إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب في الصومال




محمد سياد بري
محمد فرح عيديد
شيخ شريف شيخ أحمد
عبدالله يوسف





حرب الصومال 1

المبحث السادس

مساعي وجهود التسوية للحرب في الصومال

على المستوى الإقليمي والقاري

يقصد بتسوية الحرب توقف الأعمال القتالية والتوصل إلى اتفاق ترتضيه الأطراف المتصارعة، أما حل الصراع فهو عملية أكثر تعقيداً تختص بإزالة الأسباب الهيكلية التي أدت إلى نشوب الصراع على نحو يمنع تجدده مرة أخرى. ومن واقع الخبرة الأفريقية فإن معالجة معظم الصراعات ـ إن لم يكن جميعها ـ كان مقتصراً على محاولة تسويتها دون حلها، ولذلك كثيرا ما انهارت اتفاقات أبرمت وتجددت صراعات جرت تسويتها، ولذلك لابد من العمل على حل الصراعات وعدم الاقتصار على تسويتها. إن الاهتمام بالحالة الصومالية استمر على درجات ومستويات متنوعة منذ بداية الحرب الصومالية ومنها ما يلي:

أولاً: تسوية الحرب في الصومال على المستوى الإقليمي

1. تسوية الحرب في الصومال على المستوى الأفريقي

لقد استمر موقف منظمة الوحدة الأفريقية في الدعوى إلى حل سياسي داخلي ودعوة إثيوبيا ودول الجوار للمعاونة والوساطة، كما أن منظمة إيجاد اتخذت مثل هذا الموقف وقامت كينيا بمبادرة بدعم من الاتحاد الأوروبي،  وفيما يلي توضيح لمثل تلك المبادرات:

أ. المبادرة المصرية ـ الإيطالية 1989

كان من أبرز المحاولات السابقة لإيجاد تسوية ومصالحة بين الفصائل المعارضة ونظام حكم سياد بري تلك المبادرة المصريةـ الإيطالية عام 1989، وإن لم يكتب لها النجاح، وتطورت فيما بعد سقوط نظام سياد بري لتكون بين الفصائل الصومالية فقط.

ب. مؤتمر المصالحة الوطنية الصومالية 1991

عقد مؤتمر المصالحة الوطنية الصومالية في منتصف يوليه1991 بجيبوتي بحضور مندوبين لمعظم الفصائل الصومالية باستثناء الحركة القومية الصومالية وحضور مراقبين عن كل من منظمة الوحدة الأفريقية وجامعة الدول العربية والمجموعة الأفريقية والمؤتمر الإسلامي ورؤساء كل من جيبوتي وأوغندا وكينيا، بالإضافة إلى وفود خمس عشرة دولة عربية وأفريقية وغربية، وكان مجرد انعقاد هذا المؤتمر وفي تلك الظروف يعد حدثا سياسيا مهماً حتى ولو كان نجاحه محدوداً. وقد أصدر المؤتمر بيانا ختاميا لأعماله متضمنا ما يلي:

(1) شن حرب مسلحة ضد نظام سياد بري وتقديمه للمحاكمة.

(2) وقف إطلاق النار بين الفصائل الصومالية.

(3) اعتبار الوحدة الوطنية مسألة مقدسة.

(4) العمل بدستور عام 1960 ولمدة لا تزيد عن عامين، وتشكيل مجلس تشريعي من 123 عضوا على أساس المحافظات وأن يكون حكم البلاد على أساس الحكم الذاتي الإقليمي.

(5) اختيار على مهدي محمد رئيسا مؤقتا للجمهورية، وتوزيع المناصب الدستورية بين الفصائل المشاركة فيما عدا منصب رئيس الوزراء ليُُختار شاغله فيما بعد من شمال البلاد، إلا إنه كانت هناك العديد من المعوقات التي حالت دون تحقيق نتائج مؤتمر جيبوتي ومنها:

(أ) عدم مشاركة الحركة القومية الصومالية التي تمثل قبائل إسحاق كبرى الفصائل في الصومال الشمالي، ورفضها لنتائجه واحتساب أنها تخص الجنوب وحده.

(ب) أن انفصال الشمال أدى لتعويق قيام مصالحة وحدة وطنية إقليمية، كما أنه يمكن أن يزيد من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية.

(ج) الانشقاقات داخل منظمات الجنوب بحيث يصعب التزام أي منها بالمقررات، والمثال على ذلك الانقسامات التي حدثت داخل المؤتمر الصومالي الموحد.

(6) التدخل الدولي والإقليمي وأمثلة ذلك دعم إيطاليا للجنوبيين، وتعاطف بريطانيا مع الشماليين، ودعم كينيا لقبائل الدارود، ودعم إثيوبيا لبعض الجهات.

(7) التحديات الكبيرة التي واجهت الحكومة المؤقتة التي شكلت في أغسطس 1991 وفقاً لمقررات جيبوتي.

ج. مؤتمر الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر (الإيجاد)

عقد هذا المؤتمر في أديس أبابا يومي 8 و9 إبريل 1992، وحضره رؤساء إثيوبيا والسودان وجيبوتي وكينيا وإريتريا بالإضافة إلى مشاركة مندوبين من منظمات الأمم المتحدة ومن الدول المانحة للمعونات (الولايات المتحدة الأمريكية، دول الجماعة الأوروبية) ومن منظمات وهيئات الإغاثة الإنسانية والمسيحية في أوروبا وأمريكا، وقد أطلقت الأمم المتحدة على هذا المؤتمر" قمة الإنسانية في القرن الأفريقي" وقد غابت جميع الفصائل الصومالية عن حضور ذلك المؤتمر، إما بسبب الصراع السياسي والعسكري القائم في جنوب وشمال البلاد، أو حرصا من جانب المؤتمر على إنجاحه من خلال التهدئة ووقف إطلاق النار الذي يجرى السعي لإقراره من خلال الأمم المتحدة، وبمعاونة منظمة الوحدة الأفريقية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وصدرت القرارات التي تنص على وجوب التنسيق على المستوى الإقليمي، وأن تتم مواجهة المشكلات والتعقيدات المتعلقة بالنقل والتوزيع من خلال عمل جماعي ومشترك بين جميع الأطراف وذلك بإنشاء هيئة تنسيق إقليمي للإغاثة والمعونات المقدمة.

وتشكلت لجان فنية لوضع ترتيبات التنفيذ والمتابعة، كما تم إقرار أن قضايا الصومال طرحت للنقاش وأن المجتمعين أكدوا على ضرورة مكافحة الكارثة الإنسانية في القرن الأفريقي، وإلا فإن جهود التهدئة لن تنجح، ولذلك قرر المؤتمر تشكيل لجنة عليا لشؤون القرن الأفريقي برئاسة الرئيس الإثيوبي تتولى مسؤولية تسوية النزاع في الصومال ولم يحضر هذا المؤتمر الدول والمنظمات التي لها اهتمام بالقرن الأفريقي ومشكلاته مثل مصر ودول الجزيرة العربية وجامعة الدول العربية وذلك لعدم توجيه الدعوة إليها، وهو ما قد يعنى ضمنيا محاولة قصر محاولة التسوية للمشكلة الصومالية في إطار القرن الأفريقي وخصوصا من خلال إثيوبيا وبعيداً عن مشاركة عربية/ إسلامية.

د. اجتماع اللجنة الدائمة للمصالحة الوطنية الصومالية 1992

بناء على مقررات اجتماع قمة الإنسانية وجيبوتي 1991 فقد شكلت لجنة دائمة برئاسة إثيوبيا في إبريل 1992 من أجل المصالحة الوطنية في الصومال، وفي مايو 1992 عقدت اللجنة اجتماعا بمدينة بحر دار الإثيوبية حضره أحد عشر فصيلاً صومالياً ولم يشارك فيه جناح رئيس الحكومة المؤقتة على مهدي محمد، واتفق أثناء ذلك الاجتماع على برنامج عمل لإيقاف إطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة تتولى حكم البلاد في مقديشيو.

ويلاحظ أن عدم مشاركة على مهدي محمد جاءت نتيجة عدم دعوة الحكومة الإثيوبية له للمشاركة على الرغم من محاولته تحسين علاقته مع الحكومة الإثيوبية، لكنها تجاهلت محاولته ورفضت استقبال وفد له. كما أن مشاركة الحركة القومية الصومالية في هذا الاجتماع وللمرة الأولى منذ إعلان انفصال شمال الصومال يعد أحد النقاط الإيجابية له. كما أن الاجتماع تجاهل دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإقليمية وخصوصا جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، إضافة إلى مقررات جيبوتي، ومن ثم لم ينفذ ما جاء في إعلان بحر دار سواء فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية أو حتى التعهدات الدولية بشأن توزيع المساعدات الإنسانية.

هـ. اتفاق مصالحة كسمايو  1993

وقع زعماء الفصائل المتنازعة في كسمايو في 16 أغسطس 1993 أول اتفاق لإنهاء القتال في جنوب البلاد رغبة في إنها حالة العداء بين قبائل الدارود، وتمهيد الطريق أمام اختيار ممثلين لمناطق الجنوب في المجلس الوطني الانتقالي (الحكومة الانتقالية)، والتي سعت الأمم المتحدة إلى تشكيلها بموجب اتفاق أديس أبابا في مارس 1993، واستهدف اتفاق كسمايو إلى وقف إطلاق النار، وفتح مدينة كسمايو أمام جميع سكانها، وتشكيل لجنة لتسوية مشكلة الممتلكات المصادرة وإعادتها لأصحابها، وقد قوبل هذا الاتفاق بالرفض من العديد من الأطراف الأخرى في الجنوب.

و. اتفاق أديس أبابا 1993

عقد التحالف الوطني الصومالي بزعامة عيديد والفصائل الإثني عشر ـ (جبهة الخلاص الصومالي الديمقراطي ـ الاتحاد الوطني الديمقراطي الصومالي ـ الجبهة الوطنية الصومالية ـ الاتحاد الصومالي الوطني ـ المؤتمر الصومالي الموحد ـ الحركة الديمقراطية الصومالية ـ حركة الوطنيين الصوماليين ـ الحركة الجنوبية الصومالية الوطنية ـ التنظيم الصومال الأفريقي ـ الحزب الصومالي المتحد ـ التحالف الديمقراطي الصومالي ـ الجبهة الصومالية الموحدة) بزعامة على مهدي أول اجتماع لهم في أديس أبابا في 7 ديسمبر 1993، وقد فشل الاجتماع في التوصل إلى وثيقة مصالحة وطنية بعد مشاورات استمرت سبعة أيام وبرزت دلائل الفشل عندما رفض عيديد التوقيع على اتفاق -تحت إشراف أمريكي - لوقف الأعمال العدائية والاستمرار في المحادثات مع منافسيه، وعندما تقدم عيديد بمقترحات جديدة، رفضتها الفصائل الإثنى عشر الموالية لعلى مهدي محمد وهكذا فشل المؤتمر.

ز. إعلان القاهرة 1994

عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية بالقاهرة في 6 مارس 1994 وقد حضر المؤتمر ممثلو الفصائل الإثنى عشر الصومالية، وممثلون للتحالف الوطني الصومالي، ورئيس المؤتمر الصومالي الموحد، والرئيس المؤقت على مهدي محمد، إضافة إلى رئيس جبهة الإنقاذ الوطني، ورئيس الحزب الصومالي المتحد، ورئيس الحركة الديمقراطية الصومالية. وقد وافق المؤتمر بالأغلبية على إنشاء مجلس الإنقاذ الوطني الانتقالي، وتحديد وظائف هذا المجلس وأعضائه وأن تشكل حكومة متوازنة، وعلى أساس العدالة والكفاءة على أن يعين رئيس الوزراء الذي سيشكل الحكومة عن طريق رئيس المجلس وأعضائه. وقد رفض عيديد هذا الاتفاق ورأى فيه تجاوزا لنصوص اتفاق أديس أبابا الموقع في مارس 1993، وهكذا فشل الاتفاق.

ح. إعلان نيروبي 1994

خلال أسبوعين من اختتام اجتماع القاهرة وعقب اتصالات غير معلنة جرت بين الجنرال عيديد، الذي كان قد وصل إلى نيروبي بعد جولة في دول الجوار بالقرن الأفريقي، أدت إلى نتائج جعلت الممثل الخاص للأمم المتحدة يدعو زعماء جميع الفصائل الصومالية للسفر إلى نيروبي، وفعلا غادر على مهدي محمد القاهرة إلى نيروبي وعقد اجتماعين متتاليين مع الجنرال عيديد، ثم بدأت الاجتماعات التي شارك فيها زعماء الفصائل الصومالية، انتهت جميع الأطراف الصومالية إلى الاتفاق، وإصدار إعلان نيروبي الذي وقع عليه نيابة عنهم كل من الجنرال عيديد وعلى مهدي محمد، وقد أبرم هذا الاتفاق على أساس مبادئ منها: وحدة التراب الوطني الصومالي، وعدم القبول أو الإقرار بمبدأ انفصال منطقة أرض شمال الصومال، والدعوة للمصالحة الوطنية، ووقف إطلاق النار ونزع السلاح الطوعي، وإقامة نظام ديموقراطي تعددي من خلال انتخابات حرة نزيهة واحترام حقوق الإنسان والإقرار بمبدأ توزيع السلطة بين الإدارة المركزية والإدارات الإقليمية والمحلية، وأن ينص على ذلك في الدستور الجديد للبلاد، وقد أشار الإعلان إلى عقد مؤتمر يوم 15 إبريل 1994 لاختيار رئيس الدولة ونوابه ورئيس الوزراء وحكومته وتشكيل برلمان انتقالي.

وعلى أي حال فقد تأجل الاجتماع الذي كان مقررا عقده في 15 إبريل وتأجل بالتبعية مؤتمر المصالحة الذي كان مقررا أن يعقد في 15 مايو وذلك بسبب تدهور الوضع الأمني في مقديشيو بعد تبادل الاتهامات بين عيديد وعلى مهدى محمد بخرق اتفاق نيروبي.

ط. اتفاق أديس أبابا 1994

عقد اجتماع بين وفد الحركة الوطنية الصومالية بقيادة عبدالرحمن أحمد على ووفد من التحالف الوطني الصومالي بقيادة عيديد لتنسيق جهودهما للعمل المشترك معاً، وصدر عقب الاجتماع بيان تضمن أنه التأم للتشاور في العديد من القضايا الحيوية لجهود المصالحة الوطنية الصومالية، ولاستكشاف الوسائل والطرق لحل المشكلات القائمة أمام هذه الجهود وإيجاد الحلول المقبولة من جميع الجوانب، وإيقاف الإبادة للشعب الصومالي، بالإضافة إلى عدول الشمال عن الاستقلال، واقتراحه بديلا لذلك شكلاً فيدراليا للدولة، وعلى الرغم من أن هذا الاجتماع قد جاء للتشاور قبل الاجتماع الذي كان مقررا عقده في 15 مايو 1994 للمصالحة الوطنية الصومالية إلا أن المؤتمر الأخير لم ينعقد، فاستمرت أعمال العنف بين مختلف الفصائل الصومالية.

ي. اتفاق سودري بإثيوبيا 1996

أعلن عن اتفاق سودري في منتصف شهر ديسمبر 1996، وقد وقعه 26 فصيلاً صومالية وقد حظي هذا الاتفاق بدعم السياسة الإثيوبية ومنظمة إيجاد ومنظمة الوحدة الأفريقية، وقد استمر السعي من أجل الحصول على دعم وتأييد جامعة الدول العربية والأطراف العربية ذات الاهتمام بالمسألة الصومالية، وقد تغيب عن اجتماع سودري الرافضون للاتفاق المعلن ولعضوية مجلس الإنقاذ الوطني، ومنهم فصيل حسين عيديد وجمهورية محمد إبراهيم عقال، ومنظمة الاتحاد الإسلامي الصومالي. وبالتالي فشل هذا الاتفاق بدوره في الوصول إلى قبول صومالي جماعي بالمقررات المعلنة، ومن ثم السير نحو انعقاد مؤتمر المصالحة الوطنية والذي كان مستهدفاً من خلال إقرار ميثاق وطني انتقالي وتأليف حكومة مؤقتة.

2. تسوية الحرب في الصومال على المستوى العربي

لقد كان دور الدول العربية إزاء الأزمة الصومالية بمراحلها المختلفة استطلاعياً وإنسانياً أكثر من كونه دوراً أساسياً فعالاً ـ على الأقل في بداية تلك الأزمة فتعددت زيارات وفود كل من مصر والسعودية وليبيا والإمارات وجيبوتي واليمن، وحتى عندما عقدت جيبوتي مؤتمرا للمصالحة الوطنية الصومالية في منتصف يوليه عام 1991، كان الوجود العربي في مقعد المراقب، في الوقت الذي كان الأمر يتطلب تحركاً عربياً عاجلاً على أعلى المستويات للمحافظة على دولة عضو في الأسرة العربية آخذة في الانهيار، كما كان هذا التحرك يمثل واجباً قومياً لتأمين المصالح العربية في تلك المنطقة، التي تتربص بها الدوائر من كل صوب، وقد نشطت الجهود العربية وخاصة الجهود المصرية([1]) في هذا الشأن:

أ. مؤتمر القاهرة 1993

استضافت مصر مؤتمر القاهرة في 14 أكتوبر 1993 للبحث عن حل سياسي للأزمة الصومالية، وقد شارك في هذا المؤتمر الرئيس المصري محمد حسنى مبارك، والأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وذلك للبحث في آليات التحرك والتنسيق بين المنظمة الدولية والمنظمات الإقليمية بشأن الأوضاع في الصومال.

ب. اتفاق صنعاء 1997

اتصالاً للجهود العربية للوصول إلى اتفاق لحل الأزمة الصومالية، عقد في صنعاء باليمن في النصف الأول من شهر مايو 1997 اتفاق بين عثمان عاطو وحسين عيديد، وقد تضمن الاتفاق وقف إطلاق النار وعمليات العنف المسلح، وضرورة الإسهام في حل دائم بالطرق الودية للمشكلات الصومالية.

ج. اتفاق وإعلان القاهرة 1997

في النصف الثاني من شهر مايو 1997 عقد اتفاق بين على مهدى محمد وحسين عيديد لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية داخل الصومال، مع دعوة جميع الأطراف للانضمام إلى الاتفاق، ثم تبع ذلك محادثات مكثفة بين القيادات الصومالية المدنية والعسكرية، وقع على أثرها ما عرف بإعلان القاهرة في ديسمبر 1997، وتضمن الأسس الشاملة للمصالحة، واتفق كذلك على عقد مؤتمر للمصالحة في بيداوا عاصمة إقليم باى في الصومال في 15 فبراير 1998، مع وضع الترتيبات اللازمة لهذا المؤتمر والخطوات اللاحقة له، ولكن على الرغم من الاستقبال الشعبي المؤيد لإعلان القاهرة في مقديشيو، واتفاق القيادات السياسية والتقليدية على ضرورة وضع مقرراته موضع التنفيذ، فإن موعد مؤتمر المصالحة قد أجل من منتصف فبراير حتى نهاية مارس 1998، بحجة نقص الإمكانات اللازمة لترتيب عقد المؤتمر وتأمينه، ثم تأجل الموعد إلى 15 مايو وبعد ذلك أعلن عن تأجيل ثالث بدون تحديد موعد قادم محدد.

د. اتفاق جيبوتي

وقَّعت الحكومة الانتقالية الصومالية و"التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال" المعارض على اتفاق سلام في جيبوتي تحت رعاية الأمم المتحدة. وينص على وقف جميع الأعمال العسكرية بين الطرفين، وخروج القوات الإثيوبية من الصومال في غضون أربعة أشهر، شرطَ أن تحلَّ مكانَها قواتٌ دولية. ولاقى هذا الاتفاق ترحيبًا دوليًّا وعربيًّا بحسبانه يمثل منطلقًا لحل الأزمة السياسية، وإنهاء الحرب الأهلية والمعاناة الإنسانية التي يعيش فيها ليل نهار أبناءُ الشعب الصومالي‏.‏ وقد أثار الاتفاق جدلاً واسعًا في أوساط المعارضة الصومالية، وبلغ الجدال حدَّ التخوين لهذه الجهة أو تلك؛ ففريق شيخ شريف أحمد يرى في الاتفاق فرصةً لتحقيق قدرٍ من الاستقرار وإحلال السلام، ويرى أن إريتريا التي تأوي معظمَ قادة المعارضة الإسلامية وغير الإسلامية تسعى إلى إشعال الموقف لخدمة مصالحها في القرن الإفريقي. وقبل الاتفاق استبق شريف ما يتوقَّعه من ردود فعل على الاتفاق، فدعا من مقرِّ إقامته بجيبوتي المسؤولين في تحالفه إلى الوحدة "لتفويت الفرصة على الأعداء"، مطالبًا بتجنب الخطابات السياسية التي قد تؤدي إلى "انهيار مشاعر المجاهدين والشعب الصومالي"، إلا أنه وبالرغم من ذلك وفي أول رد فعل له على الاتفاق، أعلن الشيخ حسن ضاهر أويس رئيس مجلس شورى اتحاد المحاكم الإسلامية رفضَه اتفاقَ جيبوتي، على زعم أنه "لن يؤدي في أية حال من الأحوال إلى إقرار السلام". وعلل أويس رفضَه اتفاق السلام بأنه "لا يحدد جدولاً زمنيًّا لانسحاب القوات الإثيوبية، وهذا ليس واضحًا"، ورأى أن "هدف الاجتماع كان إخراج الجهاد في البلاد عن سكنه، لكنني أعتقد أن نتيجة (المفاوضات) سيكون لها تأثير على المقاومة في الصومال". وقال أويس في تصريحٍ له من مقر إقامته في إريتريا: "إن الاتفاق لا يُلزم إلا من وقَّعه"، مؤكدًا أن المحاكم الإسلامية "سقطت في السابق نتيجة مؤامرة دولية, والآن الإخوة وقعوا في فخ المؤامرة"، داعيًا "المقاومين" إلى تجديد قتالهم ضد القوات الحكومية والإثيوبية في الصومال.

ولا يرى كثيرون أن اتفاق جيبوتي سيجلب السلام إلى الصومال بعد مقاطعة أعضاءٍ بارزين في التحالف، وبينهم أويس المحادثاتِ، وقول المقاتلين في الميدان إنهم لن يعترفوا به. ورأى البعض أن الاتفاق "وُلد ميتًا على غرار عشرات الاتفاقيات التي أبرمت في السابق دون جدوى، وأن اتفاق السلام الصومالي هو حوار من أجل استهلاك المجتمع الدولي، فضلاً عن أن إثيوبيا ليست في وضعٍ يمكِّنها من الانسحاب. فيما يرى البعض الآخر أن اتفاق جيبوتي يستبدل الاحتلال الإثيوبي للصومال بآخر أممي من خلال جلب قوات دولية إلى البلاد. ولكن البنود الذي اتفقت عليها الحكومة والمعارضة الصومالية تثير عديدًا من التساؤلات؛ أهمها الضمانات لتنفيذ هذه الاتفاقيات، خاصة أن الأمم المتحدة هي طرف لا يُعوَّل عليه في تنفيذ الاتفاقيات، خصوصًا أن هناك كثيرًا من القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة ولم تجد طريقها إلى التنفيذ.

وإذا كانت الحكومة الانتقالية ظلت تستخدم الورقة الإثيوبية للضغط على تحالف جيبوتي.. فماذا كان لدى تحالف جيبوتي للضغط على الحكومة عند عدم تنفيذ بنود الاتفاق؟ وماذا أيضًا عن قوات الأمم المتحدة؟ وهل ستكون قوة خيِّرة وداعمة للسلام في الصومال؟ أم ستكون جبهةً جديدةً تكمل ما بدأه الإثيوبيون في الصومال؟ وهل حقيقةً سينسحب الإثيوبيون من الصومال؟ أم سيختلقون الذرائع من أجل عدم الانسحاب؟ خصوصًا أنهم مستعدون للبقاء وتحت أية ذريعة كانت، وقد ذكرها رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي "بأن قواته لن تخرج من الصومال حتى هزيمة الجهاديين"، أي في ما معناه ما دام هناك صوماليون يواجهون ويدافعون ضد الوجود الإثيوبي، وفي مواجهة الأطماع الإثيوبية فإن الإثيوبيين لن يرحلوا عن الصومال.

ثم هل المسألة بهذه الصورة أن الاختلاف هو بين الفرقاء الصوماليين، وإذا اتفقوا فيما بينهم فالأمور قد انتهت؟! أم المسألة صراع بين قوى استعمارية وقوى تحرُّرية في الصومال؟ وأن القوى الاستعمارية والممثلة بإثيوبيا، والتي تحظى بدعم أمريكي لها هدف واضح في السيطرة على الصومال، وأن المسألة فخ من أجل تقسيم القوى المناوئة لها من أجل الإعداد لضربة أخرى يكون الطرف الآخر قد استنزف؟ خصوصًا أن القوى التحررية في الصومال ترى أن المقاومة الصومالية ستستمر حتى إخراج آخر جندي أجنبي في الصومال. وهي هنا مطالبة بأن تكون على درجة كبيرة من الوعي والتنظيم؛ لأن الأيام القادمة ستكون أصعب؛ إذ عليها أن تواكب التطورات وأن تكون على قدر كبير من التخطيط؛ فالقوى الكبرى تراهن على الإيقاع بين القوى التحررية والشعب الصومالي كي تحدث القطيعة، وهذا هو هدفهم.

ثانياً. موقف التنظيم القاري الإقليمي الأفريقي من الحرب في الصومال

1. موقف منظمة الوحدة الأفريقية من الحرب في الصومال

إن دور منظمة الوحدة الأفريقية بالنسبة للصومال يعد ضئيلاً وقليل الفاعلية إذا ما قورن بدور الأمم المتحدة، وتبعاً لذلك يمكن الإشارة إلى أن دور منظمة الوحدة الأفريقية ومواقفها جاءت تابعا ومشاركا للمنظمة الدولية، وإذا كانت المنظمة قد بذلت جهوداً في مجال الوساطة لاحتواء الموقف في الصومال، إلا أن أياً من هذه الجهود لم تصل إلى نتائج إيجابية. وتجدر الإشارة إلى أنه عندما عقدت اللجنة الدائمة المنبثقة عن "الإيجاد" اجتماعها في بحر دار بإثيوبيا في مايو 1992، وحضر الاجتماع 11 فصيلاً صومالياً، وبمناسبة انعقاد القمة الأفريقية سافر ممثلو هذه الفصائل الصومالية إلى داكار بالسنغال، ولكن وزراء الخارجية الأفارقة اعترفوا بممثلي حكومة على مهدي لحضور الاجتماع الرسمي، ثم عقدوا اجتماعاً غير رسمي حضره هؤلاء الممثلون وقدموا وجهة نظرهم على أساس مقررات اجتماع بحر دار ثم الاتفاق فيه على برنامج عمل لإيقاف إطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة في مقديشيو، وفي أثناء عملية صياغة قرار القمة بشأن الصومال دار خلاف شديد، ولكن تمكنت دول الجوار بالقرن الأفريقي من الحصول على قرار أفريقي بدورها في قضية الصومال، وكانت دول الجوار تساند موقف الجنرال فارح عيديد لعقد مؤتمر المصالحة وتشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وهذا الرأي كان يختلف عن رأى الجامعة العربية وإيطاليا بشأن الاعتراف بحكومة على مهدي محمد.

2. موقف الاتحاد الأفريقي من الحرب في الصومال

في 20 مارس 2006 زار مفوض الاتحاد الأفريقي لشؤون السلم والأمن السفير سعيد ديجينت Said Dijinnt بزيارة إلى الصومال، التقى خلال زيارته عدداً من مسؤولي الحكومة الانتقالية الصومالية على رأسهم الرئيس الصومالي عبدالله يوسف وأكد سعيد تصميم الاتحاد الأفريقي دعم جهود الحكومة الصومالية والمؤسسات الأخرى الرامية إلى تحقيق السلم والمصالحة الوطنية في الصومال، كما أعلن سعيد تأييده للمبادرة التي طرحها الرئيس الصومالي لعقد مؤتمر للحوار والمصالحة الوطنية في الصومال، وطالب سعيد بأن يضم ذلك المؤتمر كافة الفصائل الصومالية. ومن جانبه أكد عبدالله يوسف أن مؤتمر المصالحة الوطنية، والذي من المقرر أن يستغرق نحو ستين يوماً (تبدأ من منتصف أبريل 2006)، سوف يشارك فيه نحو ثلاثة آلاف ممثل Representative أو نائب يمثلون كافة الفصائل الصومالية.

وبصفة عامة، على مدار ما يقرب من عقد من السنوات هي عمر الاتحاد، اهتم الاتحاد الأفريقي بالصراع وبالحرب في الصومال. ولن يخوض البحث في تفاصيل موقف الاتحاد من الصراع في الصومال طوال تلك الفترة، وإنما يكتفي بتفصيل موقف الاتحاد الأفريقي من الصراع في الصومال خلال النصف الثاني من عام 2006، حيث احتدم الصراع خلال تلك الفترة بين الحكومة الصومالية والقوات الإثيوبية من جانب وقوات اتحاد المحاكم الإسلامية من جانب آخر، على النحو سالف الذكر. لقد تبنت جمعية رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في دورتها العادية السابعة التي عُقدت في بانجول ـ جامبيا ـ يومي الأول والثاني من يوليه 2006 إعلاناً خاصاً بالوضع في الصومال، وتناول ذلك الإعلان عدة نقاط من أهمها ما يلي:

أ. الدعم الكامل للحكومة الانتقالية الصومالية باعتبارها السلطة الشرعية في البلاد، والعمل على تمكينها من القيام بمسؤولياتها وواجباتها على نحو يحقق السلم والأمن في الصومال.

ب. مناشدة كافة الأطراف الصومالية الامتناع عن القيام بأعمال تؤدى إلى تفاقم الوضع في الصومال، واللجوء للحوار باعتباره الطريق الوحيد لحل الخلافات وتحقيق السلام الدائم.

ج. العمل إلى جانب الإيجاد واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لنشر بعثة  IGASOMفي الصومال، والتي وافق عليها مجلس السلم والأمن الأفريقي في 12 مايو 2005.

كما رحبت الجمعية بخطة الاستقرار والأمن القومي National Security and Stabilization Plan (NSSP) التي تبناها البرلمان الاتحادي الانتقالي في 14 يونيه 2006.

د. التصديق على نتائج اللقاء التشاوري حول المصالحة والسلام في الصومال، والذى عقدته مفوضية الاتحاد الأفريقي والإيجاد والشركاء الدوليين في 19 يونيه 2006 في أديس أبابا.

هـ. دعوة شركاء الاتحاد الأفريقي لتقديم الدعم السياسي والمالي واللوجستى لتيسير سبل المصالحة، وتحقيق السلام في الصومال.

وبدعوة من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، عقد الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة الإيجاد اجتماعا مشتركا في 27 ديسمبر 2006 في مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا لمناقشة الوضع في الصومال، وتناول البيان الصادر عن الاجتماع عدة نقاط من أهمها ما يلي:

و. تأكيد كافة التعهدات التي التزمت بها الحكومة الصومالية واتحاد المحاكم الإسلامية، خلال الجولة الأولى والثانية من المحادثات التي جرت بين الجانبين في الخرطوم تحت رعاية جامعة الدول العربية.

ز. مناشدة الأطراف المتصارعة (الحكومة الصومالية واتحاد المحاكم الإسلامية) لاستئناف الحوار السياسي في الخرطوم، دون وضع شروط مسبقة، وذلك لمناقشة الترتيبات الأمنية وتقاسم السلطة، والميثاق الفيدرالي الانتقالي.

ح. ضرورة انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال، وكذلك انسحاب كافة المقاتلين الأجانب من الأراضي الصومالية.

ط. إنشاء آلية مشتركة للمتابعة Joint Follow-up Mechanism من المنظمات الثلاث، لمراقبة تنفيذ القرارات والتعهدات التي التزمت بها الأطراف الصومالية.

وفى أعقاب هزيمة اتحاد المحاكم الإسلامية وانسحابه من مقديشيو، ركز الاتحاد الأفريقي على نشر قوات حفظ سلام في الصومال. ونظرا لأن قرار مجلس الأمن الدولي رقــــم 1725 (2006) رفض مشاركة الدول المجاورة للصومال في قوات حفظ السلام التابعة للإيجاد في الصومالIGASOM، لذلك أصبح نشر هذه القوات أمراً عسيراً بالنسبة لباقي دول الإيجاد غير المجاورة للصومال (السودان، إريتريا، أوغندا)، وأكد استحالة نشر تلك القوات ما ذكرته تقارير مختلفة من أن نشر تلك القوات (ثمانية آلاف جندي) لمدة عام واحد يتطلب 335 مليون دولار، ولذلك قرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في 19 يناير 2007 نشر مهمة أوسع تشارك فيها دول أخرى من خارج الإيجاد (ولكنها أعضاء في الاتحاد الأفريقي) لتحل محلIGASOM، وأُطلق على البعثة الجديدة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال African Union Mission to Somalia (AMISOM)، وكما هو مقترح تتكون هذه البعثة من تسعة كتائب، ويبلغ إجمالي عدد قواتها ثمانية آلاف جندي، ورحب مجلس الأمن الدولي في قراره 1744 الذي صدر في 21 فبراير 2007 بإنشاء بعثة للاتحاد الأفريقي في الصومال، وحدد المجلس مهام تلك البعثة على النحو التالي:

أ. دعم الحوار والمصالحة الوطنية في الصومال.

ب. حماية المؤسسات الاتحادية الانتقالية ومساعدتها على أداء مهامها المتعلقة بالحكم.

ج. مساعدة سائر الأطراف في تنفيذ الخطة الوطنية للأمن والاستقرار، لاسيما إعادة إنشاء قوات أمن صومالية شاملة لجميع الأطراف وتدريبها بصورة فعالة.

د. الإسهام في تهيئة الظروف الأمنية الضرورية لتقديم المساعدات الإنسانية.

وفى 19 مارس 2007 أصدر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بيانا صحفيا حول الوضع في الصومال، شدد خلاله مجددا على أن الهدف من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال هو دعم الحكومة الاتحادية الانتقالية والمؤسسات الاتحادية الأخرى، والمساهمة في توفير بيئة مناسبة لبدء عملية سياسية؛  إذ هي الوسيلة الأنسب للعبور إلى سلام ومصالحة دائمين في الصومال. ولقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي دعمهما ومساندتهما لبعثة الاتحاد الأفريقي التي تقرر نشرها في الصومال، حيث أعلن السفير الأمريكي لدى كينيا مايكل رانيبرجر  Michael Ranneberger في يناير 2007 أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعهد بتقديم 40 مليون دولار مساهمة منها في نشر قوات حفظ سلام في الصومال، وفى ذات الشهر تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 15 مليون يورو.

وعلى الرغم من قيام نحو 800 صومالي بمظاهرة في شمال مقديشيو تعبيراً عن رفضهم نشر تلك القوات، إلا أنه قد بدأ فعلاً في نشر بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال اعتباراً من السادس من مارس 2007، ووصل عدد الدول التي تعهدت بالمساهمة في تلك القوات حتى نهاية أبريل 2007 خمس دول هي: أوغنــدا (1700 جندي)، نيجيريا (850  جندي)، مالاوي (1000 جندي)، بوروندي (1700 جندي)، غانا. ومن المقترح أن تظل هذه البعثة لمدة ستة أشهر. وتواجه بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال مجموعة من التحديات، من بينها الخبرة السلبية للاتحاد الأفريقي في مجال نشر قوات حفظ سلام (ولعل قوات حفظ السلام التي نشرها الاتحاد في دارفور خير مثال في هذا الصدد)، بالإضافة إلى معارضة مؤيدي اتحاد المحاكم الإسلامية وبعض الفصائل الصومالية لنشر قوات حفظ سلام في الصومال، فضلا عن عقبات التمويل، وضعف الإمكانات، وقلة عدد الجنود التي اكتمل نشرهم حتى الآن، وكذلك استمرار القتال وإن كان يسير بوتيرة منخفضة نسبياً.

.إن الدور الأساسي للاتحاد الأفريقي تمثل في نشر بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال لفترة ستة أشهر، وصدر بيان عن الاتحاد في.19 يناير 2007 لمجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي مجدداً تأكيد ضرورة الالتزام بوحدة أراضي الصومال وسلامته. ودعا كذلك إلى عملية شاملة وحقيقية للحوار والمصالحة. ويتوخى الاتحاد الأفريقي أن تتألف بعثة الاتحاد الأفريقي من تسع كتائب مشاة تضم 850 فرداً تدعمها البحرية الساحلية والمروحيات الهوائية، وعدد مناسب من الموظفين المدنيين، والتدريب لفريق الشرطة. هذه المهمة كان من المتوقع أن تتطور لتصبح عملية للأمم المتحدة بعد ستة أشهر من عمل بعثة الاتحاد الأفريقي، وأن من شأن ذلك أن يدعم الاستقرار طويل الأمد، ولإعادة الإعمار بعد النزاع في الصومال. وبصفة عامة يمكن الإشارة إلى أن الاتحاد الأفريقي يستحق الثناء على ما هو محاولة للانجاز وللقيام بدور ملموس وفعال في الصومال، ولكن يجب أيضا مواجهة الواقع الذي يعايشه الاتحاد من جهة وطبيعة الصراع والحرب في الصومال.



[1]   قامت مصر بجهود مستمرة على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى المستوى الإقليمي قامت بجهود على المستوى الأفريقي وعلى المستوى العربي وفي هذا البحث إشارة إلى طبيعة تلك الجهود وفقاً للمستوى الذي تمت في إطاره.