إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب في الصومال




محمد سياد بري
محمد فرح عيديد
شيخ شريف شيخ أحمد
عبدالله يوسف





المبحث العاشر

المبحث العاشر

جهود التسوية بعد عام 2009 وحتى عام 2013

أولاً: التغيرات التي شهدتها الأوضاع بعد عام 2009 وحتى عام 2013

1. التغيرات التي حدثت عام 2010

في يناير 2010، أعلنت حركة شباب المجاهدين انضمامها إلى تنظيم القاعدة، وأصدرت الحركة، في أول فبراير 2010، بياناً بانضمامها للجهاد العالمي الذي تقوده القاعدة، من أجل التحرير، وبهذا استمرت أعمال الفوضى في البلاد.

في فبراير 2010، قرر الاتحاد الأوروبي، تحقيقاً للاستقرار في الصومال، إرسال بعثة عسكرية للبدء في تطوير قطاع الأمن، من خلال تدريب ألفي جندي صومالي في أوغندا، على أن يجري نشرهم في البلاد بموافقة مجلس الأمن، وأنهت البعثة العسكرية المرسلة من الاتحاد الأوروبي أعمالها عام 2011، علماً بأن هذه البعثة العسكرية كان إرسالها في إطار السياسة الأمنية الدفاعية للاتحاد الأوروبي، للمساعدة في تحقيق الاستقرار واستتباب الأمن بالصومال، نتيجة استمرار أعمال القتال، وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على الأوضاع.

تصاعد الخلاف بين الرئيس "شيخ شريف شيخ أحمد"، ورئيس الوزراء "عمر شرماركي"

تصاعدت الخلافات داخل الحكومة الانتقالية بين الرئيس "شيخ شريف شيخ أحمد" وبين رئيس الوزراء "عمر شرماركي"، ما دفع الرئيس إلى اتخاذ قرار بإقالة الحكومة، في 10 مايو 2010، إلا أن رئيس الوزراء "عمر شرماركي رفض تنفيذ قرار رئيس الجمهورية، فتراجع الرئيس عن قراره بحل الحكومة، علماً بأن البرلمان قد صوت بعدد 280 عضواً على سحب الثقة.

تجددت الخلافات حول مسودة الدستور الجديد، فقد عارض الرئيس "شيخ شريف شيخ أحمد"، وطعن على شرعية اللجنة التي تولت إعداد المسودة، حيث إن تعيينهم لم يكن بمرسوم رئاسي، واقترح تشكيل مجلس استشاري لمراجعة المسودة وعرضها على استفتاء عام، وإذا تعذر ذلك، يعاد العمل بدستور عام 1960 (أول دستور بعد الاستقلال).

اعترض رئيس الوزراء على الفكرة، مع الاكتفاء بطرح المسودة للتصويت عليها في البرلمان فقط، وانقسم البرلمان إلى فريقين، يؤيد أحدهما الرئيس، والآخر يؤيد رئيس الوزراء. ولهذا رأى الرئيس أن إسقاط الحكومة يعد أمراً ضرورياً، ما حدا برئيس الوزراء "عمر شرماركي" إلى تقديم استقالته، في 21 سبتمبر 2010، بعد أن فشلت الحكومة في تحسين الأوضاع في البلاد.

2. التغيرات التي تمت عام 2011

أ. خلال شهر يناير 2011

عين الرئيس "شيخ شريف شيخ أحمد"، السيد/ "محمد عبدالله فرماجو"، رئيساً للوزراء بالبلاد، خلفاً لرئيس الوزراء السابق "عمر شرماركي"، بدءاً من يناير 2011، وقام بتشكيل حكومة جديدة من 18 وزيراً بدلاً من 39 وزيراً في الحكومة السابقة، مع احتفاظه بوزيرين فقط منها. أما بقية الوزراء الستة عشر، فقد وقع الاختيار عليهم من الصوماليين الذين يعيشون في الخارج، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وتمكنت الحكومة الجديدة من إحراز نجاحات حقيقية.

تزايدت حدة الخلافات بين رئيس الحكومة "فرماجو" والبرلمان من جانب، والرئيس الصومالي من جانب آخر، نتيجة الخلاف حول إدارة البلاد بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، التي تنتهي في أغسطس 2011.

بداية عام 2011، بعاصفة سياسية بين الحكومة الصومالية الفيدرالية وحكومة إقليم بونت، وكذلك موجة الجفاف التي لحقت بأجزاء واسعة من البلاد، واستقالة رئيس الوزراء "عمر شرماركي" بسبب خلافات سياسية، كل ذلك أدى إلى تدهور الأوضاع وعدم الاستقرار.

تصاعدت حدة الخلافات بين حكومة إقليم بونت لاند والحكومة الفيدرالية، بسبب انتظار حكومة بونت لاند، ذات الاستقلال السياسي الذاتي، مناصب سيادية في الحكومة الفيدرالية، وأعلنت حكومة الإقليم قطع جميع العلاقات التي تربطها بالحكومة الفيدرالية.

وأثناء زيارة رئيس الوزراء "فرماجو" للولايات المتحدة الأمريكية، عد أن قرار حكومة بونت جاء متعجلاً ومتشدداً، لأن الحكومة الفيدرالية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصومال بكل مناطقه، وأن قرار بونت يؤيده مقاتلو شباب المجاهدين، ويعطي للعالم انطباعاً سيئاً عن الصومال، الذي سادته مشكلات التفرق.

ب. خلال شهر فبراير 2011

اندلعت معارك عنيفة بين حكومة صوماليلاند وجبهة إس إس سي، وهي الحروف الأولى من سناج وسول (وهي أقاليم في شمال الصومال)، في موقع قريب من مدينة بوهودلي يُدعى كلشالي، وقد أسفرت المعارك التي نشبت عن جرح مئات المواطنين، ومقتل العشرات، واستخدمت الأسلحة الخفيفة والثقيلة.

واتهم نواب من البرلمان الصومالي، في مؤتمر صحفي عقده رئيس جمهورية أراضي الصومال، وألقوا مسؤولية الضحايا في كلشالي عليه شخصياً، حيث إن جيش صوماليلاند هو الذي شن الهجوم بالمنطقة، وأن أبناء المنطقة دافعوا عن أراضيهم أمام أطماع صوماليلاند للاستيلاء على المنطقة. حيث إن هذه المناطق تتمتع بالاستقرار والأمن، نتيجة نظامها الذاتي، إلا أن هذه الاشتباكات جرتها للعنف.

ج. خلال شهر أبريل 2011

انعقد المؤتمر التشاوري بشأن الصومال في نيروبي، وسط غياب الحكومة الانتقالية وجماعة أهل السنة والجماعة، بمشاركة رئيس البرلمان، وقد وجهت الدعوة إلى كل من الحكومة الانتقالية الفيدرالية والبرلمان، وحكومات عدد من الأقاليم، مثل أرض الصومال، وإقليم بونت لاند، وإقليم جلمدع، بالإضافة إلى جماعة أهل السنة والجماعة، واستمرت أعمال المؤتمر خلال يومي 12 و13 أبريل، وشارك فيه أطراف دولية وإقليمية، وعدد كبير من الدول المهتمة بالشأن الصومالي، ولكن بصفة مراقب. وقد ذكر مبعوث الأمم المتحدة للصومال "أوغسطين ماهيجا" في بيان صحفي أثناء لقائه مع وسائل الإعلام، أن الهدف الأساسي من هذا المؤتمر هو تفعيل الحوار بين كل الأطراف الصومالية، لوضع رؤية مشتركة حول المستقبل.

أصدر مجلس الوزراء، برئاسة "عبدالله فرماجو" قراراً بعدم المشاركة في هذا الاجتماع، ورد فيه: "أن الحكومة الصومالية تُقدر الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، الرامية إلى إيجاد حل للأزمة الصومالية وسبل إخراج البلاد من المرحلة الانتقالية، لكن الحكومة الصومالية لا ترى أن مصلحة الشعب الصومالي في الوقت الراهن المشاركة في المؤتمرات التي تُعقد خارج البلاد".

د. خلال شهر مايو 2011

ضربت موجة جفاف جميع مناطق الصومال تقريباً، وعبر المسؤولين وعمال الإغاثة عن قلقهم إزاء تفاقم أوضاع المتضررين، والتي أدت إلى لجوء 166 ألف صومالي إلى كينيا وإثيوبيا.

هـ. خلال شهر يونيه 2011

أُجريت في العاصمة الإثيوبية مباحثات ثنائية بين رئيس أرض الصومال ورئيس بونت لاند، لحل الخلاف الحدودي بينهما في إقليمي سول وسانج، حيث إن إثيوبيا ترغب في استقرار المنطقة، ودفع الجانبين لحل خلافاتهما من خلال المناقشات، بدلاً من حلها من طريق السلاح. وقد ذكر القنصل الإثيوبي في أرض الصومال: "إن إثيوبيا ساعدت الإقليمين في بناء قوتهما الأمنية، ويتعين عليهما أن يركزا على قتال حركة شباب المجاهدين بدلاً من الصراح الحدودي فيما بينهما".

(1) استقالة رئيس الوزراء "فرماجو" بعد ستة أشهر

استمر الصراع شهوراً، وقد أعلن رئيس البرلمان "شيخ حسن آدن"، ورئيس الوزراء "فرماجو" من جانب واحد تمديد فترة ولايتهما.

وللوصول إلى تسوية سلمية، عُقد مؤتمر في كمبالا، في 9 يونيه 2011، نتج عنه اتفاق كمبالا، الذي ينص على:

(أ) تمديد الفترة الانتقالية لمدة سنة.

(ب) تأجيل الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس البرلمان والنواب لمدة 12 شهراً.

(ج) استقالة "محمد عبدالله فرماجو" رئيس الوزراء.

وقِّع الاتفاق تحت إشراف الرئيس الأوغندي "موسيفيني" ومندوب الأمم المتحدة لشأن الصومال "أوغسطين ماهيفا"، إلا أن رئيس الوزراء "عبدالله فرماجو" لم يوقع الاتفاق، وعلى هذا لم تستمر حكومة "فرماجو" أكثر من ستة أشهر، وقد أثار هذا الاتفاق احتجاجات واسعة، حيث رفضته قطاعات كثيرة من الشعب الصومالي، وكثير من أعضاء البرلمان.

في 17 يونيه 2011، اغتيل وزير الداخلية "عبدالشكور شيخ حسن"، وهو من أعضاء حكومة "فرماجو"، بواسطة حركة شباب المجاهدين، وأتت هذه العملية الانتحارية بعد أسبوع من إعلان قوات حفظ السلام الأفريقية أنها تمكنت من القضاء على مقاتلي شباب المجاهدين.

في 19 يونيه 2011، أعلن رئيس الوزراء الصومالي "محمد عبدالله فرماجو" استقالته بعد خلافات قوية بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، رغم ما حققه فرماجو على صعيد الأمن، وتحقيق السيطرة على مناطق إستراتيجية في مقديشيو، ورفع معنويات القوات المسلحة. وكانت استقالته جزءاً من اتفاق كمبالا، الموقع في 9 يونيه، بين رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية، لتمديد المؤسسات الاتحادية الحكومية الانتقالية لمدة عام، حتى أغسطس 2012.

وقد لقي فرماجو دعماً شعبياً وتظاهر آلاف المواطنين ضد اتفاقية كمبالا، ووقعت صدامات بين الأمن والمتظاهرين، أسفرت عن سقوط قتيلين. وجاء هذا التأييد بعد نجاح إستراتيجية حكومته، وتفعيل الجيش الصومالي، ما تسبب في انسحاب حركة شباب المجاهدين من العاصمة.

(2) في 28 يونيه 2011، تعيين السيد/ "عبدالولي محمد علي" رئيساً للوزراء

رشح "شيخ شريف شيخ أحمد" الرئيس الصومالي، السيد/ "عبدالولي محمد علي" رئيساً للوزراء، في 23 يونيه 2011، خلفاً لـ"محمد عبدالله فرماجو". وعبدالولي من الصوماليين المقيمين في الخارج، وكان يعمل أستاذاً للاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي 28 يونيه، أعلن رئيس البرلمان الصومالي الموافقة على تعيينه رئيساً للوزراء، وأدى اليمين الدستورية أمام البرلمان، بعد الموافقة بأغلبية 337 صوتاً، وامتناع عضوين عن التصويت.

و. خلال شهر أغسطس 2011

(1) في 5 أغسطس، انسحبت حركة شباب المجاهدين من المواقع التي كانت تسيطر عليها في العاصمة مقديشيو. ويأتي هذا الانسحاب بعد معارك طاحنة بين الحركة والقوات الحكومية الصومالية المدعومة من قِبل قوات حفظ السلام الأفريقية. وكانت الحركة قد فشلت في شهر يونيه من استرجاع المناطق التي فقدتها في محافظة جدو، جنوب غرب الصومال.

(2) في 13 أغسطس، قامت الحركة بمهاجمة فندق منى بالقرب من القصر الجمهوري، ما أسفر عن مقتل 38 شخصاً، من بينهم 11 من اعضاء البرلمان الصومالي. وتزامن الهجوم مع وصول قوات حفظ اللام التابعة للاتحاد الأفريقي، وخاصة المئات من القوات الأوغندية المشاركة بها.

ز. خلال شهر أكتوبر 2011

وقع انفجار ضخم في مقديشيو، أدى إلى مصرع 65 شخصاً، وأعداداً هائلة من المصابين، مستهدفاً مجمعاً للوزارات من بينها وزارتي التربية والصحة، وكان معظم القتلى طلاباً يؤدون امتحاناً للحصول على منحة دراسية في تركيا. ورأى المراقبون أن الانفجار يشير إلى وجود خلايا نائمة من حركة شباب المجاهدين داخل العاصمة.

ح. خلال شهر ديسمبر 2011

(1) اندلع حريق في سوق بوصاصو، أدى إلى خسائر اقتصادية فادحة تُقدر بملايين الدولارات، ولقي شخص واحد مصرعه، وجُرح العشرات، ولحقت خسائر مادية فادحة عديداً من المتاجر الموجودة بالسوق، وكذا مخازن المواد الغذائية وسوق صرف العملات الأجنبية.

(2) في 8 ديسمبر، وجهت هيئة علماء الصومال اتهامات لاذعة لحركة شباب المجاهدين، رداً على اجتماع عقدته الحركة مؤخراً في مدينة بيداوا. وقال "شيخ بشير أحمد صلاد" رئيس هيئة علماء الصومال، أن قيادات حركة الشباب وافقت في اجتماعها على تنفيذ اغتيالات ضد العلماء الصوماليين، وأنهم بدأوا في التنفيذ، حيث إن اغتيال "شيخ أحمد حاج عبدالرحمن" في مدينة بوصاصو كان بداية لهذه المحاولات. وأكد صلاد أن حركة الشباب تمارس حملة واسعة لإعاقة المجتمع الصومالي، الذي يعاني من حرب أهلية خلال العقدين السابقين.

وقد طالب "شيخ نور بارود جرجني" عضو هيئة كبار العلماء، الشعب الصومالي بتسجيل التعديات التي ترتكبها الحركة في حق الشعب الصومالي، وقال إن أعداداً كبيرة من المدنيين يلقون حتفهم بسبب قذائف الهاون التي تستخدمها الحركة في المناطق المأهولة بالسكان.

3. أهم الأحداث في الصومال عام 2012

أ. في الفترة من 15 – 17 فبراير 2012، عقد المكتب السياسي للأمم المتحدة في الصومال اجتماع متابعة، شاركت فيه الحكومة الانتقالية وممثلون عن إقليم بونت لاند، وزعماء من إقليم جلمودج (وهم المشاركون أنفسهم في اجتماع غاروي عاصمة إقليم بونت، خلال الفترة من 21 – 23 ديسمبر 2011). وجرى الاتفاق خلال اجتماع المتابعة على أن الصومال سيصبح دولة فيدرالية، ونظام الحكم سيكون برلمانياً بدلاً من النظام الرئاسي، وأن نظام الانتخابات سيكون قائماً على أساس التمثيل النسبي، على أن يتكون مجلس النواب في البرلمان الجديد من 225 عضو، ومجلس الشيوخ من 54 عضو من الزعماء الصوماليين. وستقوم لجنة انتخابات مستقلة بالإشراف على عملية الترشيح للجمعية التأسيسية والبرلمان الجديد، على أن تُشكل النساء 30% من أعضاء البرلمان.

ب. في مارس 2012، وقع انفجار في محطة للحافلات في نيروبي، نفّذه شباب حركة المجاهدين الصوماليين، وأُثيرت مخاوف من أن توغل القوات الكينية في الصومال قد يسهم في تعاطف بعض الصوماليين في كينيا مع حركة شباب المجاهدين، خاصة بعد تقارير لمنظمة هيومن رايتس واتش، التي رصدت انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت بها القوات الكينية داخل الصومال.

ج. في مارس 2012، شنت حركة شباب المجاهدين معارك عنيفة ضد القوات الإثيوبية، وقتلت عشرات من الجنود الإثيوبيين، إلا أن إثيوبيا كذبت هذا الخبر.

د. بدأت خريطة طريق بوضع مسودة دستورية، وعُقد مؤتمر لشيوخ القبائل، لاختيار مجلس تأسيسي، يناقش المسودة الدستورية ويجيزها. وفي الأول من أغسطس، أقرت الجمعية التأسيسية الدستور الجديد للبلاد، بأغلبية مطلقة، إذ صوت 621 عضواً لصالح المشروع، مقابل 13 عضواً معارضاً، وتغيب 11 عضواً عن التصويت.

هـ. في 20 أغسطس، قامت الجمعية التأسيسية باختيار 200 عضو، من بين 275 عضواً، وفقاً للمحاصصة القبلية، حيث عقد البرلمان أولى جلساته في مطار مقديشيو تحت إجراءات أمنية مشددة، وانتخب أعضاء البرلمان الجديد "محمد عثمان جواري" رئيساً له، وهي المرة الأولى التي ينتخب فيها برلمان صومالي رئيسه في العاصمة الصومالية منذ 42 عاماً.

و. في نهاية سبتمبر 2012، أُجبرت حركة شباب المجاهدين الصوماليين على التخلي عن مواقعها في مدينة كيسمايو الإستراتيجية، والتي تُعد مركز العمليات الخاصة بالمناطق الواقعة تحت سيطرتها بجنوب ووسط الصومال، ويأتي هذا التخلي عن المدينة نتيجة أعمال قتال القوات الكينية، التي انضمت إلى قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال.

ز. في أكتوبر 2012، قامت القوات الكينية بحملة عسكرية للقضاء على حركة شباب المجاهدين، رداً على اختطافها لمجموعة من السائحين الأجانب من الشواطئ الكينية.

4. أهم الأحداث في الصومال عام 2013

أ. في 29 يناير 2013، نفّذت العناصر المسلحة عملية تفجيرية أمام مكتب رئيس الوزراء الصومالي، أودت بحياة ستة أشخاص.

ب. في 14 أبريل 2013، وقعت اعتداءات إرهابية مسلحة ضد قصر العدل، قُتل خلالها 40 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وجُرح العشرات.

ج. في 25 مايو 2013، تعرضت قافلة عسكرية إثيوبية لانفجار كبير وسط مدينة بلدوين، أسفر عن إصابة جنديين إثيوبيين، وألقت الشرطة الصومالية القبض على ثلاثة أشخاص مشتبه فيهم، ويُعتقد أن حركة شباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة وراء الانفجار. ومن المعلوم أن قوات جيبوتية وقوات إثيوبية تعمل ضمن قوات حفظ السلام بالصومال (الإميصوم)، في مدينة بلدوين لمساعدة القوات الحكومية في معاركها ضد حركة الشباب. وكانت القوات الصومالية المدعومة بالقوات الإثيوبية تمكنت في بداية عام 2012 من طرد قوات حركة الشباب من المدينة.

د. في 19 يونيه 2013، استهدفت عناصر مسلحة مبنى يأوي موظفين وهيئات تابعة للأمم المتحدة، تقدم المساعدات الإنسانية والإغاثية للصومال، وأوقعت هذه الاعتداءات تسع ضحايا، والعديد من الجرحى.

هـ. في 28 يونيه 2013، انضمت الصومال إلى اتفاقية باريس لحظر الأسلحة الكيماوية، والبالغ عدد الدول الأعضاء فيها 189 دولة. وتحظر هذه الاتفاقية استحداث الأسلحة الكيماوية وإنتاجها وتخزينها واستعمالها. وقد حيت فرنسا انضمام الصومال، وذكرت أنها تتمنى أن يكون انضمام الصومال حافزاً للدول غير الأطراف التي لم تنضم بعد.

و. في 29 يوليه 2013، أعلنت السلطات الصومالية عن ارتكاب اعتداء تفجيري، في 27 يوليه، ضد السفارة التركية في مقديشيو، تسبب في مقتل شرطي تركي من حرس السفارة، وجُرح ثلاثة أشخاص آخرين.

ز. في 4 سبتمبر 2013، وقع اعتداء تفجيري ضد موكب الرئيس الصومالي "حسن شيخ محمود"، قرب مدينة مركة، وذلك قبل انعقاد مؤتمر دولي في بروكسل، مقرر في 16 سبتمبر، ويهدف لإتاحة حصول الصومال على مساعدات لإعادة بناء الدولة. وفي 9 سبتمبر، وقع اعتداء تفجيري آخر، ذهب ضحيته 18 شخصاً.

ح. في 27 أكتوبر 2013، قُتل الصحفي "محمد محمود تيماكا" (من قناة يونيفرسال تي في) في مقديشيو، وقد أدانت الصحافة العالمية الاغتيال، ودعت السلطات الصومالية إلى اتخاذ التدابير كافة للسماح للصحفيين بممارسة مهمتهم في الإعلام بكل حرية وأمن، واحترام حرية التعبير في الصومال.

ثانياً: التدخلات الإقليمية والدولية

1. التدخلات الإقليمية

في 16 أكتوبر 2011، قامت القوات الكينية بغزو شامل على جنوب الصومال، لتعقب قوات شباب المجاهدين، على حد قولها، وهو ما يُعد انتهاكاً لسيادة الصومال وفقاً لمبادئ القانون الدولي، وعبرت الحكومة الانتقالية في مقديشيو عن تأييدها للعملية الكينية، في الوقت الذي عارض فيه الرئيس "شيخ شريف شيخ أحمد" الغزو الكيني لبلاده، ولكنه تراجع عن موقفه المعارض بعد لقائه مع الرئيس الكيني "مواي كيباكي" في نيروبي.

وعلى الرغم من أن التدخلات كانت تأتي من دول الجوار الجغرافي في الأراضي الصومالية، إلا أنه يُلاحظ أن التدخل أحياناً يأتي من العناصر الصومالية إلى داخل أراضي الجوار الإقليمي، ومثال ذلك تنفيذ حركة شباب المجاهدين عمليات انتقامية داخل أراضي دول الجوار، رداً على تدخل هذه الدول في الشأن الصومالي.

فقد نفذت حركة شباب المجاهدين، في 11 يوليه 2010، عمليتَين إرهابيتَين في كمبالا بأوغندا، أسفرا عن مقتل 76 شخصاً، بالإضافة إلى العديد من الجرحى، وأعلنت الحركة أن العمليتَين إنما جاءتا رداً على مشاركة أوغندا في القوات الأفريقية لحفظ السلام، وادعت كتيبة صالح نبهان مسؤوليتها عن العمليتَين، وهو أحد المتهمين في هجمات ممباسا بكينيا عام 2002، والذي اغتيل في سبتمبر 2009، عندما استهدفته الغارات الجوية الأمريكية.

وهددت الحركة بمزيد من الهجمات، ما زاد من إصرار دول الشرق الأفريقي على زيادة قوات السلام الأفريقية بالصومال، ولا سيما دولتَي أوغندا وإثيوبيا، ما عدته حركات المقاومة المسلحة إمعاناً في التدخل في الشأن الصومالي من دول الجوار الإقليمي، وزاد من تصميمها على تنفيذ عمليات مضادة.

في مارس 2012، اندلعت معارك عنيفة بين مقاتلي حركة شباب المجاهدين وجنود الجيش الإثيوبي، في ضواحي بوركوت، إثر هجوم حركة الشباب على مواقع الجيش الإثيوبي. ونفت الحكومة الإثيوبية صحة التقارير بشأن مقتل عشرات من جنودها، وأسر اثنين على يد مسلحي الشباب المتمردين. وكانت معارك عنيفة قد دارت بين جنود إثيوبيين ومسلحي حركة الشباب بالغرب، من بيدوا وبلدة أخرى تبعد عنها 130 كم.

ومن المعلوم أن إثيوبيا كانت قد أرسلت قواتها للصومال، في أواخر عام 2006، وأطاحت بإدارة المحاكم الإسلامية في مقديشيو، وانسحبت عام 2009، ولكنها عادت مرة أخرى بكل قواتها عام 2012، لفتح جبهة جديدة أخرى ضد حركة الشباب، بعد أن أرسلت كينيا جنودها إلى جنوب البلاد.

وقد سيطرت القوات الإثيوبية على مناطق في وسط وجنوب الصومال، أهمها مدينة بلدويني، عاصمة هيرات، ومدينة بيداوا عاصمة محافظة باي بجنوب غرب الصومال.

العمليات العسكرية الكينية في الصومال، أكتوبر 2012

تدخلت القوات الكينية في الأراضي الصومالية، في أكتوبر 2011، بدعوى القضاء على حركة شباب المجاهدين الصوماليين، المتهمة باختطاف عُمال الإغاثة الإنسانية، وكذا عدد من السائحين الأجانب، ما أجبر كينيا على التدخل العسكري في الصومال.

إن أي تدخل عسكري في بلد ما تكون له دوافعه، إما دوافع تخوف، وإما دوافع مصالح. وإن فكرة التدخل النابعة عن التخوف تستند غالباً على التجاور الحدودي، لما له من تأثيرات سياسية واقتصادية وأمنية. أما النابعة عن المصالح، فتتصل بالثروات أو المياه أو العوامل الإستراتيجية. وإن كثيراً من المحللين تساءلوا عن التدخل العسكري الكيني ودوافعه، وهي التي كانت تميل دائماً إلى الخيار الدبلوماسي حيال الصراع الدائر في الصومال.

أ. الاهتمام الكيني للسيطرة على كيسيمايو

إن التدخلات العسكرية الكينية في جنوب الصومال، وقعت دون موافقة الصومال، وهذا ما صرح به "شيخ شريف شيخ أحمد"، مؤكداً أن الاتفاق الذي أُبرم مع كينيا، في أكتوبر 2011، يقتصر فقط على تقديم التدريب والدعم اللوجستي للقوات الصومالية في مواجهة حركة الشباب، وكانت الحكومة الصومالية قد وقعت هذا الاتفاق لافتقارها إلى قوات نظامية كافية.

كما أن الاهتمام الكيني بالأزمة الصومالية يعود إلى مرحلة استقلال كينيا عن بريطانيا، وذلك بسبب ضم بريطانيا لإقليم جنوب شرق الصومال إلى كينيا. فإقليم (رفد) الذي يُشكل حالياً الإقليم الشمالي لكينيا، اقتطعته بريطانيا خلال الفترة من 1941 – 1950، من الصومال وضمته لكينيا. وعقب الاستقلال رفضت كينيا إعادته للصومال، رغم أن سكانه يمثلون 90% من الصوماليين. وأدى هذا إلى كثير من المناوشات العسكرية بين الصومال وكينيا خلال الستينيات، ما دفع كينيا إلى التعاون مع إثيوبيا ضد المصالح الصومالية. وهذا يدل على أن كينيا لم تكُف يوماً عن التدخل في الشؤون الصومالية، سواء كان التدخل عسكرياً أم سياسيا.

إن التدخل الكيني لا يستهدف استئصال حركة شباب المجاهدين، ومنعهم من التسلل للأراضي الكينية، وإنما تحركه دوافع أخرى، منها:

(1) إقامة منطقة عازلة بطول 100 كم داخل الأراضي الصومالية المتاخمة للحدود الكينية، تحت اسم "جوبالاند" أو "أزاتيا"، مع خضوعها لقيادة وزير الدفاع الصومالي السابق، لمنع تسلل شباب المجاهدين، وعندما فشلت في ذلك لجأت إلى تنفيذها بنفسها.

(2) ضم أجزاء من أقاليم جوبا السفلى للأراضي الكينية، كما احتلت من قبل منطقة (أنفدي) الصومالية وضمتها، الأمر الذي يساعد كينيا على الاستفادة من ثروات الإقليم، وخدمة مصالحها الاقتصادية.

(3) يرى محللون وجود مطامع توسعية لدى كينيا في الصومال، لا تقتصر على الأراضي فقط، وإنما تشمل أيضاً عدداً من الجزر البحرية، حيث سبق أن وقعت كينيا مذكرة تفاهم مع الصومال، عام 2009، تقضي بإعادة ترسيم الحدود المائية بين البلدين، إلا أن البرلمان رفض الاتفاقية.

يذهب البعض إلى أن كينيا تريد استثمار تدخلها العسكري في الصومال، من أجل ضم ثروات المياه الصومالية إلى كينيا، والتعجيل بإعلان الحدود البحرية الصومالية، متجاهلة بذلك قانون البحر والموانئ الصومالية، الصادر في 10 سبتمبر 1972، والاتفاقية التي أبرمتها إيطاليا مع بريطانيا، في 17 ديسمبر 1972، نيابة عن المستعمرتين السابقتين، والتي أوضحت أن الجزر الواقعة في المنطقة الاقتصادية المعروفة بلاموشاقو هي جزر صومالية.

ب. أزاتيا (جوبالاند) وشبح الحرب الأهلية

تُشير التوقعات إلى أن مستقبل إدارة إقليم جوبالاند قد يؤدي لدخول الصومال في حرب أهلية جديدة، حيث تروج كينيا لزيادة العامل القبلي الذي يفضي دائماً إلى صراعات قبلية، وهو ما يهيئ فرصة للتدخل، خاصة في حالة ضعف الدولة الصومالية، كما أن الوحدات التابعة للجيش الصومالي المرافقة للقوات الكينية، هي ميليشيات توالي الحكومة الإقليمية في أزاتيا، وهو ما يؤثر بالقطع على الأمن القومي الصومالي.

ج. تداعيات انسحاب حركة الشباب من كيسيمايو

يقول المسؤولون العسكريون في حركة شباب المجاهدين، أن انسحابهم من كيسيمايو هو انسحاب تكتيكي فقط، تحاشياً للحرب المباشرة مع القوات الكينية المدعومة بالدبابات، وذلك لإعادة تنظيم صفوفها، واعتماد ما يُعرف بإعادة حرب الشوارع، التي تفضلها الجماعات الجهادية، واعتمادها على حرب العصابات وأسلوب التفجيرات، والعمليات الانتحارية، ثم نقل الصراع إلى الداخل الكيني، من خلال شن الهجمات على الأهداف الإستراتيجية في كينيا، وقد سبق أن فعلت هذا في العاصمة الأوغندية، في 11 يوليه 2010، رد فعل على مشاركة القوات الأوغندية في قوات الاتحاد الأفريقي بالصومال. كما أنها نفذت ذلك بكينيا، حيث أحرقت مباني تابعة لأجهزة مكافحة الإرهاب، ومقراً للشرطة بعد يومين من دخول القوات الكينية إلى مدينة كيسيمايو.

د. دوافع التدخل الكيني في الصومال

 تضررت كينيا كثيراً من عدم الاستقرار وهروب الصوماليين إليها، حيث تجاوز العدد 450 ألف لاجئ، ولكن التطور الأكبر هو تهديد السياحة الكينية، وهي ركيزة أساسية للاقتصاد الكيني، ويرى كثير من المراقبين أن التدخل الكيني لا يستهدف استئصال شباب المجاهدين ومنعهم من التسلل إلى كينيا، ولكن له دوافع أخرى، هي:

(1) إقامة منطقة عازلة بطول 100 كم داخل الأراضي الصومالية.

(2) السيطرة الكاملة على ميناء كيسيمايو، الذي يشكل شريان الحياة لشباب المجاهدين.

(3) ضم أراضي من إقليم جوبا السفلى للأراضي الكينية، بالإضافة إلى تحقيق الأطماع التوسعية في عدد من الجزر البحرية، وإعادة ترسيم الحدود المائية.

لتحقيق هذه الدوافع، اجتاح أكثر من 1600 جندي كيني الحدود الصومالية، في 15 أكتوبر 2011، في عملية عُرفت باسم "ليندانجي"، وتعني باللغة السواحيلية (حماية الأمة)، وهي أكبر عملية عسكرية تنفذها القوات الكينية منذ الاستقلال. وشنت خلالها حرباً من جهتين، الأولى شمال إقليم جوبا السفلى، واحتلت مدن طوبلي وقوقاني وتابتا. والثانية غرب الإقليم حيث احتلت مدن هوزنجيوي وبوجابورا الساحلية، ورأس كمبوني وجلب. كما طال القصف الكيني المنطقة الرقم 50 والرقم 60 وأنجوبي وبلدوجلي بإقليم شبيلي السفلى.

وفي 28 مايو 2013، هاجمت حركة شباب المجاهدين الشرطة الكينية، في غارة عبر الحدود، أي أن الحركة قامت بالتدخل بالقوة المسلحة في دولة الجوار كينيا. وذكرت حركة الشباب الصومالية أن مسلحيها قتلوا ثمانية كينيين بينهم أفراد من الشرطة في غارة عبر الحدود، واصطحبوا رهينتين إلى الصومال. وقد ذكر الشيخ عبدالعزيز (أبو مصعب) المتحدث باسم جناح العمليات العسكرية لحركة الشباب، أنهم توغلوا 35 كم داخل كينيا، وأحرقوا قاعدة (داماجالي). وأكد مسؤول كيني أن رجلي شرطة قُتلا، وأن اثنين فقدا خلال الهجوم.

ومن المعلوم أن كينيا تشارك ضمن قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، والتي تقاتل متمردي شباب المجاهدين، المرتبطين بتنظيم القاعدة. كما أنه خلال العامين الماضيين فقدت مقديشيو أجزاء من وسط وجنوب الصومال لصالح القوة الأفريقية، ولكن المتمردين شنوا هجمات عبر الحدود مع كينيا، رد فعل مباشر لذلك.

وفي 22 سبتمبر 2013، أشارت منظمة الصليب الأحمر الدولية إلى ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم، الذي شنته حركة شباب المجاهدين الصومالية في مركز ديست جيت للتسوق بعاصمة كينيا، إلى 68 قتيلاً ونحو 175 جريحاً، وأعلنت حركة الشباب الصومالية مسؤوليتها عن الحادث رداً على العمليات العسكرية الكينية في الصومال.

وذكر وزير الداخلية الكيني "جون لينكو"، أن ألف شخص على الأقل تمكنوا من الفرار من قبضة مسلحى شباب المجاهدين. وأضاف أن ما بين 10 – 15 شخصاً مسلحاً هاجموا المبنى، كما أن القوات الكينية قد أحاطت بالمبنى.

وكان الرئيس الكيني "أوهورو كينياتا"، تعهد في وقت سابق بتعقب الجناة حيثما فروا. وقال مسؤولون كينيون أن الشرطة والجيش ينفذان عملية كبيرة لوضع حد لهذه المواجهة المستمرة. وأعلنت السلطات الكينية عن مقتل فرنسيين في الهجوم، كما قُتل شخصان يحملان الجنسية الكندية، من بينهم دبلوماسي. ولم يُستبعد وجود بريطانيين بين القتلى.

وأصدر خبراء عدة تحذيرات أمنية تستهدف المركز، الذي تمتلك إسرائيل جزءاً منه، ولهذا انضمت مجموعة إسرائيلية مسلحة إلى القوات الكينية للمشاركة في إنهاء الأزمة.

وذكر مصدر أمني فرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية، أن المجموعة الإسرائيلية تمكنت من اقتحام المبنى، وبدأت في إنقاذ بعض الرهائن والمصابين. إلا أن الخارجية الإسرائيلية رفضت تأكيد أو نفي هذا النبأ.

ويُعد هذا الهجوم الأسوأ الذي تشهده كينيا، منذ الهجوم على السفارة الأمريكية في نيروبي، عام 1998.

2. التدخلات الدولية

أ. خلال عام 2011

(1) بعد اغتيال حركة شباب المجاهدين وزير الداخلية في حكومة "فرماجو"، في 17 سبتمبر 2011، تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من اغتيال "فضل عبدالله محمد"، وهو زعيم القاعدة في شرق أفريقيا، مستهدفة إياه بالقصف الجوي، ومن المعلوم أنه متورط في تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، والتي نتج عنها مقتل 224 فرد، وكذلك تفجير الفندق الإسرائيلي في ممباسا عام 2002. وهذا هو الأسلوب الأمريكي المتبع لتصفية العناصر المتشددة، أملاً في الحصول على الاستقرار في الصومال.

(2) تعاطى المجتمع الدولي مع الأزمة الصومالية من زاوية أمنية محضة، وفقاً لضرورات إستراتيجية للقوى الإقليمية والدولية ذات المصلحة في القرن الأفريقي، فهو يتحمل مسؤولية استمرار هذه الأزمة. وقد حرصت الأمم المتحدة، تساندها أطراف دولية عديدة، على إتمام العملية السياسية في الصومال، حيث رأتها فرصة تاريخية قد تسمح بوجود مؤسسات دائمة للحكم، يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً في الصومال.

وخلال شهر فبراير 2011، دعت بريطانيا إلى عقد مؤتمر دولي حول الصومال، شارك فيه أكثر من 40 دولة، وزار وزير الخارجية البريطاني العاصمة الصومالية، والتقى الزعماء الصوماليين، وجاء التحرك البريطاني بناءً على توافق بين اللاعبين الدوليين والإقليميين لقلب المعادلة القائمة منذ سنوات.

ب. خلال عام 2012

(1) دعمت الولايات المتحدة الأمريكية عملية الانتقال السياسي في الصومال، وتوعدت كل من يحاول عرقلة هذه العملية، فرحبت بانعقاد البرلمان الاتحادي الجديد في الصومال للبدء في تنفيذ خارطة الطريق لإنهاء المرحلة الانتقالية، كما هنأت "حسن شيخ محمود" على فوزه بتأييد البرلمان ليصبح رئيساً للبلاد، بعدما حصل على 190 صوتاً، مقابل 79 صوتاً للرئيس المنتهية ولايته "شيخ شريف شيخ أحمد".

(2) قبل أسبوعين من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصومال، جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" في زيارة إلى كينيا، التقت خلالها الحكومة الانتقالية، وناقشت معهم عملية الانتقال إلى حكومة مستقرة، واجتمعت مع الرئيس الصومالي السابق "شيخ شريف شيخ أحمد"، وعدد آخر من الموقعين على خارطة الطريق الصومالية، وتعهدت بتقديم دعم أمريكي.

(3) زار "جوني كارسون" مساعد الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية، مقديشيو قبل الانتخابات، وتُعدّ هذه الزيارة هي الأولى لمسؤول أمريكي منذ أكثر من عقدين. وحملت هذه الزيارة اهتمام المسؤولين الأمريكيين بإنجاز العملية الديموقراطية في الصومال، في إطار الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.

ثالثاً: جهود التسوية الإقليمية والدولية

1. جهود التسوية الإقليمية

أ. في يناير 2010، قرر الاتحاد الأفريقي تمديد ولاية مهمة قوة السلام التابعة له في الصومال مرة أخرى لمدة ستة أشهر، لكنه أبدى رغبته في الحصول على مزيد من الدعم من جانب المجتمع الدولي، ووصل عدد قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال إلى 5300 جندي، بدلاً من العدد المستهدف الوصول إليه وهو 8000 جندي. وتتكون القوة من جنود أوغنديين وبورنديين، كما سمح مجلس الأمن الدولي، في 28 يناير 2010، بتمديد مهمة الاتحاد الأفريقي في الصومال إلى 12 شهراً، حيث أقر المجلس بالإجماع القرار الرقم 1910، الذي يجيز للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي الإبقاء على قوات الاتحاد في الصومال حتى 31 يناير 2011.

ب. أكدت اليمن في خطاب مندوبها بالأمم المتحدة، في 25 مارس 2010، أهمية اعتماد إستراتيجية شاملة لمعالجة الأوضاع السياسية والأمنية في الصومال، بما يحقق بناء دولة صومالية تتحمل المسؤولية الوطنية والدولية، وتسهم في ترسيخ السلم والأمن. وقد أُلقي ذلك البيان، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، أثناء مناقشة الوضع في الصومال، وعرض البيان الجهود اليمنية المبذولة لحل المشكلة.

ج. في 19 يوليه 2010، أثناء زيارة "شيخ شريف شيخ أحمد" لمصر، جرى بحث تطورات الوضع في الصومال، والجهود الداعمة لتحقيق الاستقرار، بحضور وزيري الخارجية المصري والصومالي "يوسف حسن إبراهيم"، وكذا وزير الدفاع الصومالي "أبو بكر عيدي عثمان"، والسفير الصومالي بمصر "عبدالله حسن محمد". وجرى بحث مدى استعداد مصر في إزالة مناخ الحرب، وتصورات الحكومة الصومالية لاستعادة الأمن وزيادة التعاون الاقتصادي، وزيادة المنح التعليمية.

د. خلال شهر أغسطس 2011، زار رئيس الاتحاد الأفريقي "لاجيني بينك" مقديشيو، يرافقه وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأفريقي، للوقوف على موقف القوى الصومالية، بالإضافة إلى الوقوف عن كثب على الحالة الإنسانية المتردية، جراء موجة  القحط التي أدت إلى نزوح الملايين.

هـ. خلال شهر أغسطس 2011، أيضاً، زار وفد من الإمارات العربية المتحدة مقديشيو، برئاسة ولي العهد، لمعرفة مواقف الأطراف من الأزمة الصومالية، بالإضافة لتفقد الأوضاع الإنسانية المأسوية.

و. زار وفد مصري، برئاسة مساعد وزير الخارجية المصري، مقديشيو، في أغسطس 2011، بعد انقطاع لمدة قاربت عشرين عاماً، لإبداء التضامن المصري مع الصومال في مشكلته، وكذا لإبداء التضامن لدول القرن الأفريقي إثر المجاعة التي ضربت المنطقة.

ز. في 27 أبريل 2013، وقِّع اتفاق مشترك غير معلن بين الصومال وكينيا. ووقع الرئيسان الصومالي والكيني على اتفاقية مكونة من صفحتين حول الدور الذي تلعبه منظمة الإيجاد في الشأن الصومالي، خاصة الجهود الهادفة إلى بناء الإدارات الإقليمية، التي تثير في الوقت الحالي موجة خلافات صومالية/ صومالية، وصومالية/ إقليمية. ولم يعرف الشعب الصومالي ولا البرلمان ولا الحكومة مضمون هذه الاتفاقية. ويأتي ذلك عن قصد من الرئاسة حسب اعتقاد الكثير من المحللين.

واتفق الرئيسان على أربعة بنود، الأخير منها يعطي الصلاحية لدول الإيجاد في التسهيل والإشراف ومراقبة إنشاء الإدارات الإقليمية، في إطار الجهود الرامية لتطبيق الفيدرالية في الصومال.

ورافق الرئيس الكيني "أوهورو كينياتا" خبراء قانونيين وممثلين برلمانيين، قُدر عددهم بما لا يقل عن 20 خبيراً وسياسياً، في حين لم يكن مع الرئيس الصومالي "حسن شيخ محمود" إلا فريق من طاقم مكتبه الرئاسي. وتتنافى هذه الاتفاقية مع المسار السياسي الذي بنى عليه الرئيس الصومالي سياسته الخارجية، حيث إن هذه الاتفاقية تبرهن على أن فلسفة السياسة الخارجية لدى الرئيس قد تغيرت من جذورها، لقبوله إعطاء دور حيوي وغير محدود لدول الإيجاد، رغم تباين سياساتها تجاه الصومال. وهذه الاتفاقية تعني تنازل الصومال عن حق إدارة ذاتها وفق دستورها الجديد، الأمر الذي يوحي ضمناً بأن الحكومة قاصرة وغير مؤهلة لقيادة البلاد.

ح. في 28 أغسطس 2013، عقد الاتفاق في أديس أبابا، بين حكومة الصومال الفيدرالية وبين الإدارة المؤقتة في جوبا، حول الاندماج المتدرج لجوبالاند في الدولة الفيدرالية الصومالية، وسيكون التنفيذ حاسماً لتضمن الإدارة المؤقتة لجوبالاند الأمن والاستقرار. ولعب الوزير الإثيوبي للشؤون الخارجية "تيدروس أوهانوم جبريسوس" دوراً مهماً لتسهيل التوصل للاتفاق.

ط. في 27 أكتوبر 2013، زار وفد من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي العاصمة الصومالية مقديشيو، من أجل تعرف واقع الأمر لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ووصف الاتحاد الأفريقي الزيارة بأنها زيارة تاريخية.

2. جهود التسوية الدولية

أ. خلال عامي 2010 – 2011

(1) في فبراير 2010، اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي قراراً حول إرسال بعثة عسكرية، في إطار سياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي، للإسهام في تدريب قوات الأمن الصومالية، وتهدف إلى تدريب ألفي جندي صومالي في أوغندا، وينتهي التدريب عام 2011.

(2) في 5 أغسطس 2011، وصل رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" إلى الصومال، وشجعت زيارة أردوغان المجتمع الدولي، وتتابعت الزيارات من بعده، من وفود عالمية رسمية وشعبية إلى العاصمة الصومالية، وتهدف الزيارة إلى تعرف المشاكل الصومالية عن قرب وبحثها مع الجانب الصومالي، بالإضافة إلى لفت الانتباه العالمي بشأن المجاعة في الصومال، وإيصال المعونات للشعب الصومالي المتضرر من الجفاف.

(3) وخلال شهر أغسطس 2011، زار وزير التخطيط والتطوير الدولي البريطاني العاصمة مقديشيو، على رأس وفد رسمي، لمعرفة الموقف الإثيوبي، وكذا بهدف الدعم الإنساني لضحايا الجفاف.

(4) وخلال شهر أغسطس 2011، أيضاً، وصل إلى العاصمة الصومالية مقديشيو وزير الخارجية الإيراني "علي أكبر صالحي" على رأس وفد إيراني، للوقوف عن كثب على الأوضاع الصومالية، وكذا بحث دعم المناطق المتضررة من الجفاف.

(5) وخلال شهر أغسطس 2011 كذلك، وصل الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" إلى العاصمة مقديشيو، في زيارة مفاجئة وغير مسبوقة إلى الصومال، والتي تُعد الأولى من نوعها بعد زيارة "بطرس غالي" الأمين العام السابق للأمم المتحدة،  بعد 18 عاماً إبان عملية التدخل الدولي في الصومال، والتي أُطلق عليها عملية "إعادة الأمل".

ب. الجهود خلال عام 2013

(1) أعلنت فرنسا، في بداية عام 2013، أنها والاتحاد الأوروبي مجندان لمساعدة الصومال. وجهد الاتحاد الأوروبي أساسي لاسيما في مجال الأمن، وينشر الاتحاد الأوروبي ثلاث بعثات في إطار سياسته الأمنية والدفاعية المشتركة، وهي بعثة أطلنطا، وبعثة نستور من أجل تعزيز القدرات البحرية في القرن الأفريقي والجزء الغربي من المحيط الهندي، وبعثة الاتحاد الأوروبي العسكرية للإسهام في تدريب قوات الأمن الصومالية. كما يوفر مساعدة مالية لقوة الاتحاد الأفريقي في الصومال منذ إنشائها عام 2007.

(2) في 14 يناير 2013، وقعت الصومال اتفاقية مع المنظمة الدولية للهجرة، وكان التوقيع بغرض تحقيق الاستقرار، ومن أجل تنفيذ مشروع لمساندة الضعفاء والناجين في ولايتي جيدو وجوبا. وخصصت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية تمويلاً يبلغ مليون يورو. وسيُنفذ هذا المشروع بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة والحكومة الصومالية الفيدرالية، والسلطات والجماعات المحلية.

(3) في 30 أبريل 2013، عُين "نيكولا كاي" ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة للصومال، ويأتي هذا التعيين في سياق إعادة تشكيل وجود الأمم المتحدة في الصومال، التي تعكس تطور الوضع السياسي والأمني في البلاد. ويأتي السيد "نيكولاي كاي" خلفاً للسيد "أوغوسطين ماهيجا" الذي شغل المنصب خلال الثلاث سنوات الأخيرة.

وقرر مجلس الأمن، في قراره الرقم 2093، الذي اعتُمد في 6 مارس 2013، استبدال المكتب السياسي الحالي للأمم المتحدة في الصومال ببعثة جديدة، تستمر حتى 30 يونيه 2014، وستسعى لِتعزيز السلم والأمن، كما ستبذل جهداً كبيراً في التنسيق بين مختلف فروع الأمم المتحدة الموجودة بالصومال، وستنسق أيضاً العمل الدولي.

(4) في 3 مايو 2013، عقدت في فرنسا دورة تدريبية من خلال المدرسة الوطنية للقضاء، لصالح 32 قاضياً وقانونياً صومالياً، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويهدف هذا التدريب إلى تعزيز القدرات الصومالية لتوفير قاعدة جنائية ضد أعمال القرصنة. وفي هذا الإطار نظمت  فرنسا مشاورات مخصصة لمكافحة القرصنة، وتحقيق الأمن والتنمية في الصومال، عُقدت في باريس، في 31 مايو 2013.

(5) في 7 مايو 2013، عُقد مؤتمر بلندن لتحقيق الاستقرار والتنمية في الصومال، شارك فيه الوزير المفوض الفرنسي المكلف بالقضية الصومالية، ويهدف هذا المؤتمر إلى تعزيز الشراكة بين السلطات الصومالية والأسرة الدولية، لمساندة عملية تحقيق الاستقرار. ورأس هذا المؤتمر بالاشتراك، رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون"، والرئيس الصومالي "حسن شيخ محمود". وأفسح المجال للتطرق للتحديات الرئيسة التي يواجهها الوضع الحالي في الصومال، لاسيما الأمن والقضاء والمالية العامة ومكافحة أعمال العنف. وأعطى دفعة جديدة لتنسيق الجهود من أجل التقدم في الحوكمة في الصومال.

(6) في 3 سبتمبر 2013، بحث رئيس وزراء جيبوتي "عبدالقادر كامل"، مع وزيرة الخارجية الإيطالية الأوضاع في الصومال، وأجريت مباحثات بشأن تقييم الوضع في الصومال، وجرى الترحيب بالاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة الصومالية، في 28 أغسطس 2013، في أديس أبابا، بوصفه تطوراً بارزاً في عملية صياغة الدستور الاتحادي. وأكدت وزيرة الخارجية الإيطالية التزام إيطاليا ببسط الاستقرار في الصومال، وأن المبادرات الإيطالية الأوروبية، بما فيها الاتفاق الجديد من أجل الصومال، المقرر عقده في بروكسل في 16 سبتمبر 2013، سيسعى لتحقيق ذلك.

(7) في 5 نوفمبر 2013، أكد رئيس البرلمان الصومالي "محمد عثمان جواري" أن الأمم المتحدة سترسل خبراء لدعم البرلمان الصومالي فيما يتعلق بسن القوانين، جاء ذلك خلال تصريح له أثناء جلسة البرلمان المنعقدة بالعاصمة مقديشيو، وذلك أملاً في تحقيق الأمن وبسط نفوذ وسلطة الدولة.

رابعاً: تأثير عدم الاستقرار على الشعب الصومالي

تفاقمت الأزمة الصومالية في الآونة الأخيرة، نتيجة ظروف طبيعية، مثل الجفاف وقلة سقوط الأمطار، إلا أنه نتيجة لمصالح خارجية حجبت المساعدات من ناحية، وكذا تطرف حركة الشباب نتيجة طردها لمنظمات الإغاثة الدولية زادت حدتها. وقد أعلن الاتحاد الأفريقي أن ثلاثة ملايين شخص، أي ما يعادل ثلث سكان الصومال، في حاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.

دفعت الهجمات المتزايدة لحركة شباب المجاهدين برنامج الغذاء العالمي إلى الرحيل، عام 2010، ما حرم مليون شخص من المساعدات الغذائية. وفي هذا الإطار وجهت الحكومة الصومالية نداءً للمساعدة الدولية، من أجل مجابهة هذه التحديات، وأعلنت عن هروب نحو 135 ألف صومالي من بلادهم خلال هذه السنة.

كما بدأت السلطات الكينية تواجه صعوبة في إيواء الأعداد المتزايدة في من النازحين، وقامت بفتح معسكر جديد للإيواء، حيث يُقدر عدد اللاجئين في مخيم داداب الكيني بنحو 400 ألف صومالي، بينما توقعت منظمات الإغاثة الدولية أن يزيد العدد عن نصف المليون.

صدر، في مارس 2011، تقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الصومال، وذكر أن: "تعد الصومال أكثر دول العالم من حيث عدد اللاجئين بعد أفغانستان والعراق، ففي نهاية شهر فبراير من عام 2011، كان هناك 509.585 لاجئ صومالي استضافتهم كل من كينيا، ومصر، وإثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، وتنزانيا، وأوغندا. بالإضافة إلى مليون ونصف نازح مشرد داخل البلاد. كما سعى خلال الفترة نحو 23.371 مواطن صومالي للجوء إلى البلاد المجاورة. كما نزح 29 ألف آخرون إلى جنوب البلاد من العاصمة مقديشيو. وقد أدى انهيار الدولة والفوضى في البلاد إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وعلى الرغم من نظرة التفاؤل التي ينظر بها الشعب الصومالي والمجتمع الدولي تجاه حكومة "شيخ شريف"، إلا أن الحكومة الفيدرالية الانتقالية لا تزال تواجه تحديات جسيمة من قِبل الجماعات المعارضة المسلحة، ولا تزال الهجمات القاتلة على قوات الحكومة وقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام مستمرة.

وقوع البلاد في أسوأ موجة جفاف

في أواسط عام 2011، أدى تخلف الأمطار لموسمين متتاليين إلى وقوع أسوأ موجة جفاف في القرن الأفريقي منذ 60 عاماً، وأدى تفاقم الجفاف وما نجم عنه من تدهور المحاصيل ونفوق الماشية وارتفاع أسعار المياه والوقود والغذاء، إلى هجرة جماهية لأهل الجنوب، الذي تتجاذبه الصراعات المسلحة، إلى مراكز الإغاثة في الدول المجاورة.

وفي شهر يوليه 2011، أعلنت الأمم المتحدة رسمياً وجود مجاعة في جنوب الصومال، سرعان ما تفاقمت نتيجة منع الجماعات المسلحة دخول الإمدادات الغذائية للبلاد. وفي المقابل أنشأت الحكومة هيئة إغاثة وطنية تتكون من مجموعة وزراء. وأفادت بعض منظمات الإغاثة الدولية أن نشاط القوات العسكرية الحكومية في جنوب البلاد، بداية من ديسمبر 2011، قد حد بعض الشيء من عمليات النزوح الجماعي خارج الصومال.

وفي 13 أكتوبر 2011، وقع اختطاف عاملين من عمال الإغاثة بمنظمة أطباء بلا حدود، من مخيم دابان في شمال شرق كينيا، الذي يقيم به مئات اللاجئين الصوماليين، وأدى حادث الاختطاف إلى توقف نشاط المنظمة التي تدير حالياً 12 مشروعاً في جميع أنحاء البلاد، والتي تقدم خدماتها للآلاف من الصوماليين المشردين أو المهاجرين للدول المجاورة، كما أنه من المعلوم أن منظمة أطباء بلا حدود تقدم المساعدات الإنسانية الطبية في معظم المخيمات للنازحين واللاجئين عبر الحدود في إثيوبيا وكينيا، ويرجع وجودها في الصومال إلى عام 1999 وحتى الآن.

1. خلال عام 2012

في فبراير 2012، أعلنت الأمم المتحدة انتهاء المجاعة الناجمة عن الجفاف في الصومال، ما أثار ردود فعل إقليمية ومحلية متباينة. فبينما وافق البعض على رأي المنظمة الدولية، عارض الآخرون وجهة نظرها، وأكدوا أن وقف المساعدات للصوماليين سيفاقم الأوضاع الإنسانية، ويجب مواصلة الدعم الدولي الإنساني.

2. خلال عام 2013

في أغسطس 2013، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، أنها بدأت وقف أنشطتها الإنسانية كافة في الصومال، بسبب الهجمات اتي يتعرض لها موظفوها. وصرح "أدفي كارو ناكارا" رئيس المنظمة في مؤتمر صحفي، بأن توقف نشاط المنظمة هو نتيجة مباشرة لهجمات مكثفة ضد موظفيها في بيئة تدعم جماعات مسلحة وزعماء مدنيين تتهادن في قتل موظفي الإغاثة وخطفهم، ويشكل هذا الانسحاب ضربة قوية لجهود الحكومة الصومالية التي تسعى لإقناع الصوماليين والمانحين الدوليين في أن الأمن يتحسن، على الرغم من تمرد الجماعات الإسلامية المسلحة، وهذا الإيقاف سيعود بالسلب على مئات الآلاف من الصوماليين.