إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب أكتوبر1973، من وجهة النظر المصرية




لواء طيار/ محمد حسني مبارك
لواء/ محمد سعيد الماحي
إنشاء الكباري للعبور
اللواء بحري فؤاد ذكري
اللواء طيار صلاح المناوي
اللواء سعد مأمون
اللواء عبدالمنعم خليل
اللواء فؤاد نصار
المشير أحمد إسماعيل علي
المشير عبدالغني الجمسي
السادات أثناء عرض الخطة
السادات في أحد اللقاءات
السادات في زيارة تفقدية
الفريق محمد علي فهمي
الفريق سعد الدين الشاذلي
الفريق عبدالمنعم واصل
كمائن الصواريخ
علم مصر فوق سيناء
عميد أ.ح/ عبدالحليم أبو غزالة
عميد مهندس/ أحمد حمدي
عميد منير شاش
فتح الثغرات
قوارب المشاة تقتحم القناة

أوضاع القوات 7 أكتوبر
أوضاع قوات الجانبين
إحدى نقط خط بارليف
معركة اللواء 25 مدرع
المناطق المحتلة عقب 1967
النقط المكونة لخط بارليف
التطوير يوم 12 أكتوبر
التطوير شرقاً للعملية بدر
الخطة الإسرائيلية للعبور
حجم وأوضاع القوات الإسرائيلية
خطوط فك الاشتباك الثاني
خطة العمليات الهجومية الأولى
خطة العمليات الإسرائيلية
خطة العمليات جرانيت 2
جغرافية شبه جزيرة سيناء
طبوغرافية الأرض شرق القناة

أوضاع قوات الطرفين 1967
معركة الفردان 8 أكتوبر
الخطة شامل لتصفية الثغرة
تأثير عناصر الدفاع الجوي
حجم وأوضاع القوات المصرية
خطوط فك الاشتباك الأول
طبوغرافية الأرض غرب القناة
طبيعة قناة السويس



ملحق

ملحق

الآراء حول الوقفة التعبوية "العملياتية"

10 ـ 13 أكتوبر 1973

أولاً: ما ذكره الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية)

قمنا بتجهيز الخطة الجديدة التي لم تكن إلا الخطة "جرانيت 2" بعد إجراء بعض التعديلات الطفيفة. وبعد أن تم وضع هذه الخطة دمجت مع "الخطة بدر"، التي هي خطة العبور في خطة واحدة، أصبحنا نطلق على خطة العبور لفظ "المرحلة الأولى" وخطة التطوير لفظ "المرحلة الثانية"، ولكي نُعَّمق الفاصل بين المرحلتين فقد كنا عندما ننتقل من شرح المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية نقول "وبعد وقفة تعبوية نقوم بالتطوير كذا كذا...".

"إن التعبير العسكري "وقفة تعبوية" يعني التوقف إلى أن تتغير الظروف التي أدت إلى هذا التوقف، وقد تكون الوقفة التعبوية عدة أسابيع وقد تكون عدة شهور أو أكثر. كنا نشرح ونناقش خطة العبور بالتفصيل الدقيق ثم نمر مروراً سريعاً على المرحلة الثانية. لم أتوقع قط أن يطلب إلينا تنفيذ هذه المرحلة، وكان يشاركني هذا الشعور قادة الجيوش ويتظاهر بذلك، على الأقل، وزير الحربية".

ثانياً: ما ذكره أمين هويدي، وزير الحربية المصري الأسبق، ومدير الاستخبارات العامة الأسبق

1. نقلاً عن الرئيس حافظ الأسد

"ما أكده الرئيس حافظ الأسد لمحمود رياض وزير خارجية مصر عند زيارة الأخير لدمشق في 12 نوفمبر 1973 من أن "الاتفاق بيني وبين الرئيس كان يقضي قيام مصر باحتلال المضايق. إلا أن القوات المصرية توقفت بعد 10 كلم شرق القناة، وربما حاولت القوات المصرية تدارك ذلك يوم 14 أكتوبر عندما دفعت باحتياطيها إلى سيناء. ولكن الفرصة كانت قد فاتت بعد مرور 8 أيام كاملة على النجاح المصري في العبور وبعد أن زال عامل المفاجأة".

"أكد الأسد لباتريك سيل أن الهدف الذي حدد لسورية كان تحرير الجولان، بينما كان الهدف المصري هو الوصول إلى ممرات سيناء في المرحلة الأولى، قبل إعادة الحشد لتحرير سيناء. فهذا هو "ما قررته أنا والسادات ولقد خضنا الحرب على هذا الأساس". وبذلك خدع السادات الأسد ولم يكن الخداع شفاهة بل تلقى السوريون خطط حرب مزورة. وقد بدأ الغش ـ على قول باتريك سيل ـ في مؤتمر السادات ـ الأسد في برج العرب في ابريل 1973، عندما أتفق الزعيمان على الجملة كما ذكر آنفاً. وباع السادات خطة جرانيت إلى الأسد. وبعد العبور لم يكن في نية المصريين التحرك شرقاً، وبدأت الحقيقة المفزعة تتكشف للسورين تدريجياً، ولم يخطر في بالهم أن المصريين خانوهم". وتبين للسوريين أن السادات أرسل عن طريق قناة خلفية إلى كيسنجر يخبره فيها "بأننا لا نريد أن نعمق الاشتباكات ولا أن نوسع المواجهة". وبعد 24 ساعة من العبور بدأ المصريون في الحفر والاستحكام".

2. رأي أمين هويدي الشخصي (المرحلة الثانية: الوقفة أم نهاية مهمة)

"واستمرت هذه المرحلة من يوم 9 إلى 13 أكتوبر 1973 أي خمسة أيام كاملة. فبعد أن تحقق لقواتنا نصر مؤزر في معركة العبور بخسائر بسيطة غير متوقعة، وبعد أن ظهر مدى المباغتة التي تحققت والتي أوقعت قيادة العدو في ارتباك شديد، رأت القيادة التوقف. وفي الحقيقة فإن هذا تعبير غير دقيق لما حدث. فالخطة أصلاً كانت تقضي مجرد عبور قواتنا إلى شرق القناة وتكوين رؤوس كباري بعمق 10 كلم لتصبح أقصى خطوط مواقعنا الدفاعية على هذا المدى. فالقيادة قد حققت غرضها المصدق عليه سياسياً والتي اختارته بحرية مطلقة بموجب التوجيهات السياسية المائعة التي لم تحدد للقيادة العسكرية غرضاً محدداً واجباً عليها تحقيقه ليخدم المعركة السياسية المنتظرة.. كانت إستراتيجية الحرب خاطئة من أولها".

"إذن فالوقفة كانت تنفيذاً للخطة الموضوعة من قبل والتي لم يكن يعرفها إلا الرئيس السادات ووزير الدفاع المشير أحمد إسماعيل والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس هيئة أركان الحرب، وهي في إطار ذلك لم تكن وقفة بقدر ما كانت نهاية من جانبنا للحرب التي بدأناها".

"وترتيباً على ذلك فإن المناقشات التي دارت بين الجمسي رئيس هيئة العمليات في تلك الفترة وبين أحمد إسماعيل القائد العام تثير السخرية لأنها مناقشة دارت بين من يعلم ومن لا يعلم. فالجمسي كان يظن أن الغرض من الحرب كان الوصول إلى المضايق الإستراتيجية وسط سيناء، والحقيقة خلاف ذلك كما سبق أن ذكرنا ولذلك نجده يذكر، وهو يحاول يوم 9 أكتوبر 1973 إقناع القائد العام بالتقدم شرقاً، الأسباب التي تؤيد وجهة نظره:

أ. كان ترك العدو الإسرائيلي من دون ضغط مستمر عليه يعني انتقال المبادأة له.

ب. ستحاول القوات الإسرائيلية في حالة توقفنا اختراق أحد القطاعات بالجبهة والوصول إلى القناة، الأمر الذي يستدعي تطوير الهجوم حتى نحتفظ بالمبادأة.

ج. القوات الإسرائيلية في سيناء في وضع سيئ من الناحية المعنوية والقدرة القتالية، بعد الفشل الذي لحق بها والخسائر الكبيرة التي تحملتها بالرغم من أن موقفها في الجولان تطور لصالحها.

د. استئناف الهجوم يترتب عليه التحام قواتنا مع العدو الأمر الذي يقلل من تأثير السلاح الجوي الإسرائيلي. ومن الواجب أيضاً استغلال طاقة قواتنا الجوية وكذلك تحريك بعض صواريخنا على وثبات للأمام".

"وكان رد فعل هذه المناقشات ـ كما يقول الجمسي ـ زيادة تمسك القائد العام بوقفته "للمحافظة على سلامة قواتنا" وكان رد الجمسي الأخير عليه "أرجو أن تتذكر أن خطة الحرب تقضي بتطوير الهجوم لاحتلال المضايق، بعد اقتحام القناة وبعد وقفة تعبوية أو بدونها. أي أن مبدأ التطوير شرقاً إلى المضايق هو مبدأ مقرر لا خلاف عليه والسؤال هو متى يتم ذلك"؟.

"وإننا نوافق على المبررات التي ذكرها الجمسي للتقدم شرقاً ولكننا لا نوافق على أن تطوير الهجوم إلى المضايق كان مقرراً من قبل. الأمر الذي ينكره كل من أحمد إسماعيل القائد العام وسعد الشاذلي رئيس الأركان وكذلك الأمر الواقع.. ومما يثير الدهشة أن الجمسي لم يشعر حتى ذلك الوقت أن شيئاً غير مألوف يحدث أمامه حتى بعد أن طالت الوقفة وفي الظروف التي تمت فيها مما كان يثير شك أي شخص ـ خاصة إذا كان رئيس هيئة العمليات ـ ويدعوه إلى أن يحذر ويرفع صوته أمام الخطر الذي يقول هو نفسه أنه لمسه وحذر منه. ومجرد التحذير سراً بينه وبين القائد العام ثم تدوين ذلك في مذكرات نشرت بعد الحدث بسنوات طويلة لا يعفي أبداً من الاشتراك في تحمل المسؤولية وهو مجرد إثبات موقف لا يغير مما حدث شيئاً، خاصة أنه إثبات للموقف توفي فيه شهود العيان".

"ولكن كيف استغل العدو الخمسة أيام التي توقفنا فيها قبل أن نقرر فجأة التقدم شرقاً؟"

"في الأيام الأولى للحرب كان الإسرائيليون قد انهاروا تماماً ويتصرفون تصرفات طائشة لدرجة أنه في يوم 7/10/1973 عاد موشي دايان إلى القيادة العليا وأعلن اقتراحه "بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خط يمكن الدفاع عنه وهو الممرات. كانت لهجته متشائمة جداً، ينظر إلى أن الوضع تطور ليصبح الدفاع عن دولة إسرائيل نفسها، ولذلك لا بد من تقصير خطوط المواصلات، واقترح علاوة على ذلك الانسحاب من خليج السويس، مع إبقاء قوة في شرم الشيخ. أما بالنسبة لهضبة الجولان فقد اقترح تثبيت الخط على التل المشرف على غور الأردن وإعداد خط ثاني على النهر. ويعرض دايان اقتراحاته على جولدا مايير رئيسة الوزراء". وفي يوم 8/10/1973 صدت قواتنا الهجمات المضادة الإسرائيلية فكبدتها خسائر جسيمة للغاية بما فيها اللواء 190 المدرع وقضت عليه وأسرت قائده عساف ياجوري".

"ولكنا توقفنا عند "المآذن العالية"!!"

"وبدأ العدو يسترد أنفاسه فبعد أن نفذ العرب خططهم المعدة من قبل لعبور القناة واجتياح الجولان لم يعد في استطاعتهم أخذ الخطوة الثانية التي تحتاج إلى تخطيط تحت ظروف غير متوقعة وإحصائيات جديدة وتحتاج أيضاً إلى القتال ضد قوات استعادت رباطة جأشها، فقد وصلنا إلى مرحلة حصلنا فيها على المبادأة لتوجيه تحركاتنا وأصبح لدينا خيارات متعددة".

"ولعلنا لاحظنا الخلاف الكبير بين كلام دايان قبل الوقفة وبين كلامه بعدها وكنا نحن السبب!!!"

"كان الغرض الإستراتيجي للعدو الذي تحدد أثناء وقفة الأيام الخمسة هو تعديل الموقف على خطوط القتال في الجبهتين لصالح لإسرائيل حتى يحين وقت إيقاف إطلاق النيران. فقد كانوا ينظرون إلى موقفهم بعد صدور قرار مجلس الأمن المنتظر حتى وهم يقاتلون وهذه إحدى أسس عقيدتهم الأمنية. فهم يعلمون أن الصراعات الإقليمية هي صراعات إقليمية عالمية في حقيقتها وأنهم لا بد وقبل إيقاف إطلاق النيران من جمع أوراق كثيرة في جيوبهم للمساومة بها بعد توقف القتال".

"وأصروا على تعديل الموقف في الجولان أولاً طالما جمدت الجبهة الجنوبية نفسها، ووجهوا الضربة إلى سورية 11/10/1973 بغرض الاقتراب بأقصى ما يمكن من دمشق دون احتلالها. وبتركيز يكاد أن يكون كاملاً لضرباتهم الجوية بما في ذلك ضرب أغراض مدنية نجحوا في إجبار القوات السورية على التراجع متجاوزين خط إيقاف إطلاق النيران "الخط الأرجواني" مكبدين إياه خسائر أكثر من 900 دبابة، وبحلول يوم 13/10/1973 بدأوا في الدفاع على خط جديد يقترب في شماله من دمشق بحوالي 10 كلم وبذلك أصبحت العاصمة السورية في مدى المدفعية الإسرائيلية وهو وضع مناسب لإسرائيل إذا ما صدر قرار مجلس بإيقاف النيران".

"وبعد أن تعدل الموقف تماماً على الجبهة السورية وفي ظل عدم استغلال القوات المصرية للموقف على الرغم من استنجاد سورية مراراً لتخفيف الضغط على جبهتها بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي في نقل مركز ثقل الهجوم Center Of Military Gravity إلى الجبهة الجنوبية، ونقل القوات اللازمة إليها. وكان الغرض إحداث تغيير جوهري في الموقف باختراق الخطوط الدفاعية المصرية والعبور إلى غرب القناة ـ وهي أصل فكرة الدفاع عن سيناء كما سبق القول ـ للحصول على مساحة من الأرض غرب القناة لاستخدامها في المساومة، وأكثر من ذلك الوصول إلى خلف القوات المصرية والعمل ضد خطوط مواصلاتها غرب القناة مما يهدد القوات المصرية على الساحل الشرقي للقناة وذلك للحصول على موقف تفاوضي أفضل".

"وتم وضع الخطط التفصيلية لتنفيذ العبور وحشد القوات اللازمة أثناء فترة الوقفة. وتوقعوا أن يقوم المصريون بهجوم كبير في الأيام التالية وهذا كان يتفق وخطتهم لجذب القوات المصرية من غرب القناة إلى شرقها لإطلاق حرية العمل لقواتهم إذا نجحت في العبور إلى أفريقية".

"واختتمت فترة الوقفة بإجراء حاسم. إذ بدأ الجسر الجوي الأمريكي ناقلاً المعدات والأسلحة والأطقم مباشرة إلى الجبهة وذلك يوم 14/10/1973".

ثالثاً: ما ذكره المشير محمد عبدالغني الجمسي في مذكراته (رئيس هيئة العمليات بالقيادة العامة المصرية 1973)

1. تحت عنوان "الانتظار الطويل ـ وقفة تعبوية" ذكر المشير الجمسي

"شهدت الأيام الأربعة (10 ـ 13 أكتوبر) تطورات هامة في الموقف العسكري، على الجبهة السورية ثم الجبهة المصرية، كما حدثت تطورات سياسية على المستوى العربي، واستمرت الاتصالات التي كانت تدور بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والأطراف المتحاربة مما كان له تأثير مباشر على تطور العمليات العسكرية في المرحلة التالية".

"ففي الجبهة المصرية، كانت قوات الجيشين الثاني والثالث تقوم بتعزيز رؤوس كباري الجيوش، وإعادة تنظيم القوات في مناطق رؤوس الكباري. واستمر القتال بهدف تكبيد القوات الإسرائيلية، أكبر خسائر ممكنة، بينما تهدف قوات العدو إلى تعطيل تقدم قواتنا شرقاً اعتباراً من يوم 10 أكتوبر بهجمات مضادة متكررة مع نشاط زائد للسلاح الجوي الإسرائيلي، وكانت المعلومات التي وصلتنا تشير إلى وصول الإمدادات العسكرية الإسرائيلية لإسرائيل حيث يتم تفريغها في مطار العريش رأساً خلال يوم 10 والأيام التالية".

"أما الموقف في الجبهة السورية اعتباراً من يوم 10 فقد كان مثيراً للقلق. فقد تمكنت القوات الإسرائيلية من استعادة الجولان في نهاية هذا اليوم بعد هجوم مضاد ناجح قامت به، وتجاوزت خط 6 أكتوبر اعتباراً من اليوم التالي 11 أكتوبر. وكان السلاح الجوي الإسرائيلي قد بدأ هجماته الجوية ضد بعض الأهداف الاقتصادية السورية يوم 9 أكتوبر، انتقل بعدها إلى قصف العاصمة "دمشق" في يوم 10 أكتوبر".

"كان من رأي ضرورة استغلال الموقف لتطوير الهجوم شرقاً طبقاً للخطة دون أن نتوقف طويلاً حتى نحرم العدو من فرصة تدعيم مواقعه أمام قوات الجيش. وهذا يعني أن استئناف الهجوم يتم في الظرف الأفضل لنا والأسوأ للعدو".

"ناقشت الفريق أحمد إسماعيل في هذا الموضوع يوم 9 أكتوبر خلال مقابلتين معه داخل مركز العمليات. وجدت منه الحذر الشديد من سرعة التقدم شرقاً".

"لقد دارت المناقشة بين الفريق أول إسماعيل وبيني بطريقة موضوعية. وكنت أعرف عنه بحكم خدمتي السابقة معه أنه حذر جداً، وكلما كانت المناقشة تطول بيننا أجد أنه برغم اقتناعه إلا أن عامل "الخسائر المتوقعة من الطيران المعادي" كان يسيطر على كل تفكيره ثم يعود إلى القول "لابد من المحافظة على القوات المسلحة سليمة". وكان القرار الذي وصل إليه برغم مناقشتي الطويلة معه، أنه لا بد من عمل "وقفة تعبوية" ثم يلي ذلك استئناف الهجوم على ضوء تطور الموقف، وهو قرار ثابت في ذهنه لا يحيد عنه".

"وفي نهاية المناقشة بعد مقابلتين طويلتين يوم 9 أكتوبر مع الفريق أول أحمد إسماعيل، وله كل الاعتزاز والاحترام مني، قلت له: أرجو أن تتذكر أن خطة الحرب تقضي بتطوير الهجوم لاحتلال المضايق بعد نجاح الهجوم واقتحام القناة "بعد وقفة تعبوية أو بدونها". أي أن مبدأ التطوير شرقاً إلى المضايق هو مبدأ مقرر لا خلاف عليه، وأصبح السؤال هو فقط: متى يستأنف الهجوم؟".

2. وعن رأي الفريق أول أحمد إسماعيل ذكر

"بعد أن أصبح الفريق أول أحمد إسماعيل في رحاب الله، لم أجد أفضل من الحديث الصحفي الذي أدلى به للأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام يوم 18/11/1973 ـ بعد انتهاء الحرب والحديث مسجل في كتاب: الرجال والمعركة الذي صدر بموافقة الفريق أول أحمد إسماعيل، ويشمل كل أحاديثه الصحفية بعد الحرب عن حرب أكتوبر 1973. ـ للرد على التساؤلات التي دارت حول عدم استغلال النجاح بالسرعة التي كانت متوقعة، وهو الأمر الذي أحس به الجميع داخل مصر وخارجها عندما لم تتعمق قواتنا شرقاً بعد الخطوط التي وصلت إليها قواتنا في رؤوس كباري الجيوش في سيناء، خصوصاً وأن البيانات العسكرية التي كانت تصدر عن مصر ـ وهي صحيحة ـ كانت تعطي هذا الانطباع برغم أن القتال لم يهدأ.

هيكل:

أريد أن أسألك، وقد تأذن لي أن أكون صريحاً، عن السبب الذي من أجله لم يجر تطوير هجومنا الشامل بالسرعة الواجبة.. إن البعض من الخبراء يرون أن النجاح الهائل لعملية العبور لم يجر استغلاله بسرعة. وهناك تساؤلات كثيرة في هذا الصدد: هل كان تخطيطنا المسبق لافتتاحية العبور العظيمة وحدها؟ هل لم نستطع أن نرى الفرصة المتاحة لنا؟ هل كنا أبطأ مما يجب أو ماذا حدث بالضبط؟

أحمد إسماعيل:

هل لم نستطع رؤية الفرصة؟

إن الموضوع بالنسبة لي لم يكن مسألة فرص، وإنما كان مسألة حسابات. ومهما وجدت من فرص تبدو متاحة أمامنا فقد كان عليَّ ألا أغامر.

إننا بدأنا العملية في حماية شبكة الصواريخ الشهيرة. ولذا كان عليَّ أن أتقدم بعدها، فقد كان لابد ـ سواء كانت هناك فرص يراها غيري أو حتى أراها بنفسي ـ أن أنتظر حتى أتأكد أن قواتي وراءها الحماية الكافية.

كان لا بد أن أعطي الفرصة لمدرعاتي بالدخول. وكان لا بد أن أعطي الفرصة لصواريخي المتحركة المضادة للطائرات بالدخول. إن قواتنا الجوية قامت بعمل بطولي، ولكن لو أني دفعت بقواتي وراء الفرصة المتاحة التي يتحدثون عنها، ولم تكن دفاعاتي ضد تفوق العدو الجوي جاهزة، لكان معنى ذلك أن ألقي العبء كله على الطيران وأحمله ما لا يطيق في وقت أعرف فيه أن الساعات الصعبة ما زالت أمامنا.

هل كنا أبطأ مما يجب؟

لا أعرف.. ما أعرفه هو أنني التزمت بالتخطيط. كان التخطيط ـ الخطة الأصلية أقصد ـ يقتضي وقفة تعبوية بعد إتمام العبور وبعد تأمين رؤوس الكباري.. وقفة أعيد فيها تقدير الموقف على ضوء رد فعل العدو، وأتأهب للخطوة التالية واتخذ لها احتياطاتها الكافية وأتقدم.

إن الوقفة التعبوية لم تكن فترة سكون، ولكنها كانت فترة تقبُّل لهجمات مضادة من العدو وتدميرها.

رابعاً: ما ذكره المؤرخ العسكري جمال حماد

1. رأيه الشخصي

"لقد كان الأمر المفترض هو وجود هيئة قيادة موحدة تضم إدارة كاملة للعمليات وأخرى للمخابرات، مما كان يكفل استغلال الأزمة الحادة والارتباك الشديد اللذين واجهتهما القيادة الإسرائيلية خلال الأيام الأولى من المعركة عندما تلقت صدمة الحرب العنيفة على كلتا الجبهتين في وقت واحد. ولو كانت هذه القيادة موجودة بالفعل لاستغلت فرصة تركيز إسرائيل لمجهودها الجوي وقواتها الاحتياطية في الفترة الأولى من الحرب في مواجهة الجبهة السورية للقيام بعملية تطوير ناجحة للهجوم المصري شرقاً في اتجاه المضايق الجبلية دون إجراء الوقفة الطويلة التي استمرت حوالي خمسة أيام (من يوم 9 إلى يوم 13 أكتوبر) مما أضاع على القوات المصرية فرصة ثمينة لا يمكن تعويضها للوصول إلى خط الدفاع الطبيعي عن القناة وهو منطقة المضايق الجبلية الإستراتيجية، ولو كان ذلك قد تم لما أمكن للقوات الإسرائيلية القيام بعملية الاختراق التي جرت بعد ذلك في الدفاعات المصرية شرق القناة عند الدفرسوار ليلة 15/16 أكتوبر والتي انتهت بعبورها القناة ووصلوها إلى الضفة الغربية لها والقيام بعملياتها على مؤخرة الجيشين الثاني والثالث غرب القناة".

"ولكن الأيام الأربعة (من 9 إلى 12 أكتوبر) شهدت خلافاً عسكرياً حاداً بين القيادتين المصرية والسورية. فإن القيادة العسكرية السورية اعترضت على بقاء القوات المصرية مستقرة في رؤوس الكباري عقب نجاحها في صد الهجمات المضادة الإسرائيلية بسبب التعليمات الصادرة إليها بعمل وقفة تعبوية ولذا أضاعت فرصة ذهبية للتقدم إلى خط المضايق الجبلية الإستراتيجية في وسط سيناء، وذكر السوريون أن عملية تنظيم التعاون التي أجريت يوم 7 يونيو 1973 في القيادة العامة بالقاهرة للخطة الهجومية جرانيت 2 المعدلة (الخطة بدر) بين القوات المصرية والسورية والتي اشترك فيها عدد من كبار القادة المصريين والسوريين تحددت فيها الأهداف على أساس وصول القوات المصرية إلى منطقة المضايق الجبلية في سيناء ووصول القوات السورية إلى نهر الأردن وبحيرة طبرية، وبعد تحقيق هذه الأهداف يمكن فقط عمل الوقفة التعبوية. ولكن القيادة المصرية كان من رأيها ضرورة عمل الوقفة التعبوية عقب عبور القناة واقتحام خط بارليف بهدف إعادة التنظيم والاستعداد لملاقاة الهجمات المضادة الإسرائيلية المنتظرة، وبعد انتهاء هذه المرحلة يمكن التقدم بعد ذلك إلى اتجاه المضايق".

2. ما ذكره نقلاً عن مسؤولين سوفيت

"هذا ولم تكن الوقفة التعبوية للقوات المصرية مثار انتقاد السوريين فحسب. فقد عبر المسؤولون بالاتحاد السوفيتي عن قلقهم لتوقف الهجوم المصري بعد انتصاره الساحق على الإسرائيليين وتدمير خط بارليف، وأبدوا تعجبهم لعدم استغلال المصريين لنجاحهم للوصول إلى خط المضايق وخاصة أن هذا التقدم علاوة على أنه ضرورة حربية ومرحلة تعبوية هامة من المحتم القيام بها، فإنه في نفس الوقت سيساعد على تخفيف الضغط الواقع على سورية من جراء تركيز المجهود الرئيسي الإسرائيلي ضدها".

خامساً: حول هذا الموضوع قال محمود رياض أمين عام الجامعة العربية حينئذ

"إن الرئيس حافظ الأسد وجه له دعوة يوم 12 نوفمبر 1973 ـ بعد الحرب بحوالي أسبوعين ـ للسفر إلى دمشق للتباحث معه بشأن الموقف في ذلك الوقت. وفي حديث استمر بينهما من منتصف الليل حتى ما بعد الثانية صباحاً شرح فيه الرئيس الأسد الموقف في الجولان خلال فترة العمليات، وجاء فيه:

إن الاتفاق بيني وبين الرئيس السادات كان يقتضي قيام مصر باحتلال المضايق، إلا أن القوات المصرية توقفت بعد عشرة كيلومترات من شرق القناة، وأضاف: ربما تكون القيادة المصرية قد حاولت تدارك هذا الخطأ يوم 14 أكتوبر عندما دفعت باحتياطيها إلى سيناء، ولكن الفرصة كانت قد فاتت بعد مرور ثمانية أيام كاملة على النجاح المصري في العبور، وبعد أن زال عامل المباغتة لدى إسرائيل. وذكر الرئيس الأسد، أنه لم يكن هناك تنسيق كاف بيننا وبين القيادة المصرية. بالرغم من أن الفريق أول أحمد إسماعيل هو القائد العام للجبهتين".

سادساً: رأي حافظ إسماعيل، مستشار الأمن الوطني للرئيس السادات في هذا الوقت

جاء في كتاب المشير الجمسي، نقلاً عن حافظ إسماعيل في كتابه "أمن مصري القومي في عصر التحديات (ص 323) تحت عنوان 10 ـ 13 أكتوبر، وقفة تعبوية".

"كانت قواتنا خلال المرحلة التي انتهت قد أتمت تحقيق الهدف المباشر. وكنت من خلال أحاديثي مع الفريق أول أحمد إسماعيل من قبل نشوب الحرب، أدرك أنه لا ينوي التقدم حتى الممرات الجبلية. وأن ما جاء بتعليمات عمليات القيادة العامة بأن الهدف هو احتلال المضايق.. إنما قصد به أن يستحث القيادات الصغرى خلال مرحلة بناء رؤوس الكباري على استمرار التقدم حتى الهدف المباشر".