سادساً: تطورات الموقف العسكري، بعد توقيع اتفاقية جدة[1]

على أثر توقيع اتفاقية جدة، أصدر المشير عبدالحكيم عامر توجيهاته، بإيقاف التحضيرات المصرية للعمليات التعرضية، داخل الأراضي السعودية. والتزم الجانبان المتحاربان بوقف إطلاق النار، بوجْه عام، باستثناء بعض الحوادث الفردية، من جانب الملكيين، أخذت شكل التراشق بالنيران والكمائن وبث الألغام، في مناطق محدودة من المسرح كانت تُبلغ إلى لجنة السلام.

وتنفيذاً لِما جاء في اتفاقية جدة، أصدر المشير عبدالحكيم عامر توجيهاته إلى قائد القوات العربية في اليمن، في 23 سبتمبر، بإخلاء المسرح اليمني من القوات المصرية، خلال عشرة أشهر، كحد أقصى، بدءاً من 23 نوفمبر 1965.  وقد نصّت هذه التوجيهات على ما يلي:

1.    تنفيذ خطة الإخلاء بشكل تدريجي، وعلى مراحل، بما يحقق تماسك الموقف العسكري للقوات، وضمان أمْنها وسلامتها، مع الاستعداد للرد، بقوة، على أي محاولة للتدخل ضدها، من جانب الملكيين، والقبائل التي تساندهم.

2.    تأمين المناطق العسكرية المختلفة في المسرح اليمني، بتسليمها إلى القيادات والوحدات الجمهورية، حسب أهميتها.

3.    إعطاء الدفاع عن ميناء الحديدة أهمية خاصة، بما يكفل تأمين ترحيل القوات.

4.    تدعيم الدفاع عن القواعد الجوية، في كل من صنعاء والحديدة.

5.    إخلاء المناطق العسكرية، بالتعاون مع القوات الجوية، طبقاً للأسبقيات التالية: قفل حرض ـ الحزم ـ صعدة ـ الحميدات والمطمة ـ الحرف ـ رايدة وحجة ـ تعز ـ صنعاء ـ طريق الحديدة ـ عبس ـ الحديدة.

6.    ترحيل القوات بمعدل لواء، شهرياً، من ديسمبر 1965حتى يوليه 1966. ثم بمعدل لواءَين، خلال شهر أغسطس، ومجموعتَي لواءَين، مشاة ومدرع، خلال شهر سبتمبر من العام نفسه.

وطبقاً لتوجيهات الإخلاء السابقة، كان على قيادة القوات العربية في المسرح، زيادة معدلات تدريب الأطقم اليمنية على الأسلحة، التي كانت تعمل عليها أطقم مصرية، ورفع كفاءة القيادات والوحدات الجمهورية في السيطرة على المناطق العسكرية في المسرح، مع وضع خطة لتشكيل وحدات جمهورية جديدة، بالتنسيق مع الحكومة اليمنية، لتغطية احتياجات المسرح، بعد إخلاء القوات المصرية.

خطة إخلاء اليمن من القوات المصرية، طبقاً لاتفاقية جدة[2]

في الأسبوع الأول من نوفمبر، كان قد تم إعداد ومناقشة خطة إخلاء اليمن من القوات المصرية. وكان أبرز ملامح تلك الخطة ما يلي:

1.    حجم القوات المطلوب إخلاؤها: 50 ألف فرد، 5072 مركبة، 181 دبابة، 50 ألف طن احتياجات.

2.    مراحل الإخلاء، ومدتها: 6 مراحل، مدتها 240 يوماً (8 أشهر)، موزعة كما يلي:

    ‌أ.    المرحلة التحضيرية: (مدتها 21 يوماً)

تعدل فيها أوضاع القوات، وتأمين الطرق، تمهيداً لعمليات الإخلاء.

    ‌ب.   المرحلة الأولى (مدتها 22 ـ 32 يوماً)

يُخلى فيها النطاق الدفاعي الخارجي من القوات.

    ‌ج.   المرحلة الثانية ( مدتها 28 يوماً)

يخلى فيها النطاق الدفاعي الثاني (الداخلي).

    ‌د.    المرحلة الثالثة (مدتها 40 ـ 59 يوماً)

تخلى فيها منطقة صنعاء من التكديسات ثم القوات.

  هـ. المرحلة الرابعة ( مدتها 28 يوماً)

يخلى فيها طريق الحديدة من القوات.

    ‌و.    المرحلة الخامسة (مدتها 51 ـ 61 يوماً)

تخلى فيها منطقة الحديدة من التكديسات ثم القوات.

وفي ضوء هذه الخطة، بدأت عمليات الإخلاء في موعدها المحدد، إلا أن تطورات الموقف، السياسي والعسكري، عام 1966 أوقفت عمليات الإخلاء. وتصاعد الموقف العسكري، مرة أخرى، في المسرح اليمني.