرتفعات الجولان".

ثم ينتقل بعد ذلك رئيس الأركان العامة، ليطرح على رئيسة الوزراء، ووزير الدفاع، عرضين فيما يتعلق بالدفاع عن مرتفعات الجولان:

·   الأول: بواسطة القوات النظامية، وهو المقترح الذي فضله أليعازر.

·   الثاني: بواسطة تعزيزات من قوات الاحتياط.

وأوصى إليعازر، بالإبقاء على الأسلوب الحالي بالتعزيزات المحدودة، والتي تتكون في الجبهة السورية، من لواء مدرع وعدد من بطاريات المدفعية، بالإضافة إلى استعداد القوات الجوية، كما أكد أليعازر، أنه في حالة إطلاق سورية لصواريخ أرض أرض، أو في حالة مهاجمة المستوطنات، فيمكن الرد الفوري عليها، باستخدام الصاروخ الجديد (همفري)، والذي يصل إلى مشارف دمشق. إذن فجيش الدفاع، لديه القدرة على الوصول وضرب شمال سورية، وكذلك ضرب دمشق، كما يمكنه التغلب على الأنظمة الصاروخية، والعمل بحرية داخل الجبهة، كذلك يمكننا تحمل المخاطر والعمل في الجولان.

وعلى هذا الأساس، انتهى رئيس الأركان إلى التوصية، بالاعتماد على القوات النظامية في الدفاع عن مرتفعات الجولان، مع تعزيز القوات، ولكن ليس من خلال تعبئة قوات الاحتياط، مع رفع درجة استعداد القوات الجوية، وهو أمر سيتيح لها إمكانية تنفيذ المهام السابقة[3].

لقد سبق أن أوضح قادة القوات الجوية، لرئيس الأركان العامة، "أن السلاح الجوي لن يمكنه المعاونة للقوات البرية بفاعلية، طالما لم يتم تدمير أنظمة الصواريخ الجوي السورية"، ولكن يبدو أن رئيس الأركان العامة، لم يفهم مغزى الموقف. فهو يعتقد أن القوات الجوية، ربما تخسر طائرتين أو ثلاثا، ولكن في واقع الأمر، فإن السلاح الجوي، يمكنه أن يؤدي مهمته، ويقدم المعاونة، وبكفاءة، للقوات النظامية، ويصد الهجوم البري السوري. إن التقدير الذاتي المبالغ، وغير الواقعي، لقدراتنا، قد ورد على سبيل المثال، في ملحوظة أثارها رئيس الأركان العامة في الجلسة نفسها، فقد قال:"أنا مضطر لأن أقول، حسب اعتقادي، أن هذا الوضع يثير غضبهم "يقصد السوريين " بدرجة ما، فلديهم 600 دبابة أمام 60 دبابة إسرائيلية[4]، ولديهم ما بين 500 ـ 600 مدفع أمام 12 مدفعاً لإسرائيل، وربما هذا الأمر يثير غضبهم إلى حد ما، ويريدون أن يجرونا إلى التوتر.

والواقع أن رئيس الأركان، بدلا من أن يستخلص النتائج العسكرية اللازمة، دخل في تحليلات نفسية للموقف السوري، بالرغم من المخاطر التي يمكن أن تواجه القوات الإسرائيلية، في حالة الهجوم السوري على الجولان، لأن السوريين لديهم تفوق في الأوضاع الحالية بنسبة 10 : 1 للدبابات، 50 : 1 بالنسبة للمدفعية، هذا بالإضافة إلى أن مرتفعات الجولان مغطاة بصواريخ أرض/ جو سورية بما لا ييقصد تيح للقوات الجوية القدرة علي العمل بكفاءة.

كما أكد مدير الاستخبارات العسكرية، أنه قادر على أن يعطي الإنذار قبل أربع وعشرين ساعة من اندلاع الحرب وكان إيجال آلون هو وحده الذي لم يقتنع بذلك وقال: "إنني اعتقد أنه لا ينبغي التقليل من شأن الإجراءات التي اتخذها المصريون، ولست أعتقد أنها تهدف إلى إيقاعنا في خطأ، إن هناك شيئا ما خطير يتهيأ".

أدت الثقة المتزايدة، لقادة الدفاع في إسرائيل، بعد انتصار يونيه 1967، إلى اعتمادهم على قوات محدودة في الجولان، وأدى ذلك إلى خلل في ميزان القوى بين جيش الدفاع الإسرائيلي وسورية في الجولان، كان من شأنه أن يدفع السوريين إلى القيام بالهجوم، بل ويضمن نجاح هذا الهجوم، فالقيادة السورية قد حمت قوتها بمظلة من الصواريخ أرض/ جو، ويمكنهم التنسيق مع مصر كذلك، ثم يهاجمون بعدها.

أما موشي ديان، فقد أعطى تقديرات سليمة عن أنظمة الصواريخ أرض / جو السورية، حيث قام بإعداد هذه التقديرات بنفسه، كعادته. وبالرغم من أن لجنة أجرانات ذكرت أن ديان لم يكن له تقديرات خاصة به، إلا أنه في الواقع، قد أجرى مقارنة عن سورية ومصر، قال فيها: "فيما يتعلق بسورية فتوجد معلومتان، وربما لم يتم التأكد من صحتهما بعد:

المعلومة الأولى، وتم طرحها، تشير إلى أن السوريين قد حشدوا أنظمتهم الصاروخية المضادة للطائرات، في الجزء الجنوبي، أي أنه بالإمكان الآن قصف دمشق، وكذا بعض المناطق العسكرية في المناطق الحساسة جدا، وبالرغم من ذلك، فقد ركزت سورية دفاعات قوية جداً، على الخطوط الأمامية، ومعنى ذلك، أن السوريين لا يخشون من احتمالات الهجوم عليهم، كما أنهم لا يعتقدون أننا سوف نسعى لاحتلال عدة كيلومترات أخرى من الخط الأمامي. التفسير الوحيد تقريبا لهذه التوزيعات، للحشود السورية، هو أن السوريين يريدون تقوية الخط الأول، وتعزيز قدراتهم، للعمل في مرتفعات الجولان، تحت مظلة من الصواريخ أرض/ جو، حتى أن مرتفعات الجولان أصبحت مغطاة تقريبا بشبكة من الصواريخ ليست موجودة حول دمشق، وعلى هذا فليس من المنطقي أن تكون هذه التشكيلات دفاعية، كما أن السوريين يمكنهم من الناحية الطبوغرافية إذا ما نجحوا في استعادة الجولان، أن يبنوا لأنفسهم خطاً مشابها للخط الإسرائيلي على قناة السويس، كما أن الروس يؤكدون لسورية على إمكانية استعادتها للجولان، وبذلك فإن سورية ترى نفسها في موقف، يمكنها من استعادة كل ما فقدته في حرب الأيام الستة نظريا، وبخطوة مؤمنة بمظلة صاروخية تمتلكها الآن، وبعد ذلك سيكون لسورية خط دفاعي، هو عبارة عن عائق طبيعي.

أما المعلومة الثانية، التي لم تطرح اليوم، فهي إذا ما عبر المصريون قناة السويس في موجة واحدة، إلى مسافة عشرة أو عشرين كم، فالمسافة إلى ممر متلا هي 40 كم, فإذا فكر المصريون في هذه الخطوة، فسوف يجدون أنفسهم في موقف صعب، بعد الوثبة الأولى، وذلك سوف يكلفهم كثيراً. فبعد عبورهم لقناة السويس، سيجدون أنفسهم في منطقة ممتدة، وسنواجههم من كل جانب، وبذلك سيجد المصريون أنفسهم في وضع أصعب مما هو عليه الآن، حيث أن قناة السويس تعتبر مانعاً مائياً بالنسبة لهم، وإذا ما عبر المصريون قناة السويس فسوف يصبحوا مكشوفين.

كان موشي ديان يدرك أن الاستعدادات السورية هي استعدادات هجومية وليست دفاعية، وأن السوريين يقومون بتأمين جبهة القتال دفاعياً، أمام الطيران الإسرائيلي، وبشكل أكبر من تأمينهم للعاصمة دمشق. وبالتالي توصل ديان إلى أن هذه الاستعدادات المتزايدة من جانب سورية ليست استعدادات دفاعية. على عكس أفكار الجنرال دافيد أليعازر "رئيس الأركان العامة"، الذي فسر ذلك بأن ميزان القوة أغضب سورية، ولذلك فإن سورية تريد إغضاب إسرائيل. وبطبيعة الحال لم يسقط ديان في هذا الخطأ.

بالرغم من تفهم موشي ديان لهذا الموقف، إلا أنه لم يطلب تعبئة قوات الاحتياط، لتعزيز القوات الموجودة على الحدود، وفي نفس الوقت بالغ رئيس الأركان العامة في قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي، فهو لم يدرك أن وجود هذه الحشود من الصواريخ السورية، معناه نوايا هجومية، وأن سلاح الطيران قد فقد القدرة على العمل، في مرتفعات الجولان، وأن القوات النظامية الإسرائيلية المحدودة، سوف تضطر للدخول في حرب بدون معاونة جوية.

هذه التقديرات الصحيحة للموقف والتي توضح الاستعدادات الحربية على الجبهتين السورية والمصرية، لم يتخذ حيالها رد فعل، ولم يصدر أية توصية بشأنها، وكل ما ذكره وزير الدفاع عن الجبهة المصرية: أنه إذا ما عبر المصريون قناة السويس، فسوف يجدون أنفسهم في موقف صعب للغاية، لأن قناة السويس تعتبر حاليا بمثابة مانع طبيعي لهم.

أما رئيسة الوزراء، فقد عبرت عن فهمها للموقف، بكلمات قليلة، من خلال توجيه السؤال إلى وزير الدفاع بقولها: "لنفترض أن مصر وسورية يتحركان ليبدأ الحرب، فأنا أوافق على المفهوم الذي يفرق بين وضع كل من مصر وسورية، وأعتقد أنه لا خلاف على ذلك، فالمصريون يمكنهم عبور قناة السويس، ولكنهم سيكونون بعيدين عن قواعدهم، إذن ماذا سيعود عليهم في النهاية؟". لقد تساءلت رئيسة الوزراء عن الأسباب التي تدعوا المصريين إلى عبور قناة السويس، وما هي الفائدة التي ستعود عليهم من ذلك؟، وكأنها لم تدرك أن استعادة مصر لقناة السويس، هو أمر يتعلق بالكرامة الوطنية لمصر. فالواقع أن رئيسة الوزراء لم تستطع أن تعي المغزى النفسي والوطني لاستعادة قناة السويس، وأثر ذلك على استعادة الكرامة العربية.

ففي عام 1956، عندما كان عبد الناصر في بداية زعامته، أراد القيام بعمل يكسبه احتراما ومجدا، ويوطد وضعه كزعيم للأمة العربية كلها، وقد اختار عبد الناصر تأميم قناة السويس، بالرغم من أنه يدرك المخاطر الناجمة عن هذا الموضوع، ولكنه بالرغم من ذلك فقد أمم قناة السويس.

وفي عام 1956، اشتركت إسرائيل مع كل من بريطانيا وفرنسا، لإعادة القناة للسيطرة الإنجليزية ـ الفرنسية، ونجحت العملية عسكرياً، جزئياً، ولكنها منيت بفشل سياسي ذريع، وبعد ضغوط أمريكية ـ سوفيتية قوية، اضطرت الدول الثلاث للجلاء عن جميع المناطق التي احتلتها، وحينئذ وصلت شهرة عبد الناصر إلى القمة. ولم يمر أحد عشر عاماً، وفي يونيه 1967، نجحت إسرائيل، وبمفردها، في تحقيق ما لم تستطع كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل تحقيقه، عام 1956.

وفي عام 1973، كانت القناة مغلقة منذ ست سنوات، خربت مدنها، وهجرها مليون ونصف من سكانها، وأصبحوا لاجئين، فهل لم تدرك رئيسة الوزراء ذلك؟ يبدو أن الأمر كذلك، لأنه قبل ذلك بعام، اقترح موشي ديان انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من سيناء، وتمكين مصر من إعادة إصلاح القناة وفتحها، ولكن جولدا مائير رفضت هذا الاقتراح بشدة.

إن استعادة قناة السويس واقتحام خط بارليف، كانت من أولى الرغبات الوطنية وأهمها، ولقد صرح بذلك أكثر من مرة كل من عبد الناصر والسادات، ولم يكن هناك أي سبب يدعو إلى التشكيك في جدية هذه التصريحات. ولقد كان من المتوقع أن تدرك رئيسة الوزراء ذلك، ولا تتساءل: "ماذا سيعود على المصريين من استعادتهم لقناة السويس؟".


 



[1] كان الفريق أحمد إسماعيل، وزير الحربية المصري، قد ذكر بعد وقف القتال: "لقد نشرنا في صحيفة الأهرام خبرا يقول أنه سمح للضباط والجنود بتأدية فريضة الحج، كما أعلنا أن وزير الحربية الروماني سوف يصل إلى القاهرة يوم 8 أكتوبر 1973، لقد أرسلنا الدبابات إلى ضفة القناة، ولكن القيادة العامة كانت تعيد في كل ليلة، لواء كاملا إلى الخطوط الخلفية، لكي تعطي الانطباع بأن تحركات القوات تتم في نطاق المناورات.

[2] أحد عملاء إسرائيل، ولم يُحدد اسمه.

[3] الواقع أن تحليلات اليعازر، فيما يتعلق باستخدام القوات الجوية، هي تحليلات غير منطقية، فالمهمة الأولى (حرب شمال سورية) والمهمة الثانية (ضرب دمشق) لن تكون فيها معاونة فورية، للقوات البرية النظامية، التي تواجه هجوما بريا سورية في الجولان، والمهمة الثالثة، وهي تدمير تشكيلات صواريخ الدفاع الجوي، فيعتقد رئيس الأركان إمكانية تنفيذ هذه المهمة في يوم واحد، وبأمان كامل، ولكن الأحداث أثبتت، أن هذه التقديرات كانت خاطئة، أما فيما يتعلق بالمهمة الرابعة، وهي استخدام القوات الجوية في معاونة القوات البرية، فهي أنسب المهام، حسب نظريات الدفاع، ولكن الواقع أن السلاح الجوي، لن يمكنه تقديم المعاونة للقوات البرية بفاعلية، طالما لم يتم تدمير أنظمة صواريخ الدفاع الجوي السورية.

[4] كان يوجد لإسرائيل في جبهة الجولان 170 دبابة وليس (60) دبابة.

[5] تسفيكا زاميرا، هو رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي.

[6] قرر رئيس الأركان الإعلان عن حالة الاستعداد (ج) في الجيش النظامي، وقبل ذلك كانت هناك حالة استعداد أقل في هضبة الجولان، ولكن الحالة الآن تشمل كل جيش الدفاع الإسرائيلي، وقد أصدر الأوامر إلى كل الوحدات في الساعة الحادية عشر صباحا. والمعروف أنه يوجد في جيش الدفاع الإسرائيلي ثلاث درجات استعداد، الدرجة الأعلى فيها هي حالة الاستعداد (ج)، والأكثر منها هو الأمر بالدخول في المواقع وانتظار ضرب النار. وحالة الاستعداد (ج) ليست متكررة في جيش الدفاع الإسرائيلي، فهي من الناحية العملية تعتبر أمر انتظار وتشتمل على إلغاء الإجازات في الجيش النظامي، كما تقيم هيئة الأركان في مركز القيادة. ومع رفع درجات الاستعداد صدرت التعليمات إلى إذاعة الجيش بأن تكون في حالة استعداد كاملة في يوم عيد الغفران، لاحتمال استئناف الإرسال من أجل نداء الاستدعاء لرجال الاحتياط، وطلب من الشرطة تجهيز سيارات مزودة بمكبرات الصوت ليمكن الإعلان عن حالة التعبئة.

[7] يقصد بذلك التحذيرات بالحرب، التي أبلغتها وكالة الاستخبارات الأمريكية لرئيسة الوزراء، ووزير الدفاع، عن طريق الموساد، وهي مشابهة للتحذيرات التي تلقتها رئيسة الوزراء، من "المنبع" قبل عدة أيام من ذلك.

[8] إن منع عبور قناة السويس، كان أحد الأهداف المعلنة للحكومة، ولجيش الدفاع الإسرائيلي، طبقا لما أوضحه رئيس الأركان لرئيسة الوزراء في إبريل 1973.

[9] لقد أنهى رئيس الأركان تقديره للموقف، بقرار عدم استدعاء الاحتياط في هذه المرحلة، وقد اشترط رئيس الأركان استدعاء الاحتياط، بوجود شواهد مؤكدة أن لدى كل من مصر وسورية، النية الجادة للقيام بالهجوم، ووضع في اعتباره أنه سيتلقى المزيد من المعلومات، خلال الساعات القادمة، حول نيتهم القيام بأي هجوم مباغت. وهذا يؤكد أن رئيس الأركان، قرر تأجيل استدعاء الاحتياطي، حتى تصله معلومات مؤكدة، عن نوايا بدء الحرب، وهذا الاتجاه يختلف مع تقرير وزير الدفاع، بأن الحرب قد تحدث غدا. وقد أكد رئيس شعبة الاستخبارات في كتابه (حرب يوم الغفران)، الصفحة 207، أنه لم يقدم وعدا بإحضار شواهد تدل على نوايا هجومية مصرية أو سورية، وأن ما ذكره أليعازر لا أساس له من الصحة.

[10] من الواضح أن حاييم بارليف، كان يعتقد في التقدير الإسرائيلي، بأن الدبابات التي توجد في حالة استعداد دفاعية، قادرة على وقف وصد قوة تفوقها خمسة أضعاف.