إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / موجز الحرب العالمية الثانية





معركة ستالنجراد
أقصى التوسع الياباني
التقاء القوات
الغزو الألماني للبلقان
غزو جزيرة صقلية

من نورماندي إلى نهر الراين
أوروبا تحت السيطرة الألمانية
أوروبا عند نشوب الحرب
إبرار الحلفاء في نورماندي
هجوم المدرعات الألمانية لاجتياح فرنسا
هجوم الاتحاد السوفيتي على فنلندا
مسرح الباسيفيكي
معركة الأردين
معركة العلمين
معركة الغزالة، سقوط طبرق
معركة علم حلفا
الإبرار في نورماندي
الهجوم الألماني على الاتحاد السوفيتي
الهجوم الأمريكي في الباسيفيكي
الهجوم في اتجاه القوقاز
الاجتياح لأراضي الاتحاد السوفيتي
الاجتياح السوفيتي نهر فستيولا
التقدم في جنوب إيطاليا
الغزو الألماني للنرويج
الغزو الألماني لأراض بولندا
الغزو الألماني لغرب أوروبا
تحرير فرنسا وبلجيكا
تقدم الحلفاء
خطة هتلر لغزو روسيا "بارباروسا"
خطط هتلر لاستكمال الغزو
رأس شاطئ ساليرنو
غزو صقلية وإيطاليا



المبحث التاسع

المبحث الثامن

علامات هامة على طريق الحرب

أولاً: بريطانيا تصمد أمام سلسلة هزائم قاسية على مدى عامين: (يونيه 1940ـ أغسطس 1942)

أُصيبت بريطانيا بعدد من الهزائم الحربية المتتالية، أبرزها تسعة هزائم. وبقدر شدة هذه الهزائم كان الصمود البريطاني والقدرة على امتصاص الصدمات.

1. انسحاب دنكرك: (27 مايو ـ 3 يونيه 1940)

أ. تم أثناء الهجوم الألماني في بلجيكا وشمال فرنسا وقطع طريق مواصلات فرق الحلفاء في بلجيكا وفي شمال فرنسا، وصدر القرار البريطاني بالانسحاب.

ب. عدد الجنود الذين تم إخلاؤهم من دنكرك   338 ألف و226.

ـ الثلثان من البريطانيين                  226 ألف.

ـ الباقي أغلبهم فرنسيين                   112ألف و226.

ـ عاد المنسحبون من دون أسلحتهم ومعداتهم.

ج. ساعد في الإخلاء 848 سفينة وزورق من كافة الأنواع حربية ومدنية: مدمرات، سفن تجارية، يخوت، سفن صيد. أطلق عليها تشرشل في مذكراته The Miracle of Deliverance.

2. الانسحاب من اليونان: (24 أبريل ـ أول مايو 1941)

أ. سارع البريطانيون بنجدة اليونان وأرسلوا إليها عدداً من الفرق، لكن القوات الألمانية اجتاحت يوغسلافيا واليونان، وصدر القرار البريطاني بانسحاب القوات من اليونان.

ب. إجمالي القوة البريطانية في اليونان     57 ألف جندي.

ـ العدد الذي تم إخلاؤه     45 ألف جندي.

ـ الباقي (الخسائر بين قتيل وأسير ومفقود)     12 ألف جندي.

ج. عاد المنسحبون من دون أسلحتهم ومعداتهم.  

د. أُخلي معظم المنسحبين جنوباً إلى جزيرة كريت للدفاع عنها.

3. الانسحاب من جزيرة كريت: (27 مايو ـ أول يونيه 1941)

أ. إجمالي القوة البريطانية 27550 جندي

 ـ العدد الذي تم إخلاؤه 14580 جندي

 ـ الباقي (خسائر) 12970 جندي

ب. كما أُغرقت تسع سفن بريطانية، وأصيبت حاملة الطائرات البريطانية الوحيدة، في البحر المتوسط.

4. إغراق البارجتين البريطانيتين Repulse، حمولة 32 ألف طن؛ و prince of Wales، حمولة 35 ألف طن؛ في 11 ديسمبر 1941، في مياه خليج بورما.

5. استسلام قاعدة هونج كونج للقوات اليابانية (25 ديسمبر 1941)

  • القوة البريطانية      12 ألف جندي.

6. استسلام قاعدة سنغافورة للقوات اليابانية (15 فبراير 1942)

  • القوة البريطانية      85 ألف جندي.

7. سقوط رانجون في أيدي اليابانيين (7 مارس 1942)

وهي عاصمة بورما. وتُعدّ من المناطق البترولية في جنوب شرق آسيا.

8. سقوط طبرق في أيدي قوات المحور (21 يونيه 1942)

  • القوة     30 ألف جندي.

9. إغارة على قاعدة دييب بقوة إبرار بحري (19 أغسطس 1942)

أ. قوة الإغارة (بريطانية) 6 آلاف ومائة جندي (منهم 5 آلاف كندي).

ب. عاد منهم ألفان و500 جندي.

ج. الخسائر (بين قتلى وأسرى) 3 آلاف 600 جندي.

د. حتى هنا طُويت صفحة الهزائم. وفي 23 أكتوبر 1942 دارت معركة العلمين، وبدأت صفحة الانتصارات، التي استمرت حتى إحراز النصر النهائي في الحرب.

ثانياً: الولايات المتحدة الأمريكية تخطو من العزلة إلى المشاركة الكاملة في الحرب

1. لم يكن في وسع الرئيس روزفلت أن يرى الهزائم تنهال على بريطانيا على أرض أوروبا، في يونيه 1940، وهي تقف وحيدة أمام آلة الحرب الألمانية الجبارة، التي هددت بغزو بريطانيا، من دون أن يمد إليها يد الدعم، المعنوي والمادي.

2. ولم يكن يتصور موقف الولايات المتحدة إذا كُتب لألمانيا النصر النهائي والسيطرة على أوروبا. لكنه، في الوقت نفسه، كان يواجه الرأي العام الأمريكي في الداخل، الذي مازال يعيش ذكريات الحرب الأولى، التي خسرت فيها الولايات المتحدة الأمريكية 126 ألف رجل من جنودها خلال عام ونصف. وكان يدرك أن سياسة العزلة عن مشاكل أوروبا تلقى آذاناً صاغية.

3. لعب روزفلت دوراً بارعاً، وبذل جهداً خارقاً، للتحول ببلاده وبالرأي العام الداخلي بخطوات محسوبة، من مرحلة العزلة الكاملة إلى مرحلة المشاركة الكاملة في الحرب. وتتلخص هذه المراحل في الآتي:

أ. المرحلة الأولى: (أول سبتمبر 1939 ـ يونيه 1940)

وهي مرحلة رفض المشاركة في الحرب، بدعوى أن مشاكل القارة، تحلها دول القارة نفسها. وكان نصف الشعب الأمريكي، تقريباً، يميل إلى العزلة والحياد.

ب. المرحلة الثانية: (يونيه 1940 ـ ديسمبر 1940)

عَبّر روزفلت عن الموقف، حين كانت بريطانيا وحيدة ومهددة بالأخطار، براً وبحراً وجواً، فقال: "نرفض أن نصبح جزيرة منعزلة عن عالم تحكمه فلسفة القوة". ثم ارتفع شعارا "كل الدعم لبريطانيا من دون التورط في الحرب" All Aid Short of War، و"أمريكا ترسانة الديموقراطية".

ج. المرحلة الثالثة: (يناير 1941 ـ مارس 1941)

وهي بدء مرحلة التنسيق العسكري، الذي استمر بين هيئات الأركان للدولتين، وأُطلق عليه ABC-1”،،، أي التنسيق الأمريكي البريطاني، ومن خلاله تعرفت القيادة الأمريكية على خطط ومواقف الحرب البريطانية، وتم الاتفاق على خطط مستقبلية في حالة دخول الولايات المتحدة الحرب.

د. المرحلة الرابعة: (مارس 1941)

صدور قانون الإعارة والتأجير الأمريكي. وفي هذه المرحلة قدمت الولايات المتحدة الحل إلى بريطانيا للحصول على كل ما يلزمها من معدات الحرب، من دون أن تملك المال اللازم لسداد تكاليفه. علق تشرشل موجهاً كلامه إلى الولايات المتحدة الأمريكية: “Give Us the Tools and we will Finish the Job"

هـ. المرحلة الخامسة: (12 أغسطس 1941)

ميثاق الأطلسي، وفيه حدد روزفلت وتشرشل معالم مرحلة السلام التي تعقب الحرب. مضمونه مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في صنع هذا السلام، وبالتالي التأثير في نتيجة الحرب لصالح الديموقراطيات الغربية.

و. المرحلة السادسة: (يونيه 1940 ـ نوفمبر 1941)

استمرار الضغوط على اليابان بحظر تصدير المواد الإستراتيجية، مثل البترول والحديد، ثم تجميد الأرصدة اليابانية في الولايات المتحدة. وتأتي هذه الضغوط خصوصاً بعد أن أصبحت اليابان عضواً في المحور (سبتمبر 1940)، ثم اتجاهها إلى التوسع في أراضي الهند الصينية. وتزداد الضغوط بدعم الصين عسكرياً بالسلاح وبالخبراء. وقد عَلّق المحللون على هذه الإجراءات بأنها كانت تهدف إلى تحجيم وتهديد اليابان To Squeeze and Threaten Japan ، ومن ثمّ استفزازها ودفعها إلى عمل عدواني.

ز. المرحلة السابعة: (ديسمبر 1941)

الهجوم الياباني على بيرل هاربر. وعلى الرغم من وطأة الضربة اليابانية، إلاّ أنها قدمت مفتاح الحل الذي كان يبحث عنه أطراف ثلاثة:

(1) الطرف الأول، بريطانيا، التي وجدت إلى جانبها الحليف المنقذ، الذي كانت تتمنى وصوله، فلم تَعد بريطانيا وحيدة، في الميدان.

(2) الطرف الثاني، الاتحاد السوفيتي، ضَمِنَ استمرار إمداده بمعدات الحرب من حليف قوي بعد أن كان يتلقاه من مورد للسلاح. كما ضَمِنَ أن تقوم الولايات المتحدة في يوم ما بتوجيه ضربة موجعة إلى ألمانيا؛ فترفع عن الاتحاد السوفيتي كابوس الضغط النازي.

(3) الطرف الثالث، روزفلت، الذي وجد الشعب الأمريكي بكل اتجاهاته مجمعاً على خوض الحرب.

(4) ما بين 1/7/1940 و31/7/1945، أنتجت الولايات المتحدة:

·    296 ألف طائرة.

·  71 ألف سفينة حربية.

·  86 ألف و388 دبابة.

وبحلول السلام كان 15 مليون أمريكي قد خدموا في القوات المسلحة، منهم 10 مليون في الجيش (القوات البرية).

ثالثاً: العمق الإستراتيجي، يمثل أحد العوامل المهمة في انتصار الحلفاء

يقصد بالعمق الإستراتيجي:

1. عمق المساحات الأرضية.

2. عمق الكثافة السكانية.

3. عمق القدرات الصناعية.

وقد تميزت دول الحلفاء الثلاثة بهذا العمق، الذي يُلاحظ بصورة جلية في الاتحاد السوفيتي وفي الولايات المتحدة وفي بريطانيا ومعها مستعمراتها.

بينما تفتقر دول المحور الثلاثة إلى هذا العمق. وفي المراحل الأخيرة من الحرب تعرضت أراضيها وقواتها إلى الغزو ثم الهزيمة.

رابعاً: إستراتيجية إدارة الحرب عامي 1942 و1943

بمجرد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب في ديسمبر 1941، اتفق الحليفان، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، على تركيز جهودهما الرئيسية في أوروبا بهدف هزيمة ألمانيا أولاً، ثم التحول بعد ذلك إلى هزيمة اليابان. لكن عند التطرق إلى إستراتيجية إدارة الحرب ضد ألمانيا اختلفت وجهتا النظر، كالآتي:

1. الإستراتيجية البريطانية: أُطلق عليها Peripheral (الاحتواء الخارجي)

عَبّر عنها تشرشل منذ أول مؤتمر للقمة "أركاديا"، في 22 ديسمبر 1941، في واشنطن، وفي مؤتمرات تالية عامي 1942 و1943. وتتركز في أن تكون الأسبقية الأولى هي هزيمة ألمانيا أولاً “Europe First"، طبقاً للخطوات التالية:

أ. تصفية قوات المحور في شمال أفريقيا، بالهجوم بالجيش الثامن البريطاني من مصر في اتجاه الغرب، مع عملية إبرار كبرى في شمال غرب أفريقيا، والهجوم في اتجاه الشرق لحصار قوات المحور وتدميرها، في طرابلس أو تونس.

ب. اتخاذ تونس قاعدة للإبرار على صقلية، والاستيلاء عليها، وتأمين جزيرة مالطة، وفتح شريان الملاحة في البحر المتوسط؛ لمرور أساطيل الحلفاء من جبل طارق إلى قناة السويس.

ج. متابعة الهجوم بالإبرار في إيطاليا، وطرحها خارج الحرب، واستخدام مجموعة المطارات في إيطاليا The Soft Belly of the Crocodile.

د. استمرار شن إغارات إبرار بحري محدودة على أهداف في حائط الأطلسي؛ لاستمرار جذب وتثبيت جيوش ألمانية في أوضاع دفاعية.

هـ. تصعيد القصف الجوي الإستراتيجي على الأهداف الألمانية؛ لإضعاف القدرات، الاقتصادية والحربية والمعنوية، الألمانية.

و. استمرار دعم روسيا بمعدات القتال؛ لصمودها، وتدمير أكبر حجم من القوات الألمانية.

ز. دعم قوات المقاومة السرية في أوروبا.

ح. الإعداد لغزو البلقان والنرويج، والتلويح بهذا المخطط، بهدف تشتيت القوات الألمانية بطول القارة وعرضها.

ط. استمرار بناء قوات الحلفاء، أساساً الأمريكية والبريطانية، البرية والبحرية والجوية، في إنجلترا، بغرض القيام بعملية إبرار وغزو لغربي أوروبا، فرنسا على وجه التحديد، عبر القنال الإنجليزي. وتحديد موعد الإبرار عندما تلوح فرص النجاح، مع استبعاد عامي 1942 و1943، والأرجح أن يكون في ربيع 1944.

2. الإستراتيجية الأمريكية: المواجهة المباشرة واختراق وتدمير العدو

يُعد الجنرال جورج مارشال، رئيس الأركان الأمريكي، الإستراتيجية الأمريكية، التي تتلخص في قبول كل عناصر الإستراتيجية البريطانية التسعة مع تعديل هام، هو إعطاء الأسبقية الأولى لمواجهة العدو في غرب أوروبا بعملية غزو عبر القنال تتم في أقرب وقت، ربما عام 1942 أو 1943. إذاً، فالاختلاف ينصب على أولوية العناصر وليس على موضوعاتها.

تمكن تشرشل بحنكته السياسية من إقناع حليفيه، الأمريكي والروسي، بعناصر إستراتيجيته، وطبقها حسب الأولويات التي قدمها.

خامساً: عمليات حربية حققت أهدافاً إستراتيجية هامة بأقل الخسائر

تمت بنجاح كامل عدة عمليات كبرى في اتجاهات ثانوية، لكنها خدمت اتجاهات الجهود الرئيسية، فحققت أهدافاً إستراتيجية بأقل الخسائر. ومن هذه النجاحات، ما يلي:

1. غزو ألمانيا للنرويج: (9 أبريل ـ 9 يونيه 1940)

تمت العملية بمفاجأة كاملة، واتخذت شكل العمليات المشتركة، برية وبحرية وجوية. وباحتلال النرويج، بأقل الخسائر، حصلت ألمانيا على قواعد بحرية غالية القيمة، وفرضت وجودها البحري، وخاصة بالغواصات، في المحيط الأطلسي، وهددت طرق المواصلات البحرية المؤدية إلى بريطانيا، والطرق المؤدية إلى موانئ روسيا الشمالية، كما حققت أهدافاً، اقتصادية وحربية، أخرى.

2. فتح الطريق البري من إيران إلى جنوب الاتحاد السوفيتي: (17 سبتمبر 1941)

بتنسيق كامل تقدمت القوات الروسية من الشمال والقوات البريطانية من الجنوب، وتقابلا عند طهران في 17 سبتمبر 1941. وبذا حصلت روسيا على طريق إمداد بري آمن، إضافة إلى الطريق البحري الشمالي. كما سيطرت بريطانيا على مصادر البترول في إيران.

3. إبرار قوات الحلفاء في شمال غربي أفريقيا، العملية Torch، نوفمبر 1942

أ. تم الإبرار البحري في 3 أماكن: الدار البيضاء، وهران، الجزائر، بقوة فرقة مدعمة في كل موقع. تم الإبرار بأسطول مكون من 200 سفينة حربية، و110 سفينة نقل. ونزلت القوات إلى البر، من دون خسائر تُذكر.

ب. تزامن الإبرار مع النجاح البريطاني في العلمين. وفي يوم الإبرار كانت قوات الجيش الثامن تدخل مرسى مطروح.

ج. حققت هذه العملية عدة أهداف إستراتيجية في غاية الأهمية، ذُكرت تفصيلاً في الفصل الرابع، لعل أهمها تصفية قوات المحور في شمال أفريقيا، في 12 مايو 1943.4.

4. إبرار أمريكي فرنسي في جنوبي فرنسا، Anvil- Dragoon، 15 أغسطس 1944

أ. أُطلق عليها دراجون ثم أنفيل. وتمت بالتعاون مع قوات الإبرار في نورماندي ومع العمليات في شمال فرنسا. تحققت المفاجأة الكاملة، بتقدم جيشين، أمريكي وفرنسي، شمالاً، في وادي نهر الرون، حتى اتصلا بالقوات الرئيسية في الشمال يوم 15 سبتمبر.

ب. منحت هذه العملية ميزة لوجستية هامة للحلفاء، بالاستفادة من ميناءي مرسيليا وتولون، كموانئ للإمداد.

سادساً: الحرب السرية.

دارت هذه الحرب بعيداً عن ميادين القتال وخلف ساحات المعارك حرب سرية عنيفة، وكان للحرب السرية ثلاثة مجالات رئيسية تتلخص في الآتي:

1. الحصول على المعلومات السرية المدنية والحربية

أ. وخاصة بكل ما يتعلق بالقوات وبالخطط المزمع تنفيذها. وكان يعمل في هذا المجال الجواسيس وعلماء كسر الكود Code Breakers وعلماء الرياضيات. وأبرز ما حدث في هذا المجال بعد بدء الحرب بفترة وجيزة، حصول بريطانيا بمساعدة جواسيس بولنديين على أحد الأجهزة التي استخدمتها ألمانيا لتكويد الرسائل (أي تحويلها من اللغة الواضحة إلى رموز). وبمجهود خارق نجح علماء الرياضيات البريطانيون مع علماء كسر الكود في حل إجراءات وعمليات التكويد الإلكترونية لهذا الجهاز. وسُميت هذه العملية باسم رمزي هو Ultra، ولعبت دوراً هاماً في معركة بريطانيا الجوية، عام 1940، إذ كانت تقدم المعلومات عن الحجم والمكان والوقت للهجوم الجوي الألماني.

ب. كما ساعدت عملية ألترا القائد البريطاني مونتجمري، وكشفت عن خطة رومل للمعركة. ويحسب للبريطانيين نجاحهم في إخفاء هذا السر، إذ لم يشعر الألمان بكسر الكود، ولم يفكروا في تغيير نظامه حتى نهاية الحرب.

ج. وفي المحيط الهادي، حصل الأمريكيون في معركة ميدواي البحرية، يونيه 1942، على نصر حاسم كان من أحد أسبابه توصلهم إلى كسر الكود الياباني منذ آخر عام 1941، ومن ثَمّ كشف الخطة والتعليمات اليابانية قبل بدء المعركة.

2. دعم وتوجيه جهود مجموعات المقاومة السرية

كانت هذه المجموعات نشيطة في الأراضي التي خضعت للاحتلال الألماني والياباني، وتتلخص مهامها في إعاقة وخلخلة المجهود الحربي للعدو، وضرب أهداف صغيرة لكنها مؤثرة. وتعمل المقاومة طبقاً لتعليمات قيادة مختصة على الجانب الآخر. وكانت أبرز مجموعات المقاومة: في روسيا، ويوغسلافيا (بقيادة تيتو، وأُطلق عليها البارتيزان)، وفي فرنسا، وفي إيطاليا بعد خروجها من الحرب وانضمامها إلى جانب الحلفاء (في أكتوبر عام 1943)، وفي بورما ضد اليابانيين. أمّا في النرويج، فقد نجحت المقاومة في تدمير شحنة من الماء الثقيل كانت متجهة إلى ألمانيا، وفي ألمانيا نفسها جرت محاولة فاشلة لاغتيال هتلر، في 20 يوليه 1944، بواسطة تنظيم سري ألماني مناهض للنظام النازي.

3. الدعاية

أ. كانت أهدافها رفع معنويات المواطنين، مدنيين وعسكريين، وإضعاف معنويات العدو، بإشاعة جو الإحباط والهزيمة. أمّا أدواتها فكان أهمها البثّ الإذاعي والصحافة وأفلام السينما، خاصة دور الفيلم الأمريكي في كسب الرأي العام إلى جانب الحلفاء، وإلقاء منشورات الدعاية. كما تم نشر الدعاية عن طريق بث العملاء.

ب. كانت الدعاية الألمانية مؤثرة في بدايات الحرب، خاصة دور وزير الدعاية، جوزيف جوبلز. وساعدت الانتصارات المدوية، عامي 1939 و1940، على إضفاء صفات العبقرية السياسية والحربية على الزعيم (الفوهرر)، وعلى إمكانيات الجيش الألماني الذي لا يُقهر. ومع تحول المد تدريجياً إلى جانب الحلفاء، وخاصة بعد الهزائم الألمانية في المسرح السوفيتي، تحول التأثير الإعلامي لصالح بريطانيا، محطة الإذاعة البريطانية، والولايات المتحدة، صوت أمريكا.

سابعاً: التنسيق السياسي الإستراتيجي للحلفاء (مؤتمرات القمة)

1. قبل دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب:

  • لقاء الأطلسي، أرجنتيا، نيوفوندلند (من 9 إلى 12 أغسطس 1941)، بين روزفلت وتشرشل، ومن نتائجه إعلان ميثاق الأطلسي عن دعائم ونظام السلام العالمي بعد الحرب.

2. بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب:

أ. Arcadia ـ واشنطن: (22 ديسمبر 1941 ـ 14 يناير 1942)

(1) اتفق الجانبان، الأمريكي والبريطاني، على أن تكون الأسبقية الأولى هزيمة ألمانيا أولاً.

(2) عُرِضت الإستراتيجية البريطانية القائمة على الاحتواء Peripheral.

(3) اُتفق على بناء قوات متحالفة في بريطانيا، استعداداً للإبرار في غرب أوروبا.

ب. هايد بارك نيويورك وواشنطن: (19-25 يونيه 1942)

  • بين روزفلت وتشرشل، واتفقا على:

ـ فتح جبهة ثانية في شمال غرب أفريقية “Torch”.

ـ محادثات حول التقدم في بحوث الأسلحة النووية.

ـ دعم أمريكي عاجل لقوات الجيش الثامن، عقب سقوط طبرق، بثلاثمائة دبابة شيرمان

ج. الدار البيضاء مراكش12ـ 23 Symbol ) 1 يناير 1943)

  • بين روزفلت وتشرشل.

ـ أصرّ تشرشل على أن تكون الخطوة التالية هي صقلية ثم إيطاليا. بينما الجنرال جورج مارشال يحبذ البناء في بريطانيا لغزو أوروبا عبر القنال.

ـ اتفق الرئيسان على غزو صقلية. وأعلن روزفلت في نهاية المؤتمر مبدأ "استسلام دول المحور، من دون قيد أو شرط".

د. Trident ـ واشنطن: (12 ـ 25 مايو 1943)

  • بين روزفلت وتشرشل.

ـ كان السؤال الأكثر إلحاحاً، أين نتجه بعد صقلية؟ كان تشرشل يصر على غزو إيطاليا، وطرحها خارج الحرب.

ـ كما تحدد الأول من مايو 1944 موعداً لغزو فرنسا.

هـ. Quadrant ـ كوييبك: (11 ـ 24 أغسطس 1943)

  • بين روزفلت وتشرشل.

ـ اتفقا على غزو إيطاليا.

ـ اتفقا على إسناد نورماندي “Overlord”، وغزو جنوب فرنسا “Dragoon”.

و. القاهرة ـ طهران ـ القاهرة:

(1) القاهرة: بين روزفلت وتشرشل وشيانج كاي شيك (22 ـ 27 نوفمبر 1943)

(2) طهران: Eureka بين روزفلت وتشرشل وستالين (28 نوفمبر ـ الأول من ديسمبر 1943)

  • تعهد ستالين بالحرب ضد اليابان بعد هزيمة ألمانيا.
  • تأكيد الحلفاء على فتح الجبهة الثانية (مايو 1944).
  • القاهرة: بين روزفلت وتشرشل (3 ـ 7 ديسمبر 1943)

ز. مؤتمر كوييبك الثاني 10  Octagon)  سبتمبر 1944)

  • بين روزفلت وتشرشل

ـ الموافقة على خطة أيزنهاور بالتقدم عبر الراين على جبهة عريضة، بدلاً من خطة مونتجمري بتوجيه ضربة واحدة قوية إلى داخل ألمانيا.

ح. يالتا ـ القرم: (4 ـ 11 فبراير 1945)

  • بين روزفلت وتشرشل وستالين، لمناقشة الأوضاع بعد الحرب في أوروبا وآسيا.

ط. بوتسدام Terminal ـ قرب برلين: (17 يوليه – 2 أغسطس 1945)

  • ترومان ـ أتلي ـ ستالين

ـ 26 يوليه، توجيه إنذار نهائي، أمريكي ـ بريطاني ـ صيني، إلى اليابان.

ـ ترومان يطلع ستالين على نجاح تجربة القنبلة النووية (الذي تم في 16 يوليه 1945).

من الملاحظ أن دول المحور لم يحدث بين قادتها، أي لقاءات قمة للتنسيق، أسوة بما شاهدناه بين قادة دول الحلفاء.

ثامناً: عوامل أدّت إلى هزيمة ألمانيا النازية

تتلخص هذه العوامل في الآتي:

1. صمود بريطانيا لمدة عام كامل، منفردة  (22 يونيه 1940 ـ  22 يونيه 1941)

أ. حين حقق الألمان الانتصار الساحق على الحلفاء، في مايو ـ يونيه 1940، ظنوا للوهلة الأولى أنهم كسبوا الحرب.

ب. وفي 19 يوليه 1940، وجه هتلر رسالة إلى القيادة البريطانية عنوانها Final Appeal to Common Sense ، ومضمونها إنهاء حالة الحرب بشروط ألمانية.

ج. وفي 22 يوليه، أُعلن الرد البريطاني برفض العرض الألماني، وكان تفسير هذا الرفض أن بريطانيا خسرت معركة لكنها لم تخسر الحرب. وكان على بريطانيا الصمود عاماً كاملاً تحت وطأة الحرب الجوية، في معارك بريطانيا، والحرب البحرية، معركة الأطلسي، وفي عدد من المسارح البرية.

د. قام تشرشل بالدور الرئيسي في قيادة سفينة بريطانيا وسط العواصف والأنواء. كما أن الفضل الكبير للدعم الأمريكي الذي أثمر في استمرار الصمود البريطاني.

2. صمود الاتحاد السوفيتي (22 يونيه 1941 ـ 6 ديسمبر 1941)

تحقق الصمود السوفيتي أمام الغزو الألماني بسبب العمق الإستراتيجي الهائل والموارد البشرية والمادية التي لا تنفذ. قاد ستالين الاتحاد السوفيتي، خلال هذه المرحلة العصيبة. وبفضل قيادته، تحقق تماسك وصمود الشعب والجيش السوفيتي. كما لا يغفل ذكر فضل الدعم الأمريكي في الصمود السوفيتي.

3. إغفال هتلر للدور الأمريكي المحتمل في الحرب

أ. بنى هتلر حساباته على أساس قدراته على إحراز نصر حاسم على بريطانيا، قبل أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية أي قرار بدخول الحرب. فتصبح بذلك أمام الأمر الواقع، الذي يتعين عليها قبوله. لكنه أغفل حقيقة هامة، فالولايات المتحدة لم تكن لتتخلى عن بريطانيا لتلقى مصيرها بالهزيمة في الحرب، بل كانت تتخذ الخطوات المحسوبة للاشتراك في الحرب في اللحظة الحاسمة.

ب. الخلاصة أن كل الحسابات التي بُنيت على أساس إغفال الدور الأمريكي، كانت حسابات خاطئة.

4. خطأ التقديرات الألمانية في غزو روسيا

لم يأخذ هتلر في الاعتبار قدرات روسيا، وأخطأ مرة أخرى بالوصول إلى أبواب موسكو متأخراً، فقاست جيوشه مرارة الهزيمة، تحت وطأة القتال وتحت وطأة الشتاء القارس والثلوج.

5. اعتماد هتلر على الحليف الخطأ

كانت إيطاليا نقطة الضعف في جميع المسارح، وكانت ألمانيا تسارع بسد الثغرات قبل انهيار القوات الإيطالية. كانت إيطاليا تمثل عبئاً أكثر مما تمثل دعماً لقدرات ألمانيا.

6. خطأ الانتشار في مسارح بأكثر من قدرات القوات Over Extension

ربما دفعت إستراتيجية الحلفاء ألمانيا إلى ارتكاب هذا الخطأ، فألمانيا لم تعمل بالمبدأ القائل "من دعائم القوة إدراك حدود القوة".

7. تدخل هتلر بفرض قرارات حربية على القادة العسكريين

فكان يكلف قواته بمهام يثبت بعد ذلك خطؤها. ومن أمثلة هذه القرارات الهجوم في القوقاز، ستالنجراد، كورسك.

8. خطأ حسابات لوجستية

أخطأت القيادة الألمانية بدفع حجم كبير من القوات إلى مسرح شمال أفريقيا، من دون توفر موانئ وشبكة مواصلات ولا حتى الموارد الأساسية، ثم العجز التام عن إمداد هذه القوات، إلى الحدّ الذي فقدت التشكيلات المدرعة القدرة على الحركة بسبب نقص الوقود.

9. من ضمن النصائح الغالية التي توجه إلى رجال السياسة والحرب، نصيحة تقول "لا تغزو روسيا ـ لا تغزو الصين". وفي الحرب العالمية الثانية غزت دول المحور الاثنين معاً.

10. غياب آلية محددة لتنسيق الجهود وتحقيق الأهداف بين دول المحور

ظهرت دول المحور متباعدة ورابطة التحالف بينها ضعيفة غير مؤثرة، وبدا أن كلاًّ منها تعمل لحسابها بمنأى عن الآخرين، بينما على الجانب الآخر كان التحالف ديموقراطياً، تجلى فيه عمل الفريق.

تاسعاً: هتلر يخطو على درب نابليون

يلاحظ المؤرخون تشابهاً يصل إلى حد التطابق بين خطوات هتلر وخطوات نابليون. وكلاهما كان خصمه الرئيسي الذي استعصى على الغزو هو بريطانيا غرباً وروسيا شرقاً. وكانت أهم المراحل التي مرّا بها كالآتي:

1. التخطيط لغزو بريطانيا، ثم العدول لعجز الإمكانيات البحرية

  • نابليون: عام 1797، و1798.
  • هتلر: عام 1940.

2. غزو مصر، بهدف السيطرة على خط مواصلات بريطانيا إلى مستعمراتها

  • نابليون: من عام 1798 إلى عام 1801. ونجح في احتلال مصر.
  • هتلر: عام 1941، و1942، ولكنه فشل في دخول مصر.

3. بريطانيا تهزمه في مصر، وتجبره على الانسحاب

  • نابليون: عام 1801.
  • هتلـر: عام 1942

4. غزو دول القارة الأوروبية

  • نابليون: من عام 1801 إلى عام 1812.
  • هتلـر: من عام 1939 إلى عام 1941.

5. غزو روسيا، والهزيمة والانسحاب بخسائر جسيمة

  • نابليون: عام 1812.
  • هتلر: من 1941 إلى 1945.

6. الهزيمة أمام تحالف أوروبي، تقوده بريطانيا ـ في معركة فاصلة على أرض القارة

  • نابليون: عام 1815، في معركة ووترلو.
  • هتلـر: 1944 ـ 1945، في معركة برلين.

ربما كان دهاء السياسة البريطانية هو العامل الرئيسي، الذي فرض على كليهما السير على الدرب نفسه حتى النهاية.  (اًنظر جدول خسائر الحرب العالمية الثانية)

عاشراً: نتائج الحرب

1. خاضت بريطانيا حرباً عالمية بكل تكاليفها وأعبائها لهدف واحد، هو أنها لا تسمح لألمانيا بالسيطرة على دول أوروبا وفرض كلمتها على مقدرات القارة. فبمجرد بدء الغزو الألماني لبولندا، سارعت بريطانيا بإعلان الحرب. وعلى مدى 6 سنوات كاملة، بذل الحلفاء الغربيون جهداً جباراً، وتحقق لهم ما سعوا إليه بهزيمة ألمانيا هزيمة ساحقة.

2. في الوقت الذي انهارت فيه ألمانيا ولاح النصر مؤكداً للحلفاء، تبين أن النصر الذي أحرزوه قد تبدد من بين أيديهم تماماً، فقد حل الاتحاد السوفيتي ضيفاً مقيماً يُلقي بثقله على دول أوروبا الشرقية، وقام بتنصيب حكومات شيوعية في 8 دول أوروبية، وعدة دول آسيوية. وكأن الحلفاء الغربيين قد استبدلوا النازية الهتلرية بالشيوعية الستالينية.

3. ومع نهاية الحرب ظهرت الكتلة الشرقية، وأطلق تشرشل تعبير "الستار الحديدي" على الحدود التي تفصلها عن باقي دول أوروبا. وبدأ العالم مرحلة الحرب الباردة.

4. دار الصراع بين القوتين العظميين الشرقية بزعامة موسكو والغربية بزعامة واشنطن، واستمرت الحرب الباردة تُلقي بظلالها على العالم 45 عاماً كاملة، حتى بداية انهيار الكتلة الشرقية، منذ عام 1991، وسقط بنيانها من الداخل.

5. والحمد الله أن كُتِب للعالم النجاة فلم يشهد حرباً ثالثة، وإن شاهد آثارها دون معارك ودون إراقة للدماء.