إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



الفصل الخامس

أولاً: دوافع التوجه المصري نحو التسوية

على الرغم من إخفاق محاولة "أركويت"، في تسوية النزاع بين الجمهوريين والملكيين، فقد استمر ضغط العوامل، التي سبقت الإشارة إليها في الفصل السابق، والتي دفعت القيادة السياسية المصرية نحو التسوية السياسية، خلال النصف الأول من عام 1965. بل إن تلك الفترة، شهدت تصاعداً في تأثير بعض تلك العوامل، مثل تفاقم الخلاف والانقسام بين قيادات الجمهوريين، وتصاعد مقاومة الملكيين.  وعلى ذلك، استمرت رغبة القيادة السياسية المصرية وجهودها، من أجل التسوية السياسية، التي انتهت باتفاقية جدة، في أغسطس 1965.

1.    تفاقم خلاف وانقسام قيادات الجمهوريين

انتهى الخلاف بين النخبة الحاكمة، في النظام الجمهوري، إلى الاستقالة الجماعية، لأحمد نعمان، رئيس مجلس الشورى، والقاضيين، عبدالرحمن الإرياني، ومحمد الزبيري، نائبَي رئيس الوزراء، الذين كانوا يمثلون جناح المعتدلين، وظهور القوة الثالثة، التي كانت تمثّل فريقاً من الجمهوريين، المنشقين على النظام الجمهوري في صنعاء، الذين يعارضون استمرار الحرب.

وفي الثالث من يناير 1965، بعث المستقيلون برسالة إلى الرئيس جمال عبدالناصر، أعربوا فيها عن رغبتهم في إزاحة كل من الرئيس السلال ونائبه حسن العمري. كما أصدر زعماء القوة الثالثة، المنشقون، بياناً، بعد ذلك بيومين، أشاروا فيه إلى قيامهم بإجراء محادثات مع الملك فيصل، أسفرت عن وعْده لهم، أنه سيكون مع إرادة الشعب اليمني، شريطة أن تكون هذه الإرادة حرة.

وعلى الجانب الآخر، قام الرئيس السلال، بعد عودته من القاهرة، في 5 يناير، بقبول استقالة حمود الجائفي، وتشكيل وزارة جديدة، برئاسة نائبه حسن العمري. وبدأ الرئيس اليمني في تشديد قبضته على الحكم، والعمل على إعادة تقوية سلطاته.

ولم تقف تطورات الخلاف، بين فصائل الجمهوريين، عند هذا الحد. ففي أول أبريل 1965، اغتيل القاضي محمد الزبيري، في منطقة برط، في ظروف غامضة. واتّهمت الحكومة اليمنية الملكيين باغتياله. إلا أن المتَّهَمين، ردوا باتّهام مضادّ للجمهوريين، للاتجاهات السياسية المعارضة[1].

ومما لا شك فيه، أن الاتجاه، الذي مثّله كل من النعمان والإرياني والزبيري، كان يحظى بتأييد قطاعات قوية من زعماء القبائل، الجمهوريين، حيث أثار الاغتيال بينهم موجة من السخط والغضب، ضد مجموعة السلال، والقيادة المصرية التي تساندها. وضغطوا من أجل إسناد الوزارة إلى أحمد النعمان، الذي أصبح يمثل سياسة المعتدلين.

وبعد التشاور مع القاهرة، قبل الرئيس السلال استقالة وزارة العمري، في 17 أبريل. وأعلنت إذاعة صنعاء، أن رئيس الجمهورية، بدأ في إجراء مشاورات، للعمل على توسيع قاعدة الحكم.  وفي اليوم التالي، بدأ الحديث عن عقد مؤتمر لمشايخ القبائل اليمنية، وهو ما كان الزبيري، يعمل من أجله، قبل اغتياله. وفي 20 أبريل، أُعلن في صنعاء تشكيل مجلس للرئاسة، يتولى تخطيط سياسة الدولة، والإشراف عليها، وتوجيهها، برئاسة السلال، وعضوية أربعة أعضاء، أحدهم القاضي عبد الرحمن الإرياني. وفي اليوم عينه، كُلِّف أحمد نعمان بتشكيل الوزارة الجديدة، التي قال إنه شكلها، من دون أخذ رأي القاهرة. ولم يدخل فيها أي وزير من العناصر المعروفة بالتبعية لها.  وأذاع نعمان بياناً بسياسة وزارته، وضع فيه إعادة السلام إلى اليمن، على رأس مهامّها الداخلية.

وفي أعقاب ذلك، بدأت إجراءات التحضير للمؤتمر الوطني، الذي عُقد في "خمر"، في المنطقة الوسطى، خلال الفترة من 2 إلى 5 مايو. وقد احتلت قضية السلام مكاناً محورياً في قرارات ذلك المؤتمر. فنصّ أولها على تشكيل هيئة دائمة للسلام الوطني، تتولى الاتصال ببقية القبائل المغرر بها (القبائل التي تساند الملكيين)، للتفاهم معها على إقرار السلام. كما تتولى تقديم الاقتراحات اللازمة إلى الحكومة، للقيام بالإجراءات، التي تساعدها على انجاح مهمتها. وأكد القرار الثالث العمل، بمختلف السبُل والوسائل، لإنهاء حالة الحرب، وإقرار السلام، كأول اهتمام لرئيس الوزراء.  ونصّ القرار الرابع على ضرورة المبادرة إلى إرسال وفود إلى الدول العربية جميعاً، من أجل التعاون على إنهاء حالة الحرب، وإقرار السلام في اليمن. كما كانت قرارات المؤتمر، في المجال الداخلي، انتصاراً كاملاً لمطالب نعمان والإرياني، في خطابي استقالتيهما.

ولئن قدم المؤتمر الشكر، باسم الشعب اليمني، إلى مصر، لما قدمته من عون إلى الثورة والشعب اليمنيين، فإن قراراته، عكست نزعة استقلالية واضحة، إذ نص القرار الثالث على مطالبة رئيس الوزراء، بتنظيم قواعد تحدد العلاقات بمصر، على هدى قرارات المؤتمر وروحه. والسعي إلى إيقاف حالة التوتر في العلاقات بالجيران، في إشارة واضحة إلى المملكة العربية السعودية.

وهكذا كسب الجمهوريون المعتدلون تلك الجولة، في صراعهم الداخلي مع المتشددين. وبدأت قرارات مؤتمر خمر تُوضع موضع التنفيذ. فأصدر الرئيس السلال الدستور المؤقت، الذي قلص سلطات رئيس الدولة. كما بدأت حكومة نعمان، من الفور، تحركها الخارجي، بإرسال برقية إلى الملك فيصل، في 10 مايو، تناشده فيها بذْل جهوده المخلصة، واستخدام مساعيه الحميدة من أجل إحلال السلام. وفي اليوم التالي، ردّ الملك فيصل ببرقية، أكد فيها حرصه على إحلال الأمن والاستقرار في اليمن، على أن يكون ذلك بالاتفاق بين جميع الأطراف المعنية، وفي ظل ظروف، تمكّنهم من إقرار ما يريدونه بحرية تامة، بعيداً عن أي مؤثرات خارجية، في إشارة واضحة إلى الملكيين، وضرورة انسحاب القوات المصرية، كشرط سابق لأي تسوية. وهو ما يشير إلى مدى الخلاف، بين الموقف السعودي والموقف اليمني الجمهوري، حتى في ظل حُكم المعتدلين، الذين يتمسكون بالشكل الجمهوري لنظام الحكم، وعدم انسحاب القوات المصرية، إلا بعد ضمان توقّف التسلل والإمدادات السعودية للملكيين[2].

وسرعان ما نشط الصراع حول السلطة، بين الرئيس السلال، الذي قِبل، مؤقتاً، قرارات مؤتمر خمر، لتدارك تدهور الأوضاع في المعسكر الجمهوري، وبين رئيس وزرائه، الذي تبنّى تلك القرارات. فقد أصدر الرئيس اليمني، في 28 يونيه، قراراً مخالفاً للدستور، يقضي بتشكيل أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة من أربعة من العسكريين، سالباً، بذلك، سلطات مجلسَي الرئاسة والوزراء، حيال تعيين ذلك المجلس[3].

وقد مثّل ذلك القرار ذروة الصراع حول السلطة، بين الجمهوريين، المتشددين والمعتدلين، أدى إلى تقديم أحمد نعمان استقالته إلى لجنة متابعة تنفيذ قرارات مؤتمر خمر، بدلاً من رئيس الجمهورية، كما يقضي الدستور، مما تسبّب بأزمة سياسية حادّة في اليمن، انتهت إلى تكليف حسن العمري بتشكيل وزارته الجديدة، في 14 يوليه. وهو ما عُدَّ نصراً للسلال، في إحدى جولات الصراع حول السلطة.

وعلى عكس وزارة أحمد نعمان السابقة، اتّبعت الوزارة الجديدة نهجاً متشدداً، تمثّل في "الحفاظ على الجمهورية، ورفض أي دور سياسي لأُسْرة حميدالدين، مع التمسك بالسعي إلى السلام، وليس الاستسلام. والعمل من أجل القضاء على التمرد والمتمردين وأعداء الشعب، من الرجعيين".

وانعكست التطورات السابقة على سلوك مَن يمثلون القوة الثالثة، الذين كانوا يهادنون وزارة نعمان، لتعبيرها، جزئياً، عن بعض مطالبهم. فقد أدت تلك التطورات إلى توسيع شقة الخلاف، بين موقفهم وموقف الجمهوريين المتشددين، إلى الحدّ الذي أفقدهم حتى الرابطة الاسمية بالمعسكر الجمهوري.

ففي 21 يوليه عام 1965 زار 37 شيخاً من شيوخ القبائل اليمنية، ومعهم ما يقرب من 200 من أنصارهم، إمارة بيحان. ومنها انقسموا إلى فريقين. اتجه الأول إلى بيروت، حيث عقد مؤتمرا صحفياً، أكد فيه استعداده للقاء الملكيين، إذا كان الهدف هو وقف الصراع، واستفتاء الشعب اليمني كله، وأن اليمنيين "لا يحاربون اليوم من أجل الملكيين أو الجمهوريين، وإنما يحاربون في سبيل تطهير أرض اليمن من الجنود المصريين".

أما الفريق الثاني، فقد اتجه إلى المملكة العربية السعودية، حيث أذاع، في اليوم نفسه، بياناً، دان فيه تصرفات الرئيس السلال، وأعلن تمسّكه بقرارات خمر، وحكومة نعمان كونها الحكومة الشرعية في اليمن. واعترف بما قدّمته مصر، من عون لدعم النظام الجمهوري. وناشد البيان كلاً من الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل، التعاون مع شعب اليمن على إنهاء الحرب، وإحلال السلام، بسحْب الأول لقواته من اليمن، في فترة محدودة، ووقْف الثاني مساعداته لأُسْرة حميدالدين، وتمكين ممثلي الشعب اليمني (أولي الحل والعقد) من الالتقاء، في مؤتمر شعبي شامل، ليختاروا حكومة قومية، تشرف على إحلال السلام في اليمن، وتدير شؤونه لفترة انتقالية، يقرر الشعب، بعدها، مصيره بنفسه، مختاراً نوع الحُكم الذي يريده.

وفي أوائل أغسطس، عُقد مؤتمر في الطائف، تحت رعاية الحكومة السعودية، حضره ممثلو القوة الثالثة و الملكيون. وتوصل هذا المؤتمر إلى ما أصبح يعرف بميثاق الطائف، الذي جسّد القاسم المشترك، من رُؤَى القوة الثالثة والملكيين والمملكة العربية السعودية وأفكارهم.

وقد استقبلت القيادة السياسية المصرية خلافات الجمهوريين، بضيق شديد، لتضمّنه بُعداً، يتعلق بالوجود المصري، من ناحية، ولأنه يزيد من نفقة الالتزام المصري بحماية الجمهورية، من ناحية أخرى. وفي البداية (ديسمبر 1964)، أعربت القيادة المصرية عن عدم قلقها من الخلافات والانقسامات، التي ظهرت في المعسكر الجمهوري. وأمَلت أن يتمكن الجمهوريون أنفسهم من حل هذه المشكلة. إلا أنه مع تفاقم الخلاف والانقسام بين الجمهوريين، في النصف الأول من عام 1965، تغيرت نظرة القيادة المصرية إلى الشقاق في معسكر الجمهوريين، ورأت فيه مشكلة تعترض الثورة اليمنية، لا تقلّ خطراً عن الدعم الخارجي للملكيين. وهو ما يجعل الدعم العسكري المصري للجمهوريين أمراً عقيماً، إذا ما استمرت الخلافات على ذلك النحو الحادّ[4].

2.    تصعيد الملكيين أعمال المقاومة المسلحة

مع بداية عام 1965، نشط الإمام المخلوع لاكتساب مزيد من الأنصار. وفي محاولة لجذب الجمهوريين المنشقين (القوة الثالثة) إلى معسكره، أعلن ميثاقاً وطنياً، وعدهم فيه بالعفو الشامل، وحرية التعبير والنشر، في إطار الشريعة الإسلامية. وفي 14 يناير، أعلن الأمير الحسن بن يحيى، عمّ الإمام المخلوع ورئيس وزرائه، أن الإمام شكل مجلساً تمثيلياً، لمدة محددة، تتفرع منه عدة لجان منفصلة، مسؤولة عن الإدارة والدفاع والشؤون السياسية والقانونية. إلا أن ذلك الإعلان، لم يكُن له أثر ملموس في أرض الواقع. فقد ظل الملكيون عاجزين عن حُكم وإدارة أي منطقة نجحوا في احتلالها،  لعدم جودة الأجهزة القادرة على ذلك، من ناحية، وتمسّك القبائل الزيدية، التي تساندهم، باستقلالها، من ناحية أخرى.

وزاد من تفاقم مشكلة السيطرة الملكية على المناطق، التي كانوا يحتلونها، اضطرار الإمام المخلوع ومعاونيه والقادة العسكريين الميدانيين، إلى الإقامة في كهوف جبلية، هرباً من القصف الجوي المصري. مما أدى إلى بعثرة هذه القيادات داخل الجبال، وهو ما أسفر عن مشاكل كبيرة في الاتصالات. كما لم يسمح بتكوين هيئة قيادة موحدة، قادرة على تخطيط أعمال القتال وإدارتها ومتابعتها بشكل مركزي. وعلى ذلك، استمر اعتماد الإمام المخلوع، في توجيه أعمال المقاومة الملكية، على مبادرات أمراء أُسْرة حميدالدين، ومستشاريهم من المرتزقة الأجانب، الذين كانوا ينتشرون وسط بعض القبائل الزيدية التي تساندهم.

    ‌أ.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر يناير

(1)    أعمال قتال الملكيين

في الوقت الذي نشط فيه الملكيون، لتحسين صورتهم السياسية، لاكتساب أنصار جدد، فإنهم صعَّدوا أعمال المقاومة المسلحة، ضد القوات الجمهورية والمصرية، التي تساندها. وقد ساعدهم على ذلك، إثمار جهودهم السابقة في تشكيل قوات شبه نظامية وتدريبها، مما وفّر لهم القدرة على حشد أعداد كبيرة، من القوات الموالية لهم. ودعَّم تلك الجهود تزايد اعتماد القيادات الملكية على المرتزقة الأجانب، وتقلّب ولاء بعض القبائل الزيدية أمام إغراء الأموال والأسلحة، المتدفقة من السعودية وبيحان. وعلى ذلك، بدأت تتزايد أعمال المقاومة الملكية، ضد القوات الجمهورية والمصرية، المنتشرة في المسرح اليمني[5].

وقد تركزت أعمال المقاومة الملكية، في البداية، في المناطق: المركزية والشرقية والشمالية.  ففي المنطقة الأولى، قطع بعض مقاتلي قبيلتَي أرحب وخولان طريق "العومرة ـ بيت مران"، في قطاع أرحب، خلال الفترة من 1 إلى 12 يناير. بينما اشتبك بعض مقاتلي القبيلة الثانية مع القوات المصرية، في منطقة جيحانة. أما في المنطقة الشمالية، فقد عادت القوات الملكية إلى الضغط على وحدات الجيش الجمهوري، في قلعتَي رازح وحُرم، على أثر انسحاب مقاتلي القبائل الجمهورية من المنطقة، بعد فك الحصار عن القلعتَين. إلا أن قوات الجيش الجمهوري، لم تستطع الصمود طويلاً، هذه المرة. واضطرت إلى الانسحاب من مَواقعها، أواخر الأسبوع الأول من ديسمبر، تحت ضغط القوات الملكية، التي كثّفت هجماتها على القلعتَين، بعد وصول الإمدادات إليها، في أوائل شهر يناير[6].

(2)    أعمال قتال الجمهوريين

رداً على أعمال القتال السابقة للملكيين، في المنطقة المركزية، دفعت قيادة القوات العربية في المسرح، بمجموعة قتال من الاحتياطي العام للقوات المصرية في اليمن، وبعض قوات القبائل الجمهورية إلى فتْح الطريق المقطوع بين مَواقع قواتها في "العومرة" و"بيت مران"، والقيام بعملية تأديبية، ضد قبيلة أرحب، التي حدث القطع في منطقتها، بعد أن مهدت لتلك العملية بالقصف الجوي، عدة أيام. أما في المنطقتَين، الشرقية والشمالية، فقد اكتفت القيادة العربية بالقصف الجوي، رداً على أعمال قتال الملكيين[7].

وقد أعطت قيادة القوات العربية في المسرح عملية أرحب اهتماماً كبيراً، نظراً إلى قرب المنطقة من العاصمة اليمنية، من ناحية[8]، وتكرر عمليات قطْع الطرق في ذلك الوقت من السنة (مثلما حدث خلال العامين السابقين)، من ناحية أخرى. وفي ظل انشقاق الجمهوريين، وظهور القوة الثالثة، التي سبقت الإشارة إليها، فقد أرادت قيادة القوات العربية في المسرح، أن تجعل من قبيلة أرحب عِبرة لردْع القبائل المناوئة، وحتى لا تتكرر عمليات قطْع الطرق، التي حدثت في السنتين السابقتين[9].

وإزاء استمرار نشاط المقاومة المسلحة للملكيين، واستمرار تدفق الإمدادات إليهم، على الرغم من كافة الجهود، التي بُذلت للحد من ذلك النشاط، أعدت هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية، في أواخر يناير، خطة جديدة لعمل القوات المصرية في اليمن، ترتكز على الأسُس التاليـة[10]:

(‌أ)  تأمين المناطق الحيوية في المسرح اليمني، المتمثلة في منطقة صنعاء والمنطقة الساحلية، وطريقَي صنعاء ـ الحديدة، وصنعاء ـ تعز، إضافة إلى طريق صنعاء ـ صعدة.

(‌ب) احتلال نطاق دفاعي رئيسي حول صنعاء، يمرّ حدّه الأمامي بمناطق رأس العرقوب ـ نهم ـ أرحب ـ ذيبين ـ السودة.

(‌ج) تُعَدّ مناطق مأرب ـ الجوف ـ الحرف ـ شعار، نطاقَ أمْن خارجي، أمام النطاق الدفاعي الرئيسي.

(‌د)  الاحتفاظ باحتياطيات محلية، واحتياطي عام قوي، خفيف الحركة.

(هـ) الاحتفاظ بقوة جوية ملائمة، قادرة على ردْع أعمال قتال الملكيين، والقبائل التي تساندهم، والقيام بمهام المعاونة والإمداد الجويين للقوات المصرية والجمهورية في المسرح.

وطبقاً للخطة السابقة، كان على قيادة القوات العربية في اليمن، اتخاذ عدة إجراءات رئيسية، تتلخص فيما يلي[11]:

(‌أ)  القيام بعمليات تعرضية، لإخضاع قبائل نهم وأرحب وخولان، التي استمرت على عدائها للنظام الجمهوري، استكمالاً للنطاق الدفاعي الرئيسي، حول صنعاء.

(‌ب) تخفيف القوات المصرية في منطقة صعدة.

(‌ج) إخلاء مأرب والجوف وشعار من القوات المصرية الرئيسية، التي كانت تمثل جزءاً من النطاق الدفاعي الخارجي.

    ‌ب.   تطور عمليات الجانبين، خلال شهر فبراير

(1)    أعمال قتال الملكيين[12]

لم تَحُل العملية التأديبية القاسية، التي تعرضت لها قبيلة أرحب، خلال شهر يناير، دون استمرار أعمال قتال المقاومة الملكية، في أغلب المناطق، إلا أن أشدها خطراً، كان في منطقتَي الحميدات ومأرب. ففي المنطقة الأولى، نجح الملكيون في قطْع طريق الإمداد، بين مَوقعَي القوات المصرية في منطقة العقدة. أما في منطقة مأرب، فقد تمكّنوا من احتلال مضيق الحجلة. وفي المناطق الأخرى، استمرت أعمال الإزعاج والتراشق بالنيران، ضد المَواقع المصرية والجمهورية، في براش، في المنطقة الشمالية، وسوق الأحد وذيبين والسودة، في المنطقة الوسطى، والجبل الأسود وجيحانة، في المنطقة الشرقية، إضافة إلى شرزة وريجام، في المنطقة المركزية، والمستطيلة، في الراقب، في منطقة الجوف.

وعلى التوازي مع أعمال القتال السابقة، استمر تدفّق الإمدادات العسكرية إلى الملكيين، من المملكة العربية السعودية وبيحان. ولم يقتصر تدفّق تلك الإمدادات على أعمال التسلل عبْر الدروب والوديان، التي سبقت الإشارة إليها، بل نشطت، كذلك، أعمال الإمداد الجوي الليلي للملكيين، باستخدام الإسقاط الجوي من طائرات النقل، التي يقودها المرتزقة الأجانب[13].

(2)    أعمال قتال الجمهوريين[14]

في الوقت الذي اتجه فيه الملكيون إلى تصعيد أعمال المقاومة، ضد القوات المصرية، صدّق المشير عبدالحكيم عامر على خطة هيئة العمليات، التي سبقت الإشارة، إليها، وأصدار توجيهاته، في 6 فبراير، إلى قائد القوات العربية في اليمن، في شأن التخطيط لحسم العمليات، مع إعطاء الأسبقية لاستكمال جميع العمليات الأساسية، في النطاق الدفاعي الرئيسي، حول صنعاء، عمليات إخضاع قبائل أرحب وخولان ونهم، قبل أول يونيه 1965، مع الاستعداد لتخفيف القوات المصرية من المسرح اليمني، بعد الانتهاء من تلك العمليات، وإحلال القوات الجمهورية، تدريجاً، محل القوات المصرية، في الجوف أو صعدة.

إلا أنه كان على القوات المصرية والجمهورية، قبل الاضطلاع بالعمليات السابقة ضد القبائل المشار إليها، أن تعمل على تطهير سلسلة جبال الملح والجميمة، في وادي رجام، في قطاع السر، شمال شرق العاصمة اليمنية، من قوات الملكيين، خلال الفترة من 24 إلى26 فبراير. أما في المناطق الأخرى، فإنه باستثناء العملية الهجومية المحدودة، التي شنتها قوات منطقة الحرف، لفتْح الطريق المقطوع في منطقة العقدة، فقد اكتفت القوات المصرية والجمهورية بالرد على أعمال قتال المقاومة الملكية، بالقصف، الجوي والمدفعي.

    ‌ج.   تطور عمليات الجانبين، خلال شهر مارس

(1)    أعمال قتال الملكيين

استمرت أعمال المقاومة الملكية الناشطة، خلال شهر مارس. ففضلاً عن أعمال التراشق بالنيران، والتوسع في بث الألغام على طرق تحرك القوات المصرية والجمهورية، في المناطق المختلفة، بادرت قيادات الملكيين، في المنطقتين، الشمالية والشرقية، إلى حشْد قواتهم ومقاتلي القبائل التي تساندهم، في المناطق الشمالية والشرقية والوسطى، خلال النصف الأول من الشهر، تمهيداً للهجوم على المَواقع المصرية والجمهورية، في قطاعات "براش" و"نشور" و"مجز" في المنطقة الشمالية، و"العقدة"، في منطقة الجوف و"السودة"، في المنطقة الوسطى، إضافة إلى "حريب"، في المنطقة الشرقية. إلا أنه باستثناء نجاحهم في احتلال حُريب، خلال يومَي 9 و10 مارس، ودفْع حاميتها الجمهورية الصغيرة إلى "الجوبة"، بمعاونة قوات بيحان وبعض قبائل المنطقة، التي انقلبت على النظام الجمهوري، فقد باءت بالفشل كافة العمليات الأخرى، نتيجة صلابة الدفاعات المصرية، من ناحية، والقصف الجوي المصري الكثيف، الذي شتت معظم تجمعاتهم، من ناحية أخرى[15].

(2)    أعمال قتال الجمهوريين

اتّسمت أعمال قتال القوات المصرية والجمهورية، خلال شهر مارس، بطابع ردود الفعل الدفاعية، في المناطق المختلفة، التي تعرضت لهجمات الملكيين، والاعتماد، كلية، على القصف، الجوي والمدفعي، من دون المبادرة إلى أي عمليات هجومية مضادّة. مما دفع المشير عبدالحكيم عامر إلى إصدار توجيهاته في 24 مارس، إلى قيادة القوات العربية في اليمن، حول ضرورة العمل على استعادة المبادأة في مسرح العمليات[16].

    ‌د.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر أبريل[17]

(1)    أعمال قتال الملكيين

في الوقت الذي كانت فيه قيادة القوات العربية في اليمن تدرس الموقف والخطط الملائمة لاستعادة المبادأة، كثّف أمراء أُسْرة حميدالدين جهودهم، لاستغلال الخلافات بين فصائل الجمهوريين، التي بدأت تشتعل، بعد مقتل القاضي محمد الزبيري في أول أبريل، واستقطاب القبائل الجمهورية الزيدية، الحانقة على مجموعة السلال، والقيادة المصرية التي تساندها.

وعلى التوازي مع جهودهم السياسية السابقة، عمد الملكيون، خلال شهر أبريل، إلى سلسلة من أعمال القتال الهجومية، والإغارات المنسقة، لعزْل منطقة الجوف، وقطع طريق صنعاء ـ صعدة، لإحراز نصر عسكري كبير، قبْل انعقاد مؤتمر "خمر"، الذي كانت تجري الدعوة إليه. وتنفيذاً لذلك المخطط، هاجمت قوات الملكيين، والقبائل التي تساندها، المَواقع المصرية والجمهورية، في كل من منطقة مأرب، وقطاع نشور، في منطقة صعدة، والعقدتين، جنوب شرق الحميدات. وتمهيداً للهجوم الأخير، بادرت قوات الملكيين إلى احتلال تلال النعمان والجبل الأحمر وجبل أسحر، على جانبَي طريق الحميدات ـ المطمة، وقطعت ذلك الطريق بين مَوقعَي القوات المصرية في العقدتين. إلا أنه باستثناء نجاحهم في قطْع ذلك الطريق، فقد باءت بالفشل كل هجماتهم الأخرى، بل إن مضيق الحجلة، في منطقة مأرب، الذي نجحوا في احتلاله، خلال الفترة من 11 إلى 16 أبريل، أجبرتهم القوات المصرية والجمهورية، في 17 أبريل، على الانسحاب منه.

(2)    أعمال قتال الجمهوريين

استمر الطابع الدفاعي لأعمال قتال القوات المصرية والجمهورية، خلال شهر أبريل. وباستثناء الهجوم المضادّ، الذي شنه لاسترداد مضيق الحجلة من أيدي الملكيين، وإجبارهم على الانسحاب من المنطقة، فقد خلا ذلك الشهر من أي أعمال قتالية تعرضية، من جانب الجمهوريين والمصريين، الذين اعتمدوا، كلية، على القصف الجوي، في دعم أعمالهم الدفاعية الناجحة.

ولمواجَهة أعمال حشد قوات الملكيين، التي كانت تتم في المنطقتين، الشمالية والوسطى، تحت إشراف الأمير الحسن بن يحيى، عمّ الإمام المخلوع، قررت قيادة القوات العربية في المسرح، دعم القوات المصرية في المنطقتين، كل بكتيبة صاعقة. تحركت أولاهما، الكتيبة 503، من الحرف إلى الحميدات، ومنها إلى الفجرة، في نهاية شهر أبريل. أما الكتيبة الثانية، الكتيبة 23 الصاعقة، فقد نُقلت، جواً، إلى صعدة، مع بداية الأسبوع الثاني من مايو.

ولفتْح طريق الحميدات ـ المطمة، المقطوع، جُهزت الكتيبة 77 المظلات، لإسقاطها في منطقة المطمة، في نهاية أبريل، حتى يتسنى لها سرعة التدخل ضد قوات الملكيين، قاطعة الطريق. إلا أن سوء الأحوال الجوية، حال دون إتمام الإسقاط. ومن ثَم، نُقلت الكتيبة، جواً، إلى مطار الحزم، تمهيداً، للتقدم، براً، لفتْح الطريق، خلال شهر مايو.

أما القوات المصرية في منطقة العقدتين، فقد ظلت متمسكة بمَواقعها. وتمكنت من صدّ هجمات الملكيين عليها، طول الأسبوع الأخير من أبريل.

   هـ. تطور عمليات الجانبين، خلال شهر مايو[18]

(1)    أعمال قتال الملكيين

استمرت أعمال حشد قوات الملكيين، في المنطقة الشمالية. وتكررت محاولاتهم الاستيلاء على بعض مَواقع القوات المصرية، في المنطقتين، الشمالية والوسطى. ففي المنطقة الأولى، حاولوا في هجوم فاشل، الاستيلاء على أحد المَواقع المصرية، في نشور. وفي المنطقة الثانية، حاولوا، كذلك، الاستيلاء على أحد المَواقع المصرية، شرق الحميدات، إلا أن محاولتهم الثانية، لم تكن أوفر حظاً من سابقتها. وفي المنطقة الشرقية، حاول الملكيون قطْع طريق جيحانة ـ رأس العرقوب، في منطقة البياض، غير أن محاولتهم، انتهت، هي الأخرى، بالفشل.

وعلى التوازي مع أعمال القتال السابقة للملكيين، استمر نشاطهم في بث الألغام على طرق تحرك القوات المصرية والجمهورية، والتراشق بالنيران، بغرض إزعاج تلك القوات في مَواقعها.

(2)    أعمال قتال الجمهوريين

إزاء تزايد أعمال المقاومة الملكية، قررت قيادة القوات العربية في المسرح، زيادة أعمال التأمين، من خلال تكثيف الدوريات والإغارات والكمائن، مع احتلال الهيئات، التي يستخدمها الملكيون قواعد لشن هجماتهم، ضد مَواقع القوات المصرية والجمهورية. وعلى ذلك، تميزت أعمال قتال الجمهوريين، خلال شهر مايو، بتزايد أعمال القتال الهجومية، بيد أنها كانت، في جملتها، ردود أفعال لأعمال المقاومة الملكية.

ففي المنطقة الشمالية، ردت القوات المصرية على أعمال قتال  الملكيين، بالإغارة على قُرى القبائل، التي اتُّخذت قواعد لشن الهجمات على المواقع المصرية، في قطاع نشور، كما كُثفت الدوريات والكمائن في طرق الاقتراب، التي يستخدمها الملكيون.

أما الطريق المقطوع بين المطمة والحميدات، الذي يربط بين منطقة الجوف بالمنطقة الوسطى، فقد أعادت القوات المصرية فتْحه، في عملية هجومية، شاركت فيها الكتيبة 77 المظلات، وعناصر دعْمها، والكتيبتان 503 و23 الصاعقة (انظر شكل عملية فتح طريق المطمة ـ الحميدات (16 ـ 18 مايو 1965)).

وتحضيراً لتلك العملية، حُركت الكتيبة 77 المظلات، وعناصر دعْمها، من الحزم إلى المطمة، والكتيبة 23 الصاعقة من صعدة إلى الحرف، خلال الأسبوع الأول من مايو. مع التحضير لدفْع الأخيرة إلى الحميدات، في 13 مايو. وما أن استقرت القوات المصرية في مناطقها الجديدة، حتى دفعت دوريات الاستطلاع، من الكتيبة 77 المظلات، في اتجاه منطقة العقدة، ومن الكتيبة 503 الصاعقة إلى خور النعمان.

وبعد تمهيد جوي مكثّف، على مَواقع الملكيين في منطقة النعمان وجبل العقبة، شرق الحميدات، والجبل الأحمر، شرق الفاجرة، وجبل أسحر، جنوب الفاجرة، بدأت القوات المصرية، المخصصة للهجوم، تحرُّكها في اتجاهين، كما يلي:

(أ)  الاتجاه الأول

مع أول ضوء من يوم 16 مايو، تقدمت مجموعة الكتيبة 77 المظلات، من المطمة في اتجاه جبل أسحر، حيث هاجمت مَواقع الملكيين، تحت ستر نيران المدفعية والطيران. وفي نهاية اليوم، نجحت القوات المهاجمة في الاستيلاء على الجبل، وتطهيره من القوات الملكية.

ومع صباح 17 مايو، بدأت قوات الكتيبة 77 المظلات هجومها، لتطهير منطقة العقدتين (العقدة الخلفية ثم العقدة الأمامية ). وفي نهاية اليوم، كان قد قُضي على جيوب المقاومة الملكية، في تلك المنطقة، وفتح الطريق المقطوع، من ناحية الجنوب.

(ب) الاتجاه الثاني:

على عكس هجوم  مجموعة الكتيبة 77 المظلات، الذي شُنّ نهاراً، بدأت قوات الكتيبتين 503 و 23 الصاعقة هجومها ليلة 16/17 مايو. الأولى على مَواقع الملكيين في التبة الصفراء والجبل الأحمر، والثانية على مَواقعهم في النعمان وخورها. وفي نهاية ليلة 17/18 مايو، كانت قوات الكتيبتين، قد تمكنت من تطهير المنطقة، والقضاء على المقاومة الملكية فيها، والاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

(3)    إستراتيجية النفَس الطويل

مع تزايد الاستنزاف المصري في اليمن، واستمرار أعمال المقاومة من جانب الملكيين، والقبائل التي تساندهم، على الرغم من كل الضربات التي وُجهت إليهم، بدأت قيادة القوات العربية، في المسرح، في التخطيط لتعديل أوضاع القوات المصرية، طبقاً للأسُس التالية:

(‌أ)  إخلاء المواقع التي يمكِن عزلها، والتي لا يمكِن نجدتها.

(‌ب) إعادة تنظيم القوات، في المناطق المختلفة، بما يتلاءم مع حجم القوة والمهام المكلفة بها، في كل منطقة.

(‌ج) توفير احتياطي ملائم على جميع المستويات، إضافة إلى احتياطي عام للمسرح اليمني، مع تمركز هذه الاحتياطيات في الأماكن الملائمة، التي تسمح لها بسرعة التدخل، والعمل لمواجَهة أي تهديد.

ومع نهاية شهر مايو، كان قد تم الانتهاء من التخطيط الجديد، الذي استهدف التأمين الكامل للقوات المصرية والجمهورية، وطرق إمدادها في المسرح،  وتوفير القوات اللازمة للقيام بالعمليات التعرضية.

وقد استهدفت المرحلة الأولى، من خطة تعديل أوضاع القوات المصرية في المسرح اليمني، الوصول في نهاية شهر يونيه، إلى الوضع العام التالي:

(أ‌)  قيادة الفرقة السادسة المشاة: وتحت قيادتها القوات التالية:

·    منطقة صنعاء: مجموعة لواء مشاة (عدا كتيبة)، وعناصر دعْمها.

·    منطقة طريق الحديدة: لواء مشاة، لواء مدرع، لواء مدفعية، لواء إمداد، وكتيبة مشاة يمنية.

·    منطقة جيحانة: مجموعة لواء مشاة، وعناصر الدعم المختلفة.

·    منطقتا أرحب والسر: مجموعة لواء مشاة، وعناصر الدعم المختلفة.

·    احتياطي الفرقة : كتيبة مشاة، كتيبة مظلات، وكتيبة دبابات يمنية.

(ب) منطقة الحديدة

·    قيادة لواء مشاة (تحت قيادتها سرية صاعقة بحرية، سرية هجانة، سرية مشاة آلية، الوحدات الإدارية في المنطقة).

(ج) المنطقة الساحلية (الغربية)

·    مجموعة لواء مشاة، وعناصر الدعم المختلفة.

(د) منطقة الحرف

·    مجموعة لواء مشاة، وعناصر الدعم المختلفة.

·    احتياطي المنطقة (مشكل من مجموعة كتيبة مشاة، كتيبة صاعقة  ووحدات الدعم المختلفة).

(هـ) منطقة رايدة

·    مجموعة لواء مشاة، وعناصر الدعم المختلفة.

·    لواء الثورة اليمني (عدا كتيبتين).

·    كتيبة صاعقة.

(و) منطقة الحزم

·    مجموعة لواء مشاة (عدا كتيبة)، وعناصر الدعم المختلفة.

·    كتيبتا صاعقة.

(ز) منطقة مأرب

·    مجموعة كتيبة مشاة.

(ح) منطقة صعدة

·    مجموعة لواء مشاة، وعناصر الدعم المختلفة.

·    مجموعة كتيبة مشاة.

·    كتيبة صاعقة.

(ط) احتياطي عام المسرح

·    مجموعة لواء (عدا كتيبة)، وعناصر الدعم المختلفة.

·    لواء مظلات (عدا كتيبة).

·    لواء مدرع.

·    كتيبتا صاعقة.

(ى) الوحدات اليمنية

·    ست كتائب مشاة (كان يجرى إعادة تنظيمها وتدريبها، لتحل محل بعض الوحدات المصرية).

    ‌و.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر يونيه[19]

(1)    أعمال قتال الملكيين

مع بداية شهر يونيه، بدأت قيادة القوات العربية تنفيذ خطتها الجديدة، لتعديل أوضاع القوات المصرية والجمهورية في المسرح اليمني، فأُخلي كل من قطاع مجز، في المنطقة الشمالية، وجبل لوز، في منطقة الجوف، والقافلة وبرط، في المنطقة الوسطى. ويبدو أن أمراء أُسْرة حميدالدين أساءوا تفسير عمليات الإخلاء، فكثفوا أعمال قتالهم التعرضية، لتعويض فشلهم، خلال شهرَي أبريل ومايو. فهاجمت قوات الملكيين مَواقع القوات المصرية، في المنطقة الشمالية، حيث هوجِم قطاع نشور، يومَي 11و25، يونيه، وبراش ورأس دماج، في 17و18 و19 يونيه، غير أن جميع تلك الهجمات باءت بالفشل. وردت القوات المصرية، في تلك القطاعات، بهجمات مضادّة ناجحة، أوقعت بالملكيين خسائر جسيمة.

ولم يكن حظ الملكيين في المنطقة الغربية بأفضل منه في المنطقة الشمالية، فعلى الرغم من نجاحهم المؤقت في قطع طريق "الطور ـ حجة"، بعد احتلالهم بعض المَواقع الجبلية، المسيطرة على الطريق، في 21 يونيه، إلا أنهم اضطروا إلى الانسحاب، وفتح الطريق، بعد يومين، على أثر الهجوم المصري المضادّ، الناجح، الذي شاركت فيها القوة الجوية في المسرح.

وفي المناطق الأخرى، اقتصرت أعمال قتال الملكيين على التراشق بالنيران، وبث الألغام على طرق تحرُّك الأرتال الإدارية المصرية.

(2)    أعمال قتال الجمهوريين

إزاء تصاعد أعمال قتال الملكيين، خلال شهر يونيه، كثفت القوات المصرية أعمال الدوريات والكمائن والإغارات، البرية والجوية، التأديبية، على مَواقع الملكيين وقُرى القبائل التي تساندهم، مع احتلال الهيئات، التي تهدد مَواقع القوات المصرية والجمهورية، في مناطق تلك القبائل.

وفي الفترة من 21 إلى 23 يونيه، هاجمت القوات المصرية بعدة هجمات ناجحة تكديسات الملكيين ودمرتها، في مناطق الجميمة والمطمة وقريع العربي، وطهرت تلك المناطق من قوات الملكيين.

    ‌ز.    تطور عمليات الجانبين خلال شهر يوليه[20]

(1)    أعمال قتال الملكيين

بدأت القوات المصرية والجمهورية في تنفيذ المرحلة الثانية، من خطة تعديل الأوضاع، خلال شهر يوليه. فأخليت مأرب، في 11 يوليه، والراقب بعد ثلاثة أيام. وكما في عمليات الإخلاء السابقة، شجع الإخلاء الجديد الملكيين على تكثيف أعمالهم القتالية، ضد بعض المَواقع المصرية والجمهورية، في منطقتَي الحميدات وصعدة، والمنطقة الغربية.

ففي منطقة الحميدات هاجم الملكيون المَواقع المصرية في الجبل الأحمر، بيد أن جميع هجماتهم باءت بالفشل، وتكبدوا خسائر كبيرة، بلغت 50 قتيلاً. ولم يكن حظ الملكيين في منطقة صعدة والمنطقة الغربية بأفضل حالاً، فقد باءت بالفشل، كذلك، هجماتهم على بعض المَواقع المصرية في قطاع نشور، في المنطقة الأولى، وجبل شعار والمفتاح، في المنطقة الثانية.

ولم يقتصر نشاط الملكيين، خلال شهر يوليه، على الهجمات الفاشلة السابقة، إذ استمرت أعمال التسلل والكمائن والتراشق بالنيران، فضلاً عن بث الألغام على طرق تحرُّك القوات المصرية في المناطق المختلفة.

(2)    أعمال قتال الجمهوريين

استمرت القوات المصرية في تنفيذ المرحلة الثانية، من خطة تعديل الأوضاع، بغرض تقصير خطوط المواصلات، وتماسك المَواقع الدفاعية، فعدّلت أوضاعها في مناطق جيحانة وقفل وحرض وعبس، كما أَخْلَت مأرب، وضمت قواتها إلى قوات منطقة الحزم.

وباستثناء دفْع بعض الدوريات والكمائن إلى طرق تسلل الملكيين، في المناطق المختلفة، فقد اتّسمت أعمال قتال القوات المصرية والجمهورية، بالطابع الدفاعي. ونجحت في صدّ هجمات الملكيين، في منطقتَي الحميدات وصعدة، والمنطقة الغربية، بالتعاون مع القوة الجوية المصرية.

 



[1]   المصادر المصرية الرسمية.

[2]   تولى الأمير فيصل السلطة بصفته ملكاً على المملكة العربية السعودية في 2 نوفمبر1964.

[3]   المصادر المصرية الرسمية.

[4]   المصادر المصرية الرسمية.

[5]   المصادر المصرية الرسمية.

[6]   المصادر المصرية الرسمية.

[7]   المصادر المصرية الرسمية.

[8]   تعيش قبيلة أرحب في منطقة تقع على مسافة 30 كم شمال العاصمة اليمنية.

[9]   المصادر المصرية الرسمية.

[10]   المصادر المصرية الرسمية.

[11]   المصادر المصرية الرسمية.

[12]   المصادر المصرية الرسمية.

[13]   لجأ البريطانيون إلى ذلك الأسلوب بعد التأكد من عدم وجود مقاتلات ليلية ضمن القوة الجوية المصرية بالمسرح اليمني.

[14]   المصادر المصرية الرسمية.

[15]   المصادر المصرية الرسمية.

[16]   المصادر المصرية الرسمية.

[17]   المصادر المصرية الرسمية.

[18]   المصادر المصرية الرسمية.

[19]   المصادر المصرية الرسمية.

[20]   المصادر المصرية الرسمية.