إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإيرانية ـ العراقية، من وجهة النظر العربية





مناطق النفوذ في العالم
موقع الجزر الثلاث
منطقة جزر مجنون
إصابة الفرقاطة الأمريكية STARK
مسارح الصراع البرية والبحرية
معركة الخفاجية الأولى
معركة تحرير الفاو
معركة سربيل زهاب
الهجوم الإيراني في اتجاه عبدان
الإغارة الثالثة على دهلران
التشابه بين مضيقي تيران وهرمز
العملية رمضان
العملية فجر ـ 8
العملية فجر ـ 9
الغارة الإسرائيلية الثانية
القواعد البحرية الإيرانية في الخليج
اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916
حادث إسقاط الطائرة الإيرانية
حدود المياه الإقليمية الإيرانية
حرب الناقلات

مناطق إنتاج النفط
أوضاع القوات العراقية والإيرانية
مسلسل العمليات كربلاء (1 – 9)
مسرح العمليات (الاتجاهات الإستراتيجية)
مسرح العمليات (التضاريس)
مسرح العمليات والدول المجاورة
الموقع الجغرافي للعراق وإيران
المنطقة الكردية
الهجمات الثانوية للعملية بدر
الهجوم المضاد الإيراني العام
الأفكار البديلة للعملية خيبر
التواجد الأجنبي في الخليج
التجمع القتالي لقوات الطرفين
العملية مسلم بن عقيل
العملية بدر
العملية فجر النصر
القواعد والتسهيلات الأمريكية
القواعد والتسهيلات السوفيتية
بدء الهجوم العراقي
تضاريس المنطقة الإيرانية
تضاريس العراق
تقسيم إيران
سلسلة العمليات فجر
طرق المواصلات بالشرق الأوسط
فكرة الاستخدام للقوات الإيرانية
فكرة الاستخدام للقوات العراقية



حرب عام 1967

المبحث الثالث

طبيعة مسرح العمليات

أولاً: الأهمية الإستراتيجية[1] والجيوبوليتيكية[2] للمنطقة

على الرغم من أن كلمة "إستراتيجية"، هي مصطلح عسكري، كما تشير تعريفاته، إلاّ أن لهذه الكلمة مدلولاً سياسياً. وهي تشمل، بذلك، ما يحقق المصالح القومية والذاتية، في كافة المجالات، جغرافياً، وسياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً.

1. الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الصراع

اهتمام الآخرين بمنطقة ما، يحدد أهميتها. وتزداد أهمية المنطقة، بازدياد الأطراف المهتمة بها. وتدخل إطار الإستراتيجيات، عندما تتنوع أوجُه الاهتمام بها، خاصة إذا كانت أطراف الاهتمام من القوى الدولية المتصارعة. وهو ما ينطبق على تلك المنطقة الحساسة من الشرق الأوسط.

·   جغرافياً، يسيطر مَوقع المنطقة على المواصلات الدولية، في جزء منها (بحرياً، بالسيطرة على مضيق هرمز. برياً، تقع على محاور التجارة، بين الهند وشرق البحر الأبيض المتوسط). كما يقترب من البعض الآخر، بما يجعله مؤثراً ومتأثراً بأحداثها؛ إذ تقترب المنطقة من مضيق باب المندب، وقناة السويس، وطريق رأس الرجاء الصالح، حول جنوب أفريقيا، الذي يبدأ من شرق أفريقيا، جنوب القرن الأفريقي (مضيق موزمبيق). (اُنظر خريطة طرق المواصلات بالشرق الأوسط).

·   سياسياً، تشكل المنطقة ملتقى مصالح القوى العالمية، العظمى والكبرى، منذ عصر الإمبراطوريات الكبرى وحتى الآن. بل إنها تغصّ أيضاً بالقوى الإقليمية المتنافسة، منذ تراجع العالمية عن شعوب المنطقة، الذاكرة دوماً، لحضاراتها وأمجادها البائدة.

·   اقتصادياً، كانت التجارة الدولية، هي مصدر أهمية المنطقة، سابقاً. وقد أضيف إليها عدة عوامل اقتصادية أخرى، سبقت التجارة العالمية، في الأهمية. أولها احتياطي النفط الضخم، وثانيها العائدات النفطية لدول المنطقة، ويليهما الاستثمارات الكبرى للشركات العملاقة في المنطقة. وهي إمّا متعلقة بالنفط، أو بتمويل من عائداته، أو بخدمة مجتمعات المناطق النفطية[3].

تأتي الأهمية العسكرية للمنطقة محصلة للاهتمامات المتنوعة، في المجالات السابقة. فقديماً، كان الشرق الأوسط، يتوسط الحضارات والإمبراطوريات، الفرعونية واليونانية والرومانية والفارسية، مما جعله ملتقى الصراعات بينها، امتداداً إلى المسرح الفينيقي (الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط) وأرض الشام. كما كانت حراسة قوافل التجارة، وتأمين طرُقها، المارة، بالمنطقة أحد مشاغل القادة والملوك، وسبباً في دفْع قواتهم إلى المنطقة، لاستمرار تواصل القوافل التجارية، من الهند والصين إلى جنوب أوروبا. وفي العصور الإسلامية الزاهية، كانت المنطقة مركزاً لحشد القوات وانطلاقها، شرقاً وشمالاً وغرباً، لفتح الأمصار وإبلاغ رسالة الإسلام إلى الشعوب كافة، ولعل العصر العباسي كان أزهاها. وفي عصر الكشوف الجغرافية، كانت مطمعاً للعديد من القوى الاستعمارية الأوروبية، بدءاً بالبرتغاليين، وانتهاءً بالبريطانيين. وكانت المنطقة إحدى مناطق الصراع في الحرب الباردة، بين قطبَي العالم في النظام العالمي السابق. ثم أصبحت منطقة صراع لاختبار قواعد النظام العالمي الجديد وتثبيته، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ولعل أكثر ما يثير الأهمية العسكرية في المنطقة، تنامي القوة العسكرية للقوى الإقليمية، ذات القوميات المتناحرة قديماً، من عرب وفرس وأتراك، أو حديثاً، منذ إيجاد موطئ قدَم لإسرائيل على أحد أجناب المنطقة، وأكثرها تميّزاً.

2. المشكلة الديموجرافية (السكانية)، نقطة الضعف الإستراتيجية في المنطقة

تعدى تأثير المنطقة وتأثّرها نطاق القومية العربية والقومية الفارسية، ليصلا إلى المنطقة الهندية وما جاورها، شرقاً، وإلى القارة الأفريقية، غرباً. وقد كانت التجارة هي حلقة الوصل، التي أقامها، في البدء، التجار العُمانيون واليمنيون، ثم قلّدهم الأفارقة والهنود، في ديناميكية تفاعلية عكسية، بتدفقهم إلى المنطقة، للحج والعمل والتجارة. وتبادل الشعوب الاستيطان، وتفاعلت القوميات. وظلت الهجرات تحت السيطرة، حتى المراحل الاستعمارية وما أعقبها، في عصر النفط، حين شكلت الهجرة المؤقتة للعمالة الأجنبية، أحد أخطار العصر الحديث. وارتبط ذلك بالعمالة الإيرانية الأقرب، التي تسيطر دولتها الإيرانية على الساحل الشرقي للخليج، بمفردها، وتشكل كثافتها الديموغرافية أحد عناصر الضغط في المنطقة[4]. في مقابل عدة دويلات، تُفَتِّتِ الساحل الغربي للخليج، وتجزئ السيطرة عليه، بما تحويه من فراغات سكانية، لضعف كثافتها الديموجرافية، التي لا يزيد تعداد أكبرها، المملكة العربية السعودية، على سبعة عشر مليون نسمة. ويزيد من عمق المشكلة الديموجرافية، أن يربض على شمـال المنطقة، دولة عربية، ذات كثافة سكانية عالية، كذلك، العراق، الذي يتصاعد، سكانياً، متجهاً إلى أكثر من خمسة وعشرين مليوناً، عند نهاية القرن الحالي. وهو ذو اتجاهات مناوئة للقوى الفارسية، جارته الشرقية، وغير متوافق، في الوقت عينه، مع جاراته العربية.

تُعَدّ المشكلة الديموجرافية أحد الأُسس في إستراتيجيات المنطقة، التي يسعى كل طرف فيها إلى استغلالها لمصلحته، بشكل أو بآخر، خاصة أن الصراع في المنطقة، أساسه مصالح البشر، بزاوية قومية مختلفة.

3. الأهمية الجيوبوليتيكية للمنطقة

تزيد العوامل الجيوبوليتيكية، وهي في مجملها، عوامل احتكاكية، ذات حساسية عالية، من أهمية المنطقة، فهي بادية للأعيُن الخبيرة بالأمور السياسية، والملمّة بعناصر التميّز.

العامل الحضاري هو أول تلك العوامل الاحتكاكية. فالمنطقة، جغرافياً وسياسياً وحضارياً، في نقطة التقاء، مكانية وزمانية، بين الحضارات الثلاث الكبرى ('الحضارات العربية والفارسية والتركمانية.')، التي تنافست فيها، لفترات طويلة سابقة، وتسبب صراعها بانقسامات وتوترات وحروب في الربوع المتاخمة . ولهذا العامل آثار ممتدة، ومتفاعلة، حتى الآن، إذ تمتد أصول قومية من كل جانب، إلى داخل الجوانب الأخرى. فمن الناحية العرقية، ثمة عرب من أصول إيرانية، أو تركمانية. وتحاول الحضارتان، الفارسية والتركمانية، مد نفوذهما، إسلامياً، للخروج من ضِيق الطابع القومي البحت، إلى اتّساع الطابع الإسلامي، من طريق تلك الأقليات. وهذه الظاهرة أكثر أهمية لدى إيران، التي تضعها في أولياتها المهمة.

العامل التالي أيديولوجي السمة. فالمنطقة واقعة بين أكبر مذهبَين إسلاميين، وهما السُّنة والشيعة. المذهب السُّني يسود المناطق العربية. بينما المذهب الشيعي فارسي. مع وجود تبعية أيديولوجية للمذهبَين، خاصة الشيعي، في مناطق دول المذهب الآخر. بل إن مراكز الفكر العلمي الشيعي، وأكثرها أهمية في النجف وكربلاء، حيث العتبات المقدسة للشيعة، داخل المنطقة العربية، هي مدن عراقية عربية.

تشترك المنطقة، مع ما جاورها، شمالاً، في المنطقة الجبلية الكردستانية، (العامل الاحتكاكي الثالث). وهي منطقة وعرة، طبوغرافياً، وسكانها ذوو أصل كردي واحد، توزع سياسياً، كنتيجة للأحداث السياسية السابقة، التي مرت بها المنطقة، على خمس دول[5]. ويُستغل هذا الوضع من قِبل النظُم الدولية أو الإقليمية، لإثارة القلاقل والتوترات على حدود تلك الدول. وتنهج تلك الدول نفسها هذه السياسة بعضها ضد بعض، خاصة فيما بين إيران والعراق، أو العراق وتركيا. وهي تمثّل، كذلك، مناطق الاحتكاك الكبرى، بين الصفويين والعثمانيين، إذ تضم المنطقة الكردية الإيرانية تبريز، مركز الصفويين. بينما يضم العراق مدينة الموصل الإستراتيجية. وتلاصق الأولى أرمينيا، وبينما تجاور الثانية المنطقة الكردية التركية. ويُعَدّ ملتقى المناطق الثلاث، أكثر المناطق الكردية إثارة وسخونة، على مدى النصف قرن الأخير. (اُنظر خريطة المنطقة الكردية).

تلتقي اتجاهات التجارة العالمية، التي تنتهي، عادة، إلى الطرُق البرية، عبْر منطقة الاحتكاك الرئيسية، إذ تُعَدّ إيران المنفذ الرئيسي إلى وسط آسيا، والعراق المنفذ الرئيسي إلى شبه الجزيرة العربية، وجنوب شرق آسيا، وشرق أفريقيا، وشرق البحر الأبيض المتوسط، مما يقلّل من أهمية المنطقة التركية، بالنسبة إلى طرُق التجارة العالمية.

كانت المنطقة تقع، كذلك، على حدود الانقسام السياسي، بين الولاء للغرب الديموقراطي، الشرق الشيوعي[6]. وأفرز هذا العامل الاحتكاكي، في إطار النظام العالمي، الثنائي القطبية، الذي ساد السياسة العالمية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تنازع المصالح في المنطقة بين المعسكرين، وحاول كل منهما أن يجعل من المنطقة ستاراً واقياً إلى جانبه[7].

تقترب المنطقة، جغرافياً، وتلتصق، أيديولوجياً، بأكثر المناطق توتراً في العالم، الأراضي الفلسطينية، ذات الأهمية البالغة[8]، التي دار الصراع حول السيطرة عليها بين القوى العالمية، سابقاً، والقوى الإقليمية، بمساندة الدول الكبرى، حالياً، ولم يستقر بعد أكثر من نصف قرن[9].

4. تأثير الأهمية الإستراتيجية والجيوبوليتيكية، في الأحداث التاريخية في المنطقة، بعد الحرب العالمية الأولى

ظلّت منطقة الشرق الأوسط، عبْر التاريخ، أهم مناطق الأحداث، ومركز ثقل السياسة الدولية، بما حباها الله من عناصر جغرافية، ذات سمات متميزة، لم تفقِدها، على مر الزمن. بل هي تزداد وتتضاعف بالمكتشفات الجديدة، في باطنه، وعلى سطحه، وفي بحاره، وفي علاقاته. وهو ما خَطّ لهذا الإقليم تاريخاً طويلاً، أصبح هو نفسه سمة مميزة إضافية.

وتتربع منطقة ما بين النهرين، وما جاورها، في قلب الشرق الأوسط، لتكون الأهم في المنطقة المهمة. فإذا كان مَوقع الشرق الأوسط، هو أهم ما يتاح لإقليم ما في العالم، فإن منطقة ما بين النهرين، وما يتصل بها، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، أصبحت مركز هذا المَوقع المهم، وهمزة الوصل بين قلب الأرض الأصلي، أوراسيا، وقلب الأرض الثانوي، أفريقيا، كما تبرهن نظريات الجيوبوليتيك. وهي، بذلك، قد تكون حافة واقية أيضاً لأي منهما.

وضاعف تقدُّم وسائل النقل المختلفة، خاصة الطائرات، من أهمية الإقليم، بإضافة مراكز تلك الوسائل إلى مدنه. كما حسّنت الإضافات، من طرُق برية وسكك حديدية وقنوات، تصِل بين البحار، من أهميته.

لم تكن أهمية المَوقع كامنة في توسّطه مواصلات العالم المهمة، أو قرْبه من مناطق الثروة الطبيعية، في الخليج وأفريقيا والهند. بل كانت في كونه كتلة فاصلة، كانت، سابقاً، تقسم الامتداد للكتلة السُّنية الإسلامية الضخمة عن الكتلة الشيعية في تلك المنطقة. وأصبحت، إضافة إلى ما سبق، كتلة فاصلة بين النفوذ البريطاني، جنوباً وشرقاً، وروسيا، شمالاً، التي حاولت، مراراً، اجتيازه للوصول إلى المياه الدافئة، جنوباً. وهو ما روعي عند تقسيم النفوذ في إيران (1906)، لمنْع روسيا من الوصول إلى مبتغاها[10].

تنفرد المنطقة بأهم الطرُق قاطبة في الصراع الدولي، إذ يمرّ بها الطريق البري، القادم من الشمال، عبْر جبال القوقاز، فيما بين بحرَي قزوين، شرقاً، والأسود، غرباً، إلى إيران، فالخليج الفارسي، واصلاً، إلى المياه الدافئة، مرابض الثروة النفطية الهائلة، أو يتجه، غرباً، إلى الأناضول، ويمر بالحافة الغربية للمنطقة، على ساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي، إلى قناة السويس والبحر الأحمر، مكوناً قوساً هائلاً، يرتكز على جبال ألبرز في إيران، وجبال طوروس في تركيا، وينحرف جنوباً، ليضم إقليم الموصل في العراق، واصلاً، في مداه، بين الخليج العربي، شرقاً، وقناة السويس، غرباً، ورابضاً فوق شمال شبه الجزيرة العربية، جامعاً داخله كل مقومات المنطقة وحيويتها.

انعكاس هذا القوس، في ما يشبه إطلاق سهم منه، من الجنوب إلى الشمال، يقود مباشرة إلى آبار النفط الأرمينية، في القوقاز، ثم وادي الفولجا وجبال الأورال، اللذين تتركز فيهما أهم الصناعات الروسية. وبذلك، فإن هذه المنطقة، المحصورة بين القوس الحاجز والسهم النافذ، تمثل الهدف القاتل الحيوي لتلك الدولة العظمى.

أدى هذا المفهوم الجيوبوليتيكي إلى محاولة الدول، العظمى والكبرى، الغربية، ربْط المنطقة بأحلاف دفاعية، ونُظُم حكم موالية[11]، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وعلى مر العقود، حتى نهاية العقد السادس. وقد بدأ اهتمام الغرب بالمنطقة، بوضعها تحت الانتداب، وتقسيم مناطق النفوذ فيها، إذ استأثرت بريطانيا بالجزء الأهم من فارس (إيران) وكل العراق، وترك للروس الجزء الأقل من فارس، شرقاً، وللفرنسييـن سهول الشام وساحلها، غرباً، قبل أن تقيم مملكة العراق، وتنصّب فيصلاً الهاشمي، ملكاً عليها، ومن بعده غازي الأول، ثم فيصل الثاني، الذي قتل في ثورة 1958، التي أخرجت العراق من النفوذ البريطاني الغربي، وغيّرت اتجاهه إلى المعسكر الشرقي السوفيتي. بينما انعكست الأمور، بالنسبة إلى إيران، التي كان ملوكها ينحازون إلى الجانب الروسي، في البدء، ثم اتجهوا إلى الغرب، في مرحلة التحالفات، التي ارتبطوا بها، حتى قيام الثورة الإسلامية في إيران، التي رفضت الانحياز إلى أي من المعسكرين.

ثانياً: حدود مسرح العمليات[12]، وخصائصه الجغرافية

يؤثر مسرح العمليات في أداء القوات وأسلوب تنفيذها للمهام القتالية. وتراعى هيئات الأركان، المختصة بوضع الخطط، التي تنفذها القوات، خصائص مسرح العمليات، الذي تعمل فيه التشكيلات والوحدات المقاتلة. وتحاول استغلال تلك السمات، لمصلحتها، وحرمان الخصم من الاستفادة منها.

عادة، يشمل مسرح العمليات عدة أقاليم جغرافية، ذات خصائص محددة، إضافة إلى سماتها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد يقتصر مسرح العمليات على مساحة محددة من الأرض، وما جاورها من مسطحات مائية، عندما تكون أهداف الأعمال القتالية محصورة في داخل هذه الرقعة، التي غالباً ما تحوي الأهداف ذات الأهمية الكبرى، بالنسبة إلى الأطراف المتصارعة.

يؤمن اتساع المسرح العملياتي انتشار القوات، التي يتم حشدها وتجميعها، سواء كانت تشكيلات برية أو بحرية أو جوية، وترتبط أعمالها القتالية بفكرة إستراتيجية واحدة، وخطة واحدة.

كما يدخل في تحديد سعة المسرح الأهمية، السياسية والعسكرية والإستراتيجية، والأبعاد العامة (المواجَهة والعمق)، والمَوقع الجغرافي، ومستوى المواصلات فيه.

1. حدود مسرح العمليات في حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية ـ الإيرانية)[13] 

على الرغم من أن الأعمال القتالية للقوات المسلحة، النظامية وشبة النظامية[14] للطرفين، دارت في المنطقة الحدودية بينهما، والأرض المجاورة، شرقاً وغرباً[15]، إلاّ أن مسرح العمليات لتلك الحرب، كان أكثر اتساعاً، إذ قام كل منهما بأعمال قتال غير تقليدية، في العمق الإستراتيجي للخصم[16] في محاولات للتأثير في أوضاعه، الاقتصادية والعسكرية، خاصة أن كلا طرفَي الحرب، لديه أهـداف، حيوية وإستراتيجية، في عمق الدولة. كما تمت، كذلك، أعمال حربية في المسطح المائي للخليج العربي وخارجه[17].

يُعَدّ كل من مساحة دولتَي العراق وإيران، والمسطح المائي للخليج العربي، هي مسرح الحرب بينهما. وهي، في الوقت عينه، مسرح العمليات، الذي دار عليه أحداث تلك الحرب، من معارك وعمليات حربية، برية وبحرية وجوية، كما أنه شمل، أحياناً، بصفة مؤقتة، ولظروف طارئة غير مخططة، أجزاء من الدول المجاورة[18].

2. خصائص مسرح العمليات

أ. الموقع الجغرافي (اُنظر خريطة مسرح العمليات والدول المجاورة)

يشتمل المسرح، من حيث المَوقع، على أراضي دولتَي العراق وإيران، التي تشكل الحدود البرية الدولية للدولتين، والتي تقدر بنحو 7781 كم طولاً ـ منها 3701 كم، هي حدود العراق، 4080كم، هي حدود إيران، ويحيط بهما باكستان وأفغانستان، من الشرق، واتحاد الجمهوريات السوفيتية[19]، سابقاً، وتركيا من الشمال والشمال الشرقي، وسورية والأردن، من الغرب، والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت، من الجنوب. وهي، بذلك، تقع على رأس الخليج العربي (شط العرب)، وساحله الشرقي (الساحل الإيراني)، الممتد إلى خليج عُمان، وأسفل بحر قزوين (الساحل الجنوبي الإيراني)، وبين الجبال الأفغانية، شرقاً، وبادية الشام، غرباً.

وتقع المنطقة بين خطَّي الطول 62 و40 درجة، شرقاً و 40 و22 درجة شمالاً (مدار السرطان)[20].

ب. طبيعة الأرض (التضاريس) (اُنظر خريطة مسرح العمليات (التضاريس))

(1) المنطقة الجبلية

جبال زاجروس، شمال غرب إيران. وتمتد إلى جنوبها الغربي، أعلى قمة فيها 4432م عن سطح البحر، شرق ديزفول الإيرانية. وجبال ألبرز، جنوب بحر قزوين. أعلى قممها 5601م عن سطح البحر، شمال طهران، العاصمة الإيرانية. وتلتقي السلسلتان في داخل الأراضي العراقية في المنطقة الكردية، في شمالي العراق، بارتفاع 4168م عن سطح البحر، شمال الموصل.

(2) الهضبة الإيرانية

تمتد في المنطقة بين ذراعَي السلسلتين الجبليتين، إلى جهة الشرق، منخفضة قليلاً عن المنطقة الجبلية، وإن كانت تتسم بالوعورة نفسها.

(3) الأراضي المنخفضة (ما بين النهرين)

تنبسط الأرض غرب جبال زاجروس، عابرة الحدود الإيرانية ـ العراقية، ومكوِّنة حوض نهرَي دجلة والفرات، عند المصب، حيث يلتقي النهران عند القرنة مكوِّنين شط العرب، بطول 204كم حتى المصب في الخليج العربي. ويتصل بشط العـرب، كذلك، نهر كرخه، المنحدر من القمم الشمالية لجبال زاجروس، عند حمدان وكرمنشاه، ونهر كارون (قارون)، المنحدر من القِّمة المرتفعة (4548م)، شمال شرق الأهواز. ما بين النهرين، هي الأرض الزراعية الأعلى خصوبة، ذات الكثافة السكانية الكبيرة. لذا، يكثُر فيها المناطق الحضرية، والأنشطة المختلفة[21].

(4) المسطحات المائية

يكثُر في منطقة شط العرب، نتيجة لكثرة الأنهار والمجاري المائية، الملتقية المجرى الرئيسي لنهرَي دجلة والفرات، المسطحات المائية، والأراضي المغمورة، أو المشبعة بالمياه (السبخات) الرخوة. وهي ذات مسطح متّسع شمال شرق الخط، الواصل بين البصرة والناصرية. وتمتد، شمالاً، في شكل أذرع سبخية، حتى شمال العمارة، على نهر دجلة، والشطرة، على نهر الفرات، أو كبقع، مائية وسبخية، منفصلة، في السماوة، وجنوب النجف، وبحر الملح، غرب كربلاء، وبحيرة الحبانية، غرب بغداد، ومنخفض الثرثار، غرب سامراء، وشرق الكويت وشمالها. وتكثُر السبخات، كذلك، في امتداد نهر الفرات، قرب الحدود السورية، والمعروفة باسم سبخة البُغارس، وسبخة الروضة، داخل الحدود السورية، وفي وسط منطقة الجزيرة، التي لا يزيد ارتفاعها على 374م عن سطح البحر. وعلى الجانب الآخر، في المنطقة الإيرانية، تكثُر السبخات، كذلك، في المنخفضات، على المنحدرات الشرقية لجبال زاجروس، شرق شيراز، أو في دشط الكبير ودشط اللوط، حيث أقلّ ارتفاع للهضبة الإيرانية (500م) وفي أقصى الجنوب الغربي لإيران، ما بين مثلث الأهواز وبندرشاهبور وخورمشهر، كامتداد لسبخات شط العرب في العراق، والتي تصل حتى الفاو، في أقصى الجنوب، عند مدخل شط العرب.

(5) المناطق الصحراوية

يحيط بمنطقة ما بين النهرين أرض رملية، شبه صحراوية، قليلة الاتّساع من جهة الشرق، داخل الحدود الإيرانية، لاقتراب المنطقة الجبلية من الأراضي المنخفضة، في تلك البقعة، والتي تكوّن بروزاً، يضغط على الحدود مع العراق، محْدِثاً انحرافاً طفيفاً ما بين علي الغربي وخانقين (الجبل الكبير). ويزداد اتساع المنطقة شبه الصحراوية، شمالاً، لتفصل بين الأراضي، المنخفضة والجبلية، في شكل غطاء مستدير، في المنطقة الكردية (من خانقين إلى أبو كمال على الحدود السورية). أمّا في الغرب والجنوب الغربي، فهي امتداد لبادية الشام (مع سورية) وصحراء الحجارة (مع المملكة العربية السعودية)، باتّساع عظيم، يتخلّله وديان جافّة، ومسارب صحراوية. وتكون الحدود الجنوبية للعراق، مع المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، هي نهاية ذلك الوعاء المقلوب، بلونه الأصفر المميز، الذي يفصل بين الأرض الزراعية الخضراء والجبال الدكناء اللون.

ج. المواصلات

يرتبط مسرح العمليات مع العالم الخارجي، بعدة وسائل مواصلات. كما يتخلّله، كذلك، وسائل متنوعة تربط بين أطرافه المختلفة، خاصة عبر الحدود العراقية ـ الإيرانية.

(1) المواصلات البرية

(أ) السكك الحديدية

ينتهي عند منطقة شط العرب المهمة، خطوط السكك الحديدية، للدولتين. وهو ما يدلّ على اهتمام الدولتين بربـط تلك المنطقة بباقي الدولة. فمن جهة إيران، تمتد سكة حديدية من طهران، العاصمة، إلى عبدان وديزفول، ثم تتجه جنوباً، بمحاذاة نهر كارون، إلى الأهواز، ثم بندر شاهبور. وفي الجانب العراقي، هناك خطان للسكك الحديدية، من بغداد، يتجها جنوباً، كل منهما بمحاذاة أحد النهرين الكبيرين، دجلة والفرات، ليلتقيا عند الناصرية، ثم جليبه، فشرقاً، إلى البصرة، المركز التجاري المهم، ومنها إلى ساحل الخليج العربي، بالقرب من الحدود الكويتية.

(ب) الطرق البرية

ترتبط الدولتان، العراق وإيران، بمجموعة طرُق برية، ذات كفاءات متنوعة. أكثرها أهمية المحاور الرئيسية، الموصلة إلى المدن الرئيسية على الجانبين.

·   الطريق الشمالي، من همدان إلى الموصل، مروراً بأربيل وكركوك، في المنطقة الكردية، شمالي العراق. ويتجه شمال غرب إلى حدود سورية، عند تل كوجك، عابراً وادي الجراح، إلى الحدود التركية، عند نصيبين[22]، وغرباً، إلى طرسوس[23]، بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط.

·   الطريق الأوسط، من همدان إلى كرمنشاه، مروراً بخانقين إلى بغداد. ثم يمتد غرباً، ليجتاز بادية الشام، ويدخل الحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية، إلى المفرق، ليتجه جنوباً إلى عمّان، عاصمة الأردن. ويُعَدّ طريقاً رئيسياً ومهماً، يستخدمه العراق في تجارته، من خلال ميناء العقبة الأردني، على رأس خليج العقبة، الذراع الشرقية للبحر الأحمر[24].

·   الطريق الجنوبي، من همدان إلى ديزفول، وجنوبا إلى عبدان، مروراً بالأهواز وخورمشهر[25].

علاوة على الطرُق المحورية (الرئيسية)، فهناك العديد من الطرُق الأقل كفاءة وأهمية، مثل الطرُق المتفرعة من الأهواز، إلى ساحل الخليج، أو تلك المتفرعة من نهرَي دجلة والفرات، متجهة جنوباً وغرباً، حتى الحدود الدولية.

(2) المواصلات المائية

الخليج العربي هو المنفذ المائي الرئيسي، الذي يربط الدولتين (مسرح العمليات) بالعالم الخارجي، مع اختلاف رئيسي بينهما. فإيران، تتمتع بساحل طويل من شط العرب وحتى خليج عُمان، معظم رأس الخليج العربي، والساحل الشرقي كله. ولديها العديد من الموانئ البحرية عليه، أهمها بندرعباس وبوشهر وخورمشهر وشاه بهار وبندر بهلوي. وكلها قواعد للقوات البحرية الإيرانية، خاصة بندرعباس، مما يجعل مسرح العمل البحري الخليجي في مصلحة إيران، منذ البداية. أمّا العراق، فلا يوجد لديه سوى منطقة شط العرب الضيّقة، وقاعدتها البحرية الرئيسية، خلف الجزيرة الكويتية الإستراتيجية، بوبيان، في أم القصر، إضافة إلى الموانئ المحدودة، في خور أمية وميناء البكر، وهي في الأصل محطات نفطية. ولا يتجاوز طول الشريط الساحلي العراقي 50 كم[26].

إضافة إلى الملاحة البحرية، فإن شط العرب يتصل، إلى الداخل، بنهرَي دجلة والفرات. وهما صالحان للملاحة النهرية، في معظَمهما، بطاقة ضعيفة. إلاّ أن منطقة شط العرب نفسها، من الخليج العربي وحتى القرنة، من أهم المناطق ملاحة، إذ ترتادها السفن التجارية للدولتين، إلى ميناءيهما النهريين، في عبدان الإيرانية، أو البصرة العراقية، ذوَي الشهرة التاريخية.

(3) المواصلات الجوية

لم تؤثر طبيعة الأرض الصعبة، شرقاً، في إمكانية إنشاء القواعد والموانئ الجوية، إلاّ من حيث قدرات تلك القواعد والموانئ الجوية. وهو ما قابله العراق في منطقته الشمالية. بينما يُعَدّ الباقي من المناطق صالحاً لإنشاء القواعد والموانئ الجوية الحديثة، خاصة داخل الهضبة الإيرانية والمنطقة المفتوحة، غرب العراق.

من جهة أخرى، فإن الظواهر الجوية، في مسرح العمليات، كانت أكثر تأثيراً في نشاط المواصلات الجوية، من حيث توقيتات هبوب الرياح الموسمية، الكثيفة الأتربة، رياح السَّموم الحمراء اللون، بما تحمله من الرمال، أو فترات سقوط الأمطار والثلوج، في المناطق الشمالية لمسرح العمليات، المنطقة الكردية الجبلية المرتفعة.


 



[1] الإستراتيجية اسم مركب، مشتق من اليونانية، إذ تعني كلمة Stratêgos فن القيادة Atr of General Ship، بينما Stratos تعني الجيش، وagein تعني قيادة أو إدارة. والكلمة المنبثقة منها هي Strategie ، وتعني فن قيادة الجيش. ويقصد بهذا المصطلح استخدام القوة المسلحة للدولة، لتحقيق أهدافها.

[2] جيوبوليتيك كلمة مشتقة من اسمين: GEO، وتعني الأرض، POLETIC ، وتعنى السياسة. وتركيبها يعني سياسة الأرض. وهي علم مشتق من الجغرافيا العامة والجغرافيا السياسية، ابتكره العلماء الجغرافيون الألمان، أثناء بحثهم، علمياً، أسباب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وكيفية التحلل من شروط معاهدة الاستسلام (فرساي)، وإعادة دولتهم إلى مصافّ الدول العظمى.

[3] يُعَدّ النفط ذا أهمية بالغة، منذ اكتشافه في نهاية القرن الماضي وحتى الآن. فهو المصدر الحيوي للطاقة، الذي فاق الفحم، وأصبح يمثل 45% من استهلاك الطاقة في العالم. بينما تراجع الفحم إلى 30%، والغاز الطبيعي (مصادره الرئيسية في منطقة الخليج العربي) إلى 19%، وهما (النفط والغاز الطبيعي) أقلّ نفقة من كافة أنواع الطاقة.

[4] تقترب من خمسين مليون نسخة.

[5] أربع منها إسلامية، هي العراق وسورية (العربيتان)، وتركيا وإيران، والخامسة الاتحاد السوفيتي السابق، ووريثته روسيا القيصرية.

[6] استمر هذا الوضع حتى بداية العقد الأخير من القرن العشرين، حين ضعف تأثيره، بانهيار الاتحاد السوفيتي، وتفكك الكتلة الشيوعية.

[7] كانت إيران الشاهنشاهيه في جانب المعسكر الغربي. بينما كان العراق من الدول المتعاونة مع المعسكر الشرقي، وكلٌّ منهما كان يسعى إلى زعامة المنطقة، سياسياً.

[8] ورد في القرآن الكريم ثلاث آيات، تصف تلك المنطقة بالأرض التي باركها الله (سورة الأنبياء، الآيتان 71 و81، سورة الإسراء، الآية الأولى).

[9] أعلنت الثورة الإسلامية الإيرانية، عقب إسقاط حكم الشاه الأخير، أن إيران دولة مواجَهة ضد إسرائيل.

[10] فطنت ألمانيا لذلك، فاعترفت بهذا التقسيم، عام 1911، وأخذ صفته الدولية.

[11] ميثاق سعد أباد (1937) بين تركيا والعراق وإيران وأفغانستان وإنجلترا. حلف بغداد (1955) بين تركيا والعراق وإيران وباكستان والمملكة المتحدة، وتغير اسمه إلى الحلف المركزي، بعد أن انسحب منه العراق، عام 1958، على أثر نشوب الثورة فيه. وقد اشتركت الولايات المتحدة الأمريكية في الحلف المركزي، في اللجنتَين، الاقتصادية والشؤون العسكرية، من دون أن تنضم إليه.

[12] مسرح العمليات، يشتمل على مساحة من الأرض والساحل والبحر (إن وجد). يجرى حشد القوات وتجهيزها للقتال، واتخاذها الأوضاع، التي تبدأ منها الأعمال القتالية، لتنفيذ مهام العملية الحربية. وعندما تتسع مساحة الأرض والبحر، التي تنفذ فيها العمليات الحربية، بوساطة عدة تجمعات عسكرية ذات حجم كبير (فيالق أو جيوش أو مجموعات جيوش)، فإن المسرح، في هذه الحالة، يسمى مسرح الحرب (مشتملاً على عدة مسارح عمليات، متصلة أو منفصلة). ففي حالة الحرب العالمية الثانية، مثلاً، هناك عدة مسارح عمليات، في شمالي أفريقية وشرقي أوروبا وغربيها والشرق الأقصى، تكوّن معاً مسرح الحرب العالمية الثانية.

[13] لم تُعرف باسم حرب الخليج الأولى، إلا بعد غزو العراق الكويت، ثم تحريرها منه (1990 ـ 1991). ولكون العراق طرفاً في الحربَين، وفي المنطقة عينها ـ مع تغيير اتجاهات القتال ـ فقد سميت الحرب العراقية ـ الإيرانية بحرب الخليج الأولى، وسميت العمليات الحربية لغزو ثم تحرير الكويت، بحرب الخليج الثانية.

[14] اشتركت قوات إيرانية غير نظامية في الحرب، وكانت تسمى الحرس الثوري الإسلامي.

[15] تأثر عمق الأعمال القتالية بتغير دفة الحرب في مصلحة كل طرف، في مراحل متعددة، استغلها كلٌّ منهما في أعمال هجومية، داخل العمق العملياتي للخصم.

[16] سميت حرب المدن.

[17] عرفت باسم حرب الناقلات.

[18] شملت المياه الإقليمية لدولة الكويت والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية (في البحر الأحمر). كما شملت المجال الجوي للمملكة العربية السعودية، في حادثة منفردة.

[19] بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه، في بداية العقد الأخير من هذا القرن، قسمت الحدود مع إيران إلى ثلاث جمهوريات، هي تركمانستان وأذربيجان وأرمينيا، التي استقلت عنه، مع مجموعة جمهوريات آسيا الوسطى ـ ومعظمها ذات أغلبية إسلامية (تشمل، كذلك، جمهوريات أوزبكستان وطاجيكستان وقيرقيزستان وكازاخستان) تعتنق المذهب الشيعي، وتتحدث الفارسية والتركية، وأصولها العِرقية من القبائل التركمانية القوقازية (تتار).

[20] شرق جرينتش، وشمال خط الاستواء. ويعني ذلك 22 درجة طولاً، مداها الزمني 88 دقيقة من الشرق إلى الغرب، 18 درجة عرض، يجعلها تقع على حدود الأقاليم المناخية الصحراوية وشبه الصحراوية (السهوب) والقارية الممطرة

[21] إضافة إلى الزراعة، فهي، كذلك، منطقة صناعات آلية وكيماوية، ومصادر طاقة، وصناعات غذائية، ونسيج، ومراكز سياحة وآثار، ودواوين الإدارة الحكومية، وصناعات نفطية. وكانت مقراً للحضارة القديمة.

[22] أثناء حرب الشام الثانية، بين الجيش المصرى، بقيادة إبراهيم باشا، ابن محمد علي باشا، والي مصر، وبين الجيش العثمانى (عام 1839)، التقى الجيشان بالقرب من مدينة نصيبين، على الحدود التركية ـ السورية، حالياً، حيث دارت معركة بينهما، سميت معركة نصيبين، وأحياناً، معركة نزيب، نسبة إلى القرية الأقرب للمَوقع. وفيها استطاع إبراهيم باشا مباغتة الترك، من الخلف، في مناورة بارعة، وأنزل بهم هزيمة فادحة، تعدت 4 آلاف قتيل وجريح، و12 ألف أسير وكثيراً من العتاد والأموال (6 ملايين فرنك)، على الرغم من القيادات الألمانية، التي دربت الجيش التركي وقادته، وعلى رأسها فون مولتكه الشهير، الذي تولى منصب رئيس الأركان العليا للقوات المسلحة الألمانية، بعد ذلك.

[23] مدينة تركية في جنوبي تركيا، على نهر يحمل الاسم نفسه.

[24] يقع المحور الأوسط جنوب المحور الشمالي، بمسافة 240 كم.

[25] يقع المحور الجنوبي جنوب المحور الأوسط، بمسافة 400 كم.

[26] رسم تلك الحدود البريطانيون، في العشرينيات. فنالت الكويت شريطاً ساحلياً يقدّر بأربعة أمثال طول الشريط الساحلي العراقي. وكانت جزيرتا وربة وبوبيان، الكويتيتان، تسدان الطريق إلى الخليج من ميناء أم القصر العراقي، مما جعل نُظُم الحكم العراقية المتعاقبة، تطالب بضمان لمنفذ أكثر أمناً.

[27] كلمة طبوغرافيا، تعني دراسة شكل سطح الأرض (التضاريس) من وجهة نظر عسكرية، وتحديد تأثيرها في الأعمال الحربية، من تحركات وقتال وإسناد إداري (لوجستيك) .

[28] تقدَّر مساحة إيران بحوالي مليون وستمائة وثمانية وأربعون ألفاً من الكيلومترات المربعة، أي ثلاثة أضعاف مساحة العراق تقريباً.

[29] هي أطماع قديمة، متجددة دائماً، إذ يبحث الروس عن طريق موصل إلى المياه الدافئة.

[30] شهد هذا الاتجاه، من قبْل، عمليات برمائية، لاحتلال إيران لجزُر عربية في الخليج (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) ولا تزال تحتلها حتى الآن.

[31] لا يتعدى الساحل العراقي، عند شط العرب، 50 كم.

[32] طول الحدود العراقية ـ الإيرانية ـ وهي، كذلك، اتساع جبهة القتال بينهما ـ 1392 كم.

[33] كثافة السكان في إيران 48 نسمة في كل كم2 واحد، أي ضعف المعدل العالمي تقريباً (25 نسمة/ كم2) وهي تعادل 0.4 من كثافة العراق السكانية، بالنسبة إلى مساحة كل دولة.

[34] مساحة العراق 128 434 ألف كم2.

[35] مؤسسا الدولتين ـ بالاتفاق مع الإنجليز ـ الشقيقان الهاشميان، الملك فيصل والملك عبدالله، ابنا الشريف حسين، أمير الحجاز السابق.

[36] ساند العراق الجمهورية السورية في حربَي 1967 و1973، ضد إسرائيل. وهناك تعاون، تجاري واقتصادي، ضخم، بين العراق، الذي يستخدم ميناء العقبة الأردني في استقبال وارداته ويصدر الحصة الرئيسية من حاجة الأردن إلى النفط.

[37] هو الادعاء نفسه، الذي ادعاه صدام حسين ومبرراته لغزو الكويت 1990 (حرب الخليج الثانية).

[38] يضم هذا الاتجاه كل المناطق المقدسة عند الشيعة، في النجف وكربلاء والكوفة وبغداد (العتبات المقدسة).