إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب في مالي





مناطق الصراع في مالي
التدخل الفرنسي في مالي




المبحث الثالث

المبحث الثالث

موقف الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الدولية والإقليمية

إن انهيار النظام الحاكم في مالي جاء بأسرع مما هو متوقع، فبعد أقل من ثلاثة أشهر من اندلاع الأزمة في مالي، في يناير 2012، هُزم الجيش المالي على يد المتمردين هزيمة مفاجئة، ولم تكن متوقعة، نتيجة محاولته إخضاع التمرد في شمال البلاد، ونتج عن ذلك ازدياد الغضب داخل القوات المسلحة، واتهام الرئيس "أمادو توماني توري" بالمسؤولية عن عدم تجهيز الجيش على نحو مناسب، وعدم دعم القوات المباشرة للقتال، بالإضافة إلى الفساد المتفشي بالبلاد.

أدى هذا إلى تنفيذ القوات المسلحة انقلاباً عسكرياً، في 22 مارس 2012، ضد نظام الرئيس "أمادو توري"، وتولى السلطة مجلس عسكري بقيادة "هيا أمادو سانوغو".

وفي 6 أبريل 2012، أعلنت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، انفصال إقليم شمال مالي المعروف بإقليم أزواد، ورفعوا العلم الخاص بدولتهم، البالغ مساحتها 822 ألف كم2، أي ما يعادل مساحة فرنسا وبلجيكا معاً.

أدى الانقلاب العسكري وانفصال إقليم الأزواد بشمال مالي، في غضون الفترة من مارس إلى أبريل 2012، إلى حدوث فجوة هائلة من اللاشرعية في الظهير الجنوبي لمنطقة شمال أفريقيا، وهي منطقة الساحل التي تقع مالي في المركز منها، وتشاد والنيجر شرقاً وموريتانيا والسنغال غرباً.

أدى هذا الوقع المتسارع للأحداث إلى ظهور العديد من المواقف المتباينة للقوى الدولية والإقليمية، التي رأت أن مصالحها قد تأثرت نتيجة سقوط نظام العقيد "القذافي" وما تبعه من تمكن العناصر الإسلامية المتشددة من تثبيت أقدامها في المنطقة مهددة مصالحها. وكان من أبرز التداعيات إسقاط نظام الحكم في مالي بواسطة الانقلاب العسكري، وما تلاه من انفصال شمال مالي نتيجة عمليات عسكرية قامت بها الحركات الإسلامية المسلحة في مواجهة القوات الحكومية، وأسفر ذلك عن اندحار القوات الحكومية وهزيمتها، ما أدى إلى تغير الأوضاع وانتهاء فترة حكم الرئيس "أمادو توري".

أولاً: موقف الولايات المتحدة الأمريكية

أصرت الولايات المتحدة الأمريكية على تعزيز عملية الانتقال السياسي في باماكو أولاً قبل التفكير في شن هجوم على العناصر المسلحة في الشمال، وفيما تستمر الأزمة، يزداد قلق الولايات المتحدة الأمريكية بشأن قدرة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على استخدام شمال مالي نقطة انطلاق لزعزعة استقرار جيرانها، وخاصة الديموقراطيات الجديدة الهشة في شمال أفريقيا.

وقد زادت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل عمليات التدريب على مكافحة الإرهاب والمساعدات العسكرية للدول الأكثر عرضة للتهديد بسبب الفوضى في مالي. فقد منحت موريتانيا، في يوليه 2012، معدات عسكرية تُقدر قيمتها بنحو سبعة ملايين دولار. في حين حصل النيجر على طائرتين للنقل العسكري والقيام بأعمال المراقبة، وصلت قيمتهما إلى 11.6 مليون دولار.

وأجرت الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع فرنسا، مناورات عسكرية مع حلفائها في غرب أفريقيا (السنغال، وبوركينا فاسو، وغينيا، وجامبيا). كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بسلسلة من العمليات الاستخباراتية ومراقبة الاتصالات والمراقبة الجوية فوق الصحراء الكبرى. ويعتقد الذين يؤيدون تنفيذ ضربات من جانب واحد ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في شمال مالي، أن القاعدة تمثل خطراً عالمياً وليس إقليمياً. ومع ذلك هناك تخوف وحذر أمريكي من عواقب التصرف غير المحسوب في مالي.

ومن ثم فالولايات المتحدة الأمريكية تعمل مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، في إطار خطة لحفظ السلام، لكن المخاوف من أن الإيكواس مرهقة بالفعل بسبب الأزمة في غينيا بيساو، حيث أطاح المجلس العسكري بالحكومة، في أبريل 2012.

1. جهود الولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإرهاب في شمال وغرب أفريقيا

رغم علم الولايات المتحدة الأمريكية بوجود الجماعات الإسلامية المتشددة وانتشارها في شمال وغرب القارة، ورغم تخوفها من القيام بأعمال تهدد مصالحها، إلا أنها كانت قد أعدت كثير من برامج مكافحة الإرهاب، أو الشراكة مع الدول الأفريقية في المنطقة للقضاء على أنشطة هذه التنظيمات الإرهابية أو الحد منها، وإن كان الواقع الفعلي يؤكد عدم الاعتماد على هذه البرامج بصورة فعلية، حيث تسارعت الأحداث في الشمال والغرب الأفريقي على نحو لم يمكن من رؤية المكافحة على أرض الواقع.

إلا أن هذه البرامج مازالت قائمة، ويمكن عرضها عرضاً سريعاً لمعرفة الجهد الذي قد بُذل في الإعداد لها.

أ. برنامج شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء

أطلقته وزارة الخارجية الأمريكية، في مبادرة لزيادة أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، لأربع دول من غرب أفريقيا، هي مالي، وتشاد، والنيجر، وموريتانيا. ثم جرى تطوير المبادرة وأُطلق عليها "مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء"، ثم تطويرها إلى شراكة. ويتولى تمويل البرنامج كلاً من وزارة الدفاع والخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. ويضم البرنامج تسع دول أفريقية، هي الجزائر، والمغرب، وتونس، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال.

ويهدف برنامج الشراكة إلى القضاء على الإرهاب، من خلال تعزيز القدرات الإقليمية، وإضفاء الطابع المؤسسي على تعزيز التعاون بين قوات الأمن في المنطقة، وتعزيز العلاقات العسكرية الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية. وأنشأت وزارة الدفاع الأمريكية عملية "الحرية الدائمة عبر الصحراء" للقيام بالمهام العسكرية للشراكة، حيث تولت التدريب والمناورات المشتركة بين القوات الأمريكية ودول الشراكة. ورفعت إدارة الرئيس "أوباما" تمويل البرنامج من 15 مليون عام 2009، إلى 20 مليون دولار عام 2010.

ب. قوة العمل المشتركة "أزتيك الصامتة"

أنشأت القيادة الأمريكية الأوروبية قوة العمل المشترك "أزتيك الصامتة" تحت قيادة الأسطول السادس، لتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب في شمال وغرب أفريقيا، ولتنسيق العمليات الأمريكية مع دول المنطقة. وتتولى القوة عمليات المراقبة باستخدام إمكانات الأسطول السادس، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين وكالات الاستخبارات الأمريكية والقوات العسكرية المحلية.

وتضم هذه القوة سرباً من طائرات الاستطلاع الأمريكية، يتمركز في جزيرة صقلية. وفي مارس 2004، أُعيد تمركزه في جنوب الجزائر، بقاعدة "تمنراست"، وذلك لجمع المعلومات عن تحركات مقاتلي الجماعة السلفية الجزائرية التي تعمل في تشاد ومواجهتها، وتقديم المعلومات للقوات التشادية التي تشارك في مكافحة الجماعات الإرهابية.

ج. برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي (أحد برامج المساعدات الأمنية العسكرية)

 يقوم على تعليم الأشخاص الأجانب من المدنيين والعسكريين وتدريبهم في الجيش الأمريكي والمؤسسات التعليمية التابعة له. وتتولى وزارة الخارجية الأمريكية تمويل البرنامج، الذي يأتي للدول المستفيدة في شكل منح.

والدول الأكثر استفادة من البرنامج هي تشاد، وجيبوتي، وإثيوبيا، وغانا، وكينيا، وليبريا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، ورواندا، والسنغال، وجنوب أفريقيا، وأوغندا.

ويُعد البرنامج من أهم برامج التعاون العسكري الأمريكي وأخطرها، حيث يركز على تدريب الأفراد المتوقع توليهم مناصب قيادية في المستقبل.

د. برنامج المساعدة والتدريب على عمليات الطوارئ الأفريقية

حل هذا البرنامج محل مبادرة الاستجابة للأزمات الأفريقية، ويهدف إلى رفع مستوى القدرات العسكرية الأفريقية في مهام حفظ السلام، ويوفر التدريب على عمليات دعم السلام، بما في ذلك تدريب وحدات المشاة الخفيفة، والوحدات التكتيكية الصغيرة.

قام البرنامج، خلال عام 2009، بتوسيع نظام تبادل المعلومات الإقليمي في جماعة الإيكواس، وذلك لتمكين الدول الأعضاء في الجماعة من تبادل المعلومات والاتصال عبر الأقمار الصناعية.

هـ. القيادة العسكرية الأمريكية (الأفريكوم)

في 6 أبريل 2007، أعلن "روبرت جيتس" وزير الدفاع الأمريكي أمام مجلس الشيوخ، أن الرئيس "بوش" قد اعتمد قراراً إنشاء قيادة عسكرية أمريكية جديدة للقارة الأفريقية، بدلاً من الوضع الراهن الذي يُقسم القارة بين ثلاث قيادات عسكرية. وقد أُطلق على القيادة الجديدة "أفريكوم"، ووقع الاختيار مدينة شتوتجارت الألمانية مقراً مؤقتاً لها، وأنها ستعمل بكامل قدراتها في أكتوبر 2008. ويشمل نطاق عملها كل القارة الأفريقية، باستثناء مصر، التي ستظل كما هي ضمن نطاق القيادة المركزية الأمريكية. ولها اهداف معلنة تتلخص في بناء الشراكة مع دول القارة وتطويرها، وإدارة أنشطة الأمن والتعاون، وإدارة العمليات العسكرية، وخاصة في غرب القارة، ومكافحة الإرهاب وانتشار الشبكات الإرهابية في شمال وغرب القارة، بالإضافة إلى محاصرة النفوذ الأوروبي والتغلغل الصيني.

وأثار قرار تأسيس الأفريكوم الكثير من القلق بدول القارة، ما حدا بوزارة الدفاع الأمريكية إرجاء نقل مقر القيادة إلى القارة حتى تتمكن من إقناع الدول المعنية بتقبل الفكرة.

2. الأهمية الجيوسياسية لأفريقيا في دوائر السياسة الخارجية الأمريكية

على الرغم من امتداد الالتفات الأمريكي لكامل القارة الأفريقية، إلا أن هذا الالتفات لا يشمل عموم أنحاء القارة بدرجة واحدة، وذلك لعدة عوامل واعتبارات. ويدفع الهم الأمني ومكافحة الإرهاب باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية إلى نطاق جغرافي ممتد جنوب الصحراء الكبرى، ليشمل عدة دول أصبح نفوذ  تنظيمات الإسلام الراديكالي متزايداً بها، كشمال مالي، وتشاد، ونيجيريا، حيث تنامى نموذج القاعدة الفكري في شمال أفريقيا، ودول جنوب الصحراء.

في حين يتصدر ملف الأزمة في مالي، ممثلاً في جماعات الطوارق المسلحة، والجماعات المحسوبة على القاعدة فكراً أو تنظيماً في شمال مالي، بالإضافة إلى جماعة بوكو حرام في نيجيريا، أجندة الاهتمام الأمريكي بشأن التنظيمات المسلحة المحسوبة بدرجة أو بأخرى على الإسلام الراديكالي، وتنامى الحديث إعلامياً عن المتمردين الطوارق وتنظيمهم المعروف بالحركة الوطنية لتحرير أزواد، مع إعلانهم استقلال شمال مالي في أعقاب الانقلاب العسكري، في 22 مارس 2012.

وكان ظهورها في إطار مجموعة من الحركات الأزوادية وتمردها على سلطة الحكومة المركزية لمالي والنيجر، وتكونت من مجموعات من مجندين ماليين ونيجيريين سابقين من أصول طوارقية.

ومن مظاهر الاهتمام الأمريكي بما يحدث، ما صرح به الجنرال "كارتر هام" رئيس القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) لوكالة رويترز، في يوليه 2012، من أن جناح القاعدة في شمال أفريقيا هو المهيمن على القوى الإسلامية التي تسيطر على شمال مالي، وأن المجتمع الدولي وحكومة مالي يواجهان تحدياً معقداً في محاولة التعامل مع الوجود المتزايد لهذا التنظيم في شمال صحراء مالي. مُشيراً بذلك لاحتمالات تدويل هذا الملف.

ومن ثم تُعد المنطقة التي ينشط فيها هذه التنظيمات في شمال مالي منطقة ذات حيثية اقتصادية وإستراتيجية مهمة، حيث إنها تمثل معبراً لتجارة السلاح والهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات. وتمثل من ناحية أخرى أهمية عسكرية تتجاذب نحوها أنظار كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.

ثانياً: مواقف دول الجوار الإقليمي تجاه الانفصال

1. الجزائر

تبلغ حدود الجزائر مع شمال مالي 1200 كم، ويأتي موقف الجزائر من انفصال شمال مالي في إطار إدارة الجزائر سياسياً وأمنياً لملف الإرهاب، وهي إدارة تتسم بدرجة عالية من الدقة التي تستلزم تحليلاً متكاملاً لأبعاد الخطورة وحيوية الملف، بوصفه وثيق الصلة بالاستقرار الداخلي للدولة.

ونجحت سياسة الجزائر في مواجهة الإرهاب في المنطقة إلى حد كبير، ويمكن القول أن السياسة الأمنية الجزائرية تتسم بأنها ذات مسارين في مواجهة الإرهاب

أ. المسار الأول: الاحتواء

تعتمد الجزائر في هذا المسار أحد أساليب ثلاثة أو كلها مجتمعة، وتتمثل في:

(1) الاشتباك الأمني المباشر مع عناصر الإرهاب، وذلك على أرض الإقليم الجزائري.

(2) زرع عناصر مخابراتية في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي.

(3) التعامل مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي تعاملاً أيديولوجياً، بهدف منع استفزاز هذا التنظيم، تحقيقاً للاستقرار الداخلي، وذلك بمنع فتح المجال الجوي أمام الطائرات الأمريكية الموجهة من دون طيار، والتي من الممكن أن تتصيد بمهارة عالية مجمعات هذا التنظيم، وهذا يُدخِل الجزائر في المستنقع الأفغاني.

كما عارضت الجزائر وجود "أفريكوم" على أراضيها، ورفضت الاشتراك مع فرنسا في أي عمل عسكري، وذلك لأن تنظيم القاعدة يرى أن الغرب هو عدوه الإستراتيجي.

ب. المسار الثاني: إبعاد الخصم

هذا هو منطلق موقف الجزائر بعد انفصال مالي، فالجزائر ترفض رسمياً انفصال شمال مالي، حتى لا تبدو دبلوماسياً ودولياً أنها تتعارض مع المجتمع الدولي، إذ أن منع قيام دولة مستقلة في شمال مالي يزيد من النفوذ الإقليمي والدولي للجزائر، ولكن الجزائر لن تترك تنظيم القاعدة ينفرد بشمال مالي، لأن الطوارق قوة عسكرية موالية تماماً للجزائر. هذا التوازن بين قوتين إحداهما موالية تماماً للجزائر، والأخرى مخترقة من أجهزة مخابراتها، وهي القاعدة، تمكن الجزائر من تحقيق استقرار الاستثمارات النفطية في شمال مالي للشركة الوطنية الجزائرية "سوناتراش"، واكتساب 822 ألف كم2، مساحة شمال مالي، عمقاً إستراتيجياً جديداً للجزائر.

2. النيجر

من المعروف أن رئيس وزراء النيجر "بريجي رافيني"، ونائبه من طوارق النيجر. والنيجر هي ثاني منتج في العالم لليورانيوم، وتقوم شركة (أريفا) الفرنسية بالاستثمار في استخراجه، وهي من أكبر منتجي المفاعلات النووية دولياً. كما توجد بها استثمارات دولية أخرى في مجال إنتاج الفحم والذهب، في منطقة الأجاديز، ولا يقطن في هذه المناطق إلا نصف مليون من الطوارق.

وتعارض النيجر أي تدخل عسكري في الأزواد، لأن رد الفعل المتوقع في حالة حدوث هذا التدخل هو أن يتحرك طوارق شمال مالي ليدخلوا صحراء الأجاديز بشمال النيجر، ما يؤثر سلباً على الاستثمارات الدولية القائمة المزدهرة في النيجر.

عموماً، فإن الطوارق في النيجر لا يعانون من ذلك الشعور بالإقصاء والاضطهاد، كما في شمال مالي، لأنهم متداخلون مع بقية الأعراق في كل مناطق النيجر. إلا أن عدم التدخل العسكري ضد طوارق شمال مالي يدعم الاستقرار الداخلي للنيجر، التي ينتشر بها الطوارق في كل أقاليمها.

3. موريتانيا

اختار الرئيس الموريتاني "محمد ولد عبدالعزيز" أن يكون دوماً حليفاً لفرنسا في منطقة الساحل. ومن هذا المنطلق حرصت باريس على تحديث الجيش الموريتاني، الذي تحرك عدة مرات عابراً الحدود المشتركة مع شمال مالي، التي تبلغ 900 كم طولاً، لتنفيذ مهام ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي. ومن ثم فالعداء قديم بين النظام في موريتانيا وتنظيم القاعدة. ولكن على الجانب الآخر كان الرئيس الموريتاني وسيظل حليفاً لطوارق الأزواد.

وما من شك في أن انفصال شمال مالي يشكل تهديداً مباشراً لنظام الرئيس الموريتاني، الذي يعاني حالياً من مواجهات مع المعارضة الموريتانية، التي تأمل في الإطاحة به. وفي ظل وجود التهديد بقلاقل داخلية وقلاقل حدودية من جانب تنظيم القاعدة، يتوثق تأييد الرئيس الموريتاني لطوارق الأزواد، بهدف إضعاف تنظيم القاعدة واحتوائه.

4. المغرب

أعلنت وزارة الخارجية المغربية عن رفضها الاستيلاء على السلطة بالقوة في مالي، مُشيرة إلى ضرورة التمسك بالدستور. وجاء في بيان الوزارة "بعد الانقلاب العسكري في جمهورية مالي، ندعو إلى التمسك بأحكام الدستور واحترام المؤسسات المنتخبة". وأضاف البيان أن المغرب يعد بالعمل من أجل الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، بالتعاون في هذا المجال مع دول المنطقة والمنظمات الإقليمية المعنية. كما أوضح البيان أن المملكة تجدد التأكيد على تمسكها باستقرار ووحدة وسيادة أراضي جمهورية مالي، مُشيراً إلى أن الرباط أنشأت خلية مهمتها متابعة وضع المواطنين المغاربة في جمهورية مالي، والسهر على حمايتهم وحماية مصالحهم.

ثالثاً: موقف الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)

1. وجهة النظر العامة

وصلت جهود الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لحل الصراع في شمال مالي إلى طريق مسدود، حيث إن الوساطة التي تضطلع بها المجموعة لم تؤد إلى حل مناسب، إذ انقسمت الآراء داخل الجماعة إلى من يطالب بالتدخل واستخدام القوة العسكرية، ومن يطالب بإتباع أساليب أقل حدة وتدرجاً. ومما يدعو إلى الشك في مقدرة الجماعة الاقتصادية على حل النزاع، عدم قدرتها على الحصول على الدعم المناسب من مجلس الأمن أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الجزائر، التي تعدها دول الجوار الإقليمي وسيطاً لحل الأزمة.

تسعى المجموعة الاقتصادية إلى تنفيذ عملية انتشار عسكري على مراحل في مالي. تستلزم المرحلة الأولى منه تأمين عملية الانتقال السياسي، وتطوير المؤسسة المالية العسكرية لوضع الأسس لتنفيذ عمل عسكري. أما المرحلة الثانية، فينفذ فيها التدخل العسكري في الشمال.

ولكن من المحتمل ألا تنجح هذه الإستراتيجية، حيث أعلنت كل من غانا والسنغال عدم مشاركتهما في الانتشار العسكري في مالي، بينما تُبدي كل من النيجر وبوركينا فاسو استعدادهما للتدخل العسكري، حتى ولو كانت الأوضاع السياسية في جنوب مالي غير ملائمة.

وفي ضوء وجود عدم استقرار في الشمال، وعدم القدرة الحكومية في الجنوب، فإن أي تدخل مبكر لن يُعطي نتائج ملموسة. فالجيش المالي في حالة فوضى، وقد رفض حتى الآن السماح بنشر جنود من غرب أفريقيا في باماكو، كما رفض أي تدخل مباشر من المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (الإيكواس). وفضلاً عن ذلك، فإن المرحلة الأولى من الإستراتيجية بالغة الأهمية للمرحلة الثانية من التدخل العسكري في الشمال، ومن دون هذه الإستراتيجية يبدو التدخل غير مرجح.

وبعد الإطاحة بنظام الرئيس "أمادو توري"، ضغطت الإيكواس على الرئيس "ساناغو" للتنازل عن السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة "ديونكوندا تراوري"، خاصة في ظل عجز الإدارة الجديدة عن إثبات وجودها سياسياً. كما أن الأحزاب عديدة ومجزأة، ما يعرقل إنشاء جبهة وطنية متحدة. بالإضافة إلى أن الشمال مازال يسوده الارتباك بشأن مدى تقارب الجماعات المسلحة أو تداخلها. وظهر ذلك في تنازل الحركة الوطنية لتحرير أزواد عن الأراضي التي استولت عليها ـ بعد هزيمتها للقوات الحكومية ـ إلى قوات إسلامية مسلحة بقيادة جماعة أنصار الدين.

ومن شأن التدخل العسكري أن يفشل أيضاً من دون دعم البلدان الرئيسة في المنطقة، مثل الجزائر وموريتانيا والنيجر. وحتى الآن لم تتمكن المجموعة من تنسيق إجراءاتها، حيث تدعو النيجر إلى تدخل عسكري، فيما تعارضه كل من الجزائر وموريتانيا، إذ تتعرض الجزائر للضغوط طبقاً لمواقفها الإقليمية والدولية، أما موريتانيا فإن أي عمل عسكري قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار البلاد.

2. جهود الإيكواس للتسوية

تنبع جهود الإيكواس للتسوية من المنطلقات التالية

أ. التخوف من تقسيم البلاد: حيث هناك قوى تنادي بدعاوى انفصالية، وهذا قد يحدث بصورة عنيفة خلافاً لحالات تدخل الإيكواس السابقة في كل من سيراليون، وساحل العاج، وغينيا بيساو.

ب. التخوف من انتقال عدوى الانفصال إلى الدول المجاورة: حيث إن قبائل الطوارق تنتشر في منطقة صحراوية واسعة، تمتد من حدود مصر الغربية شرقاً، إلى ليبيا وتشاد والجزائر وموريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو غرباً.

ج. وجود تنظيم إسلامي مسلح يسعى لإقامة إمارة إسلامية: وكل هذه التنظيمات المسلحة الموجودة، مثل حركة التوحيد والجهاد، وجماعة أنصار الإسلام، لها علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي.

د. التخوف من مشكلات اللجوء والنزوح: التي قد ينشأ عنها مأساة إنسانية.

يُلاحظ أنه لم تكن هناك أي مشكلات قانونية بشأن تدخل الإيكواس لحسم النزاع، رغم التخوفات السابقة، حيث إن النظام الشرعي قد طلب هذا التدخل، حيث طلب الرئيس الانتقالي "ديونكوندا تراوري"، في بداية سبتمبر 2012، دعماً جوياً ولوجستيا، وخمس كتائب قتالية لدعمه في استعادة السيطرة على البلاد والقضاء على المتمردين.

3. خطوات الإيكواس للتسوية

أ. فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على مالي

ففي 2 أبريل 2012، قررت الإيكواس تعليق عضوية مالي بها، وحظر اقتصادي شامل عليها، يشمل إغلاق جميع الحدود لجميع الدول أعضاء الإيكواس معها، ومنع التجارة، باستثناء السلع الإنسانية.

ب. التوصل لاتفاق سياسي مع زعماء الانقلاب

وقع عليه قائد المجموعة العسكرية "أمادو سانوغو" في باماكو، ينص على تولي رئيس البرلمان "ديونكوندا تراوري" الرئاسة لمرحلة انتقالية، مع تعيين رئيس للوزراء وحكومة انتقالية، على أن تكون مهمة الرئيس الانتقالي تنظيم اقتراع رئاسي خلال المهلة الدستورية المحددة بأربعين يوماً. كما نص الاتفاق على إصدار عفو عام عن الانقلابيين، وحماية الرئيس المخلوع "أمادو توماني توري".

ج. عقد مؤتمرات قمة للتحضير للقوات التابعة للإيكواس

ففي خلال الستة أشهر التالية للأزمة، عملت الإيكواس على عقد عدة مؤتمرات قمة من خلال وسيط من بوركينا فاسو، مع عقد اجتماعات لرؤساء أركان دول الإيكواس، للتحضير لإرسال بعثة عسكرية من دول الإيكواس.

د. قرار الإيكواس بإرسال قوات تابعة لها

قررت الإيكواس، في يونيه 2012، إرسال قوات تابعة لها، تبلغ 3300 جندي، لمساعدة الجيش المالي في استعادة السيطرة على المناطق الشمالية، بحسبان أن هذا هو الأساس لتسوية الأزمة. وقد طالبت مجلس الأمن بالموافقة على إرسال هذه القوات، بموجب الفصل السابع من الميثاق، مع أهمية التنسيق الإقليمي والدولي.

أظهرت اجتماعات الإيكواس على مستوى رؤساء الأركان في كل من أبيدجان وباماكو، في أغسطس 2012، مدى التباين في وجهات النظر بين الإيكواس والجيش المالي، الذي يتمثل في تحديد مناطق انتشار قوات الإيكواس. فقد رغبت حكومة مالي في انتشار قوات الإيكواس في شمال البلاد فقط، بينما رأت الإيكواس أنه لكي تنفذ العملية بنجاح، فلابد من إقامة قاعدة لوجستية في العاصمة باماكو في الجنوب، تشمل فريقاً عسكرياً ومدنياً، مع التدخل عبر مجموعة من المراحل، تبدأ بإرسال قوات إلى العاصمة لتقوية الحكومة الانتقالية، ثم المساعدة في إعادة تنظيم الجيش الوطني، ثم أخيراً إرسال قوات عسكرية مشتركة لاستعادة الأوضاع في الشمال.

لكن حكومة مالي رفضت نشر قوات الإيكواس في العاصمة، وبهذا عُرقلت جهود الإيكواس. وعلى أثر ذلك طلب الرئيس المالي "ديونكوندا تراوري" من الأمين العام للأمم المتحدة، إصدار قرار من مجلس الأمن يسمح بتدخل قوة دولية (قرار مجلس الأمن الرقم 2071، الصادر في 5 أكتوبر 2012).

رابعاً: موقف الاتحاد الأفريقي من الأزمة

طالب وفد من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، قادة الانقلاب العسكري الذين سيطروا على الحكم في دولة مالي، بالتخلي عن السلطة. وحذر الوفد مجموعة الانقلاب أنه لا شروط للعودة بالعمل بالدستور، وذكر رئيس الوفد أن زعماء الانقلاب لم يحددوا إطاراً زمنياً لإعادة السلطة، وأن الوقت ليس في صالحهم، وكلما طال بقاؤهم في السلطة تعقدت الأمور.

أرسل رئيس كوت ديفوار "الحسن وتارا"، والرئيس الحالي للإيكواس بعثة مشتركة جمعت وفداً مكوناً من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بقيادة "قادر ديزير أودراوجو" رئيس مفوضية الإيكواس، في 24 مارس 2012، لإجراء مباحثات في باماكو مع رئيس اللجنة الوطنية للإصلاح الديموقراطي، واستعادة الدولة "الكابتن أمادو ساناغو"، وتوصيل رسالة للسلطات المالية. وجرت المباحثات في اجتماعات مغلقة.

قرر الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية مالي وتجميد مشاركتها في جميع أنشطة الاتحاد، وذلك إلى حين استعادة النظام الدستوري. وقال رئيس الاتحاد الأفريقي أنه سيرسل بعثة لتقييم الأوضاع بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس "أمادو توري". وذكر رئيس مجلس السلم والأمن الأفريقي التابع للاتحاد، أن هذا التجميد لن يرفع إلا بعد استعادة النظام الدستوري في مالي. فيما قرر صندوق التنمية الأفريقي تعليق تمويل دولة مالي.

أعلن الاتحاد الأفريقي عن فرض عقوبات على زعماء الانقلاب العسكري في مالي ومساعديهم، الذين يرفضون عودة النظام الدستوري للبلاد. وقال مفوض الاتحاد الأفريقي لشؤون السلم والأمن في تصريحاته، عقب اجتماع للمجلس عُقد في أديس أبابا، أن المجلس قرر فرض عقوبات، وأنها سيبدأ سريانها على الفور، وتستهدف حظر السفر وتجميد أصول زعيم المجلس العسكري، وكذلك الكيانات التي تعرقل عودة النظام الدستوري. كما أضاف أن المجلس أقر القرار الذي اتخذته الدول الأعضاء بالتجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) بتنشيط قوة الاحتياط الجاهزة التابعة للجماعة.

كما عقد مجلس السلم والأمن اجتماعاً في أديس أبابا، لبحث تطورات الأوضاع في مالي، بمشاركة الدول الأعضاء في المجلس، واستمع خلاله إلى بيان رئيس المفوضية، وإلى بيانات عن ممثلين عن مالي وعن الإيكواس.

وبتسليم السلطة إلى رئيس الحكومة الانتقالية، رحب مفوض الاتحاد لشؤون السلم والأمن بتسليم السلطة في مالي إلى الرئيس الانتقالي "ديونكوندا تراوري"، وذكر أن المجلس يُبدي الشعور بالارتياح لأداء الرئيس الانتقالي اليمين القانونية، كما أشاد المجلس بالجهود التي بذلتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) في التوصل لاتفاق لتسليم السلطة، وسيعقد المجلس اجماعاً حول مالي في أديس أبابا، لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيال هذا التطور.

طالب مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بحل المجموعة الانقلابية فعلياً، مندداً بتدخلاتها غير المقبولة في المرحلة الانتقالية. وجاء في بيان صدر في ختام اجتماع المجلس "أن المجلس يطالب بإنهاء التدخلات غير المقبولة للمجموعة العسكرية والداعمين لها من المدنيين، في إدارة المرحلة الانتقالية"، وطالب بالحل الفعلي للمجموعة الوطنية لإعادة الديموقراطية وإعادة بناء الدولة، التي كانت تسلمت السلطة في مالي، في 22 مارس 2012، أثر الانقلاب الذي قامت به.

وكان زعماء دول غرب أفريقيا قد طالبوا بتشكيل حكومة وحدة وطنية في مالي، قبل 31 يوليه 2012، تحت طائلة فرض عقوبات على من يعرقل هذا التشكيل. ويكشف هذا الموقف عن نفاد صبر دول غرب أفريقيا من الوضع القائم في باماكو، رغم الاجتماعات المتعددة التي عٌقدت على مستوى القمة، واستيائها الشديد من دفع العملية الانتقالية لطي صفحة الانقلاب.

في 21 أكتوبر 2012، قرر الاتحاد الأفريقي رفع تجميد عضوية مالي بعد انقلاب 22 مارس، في أنشطة الاتحاد الأفريقي، كما أقر خطة تهدف إلى استعادة سلطات الدولة في شمال البلاد، التي سيطر عليها مجموعات إسلامية مسلحة بعد الانقلاب. ودعا إلى تنظيم انتخابات في مالي، في أوائل عام 2013. وتستهدف خطة العمل التي ستُحال إلى مجلس الأمن الدولي، تنظيم انتخابات حرة وعادلة خلال الفصل الأول من عام 2013.

خامساً: موقف الأمم المتحدة من الأزمة

دعا مجلس الأمن الدولي إلى العودة للنظام الدستوري والحكومة المنتخبة ديموقراطياً في مالي، وجاء في البيان "أن الأعضاء الخمسة عشر يدينون بشدة الانقلاب في مالي، ويطلبون من العسكريين المتمردين ضمان أمن الرئيس "أمادو توري"، والعودة إلى ثكناتهم".

أعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا، أن الانقلاب العسكري في مالي غير مقبول، داعياً السلطة العسكرية الحاكمة إلى ضمان سلامة الرئيس "أمادو توري"، كما ذكر أيضاً أن دول غرب أفريقيا أمهلت السلطات العسكرية في مالي 72 ساعة لعودة الوضع إلى طبيعته. وأضاف إلى أن الانقلاب غير مقبول لأنه كان ضد رئيس منتخب ديموقراطياً، وفي وقت كانت فيه الأسرة الدولية مستعدة لتقديم دعم للتوصل إلى حل سلمي لشمال البلاد، حيث ينتشر المتمردون. كما دعا أيضاً إلى ضمان سلامة الرئيس المخلوع، والإفراج عن الأشخاص الذين اعتقلوا بعد الانقلاب.

طالب وفد الأمم المتحدة قادة الانقلاب العسكري، الذي سيطر على الحكم في مالي، بالتخلي عن السلطة، معلناً أن خططهم لحل مشكلات البلاد وإعادة الأمن قبل تنحيتهم لن تفلح.

1. إنشاء بعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي

أنشئت بعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 2100، المؤرخ في 25 أبريل 2013. وبموجب أحكام هذا القرار، ستُدعم البعثة العملية السياسية، وستقوم بعدد من مهام الأمن المتصلة بتحقيق الاستقرار، مع التركيز على المراكز السكانية، وخطوط الاتصال الرئيسة، وحماية المدنيين، ورصد حقوق الإنسان، وتوفير الظروف لتوفير المساعدات الإنسانية، وعودة المشردين، وبسط سلطة الدولة، والتحضير لانتخابات حرة شاملة.

2. دعم العملية السياسية والمساعدة على تحقيق الاستقرار

ستؤدي البعثة مهامها في إطار قواعد اشتباك محكمة، في ظل ولاية تشمل استخدام جميع الوسائل الضرورية لمواجهة التهديدات التي تعترضها في تنفيذ مهامها، التي تشمل حماية المدنيين المعرضين لخطر العنف، وحماية أفراد الأمم المتحدة، ومن الممكن أن يشمل ذلك قيام البعثة بعمليات بمفردها أو بالتعاون مع قوات الدفاع والأمن المالية. وقد أُذن للقوات الفرنسية بالتدخل لدعم البعثة في حالة التهديد.

3. إنشاء مكتب الأمم المتحدة في مالي وبعثة الدعم الدولية بقيادة أفريقية

في أعقاب انقلاب مارس 2012، وانفصال إقليم أزواد، في أبريل 2012، عرض الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا على السلطات المالية، أن تمدها الأمم المتحدة بالدعم، وترتب على ذلك أن طلبت السلطات المالية المؤقتة المساعدة من الأمم المتحدة في بناء قدرات السلطات الانتقالية المالية، في مجالات التفاوض السياسي، والانتخابات، والحوكمة، وإصلاح قطاع الأمن، والمساعدات الإنسانية.

وأُجريت مشاورات إضافية أدت إلى نشر بعثات الأمم المتحدة في مالي، في منتصف يناير 2013. فقد أُذن بإنشاء وجود متعدد التخصصات للأمم المتحدة، بقرار مجلس الأمن الرقم 2085 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012، لتقديم دعم منسق متجانس في العملية السياسية الجارية والعملية الأمنية، بما في ذلك دعم أعمال التخطيط لبعثة الدعم الدولية في مالي، بقيادة أفريقية، وأُذن بنشر بعثة الدعم الدولية بموجب أحكام نفس القرار الصادر من مجلس الأمن، بهدف الإسهام في إعادة بناء قدرات قوات الدفاع والأمن المالية، ودعمها في استعادة مناطق الشمال من إقليمها الواقعة تحت سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة.

4. استنكار مجلس الأمن للانقلاب في مالي

استنكر مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بشدة الانقلاب، وقال في بيان صادر من مكتب الأمين العام، أنه يدعو كل المسؤولين للامتناع عن أية أعمال قد تؤدي إلى مزيد من العنف، ومزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد، وإلى إعادة الحكم الدستوري إلى مالي. وقد ذكر مساعد الأمين العام "لين باسكو"، أنه قدم تقريراً للأمين العام "بان كي مون" يُفيد بأنه لا يُرجى النفع من الإطاحة برئيس منتخب قبل شهر أو ستة أسابيع من الموعد المفترض لإجراء انتخابات جديدة.

كما ذكر السفير البريطاني في الأمم المتحدة، الذي يتولى رئاسة مجلس الأمن الدورية لهذا الشهر، أنه ترددت معلومات عن احتجاز وزراء في حكومة مالي، ودعا مجلس الأمن إلى الإفراج عن المسؤولين الماليين الذين جرى اعتقالهم.

5. موافقة مجلس الأمن على نشر قوات عسكرية في شمال مالي

لتحقيق الاستقرار في مالي، واستعادة الأوضاع في شمال مالي، وافق مجلس الأمن الدولي على نشر قوات عسكرية في منطقة شمال مالي، بالمشاركة مع قوات عسكرية تقودها أفريقيا، وستحاول طرد تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى من المنطقة.

وأجاز مجلس الأمن الدولي، المكون من خمس عشرة دولة، بالإجماع التدخل العسكري في مالي، وأعطى القوات في البداية الوصاية لمدة سنة واحدة للمساعدة في استعادة شمال البلاد من الجماعات الإرهابية المسلحة، التي سيطرت على شمال البلاد بعد انقلاب مارس.

وجاءت موافقة الأمم المتحدة على هذا الحل، بعد اقتراح فرنسا بعد أسابيع من المباحثات مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما سيؤذن للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة، في مساعدة إعادة بناء القوات الأمنية المالية.