إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب أكتوبر1973، من وجهة النظر المصرية




لواء طيار/ محمد حسني مبارك
لواء/ محمد سعيد الماحي
إنشاء الكباري للعبور
اللواء بحري فؤاد ذكري
اللواء طيار صلاح المناوي
اللواء سعد مأمون
اللواء عبدالمنعم خليل
اللواء فؤاد نصار
المشير أحمد إسماعيل علي
المشير عبدالغني الجمسي
السادات أثناء عرض الخطة
السادات في أحد اللقاءات
السادات في زيارة تفقدية
الفريق محمد علي فهمي
الفريق سعد الدين الشاذلي
الفريق عبدالمنعم واصل
كمائن الصواريخ
علم مصر فوق سيناء
عميد أ.ح/ عبدالحليم أبو غزالة
عميد مهندس/ أحمد حمدي
عميد منير شاش
فتح الثغرات
قوارب المشاة تقتحم القناة

أوضاع القوات 7 أكتوبر
أوضاع قوات الجانبين
إحدى نقط خط بارليف
معركة اللواء 25 مدرع
المناطق المحتلة عقب 1967
النقط المكونة لخط بارليف
التطوير يوم 12 أكتوبر
التطوير شرقاً للعملية بدر
الخطة الإسرائيلية للعبور
حجم وأوضاع القوات الإسرائيلية
خطوط فك الاشتباك الثاني
خطة العمليات الهجومية الأولى
خطة العمليات الإسرائيلية
خطة العمليات جرانيت 2
جغرافية شبه جزيرة سيناء
طبوغرافية الأرض شرق القناة

أوضاع قوات الطرفين 1967
معركة الفردان 8 أكتوبر
الخطة شامل لتصفية الثغرة
تأثير عناصر الدفاع الجوي
حجم وأوضاع القوات المصرية
خطوط فك الاشتباك الأول
طبوغرافية الأرض غرب القناة
طبيعة قناة السويس



حرب عام 1967

 

ملحق

الآراء في قرار التطوير شرقاً

14 ـ 15 أكتوبر 1973

تنقسم الآراء، حول قرار التطوير شرقاً إلى مجموعتين، الأولى هي مجموعة الآراء حول السؤال: هل كان مخططاً الاستمرار في القتال حتى المضايق حقاً؟ والثانية هي مجموعة الآراء حول التساؤل: هل كان توقيت ومستوى قرار التطوير صحيحاً، بحيث ينتج عنه مكاسب جديدة مثل قرار العبور؟.

أولاً: مجموعة الآراء حول التخطيط للوصول للمضايق من عدمه

1. ما ذكره المشير محمد عبدالغني الجمسي (رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية، والمسؤول عن التخطيط في حرب أكتوبر 1973)

تحت عنوان ماذا بعد رؤوس كباري الجيوش؟ كتب الجمسي يقول:

"لقد كان التخطيط لحرب أكتوبر يهدف إلى هزيمة التجمع الرئيسي للقوات الإسرائيلية في سيناء والوصول إلى خطوط إستراتيجية في سيناء تحقق الهدف السياسي من الحرب.

وقد أفصح الرئيس الراحل السادات عن الهدف الإستراتيجي العسكري في كتابه (البحث عن الذات ـ ص 384) عندما قال: "لقد عبرنا وحققنا المرحلة الأولى بالاستيلاء الكامل على خط بارليف، ولم يعد أمامنا إلا المرحلة الثانية وهي الوصول إلى المضايق".

"وحان الوقت يوم 9 أكتوبر لتقرر مصر متى يستأنف الهجوم وتطويره شرقاً في اتجاه المضايق تنفيذاً لخطة الحرب".

"كان ترك العدو الإسرائيلي من دون ضغط مستمر عليه معناه انتقال المبادأة له. ولا ينتظر أن تتخذ القوات الإسرائيلية أوضاعاً دفاعية حتى نهاية الحرب، بل أنها ستحاول اختراق أحد القطاعات بالجبهة حتى يكون دفاعها إيجابياً نشطاً وقد تصل بعض قواتها إلى خط القناة. ولذلك يجب حرمان العدو من القيام بهذا العمل بالمحافظة على المبادأة في أيدينا، ولا يتحقق ذلك إلا بتطوير العمليات الهجومية شرقاً".

"لقد كانت القوات الإسرائيلية في سيناء في وضع سيئ من الناحية المعنوية والقدرة القتالية بعد الفشل الذي لحق بها والخسائر الكبيرة التي تحملتها. أما موقفها في الجولان فقد كان يشير إلى تطوره في صالحها تكتيكياً. وأصبح واضحاً للقيادة الإسرائيلية أن عمق رؤوس الكباري المصرية وصل إلى 12 ـ 15 كيلومتراً، وأن لدينا أعداداً كبيرة من الدبابات والمدفعية والأسلحة المختلفة. كان ذلك يجبر إسرائيل على اتخاذ الأوضاع الدفاعية على مواجهة واسعة حوالي مائة كيلومتر من القنطرة شمالاً حتى السويس جنوباً".

"وكان الفريق أول أحمد إسماعيل، يرى الانتظار لتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة من أوضاع قواتنا في رؤوس الكباري قبل استئناف الهجوم. ويرى كذلك أن القوات البرية القائمة بالهجوم ستتعرض بشدة للطيران الإسرائيلي في وقت لا تتمكن فيه المقاتلات وصواريخ الدفاع الجوي من توفير الحماية الكافية لها".

"وفي مناقشتي معه أوضحت أن استئناف هجومنا يترتب عليه التحام قواتنا مع قوات العدو، الأمر الذي يجعل تأثير السلاح الجوي الإسرائيلي أقل. وللحد من تأثير السلاح الجوي المعادي، يجب استغلال طاقة قواتنا الجوية التي أثبتت قدرتها ضد طيران العدو خلال الأيام الأربعة 6 ـ 9 أكتوبر".

"فضلاً عن ذلك فإن صواريخ الدفاع الجوي ـ خفيفة الحركة ـ برغم قلتها إلا أنها مؤثرة، وفي نفس الوقت يمكننا تحريك بعض كتائب صواريخ الدفاع الجوي ـ بطيئة الحركة ـ على وثبات للأمام".

"وقلت أيضاً إن احتفاظنا بالمبادأة باستئناف الهجوم استغلالاً للنجاح الذي تحقق يعطينا فرصة تحقيق الهدف الإستراتيجي بنجاح برغم أننا نتحمل الخسائر، ولكنها خسائر مقبولة. وفي المقابل فإن طول الانتظار يعطي فرصة أفضل للعدو ليكون في موقف أقوى عندما نستأنف الهجوم".

"والحقيقة التي أقررها، أن التخطيط لحرب أكتوبر 1973 لم يكن قاصراً أبداً على الاستيلاء على خط بارليف كهدف نهائي. بل كان التخطيط يهدف إلى تحقيق هدف إستراتيجي عسكري أبعد من ذلك وهو الوصول إلى خط المضايق والاستيلاء عليه كهدف نهائي".

"وكان التخطيط يشمل ـ بكل تأكيد ـ اقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف، وصد هجمات العدو المضادة المنتظرة، وتطوير الهجوم لتحقيق الهدف النهائي (خط المضايق) سواء بعد وقفة تعبوية أو بدون هذه الوقفة حسب الموقف. أي أن تطوير الهجوم شرقاً في اتجاه المضايق كان مقرراً في جميع الحالات".

2. رأي الفريق الشاذلي (رئيس هيئة أركان القوات المسلحة المصرية) والمسؤول عن إدارة العمليات الحربية في حرب أكتوبر 1973

"ذكر الفريق سعد الدين الشاذلي، أنه كان يعارض فكرة تطوير الهجوم، لأسباب أبداها بنفسه للقائد العام الفريق أول أحمد إسماعيل. وأوضح في مذكراته تحت عنوان (القرار السياسي الخاطئ)، أنه بعد عودته من الجبهة يوم 11 أكتوبر، فاتحه الوزير أحمد إسماعيل في موضوع تطوير هجومنا نحو المضايق، ولكن الشاذلي عارض الفكرة لأن "القوات الجوية الإسرائيلية قوية وتشكل تهديداً خطيراً لأية قوات برية تتحرك في العراء دون غطاء جوي".

"وعاد الوزير أحمد إسماعيل وفاتحه بالموضوع مرة أخرى في صباح اليوم التالي ـ 12 أكتوبر ـ قائلاً له إن الهدف من هجومنا هو تخفيف الضغط على الجبهة السورية. عارض الشاذلي الفكرة مرة أخرى على أساس أن هجومنا لن ينجح ولن يخفف الضغط على الجبهة السورية للمبررات التي أبداها. وحوالي الظهر تطرق الوزير لهذا الموضوع للمرة الثالثة خلال 24 ساعة، وقال هذه المرة "القرار السياسي يحتم علينا ضرورة تطوير الهجوم نحو المضايق، ويجب أن يبدأ ذلك صباح غد 13 أكتوبر".

"وكان هناك إصرار من الوزير على أن القرار سياسي ويجب أن نلتزم به. وكل ما أمكن عمله هو تأجيل الهجوم إلى فجر يوم 14 بدلاً من فجر يوم 13 كما كان محدداً".

أما ما نسب للفريق الشاذلي من أنه صاحب فكرة استغلال النجاح بسرعة التطوير، فقد تولى بنفسه نفيها ويؤكد ذلك على لسانه ـ في مذكراته ـ بقوله:

"لقد كثر الكلام وتعددت الآراء حول الأسباب التي منعت المصريين من تطوير هجومهم إلى الشرق فور نجاحهم في عملية العبور. وقد انتشرت شائعات كثيرة تقول إنني كنت من أنصار الاندفاع السريع نحو الشرق سواء يوم 14 أو قبل ذلك بكثير. وقد امتنعت القوات المسلحة عن التعليق على هذه النقطة بالتأييد أو النفي سواء على المستوى الإعلامي أو المستوى العلمي. وهكذا بدأت وسائل الإعلام العالمية تؤكد تلك الشائعات. لقد وصفوني بأنني رجل مظلي قوي، هجومي، مقدام.. الخ.. ولكنني لا أود أن نربط بين هذه الصفات الجميلة وبين قرار تطوير الحرب نحو الشرق. لقد كنت دائماً ضد فكرة تطوير الهجوم نحو الشرق سواء كان ذلك في مرحلة التخطيط أو في مرحلة إدارة العمليات الحربية للأسباب الكثيرة التي سبق لي أن ذكرتها".

"ويرد اللواء الجمسي في مذكراته:

"بأن خطة حرب أكتوبر 1973، قد وضعت، بعد أن استغرق العمل فيها وقتاً طويلاً، بواسطة هيئة عمليات القوات المسلحة، واشتراك الأفرع الرئيسية لهذه القوات ـ جوية وبحرية ودفاع جوي ـ والأجهزة والقيادات المختلفة، ووافق عليها الفريق الشاذلي رئيس الأركان، وصدق عليها الفريق أول أحمد إسماعيل القائد العام ـ بتوقيع كل منهما مع توقيعي على وثائقها ـ قبل الحرب بوقت طويل. وطالما أن الخطة وضعت لتحقيق هدف إستراتيجي عسكري هو الوصول إلى المضايق، فليس من المستساغ أن يقول رئيس الأركان أنه كان ضد تطوير الهجوم إلى المضايق في مرحلة التخطيط".

3. رأي قادة الجيشين الميدانيين، لواء سعد مأمون، ولواء عبدالمنعم واصل، المسؤولين عن تنفيذ قرار التطوير

يقول الفريق سعد الدين الشاذلي في كتابه:

"حوالي الساعة 1330، كانت التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم، قد تم إعدادها، وتحرك اللواء غنيم إلى الجيش الثاني، واللواء طه المجدوب إلى الجيش الثالث، حاملين معهم تلك الأوامر إلى قائدي الجيشين".

"وحوالي الساعة 1530 كان اللواء سعد مأمون، قائد الجيش الثاني، يطلبني على الهاتف، قال بغضب "سيادة الفريق أنا مستقيل. أنا لا أستطيع أن أقوم بتنفيذ التعليمات التي أرسلتموها مع اللواء غنيم" ولم يمض بضع دقائق، حتى كان اللواء عبدالمنعم واصل، هو الآخر على الخط الهاتفي، وأبدى معارضة شديدة لتلك التعليمات، التي وصلته مع اللواء طه المجدوب".

"في محادثتي، مع كل من اللواء سعد مأمون، واللواء عبدالمنعم واصل، لم أخف عنهما أنني أنا أيضاً قد عارضت هذه التعليمات، ولكني أجبرت عليها. فاتحت الوزير مرة أخرى بالموضوع وتقرر استدعاء سعد مأمون، وعبدالمنعم واصل، لحضور مؤتمر بالقيادة في الساعة 1800 من اليوم نفسه. وفي خلال هذا المؤتمر، الذي امتد حتى الساعة 2300، كرر كل منا وجهة نظره مراراً وتكراراً، ولكن، كان هناك إصرار من الوزير، على أن القرار سياسي، ويجب أن نلتزم به. وكل ما أمكن عمله هو تأجيل الهجوم إلى فجر يوم 14 بدلاً من فجر يوم 13 كما كان محدداً".

4. رأي أمين هويدي، وزير الحربية الأسبق

علق هويدي في كتابه "الفرص الضائعة" عن قرار التطوير، هل كان مقرراً من قبل أم كان وليد ظروف سياسية؟ محللاً آراء وأقوال الآخرين، قال:

"علينا أن نتصور العمل في قيادة لا يعرف فيها رئيس هيئة العمليات الغرض من حرب يخطط لها! وعلينا أيضاً أن نتصور مصداقية خطة، يضعها أو يشارك فيها رئيس هيئة العمليات، غرضها الوصول إلى المضايق، ليطبقها آخرون لمجرد العبور ثم التوقف! ومن الطبيعي فإن خطة توضع بغرض "الوصول إلى المضايق الإستراتيجية وسط سيناء"، لا بد وأن تختلف بالضرورة عن خطة توضع بغرض "العبور وإنشاء رؤوس كباري بعمق 10 ـ 12 كم". سواء في حجم القوات أو استخدام الأسلحة المعاونة أو أسلوب العبور أو واجبات القوات ومهامها".

"علينا أن نطرح سؤالاً جاداً: هل كان من الممكن بالطريقة التي عبرت بها قواتنا القناة دفع الهجوم شرقاً لاحتلال المضايق على بعد 40 ـ 50 كم؟".

"وكما اعترضنا على تعبير "الوقفة" التي لم تكن كذلك لأنها لم تكن وقفة بين مرحلتين ولكنها كانت نهاية للعمليات من جانبنا، فإننا نعترض أيضاً على كلمة "التطوير". فالتطوير قد يكون بناء على خطة موضوعة من قبل، وهذا لم يحدث. أو يكون استغلالاً لفرص ظهرت فجأة ويراد اقتناصها، وهذا لم يحدث أيضاً. أو أن يكون تحقيقاً لغرض واضح حاسم والوضع لم يكن كذلك. فالغرض من العمليات، من وجهة النظر المصرية كان قد تحقق، وكان غرضاً سياسياً للتحريك وليس للتحرير".

"كان العبور مجرد شرارة، لإشعال خط الأمر الواقع، الذي تجمد على ضفاف قناة السويس، ليفتح الطريق إلى الحوار السياسي، مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذا أمر لا غبار عليه في إدارة الصراع الدولي، فكثيراً ما تستخدم القوة لتحريك الجمود السياسي أو لتعديل الأمر الواقع. كل ما في الأمر، علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية".

"وبالمثل فإن كلمة التطوير، لا تنطبق على ما حدث، إذ كان قرار التحرك شرقاً يوم 14 أكتوبر 1973، قراراً سياسياً فجائياً، لا يتناسب أبداً مع التطورات السلبية، التي حدثت في مسرح العمليات، الأمر الذي دفع رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة، وقائدا الجيشين الثاني والثالث، للاعتراض عليه صراحة أمام القائد العام، ويدفع رئيس هيئة العمليات، الجمسي لكي يعترض عليه أيضاً، ولكن بينه وبين مساعده! وكان من نتيجة ذلك تأجيل التحرك عن موعده الذي كان مقرراً وهو السادسة والنصف من صباح 13 أكتوبر إلى اليوم التالي في نفس الوقت، وكانت النتيجة وخيمة بحق أثرت على تطورات الموقف الخطيرة في الأيام التالية".

ولكن ما هو الدافع وراء إصدار الرئيس السادات قراره بالتحرك شرقاً؟

"الدافع الظاهري الذي يردده الكثيرون هو تخفيف الضغط على الجبهة السورية بالقيام بتحرك في الجنوب لإجبار إسرائيل على سحب جزء من مجهودها الذي حشدته في الجبهة الشمالية".

"إلا أن ذلك يتعارض تماماً مع سير الأمور، فالجبهة السورية أصبحت في موقف مقلق منذ يوم 8 أكتوبر 1973 مما اضطر دمشق إلى التقهقر متجاوزة الخط الأرجواني. ولم تدفع هذه التطورات الرئيس السادات للتحرك مما جعل الرئيس الأسد يقول بعد ذلك. "لم يكن هناك تنسيق كافٍ بيننا وبين الجبهة المصرية" ولا هو استجاب للنداءات المتكررة من دمشق للتحرك لتخفيف الضغط عنهم لدرجة اضطرت سورية إلى إرسال مندوب على مستوى عالٍ يوم 11 أكتوبر 1973 لحث مصر على التحرك.. بل وتجاهل تصريحات موشيه دايان الصريحة والتي أخذ يرددها اعتباراً من يوم 9 أكتوبر 1973: "بأننا نهدف إلى تحييد سورية" وما في هذا القول من خطورة على الجبهة الجنوبية إذا ركزت إسرائيل جهودها عليها بعد ذلك".

"علاوة على ذلك فإنه قبل أن يصدر قراره للتحرك شرقاً، كانت القوات العراقية قد دخلت المعركة بالفرقة 3 المدرعة وأسرابها الجوية منذ 12 أكتوبر وكانت القوات الأردنية قد دفعت باللواء 3 المدرع اعتباراً من 13 أكتوبر ودفعت السعودية، لواء مشاة في نفس الوقت، مما أدى إلى ثبات موقف القوات السورية في خطها الدفاعي الجديد الذي كان معداً من قبل".

"ونحن أميل إلى أن يكون التحرك شرقاً قد تم داخل الإطار الذي تصوره السادات لإدارة معركته السياسية. إذ بالرغم من اتصالاته المتعددة منذ يوم 7 أكتوبر أي اليوم التالي لبداية المعركة مع الولايات المتحدة. إلا أن واشنطن رفضت باستمرار في أن تقرن إيقاف النيران بأي تعهدات سياسية.. كان قد أصدر أوامره بالحرب لتحريك الموقف السياسي وأخذ يعرض شروطه واقتراحاته التي قابلها الجانب الآخر بالتجاهل.. كان هو يتحدث عن الحل السياسي الذي يجري وراءه وكان الجانب الآخر يتحدث عن مجرد إيقاف إطلاق النيران وهذا يفسر رفضه للمحاولات السوفيتية بإيقاف إطلاق النيران. التي قام بها السفير فينو جرادوف في القاهرة أو اليكسي كوسيجين رئيس الوزراء السوفيتي في زيارته إلى مصر، أو السفير البريطاني في القاهرة، بناء على رغبة إدوارد هيث رئيس الوزراء البريطاني. كان الحديث في تلك المحاولات عن مجرد إيقاف إطلاق النيران".

"وانتهى السادات آخر الأمر إلى أن معركة العبور أو "الاستيلاء على مجرد 10 سم من الضفة الشرقية" على حد قوله لا تكفي لتحريك الأمور. فاتخذ قراره بالتحرك شرقاً لعل ذلك يحقق له ما يريد، مما أغضب كيسنجر لأن السادات قد أخلف وعده معه في برقية 7/10، بأن مصر لا تريد تعميق الهجوم أو توسيع المواجهة.. كان توقيته للتحرك متأخراً كثيراً عن الوقت المناسب فقد وصل المحطة بعد أن غادرها القطار".

5. رأي جمال حماد المؤرخ العسكري

علق جمال حماد، في كتابه "المعارك الحربية على الجبهة المصرية ـ حرب أكتوبر 1973" على موضوع التطوير شرقاً، فذكر:

"لاحظت القيادة السورية، أن القوات المصرية ما تزال، رغم وقوع التطورات الخطيرة في سورية، باقية في أماكنها شرق القناة، دون أن تبدو في الأفق أية إشارات تدل على أن من المنتظر صدور الأمر لها بالتحرك شرقاً، في اتجاه المضايق، وفقاً للخطة المتفق عليها بين الجيشين، أخذت القيادة السورية بدمشق تمطر هيئة عمليات القيادة الاتحادية بالقاهرة، بسيل من البرقيات، تستفسر فيها عن الموعد الذي سوف تقوم فيه القوات المصرية بالتقدم للأمام، لتخفيف الضغط عن الجبهة السورية. كان اللواء بهي الدين نوفل، رئيس هيئة العمليات الاتحادية المشتركة، يشعر بمزيد من الحرج، وهو يعرض بين ساعة وأخرى ما تلقاه من هذه البرقيات، على الفريق أحمد إسماعيل قائد القيادة الاتحادية، وإزاء هذا الضغط السوري المركز، والإلحاح المستمر، اضطر الرئيس الراحل السادات إلى الاستجابة لمطالب السوريين، فاتخذ قراره السياسي الخطير بتطوير الهجوم المصري شرقاً، صباح 13 أكتوبر، الذي تم تأجيله 24 ساعة، ليجري صباح 14 أكتوبر. ومما يؤسف له أن هذا القرار الصحيح قد صدر في موعد خاطئ فأصبح شأنه شأن القرار الخاطئ الذي يصدر في الموعد الصحيح سواء بسواء وكان له أسوأ النتائج على مجرى الحرب".

"إن قرار تطوير الهجوم شرقاً، الذي جرى صباح يوم 14 أكتوبر، كان قراراً سياسياً، اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات، على مسؤوليته، بوصفه رئيساً للقيادة السياسية في الدولة، وقائداً أعلى للقوات المسلحة، مما كان يجعل من مسؤوليته واختصاصه، رسم الإستراتيجية العليا للدولة، وبالتالي إصدار القرارات السياسية، التي تتمشى مع هذه الإستراتيجية، ومهما كان رأي القادة العسكريين، في القرارات السياسية التي يصدرها رئيس الدولة، فإن هذا الرأي لا يعدو أن يكون رأياً استشارياً محضاً، ويصبح من واجبهم بعد إبداء مشورتهم تنفذ القرارات السياسية، بحذافيرها، دون اعتراض، مهما كان تقديرهم لعواقبها الوخيمة على قواتهم، وهو الأمر الذي جرى تماماً مساء يوم 12 أكتوبر خلال مؤتمر القادة الذي انعقد في المركز 10 بالقيادة العامة المصرية، بالقاهرة".

ثانياً: مجموعة الآراء عن توقيت التطوير وحجمه:

1. ما ذكره المشير محمد عبدالغني الجمسي (رئيس هيئة العمليات، للقوات المسلحة المصرية، عام 1973) المسؤول عن التخطيط في الحرب:

تحت عنوان توقيت تطوير الهجوم تحدث، اللواء الجمسي، عن التوقيت ذاكراً:

"توقيت تطوير الهجوم من أهم عوامل نجاحه وفي جبهة سيناء، كان من الواضح أنه كلما طال وقت الانتظار ـ الوقفة التعبوية ـ بعد يوم 9 أكتوبر، كان لدى العدو فرصة تدعيم موقفه العسكري، وتجعل قواته أكثر ثباتاً في مواجهة قواتنا المهاجمة. وبمعنى آخر، كلما كانت فترة الانتظار أقصر كان ذلك أفضل لنا".

"لقد كانت الموازنة الدقيقة لتحديد هذا الوقت من أصعب الأمور لكثرة وأهمية العوامل التي تتحكم في اتخاذ القرار".

"ومن متابعة الموقف في جبهة الجولان، ظهرت بوادر نجاح تكتيكي إسرائيلي، ولم يكن مشجعاً أن تحمل بلاغات القيادة السورية في طياتها سيطرة الجيش السوري على الموقف. وتطور ليصبح في مصلحة إسرائيل منذ يوم 10، واستخدمت أيضاً سلاحها الجوي لقصف الأهداف الاقتصادية في سورية يوم 9، ثم قصف جوي للعاصمة دمشق يوم 10، والأهداف المدنية والعسكرية يوم 11. وهنا حضر للقاهرة مندوب من القيادة السورية يطلب تنشيط العمليات في جبهة سيناء لتخفيف الضغط الإسرائيلي في جبهة الجولان".

"شكل الموقف العسكري في الجبهة السورية عامل ضغط على الرئيس السادات سياسياً، وعلى الفريق أول أحمد إسماعيل عسكرياً، بصفته القائد العام لقوات الجبهتين المصرية والسورية. ولذلك صدر قرار الرئيس السادات، في الساعات الأولى من يوم 12 أكتوبر، للفريق أول إسماعيل، بتطوير الهجوم شرقاً على الجبهة المصرية، لتخفيف الضغط على الجبهة السورية".

"وفي صباح يوم 12 أصدر الفريق أول إسماعيل أوامره ببدء التطوير في الساعة 06.30 (السادسة والنصف صباحاً) صباح اليوم التالي 13 أكتوبر مع التمسك برؤوس الكباري".

"وبناء على طلب اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني واللواء عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث، وبعد استدعائهما إلى مركز عمليات القوات المسلحة ومقابلة القائد العام مساء يوم 12، تأجل تطوير الهجوم ليكون 06.30 يوم 14 أكتوبر".

"وقد حاولت خلال الحرب معرفة مبررات البطء في تطوير الهجوم شرقاً، وهل كان هناك قيد سياسي على القائد العام يتطلب ذلك، إلا أن الفريق أول أحمد إسماعيل لم يفصح لي عن هذا القيد لو كان موجوداً".

"ولما أصدر الرئيس السادات قراراً بذلك للقائد العام في الساعات الأولى من يوم 12 أكتوبر لتطوير الهجوم بعد تدهور الموقف العسكري في الجبهة السورية، أسرع الفريق أول أحمد إسماعيل بإصدار الأوامر في نفس اليوم للتطوير بحيث يبدأ صباح اليوم التالي 13 أكتوبر (تأجل لاعتبارات عسكرية ليكون صباح يوم 14). اتضح من هذا التصرف أن الوقفة التعبوية ـ 10 ـ 13 أكتوبر ـ كانت باتفاق وموافقة الرئيس السادات والقائد العام أحمد إسماعيل، كما أن قرار تطوير الهجوم ـ بعد الوقفة التعبوية ـ كان قراراً سياسياً".

2.     رأي الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر 1973)

"جرتنا هذه الغلطة (الوقفة) إلى سلسلة أخرى من الأخطاء، التي كان لها أثر كبير على سير الحرب ونتائجها. ولكي نطور هجومنا للشرق، مع المحافظة على رؤوس الكباري قوية ومؤمنة، كان لا بد لنا من أن ندفع الأنساق الثانية إلى المعركة. وفي خلال ليلة 12/13 وليلة 13/14 عبرت الفرقة 21 مدرعة من خلال الفرقة 16 مشاة. بينما عبر لواء مدرع من الفرقة الرابعة المدرعة من خلال رأس كوبري الجيش الثالث".

"كانت خطتنا في الهجوم تشمل، استخدام 4 ألوية مدرعة، ولوائيّ مشاة ميكانيكياً، في أربعة اتجاهات مختلفة طبقاً لما يلي:

لواء مدرع في اتجاه ممر متلا (القطاع الجنوبي).

لواء مشاة ميكانيكي في اتجاه ممر الجدي (القطاع الجنوبي).

فرقة مدرعة في اتجاه الطاسة (القطاع الأوسط).

لواء مدرع في اتجاه بالوظة (القطاع الشمالي).

"لقد خسر العدو خلال قتال يومي 8 و9 أكتوبر حوالي 260 دبابة. وكان خلال هذين اليومين يستخدم دباباته في اقتحام مواقع المشاة بالأسلوب القديم نفسه الذي كان يعتمد على سرعة التحرك وإحداث الصدمة النفسية لدى جندي المشاة نتيجة اقتحام المدرعات. ولكن سرعان ما اكتشف أن المشاة المصريين بما لديهم من أسلحة مضادة للدبابات وبما يتمتعون به من روح معنوية عالية قادرون على سحق المدرعات التي تستخدم هذا الأسلوب. واعتباراً من يوم 10 أكتوبر بدأ يستخدم دباباته بأسلوب حذر يعتمد على التحرك البطيئ والاستفادة من الأرض والسواتر الطبيعية، ونتيجة لذلك انخفضت خسائره في الدبابات انخفاضاً ملحوظاً. قام العدو بتعويض الجزء الأكبر من خسائره في الدبابات بحيث وصل عدد الدبابات التي في ألويته المدرعة الثمانية التي أمامنا يوم 13 أكتوبر إلى 900 دبابة".

"كان علينا يوم 14 أكتوبر أن نهاجم 900 دبابة معادية في المكان الذي يختاره العدو لهذا اللقاء وتحت سيطرة جوية معادية بقوة 400 دبابة مصرية فقط!! هل كان هذا القرار صحيحاً؟ ما زال هناك كثير من الغموض يحيط بهذا الموضوع".

"لقد نجح العدو في استدراج ألويتنا المهاجمة إلى مناطق قتل اختارها بعناية، ونجح في تدمير معظم دباباتنا. لقد فقدنا في هذا اليوم 250 دبابة، وهو رقم يزيد عن مجموع خسائرنا في الأيام الثمانية الأولى للحرب. وحول ظهر يوم 14 انسحبت قواتنا مرة أخرى إلى داخل رؤوس الكباري شرق القناة".

3. رأي أمين هويدي، وزير الحربية الأسبق

"كانت خطة هذا التحرك الفجائي (التطوير شرقاً) تهدف إلى تحقيق الرغبة السياسية للرئيس السادات، بضرورة تطوير الموقف الحالي، بالتحرك إلى المضايق الإستراتيجية، وسط سيناء، صباح يوم 14/10 وذلك باستخدام القوات الآتية:

·   لواء مدرع في اتجاه ممر متلا  

·   لواء مشاة ميكانيكي في اتجاه ممر الجدي     القطاع الجنوبي

·   لواءان مدرعان في اتجاه الطاسة     القطاع الأوسط

·   لواء مدرع في اتجاه بالوظة     القطاع الشمالي

"وبعد توزيع 5 لواءات مدرعة من القوات المدرعة المتاحة بواقع لواء مدرع مع كل فرقة مشاة للعبور، وبعد توزيع 5 لواءات مدرعة أخرى للتحرك إلى الشرق لم يبق في الاحتياط غرب القناة ابتداء من يوم 14 أكتوبر 1973 سوى لواء مدرع واحد لمواجهة لا تقل عن 170 كم، وبعض وحدات الصواريخ والوحدات الإدارية. فقد فضل مخططو هذا التقدم عدم المساس بقوات رؤوس الكباري على ضخامتها ودفعوا بقوات جديدة لتنفيذ التحرك الفجائي نحو الشرق ضاربين عرض الحائط بكل مبادئ الحرب وأصولها. وتسببوا في تآكل الاحتياطي قطعة قطعة وكان علينا أن ندفع الثمن في اليوم التالي".

"ولكي نصور مدى ضعف السيطرة على الموقف، نذكر أن اللواء 11 مشاة ميكانيكي، كان قد كلف بالتقدم شرقاً في اتجاه ممر الجدي، وقام اللواء بتنفيذ المهمة الساعة السادسة من صباح 13 أكتوبر لأن تعليمات تأجيل الهجوم إلى صباح اليوم التالي لم تصله، ولاقى هذا اللواء مصيراً مؤسفاً نتيجة لخطأ غيره".

"ورغم التمهيد النيراني بالمدفعية لمدة 15 دقيقة وقيام القوات الجوية بغاراتها لستر التحرك، إلا أن القوات الإسرائيلية كانت في انتظار قوات الهجوم لأنها توقعت ذلك بناء على تقديرها السليم للموقف. ودارت معركة دبابات كبرى غير متكافئة بين قواتنا وقوات العدو الذي تمكن من صد الهجوم وإيقاف تقدمها وكبدها خسائر قدرت بحوالي 250 دبابة، علاوة على خسائر كبيرة في الأرواح. ورجعت قواتنا بعد فشلها في تحقيق مهمتها الغامضة إلى رؤوس الكباري بطريقة غير منظمة تحت وابل من نيران العدو البرية والجوية وتزاحمت رؤوس الكباري بقواتها الأصلية الموجودة من قبل علاوة على 5 لواءات مدرعة جديدة، بينما كان الشاطئ الغربي للقناة وعلى طول الجبهة خالياً من القوات تقريباً، لتعمل كاحتياطي لمواجهة أي توقعات غير منتظرة".

"ووسط هذه الظروف المؤسفة بدأ العدو في العبور إلى الضفة الغربية في اليوم التالي دون تردد".

4. رأي جمال حماد، المؤرخ العسكري

"لم يكن في الإمكان نجاح عملية تطوير الهجوم بناء على الخطة التي وضعت أو بإجراءات التنفيذ التي تمت، فلقد أجرى الهجوم بالقوات المدرعة بطريقة الهجوم الموزع Piece Meal إذ تم التخطيط لدفع 4 ألوية مدرعة ولواءين مشاة ميكانيكيين على مواجهة طولها حوالي 150 كم على أربعة محاور منفصلة ليس بينها أي ترابط أو معونة متبادلة، ويكفي أن نذكر أن المحور الشمالي الذي تقدم عليه اللواء 15 المدرع المستقل كان يبعد عن محور الطريق الأوسط الذي تقدمت الفرقة 21 المدرعة جنوبه في اتجاه الطاسة بمسافة لا تقل عن 50 كم، كما أن محور طريق مضيق متلا في أقصى الجنوب الذي تقدم عليه اللواء 3 المدرع من الفرقة 4 المدرعة كان يبعد عن الطريق الأوسط بمسافة لا تقل عن 60 كم. هذا ولم يشترك في القتال الفعلي يوم 14 أكتوبر سوى 4 ألوية مدرعة فقط (لواء على المحور الشمالي ولواءين جنوب الطريق الأوسط ولواء على المحور الجنوبي) إذ لم يجد قائد الفرقة 21 المدرعة وكذا قائد الجيش الثاني أي جدوى من دفع اللواء 18 المشاة الميكانيكي (النسق الثاني للفرقة) للاشتباك لتعزيز هجوم اللواءين المدرعين بالنسق الأول وفقاً للخطة الموضوعة بعد توقفهما تماماً أمام مقاومات العدو، فإن الفشل وفقاً للمبادئ التكتيكية لا ينبغي تعزيزه، كما لم يقم اللواء 11 المشاة الميكانيكي من الفرقة السابعة مشاة بالهجوم على طريق مضيق الجدي يوم 14 أكتوبر كما كان مقرراً بالخطة، فقد اتضح أنه قام بعملية التطوير وحده على طول الجبهة يوم 13 أكتوبر حسب التعليمات الأولية التي صدرت بعد ظهر يوم 12 أكتوبر بسبب عدم إبلاغ قائد الفرقة 7 مشاة بتأجيل الهجوم 24 ساعة ـ عن طريق شعبة العمليات ـ ولم يكن في الإمكان بعد أن عجز اللواء عن تحقيق هدفه وعاد إلى رأس كوبري الفرقة عند منتصف الليل أن يعاود الهجوم في الساعة السادسة والنصف صباحاً وفقاً للخطة، ولذلك تأجلت ساعة دفعه إلى الواحدة والربع ظهراً وقبل أن يحل الموعد كان الأمر بوقف دفعه قد صدر، فظل متمركزاً في مواقعه داخل رأس كوبري الفرقة 7 مشاة".

"ولقد وقعت القيادة المصرية في هذا اليوم في نفس الأخطاء التكتيكية التي وقعت فيها القيادة الإسرائيلية من قبل عندما شنت هجومها المضاد الرئيسي على مواجهة الجيش الثاني يوم 8 أكتوبر من ناحية تجاهل المبادئ السليمة لاستخدام المدرعات والتي تقضي باستخدام القوات المدرعة بطريقة مجمعة مثل قبضة اليد، مما يعني ضرورة حشد تشكيلات ووحدات مدرعة ضخمة على مواجهة ضيقة ليتسنى لها إحداث قوة الصدمة المطلوبة واختراق المواقع الدفاعية للعدو. أما التخطيط لهجوم مدرع على طول جبهة القتال باستخدام 4 ألوية مدرعة على محاور منفصلة ومتباعدة عن بعضها البعض بحيث لا يمكن إجراء أي تعاون بينها أو تنسيق بين هجماتها فهذا يعني أن المعركة تعتبر فاشلة من قبل أن تبدأ، ويبدو أن معظم القادة على مختلف المستويات قبل المعركة لم يكونوا مقتنعين بسلامة الخطة، ولم يكن لديهم الشعور بإمكان تحقيقها للأغراض التي كانت تستهدفها على عكس الشعور الحماسي الجارف الذي كان سائداً يوم 6 أكتوبر قبل عبور قناة السويس، ويبدو أنهم كانوا يعتبرون العملية مجرد تأدية واجب لإرضاء الرئيس الذي أصدر القرار السياسي، وليس أدل على ذلك من أن بعض الوحدات (اللواء 3 المدرع من الفرقة 4 المدرعة واللواء المشاة الميكانيكي من الفرقة 7 مشاة) تم دفعهما للهجوم دون أن تصلهما بعض وحدات الدعم الحيوية التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي أثر غيابها بلا شك على أعمال قتال هذه الوحدات بحيث عجزت عن تحقيق المهام الموكولة إليها".

"ويبدو ذلك أيضاً في سرعة توقف الوحدات القائمة بالهجوم فور اصطدامها بمواقع دفاعية للعدو وعدم بذل محاولات جدية ومستميتة للتقدم كما كان الحال يجري عقب اقتحام قناة السويس، كما تتضح هذه الظاهرة بجلاء في امتناع قادة التشكيلات الأعلى عن مساعدة الوحدات الفرعية المتوقفة أمام مقاومات العدو بجميع ما يملكونه من وسائل لضمان مواصلة تقدمها أو على الأقل إصدار الأمر لها بالتمسك بالمواقع التي وصلت إليها، وبدلاً من ذلك نجد أن جميع الأوامر التي صدرت بعد ظهر يوم 14 أكتوبر للوحدات التي قامت بالتطوير هي ترك مواقعها التي وصلت إليها بعد أن تكبدت خسائر جسيمة، والعودة ثانية إلى رؤوس الكباري التي بدأت منها الهجوم مما يخالف كل المبادئ المتفق عليها، ولا شك أنه من الأخطاء التكتيكية الجسيمة التي وقعت هو دفع الألوية المدرعة للهجوم بالمواجهة على مواقع سبق إعدادها بتجهيزات هندسية ومجهزة بمرابض للدبابات وبستائر من الصواريخ المضادة للدبابات SS 11 دون أن تشترك معها في الهجوم قوات من المشاة المترجلة لمعاونتها في الوصول إلى مواقع العدو باستخدام تكتيكات المشاة في الضرب بالنيران مع الحركة للأمام ومن دون دعم قوي ومؤثر من المدفعية والطيران لإسكات مقاومة العدو إذ أن ذلك لم يكن متيسراً بالنسبة لضعف المعلومات عن العدو".

"وكانت النتيجة كما كان متوقعاً خسارة القوات المدرعة المصرية عدداً من الدبابات في هجوم يوم 14 أكتوبر في بضع ساعات يزيد على كل ما خسرته طوال الأيام الثمانية الأولى من الحرب".

"لقد كانت عملية تطوير الهجوم في التوقيت الخاطئ الذي تمت فيه وبالخطة الحربية القاصرة التي وضعت عملية لم يكن في الإمكان نجاحها بأية صورة من الصور، وقد أجريت رغم معارضة بعض كبار القادة المسؤولين، ومنهم قائدا الجيشين الثاني والثالث تنفيذاً لقرار سياسي عاطفي لم يراع الاعتبارات العسكرية".