إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب أكتوبر1973، من وجهة النظر المصرية




لواء طيار/ محمد حسني مبارك
لواء/ محمد سعيد الماحي
إنشاء الكباري للعبور
اللواء بحري فؤاد ذكري
اللواء طيار صلاح المناوي
اللواء سعد مأمون
اللواء عبدالمنعم خليل
اللواء فؤاد نصار
المشير أحمد إسماعيل علي
المشير عبدالغني الجمسي
السادات أثناء عرض الخطة
السادات في أحد اللقاءات
السادات في زيارة تفقدية
الفريق محمد علي فهمي
الفريق سعد الدين الشاذلي
الفريق عبدالمنعم واصل
كمائن الصواريخ
علم مصر فوق سيناء
عميد أ.ح/ عبدالحليم أبو غزالة
عميد مهندس/ أحمد حمدي
عميد منير شاش
فتح الثغرات
قوارب المشاة تقتحم القناة

أوضاع القوات 7 أكتوبر
أوضاع قوات الجانبين
إحدى نقط خط بارليف
معركة اللواء 25 مدرع
المناطق المحتلة عقب 1967
النقط المكونة لخط بارليف
التطوير يوم 12 أكتوبر
التطوير شرقاً للعملية بدر
الخطة الإسرائيلية للعبور
حجم وأوضاع القوات الإسرائيلية
خطوط فك الاشتباك الثاني
خطة العمليات الهجومية الأولى
خطة العمليات الإسرائيلية
خطة العمليات جرانيت 2
جغرافية شبه جزيرة سيناء
طبوغرافية الأرض شرق القناة

أوضاع قوات الطرفين 1967
معركة الفردان 8 أكتوبر
الخطة شامل لتصفية الثغرة
تأثير عناصر الدفاع الجوي
حجم وأوضاع القوات المصرية
خطوط فك الاشتباك الأول
طبوغرافية الأرض غرب القناة
طبيعة قناة السويس



ملحق

ملحق

خطة الخداع الإستراتيجي/ العملياتي المصرية

في حرب أكتوبر 1973

اعتمدت خطة "العملية بدر"، على تحقيق المباغتة، بمستوياتها الثلاث (إستراتيجية، وعملياتية، وتكتيكية). ولم يكن من السهل تحقيق نجاح، للعبور، في ظل العوامل الغير مواتية، فهناك العوائق المعقدة المقامة شرق القناة، والتفوق الإسرائيلي في الأسلحة والمعدات، والمساندة القوية من الأمريكيين، لكل ما تقوم به إسرائيل، وتجمد الموقف السياسي العالمي في ظل سياسة الوفاق الدولي. كانت المباغتة، هي الضمان الوحيد للتغلب على كل تلك العوامل الغير مواتية، وكانت المبادرة هي الضمان للمباغتة.

إذا كانت المبادرة هي قرار، تملك القيادة السياسية اتخاذه، فإن ضمانات تحقيق المباغتة، تكمن في نجاح خطة الخداع.

كان من المهم، خداع العدو، عن التحضيرات للهجوم، والتدريب عليه، وعن تجهيز مسرح العمليات للحرب، وعن وقت بدء الهجوم، واتجاه الضربة الرئيسية، وحجم القوات المشتركة، وعن التعاون مع سورية، وعدم اشتراك الجبهة الأردنية. كانت قائمة مطالب الخداع طويلة، وتحتاج إلى تخطيط معقد، خاصة أن القوات الإسرائيلية، تراقب الضفة الغربية، بكل ما لديها من وسائل حديثة، ويساندها الغرب، بما تجمعه وسائله الدبلوماسية والاستخباراتية من معلومات، وما تكشفه أجهزته الالكترونية والفضائية.

كانت فكرة المباغتة، خداع الخصم عما يراه ويسمعه بوضوح، أي أن هدف خطة الخداع، يجب أن يوجه إلى عقل الخصم، طالما من العسير الاختفاء عن بصره، ليفسر ما تحت بصره وفي يديه، كما يريد المصريين، لذلك كان على المخطط المصري، أن يرسم في خطته، صورة للوهم الذي يجب أن يعيشه صانع القرار الإسرائيلي، ومتخذه. أو أن يحافظ له على تلك الصورة التي رسمها لنفسه، بل ويكملها له.

كان لخطة الخداع المصرية، ثلاث مستويات عمل، نفذوا في إطار خطة منسقة، مع الجبهة السورية:

1. خطة الخداع الإستراتيجي العام

أعلى مستويات الخطة الخداعية. شملت جهود دبلوماسية وسياسية، وإجراءات إعلامية، وأخرى عسكرية. وهدفت إلى خداع القيادة الإسرائيلية عن الاستعداد للحرب (نية الحرب).

أ. اعتمدت الخطة، لهذا المستوى، على خداع نفسي (سيكولوجي) رفيع المستوى. فقد مارست الخطة الخداع بالتضليل، والتركيز على بناء البديل الخطأ لدى الإسرائيليين، بترسيخ المعتقدات السائدة، لديهم عن العرب عامة، والمصريين خاصة، وتعميق انطباعاته العامة للتقاليد والطباع العربية والمصرية، والتي حددت في:

(1) ميل السياسيين العرب للمبالغة، والتصريح بوعود وأفعال ليست في مقدرتهم، أو ليس لديهم نية أصلاً لتنفيذها.

(2) الميل، عامة، لإسماع الآخرين، بما يتفاخروا به، من أفعال من صنعهم، أو هي مجرد أفكار قد يفعلونها.

(3) عدم قدرة العرب، تكتم سراً.

(4) صعوبة الالتزام بخطة، وخطوات، وإجراءات.

(5) صعوبة توافق الاتجاهات، لذلك من الصعب التنسيق بين مجموعة من العرب، أو حتى طرفين، لعمل واحد، خاصة في المجال العسكري.

(6) ضعف الكفاءة القتالية للقوات المسلحة العربية، الناتجة عن الفردية التي يتمتع بها العرب.

ب. خططت الأجهزة المسؤولة لاستغلال تلك الخصائص، في خطة خداع منسقة، من عدة إجراءات، يتم تنفيذها:

(1) لتعميق مفهوم عدم مطابقة أقوال الزعماء والسياسيين العرب، مع أفعالهم، درج الرئيس السادات على ذكر أن عام 1972، هو عام الحسم، أكثر من مرة، وبمرور عام 1972، ولم يحدث شئ، تعلل بالضباب، في السياسية العالمية، والحرب الهندية الباكستانية.

(2) لتجنب ضعف العرب في الاحتفاظ بالأسرار، كان قرار الحرب سرياً، ولم يعرفه سوى قلة من الدول العربية، على أعلى مستوى، في زيارات شخصية، دون تبادل أي رسائل مكتوبة في هذا الشأن.

(3) تكتم ما يتم من دراسات. وتم التخطيط في أضيق محيط، دون نشر أو إشراك آخرين في نتائج الدراسات التي كانت تتم عن مشاكل تنفيذ خطة الهجوم. وكان التخطيط يتم على أسس علمية سليمة، وعلى أعلى مستوى من العلم العسكري.

(4) تأكيد مفهوم صعوبة التنسيق بين العرب، بتكتم ما كان يجري للتنسيق مع سورية، واتخذ من قرار طرد المستشارين السوفيت في مصر، مثلاً على عدم وجود مثل هذا التنسيق، حيث أبقت سورية على مستشاريها السوفيت، وزادت من عمق العلاقة مع الاتحاد السوفيتي، ومن وجهة أخرى، نشرت إشاعة عن عدم قدرة المصريين تشغيل الأجهزة التي كان يعمل عليها السوفيت، قبل طردهم.

(5) العمل على تأكيد ضعف قدرات القوات المسلحة العربية، بنشر إشاعات عن عدم قدرة المصريين على تشغيل الأجهزة، التي كان يعمل عليها السوفيت قبل طردهم، وأن الرئيس السادات يسعى لحل سلميّ بالطرق الدبلوماسية، وقد خطط لزيارة سرية لأوروبا، بينما وزير الخارجية المصري سيقابل كيسنجر في نيويورك، خلال حضوره جلسات الأمم المتحدة، لمناقشة الموقف السياسي، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين. بينما وزير الخارجية السوري يستعد لمقابلة الأمين العام للأمم المتحدة ليعرض عليه موافقة سورية على القرار 242.

(6) كما خطط لحملة إعلامية، وإجراءات رسمية، لزيادة تضليل إسرائيل، وذلك بإعلان سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام لمصلحة البيانات السياسية الموجهة، مما جعل إسرائيل لا تعتمد عليها كمصدر معلومات. وأعلن، في كافة وسائل الإعلام، عن استعداد إسرائيل للقيام بأعمال عدائية، وأعتبر الإسرائيليون ذلك، من ألوان الصياح السياسي العربي، فلم يعيروها أي أهمية، وقد أعمتهم بعد ذلك عن أنباء الحشود المصرية والسورية قبل الحرب.

(7) لجذب الانتباه خارج مسرح العمليات المنتظر، قام بعض الفدائيون الفلسطينيون، بخطف قطار نمساوي، يقل عدداً من المهاجرين الإسرائيليون، متوجهين إلى معسكر قصر شنو لإجبار الحكومة النمساوية على قفل محطة تجميع اللاجئين فيه.

أعلن كذلك عن تعبئة للقوات المصرية، أو السورية، لأسباب مختلفة، وكان الإعلان الأخير بعد عدة مرات للتعبئة، ثم العودة للحالة الطبيعية، وقد اعتبرت الاستخبارات الإسرائيلية هذا الإعلان (وكان قد أعلن أنه بسبب المناورة السنوية في الخريف) غير حقيقي، وأنه غير عدائي، فلم تتخذ الإجراءات الكافية.

2. الخداع الإعلامي والسياسي لحرب أكتوبر 1973 (في إطار خطة الخداع الإستراتيجي العام)

حددت الخطة الخداعية الخطوط الرئيسية للتحرك الإعلامي والسياسي الخداعي وقد حقق مخطط الخداع الإستراتيجي العملياتي نجاحاً كبيراً، أدى إلى استنتاجات خاطئة لأجهزة المخابرات العالية الشهرة، وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكذا المخابرات الإسرائيلية. وفوجئ العالم أجمع بالهجوم المصري السوري المباغت.

كانت أهم أعمال الخداع الإعلامي والسياسي، في الداخل، والخارج:

أ. أنشأت الحكومة المصرية قبل المعركة بعام محطة إذاعة، تذيع باللغة العبرية، وتعمل على مدى 12 ساعة يومياً. كانت هذه المحطة موجهه إلى إسرائيل وتذيع موسيقى غربية خفيفة، يتخللها نشرات إخبارية وتعليقات تدعو للسلام.

ب. قدم وزير خارجية مصر إلى مجلس الأمن قبل الحرب، تقرير يتصف بالاعتدال. ولأول مرة (قبل الحرب) يخطب رئيس الجمهورية في مناسبة عامة، وهي ذكرى وفاة عبدالناصر دون أن يذكر في خطابه شيئاً عن الحرب.

ج. امتدت عملية التمويه والخداع، إلى نشاط الوزراء وتحركاتهم، فعندما بدأت الحرب، كان وزير الاقتصاد في لندن، ووزير المواصلات في أسبانيا، ووزير الإعلام في ليبيا، ووزير الخارجية في أمريكا، وكانت قرينة وزير الحربية قد دخلت إحدى مستشفيات لندن لإجراء جراحة عاجلة لها، وقد أعطيت هذه المظاهر انطباعاً بأن الحياة في مصر تسير سيرها العادي.

د. من العوامل التي أدت إلى تضليل الغرب، ما أعلن في القاهرة قبل بدء المعركة بأيام، من أن مؤسسة "بكتل" الأمريكية قد اختيرت من بين المؤسسات العالمية، لإقامة خط أنابيب البترول، بين السويس والبحر المتوسط، ويعد هذا الاتفاق، أضخم اتفاق اقتصادي بين مصر وأمريكا.

هـ. وجه وزير خارجية أمريكا الدعوة للوزراء العرب الموجودين في نيويورك، خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتناول الغذاء على مائدته. وقد رفض بعض الوزراء تلبية الدعوة، وأظهرت مصر بشكل واضح، وغير عادي، عدم ارتياحها لهذا التصرف، وكان الانطباع الفوري هو أن مصر تتشبث بتلابيب أي حل سياسي، لا يستطيع تحقيقه سوى الولايات المتحدة الأمريكية. وقبل الحرب بأربع وعشرين ساعة قابل وزير خارجية مصر، وزير خارجية أمريكا في فندق "والدورف أستوريا" بنيويورك، ودامت المقابلة ساعة كاملة، أشار الوزير المصري فيها لضرورة قيام الأمريكيون بدور فعال في حل الأزمة سياسياً.

و. أشاعت مصر، الانطباع، بأنها تسعى إلى حل سلمي، بموقف آخر، هو الاتجاه نحو السعودية والكويت وإمارات الخليج العربي. وكان تحليل ذلك هو أن مصر باقترابها الشديد من دول النفط الوثيقة الصلة بالغرب، إنما تسعى فقط إلى استخدام النفط كوسيلة ضغط، من أجل الحل السياسي، وقد رسخت مصر هذا التحليل، بتصريحات وأقوال مختلفة.

ز. روجت مصر أخباراً وتحليلات عن ضعفها، للدرجة التي لا تسمح لها بدخول أية حرب، وقد سرت هذه الأخبار والتحليلات بطرق ذكية جداً، حتى أنها وصلت للعالم من خلال كتاب ومعلقين، لا يمكن أن يوصفوا بالانحياز لمصر، ولا لإسرائيل.

ح. في نفس الفترة، التي بدأ فيها العد التنازلي للحرب، أعلن في بيان رسمي أن وزير الدفاع الروماني، سيصل إلى القاهرة يوم 8 أكتوبر، بدعوة من المشير أحمد إسماعيل شخصياً، الذي سيكون في استقباله لدى وصوله بالمطار.

3. الخداع العسكري الإستراتيجي للعملية

أ. لخداع العدو عن نية الهجوم تم تنفيذ عدة الإجراءات

(1) إظهار الهدف المرحلي بأنه استكمال الإجراءات الدفاعية وبناء النطاقات الدفاعية في العمق وتسريب المعلومات التي توحي باستمرار تنفيذ سياسة دفاعية.

(2) إتاحة الفرصة لبعض الضباط بإجراء العمرة في رمضان.

(3). تسريح دفعة رديف من الجنود الاحتياط.

(4). السرية التامة على أعمال التخطيط للعملية وقصرها على مجموعة محدودة من الضباط.

ب. لخداع العدو عن أعمال الفتح الإستراتيجي تم

(1) تم تحريك القوات المصرية تحت ستار أعمال التدريب السنوي، الذي يتم في تلك الفترة من كل عام. وكانت القوات تتحرك بعربات الذخيرة فارغة وتم تشوين الذخائر والاحتياجات بالسكة الحديد واخفاؤها في منطقة الجبهة.

(2) تحركت القوات السورية، إلى جبهة الجولان، تحت ستار التدريب، مع إذاعة أوامر مكشوفة في نهاية التحرك، بانتهاء التدريب، وعودة القوات إلى قواعدها، وهو ما لم يحدث.

ج. لخداع العدو عن اتجاه الضربة الرئيسية، زاد حجم النشاط الهندسي، وحجم المنشآت الإدارية، وتحريك قوات إلى الاتجاهات الأخرى، بعيداً عن اتجاه الضربة الرئيسية.

4. الخداع العملياتي

أ. لخداع العدو عن نية الهجوم

(1) تم تأخير أوامر الهجوم، عن القادة، لآخر وقت ممكن، وبالقدر، الذي يسمح لهم باتخاذ الإجراءات النهائية قبل بدء الهجوم.

(2) إعطاء أوامر صريحة لمجموعات من الجنود، بالجلوس على شاطئ القناة، في حالة تكاسل، يقومون بالصيد ومدلين أقدامهم في المياه.

(3) الأمر بمنع الجنود، من ارتداء الخوذ، وشدة الميدان.

(4) استمر العمال المدنيون في العمل المعتاد لإنشاء المصاطب، على الضفة الغربية للقناة، لآخر وقت قبل الهجوم.

ب. لخداع العدو عن الإمكانيات الحقيقية للأسلحة المصرية، تم تطوير الموجود منها وتحسين أدائها، وابتكار أساليب جديدة غير متوقعة.

ج. لإخفاء الفتح العملياتي للقوات:

(1) تم تحريك القوات، إلى نطاق الجيوش الميدانية، ثم عودتها، مع استبقاء جزء منها، وهكذا حتى تم فتح القوات.

(2) الإكثار من المواقع التبادلية والهيكلية، والتي تم احتلالها بواسطة القوات الحقيقية، دون أن يكتشفها العدو.

(3) خروج القوات البحرية، في مهام تدريبية، أو فنية (لإجراء إصلاح في بريطانيا والهند)، عادت بعدها إلى مناطق العمليات، وخاصة الغواصات.

د. لخداع العدو عن قطاعات الهجوم

(1) إنشاء فتحات شاطئية على طول مواجهة الجيش، وبعدد كبير.

(2) فتح الثغرات في حقول الألغام الصديقة تحت ستار أعمال الصيانة الدورية.

5. اختيار أنسب التوقيتات، لتنفيذ العملية الهجومية

من أهم العوامل الرئيسية في تحقيق المباغتة الإستراتيجية، اختيار أنسب التوقيتات الملائمة، لتنفيذ العملية الهجومية وضمان نجاحها. وقد تضمنت هذه العوامل ثلاثة اختيارات:

أ. أنسب شهور السنة.

ب. أنسب أيام الشهر.

ج. أنسب وقت لبدء الهجوم، أو ساعة (س) أي ساعة الصفر.

لهذا الغرض، أجريت دراسات مستفيضة، لتحديد هذه التوقيتات، نظراً لما تمثله من أهمية كبرى، لتوفير واختيار أنسب ظروف الأرصاد الجوية، والأحوال الجومائية، والهيدروجرافية، التي تساعد أعمال العبور، وتؤمن أعمال القتال البحري، والجوي، بالإضافة إلى تحقيقها للمباغتة. من ناحية أخرى، كان ضرورياً اختيار أفضل التوقيتات، التي تناسب تنفيذ الهجوم على الجبهتين المصرية والسورية في وقت واحد.

6. اختيار أنسب شهور السنة

هدفت الدراسة إلى اختيار شهر من السنة يتوفر فيه الآتي:

أ. ظروف جوية مناسبة لقواتنا، وأقل مناسبة للعدو.

ب. إمكان تحقيق المباغتة الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية.

ج. إمكان الاستفادة من الظروف السياسية، الداخلية والخارجية، والمناسبات والأعياد، التي تؤثر على الموقف العسكري للعدو.

د. أن تكون قواتنا قد استكملت رفع كفاءتها، واستعدادها الكامل، لتنفيذ المهام المخططة، في العملية الهجومية، وأتمت التجهيزات الهندسية في الجبهة.

هـ. اعتدال الطقس، ومراعاة أحوال الجو، في الجبهتين المصرية والسورية، حيث يبدأ موسم تساقط الثلج في سورية، في شهر نوفمبر أو ديسمبر، وتختل الأحوال الهيدروجرافية في القناة، في نهاية فصل الخريف.

و. أن يتميز بليل طويل، حتى يمكن استغلال ساعاته، في إتمام عبور القوات.

وقد توفرت كل هذه الشروط، في شهر أكتوبر، حيث:

أ. تستعد إسرائيل لإجراء انتخابات الكنيست في 28 منه.

ب. يزدحم شهر أكتوبر، بالأعياد الإسرائيلية الدينية، وهي عيد الغفران، وعيد المظال، وعيد التوراة.

ج. ويأتي شهر رمضان المبارك خلال هذا الشهر، بما له من تأثير معنوي على قواتنا، فضلاً عما يمكن تحقيقه من مباغتة إستراتيجية، بشن الهجوم في شهر الصيام، الأمر الذي لا يتوقعه العدو.

د. طول فترة الليل في شهر أكتوبر، حيث يصل الظلام منه، إلى حوالي 12 ساعة.

هـ. الطقس صالح في الجبهتين، لتنفيذ عمليات حربية واسعة.

و. هو أفضل أشهر السنة، بالنسبة للأحوال الجومائية، المناسبة للعمليات البحرية.

7. اختيار أنسب أيام الشهر

هدفت الدراسة إلى اختيار أحد الأيام، الذي يتوفر فيه الآتي:

أ. أن يكون عطلة رسمية، أو عيداً، أو عطلة نهاية الأسبوع، بالنسبة للعدو.

ب. أن يكون فرق المنسوب بين المد والجزر أقل ما يمكن، لتوفير ظروف أفضل، لإقامة المعابر والكباري، على القناة.

ج. أن يتميز بضوء القمر الساطع، خاصة في نصفه الأول، حتى يساعد على إقامة المعديات والكباري ليلاً، ثم يبدأ عبور القوات في الظلام، خلال النصف الثاني من الليل. وهذا يتطلب أن لا تقل مدة الإضاءة القمرية عن 5 ـ 6 ساعات قبل أن يغرب القمر.

وقد توفرت كل هذه الشروط، في السادس من أكتوبر 1973، حيث:

أ. تتوقف الحياة في إسرائيل في هذا اليوم، فضلاً عن كونه يوم سبت، وعطلة نهاية الأسبوع.

ب. يوافق يوم 10 رمضان، حيث القمر مناسب، ومضيء من غروب الشمس، حتى منتصف الليل.

ج. يعتبر فرق منسوب مياه القناة في هذا اليوم مناسباً، حيث سيتزايد بعد ذلك، مع اكتمال القمر بدراً.

8. اختيار وقت بدء الهجوم

أ. هدفت الدراسة إلى اختيار الوقت المناسب، الذي يوفر عدداً محدوداً من ساعات النهار، يحقق الآتي:

(1) أن تتمكن القوات السورية، من تنفيذ مهمتها الحيوية الأولى، التي تتضمن اجتياز خندق مضاد للدبابات، حفره العدو على طول امتداد الجبهة، ثم تستولي على خط هام من المرتفعات، وذلك في ضوء النهار.

(2) أن يتوفر للقوات الجوية السورية والمصرية، الوقت الكافي لتوجيه ضربة جوية مركزة، في ضوء النهار، وأن تتاح لها فرصة تكرارها، قبل آخر ضوء، إذا تطلب الموقف ذلك. في الوقت نفسه، لا تدع للعدو الفرصة الكافية، من ضوء النهار لاستخدام قواته الجوية بكثافة، والرد على الضربة الجوية، قبل آخر ضوء، اليوم الأول للعمليات، بذلك نحرم العدو من رد الفعل المؤثر، قبل صباح اليوم الثاني، إذ كانت هذه الفترة ضرورية لتنفيذ أعمال العبور الرئيسية دون تدخل جوي معاكس من العدو.

(3) أن تتوفر نهاراً، القدرة الجيدة لمراقبة، وتصحيح نيران المدفعية، أثناء التمهيد النيراني للهجوم، وأثناء هجمات العدو المضادة المتوقعة، في الساعات الأولى التي تلي العبور.

(4) أن يمكن إسقاط معدات العبور الثقيلة، في مياه قناة السويس، بمجرد هبوط الظلام، على أن يبدأ تركيبها في ضوء القمر، بحيث يبدأ العبور عليها، بعد غروب القمر، في منتصف الليل.

(5) أن تكون ضوء الشمس، في عين العدو أثناء عبور قواتنا في ضوء النهار، بما يقلل من كفائته في المراقبة والتصويب.

ب. من هذه الدراسات تم اختيار ساعة الهجوم، لتكون قبل الإظلام بمدة 3.5 ساعة، حتى يتم خلالها انجاز الأعمال الرئيسية التالية:

(1) توجيه الضربة الجوية المشتركة، بالقوات المصرية والسورية، يشترك فيها حوالي 300 طائرة.

(2) تحريك الكباري من مناطق تجمعها الخلفية، إلى الضفة الغربية للقناة، وبدء إسقاطها في المياه.

(3) تنفيذ التمهيد النيراني بالمدفعية، خلال أربع قصفات مركزة، بحوالي 2000 مدفع، ولمدة 53 دقيقة.

(4) فتح الممرات في الساتر الترابي، باستخدام مضخات المياه، بواسطة عناصر المهندسين العسكريين.

(5) إبرار قوات الصاعقة، في عمق العدو، قبل آخر ضوء مباشرة.

كانت الدراسات التي أجريت لتحديد هذه التوقيتات، على درجة عالية من الدقة والمهارة، حتى أنها حققت كافة أهدافها، دون استثناء. وعلى رأس هذه الأهداف تحقيق المباغتة الإستراتيجية على العدو، وما يترتب عليها فيما بعد.

9. العوامل التي ساعدت على نجاح الخداع المصري

أ. حالة القيادة الإسرائيلية المقنعة بتفوقهم على العرب، وأن مصر وسورية ليسا استثناء من ذلك:

(1) عدم قدرة مصر، وهي الجبهة الرئيسية، على القيام بهجوم شامل، وأن أي محاولة مصرية، حتى للحصول على موطئ قدم على الضفة الشرقية للقناة، بمفردها، سينتهي بالفشل حتماً.

(2) عدم إمكان التنسيق، لأي هجوم عربي، على أكثر من جبهة.

(3) الغرور القاتل، الذي أصاب قادة إسرائيل، من أنهم يملكون التفوق المطلق، وليس أمام مصر والعرب، سوى الاستسلام لشروط إسرائيل، تحت وقع الهزيمة العسكرية عام 1967.

ب. قدرة وكفاءة جهاز التخطيط المصري والسوري، للخداع الإستراتيجي، والخداع العسكري.

ج. الكفاءة العالية، في تنفيذ أنشطة وإجراءات الخداع، بمستوياته المختلفة.

د. إساءة تفسير، أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وأجهزة المخابرات الأجنبية، المتعاونة معها، للنوايا المصرية.

10. النتائج المترتبة على نجاح خطة الخداع

أ. حدث تغير في التوازن العسكري بالمنطقة، أدى إلى تحسن الموقف الإستراتيجي، لمصلحة سورية ومصر، استمر طيلة الأيام الأولى للقتال.

ب. ارتباك القيادات الإسرائيلية، على كافة المستويات، مما جعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات سليمة، أو اتخاذ رد فعل مناسب، وقد استمر ذلك لعدة أيام، مما أدى إلى انتزاع المبادرة.

ج. حرمان القوات الإسرائيلية، من تعبئة قواتها، قبل بدء الهجوم المصري والسوري، أدى إلى ضعف المقاومة، للقوات المدافعة في البداية، كما تأخرت الهجمات المضادة الرئيسية.

د. تنفيذ مهام العمليات المعقدة، وعلى رأسها اقتحام قناة السويس، والاستيلاء على النقط القوية لخط بارليف، في ظروف أكثر مناسبة.

هـ. الحد من الخسائر، التي ستتعرض لها القوات المصرية، مع تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة في القوى البشرية، وفي الأسلحة والمعدات.