إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإيرانية ـ العراقية، من وجهة النظر العربية





مناطق النفوذ في العالم
موقع الجزر الثلاث
منطقة جزر مجنون
إصابة الفرقاطة الأمريكية STARK
مسارح الصراع البرية والبحرية
معركة الخفاجية الأولى
معركة تحرير الفاو
معركة سربيل زهاب
الهجوم الإيراني في اتجاه عبدان
الإغارة الثالثة على دهلران
التشابه بين مضيقي تيران وهرمز
العملية رمضان
العملية فجر ـ 8
العملية فجر ـ 9
الغارة الإسرائيلية الثانية
القواعد البحرية الإيرانية في الخليج
اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916
حادث إسقاط الطائرة الإيرانية
حدود المياه الإقليمية الإيرانية
حرب الناقلات

مناطق إنتاج النفط
أوضاع القوات العراقية والإيرانية
مسلسل العمليات كربلاء (1 – 9)
مسرح العمليات (الاتجاهات الإستراتيجية)
مسرح العمليات (التضاريس)
مسرح العمليات والدول المجاورة
الموقع الجغرافي للعراق وإيران
المنطقة الكردية
الهجمات الثانوية للعملية بدر
الهجوم المضاد الإيراني العام
الأفكار البديلة للعملية خيبر
التواجد الأجنبي في الخليج
التجمع القتالي لقوات الطرفين
العملية مسلم بن عقيل
العملية بدر
العملية فجر النصر
القواعد والتسهيلات الأمريكية
القواعد والتسهيلات السوفيتية
بدء الهجوم العراقي
تضاريس المنطقة الإيرانية
تضاريس العراق
تقسيم إيران
سلسلة العمليات فجر
طرق المواصلات بالشرق الأوسط
فكرة الاستخدام للقوات الإيرانية
فكرة الاستخدام للقوات العراقية



حرب عام 1967

المبحث السابع

النظام الإقليمي ودون الإقليمي والموقف العربي

أولاً: النظام الإقليمي المعاصر

وُجدت على الساحة في منطقة الخليج العربي، قوى إقليمية متعددة، ذات مصالح متضاربة، تنافست في السيطرة على المنطقة، خاصة بعد أن انسحبت بريطانيا منها، واتسمت أعمال تلك القوى بالفردية، إذ اتخذت الدول الكبرى الإقليمية قراراتها، طبقاً لأهدافها الإستراتيجية، وخارج إطار التنظيمات، الإقليمية ودون الإقليمية، لدول المنطقة.

شهدت المنطقة صراعاً بين القوى الإقليمية الرئيسية الثلاث في المنطقة: المملكة العربية السعودية، والعراق، وإيران. اختلفت فيه أهدافها، من منطلق الأمن الوطني الذاتي لكل منها، وكذلك ارتباطاتها بالقوى الدولية، مما حال دون الوصول إلى موقف موحَّد، وهو ما كان يصعب الوصول إليه، عملياً، في ظل ظروف كل دولة منها. وترجع أسباب التنافس بين تلك القوى، إلى:

1. الرغبة في السيطرة على المنطقة، والقيام بدور الدولة الكبرى فيها. وهو ما كانت إيران تمارسه، فعلاً، قبْل الثورة الإسلامية فيها. ويقاوم العراق الرغبة الإيرانية، آملاً أن يكون هو نفسه صاحب هذا الدور. بينما تسعى المملكة العربية السعودية إلى تأكيد اضطلاعها بذلك الدور، الذي كان ضمن سياساتها القديمة، منذ محاولة آل سعود توحيد شبه الجزيرة العربية، طارحة الاعتبارات الدينية والثقل السياسي والاقتصادي، كمبرر لأحقيتها في هذا الدور.

2. الحرص على تأكيد الأصول العرقية في المنطقة. إذ حرصت إيران على إحياء الفارسية، كهوية للمنطقة. بينما كانت الدول العربية، ومنها العراق والمملكة العربية السعودية، حريصة على تأكيد الهوية العربية[1].

3. صراع الثروة النفطية، والخلافات حول الجزر والجرف القاري والمياه الإقليمية، لما يختزنه كل مَوقع من احتياطيات نفطية تحت سطح أرضه أو مياهه، التي كانت من الأسباب الرئيسية لاحتلال إيران للجزر العربية الثلاث، جنوب الخليج، إضافة إلى موقعها من الممر الملاحي.

4. التنافس التجاري في سيادة الأسواق في المنطقة. فقد اتجهت تلك الدول إلى التصنيع المحلي، مما يتطلب وجود أسواق لتصريف المنتجات. وكانت إيران شبه محتكرة لتلك الأسواق، قديماً، لكبر الجاليات الإيرانية في المنطقة، ثم نافسها العراق ليحل محلها. وتصاعد التنافس، بنجاح المملكة العربية السعودية في خططها التنموية.

5. اهتمام إيران بزيادة نسبة العمالة الإيرانية في أسواق العمل الخليجية، لاستيعاب العمالة الزائدة عن حاجتها، وتخفيض نسب البطالة لديها، وحل مشاكل الإنفاق العام، بزيادة عائدات العمالة الخارجية في ميزانيتها، مما يسهم في الاستقرار الاجتماعي للدولة، إضافة إلى الفائدة السياسية، الناجمة عن ضخامة الجاليات الإيرانية، في الدول الخليجية العربية. وقد حرص العراق على التصدي لتلك السياسة[2] لإحباط المخططات الإيرانية، كورقة ضغط في مصلحته، في التوقيت الملائم له. وكذلك لإرباك الاقتصاد الإيراني، وتقليل العائدات المنتظرة من تلك العمالة.

6. تضخم الترسانة العسكرية لتلك الدول، التي تسابقت إلى التسلح من مصادر متعددة، تحسباً لاحتمالات حسم الخلافات بينها، عسكرياً، في بعض المَواقع المتنازع فيها. وقد قدر المراقبون أن ضخامة قوات إيران، تزيد عن حاجتها الدفاعية، كما أنها لا ترقى إلى حدّ الصراع المسلح مع الاتحاد السوفيتي. لذا، فلا بد أن تكون لتهديد الدول العربية الخليجية. وقد استخدمت إيران ذلك التفوّق العسكري في احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، والتمسك بها. كما تدخلت، عسكرياً، للقضاء على الثورة في ظفار، في سلطنه عُمان، ورفعت من كثافة وجودها العسكري في مدخل الخليج.

وبالمِثل، فإن العراق، استخدم قوّته العسكرية الكبيرة في خلافاته مع الكويت، التي كان يأمل أن يضمها كلها إلى أراضيه، أو الاستيلاء على جزيرتَي وربة وبوبيان الكويتيتين الإستراتيجيتين، لأهميتهما، بالنسبة إلى البحرية العراقية[3].

أمّا المملكة العربية السعودية، فقد استخدمت تنامي قوّتها العسكرية في تزعم باقي دول الخليج، لحماية أمْنها القومي، وكذلك، أمن تلك الدول، الصغيرة الحجم، مساحة وقوة بشرية، الغنية بمواردها النفطية.

7. التناقضات العرقية والمذهبية. وقد حرصت إيران على استخدام تلك التناقضات في مصلحتها، خاصة أن الأوضاع المحلية، كانت تتيح ذلك. في الشمال، استخدمت إيران الأقلّية الكردية في استنزاف قدرات العراق، وتشتيت جهوده على الرغم من أن أنها تعاني المشكلة نفسها. وفي الجنوب، عملت على إثارة الشيعة ذوي الأصل الإيراني، الذين تمتلئ بهم مناطق المزارات المقدسة الشيعية، في جنوبي العراق. كما عمدت إلى اجتذاب الشيعة، من مواطني دول الخليج العربية، الذين تزداد كثافتهم في الساحل الغربي للخليج، تساندهم الجاليات الإيرانية الكبيرة في تلك المناطق، محاولة إيجاد انقسام مذهبي في تلك الدول لتستغله في مصلحتها[4]. على صعيد آخر، فإن دولة البحرين كانت تزعجها مطالبة إيران بضمها، بدعوى الحق التاريخي، والأغلبية ذات الأصل الإيراني من سكانها. بينما عانت دولة الكويت من المطلب عينه من قِبل العراق. واحتدم النزاع بين قطَر والبحرين في تبعية جزر حوار، الواقعة بينهما. واختلفت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان مع جاراتها على المناطق الحدودية.

كانت تجربة اتحاد بعض الإمارات العربية، في دولة اتحادية (دولة الإمارات العربية المتحدة)، متميزة عمّا سبقها من تجارب، في مناطق عربية أخرى، وعلى الرغم من نجاحها، إلا أن كثيراً من المصاعب والمشاكل، كانت لا تزال تعرقل أداء الدولة الوليدة. مما أضعف نفوذها في المنطقة، إضافة إلى إرث النزاع مع إيران في الجزر الثلاث.

وكان على سلطنة عُمان أن تولِي جارتها الخلفية، اليمن الجنوبي، اهتماماً خاصاً، بما تثيره من مشاكل حدودية، ودعمها ثوار ظفار في تمردهم على السلطة. وفي الوقت نفسه، تؤمن الممرّ الملاحي الدولي إلى مدخل الخليج، الواقع ضمن مياهها الإقليمية، ضد أخطار النزاع المرتقب والمتصاعد. فاتفقت مع إيران، بصفتها الأقرب إلى الممر الملاحي، والأقدر على حمايته، مما أثار حفيظة القوى، الإقليمية والعالمية، على حد سواء.

ودخلت المملكة العربية السعودية في نزاعات عدة حول الحدود مع قطَر والإمارات العربية وعُمان، سُوِّيَت بمعاهدات واتفاقات، فيما بعد. وكذلك مع اليمن الشمالي، حول نجران وجيزان المدينتين المهمتين في الجنوب الشرقي. وراحت تراقب بحذر التحركات الآسيوية في القرن الأفريقي، والنشاط الإسرائيلي في جزر البحر الأحمر الإثيوبية.

رسمت الصراعات والنزاعات المختلفة صورة للمنطقة، بعيدة عن الاستقرار، الذي تطلبه القوى العظمى والكبرى، بل والإقليمية، بما يؤذِن بفوضى شاملة في المنطقة، إذا خرجت الأحداث عن السيطـرة الإقليمية، أو تدخلت القوى الدولية، لمنع الفوضى المحتملة، والحؤول دون تهديد مصالح القوى العظمى والكبرى، التي انحصرت، في النهاية، في اتفاقات متعددة، بين الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول المنطقة، في مجالات متعددة، كان أبرزها صفقة الأسلحة للمملكة العربية السعودية، في ديسمبر 1979[5]، والتسهيلات البحرية في منطقة بوعلي، في إمارة دبي[6]. واتجهت سلطنة عُمان إلى القوى الكبرى، ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً[7]. وتشابهت الدول العربية الخليجية، في هجومها على الاتحاد السوفيتي، واتهامه بإثارة البلبلة والتوتر، في منطقة الخليج العربي.

بادرت المملكة العربية السعودية، بصفتها الدولة الأكبر في المنطقة العربية الخليجية، إلى طرح مشروع للأمن الجماعي في الخليج. ودعت لبحث المشروع مع خمس دول عربية خليجية، هي الكويت وقطَر والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عُمان[8]. وقد هدف المشروع السعودي إلى السيطرة على أمن الخليج، إقليمياً، بوساطة ست فقط من دوله، (أي باستبعاد العراق وإيران)، حتـى لا تتدخل قوى خارجية، أو يتأثر أمن دول المنطقة، من جراء الحرب الناشبة في الطرف الشمالي للخليج.

ثانياً: الموقف الإسرائيلي من الحرب

سارعت إسرائيل، كعادتها، إلى استغلال الصراع بين العراق وإيران، بالحصول على أكبر فائدة ممكِنة، فالحرب بين طرفين، كلاهما عدو لها. إذ ترى إسرائيل، أن القوات المسلحة العراقية، هي احتياطي إستراتيجي لدول المواجهة العربية، يمكِن أن تدفع إلى القتال ضدها، وقت الضرورة. وهو احتياطي قوي، مسلح جيداً، مما قد يغيّر من حسابات القوى على جبهات دول المواجهة؛ وقد سبق اشتراك قوات عراقية، مع سورية ومصر، في الحروب السابقة ضد إسرائيل. أمّا إيران، فإن زعماء الثورة الإسلامية الإيرانية انحازوا إلى جانب الثورة الفلسطينية، وأعلنوا عداءهم لإسرائيل، بل عَدُّوا إيران من دول المواجَهة، وقطعوا علاقاتهم الدبلوماسية بإسرائيل.

مع بداية الحرب، انتهزت إسرائيل فرصة تتبّع العالم للأحداث، وانشغال الدولتين بالقتال الدائر، فقامت بهجوم جوي على مركز للأبحاث النووية العراقية، كانت فرنسا تنشئه لحساب العراق، ولم يكُن قد بدأ تشغيله بعد. وأصابت منشآته إصابات مدمرة[9].

وقد علّق وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، الجنرال إريل شارون، في مقال نشر في جريدة معاريف الإسرائيلية في 28 نوفمبر 1986، قائلاً: "إن ثمة عوامل أساسية في حرب إيران والعراق، تتعلق بالأمن الوطني الإسرائيلي مباشرة. لذلك، نعلق أهمية كبيرة على منطقة الخليج الفارسي وما يجري فيه. والمثال على ذلك، هو المفاعل النووي العراقي، الذي كان يجسّد أشدّ خطر، يمكِن أن يحدِق باليهود في أرض إسرائيل، والذي تم تدميره، تأمينا لوجودنا، مستقبلاً".

وعلى الجانب الآخر، أمدت إسرائيل إيران بالأسلحة الإسرائيلية، وقد قبلت طهران التعـاون الإستراتيجي مع تل أبيب، متناسية قرارها السابق، تحت تأثير الحاجة الملحّة إلى الأسلحة في ظروف الحرب مع العراق.

تضع إسرائيل في حسبانها، أن نظامَي الحكم في الدولتين المتحاربتين معاديان لها، وهي مرفوضة من سياسييهما. لذا، فإن انتصار أحدهما غير مقبول لديها، لِما يشكله من خطر على أمْنها، طبقاً لسياستها الأمنية. واستمرار الحرب بينهما، هو الحل الأمثل، وإذا كان لا بد من انتهائها في وقت ما، فَلْيَكُن التعادل هو النتيجة الأقل ضرراً.

زِدْ أن إسرائيل، وهي حليف للولايات المتحدة الأمريكية، تحاول الإبقاء على مدخل لها إلى إيران. وتضع في حساباتها، أن الأسلحة الإسرائيلية، ستكون، في يوم مقبِل، دعماً لمن سيخلف الخميني، وتأمل أن يكون موالياً لها. بينما تطور القدرة العسكرية العراقية، وتنامي قواتها المسلحة، لتصبح قوة إقليمية كبرى، هو في غير مصلحة السياسة الغربية في المنطقة. وقد أشار الجنرال إسحق رابين، وزير الدفاع الإسرائيلي، في محاضرة له، في جامعة جورج تاون، إلى الإيجابيات التي يمكِن أن تكسبها إسرائيل، من استمرار الحرب بين العراق وإيران، قائلاً:

"إن الحرب، ستبقى إيران؛ وهو الاحتياطي الإستراتيجي لدول المواجَهة العربية، ضد إسرائيل، بعيداً عن المواجَهة، لمدة لا تقلّ عن عشر سنوات ... إن استمرار الحرب، سيجنّب العراق اتخاذ مواقف متطرفة، تجاه الدول العربية المعتدلة إزاء قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي[10]. استمرار الحرب، يسبب انشغالاً وإجهاداً، ليس للعراق فقط، بل استنزاف أموال دول الخليج في اتجاه جبهة ثانوية مع إيران، بعيداً عن إسرائيل".

لإسرائيل أهداف إستراتيجية أخرى، بخلاف إرهاق العراق، وإبعاده عن الجبهة مع إسرائيل، ولا تقلّ عنه خطراً. فهي تسعى إلى تعميق الفرقة والخلاف بين الدول العربية[11]. كما تحاول أن تسفر الحرب عن تقسيم العراق إلى دويلات، ذات أصول عرقية وطائفية، في ما عُرف بسياسة البلقنة (أي تجزئـة الدولة وتفتيتها). وقد عبر عن هذا الهدف المفكر الإسرائيلي، عوربيد بنيون، في الوثيقة المعروفة باسم "إستراتيجية إسرائيل"، في الثمانينيات، أي في الوقت نفسه، الذي اندلعت فيه حرب الخليج الأولى، ذاكراً "أن حرب الخليج سـوف تمزق العراق إلى أجزاء. وسوف تحدث انهياراً في الداخل، يحقق لنا هدفنا في تقسيم العراق إلى أقاليم …"[12]. وتهدف إسرائيل إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، شمالية ذات أصل كردي، ووسطى على أساس المذهب السُّني، وجنوبية على أساس المذهب الشيعي.

ناهيك أن الحرب كانت فرصة لإسرائيل، بانشغال المجتمع، الدولي والإقليمي، بأحداثها، لتحقيق العديد من أهدافها الأخرى، التي كانت تبدو صعبة أو مستحيلة، في الظروف الدولية الإقليمية المعتادة. فقامت بغزو جنوبي لبنان. وزادت من نصيبها في سوق السلاح الإقليمية[13]. وتمكنت من تهجير يهود إيران. وسعت إلى تجميد الموقف بين دولتَي الحرب، وعدم إنهائه تماماً، حتى لو توقفت الأعمال القتالية بينهما،على أمل تفجُّره، وتصاعده إلى مستوى الحرب، مرة أخرى[14].

ثالثاً: الموقف العربي من الحرب ودور المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية، فيها

1. دور جامعة الدول العربية

على الرغم من أن الدول العربية، آسيوية وأفريقية، تشترك في عضوية تنظيم إقليمي واحد، هو أقدَم، تاريخياً، من التنظيم الدولي الحالي، هيئة الأمم المتحدة، وأن تلك الدول الاثنتين والعشرين، تضم قوى إقليمية، توضع في حسبان أي تخطيط إقليمي، وهي المملكة العربية السعودية، والعراق؛ وهما من دول الخليج العربي، والأخيرة أحد أطراف الحرب، ومصر وسورية، إلا أن حالة التفكك، التي كانت سائدة بين الدول العربية، عقب حرب أكتوبر 1973، تغلبت على أدائها، وأدت إلى شل فاعليتها وفشلها في اتخاذ الإجراءات المتلائمة مع خطر الأحداث، خاصة أن أحد طرفَي الحرب عضو في الجامعة. وأن أعضاء آخرين (الدول العربية الست الأخرى، في الخليج العربي) يتهدد أمنهم من جراء تلك الحرب. وكان ذلك الموقف امتداداً للسلبيات، التي تلت حرب أكتوبر 1973، بسبب اختلاف وجهات النظر بين الأعضاء، حول استثمار مكاسب تلك الحرب، ونمط السلام المرتقب بعدها.

هيّأت حرب أكتوبر 1973، فرصة ذهبية، للجامعة العربية، للقيام بدور فعال. إلا أن تلك الفرصة أفلتت منها، فلم تستطع أن تقوم بذلك الدور، على أهميته. بل إن ما اتُّخذ من قرارات، في مؤتمر الجزائر، عام 1973، المتعلقة بمواصلة التحرك السياسي، والضغط الاقتصادي لاستكمال تحرير الأرض، لم يتحقق. وفي مؤتمر القمة العربي، عام 1974، اتخذت قرارات بتنسيق الجهود، السياسية والاقتصادية والعسكرية، لدعم دول المواجَهة مع إسرائيل. وهو ما لم تستطع الجامعة تحقيقه، كذلك. وتدهورت العلاقات بين الدول العربية نفسها. وبدا واضحاً عجْز الجامعة عن إيقاف ذلك التدهور المستمر في العلاقات بين أعضائها، في الوقت الذي كانت فيه أحداث الخليج العربي تتصاعد وتزداد توتراً[15].

2. الموقف العربي، عند بدء الحرب

خلال العام السابق على نشوب الحرب، كانت العلاقات بين الدول العربية نفسها، أو بينها وبين الدول الأخرى، داخل المنطقة وخارجها في أسوأ حالاتها. ويدل على ذلك الأحداث المعاصرة لبدء الحرب.

أ. الموقف في المغرب العربي

ازدادت حدّة الاشتباكات بين القوات المغربية وقوات البوليزاريو، سكان الصحراء الغربية، المطالبين بإقامة دولة خاصة بهم، وأدت إلى خسائر جسيمة في الأرواح، من الطرفين. وبينما كانت المغرب تفاوض موريتانيا، لسحب قواتها من شمالها، كانت الجزائر تثير زوبعة سياسية ضد المغرب، في شأن معاملتها لثوار البوليزاريو، وتؤيد الغزو الليبي لتشاد، تلك الجمهورية الصحراوية الواقعة جنوبها. في حين تتهم المغرب ليبيا بتمويل جبهة البوليزاريو، وتصعد التوتر السياسي معها، إلى حدّ قطْع العلاقات الدبلوماسية بينهما. وتتهم تونس ليبيا بتدبير هجوم مسلح على حدودها، في جفصة، مما يوتر الموقف على الحدود التونسية ـ الليبية، كذلك.

وتبادر ليبيا إلى تصعيد الموقف. فعلاوة على هجومها المسلح على جفصة التونسية، وحربها في تشاد، فقد شنت حملة إعلامية على المملكة العربية السعودية، وهددت بتدمير النفط العربي! كما هاجمت، بشراسة، منظمة "فتح" الفلسطينية، إعلامياً، وأصدر العقيد القذافي أمراً بوقف الإعانات المالية لها، وطرد 54 فلسطينياً من ليبيا. وعلى الجانب الآخر من الحدود الليبية، الحدود الشرقية، عملت ليبيا على إقامة موانع خرسانية، على طول الجبهة مع مصر[16]، التي كانت العلاقات بها متوترة، منذ منتصف السبعينيات، وحدثت عدة اشتباكات مسلحة بينهما.

ويزداد موقف ليبيا تصعيداً للأحداث في المنطقة، بخلافها مع إيران، حول اختفاء الإمام موسى الصدر، زعيم الشيعة اللبنانيين، أثناء زيارته ليبيا. وبينما يتوتر الموقف بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية، بعد الاعتداء على السفارة الأمريكية في طرابلس، يصرح رئيس الدولة الليبية بحصوله على حجم ضخم من الأسلحة السوفيتية، ويطلب انضمام ليبيا إلى حلف وارسو.

ب. الموقف في القرن الأفريقي

تصاعدت الاشتباكات بين القوات الإثيوبية، المدعومة بجنود كوبيين وضباط سوفيت، وبين الجماعات الصومالية، الرامية إلى تحرير هضبة الأوجادين، وضمها إلى الصومال، وهي المشكلة عينها، التي أدت إلى توتر حدودي بين الصومال وكينيا، في النزاع حول الإقليم الشرقي الكيني، الآهل بالقبائل الصومالية الأصل. ويفاجئ الرئيس الصومالي، سياد بري، الدوائر السياسية والعسكرية، باتفاقه مع الولايات المتحدة الأمريكية، على منحها تسهيلات، بحرية وجوية، في قاعدة بربرة الصومالية، في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وبالقرب من مثيلتها السوفيتية، في ميناء مصوّع الأريتري، التابع لإثيوبيا.

وفي السودان، يصرح الرئيس السوداني، جعفر النميري بأن مؤتمر القمة العربي، في تونس، كان عادياً، ولم يسفر عن قرارات مهمة[17]. وتتوتر العلاقات بين السودان، من جهة، والعراق وليبيا ومنظمة "فتح" الفلسطينية، من جهة أخرى. وتمسك الرئيس السوداني بعدم مقاطعة مصر، بعد زيارة رئيسها أنور السادات إلى إسرائيل. وتفاقمت المشاكل الاقتصادية في السودان، بينما قامت تنزانيا وأوغندا بتحركات عسكرية على حدوده الجنوبية، لدعم المتمردين في الجنوب ضد الحكومة السودانية، التي كانت تدير عمليات عسكرية ضدهم، وتتهم إثيوبيا بإيواء قياداتهم وتسليحهم[18].

ج. الموقف المصري

كان الموقف المصري أكثر المواقف تعقيداً بالنسبة إلى الدول، العربية والأفريقية. فقد زار الرئيس المصري، محمد أنور السادات، تل أبيب، وألقى خطبة في الكنيست الإسرائيلي. وطالب بالسلام مع إسرائيل، مقابل استعادة الأراضي المحتلة منذ 1967. وهو ما رفضه العرب، وقاطعه معظَم الدول العربية (عدا عُمان والسودان واليمن). وتزعمت الجبهة العربية، الرافضة للاتفاق المصري ـ الإسرائيلي حملة إعلامية، ضد مصر والسادات[19].

وازداد التوتر بين ليبيا ومصر، على الحدود الغربية المصرية. وحدثت عدة اشتباكات مسلحة. وتبادل الطرفان الاتهامات. بينما كان المصريون يواصلون اتفاقهم مع إسرائيل، لاستمرار انسحاب قواتها من سيناء؛ وكانت قد انسحبت من نصف مساحتها، تقريباً، حتى نهاية عام 1980.

من جهة أخرى، ازداد اقتراب مصر من الغرب. وابتعدت عن الاتحاد السوفيتي، الحليف السابق. وعقدت اتفاقية لتسليح قواتها بأسلحة أمريكية، كما تلقت معونات أمريكية، قيمتها 3500 مليون دولار.

د. الموقف في المشرق العربي

في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان هناك مظاهرات وانفجارات، في قطاع غزة والضفة الغربية لنهر الأردن، ضد إسرائيل والتوسعات في المستوطنات اليهودية، على حساب الأرض والسكان العرب. واعتقلت إسرائيل العديد من الشباب الفلسطيني.

وفي سورية، كان النظام الحاكم يعاني اضطرابات عدة، بعد محاولة انقلابية في اللاذقية، واضطرابات في طرطوس[20]، واشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية العلوية والطلبة السُّنيين في حلب، وظهرت في دمشق منشورات تطالب بإسقاط الحكومة. وقامت الحكومة بمحاولة لقمع نشاط الإخوان المسلمين في سورية. وفي الوقت عينه، حاولت دمشق إنشاء جبهة معادية لنظام الحكم في العراق، وإطاحة صدام حسين. واضطربت العلاقات السورية ـ الأردنية، إلى حدّ حشد القوات على جانبَي الحدود. بينما أعلنت وحدة مع ليبيا. واشتبكت الطائرات السورية مع طائرات إسرائيل، فوق الأجواء اللبنانية. وبات الأمر ينذر اندلاعاً وشيكاً لاشتباكات موسعة، على طول خطوط المواجَهة بين إسرائيل وسورية.

كانت الساحة اللبنانية مليئة بالمشاكل اللغمية، التي وطئتها الاتجاهات السياسية المتعارضة. وبدأت تتفجر، الواحدة تلو الأخرى، محدثة العديد من الخسائر والمشاكل. فبينما تقوم سورية وإسرائيل بقتال جوي في السماء اللبنانية، كانت القوات البرية الإسرائيلية تغزو جنوبي لبنان. وأعلنت الحـكومة اللبنانية صفقة أسلحة أمريكية، قِيمتها 83 مليون دولار. في الوقت الذي تقوم فيه ميليشيات الجنوب بقصف مدفعي للقرى والمدن، الواقعة في مدى نيرانها. ويشتبك الفلسطينيون، من فدائيي "فتح" وغيرها من المنظمات الفلسطينية، مع ميليشيات اليمين، التي تساندها إسرائيل. وفي بيروت، العاصمة اللبنانية، تقع عدة اشتباكات مسلحة عنيفة، ويشتعل لبنان، في حرب أهلية مجنونة، بدا أنه لا خلاص منها.

على قمة شبة الجزيرة العربية، حيث تقبع المملكة الأردنية الهاشمية، كانت الأمور متوترة كذلك. وبين حشود عسكرية أردنية في مواجهة حشود سورية، على الحدود المشتركة، وموقف اقتصادي صعب، ناتج من توقف الدعم من الجزائر وليبيا، زار الملك حسين بن طلال، ملك الأردن، بغداد، وأعلن تأييد بلاده للعراق، في حربة ضد إيران. ومنح صدام حسين الأردن 55 مليون دولار، تعويضاً عن توقف الدعم، الليبي والجزائري.

هـ. الموقف في شبة الجزيرة العربية

في قاع الجزيرة العربية الغربي، تقع دولتا اليمن، المنفصلتان: اليمن الجنوبي، حيث الصراع حول السلطة على أشدّه، والاشتباكات المسلحة بين الحكومة والقبائل. واليمن الشمالي، المؤيد للسياسة المصرية في الصلح مع إسرائيل، والرافض للتحالف مع دول الخليج العربية، مما وتر العلاقات بينه وبينها.

قامت المملكة العربية السعودية بمحاولة لِجَمْع دول الخليج العربية، في مشروع جماعي مشترك. وأعلنت قلقها من الوجود السوفيتي في اليمن الجنوبي. ومارست ضغطاً سياسياً على اليمن الشمالي، ليقطع علاقته بالاتحاد السوفيتي. وتوترت العلاقات بليبيا، مع فشل مؤتمر وزراء النفط العرب، في التوصل إلى قرارات لحماية إنتاج النفط العربي، المتدهور الأسعار.

واستطاعت البحرين إحباط محاولة انقلابية للشيعة. بينما اعتقلت الكويت زعيماً دينياً إيرانياً، وأبدت تخوّفها من سيطرة إيران على مضيق هرمز. وبدأت مفاوضات مع العراق حول الحدود. بينما قامت إيران باعتداء مسلح على آبار النفط الكويتية.

وأعطت الإمارات العربية المتحدة تسهيلات للولايات المتحدة الأمريكية، في منطقة بوعلي، على الخليج العربي، كرد فعل لاتفاق إيران مع عُمان على حمايتها للملاحة في مضيق هرمز. كما قَّدمت عُمان مشروعاً دفاعياً مشتركاً عن هذا المضيق الإستراتيجي. واتَّهمت اليمن الجنوبي بإثارة قبائل ظفار، والتعدي على حدودها. وأيدت سياسة مصر تجاه إسرائيل[21].

أصبحت الساحة العربية أكثر تفككاً من أي عصر مضى، على الرغم من استقلال كل دولها. وغابت إستراتيجيتها الموحَّدة. واختلفت في قضاياها الرئيسية. واشتبكت في صراعات حدودية، وأخرى زعامية.

كان أكثر التحالفات تأثيراً في الظروف المحيطة بحرب الخليج الأولى، التأييد السياسي المساند لإيران، من سورية وليبيا[22]! (على الرغم من الاختلاف في مصير الإمام موسى الصدر). والتأييد القوي من الأردن واليمن الشمالي للعراق. بينما حاولت دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بذْل مساعٍ دبلوماسية حميدة، لإيقاف الاشتباك المسلح، المتصاعد، بسرعة، نحو الحرب الشاملة.

3. إنشاء مجلس تعاون دول الخليج العربي

كرد فعل لعجز جامعة الدول العربية، إزاء الأحداث المتفجرة في الخليج العربي، وتحسباً لتطور الصراع بين العراق وإيران، سارعت دول الخليج العربية الست إلى اتخاذ قرار بإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي كانت فكرته مطروحة منذ فترة، على أساس تعاون اقتصادي، يمكِّنها من التعامل مع المجموعات الاقتصادية الأخرى[23].

تكوّن مجلس التعاون الخليجي من الدول العربية الست، التي تميزت بقدراتها الاقتصادية الكبيرة، المعتمدة على فائض صادرات النفط، والضعف الواضح في القوى البشرية، مع مساحة كبيرة، شملت كل شبة الجزيرة العربية[24]، عدا الركن الجنوبي الغربي، اليمني. وقد تمكّنت دول المجلس من شراء أسلحة متقدمة، باستخدام فائض صادراتها النفطية، من دون أن يكون لديها قدرة عسكرية على مواجَهة مباشرة، مع أي من طرفَي الصراع[25]، إذ إن قدرة هذا التجمع كانت سياسية أكثر منها عسكرية، كما يمكِنه الاستناد، في حماية أمْنه، إلى حاجة الآخرين إلى ثروته النفطية.

يستثنى من ذلك التفوّق الواضح لدول مجلس التعاون الخليجي، في القوة الجوية بما يمكِّنها، نسبياً، من تعويض النقص في القوى البشرية، المؤثر في حجم قواتها البرية. وقد ركزت تلك الدول على الحصول في أحدث الطائرات، ذات الطابع التكاملي (متعددة المهام)، والمتفوّقة على الأنواع الموجودة لدى الأطراف الأخرى، أبرزها طائرة الميراج ـ إف الفرنسية، والطائرة F-5E والطائرة F-4D الأمريكيتان، والطائرة هنتر والطائرة لايتننج البريطانيتان. نظراً إلى حداثة تشكيل المجلس ولجانه المختلفة، فإنه لم يكُن ذا فاعلية في مجالات الأمن الوطني، الذي لم يكُن قد تبلور، كبُعد رئيسي لهذا التنظيم دون الإقليمي. وكانت توجهات المجلس الاقتصادية أكثر وضوحاً، على أساس أنه المجال الأكثر قوة. وقد تمكَّنت الدول الأعضاء في هذا المجلس من الحفاظ على عضويتها في الكيان التنظيمي الإقليمي الأكبر، جامعة الدول العربية، مع زيادة في وزن سياستها داخله، وإيجاد استقلالية ملائمة، تحقق مصالحها الأمنية الملحّة.



[1] تصر إيران على تأكيد اسم `الخليج الفارسي`. وهو ما يرفضه العرب، ويطلقون عليه اسم الخليج العربي، لغلبة الدول العربية على رأس الخليج وساحله الغربي وجزُره ومدخله الجنوبي.

[2] طرد العراق 32 ألف إيراني، كانوا مقيمين به منذ فترة طويلة، لخلق توتر اجتماعي لدى إيران.

[3] تصدت جامعة الدول العربية لتلك المحاولات، مبكراً، وأحبطتها، عندما دفعت بقوة مشتركة، بقيادة ضابط سعودي، عام 1961 لتحدى مخططات الرئيس العراقي، عبدالكريم قاسم، ومنعه من بسط هيمنته على منطقة الخليج بأسرها، بالتعاون مع بريطانيا، التي كان لها نفوذ قوي في المنطقة، آنئذٍ.

[4] كشفت السلطات الإماراتية عن استخدام إيران للمدرسة الإيرانية في دبي كمخبأ لتخزين الأسلحة، واتضح أن ناظر المدرسة ضابط في الاستخبارات الإيرانية. كما ضبطت شرطة الإمارات معسكراً لشركة مقاولات إيرانية يدار كمعسكر تدريب على الأسلحة للإيرانيين المتسللين والشيعة في الإمارات.

[5] أعلن الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع والطيران السعودي، صفقة أسلحة متطورة، قيمتها 120 مليون دولار.

[6] أعلنت دبي منحها تسهيلات كبيرة للبحرية الأمريكية، في منطقة بوعلي. ووقعت اتفاقاً في هذا الشأن مع الحكومة الأمريكية.

[7] أعلن مصدر عسكري رسمي، في عُمان، زيارة رئيس الأركان الأمريكي، وتفقّده مطاراً عسكرياً ومنشآت أخرى في جزيرة مصيرة العُمانية، في مدخل الخليج العربي

[8] أعلنت مجلة `ميدل إيست` العربية، الصادرة في 30 ديسمبر 1980، في لندن، هذا المشروع، الذي عُدَّ رد فعل لنشوب الحرب العراقية ـ الإيرانية، قبْل هذا التاريخ بحوالي ثلاثة شهور.

[9] اخترقت الطائرات الإسرائيلية الأجواء العربية، لتصل إلى مَوقع المفاعل النووي العراقي وتدميره، في 30 سبتمبر 1980. ونتج من ذلك إعطاب شديد للمنشآت، مما أوقف، مؤقتاً، العمل فيه.

[10] يقصد بها جمهورية مصر العربية، التي كانت قد وقعت اتفاقية كامب ديفد، واتفاقيات الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، مقابل السلام على الجبهة المصرية.

[11] كتب سول بيتر، المحرر السياسي لجريدة `هاآرتس` الإسرائيلية، في هذا الشأن: `ما دامت هذه الحرب مستمرة، فسوف نكون في وضع أفضل، بسبب الانقسام العربي العميق، الذي سببته. وهو هدف مهم ومرغوب فيه، بالنسبة إلينا. ومع استمرار الحرب، فلا أمل أن تنشأ جبهة عربية موحَّدة ضد إسرائيل`.

[12] يؤكد ذلك دعم إسرائيل لأكراد شمالي العراق، وتكثيف دعمهم لإيران، في عملية الفاو، خلال الحرب.

[13] إضافة إلى مبيعات إسرائيل من الأسلحة لإيران، وأكراد العراق، باعت إسرائيل أسلحة لبعض الطوائف اللبنانية، وشجعت الميليشيات المسيحية اللبنانية على قبول أسلحة من العراق، لمواجهة القوات السورية في لبنان.

[14] شنت إسرائيل حملة إعلامية ضخمة، ضد امتلاك العراق الأسلحة الكيمياوية، مدَّعين أنها تهدد المنطقة كلها! ونفذت عدة اختراقات جوية، في المنطقة الحدودية بين العراق وسورية، محاولة زيادة التوتر بينهما (خاصة مع تأييد `البعث` السوري لإيران)، وذلك لإضعاف الجبهة ضدها، بتوريط لبنان في حربه الأهلية، وإشغال سورية بجبهتها مع العراق.

[15] كان العمل الإيجابي الوحيد، الذي تمكنت جامعة الدول العربية من تحقيقه، في تلك الآونة، تنفيذها القرار المتعلق بإنشاء هيئة التصنيع الحربي العربية (وقد تعطلت أعمال هذه الهيئة، المهمة للعرب، في وقت لاحق، لاختلاف الشركاء في قضايا أخرى).

[16] بلغت نفقات الدفاعات الخرسانية 1600 مليون دولار، وأنشأتها شركات إيطالية.

[17] انتقل المقر الدائم لجامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس العاصمة، عقب عقد اتفاق كامب ديفبد، بين مصر وإسرائيل. وتزعم العراق وسورية جبهة لرفض الاتفاق وقطع معظم الدول العربية العلاقات الدبلوماسية بمصر.

[18] حدثت عدة اشتباكات مسلحة بين إثيوبيا والسودان، على الحدود الفاصلة بينهما، أدت إلى خسائر في القوات السودانية، إضافة إلى خسائرها في عمليات الجنوب السوداني.

[19] ضمت دول سورية والعراق وليبيا والجزائر واليمن الجنوبي!

[20] مدينة سورية على البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من الحدود مع لبنان.

[21] بقيت جيبوتي، على الطرف الشرقي للقرن الأفريقي، مهتمة بمشاكلها الخاصة، في الصراع على السلطة بين القبائل، وفي حماية فرنسية من التدخل الخارجي. بينما أبقت قطَر على علاقات جيدة محايدة بكل الأطراف.

[22] تمكنت الدولتان من عرقلة اتخاذ قرار عربي موحَّد، في إطار جامعة الدول العربية.

[23] أنشئ مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو 1981. مجدي علي عطية، `الفاعلية العسكرية لدول الخليج والتهديدات الإيرانية`،

[24] تُعَدّ المملكة العربية السعودية أكبر دول المجلس مساحة ( مليونان ومائتان وخمسون ألف كم2) وتعداد السكان (9.37 ملايين نسمة، عام 1980). وتبلغ مساحة دول المجلس الست مليونَين وستمائة وثلاثة وسبعين ألف كم2، بينما بلغ تعداد سكانها، عام 1980، 13.771 مليون نسمة. وفي المقابل، فإن تعداد العراق، في ذلك العام، بلغ 13.24 مليون نسمة، ومساحته 128 34 ألف كم2. أمّا إيران، فمساحتها 1.648 مليون كم2، وتعداد سكانها 39.1 مليون نسمة، متفوقة على مجموع دول الخليج والعراق معاً.

[25] هو الموقف نفسه، في أغسطس 1990، حينما غزت القوات العراقية الكويت، على الرغم من زيادة حجم قوات دول المجلس، وإنشاء قوة `درع الخليج` التي وصلت نسبتها إلى القوات العراقية 7 :1.