إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب أكتوبر1973، من وجهة النظر المصرية




لواء طيار/ محمد حسني مبارك
لواء/ محمد سعيد الماحي
إنشاء الكباري للعبور
اللواء بحري فؤاد ذكري
اللواء طيار صلاح المناوي
اللواء سعد مأمون
اللواء عبدالمنعم خليل
اللواء فؤاد نصار
المشير أحمد إسماعيل علي
المشير عبدالغني الجمسي
السادات أثناء عرض الخطة
السادات في أحد اللقاءات
السادات في زيارة تفقدية
الفريق محمد علي فهمي
الفريق سعد الدين الشاذلي
الفريق عبدالمنعم واصل
كمائن الصواريخ
علم مصر فوق سيناء
عميد أ.ح/ عبدالحليم أبو غزالة
عميد مهندس/ أحمد حمدي
عميد منير شاش
فتح الثغرات
قوارب المشاة تقتحم القناة

أوضاع القوات 7 أكتوبر
أوضاع قوات الجانبين
إحدى نقط خط بارليف
معركة اللواء 25 مدرع
المناطق المحتلة عقب 1967
النقط المكونة لخط بارليف
التطوير يوم 12 أكتوبر
التطوير شرقاً للعملية بدر
الخطة الإسرائيلية للعبور
حجم وأوضاع القوات الإسرائيلية
خطوط فك الاشتباك الثاني
خطة العمليات الهجومية الأولى
خطة العمليات الإسرائيلية
خطة العمليات جرانيت 2
جغرافية شبه جزيرة سيناء
طبوغرافية الأرض شرق القناة

أوضاع قوات الطرفين 1967
معركة الفردان 8 أكتوبر
الخطة شامل لتصفية الثغرة
تأثير عناصر الدفاع الجوي
حجم وأوضاع القوات المصرية
خطوط فك الاشتباك الأول
طبوغرافية الأرض غرب القناة
طبيعة قناة السويس



حرب عام 1967

رابعاً: تحسين الأوضاع شرق وغرب القناة

على الرغم من صدور قرار وقف إطلاق النار الأول، الرقم 338، يوم 22 أكتوبر 1973، وكان سريانه يبدأ من الساعة السادسة وأثنين وخمسون دقيقة مساءً، إلا أن كلا الطرفين حاول تعديل أوضاع قواته في الشرق والغرب، ليحسن من موقفه عند بدء المباحثات بينهما، كما ينص القرار، ولتأمين موقف قواته، لو انهار وقف إطلاق النار، واستؤنف القتال.

1. نطاق الجيش الثالث في الشرق

كانت القوات الإسرائيلية تركز مجهودها في عملياتها في الغرب، وقد أثر ذلك على قوات الجيش الثالث في الشرق (الفرقتين السابعة والفرقة التاسعة عشر المشاة)، فقد أدى فشل القوات الإسرائيلية في دخول مدينة الإسماعيلية، إلى الاتجاه جنوباً لاحتلال مدينة السويس. ورغم فشلها في ذلك، إلا أنها حققت حصار كامل لقوات الجيش الثالث في الشرق اعتباراً من يوم 23 أكتوبر 1973.

سارع قادة الفرق المشاة في الشرق إلى تأمين منطقتهما الخلفية، فدفع قائد الفرقة السابعة سرية مشاة لحماية المعابر في الغرب، اشتبكت هذه السرية مع القوات الإسرائيلية، ومنعته من الوصول لمعابر الفرقة من الغرب. كذلك دفع قائد الفرقة مجموعة استطلاع خلف الخطوط إلى الغرب لتحديد أوضاع العدو وحجمها، إلا أنها اضطرت للتوقف عند الترعة الحلوة، وأبلغت عن 40 دبابة داخل معسكر اللواء 12 المشاة في المنطقة الخلفية للفرقة، وأمر قائد الفرقة بقصف الدبابات بالمدفعية والصواريخ، فتدمر منها 10 دبابات. وأمر قائد الفرقة بتعديل أوضاع فرقته بدفع مجموعة قتال من حوالي كتيبتي مشاة مدعمين ببعض دبابات من اللواء 25 المدرع ونقطة ملاحظة مدفعية، احتلوا الساتر الترابي الشرقي (جزء من خط بارليف) ودافعوا عن ظهر الفرقة حتى توقف إطلاق النار يوم 28 أكتوبر. (أُنظر شكل معركة اللواء 25 مدرع)

في الشرق أغارت بعض عناصر من الفرقة السابعة على القوات الإسرائيلية في مواجهتها يوم 23 أكتوبر، مما دفع القيادة الإسرائيلية لقصف النطاق الدفاعي للفرقة بالطائرات يوم 24 أكتوبر، ودفع قوة مدرعة مدعمة بالمشاة الآلية، في محاولة لاختراق الدفاع تم صدها وتكرر ذلك يوم 26 أكتوبر.

كانت الأحداث في مواجهة الفرقة التاسعة عشر مشابهة لما يحدث في مواجهة الفرقة السابعة، وقد شاركت الفرقة 19، بمبادرة من قائدها، في الدفاع عن مدينة السويس، ببعض من العناصر المضادة للدروع، رغم شدة الحاجة إليها في الشرق، كما كان للمحطة اللاسلكية، التي أرسلها قائد الفرقة لمدينة السويس أثراً طيباً في رفع الروح المعنوية للمدينة المعزولة، فعن طريقها استطاعت سلطات المدينة معرفة التطورات الحقيقية للموقف خارج المدينة، كذلك تمكن الأهالي من الاتصال بذويهم لطمأنتهم.

في اليوم السابق لوصول مراقبي الأمم المتحدة (27 أكتوبر) استطاعت قوات الفرقتين من احتلال الهيئات المشرفة على الأرض أمامهما، في الشرق، وعدلت من أوضاع حدهما الأمامي، بما يتيح لهما موقف أفضل إذا استؤنف القتال.

كان رئيس الجمهورية، الرئيس السادات، قد أصدر أمراً يوم 22 أكتوبر، بتعيين قائد الفرقة السابعة، قائداً للجيش الثالث في الشرق، وقائد الفرقة التاسعة عشر نائباً له. وقد قابل قائد الجيش الجديد اللواء أحمد بدوي، قائد قوات الطوارئ الدولية، الجنرال أنزيو سيلاسفو ـ الفنلندي الجنسية ـ في مدينة السويس، ليوضح له الموقف العام للقوات المصرية شرقاً وغرباً، على خط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر، ويسمع منه ترتيبات مراقبة وقف إطلاق النار، وأسلوب إمداد مدينة السويس، والقوات الموجودة شرق القناة بالمواد الغير العسكرية.

2. نطاق الجيش الثاني في الشرق

استمرت القوات الإسرائيلية في قصف مواقع الجيش الثاني في الشرق بالمدفعية، وهاجمته الطائرات الإسرائيلية كذلك، وعندما حاولت بعض الوحدات الإسرائيلية الاقتراب من دفاعات المصريين، تصدت لها الوحدات المدافعة، بالنيران، فدمرت لها عدة مركبات ودبابات، وردتها من حيث أتت. كان هذا هو الروتين اليومي والذي يعاد عدة مرات طوال النهار. كانت القوات الإسرائيلية تبحث عن مكان يغفل فيه المصريون عنها لتتسلل، وتتمسك به، وتعلن أنه مواقعها يوم 22 أكتوبر، كانت القيادات الإسرائيلية، تبحث كيف تعقد الموقف أكثر، وهو ما لم تمكنها منه فرق الجيش الثاني الثلاث في الشرق، حتى جاء الموعد الثالث لوقف القتال، وتدخل مراقبي الأمم المتحدة للفصل بين القوات.

3. الأوضاع غرب القناة

منذ صباح يوم 22 أكتوبر، والقوات الإسرائيلية، غرب القناة، تحاول شق طريقها إلى الجنوب قدر المستطاع، قبل أن يحل موعد سريان وقف إطلاق النار، والذي حدد له الساعة السادسة واثنان وخمسون دقيقة مساء يوم 22 أكتوبر، أي بعد أقل من 12 ساعة. لذلك أغارت الطائرات الإسرائيلية على مواقع القوات المصرية جنوب الدفرسوار، وقصفتها المدفعية بشدة، ودفع الجنرال آدن عدة مفارز مدرعة لشن هجمات مضادة، على المواقع الدفاعية للواء السادس المشاة الآلي، من الفرقة الرابعة المدرعة، إلا أن قوات اللواء السادس استطاعت صدها وردها على أعقابها. وقرر قائد اللواء التقدم للوصول إلى الهيئات الحاكمة أمامه، واستطاعت كتائب اللواء التقدم عدة مئات من الأمتار، وتستولي على بعض معدات العدو المعطلة، وذخائره.

دفع قائد الفرقة الرابعة المدرعة، مفرزة مدرعة بقوة سرية دبابات، من اللواء الثالث المدرع، لتستولي على تقاطع طريق القاهرة ـ السويس، مع وصلة عويبد (علامة كم 95)، والتصدي لأي دبابات إسرائيلية تحاول النفوذ غرباً[13].

واصلت الدبابات الإسرائيلية مهاجمة وحدات الفرقة الرابعة المدرعة في الغرب، والتي ردت كل محاولات اختراق دفاعاتها، رغم تعرضها لهجمات جوية كثيفة، وقصف مدفعي بعيد المدى، حتى توقيت بدء سريان وقف إطلاق النار. وكانت تعليمات القيادة العامة "وقف إطلاق النار، إذا التزم العدو بذلك"، واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين القوات، والاحتفاظ بالأرض التي تسيطر عليها، بما في ذلك المفارز المتقدمة.

لم تلتزم القوات الإسرائيلية بوقف إطلاق النار، لذلك استمرت القوات المصرية في تحسين مواقعها، ومحاولات الاستيلاء على الهيئات المسيطرة أمامها. وقد دفع قائد الفرقة الرابعة المدرعة، يوم 23 أكتوبر، عدة مفارز، تمكن بعضها من احتلال هيئات حاكمة على الحد الفاصل بين الجيشين (جبل أم كثيب)، كما دفعت كتيبة دبابات جنوباً إلى طريق القاهرة ـ السويس، بمهمة الوصول إلى علامة كم 109 وتأمين تقاطع الطريق عندها إلا أنها اصطدمت بوحدات مدرعة إسرائيلية عند علامة كم 99، فاشتبكت معها وعززت أوضاعها على ذلك الخط.

كان القادة الإسرائيليون يتجنبون الاشتباكات القوية، أو الاصطدام بالوحدات المدافعة في تماسك، لذلك لم يتعرضوا لمواقع الفرقة الرابعة بهجمات قوية، وإن كان الجنرال ماجن، قد ضغط على حدها الأمامي، في بعض مواضعه، ليمكنه المرور في اتجاه طريق القاهرة ـ السويس.

كان قائد الفرقة الرابعة المدرعة، يحاول احتواء القوات الإسرائيلية في النطاق المخصص له (35 كم)، لذلك كان يضغط شرقاً ببطئ، وينقل وحداته خطوة خطوه، في اتجاه قناة السويس. لذلك أمر بدفع كتيبة مشاة آلية، صباح يوم 24 أكتوبر، إلى طريق جنيفة للسيطرة عليه، عند علامة كم 37، وكتيبة دبابات إلي بسطة الشواغرية، على طريق القاهرة/ السويس (علامة كم 85)، على أن تدفع بدورها، سرية دبابات إلى مدخل وادي حجول الشمالي الغربيّ[14]، لقفله ومنع مرور أي قوات إسرائيلية منه إلى طريق القاهرة/السويس. كما حرك، قائد الفرقة، باقي اللواء الثالث المدرع، إلى موقع دفاعي على طريق القاهرة/السويس كذلك، جنوب وشمال علامة كم 90. ويقوم قائد اللواء بدفع كمين ليلاً من فصيلتي دبابات ومشاة آلية، للاشتباك مع أي قوات للعدو تمر على طريق القاهرة/السويس[15].

بعد فشل قوات آدن في اقتحام مدينة السويس، يوم 24 أكتوبر 1973، وخسائره الكبيرة في تلك المعركة، أدى نقص أعداد الدبابات، إلى عدم تعرضه طيلة يومي 25، 26 أكتوبر للمواقع المصرية مباشرة، وإن استمر في التراشق بالنيران معها، وقد ركزت القوات المسلحة، على طول الجبهة في الغرب على منع القوات الإسرائيلية من تجهيز مواقعها هندسياً، وظل الأمر كذلك حتى يوم 28 أكتوبر 1973، عندما وصلت قوات الطوارئ الدولية.

في الشمال في النطاق العملياتي للجيش الثاني، كان قد صدر أمر لقائد الفرقة 21 مدرعة بالعودة إلى الغرب بمركز قيادته فقط، على أن يترك قواته في الشرق لمساندة الفرقة 16 المشاة.

تولى قائد الفرقة 21 المدرعة قيادة القوات التي جمعت في الغرب، في نطاق الجيش الثاني، بمهمة إقامة خط دفاعي لاحتواء القوات الإسرائيلية في قطاعه، كما أعيدت لواءات الفرقة وعناصرها المعاونة إلى الغرب، يوم 25 أكتوبر، من دون معداتها الثقيلة، والتي تركتها للوحدات الموجودة في رأس كوبري الفرقة 16.

اتخذ قائد الفرقة 21 مدرعة قراره، بالدفاع على الخط المحدد له بواسطة كل كتائب المشاة الآلية والمظلية المتاحة، لذلك كلف اللواء 128 اقتحام جوي[16]، بالدفاع شمال النطاق الدفاعي للفرقة، واللواء 18 المشاة الآلي مدعماً بكتائب المشاة الآلية للألوية المدرعة الأول والرابع عشر، بالدفاع جنوب النطاق الدفاعي للفرقة، على أن يتصل مع مواقع الفرقة الرابعة جنوباً. وبانضمام اللواء 23 مدرع إلى الفرقة كذلك، دفع قائد الفرقة 21 مدرعة الكتيبة الآلية للواء 23 المدرع لاتخاذ أوضاع دفاعية، دعماً للواء الاقتحام الجوي، بينما يتمركز اللواء 23 مدرع في النسق الثاني للفرقة.

كانت الفرقة 21 مدرعة، قد تسلمت معدات جديدة، مختلفة عما كان لديها من قبل[17]، لذلك كان من الضروري إعادة تدريب أطقمها على المعدات الجديدة، مع استمرارها في مهامها الدفاعية. ولتحقيق ذلك، أعيد تجميع اللواءات المدرعة للفرقة، خلف نطاقها الدفاعي، للتدريب على المعدات الجديدة، ثم أعيدوا إلى النطاق الدفاعي، لتحل محلهم كتائب المشاة الآلية بالتناوب، لتدريبها في دورات قصيرة مكثفة كذلك.

خامساً: خطة "العملية شامل": (احتواء القوات الإسرائيلية في الثغرة غرباً والاستعداد لتصفيتها)

على الرغم من كل الجهود، التي بذلها القادة الإسرائيليون، فإنهم لم يحققوا، على جبهة قناة السويس، في الغرب، هدفاً سياسياً، أو استولوا على هدفاً عسكرياً إستراتيجياً. وكانوا يعلمون الموقف الضعيف، لقواتهم في الثغرة، غرب القناة. فقد فشلت محاولاتهم لإصابة القادة العسكريون المصريون، في القيادة العامة، بالذعر ليسحبوا قواتهم من الشرق، كما فشلوا في الاستيلاء على أي مدينة شمالاً أو جنوباً، من مدن القناة الرئيسية، ولم تفلح محاولات حصار القوات المصرية في الشرق، في القطاع الشمالي للجبهة، وإن نجحوا في ذلك في الجنوب. إلا أن موقف القوات المحاصرة شرق القناة، كان قوياً ومتماسكاً، بفضل سيطرة قادة الفرق على الأمور، وحسن تدبرهم للموقف.

كان القرار الرقم 340 لمجلس الأمن، الصادر يوم 25 أكتوبر، قد قضى بإنشاء قوة طوارئ دولية، لمراقبة تنفيذ إيقاف القتال، مع التأكيد على العودة إلى خطوط وقف إطلاق النار، عند سريان القرار الرقم 338، يوم 22 أكتوبر. وقد استمرت أعمال القتال والاشتباكات بين الطرفين، وكل منهما يحاول الوصول لأفضل الأوضاع، من وجهة نظره. كان الإسرائيليون، يركزون على اكتساب أراضي جديدة، خاصة في الغرب، حتى يمكن المساومة عليها، وكان فشلهم في احتلال مدينة، يضعف من موقفهم التفاوضي فيما بعد. بينما ركز المصريون على الأوضاع التي تهيأ لهم مميزات أفضل، عند استئناف القتال، والعمل على منع القوات الإسرائيلية من اكتساب أراضي جديدة ما أمكن.

استطاعت القوات المصرية في الشرق، من تحقيق أهدافها، خلال الفترة التي تلت القرار الرقم 338، وحتى إيقاف إطلاق النار الفعلي يوم 28 أكتوبر 1973. أما في الغرب فكان الموقف غير واضح، لذلك كان قادة فرقتي المدرعات المصرية، والمسؤولين عن الدفاع في الغرب منذ يوم 22 أكتوبر، قد اتخذوا قراراتهما، باحتواء القوات الإسرائيلية أولاً، ومنعها من الانتشار في الغرب ـ وهو القرار الذي كان يجب اتخاذه، وتطبيقه أولاً منذ بداية التسلل إلى الغرب ـ وقد نجحا في ذلك جزئياً، فقد كان الجزء الجنوبي من الثغرة (جنوب السويس) مما يصعب السيطرة عليه، من دون قوات إضافية، منفصلة، لهذا الجانب.

اعتباراً من يوم 29 أكتوبر 1973، اتخذت القيادة العامة قراراً، بعدم السماح للقوات الإسرائيلية في غرب القناة بالراحة أو الاسترخاء، وألا تشعر أبداً بهدوء أو أمان طالما بقيت في الغرب. وكان من الضروري حرمانها من تثبيت دفاعاتها في الغرب، أو التحول تدريجياً، إلى مواقع محصنة (أو خط بارليف جديد). لذلك أمرت أن تكون الأعمال الدفاعية على طول الجبهة بصفة عامة، وفي غرب القناة خاصة، أعمال دفاعية نشطة[18]، بهدف:

1. تكبيد القوات الإسرائيلية، أكبر قدر من الخسائر في قواته وأسلحته ومعداته.

2. إزعاج القوات الإسرائيلية، بصفة دائمة، وعلى أوسع نطاق، حتى يصبح بقاؤه في الغرب ذو تكلفة عالية، ومؤثرة، معنوياً، على قواته.

3. إرغام إسرائيل على الاحتفاظ بقوات عاملة، بحجم كبير، مستمر، لإرهاقها اقتصادياً وتهديد الحياة العامة بالدولة بالشلل[19].

4. منع القوات الإسرائيلية من تجهيز مواقعها هندسياً شرق وغرب القناة، ليسهل اقتحامها فيما بعد، لو أدى الأمر.

لا بدّ أن القوات الإسرائيلية، كانت لها أهدافها كذلك، لذا فإن وقف إطلاق النار، أصبح صورياً، وتحول إلى قتال ثابت (اشتباكات عبر خط وقف إطلاق النار) حيث حدث خلاله 1500 اشتباك بالنيران، واشتمل على 439 عملية معلنة (أي تم الإبلاغ عنها إلى المراقبين الدوليين)، أسفرت نتائجها، طبقاً للبلاغات الرسمية، عن الخسائر التالية (في الجانب الإسرائيلي):

1. إسقاط 11 طائرة، معظمها عمودية.

2. تدمير 41 دبابة، وعربة مدرعة.

3. تدمير 10 رشاش ثقيل، عيار نصف بوصة (12.5 مم).

4. تدمير 36 معدة هندسية متنوعة (آلات جرف وتسوية)، أثناء محاولات عمل تجهيزات هندسية.

5. إغراق سفينة إبرار بحري إسرائيلية.

6. إصابة ناقلة البترول الإسرائيلية سيرينا وإعطابها.

7. قتل 187، وإصابة عدة مئات من الإسرائيليين.

بمرور الوقت، استطاعت القيادة العامة المصرية، استعادة كفاءة فرق المشاة الآلية، واستعادت بذلك الاتزان الإستراتيجي المفقود، والذي تسبب في حدوث الثغرة. بينما كانت المباحثات الميدانية في كم 101 قد أثمرت عن فتح طريق الإمداد (الغير عسكري) إلى السويس وقوات الجيش الثالث في الشرق، كما تبادل الطرفين الأسرى، وبقيّ العودة إلى خطوط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973، والذي كان يطلق عليه مندوبو الأمم المتحدة، "فك الاشتباك بين القوات". واستغرقت المباحثات لتطبيق فك الاشتباك طويلاً، وعندما تعثرت، نتيجة لمراوغة المفاوضون الإسرائيليون، وعدم رغبة إسرائيل في التوصل لاتفاق صريح وواضح، اتخذت مصر قراراً بوقف مباحثات كم 101، اعتباراً من آخر اجتماع ـ الاجتماع السابع عشر ـ في 28 نوفمبر 1973. كان قد مرّ على وقف إطلاق النار الفعلي شهر كامل، وكان المحاصرون قد بقوا في الحصار 37 يوماً.

أصدر القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الرئيس أنور السادات، يوم 13 ديسمبر 1973، أمراً بتعيين اللواء سعد مأمون ـ قائد الجيش الثاني الميداني مع بداية الحرب وحتى التطوير شرقاً يوم 14 أكتوبر 1973 ـ "قائداً لقوات تصفية الثغرة، غرب القناة".

كانت فكرة القيادة العامة المبدئية، تخصيص قوة مناسبة، وتكليفها بمهمة فتح الطريق عنوه، من خلال الجيش الإسرائيلي، والاتصال بالفرق المشاة المحاصرة شرق القناة. وحتى لا يختل التوازن الإستراتيجي مرة أخرى، أو ينشأ موقف أكثر تعقيداً، تغيرت الفكرة إلى تعيين قائد كفء، وتوفير حجم مناسب من القوات (بعضها موجود بالفعل في حلقة احتواء الثغرة) لتنفيذ خطة شاملة، للقضاء على الثغرة وتصفيتها في الغرب، ويتخذ من ذلك وسيلة ردع، للضغط على المفاوض الإسرائيلي، للوصول إلى حل سلميّ، وإذا لم يتوصل إلى ذلك، يكون التنفيذ بالقتال هو الحل النهائي. من ذلك سميت القوات "بقوات تصفية الثغرة غرب القناة"، وأعطي لخطة العمليات التي ستوضع الاسم الرمزي "شامل".

أنشأ اللواء سعد مأمون، هيئة قيادة ميدانية، بالاستفادة من قيادة الجيش الثالث الميداني التي بقيت في الغرب، وزار القوات المخصصة له، واستعرض الخطط الموضوعة، ثم صاغ خطة شاملة، عرضها على القائد العام، يوم 18 ديسمبر 1973، وصدق عليها القائد الأعلى يوم 24 ديسمبر 1973، بحضور كل قادة الأفرع الرئيسية والهيئات بالقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، على أن تكون جاهزة للتنفيذ في نفس يوم التصديق عليها[20].

خصصت القيادة العامة، لتنفيذ خطة تصفية الثغرة في الغرب القوات التالية:

1.  2 فرقة مدرعة (الأرقام 4، 21) تضم 4 لواء مدرع، 2 لواء مشاة آلي، 12 كتيبة مدفعية.

2.  3 فرقة مشاة آلية (الأرقام 3، 6، 23) تضم 3 لواء مدرع، 6 لواء مشاة آلي، 18 كتيبة مدفعية.

3.  وحدات مظلية، وصاعقة.

4.  احتياطيات تخصصية من احتياطيات القيادة العامة (مضادة للدروع، مهندسين عسكريين، حرب كيماوية، حرب إلكترونية، عناصر إشارة، وحدات شرطة عسكرية، عناصر إدارية وفنية).

5.  2 مجموعة مدفعية رئاسة عامة كل منها بقوة لواء مدفعية متوسطة.

6.  مجهود جوي للتمهيد قبل بدء التنفيذ، ثم لمساندة التنفيذ بعد ذلك (معاونة جوية).

7.  تشارك القوات المحاصرة في الشرق، من مواقعها بالرماية المباشرة من الساتر الترابي في الشرق، والقصف المدفعي، على القوات الإسرائيلية الموجودة في الغرب، وتثبيت القوات الإسرائيلية في الشرق.

على الجانب الآخر، كانت القوات الإسرائيلية في ثغرة الاختراق في الغرب مكونة من 3 مجموعة عمليات مدرعة تضم 7 لواء مدرع، ولواء مشاة آلي، ولواء مظلي. بالإضافة إلى وحدات المدفعية والدفاع الجوي والمهندسين العسكريين وعناصر الإسناد الإداري والفني.

ينتج عن ذلك تجميع من القوات المصرية، يتفوق عن نظيره الإسرائيلي بمقدار مرة ونصف تقريباً في الدبابات (مع تعادلهما في عدد الألوية)، وثلاثة أضعاف كتائب المشاة الآلية والمظلية، وتعادل تقريباً في حجم المدفعية للطرفين. ومن دون إهمال التفوق الجوي الإسرائيلي، والذي تحيده الصواريخ المضادة للطائرات المصرية، فإن هذا الحجم من القوات المصرية غرب القناة، أصبح يحاصر قوات الثغرة الإسرائيلية.

حددت خطة "العملية شامل" مهاجمة الثغرة الإسرائيلية في الغرب من 5 اتجاهات:

1. الاتجاه الأول

ضربة من الجانب الأيمن لرأس كوبري الفرقة 16 (من الشرق) في اتجاه جنوب غرب، بهدف إغلاق ثغرة الاختراق من الشرق وتصفيتها.

2. الاتجاه الثاني

ضربة على محور أبو سلطان، في اتجاه الدفرسوار، لتصفية قاعدة الثغرة التي يرتكز عليها إمدادها من الشرق إلى الغرب (نطاق عمل مجموعة شارون).

3. الاتجاه الثالث

ضربة على محور طريق جنيفه، في اتجاه البحيرات المرة الصغرى، لتصفية القوات الموجودة من فايد وحتى منطقة الجناين.

4. الاتجاه الرابع

ضربة على محور طريق السويس، طريق 12 (الضربة الرئيسية)، لتصفية القوات الموجودة من الشلوفة وحتى السويس، وفك حصار السويس.

5. الاتجاه الخامس

ضربة على المحور الساحلي الموازي لخليج السويس من الجنوب إلى الشمال، لتصفية القوات الموجودة جنوب السويس وفي الأدبية.

هذه الضربات، كانت، بنجاحها، تعزل القوات الإسرائيلية في الغرب، ثم تجزئتها حيث يتم تصفية كل جزء على حده بسهولة.

في 17 يناير 1974، مساءً، توصل الطرفان، بعد مباحثات شاقة ومضنية إلى اتفاقية للفصل بين القوات (فك الاشتباك)، يتم تحت إشراف الأمم المتحدة، ويبدأ تنفيذها اعتباراً من الساعة الثانية عشر ظهر يوم 25 يناير 1974، وبذلك جمدت "العملية شامل"، بعد انتهاء الفصل الأول بين القوات، يوم 5 مارس 1974. (أُنظر شكل أوضاع قوات الجانبين)


 



[1] أصدر مجلس الأمن قراره الرقم (43) في أول ابريل عام 1948، يدعو إلى هدنة بين الطائفتين العربية واليهودية في فلسطين (لم تكن إسرائيل قد أعلن عن قيامها كدولة بعد)، ولم تحترمه الطائفة اليهودية واستمرت في مهاجمة الأحياء العربية في كل مكان بفلسطين، لتصبح تقليداً مقدساً للجيش الإسرائيلي، في كل حروبه مع العرب فيما بعد. (القرار الرقم 46 في 17 ابريل 1948، يدعو إلى وقف العمليات العسكرية في فلسطين).

[2] تكونت تلك القوة من 6 دبابات، و3 مركبات صواريخ مضادة للدروع فقط، وكان يقودها قائد الفرقة السادسة بنفسه ومعه رئيس عملياته.

[3] كان معه رئيس أركانه، ومساعده، ورئيس شعبة العمليات، وقائد الفرقة السادسة مشاة آلية، علاوة على باقي ضباط هيئة القيادة.

[4] تم سحبهم من وحدات المشاة التي أنهت أعمال قتالها على الجبهة السورية.

[5] استطاعت تلك القوات الاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والمعدات في مخازن الوحدات التي عبرت إلى الشرق، كما أسرت عدداً كبيراً من أفراد الاحتياط المستدعى في معسكرات تجميعهم الأمامية.

[6] كان متبقي للوائي آدن المدرعين، 50 دبابة من أصل 180 دبابة عبرت للغرب، نتيجة للخسائر الشديدة التي لحقت بها من المقاومة التي تعرض لها، والكمائن المصرية التي قابلاها خلال تقدمهما.

[7] كان هذا اللواء قد تعرض لخسائر كبيرة خلال تقدمه، ووصلت دباباته إلى 17 دبابة فقط من أصل 90 دبابة عبرت إلى الغرب.

[8] هبطت طائرة كيسنجر في تل أبيب ظهر يوم 22 أكتوبر، وقابل رئيسة الوزراء الإسرائيلية، وأبلغها عرضاً، بأنه " سيتفهم الأمر لو أفلتت عدة ساعات قليلة من سريان وقف إطلاق النار، وأنه سيكون في الطائرة متجهاً إلى واشنطن عندما يحدث ذلك".

[9] كانت سلطات السويس ترحلهم قدر المستطاع كلما وجدت وسيلة لذلك، إلى القاهرة، لتخفف الضغط على مواد الاعاشة المتوفرة لديها.

[10] كانت سرية الصواريخ المضادة للدروع قد نفذت ذخيرتها من الصواريخ ولم يبق سوى القاذفات الفردية R.P.G. 7 .

[11] شملت القاذف الفردي R.P.G. – 7 ، وقنابل يدوية مضادة للدروع، وألغام، وزجاجات المولوتوف.

[12] اعترف الإسرائيليون، في كتبهم عن حرب أكتوبر 73 (يسمونها حرب الغفران نسبة لعيدهم الذي وافق أول أيام الحرب) أن قادة الدبابات الأربعة وعشرون، قتل منهم أو أصيب عشرون قائداً.

[13] استطاع هذا الموقع ـ وقد دعم فيما بعد بعناصر أخرى ـ صد محاولة لقوات الجنرال ماجن للتوسع غرباً يوم 24 أكتوبر 1973، كما أتخذه قائد الفرقة قاعدة لدفع دوريات للإغارة أو نصب الكمائن للارتال الإسرائيلية شرق خط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر.

[14] يتجه هذا الوادي من جنوب طريق القاهرة/ السويس، جنوب شرق إلى مصب وادي بدع، المتصل بخليج السويس، وهي منطقة صالحة لأعمال الإبرار البحري وتتسع لحجم كبير من القوات.

[15] استطاعت هذه الكمائن، إزعاج القوات الإسرائيلية، بما تدمره من مركبات بالإضافة إلى حالة الذعر التي سادت بين القوات الإسرائيلية من التحرك ليلاً على الطرق العسكرية.

[16] من وحدات احتياطي القيادة العامة، ووضع تحت قيادة الفرقة 21 مدرعة لبناء خط دفاعي في مواجهة القوات الإسرائيلية، لاحتوائها.

[17] كانت وحدات الدبابات مسلحة بدبابات سوفيتية من نوع ت 55 "T – 55 "، وإستعوضت بدبابات سوفيتية من نوع ت 62 " T – 62 " الأحدث، كما إستعوضت وحدات المشاة الآلية، مركبات نقل الجند المدرعة من نوع B.K ، بمركبات قتال مدرعة للمشاة، من نوع B.M.P.2 الأقوى تسليحاً، حيث لها برج مسلح بمدفع أملس عيار 73 مم ورشاش موازي له عيار 7.62 مم ومركب على ماسورة المدفع قاذف للصواريخ المضادة للدروع فردي من نوع مالوتكا.

[18] سماها البعض، حرب الاستنزاف الثانية.

[19] يمثل الجيش الإسرائيلي، في حالة التعبية الكاملة، حوالي 22% من القوى البشرية للدولة، وهي أعلى نسبة في العالم، إذ أن النسبة المعتادة وقت السلم لا تزيد عن 2.5%، وفي وقت الحرب تصل إلى 8%.

[20] كان قد عقد مؤتمر في جنيف من ممثلي مصر والأردن وإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ورفضت سورية حضوره، يوم 21 ديسمبر 1973، وقرر تكوين مجموعة عمل عسكرية لمناقشة فك الاشتباك، وبدأت المجموعة العسكرية في مباحثاتها يوم 26 ديسمبر 1973.