إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



الفصل الثامن

ثانياً: تطور الموقف نحو المصالحة الوطنية

1.    انحسار تهديد الملكيين

بحلول منتصف عام 1968، استعادت الحكومة الجمهورية كل الأقاليم، التي كانت تسيطر عليها، قبل انسحاب القوات المصرية من اليمن. وهكذا، أصبح أكثر من نصف البلاد خاضعاً لسيطرتها، بما في ذلك صنعاء وتعز والحديدة والنصف الجنوبي والسهل الساحلي. وأصبح الجيش الجمهوري أحسن تدريباً وتجهيزاً، بفضل المساعدات الكثيرة، العسكرية والفنية، التي قدمها الاتحاد السوفيتي. وازداد عدد أفراده إلى أكثر من عشرة آلاف جندي، وأصبح أكثر خبرة واستعدادا لأي مواجَهة محتملة مع قوات الملكيين.

وعلى الجانب الآخر، توقفت المساعدات السعودية، المالية والعسكرية، للملكيين، منذ شهر مارس، مما أثر تأثيراً حاداً في نفوذ أمراء الملكيين وقادتِهم، في مناطق القبائل الزيدية، التي كانت تساندهم. وتضاءلت قدرتهم على إغراء هذه القبائل، ودفعها إلى القتال في صفوفهم. كما بدأت تتأكَّل قواتهم النظامية، بعد أن أصبحوا غير قادرين على دفع رواتبها، ولم يبقَ إلى جانبهم، سوى أعداد قليلة من الأتباع، الذين يعملون كحرس خاص لهم. وبدأ عدد من أمراء الملكيين يغادر اليمن. وسرعان ما أصبح الأمير عبدالله بن الحسن وزير داخلية حكومة الملكيين، في المنفى، واتخذ من مدينة صعدة مقراً له.

وفي الوقت الذي كان فيه معسكر الملكيين يتداعى، شجع الجمهوريون القادة العسكريين، في الجانب الآخر، على تغيير ولائهم، والانضمام إلى الجمهورية. وكان أبرز القادة الذين انضموا إلى المعسكر الجمهوري، خلال شهر أكتوبر، هو قاسم بن منصر، قائد قوات الملكيين، شمال شرق صنعاء، في أيام الحصار، والذي نجح، بدوره، في إقناع بعض القبائل في التحول إلى الجانب الجمهوري، وحذا حذوه، خلال فترات متفاوتة، آخرون ممّن هم أدنى منه مرتبة.

وفي نهاية عام 1968، كان كل المرتزقة الأجانب، قد هجروا المعسكر الملكي، في الوقت الذي احتدم فيه الخلاف بين قادة الملكيين المتبقين، بعد أن قلّت الأموال، ونضب مَعينها، وتضاءلت القوة العسكرية التي تساندهم. وقد شجع التدهور في معسكر الملكيين، الفريق العمري على دفع قوة من الجيش الجمهوري إلى استرداد مدينة حجة من أيديهم. وفي الخامس عشر من ديسمبر، سقطت المدينة في أيدي القوات الجمهورية.

وبينما شجع نجاح الجمهوريين عدداً آخر من القبائل الزيدية، على الانضمام إلى المعسكر الجمهوري، فقد تصاعد الخلاف إلى قمة الهرم الملكي. ففي صراعه، من أجْل استعادة نفوذه، والولاء له، اصطدم الإمام المخلوع مع الأمير محمد بن الحسين، الذي اعتاد أن يقدم نفسه "كنائب للإمام". وقد أدى ذلك الاصطدام إلى استقالة الأمير من عضوية المجلس الإمامي، في مارس 1969، وتخلّيه عن القضية الملكية كلية.

وفي حين كان يجري تفسخ المعسكر الملكي، من داخله، كان المعسكر الجمهوري، يدعم جبهته الداخلية. ففي النصف الأول من مارس، شُكل المجلس الوطني من خمسة وأربعين عضواً، كان منهم أربعة وثلاثون من شيوخ القبائل، يمثلون أغلبية ذلك المجلس، الذي انتخب الشيخ عبدالله الأحمر رئيساً له. وأُعلن أن المجلس الوطني، هو الجهاز التشريعي الأعلى، خلال المرحلة الانتقالية، وحُدد أهم صلاحياته كما يلي:

    ‌أ.    وضع مشروع الدستور الدائم للجمهورية العربية اليمنية.

    ‌ب.   التحضير لانتخابات مجلس الشورى، الذي سيخلف المجلس الوطني. ووضع مشروع قانون انتخابات ذلك المجلس.

    ‌ج.   اقتراح مشروعات القوانين وإقرارها.

    ‌د.    قبول استقالة المجلس الجمهوري، واختيار مجلس جديد، ومراقبة الحكومة، وحجب الثقة عنها.

وعلى الرغم من أن المجلس الوطني، شُكل بالتعيين، إلا أن تشكيله وصلاحياته، يعكسان مدى الثقل، الذي أصبح لشيوخ القبائل، خلال هذه المرحلة. وقد أدى دعم مواقع القوى القبَلية والقوى المحافِظَة في قمة الحكم الجمهوري، إلى تزايد التوتر بين حكومتَي الجمهورية العربية اليمنية واليمن الجنوبي، بينما أدى ذلك إلى قدر من الاسترخاء، في العلاقات المتوترة بين نظام الحكم الجمهوري والحكومة السعودية، التي كانت تراقب، بحذر، تزايد الوجود السوفيتي في الجمهورية العربية اليمنية، والمد اليساري في جمهورية اليمن الجنوبي.

وإزاء ذلك التطور، وتداعي المواجَهة الموحدة للملكيين، بادر كبار المسؤولين السعوديين، خلال شهرَي يونيه ويوليه، إلى إجراء اتصالات سرية مع الحكومة الجمهورية والقوة الثالثة. وفي الخامس والعشرين من يوليه، اغتيل الأمير عبدالله بن الحسن، في مدينة صعدة، آخر معاقل الملكيين، من دون أن يُعرف قاتله، مما أدى إلى حدوث اضطرابات في المدينة. وقد شجعت تلك الاضطرابات الفريق العمري على دفع قوة كبيرة من الجيش الجمهوري إلى الاستيلاء على صعدة، التي سقطت في أيدي القوات الجمهورية، كالثمرة الناضجة، في الثالث من سبتمبر 1969.

وبسقوط عاصمة الشمال، فَقَدَ الملكيون قدرتهم على التهديد. وأصبح في وسع الحكومة اليمنية بذل مزيد من الجهد، في مجالات التنمية، ودعم النظام الجمهوري، مع تجنّب استعداء المملكة العربية السعودية. وعلى ذلك، سعت الحكومة اليمنية إلى تقليل اعتمادها على الكتلة الشرقية، وعملت على تقوية علاقاتها بالغرب، ونجحت في تقاربها مع ألمانيا الغربية، التي وعدتها بمساعدات، تبلغ مليوناً ونصف المليون جنيه إسترليني، لاستخدامها في تحسين مطار صنعاء، وبناء الطرق ومشروعات الري.

2.    المصالحة الوطنية

مع التوجه اليمني الجديد نحو التنمية، اختير الاقتصادي عبدالله الكرشمي، المعروف بوجهة نظره السياسية المحافظة، رئيسا لمجلس الوزراء. واتجهت حكومته في اتجاه الرأسمالية الوطنية، منهية، بذلك، أحلام "الاشتراكية الناصرية"، مما ساعد، ليس على إيجاد مناخ ملائم للمصالحة مع الشخصيات المحافظة في القوى الملكية فقط، ولكن على تطبيع علاقات النظام الجمهوري مع المملكة العربية السعودية، كذلك.

وفي 5 فبراير 1970، اختير محسن العيني رئيساً للوزراء، ووزيراً للخارجية، ثانية، ليقود سفينة الجمهوريين نحو المصالحة الوطنية. وتضمن برنامج حكومة العيني، ليس قضايا البناء، الاقتصادي والثقافي، فقط، ولكن تعاون القوى السياسية من مختلف الاتجاهات في الجمهورية العربية اليمنية، كذلك.

وفي 23 مارس من العام نفسه، عُقد مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، في جدة، وحضره، أول مرة، بعد ثورة سبتمبر 1962، وفد يمني، برئاسة محسن العيني. وخلال وجوده في جدة، أجرى العيني عدة اتصالات مع ممثلي الحكومة السعودية في المؤتمر والموجودين في المدينة من قادة الملكيين، انتهت إلى اتفاق مصالحة، أيده المجلس الوطني، في 22 أبريل، كما أيد تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

وفي مقابل اعتراف الملكيين بالنظام الجمهوري، كحقيقة لا جدال فيها، ورفضهم فكرة عودة الإمامة، في أي شكل من أشكالها، وافق الجمهوريون على إعطاء الملكيين، من غير أُسرة حميدالدين، بعض المناصب الحكومية في الإدارة الجمهورية. وفي مايو 1970، انضم إلى أجهزة الحكم الجمهورية خمسة من رجال القوى الملكية العائدين إلى اليمن. وفي يوليه 1970، زار المملكة العربية السعودية وفد يمني، برئاسة الفريق حسن العمري، عضو المجلس الجمهوري. وأُعلن في نهاية الزيارة عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

-----------------------------