إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



الفصل السابع

ثانياً: تطورات الموقف العسكري، خلال مرحلة إنهاء التدخل[1] (1يونيه ـ 10 ديسمبر 1967)

شجع تصاعد الموقف العسكري على خطوط المواجهة العربية ـ الإسرائيلية، خلال شهر يونيه، والهزيمة التي لحقت بالقوات المصرية، في ذلك الشهر، قيادات الملكيين على حشد قواتهم، وتصعيد أعمالهم القتالية إلى مستوى العمليات التعرضية، بدءاً من شهر يونيه، محاولين استغلال سحب بعض القوات المصرية من المسرح اليمني، لتحسين موقفهم السياسي، وأوضاعهم العسكرية.

وقد استهدف مخطط الملكيين، في هذه المرحلة، السيطرة على المنطقتين، الشمالية والشرقية، والضغط منهما، للوصول إلى صنعاء، على محورين:

1.    الاستيلاء على صعدة، والتقدم منها، جنوباً، في اتجاه الحرف، ومنها إلى صنعاء. في الوقت الذي تستولى فيه القبائل، التي تساندهم في المنطقة الوسطى، على "حجة"، والتقدم منها، جنوباً، لقطع طريق صنعاء ـ الحديدة.

2.    الاستيلاء على مأرب، والتقدم، شرقاً، للاتصال مع قبائل خولان، المعادية للنظام الجمهوري والوجود المصري، في منطقة جيحانة ورأس العرقوب والضغط، شرقاً، في اتجاه العاصمة، لاستكمال حصارها، والاستيلاء عليها.

وعلى ذلك، اتجهت قيادة الملكيين إلى زيادة دعمها للقبائل، التي تساندها، ومحاولة إغراء القبائل الأخرى، لمعاونتها على تنفيذ مخططها. وقد أثمرت جهود الملكيين بعض النجاح في المنطقتين، الشمالية والغربية، خلال شهر يوليه، ودرجة أقلّ من النجاح في المنطقة الشرقية، مما دفع قيادة القوات العربية في المسرح إلى مواجهة ذلك الموقف بحزم، من طريق استئناف القصف الجوي المكثف، والهجمات المضادّة، خلال شهر يوليه، وهو ما سمح باسترداد المناطق كافة، التي نجح الملكيون في الاستيلاء عليها، خلال شهر يونيه.

وفي ضوء اتفاقية الخرطوم، التي توصل إليها الملك فيصل والرئيس جمال عبدالناصر، في 29 أغسطس، بدأت القوات المصرية المتبقية في اليمن تعود، تدريجاً، إلى مصر، خلال الأشهر الثلاثة التالية، بعد تسليم مَواقعها ومنشآتها للجيش الجمهوري، والقبائل التي تسانده.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي، الذي ساد المسرح اليمني، بعد اتفاقية الخرطوم، وحتى انسحاب آخر القوات المصرية من اليمن، في 10 ديسمبر، فقد شهد شهرا أغسطس وسبتمبر بعض الأعمال القتالية من جانب الملكيين، لتحسين أوضاعهم، والتحرش بالقوات المصرية، أثناء إخلائها لمواقعها. وقد ردت قيادة القوات العربية في المسرح، على أعمال قتال الملكيين، في هذين الشهرين، بأعمال الإغارات البرية، والقصف الجوي المكثف، على نحو ما حدث خلال شهر يوليه، مما أدى إلى تأمين إخلاء القوات المصرية لمواقعها، ورحيلها قبْل الوقت المحدد في الخطة، وهو ما سمح بدعم مسرح العمليات الرئيسي في مصر، بنحو فرقتَين من المشاة ووحدات دعمهما، من القوات البرية والجوية والبحرية.

1.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر يونيه[2] (انظر شكل أعمال قتال الجانبين (خلال شهر يونيه 1967))

    ‌أ.    أعمال قتال الجانبين

حاول الملكيون تحسين أوضاعهم، السياسية والعسكرية، في المسرح اليمني، باستغلال انشغال القيادة المصرية بالحرب مع إسرائيل، واضطرارها إلى سحب مزيد من قواتها من المسرح اليمني، لتنفيذ مخططهم. وعلى ذلك، شهد شهر يونيه تصاعداً في أعمال قتال الملكيين، في معظم مناطق النصف الشمالي من اليمن.

ففي المنطقة الشرقية، نجح الملكيون في دخول الجوبة، وبعد إعادة تجميع قواتهم فيها، شنوا هجوماً على مأرب. إلا أن مقاتلي قبيلة عبيدة، الذين يدافعون عن المنطقة، نجحوا في صدهم، وتكبيدهم خسائر كبيرة، بالتعاون مع القوة الجوية المصرية في المسرح.

وفي المنطقة الشمالية، جمع الملكيون قواتهم في كتاف، شرق صعدة، والبرجة، شمال برط، تمهيداً لحصار صعدة، بمعاونة بعض قبائل المنطقة الذين نجحوا في إغراء مشايخها، وإقناعهم بأن المصريين ينسحبون من اليمن، بعد هزيمتهم في سيناء.

أمّا في المنطقة الغربية، فقد زوّد الأمير محمد بن إبراهيم القبائل المساندة للملكيين، على محور الطور ـ حجة، أموالاً وأسلحة للاستيلاء على حجة بعد إخلاء المنطقة من القوات المصرية، والتدخل في عملية الإخلاء. وعلى ذلك، شنت تلك القبائل عدة هجمات على المدينة، بعد إخلائها، إلا أن قوات لواء الوحدة الجمهوري، ومقاتلي قبيلة حاشد، التي تولت الدفاع عن المنطقة، بعد انسحاب المصريين منها، نجحوا في صدّ هجمات تلك القبائل، وتكبيد المهاجمين خسائر جسيمة، بالتعاون مع القوة الجوية في المسرح.

وعلى الرغم من الهزيمة، التي لاقتها القبائل أمام دفاعات حجة، إلا أنها نجحت في قطع الطريق على إحدى كتائب اللواء 120 المشاة، أثناء إخلائها مَواقعها، وكبدت تلك الكتيبة خسائر جسيمة، نتيجة لقصور إجراءات تأمين تخلصها من تلك المَواقع.

وفي قطاع السر، شمال شرق صنعاء، شن الملكيون هجوماً ناجحاً على إحدى وحدات الجيش الجمهوري، في جبل ذباب، وتمكنوا من الاستيلاء على الجبل، يوم 24 يونيه، مما هدّد مَواقع الجيش الجمهوري الأخرى، في القطاع نفسه. إلاّ أن القوات المصرية في المنطقة، نجحت في إيقاف تقدم قوات الملكيين، وشنت هجوماً مضاداً ناجحاً، بالتعاون مع القوة الجوية، والقوات الجمهورية في المنطقة، استردت به الجبل، يوم 26 يونيه، وكبدت الملكيين خسائر جسيمة.

ولم يسلم طريق صنعاء ـ الحديدة من هجمات الملكيين، خلال الشهر عينه، ومحاولاتهم المتعددة لقطعه، في منطقتَي "بوعان" و"مفحق". إلاّ أن القوات المصرية التي تؤمن الطريق، نجحت في صدّ هجمات الملكيين، وإحباط محاولاتهم المتوالية لقطع الطريق، الذي يُعَدّ الشريان الرئيسي لإمداد وتحرك القوات المصرية وتحركها في المسرح.

    ‌ب.   تطور أوضاع القوات، المصرية والجمهورية (انظر شكل أوضاع القوات المصرية والجمهورية (في نهاية يونيه 1967))

(1)    القوات المصرية

في ضوء خطة خفض القوات المصرية في المسرح اليمني، أُخلي محور حجة ـ الخشم من اللواء 120 مشاة ورُحِّل إلى مصر، مع ترك مسؤولية الدفاع عن حجة لإحدى كتائب لواء الوحدة الجمهوري. كما أُخليت صنعاء من اللواء 5 المدرع، ورُحِّل بعض وحداته إلى مصر، وأُعيد تجميع بقايا وحدات اللواء في منطقة الحديدة، ريثما يحين ترحيلها. وفي إطار عملية إعادة التجميع، سُحبت وحدات اللواء 18 المشاة من قفل حرض وميدي، إلى عبس، مع دفع إحدى كتائبه إلى دعم دفاعات اللواء 119 المشاة، في القطاع الغربي من طريق صنعاء ـ الحديدة.

(2)    القوات الجمهورية

إزاء عملية إعادة تجميع القوات المصرية في المسرح اليمني، خلال شهر يونيه، اتخذت قوات الجيش الجمهوري أوضاعها التالية:

(أ) لواء الوحدة: اللواء، عدا كتيبة، في صنعاء، وكتيبة تؤمن منطقة حجة.
(ب) لواء العروبة: يحتل أوضاعه الدفاعية، في قطاع السر.
(ج) لواء الثورة: يحتل أوضاعه الدفاعية، في ثلاء وكوكبان وجبلي مدع والزافن.
(د) لواء النصر: يتمركز في المنطقة الجنوبية، في رداع والبيضاء والداخلة.

(هـ) الوحدات الخاصة: وحدات المظلات، تؤِّمن محور عمران ـ كحلان، عدا سرية، دعمت بها القوات الجمهورية، في جبل ذباب. أمّا وحدات الصاعقة، فتمركزت في منطقة صنعاء، عدا سرية، دُفعت إلى تدعيم القوات الجمهورية، في جبل ذباب.

(و) جيوش القبائل: كانت قوات القبائل الجمهورية مسؤولة عن تأمين مناطق قبائلها، ومساعدة قوات الجيش الجمهوري على تأمين المناطق، التي أخلتها القوات المصرية بالتعاون مع القوة الجوية في المسرح. كما دُرب ألف مقاتل من قبيلة حاشد على العمل، كاحتياطي، يمكن توجيهه إلى المناطق، التي يهددها الملكيون.

2.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر يوليه

    ‌أ.    أعمال قتال الجانبين (انظر شكل أعمال قتال الجانبين (خلال شهر يوليه 1967))

استمر ضغط الملكيين، في المناطق، الشرقية والشمالية والغربية والوسطى، لتحقيق مخططهم. وعلى الرغم من تحقيقهم بعض النجاح، أول الأمر، في المنطقتين، الشمالية والغربية، إلا أن جهودهم باءت بالفشل، في المنطقتين، الشرقية والوسطى، نتيجة للمقاومة الصلبة لقبيلة عبيدة، في المنطقة الأولى، وقبيلة حاشد، في المنطقة الثانية.

فمع حلول شهر يوليه، كرّر الملكيون هجماتهم على مأرب، محاولين إخضاع المنطقة لسيطرتهم. إلا أن جهودهم باءت بالفشل أمام نيران القوة الجوية المصرية، والمقاومة الصلبة لمقاتلي قبيلة عبيدة، مما دفعهم إلى إيقاف هجومهم، وانسحاب بعض قواتهم إلى حريب، بعد تكبدّها خسائر جسيمة.

أمّا في المنطقة الشمالية، فقد كان الملكيون أحسن حظاً، إذ نجحت جهودهم في استقطاب بعض القبائل المحيطة بصعدة، ولا سيما سحار وهمدان، اللتين تذبذب ولاؤهما للجمهورية، بعد أن أقنعهما الملكيون بأن المصريين ينسحبون من اليمن، بعد هزيمتهم في سيناء. وعلى ذلك، تمكن الملكيون من إحكام الحصار حول مدينة صعدة، بعد احتلال الهيئات المحيطة بها. في الوقت الذي تمكنوا فيه من احتلال الجبل الأسود، الذي يسيطر على الحرف.

وإزاء ذلك النشاط المتزايد من جانب الملكيين، في المنطقة الشمالية، دفعت قيادة القوات العربية في المسرح، أحد جيوش القبائل الجمهورية، إلى استعادة الموقف في المنطقة. وعلى الرغم من نجاح مقاتلي القبائل الجمهورية في استرداد الجبل الأسود، بهجوم مضادّ ناجح، تحت ستر نيران القوة الجوية المصرية، إلا أنهم كانوا غير قادرين على فك الحصار عن صعدة.

وفي المنطقة الغربية، استغل الملكيون إنسحاب القوات المصرية من حرض وميدي، وتجمّعها في عبس، في مَدّ سيطرتهم في المحور الساحلي، باحتلال البلدتَين الأَوليَين. وهو ما دفع قيادة المنطقة إلى شن هجوم مضادّ ناجح، ببعض القوات الجمهورية، بالتعاون مع القوة الجوية المصرية، استردت به ميدي، وبدأت تحضّر لاسترداد حرض، بوساطة قوات الجيش الجمهوري.

أمّا في المنطقة الوسطى، فكانت قبيلة حاشد، التي لم يتذبذب ولاؤها للجمهورية، منذ بداية الثورة، هي الصخرة، التي تحطمت عليها جهود الملكيين في التقدم جنوباً، على الرغم من تشديد ضغطهم عليها من اتجاهات عدة، بل إن مقاتلي حاشد، تمكنوا من أسْر العديد من قوات الملكيين، وتكبيدهم خسائر جسيمة.

ولم تقتصر جهود الملكيين على المناطق السابقة، خلال شهر يوليه، بل امتدت أعمال قتالهم إلى منطقة صنعاء، والطريق الذي يربطها بالحديدة. ففي المنطقة الأولى، اقتصرت أعمال قتال الملكيين والقبائل المناوئة للنظام الحاكم، على التراشق بالنيران مع بعض المَواقع المصرية والجمهورية، شمال وجنوب العاصمة، التي أمكنها إسكاتهم. أمّا على طريق صنعاء ـ الحديدة، فقد حاصر الملكيون أحد مَواقع لواء النصر الجمهوري، في منطقة الحيمة، تمهيداً للاستيلاء عليه. إلا أن قوات الجيش الجمهوري في المنطقة، تمكنت من فك ذلك الحصار، بمعاونة القوة الجوية المصرية، ومدفعية اللواء السابع المشاة، وكبّدت الملكيين خسائر كبيرة.

وعلى ذلك، فإنه يمكن القول إن صمود القبائل الجمهورية في المنطقتين، الشرقية والوسطى، أحبط مخطط الملكيين، في التقدم نحو العاصمة على المحورين، الشمالي والشرقي، بالقدر الذي أُحبطت به القوات، المصرية والجمهورية، في المحور الساحلي، جهود الملكيين في مد سيطرتهم إليه.

وكانت القوة الجوية المصرية في المسرح، هي القوة الضاربة الرئيسية، التي لجأت إليها قيادة القوات العربية، لدعم الجهود الدفاعية، والهجمات المضادّة الناجحة للقوات، المصرية والجمهورية، في المناطق، التي تعرضت لهجمات الملكيين، خلال شهر يوليه. كما كانت القوة الجوية، هي القوة الوحيدة، القادرة على تشتيت تجمعات الملكيين، وتدمير تكدساتهم المكتشفة في المناطق، الشرقية والشمالية والوسطى.

    ‌ب.   تطور أوضاع القوات، المصرية والجمهورية، خلال شهر يوليه (انظر شكل أوضاع القوات المصرية والجمهورية (في نهاية شهر يوليه 1967))

استمرت عمليات إعادة تجميع القوات المصرية وخفضها في المسرح، خلال شهر يوليه، وإن قلّت كثافة أعمال الترحيل من المسرح اليمني، نتيجة لتصاعد الأعمال القتالية للملكيين. ويوضح شكل أوضاع القوات المصرية والجمهورية (في نهاية شهر يوليه 1967)أوضاع القوات، المصرية والجمهورية، في نهاية شهر يوليه 1967.

3.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر أغسطس[3]

استمر ضغط الملكيين، والقبائل الزيدية، التي تساندهم، في المناطق، الشرقية والشمالية والوسطى، فضلاً عن المناطق المحيطة بصنعاء، محاولين تحسين أوضاعهم، السياسية والعسكرية، قبْل انعقاد مؤتمر القمة العربية، في الخرطوم، في نهاية ذلك الشهر. إلا أنه باستثناء المنطقة الشمالية، فقد باءت جهود الملكيين، والقبائل التي تساندهم، بالفشل في المناطق الأخرى كافة.

ففي المنطقة الشرقية، حاول الملكيون إغراء قبيلة عبيدة بالأموال والأسلحة، بعد أن فشلوا في السيطرة على مأرب، بالقوة. إلاّ أن القبيلة، رفضت أي اتفاق أو مهادنة مع الملكيين. وفي المنطقة الوسطى، تكرّر فشل الملكيين في الاستيلاء على ذيبين، على الرغم من حشد قواتهم في منطقة أرحب. كما فشلت جهودهم في فتح جبهة خلفية لقبائل حاشد، التي تسد الطريق أمام تقدم قواتهم، المتجمعة في الصفراء. ولم يكن حظ الملكيين في قطاع السر بأفضل من حظهم في المنطقتين السابقتين، فقد فشلت جهودهم في تأليب مشايخ دجة وصرفة، على مهاجمة القوات المصرية في الضبعات. أما في المنطقة الغربية، فكان فشل الملكيين أشد، إذ تمكنت القوات اليمنية، التي دفعتها قيادة المنطقة إلى حرض، من استرداد البلدة من أيديهم، في 25 أغسطس. وبذلك، عادت السيطرة الجمهورية على المنطقة، حتى الحدود السياسية مع المملكة العربية السعودية، شمال حرض.

وكان النجاح الوحيد، الذي حققه الملكيون، خلال شهر أغسطس، هو استيلاؤهم على مدينة صعدة، بعد أن أحكموا حصارها، بمعاونة قبيلتَي سحار وهمدان. وقد استغل الملكيون ذلك النجاح إلى أقصى حدّ ممكن أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية، في الخرطوم، في أواخر أغسطس.

أمّا بالنسبة إلى تطور أوضاع القوات، المصرية والجمهورية، فلم يشهد شهر أغسطس تغييراً كبيراً في أوضاع تلك القوات، انتظاراً لنتائج مؤتمر الخرطوم، والاتصالات المصرية ـ السعودية، التي كانت ستجرى على هامشه. وما أن توصل الملك فيصل و الرئيس جمال عبدالناصر إلى ما عُرف بـ "اتفاقية الخرطوم"، في 29 أغسطس، حتى بادرت قيادة القوات العربية في المسرح إلى وضع اللمسات الأخيرة لخطة إخلاء المسرح اليمني من القوات المصرية، وترحيلها إلى بلادها، وهي الخطة التي أطلق عليها الاسم الرمزي "قادر" (انظر ملحق مستخرج من خطة تنفيذ العملية "قادر").

4.    تطور عمليات الجانبين، خلال شهر سبتمبر[4]

شجع سقوط مدينة صعدة في أيدي الملكيين، أمراء أُسرة حميدالدين على العودة من السعودية إلى المنطقة الشمالية، وفي صحبتهم كميات كبيرة من الإمدادات العسكرية وأموال الدعم، للضغط من أجْل تنفيذ مخططهم، قبْل توقف الإمدادات السعودية، بعد رحيل القوات المصرية. إلاّ أن جهودهم مُنيت بالفشل، في المناطق كافة، التي كثفوا فيها أعمالهم القتالية.

ففي المنطقة الشرقية، لم يفشل الملكيون فقط في السيطرة على مأرب، بل إن أحد جيوش القبائل الجمهورية، بقيادة الشيخ أحمد العواضي، نجح في استرداد بلدة حريب من أيديهم. وفشلت جهودهم كافة في استرداد البلدة، على الرغم من الإمدادات، التي تلقاها غالب الأجدع، قائد قوات الملكيين، التي أُجبرت على إخلاء حريب.

ولم يكن حظ الملكيين في المنطقة الشمالية، أحسن حالاً. فعلى الرغم من ضغطهم في اتجاه الجنوب، بعد تجمّعهم في منطقة الصفراء، إلاّ أنهم فشلوا في الاستيلاء على الحرف. وعلى ذلك، اتجهوا إلى حشد قواتهم، خلال النصف الأخير من سبتمبر، في الحميدات والمطمة، في منطقة الجوف، لتهديد برط، من الجنوب، وفي منطقة القفلة، لتهديد الحرف، من اتجاه الشمال الغربي.

وفي المنطقة الوسطى، أخذ الملكيون في حشد قواتهم في منطقة أرحب، تحت قيادة الأمير عبدالله بن الحسين، بهدف الاستمرار في تهديد ذيبين، والاستيلاء على زيفان والراقي. إلا أنهم لم ينجحوا في تحقيق أي من هذه الأهداف.

وقد واجهت قيادة القوات العربية في المسرح، أعمال القتال السابقة للملكيين، بدعم قوات القبائل الجمهورية، في المناطق المختلفة، باحتياجاتها العسكرية كافة، بما في ذلك المعاونة الجوية. مما مكَّن هذه القبائل من صدّ كل الهجمات الملكية على مَواقعها، فضلاً عن استرداد حريب من أيدي القوات الملكية. أما تجمعات الملكيين وحشودهم وتكدساتهم، في منطقة الحرف، والمنطقتين، الشمالية والوسطى، فجُبِهَت بأعمال القصف الجوي.

وفي ضوء اتفاقية الخرطوم، نفذت القوات المصرية خلال شهر سبتمبر، المرحلة التحضيرية من العملية "قادر"، المتعلقة بتدعيم منطقة الحديدة، وإخلاء المخزونات والمعدات والعربات الزائدة في المستودعات، والوحدات إلى الحديدة، مع ترحيل التكدسات والمخزونات الزائدة إلى مصر. وبدأت إجراءات المرحلة التنفيذية لإخلاء المسرح اليمني من القوات المتبقية. ويوضح ملحق مستخرج من خطة تنفيذ العملية "قادر" حجم هذه القوات في أول سبتمبر. كما يوضح شكل خطة إخلاء القوات المصرية (العملية قادر) (10 سبتمبر ـ آخر نوفمبر 1967) الخطة التنفيذية لانسحاب تلك القوات من مناطق تمركزها إلى منطقة الحديدة تمهيداً لترحيلها إلى مصر.

وطبقاً للخطة السابقة أُخلي شمال غرب صنعاء من قيادة اللواء 117 المشاة وإحدى كتائبه، لدعم القوات المكلفة بتأمين طريق صنعاء ـ الحديدة، بدءاً من الأسبوع الثاني من سبتمبر.

5.    تطور عمليات الجانبين، في الفترة من أول أكتوبر وحتى 10 ديسمبر[5]

على الرغم من استمرار إذاعة الملكيين في دعوة القبائل اليمنية إلى الاستيلاء على صنعاء، والتدخل ضد القوات المصرية، أثناء إخلائها مواقعها، فقد تراجعت أعمال قتال الملكيين إلى أدنى حدّ لها، خلال هذه الفترة. فلم يشهد المسرح اليمني فيها سوى عملية محدودة، انتهت بنجاح الملكيين في الاستيلاء على الجميمة، بعد رحيل القوات المصرية عنها. كما لم يحدث أي تدخّل ضد القوات المصرية حتى إتمام رحيلها عن المسرح.

وعلى الجانب الآخر، استمرت القوات المصرية في تنفيذ المراحل المتبقية من العملية "قادر"، طبقاً للخطة، وإن تسارعت عملية رحيل القوات، بعد أحداث 3 أكتوبر. وبنهاية ذلك الشهر، كان قد رُحِّل ثلاثة ألوية مشاة إلى مصر، وجمِّع باقي القوات المصرية في منطقة رأس الشاطئ، في منطقة الحديدة، تمهيداً لترحيلها إلى مصر.

وعندما حدث انقلاب 5 نوفمبر، الذي أطاح الرئيس السلال وحكومته، وأعاد جناح المعتدلين إلى السلطة، لم يكن هناك أي نية لتدخّل القوات المصرية، دعماً للرئيس السلال. وفي الوقت الذي كانت فيه القوات المصرية تغادر اليمن، بدأ وصول الدعم العسكري السوفيتي للجمهوريين، الذين كانوا واعين تماماً صعوبة موقفهم العسكري، بعد رحيل القوات المصرية. وقد تمثلت أولى شحنات الدعم السوفيتي، التي وصلت خلال الأسبوع الأخير من نوفمبر، في حمولة 25 طائرة نقل عسكرية ثقيلة، من الأسلحة والمعدات، كان ضمنها أربع قاذفات تكتيكية، من نوع "اليوشن 28"، وأربع طائرات مقاتلة قاذفة، من نوع ميج 17.

وفي 29 نوفمبر، ودعت الحكومة اليمنية الجديدة القوات المصرية، بمراسم رسمية، قال، خلالها، الفريق حسن العمري، القائد العام الجديد للقوات المسلحة اليمنية: "لقد أديتم رسالتكم في مساندة الثورة، التي حققت للشعب اليمني آمالاً، وأوجدت نظاماً ثورياً جمهورياً ... وضع الشعب اليمني في مكانته اللائقة بين الشعوب". وأكد الفريق العمري أن "كل يمني، سيظل يحمل هذا الجميل، متمنياً أن يرده بالواجب المقدس في معركة فلسطين".

وفي الوقت الذي كانت تجري فيه مراسم الوداع للقوات المصرية، كانت آخر وحدة في القوات البريطانية، ترحل عن الجنوب اليمني، تاركة السلطة فيه لنظام جمهوري مستقل جديد، انبثق من الثورة اليمنية في الجنوب، التي كان لمصر فضل دعمها، سياسياً وعسكرياً[6].

وبينما كانت آخر الوحدات المصرية تستعد للرحيل عن اليمن، أعطى الملك فيصل قيادة الملكيين مهلة، خلال شهر ديسمبر (رمضان)، للاستيلاء على صنعاء، وإلا فإنه سيضطر إلى التخلي عنهم وفاءً بالتزاماته في اتفاقية الخرطوم. وعلى ذلك، حشد الملكيون أقصى ما يستطيعون من قوات، في منطقة شرزه، جنوب شرق العاصمة، تمهيداً للهجوم عليها، الأمر الذي واجهته الحكومة اليمنية بالقصف الجوي ـ مثلما كانت تفعل القوات المصرية ـ[7].

وفي العاشر من ديسمبر، وبينما كانت قوات الملكيين تُحكم حصارها على صنعاء، كانت آخر الوحدات المصرية تغادر ميناء الحديدة، على متن السفينة "مصر"، تاركة اليمن لقدره[8].

6.    أعمال قتال القوات الجوية، خلال مرحلة إنهاء التدخل (يونيه ـ نوفمبر1967)[9]

    ‌أ.    أعمال قتال القوات الجوية، خلال شهر يونيه

مع تصاعد أعمال قتال الملكيين، والقبائل التي تساندهم، إلى مستوى العمليات التعرضية، خلال شهر يونيه، تزايد اعتماد قيادة القوات العربية في المسرح، على أعمال قتال القوات الجوية، التي تمثلت في الاستطلاع الجوي المسلح، وقصف مناطق تجمّع الملكيين، وقرى القبائل التي تساندهم، جواً، إضافة إلى معاونة القوات، المصرية والجمهورية، على التصدي لهجمات الملكيين.

ولتنفيذ مهام الاستطلاع الجوي المسلح، اضطلعت القوة الجوية بتسع عشرة طلعة، إضافة إلى سبع طلعات استطلاع، بالنظر والصور، تركز معظمها في المنطقتين، الشمالية الشرقية والغربية.

ولتشتيت تجمعات الملكيين وحشودهم، وردع القبائل التي تؤوي في مناطقها تلك الحشود، اضطلعت القوة الجوية في المسرح، بست وثمانين طلعة قصف ومظاهرات جوية، رُكز معظمها في مناطق بويع، في الجوف، وسوق الربوع، في المنطقة الشمالية، والجوبة ومأرب وصرواح، في المنطقة الشرقية، والجهلي وحجة وبني سراع، في المنطقة الغربية، إضافة إلى شوكان وهران والهجرة، في المنطقة المركزية، خلال اليومين الأخيرين من يونيه.

وعلى التوازي مع أعمال القتال السابقة، استمرت القوة الجوية في تنفيذ مهام النقل والإمداد الجوي، بين قواعد الإمداد، في صنعاء والحديدة، ومحاور انتشار القوات في المسرح، حتى بلغ مجهود النقل والإمداد الجوي، خلال شهر يونيه، 109 طلعات، إضافة إلى مجهود الجسر الجوي، بين القاهرة وصنعاء.

    ‌ب.   أعمال قتال القوات الجوية، خلال شهر يوليه

في ضوء تطورات الموقف في سيناء، خلال شهر يونيه، والتدمير الذي لحق بالقوات المسلحة على الجبهة المصرية ـ الإسرائيلية، اتجهت القيادة العامة المصرية إلى سحب بعض وحداتها، البرية والجوية، من المسرح اليمني، لتدعيم دفاعاتها على جبهة القناة. إلاّ أنه نتيجة لاستمرار تصاعد أعمال قتال الملكيين، خلال شهر يوليه، وتحسباً للتطورات، أرسل اللواء عبدالقادر حسن، القائد الجديد للقوات العربية في اليمن، مذكرة إلى القيادة العامة للقوات المسلحة، في 9 يوليه، يطلب فيها استمرار بقاء قوة جوية ملائمة في اليمن، موضحاً أن الموقف، السياسي والقَبَلي، في المسرح، يتطلب توجيه القوة الجوية ضربات مركزة (ما يقرب من 225 طلعة ) خلال مدة تراوح بين 10 أيام و15 يوماً، ضد مناطق تكدسات الملكيين وتجمعاتهم، وقرى القبائل المناوئة. وهو مجهود يتطلب وجود ما لا يقلّ عن 8 طائرات اليوشن 28 و 6 ميج 17 في المسرح اليمني، مع تزويدها الذخائر الملائمة، لتوجيه ضربات جوية مركزة، لفترة محدودة، ثم العودة إلى مستويات القصف العادية، إضافة إلى استكمال احتياطي المسرح من الذخائر، لمدة 20 يوماً.

وفي ضوء المطالب السابقة، من ناحية، وحرج موقف القوات الجوية في مصر، من ناحية أخرى، اتخذ القائد العام للقوات المسلحة موقفاً وسطاً، بالموافقة على ثلثَي مطالب قائد القوات العربية في اليمن من الذخائر، مع بقاء قوة الطائرات التي طلبها في المسرح اليمني.

ومع استمرار تصاعد أعمال قتال الملكيين، وتزايد تجمعاتهم وتكدساتهم، في المناطق الشمالية والشرقية والوسطى، قرر قائد القوات العربية في المسرح، تكثيف أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، وقصف تكدسات الملكيين وتجمعاتهم، المكتشفة في تلك المناطق، جواً، مع تقديم المعاونة الجوية إلى قوات القبائل الجمهورية، خلال أعمالها الدفاعية وهجماتها المضادّة. وعلى ذلك، اضطلعت القوة الجوية، خلال شهر يوليه، باثنتين وأربعين طلعة استطلاع مسلح، رُكزمعظمها في المناطق، الشمالية والشرقية والوسطى، خلال الأسبوعين الأولين من ذلك الشهر.

وفي ضوء نتائج الاستطلاع الجوي، قصفت كدم وبني سراع والسودة وشوكان والجاهلي والمحابشة وهران والحميدات، خلال الأسبوع الأول من الشهر. ثم تكرّر القصف على كدم وبني سراع، إضافة إلى مبين وبني حسين وجبل أملح وشوكان، خلال الأسبوع الثاني. بينما تحوّل القصف الجوي، خلال النصف الثاني من الشهر، إلى جبل ظفار وبني سليمان وسفيان وجنوب مأرب والسر وعبلة وعكوان ودماج. وقد بلغ مجهود القصف الجوي، خلال يوليه، 123 طلعة طائرة، إضافة إلى مجهود المعاونة والمظاهرات الجوية، التي قدِّرت بما يقرب من 35 طلعة طائرة.

وعلى صعيد النقل والإمداد الجوي، قدّر نشاط القوة الجوية بنحو 99 طلعة داخل اليمن، و35 طلعة نقل ثقيل، في إطار الجسر الجوي.

    ‌ج.   أعمال قتال القوات الجوية خلال شهر أغسطس

شجع إخلاء القوات المصرية مواقعها، في الشمال والشرق، وتسليمها لقوات الجيش الجمهوري، والقبائل التي تساندها، على تزايد ضغط الملكيين، والقبائل التي تساندهم، على هذين المحورين، إضافة إلى المنطقة الوسطى.

وإزاء الموقف السابق، قرر قائد القوات العربية في المسرح، الاستمرار في أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، للبحث عن تكدسات الملكيين وتجمعاتهم وتدميرها، مع تركيز أعمال القصف والمعاونة الجوية في المناطق، الشمالية والشرقية والغربية.

وفي ضوء القرار السابق، كُثفت أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أغسطس، في المناطق، الشمالية والشرقية والغربية، حيث بلغ ذلك المجهود 60 طلعة طائرة.

أما بالنسبة إلى القصف الجوي، فقد كُثفت طلعاته، خلال الأسبوع الأول من أغسطس، في مناطق، جبل ظفار ومبين وصعدة وبشار والعبلة وحول ذيبين. وامتد إلى قواعد الملكيين، شرق جيزان، في الأراضي السعودية. ثم تحوّل القصف الجوي، خلال الأسبوع الثاني، إلى أرحب والقفلة ومأرب وكدم حجة، مع تكرار قصف صعدة وشرق جيزان وظفار. وفي الأسبوع الثالث من أغسطس، استمر قصف مناطق كدم وقفل حرض والطويلة ووادي نشور، مع تكرار القصف حول صعدة وذيبين وظفار ومأرب. أما خلال الأسبوع الأخير من أغسطس، فقد رُكز القصف في دماج والقافلة، وحول ذيبين وقفل حرض والطويلة وعكوان والضبعات ووادي نشور والصفراء وعمران ووادي علف والسنارة. وقد بلغ مجهود القصف الجوي، خلال الشهر، 156 طلعة طائرة.

وعلى التوازي مع أعمال القتال السابقة، استمرت القوة الجوية في أعمال الإمداد والنقل الجوي، بين قواعد النقل والإمداد، في صنعاء والحديدة، ومناطق إنتشار القوات المصرية وقوات الجيش الجمهوري، والقبائل التي تساندها. وقد اضطلعت القوة الجوية، خلال شهر أغسطس بأربع وتسعين طلعة نقل وإمداد في المسرح اليمني، إضافة إلى مجهود الجسر الجوي، بين صنعاء والقاهرة.

    ‌د.    أعمال قتال القوات الجوية، خلال شهر سبتمبر

إزاء قرار القيادة السياسية المصرية سحب القوات المصرية من اليمن، بعد اتفاقية الخرطوم، صدَّق المشير عبدالحكيم عامر على بدء تنفيذ المرحلة التحضيرية من العملية "قادر"، لإخلاء المسرح اليمني من التكدسات والمخزونات المصرية، والاستعداد لبدء المرحلة التنفيذية لعملية إخلاء اليمن من القوات المصرية. وعلى ذلك، قرر قائد القوات العربية في المسرح، في البداية، قصر أعمال قتال القوات الجوية على تأمين القوات المصرية، مع البدء في تدعيم الدفاع عن مطار الحديدة، خاصة عند انضمام القوة الجوية، في مطارَي صنعاء الحربي والروضة، في 7 أكتوبر.

إلاّ أنه مع ضغط الملكيين، والقبائل التي تساندهم، خلال شهر سبتمبر، للسيطرة على المنطقتَين، الشمالية والشرقية ومنطقة أرحب، قرر قائد القوات العربية في اليمن، تكثيف أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، خلال الأسبوع الأول من سبتمبر، في المنطقة الشمالية ومنطقة الحرف. وفي ضوء ذلك الاستطلاع، قصف، في الأسبوع نفسه، تجمعات الملكيين والقبائل التي تساندهم، في قرى أولاد مسعود، غرب صعدة، والسنارة، جنوب صعدة، ووادي عظلة، إضافة إلى الحراشف والخراب والطلح والعقيق.

وخلال الأسبوع الثاني من سبتمبر، استمرت طلعات الاستطلاع الجوي المسلح، في المنطقتَين، الشمالية والشرقية، مع قصف التجمعات المكتشفة في وادي علف وكدم والسنارة والصفراء ومضيق العمشية، في المنطقة الشمالية، والمطمة والحزم، في منطقة الجوف، وحول مأرب، في المنطقة الشرقية.

وفي الأسبوع الثالث من الشهر عينه، تواصلت أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، بالكثافة نفسها، مع قصف تجمعات الملكيين، في منطقة المدرج والحرف. ثم بدأ مجهود الاستطلاع الجوي المسلح يُخفف، تدريجاً، خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر، كما تراجع، في الوقت عينه، مجهود القصف الجوي، الذي اقتصر على منطقة القفلة، يومي 23، 24 سبتمبر.

وفي الوقت الذي بدأ يتراجع فيه مجهود القصف الجوي، تزايدت كثافة أعمال النقل والإمداد الجوي، داخل المسرح اليمني، خاصة منذ 18 سبتمبر، نتيجة لعمليات إخلاء القوات مَواقعها إلى الحديدة. وقد بلغ مجهود النقل والإمداد الجوي، خلال شهر سبتمبر، 211 طلعة طائرة، داخل المسرح اليمني، وحده.

وتطبيقاً لخطة العملية "قادر"، أعدّت قيادة القوة الجوية في اليمن، خطة تخفيف تلك القوة، تدريجاً، بالقدر الذي لا يُخل بأعمال تأمين القوات المصرية، خلال مرحلتَي العملية "قادر". ويوضح جدول تطور موقف طائرات القوة الجوية باليمن (30 أغسطس ـ 30 نوفمبر 1967) تدرج أعداد طائرات القوة الجوية في المسرح، بدءاً من توقيت قرار إخلاء اليمن  من القوات المصرية (29 أغسطس 1967)، حتى رحيل آخر طائرات القوة الجوية، خلال الأسبوع الأول من ديسمبر من العام نفسه.

 هـ.  أعمال قتال القوات الجوية، خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر

لم تواجه القواتِ المصرية أعمالٌ قتالية من جانب الملكيين، أثناء إخلائها مَواقعها، وتحركها إلى الحديدة، خلال شهر أكتوبر. ومردّ ذلك إلى أعمال القصف الجوي، خلال شهر سبتمبر، فضلاً عن أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، والمظاهرات الجوية، التي استمرت خلال شهر أكتوبر، في مناطق إخلاء القوات المصرية مواقعها، وعلى طول تحركاتها إلى الحديدة.

ولتأمين انسحاب القوات المصرية وتحرُّكها إلى الحديدة، نفذت القوة الجوية في المسرح 135 طلعة طائرة (68 طلعة مقاتلة قاذفة و67 طلعة قاذفة) في مهام الاستطلاع الجوي المسلح، والمظاهرات الجوية لردع أعمال المقاومة الملكية ضد هذه القوات.

وللمعاونة على إخلاء القوات المصرية مَواقعها، إلى رأس الشاطئ في منطقة الحديدة، نفذت طائرات النقل المتبقية في المسرح، خمساً وأربعين طلعة نقل جوي.

أما خلال شهر نوفمبر، فقد تقلص مجهود القوة الجوية، تدريجاً، نتيجة لترحيل أغلب طائرات تلك القوة إلى مصر. واقتصرت مهامّها على الاستطلاع الجوي لطرق الاقتراب إلى منطقة الحديدة، حتى أُخلي المسرح من آخر الطائرات المصرية.

    ‌و.    المجهود الجوي المنفَّذ، خلال مرحلة إنهاء التدخل[10] (انظر خريطة مناطق القصف الجوي (خلال يونيه ـ ديسمبر 1967))

اضطلعت القوات الجوية، خلال مرحلة إنهاء التدخل، بما يزيد على 1560 طلعة طائرة في المسرح اليمني، أكثر من 1415 طلعة منها، بوساطة القوة الجوية في المسرح اليمني، وما يقرب من 145 طلعة، بوساطة أسراب النقل الاستراتيجي.

وقد وُزع المجهود الجوي السابق على مهام القوات الجوية، تبعاً للنسب المئوية التالية:

16%    لمهام الاستطلاع الجوي.

13%    لمهام المعاونة الجوية للقوات، المصرية والجمهورية.

19%    لقصف تجمعات الملكيين وتكدساتهم وقواعدهم، وأعمال القصف التأديبي.

36%    لمهام النقل والإمداد الجوي، داخل اليمن.

11%    لمهام النقل والإمداد الجوي، بين مصر واليمن (الجسر الجوي).

5%      للمظاهرات الجوية.

وفي نهاية هذه المرحلة، كان المجهود الجوي للقوات الجوية المصرية في المسرح اليمني، قد زاد على 500 32 طلعة طائرة، خلال مراحل الحرب المختلفة. ويوضح جدول إجمالي المجهود الجوي للحرب وتوزيعه على مراحلها الرئيسية (أكتوبر 1962 ـ نوفمبر 1967) توزيع ذلك المجهود على المراحل الخمس الرئيسية لتلك الحرب.

وعلى صعيد النقل الجوي، زادت أوزان الأفراد والاحتياجات، التي نقلت جواً، خلال مرحلة إنهاء التدخل، على 7100 طن، منها ما يزيد على 3400 طن، بوساطة أسراب النقل الإستراتيجي (الجسر الجوي)، وما يقرب من 3700 طن، بوساطة أسراب النقل والطائرات العمودية، التابعة للقوة الجوية في اليمن. وبذلك، زاد إجمالي هذه الأوزان ، طوال مراحل الحرب، على 113 ألف طن. ويوضح جدول إجمالي أوزان الأفراد والاحتياجات التي تم نقلها جوا خلال الحرب (أكتوبر 1962 ـ نوفمبر 1967) توزيع هذه الأوزان على المراحل الخمس الرئيسية للحرب.

7.    مهام أعمال قتال القوات البحرية المصرية، والنقل البحري[11]

إثر تدمير القوات الجوية والدفاع الجوي المصريين، خلال حرب يونيه 1967، أصبحت الوحدات البحرية المصرية، في البحر الأحمر، أكثر تعرضاً لنيران الطيران الإسرائيلي، في الوقت الذي احتُجزت فيه تلك الوحدات، في ذلك البحر، بعد إغلاق قناة السويس. وعلى ذلك، أُعيد انتشار بعض هذه الوحدات، في البحر الأحمر، خارج مدى عمل الطائرات الإسرائيلية، ريثما يُعاد بناء القوات الجوية والدفاع الجوي المصريين. وفي إطار عملية الانتشار، أعيد تمركز بعض الوحدات البحرية في ميناء الحديدة، خلال شهرَي يونيه ويوليه 1967. وفي نهاية شهر يوليه، كان موقف الوحدات البحرية المصرية في ذلك الميناء، كما يلي:

3   مدمرات

1   فرقاطة

2   كاسحة ألغام

2   غواصة

2   سفينة إنقاذ

1   سفينة تموين

    ‌أ.    تطور مهام وأعمال قتال القوات البحرية

انحصرت مهام القوة البحرية في اليمن، في تأمين الساحل اليمني، وميناء الحديدة، باستخدام أعمال قتال الاستطلاع البحري والدوريات، على طول الساحل اليمني، وأمام ميناء الحديدة، بالتعاون مع القوة الجوية المصرية في المسرح.

ومع اتخاذ قرار إخلاء اليمن من القوات المصرية، وصدور توجيهات المشير عبدالحكيم عامر إلى قائد القوات العربية في المسرح، في هذا الشأن، كُلفت القوة البحرية في اليمن بالمهام التالية:

(1)      ستر تحرُّك وحدات المحور الساحلي إلى رأس الشاطئ في منطقة الحديدة ومعاونتها، مع تكثيف أعمال التأمين لمنطقة رأس الشاطئ، بدءاً من منتصف أكتوبر، وحتى إتمام رحيل القوات المصرية من اليمن.

(2)      دفع مجموعة تكتيكية بحرية إلى تأمين أعمال التفريغ في مرسى برنيس وميناء "أبو الغصون"، قرب الحدود المصرية ـ السودانية، ضد جميع الأخطار المحتملة، بالتعاون مع القوات الجوية، مع تقديم المعاونة إلى السفن القائمة بأعمال النقل البحري.

(3)      المعاونة على أعمال النقل والتفريغ، للقوات العائدة.

(4)      تكثيف قدرات الدفاع الجوي عن ميناءَي الحديدة وأبو الغصون، ومرسى برنيس.

ولتنفيذ هذه المهام، استمرت القوة البحرية في أعمال قتال الاستطلاع والدوريات البحرية، بحذاء الساحل اليمني، وأمام ميناء الحديدة، طوال مرحلتَي تنفيذ العملية "قادر"، في الوقت الذي نسقت فيه أعمال الإنذار، الجوي والسطحي، مع القوة الجوية والدفاع الجوي عن منطقة رأس الشاطئ.

ومع وصول المجموعة التكتيكية البحرية إلى منطقة مسؤوليتها، أمام الساحل المصري، في منطقتَي برنيس وأبو الغصون، خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر، بدأت تلك المجموعة في أعمال الاستطلاع البحري، وتنسيق أعمال الدفاع الجوي مع الوحدات الجوية وعناصر الدفاع الجوي التي دفعت إلى المنطقة. ومع تدفّق سفن النقل إلى مرسى برنيس وميناء أبو الغصون، شارك بعض سفن المجموعة في أعمال التفريغ وتقديم المعاونة إلى سفن النقل، خلال فترة وجودها في منطقة مسؤوليتها.

    ‌ب.   أعمال النقل البحري، لتنفيذ العملية "قادر"

عندما اتُّخذ قرار إخلاء اليمن من القوات المصرية، كانت أعداد تلك القوات وأسلحتها ومعداتها المتبقية في المسرح، قد انخفضت إلى الأرقام التالية:

·    26 ألف فرد بكامل مهماتهم وأسلحتهم.

·    3 آلاف مركبة مختلفة الأنواع.

·    60 دبابة.

وقُدِّرت أوزان هذه القوات والأسلحة والمعدات بما يقرب من 17 ألف طن، أما أوزان مخزونات تلك القوات وتكدساتها، الإدارية والفنية، فقد بلغت 30 ألف طن. وبذلك، وصلت الأحمال المطلوب نقلها بحراً إلى ما يقرب من 47 ألف طن، تمثل حمولة 35 سفينة، من الأنواع المعبأة والمستأجرة، لإخلاء اليمن القوات المصرية، في حين لم يتهيأ سوى ثماني سفن. وقد استدعت قلة أعداد السفن تكرار دورات النقل لكلٍّ منها، تراوحت ما بين دورتين وسبع دورات، تبعاً لنوع الحمولة، وسرعة السفينة. ولما كانت دورة النقل للسفينة الواحدة (الذهاب والعودة ووقت التحميل والتفريغ) تستغرق، في المتوسط، خمسة عشر يوماً، ومتوسط دورات النقل لكل سفينة 4.5 دورات، فقد احتاج نقل القوات المصرية من ميناء الحديدة إلى الموانئ المصرية، 65 يوماً تقريباً.

وقد بدأت أعمال النقل البحري، لنقل القوات والأسلحة والمعدات والمخزونات، خلال المرحلة التحضيرية، منذ 11 سبتمبر وحتى 16 أكتوبر 1967. ويوضح جدول الخطة الزمنية لأعمال النقل البحري خلال المرحلة التحضيرية (11 سبتمبر ـ 16 أكتوبر 1967) الخطة الزمنية لأعمال النقل البحري، خلال تلك المرحلة. أما أعمال النقل البحري، خلال المرحلة التنفيذية، فقد خطط لتنفيذها، بدءاً من 2 نوفمبر وحتى 15 ديسمبر من العام نفسه، إلا أن الخطة عُدلت، خلال شهر أكتوبر. ويوضح جدول جدول التنفيذ الفعلي للمرحلة الثانية من العملية " قادر" (31 أكتوبر ـ 10 ديسمبر 1967) توقيتات التنفيذ الفعلي للمرحلة الثانية من الخطة "قادر".

 



[1]   المصادر المصرية الرسمية.

[2]   المصادر المصرية الرسمية.

[3]   المصادر المصرية الرسمية.

[4]   المصادر المصرية الرسمية.

[5]   المصادر المصرية الرسمية.

[6]   المصادر المصرية الرسمية.

[7]   المصادر المصرية الرسمية.

[8]   المصادر المصرية الرسمية.

[9]   المصادر المصرية الرسمية.

[10]   المصادر المصرية الرسمية.

[11]   المصادر المصرية الرسمية.