إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب في الصومال




محمد سياد بري
محمد فرح عيديد
شيخ شريف شيخ أحمد
عبدالله يوسف





حرب الصومال 1

المقدمة

يعانى الصومال منذ أواخر ثمانينيات القرن العشرين من العديد من المشكلات الداخلية والخارجية، التي أدت إلى حدوث الفوضى وشيوعها داخل الدولة, ومن ثم اشتعال حرب أهلية مستعرة امتدت إلى كافة أرجاء البلاد. وقد حدث هذا في الوقت الذي كان ينظر إلى الشعب الصومالي على أنه يمثل نسيجاً فريداً من التميز القومي حيث التجانس الإثني ووحدة اللغة والدين، وتماثل العادات والتقاليد، وغير ذلك. وهو الأمر الذي يستدعى التناول والتحليل الموضوعي لتلك الحرب الصومالية؛ حيث إن مقدمات الأزمة كان من غير المفترض -نظرياً أن تخترق تلك الأمة التي تعد ذات هوية قومية متميزة، ونسيج اجتماعي على درجة كبيرة من التجانس والتماسك، للدرجة التي كان ينظر فيها إلى الصومال على أنه واحدة من الدول القليلة في العالم، التي يندر أن يتوافر فيها مثل هذا التوافق والاندماج الوطني الذي يعد أنموذجاً فريداً من المنظور السياسي والاجتماعي.

وعلى الرغم مما يميز الصومال عن بقية الدول الأفريقية التي تعاني من التعدد القومي – الإثنى وخصوصا جارتيه إثيوبيا وكينيا، فقد عانى الصومال من حالة عدم الاستقرار الداخلي منذ أواخر الثمانينيات، نتيجة للمطالبات القبلية بالمساواة في الامتيازات والحقوق السياسية والمدنية، وعندما واجه النظام الصومالي الحاكم بالقسوة و البطش والقمع تلك المطالبات، انتشرت في البلاد الفوضى، و المواجهات مع القوات الحكومية، إلى أن وصلت الأوضاع في البلاد إلى حد الحرب الأهلية، ومع تصاعد تلك المواجهات بين القوى المتصارعة، ومع تعاظم المواجهة الشعبية اضطر رئيس النظام الحاكم محمد سياد بري إلى الهرب من الصومال إلي كينيا وسقط نظامه، ولكن موجه جديدة من المواجهات احتدمت بين القوي و القبائل الصومالية المختلفة حالت إلى حرب أهليه شاملة في إطار ما يعرف بالصراع على السلطة، ترتب عليها محاولة انفصال الصومال الشمالي تحت مسمى جمهورية أرض الصومال ليتخذ الصراع في الصومال بعدا قبلياً وإقليمياً، وهو الأمر الذي حال دون اتفاق القوى والقبائل الصومالية على كيفية تشكيل حكومة انتقالية تتولى أمور الحكم في البلاد، لحين وضع دستور جديد، وتشكيل حكومة منتخبة، ووضع حد للصراع الدموي الذي اجتاح البلاد. ليمثل ذلك أزمة حقيقية لوضع الدولة الصومالية التي وصلت إلى حالة الانهيار التام.

لذا فإن هذه الدراسة إنما هي محاولة للاقتراب من أحداث الحرب الصومالية ومجرياتها، من الواقع الصومالي, وتعرف بعض مفرداته وعلاقاته وتفاعلاته، والعوامل المؤثرة على أدائه واستقراره, سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، ومحاولة استشراف هذا الواقع على ضوء الظروف والمتغيرات والمستجدات الدولية والإقليمية والوطنية التي مر بها منذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد. إن هذا الوضع المأساوي الناجم عن شيوع الحرب واستمرارها، الذي تعيشه الصومال منذ عام 1991، ويعاني ويلاته الشعب الصومالي، لم تتوقف تأثيراته على المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية فحسب، وإنما امتدت تأثيراته الكارثية لتطال المجالات الاجتماعية والثقافية أيضا، كما أن تأثيرات تلك الحرب لم تقف عند حدود إقليم الدولة الصومالية، وإنما انعكست تلك التأثيرات سلباً على العديد من الدول على المستويين الإقليمي والدولي، لتضيف أبعادا جديدة للأزمة في الصومال، وتزيد من صعوباتها وتعقيداتها، وعلى الرغم من أن الكثير من المساعي والجهود من جانب الدول والمنظمات الدولية والإقليمية قد بذلت من أجل تطويق الأزمة الصومالية، ولإيجاد تسويات مناسبة ومقبولة لها، إلا أن تلك المحاولات لم تنجح في إدارتها ووضع نهاية تنتهي معها تلك الحرب وتضع أوزارها، لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل التطور السياسي، وتبدأ خطوات إعادة بناء الدولة الصومالية وإعمارها، لتعود من جديد متبوِّئة دورها دولة عضواً في المجتمع الدولي.