إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإيرانية ـ العراقية، من وجهة النظر العربية





مناطق النفوذ في العالم
موقع الجزر الثلاث
منطقة جزر مجنون
إصابة الفرقاطة الأمريكية STARK
مسارح الصراع البرية والبحرية
معركة الخفاجية الأولى
معركة تحرير الفاو
معركة سربيل زهاب
الهجوم الإيراني في اتجاه عبدان
الإغارة الثالثة على دهلران
التشابه بين مضيقي تيران وهرمز
العملية رمضان
العملية فجر ـ 8
العملية فجر ـ 9
الغارة الإسرائيلية الثانية
القواعد البحرية الإيرانية في الخليج
اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916
حادث إسقاط الطائرة الإيرانية
حدود المياه الإقليمية الإيرانية
حرب الناقلات

مناطق إنتاج النفط
أوضاع القوات العراقية والإيرانية
مسلسل العمليات كربلاء (1 – 9)
مسرح العمليات (الاتجاهات الإستراتيجية)
مسرح العمليات (التضاريس)
مسرح العمليات والدول المجاورة
الموقع الجغرافي للعراق وإيران
المنطقة الكردية
الهجمات الثانوية للعملية بدر
الهجوم المضاد الإيراني العام
الأفكار البديلة للعملية خيبر
التواجد الأجنبي في الخليج
التجمع القتالي لقوات الطرفين
العملية مسلم بن عقيل
العملية بدر
العملية فجر النصر
القواعد والتسهيلات الأمريكية
القواعد والتسهيلات السوفيتية
بدء الهجوم العراقي
تضاريس المنطقة الإيرانية
تضاريس العراق
تقسيم إيران
سلسلة العمليات فجر
طرق المواصلات بالشرق الأوسط
فكرة الاستخدام للقوات الإيرانية
فكرة الاستخدام للقوات العراقية



حرب عام 1967

2. العملية "مسلم بن عقيل" (1 ـ 6 أكتوبر 1982) (اُنظر خريطة العملية مسلم بن عقيل)

لا ترقى أعمالها القتالية إلى مستوى (عملية)، لصغر حجم القوة المهاجِمة، التي لم تصل حتى إلى حجم فِرقة كاملة، بينما مستوى (عملية) يستدعي حجماً يتعدى الفِرقة (فيلق أو جيش ميداني، مكون من عدة فِرق، تشترك في الأعمال القتالية). ويمكن تسميتها، مجازاً، بالعملية، لكونها حدثت بتخطيط وإدارة لأعمال القتال، بوساطة قيادة كبرى، إضافة إلى أنها كانت الحدث الرئيسي، بعد العملية "رمضان" بشهرين.

استغرقت القوات الإيرانية شهرَين كاملين، بعد فشلها في العملية السابقة، لإعادة تجميع قواتها، على طول جبهة القتال، وتحضير قواتها وتجهيزها، لتنفيذ الهجوم الجديد، في القطاع الشمالي للجبهة.

أ. الجانب العراقي

يدافع عن قطاع الهجوم الجديد (منطقة مندلي، شمال شرق العاصمة العراقية، بغداد، بحوالي 120 كم) الفرقة الثانية عشرة المدرعة، من الفيلق الأول، الذي يدير العمليات في القطاع الشمالي[9]. لم تختلف الخطة الدفاعية في هذا الاتجاه عن الخطط الدفاعية في الجنوب (للعملية "رمضان" السابقة)، إذ اتّبع العراقيون تكتيكات دفاعية على النمط الشرقي (المدرسة السوفيتية)، الذي يعتمد على تجهيز خطوط دفاعية متتالية، ومتقاربة، يضع خلالها احتياطيات متدرجة في القوة لشن الهجمات المضادة[10].

ب. الجانب الإيراني

(1) قوات الهجوم

خصصت إيران لشن الهجوم لواءَي مشاة (اللواء 30 المشاة المستقل ولواء مشاة من الفِرقة 16 المدرعة)، ودعمتهما بعشرين ألف مقاتل، من قوات الحرس الثوري الإسلامي والمتطوعين، إضافة إلى استعداد الفِرقة 81 المدرعة واللواء 55 المظلي، لاستغلال النجاح، وتطوير الهجوم في العمق.

(2) هدف الهجوم

كان هدف الهجوم هو الاستيلاء على سلسلة الهيئات المهمة المسيطرة على منطقة مندلي، والتي تكفل للإيرانيين سيطرة على الطرق الرئيسية، المتجهة شمالاً وجنوباً من العاصمة، إضافة إلى ما سينتج عن الهجوم، في حالة نجاحه، من رفع للروح المعنوية للقوات الإيرانية، التي انخفضت كثيراً، بعد فشل العملية "رمضان"، على أساس أن النجاح العسكري في منطقة مندلي، يجعل القوات الإيرانية على مقربة من العاصمة، بغداد.

هناك هدف آخر، كان من الممكن أن يكون أكثر أهمية، لو تحقق نجاح يذكر في هذا الهجوم. فلا شك أن القيادة العراقية كانت ستسارع إلى سحب جزء من القوات من القطاع الجنوبي، حيث يوجد أكثر من نصف قوة الجيش العراقي، إلى القطاع الأوسط، لحماية العاصمة، بغداد، وهو ما يضعف القطاع الجنوبي، ويتيح ظروفاً أفضل، عند اللجوء إلى الهجوم، خلاله، مرة أخرى.

(3) خطة الهجوم

لم تختلف خطة الهجوم الإيرانية عند خطة عملية "رمضان". فقد وضعت الخطة على أساس استغلال الليل في التقدم، وبدء الهجوم بالقوات المشاة، مدعمة بعناصر من مقاتلي الحرس الثوري الإسلامي والمتطوعين، في موجات من اتجاهات مختلفة، نحو مندلي، لاكتشاف نقطة الضعف في الدفاعات، التي يركز فيها لواءا المشاة، لإحداث ثغرة اختراق ملائمة، تستغل في دفع القوات المدرعة، مع إسقاط مظلي في العمق، لإحداث ارتباك ومنع الاحتياطيات من شن هجوم مضادّ في الوقت الملائم (وهو درس مستفاد من العملية السابقة، بلا شك).

(4) سير العملية

لم تتدخل القوات العراقية ضد الحشود الإيرانية، التي تتجمع شرق مدينة سومار الإيرانية، في مواجَهة مدينة مندلي العراقية. واستغل الإيرانيون الموقف السلبي للعراقيين في تجميع قوات الهجوم الأول (لواءَي مشاة ومقاتلي الحرس الثوري الإسلامي والمتطوعين) وتجهيزها في قاعدة الهجوم المختارة (مدينة سومار).

هاجم الإيرانيون عبر الحدود، في الساعة الأولى من يوم أول أكتوبر 1982، في اتجاه المرتفعات، شرق مندلي. وتمكنوا من الوصول إليها قبل الشروق، محققين اختراقاً محدوداً جداً، لم يتعدَّ 15 كم مواجَهة، وكيلومترين فقط عمقاً. وفي الصباح، دفعوا قوات المشاة إلى تطوير الهجوم، وزيادة فاعليته، للوصول إلى مندلي نفسها، إلا أن الدفاعات العراقية صدتها بقوة وأوقفتها على هذا الخط، المحدود العمق.

استغل العراقيون توقف الهجوم فبادروا إلى شن هجمات مضادّة ناجحة، أجبرت الإيرانيين على الانسحاب داخل الحدود الإيرانية. واكتفي العراقيون بذلك، ولم يسعوا إلى استغلال نجاحهم في مطاردة القوات المنسحبة وسحقها، حتى لا تعاود الهجوم[11].

كرر الإيرانيون محاولاتهم الهجومية للاختراق عدة مرات، على مدى الخمسة أيام التالية، من دون جدوى؛ إذ نجح العراقيون في أعمالهم الدفاعية، سواء في الخطوط الدفاعية، أو بشن الهجمات المضادّة. أسفر القتال عن انسحاب القوات الإيرانية من الأراضي العراقية، حول مندلي، وإن استمرت في المَواقع، التي تمكنت من استعادتها من العراقيين، داخل الأراضي الإيرانية، والتي كانت تسيطر، نسبياً، على الحدود بينهما.

3. العملية "فجر النصر" (1 ـ 28 فبراير 1983) (اُنظر خريطة العملية فجر النصر)

استمر التراشق بالنيران بين الطرفَين، عقب فشل العملية "مسلم بن عقيل"، واتسع نطاقه، ليشمل طول الجبهة، وتخلله، أحياناً، عمليات إغارة محدودة. وصاحب ذلك نشاط سياسي إيراني مكثف، وتصريحات المسؤولين الإيرانيين وتهديداتهم للنظام العراقي الحاكم. ومع استمرار أعمال الإزعاج الإيجابية، من الجانب الإيراني، بدأت القيادة الإيرانية تُعِد عملية هجومية جديدة، ذات حجم كبير، أطلق عليها "فجر النصر". وبدأت تنقل القوات اللازمة لها من القطاعات المختلفة، لتحشد في منطقة البدء، غرب مدينة ديزفول الإيرانية[12].

أ. طبيعة الأرض في المنطقة

جرت العملية في منطقة صحراوية مفتوحة، من داخل الأراضي الإيرانية وحتى قرية الشيب[13]، حيث يتفرع منها محوران رئيسيان. وتختلف طبيعة الأرض في المنطقة العراقية، لتصبح سبخات، أراضي رملية مشبعة بالمياه، ومجاري مائية مستمرة، تقاطع خط الهجوم حتى مدينة العمارة، على مسافة60 كم من الحدود. وتصعب أعمال المناورة، خلال السبخات، كما تعرقل المجاري المائية وفروع الأنهار حركة المهاجِم، حيث تحتاج إلى تركيب معابر عليها، لعبور المعدات والقوات المدرعة والآلية.

ب. الجانب العراقي

(1) القوات المخصصة للدفاع

تقع منطقة القتال للعملية "فجر النصر" في القطاع الأوسط للقوات العراقية، الذي يدير العمليات فيه الفيلق الرابع، والذي كان حجم القوات تحت قيادته، في هذا القطاع، ثلاث فِرق، زيدت، خلال فترة التراشق، إلى 5 فِرق، بزيادة فِرقتَين مدرعتَين (الفِرقة التاسعة والفِرقة العاشرة) من القطاع الجنوبي، وذلك في ضوء المعلومات المتجمعة عن الحشود الإيرانية، من منتصف أكتوبر 1983.

(2) تشكيل العملية والخطة الدفاعية

وقع الهجوم الإيراني لتلك العملية في النطاق الدفاعي للفرقة الأولى المشاة الآلية، وهي أقوى تسليحاً من فرقتَي المشاة الأخريَين، وكانت تدافع بالأسلوب النمطي للدفاع الثابت، طبقاً للعقيدة القتالية الشرقية في أنساق متعددة، واحتياطيات متدرجة القوة، في العمق. كما كانت قيادة الفيلق الرابع تحتفظ بالفِرق المدرعة في الخلف، كاحتياطي عملياتي لتوجيه الضربات المضادّة.

ج. الجانب الإيراني

(1) القوات المهاجمة

حشدت إيران لهذا الهجوم قوات كبيرة الحجم، شملت:

·   فرقتَين مدرعتَين (الفِرقة 16، والفِرقة 30 حرس ثوري إسلامي).

·   فِرقتَي مشاة (الفرقة 21، وفرقة حرس ثوري).

·   لواءَي مشاة مستقلَّين (اللواء 40، واللواء 84).

·   اللواء 37 المدرع المستقل.

·   3 أفواج حرس حدود.

·   لواء متطوعين.

·   مجموعة فرسان جو.

·   مجموعتَي مدفعية.

(2) تشكيل العملية

وُزعت القوات المخصصة للعملية على نسقَين عملياتيَّين:

(أ) النسق الأول العملياتي

الفِرقة 21 المشاة والفِرقة 16 المدرعة والفِرقة 30 المدرعة حرس ثوري إسلامي والفِرقة المشاة/حرس ثوري إسلامي ومجموعتا مدفعية.

(ب) النسق الثاني العملياتي

احتفظت القيادة الإيرانية بباقي القوات (اللواءات المستقلة، المشاة والمدرعة، ومجموعة فرسان جو، في النسق الثاني العملياتي، لتطوير الهجوم.

(3) هدف العملية

هدف الإيرانيون من العملية إلى اختراق الحدود غرب ديزفول، في اتجاه قرية الشيب ومدينة العمارة العراقيتَين، والوصول إلى خط ملائم للسيطرة منه على طريق بغداد ـ البصرة، وعزل الأخيرة عن شمالي البلاد، تمهيداً لمهاجمتها لاحقاً، والاستيلاء عليها لتحقيق أهدافها السابقة.

(4) خطة الهجوم

(أ) المرحلة الأولى

الهجوم من اتجاهَين، لاختراق الدفاعات الحدودية، وتطويق الفِرقة الأولى المشاة الآلية العراقية المدافعة، والوصول إلى قرية الشيب، كمهمة مباشرة.

(ب) المرحلة الثانية

دفع النسق العملياتي الثاني، متعاوناً مع النسق العملياتي الأول، لتدمير الفِرقة الأولى المشاة الآلية، وصد الهجمات المضادّة العراقية المتوقعة وتدميرها، والاستمرار في التقدم، غرباً، حتى مدينة العمارة، والسيطرة على محاور الطرق في المنطقة، كمهمة تالية.

(5) سير العملية

شنت القوات الإيرانية، خلال أكتوبر 1982، عملية هجومية محدودة، في القطاع الأوسط[14]. تمكنت خلالها من تحقيق اختراق إلى عمق محدود (حتى 7 كم)، قبل أن تتمكن القوات العراقية من صد الهجوم وإيقافه. ولم يشن العراقيون هجوماً مضاداً لتدمير القوات المخترقة، واستعادة الأوضاع السابقة، كما يقضي بذلك أسلوب القتال للدفاع الثابت، الذي يتبعونه. ولم تتمكن القوات الإيرانية من دفع قوات أخرى للتطوير، بل عمدت إلى تحريك قوات، من الجنوب والوسط، لحشد قوات جديدة، غرب ديزفول، استعداداً لتنفيذ عملية جديدة، من دون تدخّل من القوات العراقية.

فجر السابع من فبراير، أي بعد ثلاثة أشهر من التحركات والحشد، والتراشق بالمدفعية، والإغارات، بدأت القوات الإيرانية تنفذ العملية "فجر النصر"، بتوجيه هجماتها، من اتجاهَين، كما هو مخطط، لتطويق دفاعات الفِرقة الأولى المشاة الآلية العراقية المدافعة.

استخدم العراقيون قواتهم الجوية المتفوقة، التي تصدت للقوات الجوية الإيرانية، ومنعتها من تقديم معاونة أرضية فاعلة لقواتها البرية، في الساعات الأولى للقتال. وقدمت، في الوقت نفسه، مساعدات قوية لقواتها المدافعة، أدت إلى نجاح العراقيين في إيقاف الهجوم الإيراني، كما أمنت نهوض الاحتياطيات بالهجمات المضادّة.

لم يتمكن الهجوم العراقي المضادّ من تدمير القوات المخترقة، كما لم ينجح في إجبارها على الانسحاب شرقاً. ومع نجاح القوات الإيرانية في فتح ثغرات في موانع المدافعين وإقامة المعابر على الخنادق المضادّة للدبابات في قطاعات الاختراق، كان الإصرار على التمسك بالمكاسب المحققة، لاستغلالها في مصلحة أعمالها القتالية.

لجأت القوات الإيرانية إلى قصف عنيف للمدن العراقية الحدودية، الواقعة في مرمى مدفعيتها، فتعرضت له مدن البصرة ومندلي وخانقين وزرباطيه. ورد عليها العراقيون بقصف مدفعي كثيف للمناطق، التي توجد فيها القوات الإيرانية، استمر طوال يومَي 8 و9 فبراير 1983.

دفعت القوات الإيرانية قوات النسق الثاني، لتطوير الهجوم، على الرغم من عدم تحقيق أهداف الهجوم الأول. وتمكنت القوات العراقية من صد الهجوم الجديد، ودفعت بقواتها الجوية، مرة أخرى، لزيادة حجم العقاب النيراني، الذي تصبه بالمدفعية، على طول مواجهة القتال الناشب في المنطقة، الذي وصل اتساعه إلى 30 كم، شرق قرية الشيب.

ليلة 9/10 فبراير، تمكنت عناصر من القوات الإيرانية من التسلل خلف السواتر الترابية، التي أنشأتها القوات المدافعة. واستغلالاً للنجاح دفع الإيرانيون لواءَين مدرعَين وآخر من الحرس الثوري الإسلامي، تمكنت من اختراق الدفاعات الأمامية، بعمق 8 كم، والاستيلاء على خط دفاعي ملائم للتطوير غرباً. إلا أن القوات العراقية، دفعت باحتياطياتها المدرعة، مع بداية ظهور الضوء في أرض المعركة، وتمكنت من تمزيق صفوف القوات المخترقة، وحصار جزء منها وتدميره، وأسرت عدداً من الأفراد، واستولت على العديد من المعدات[15]. بينما انسحب من بقى من القوات الإيرانية شرقاً، على عجل، وعاد الهدوء النسبي إلى منطقة القتال، عدا أصوات انفجارات القذائف، التي تسمع من حين إلى آخر، والناجمة عن التراشق المدفعي.

شنت القوات الإيرانية هجوماً، في 16 فبراير، بقوة محدودة، في اتجاه قرية الشيب، كان الهدف منه استمرار ضغطها في قطاع الاختراق السابق، للاحتفاظ بالثغرات المفتوحة فيه. إلا أن الهجوم تحول إلى كارثة، لارتفاع الخسائر في الأرواح والمعدات، نتيجة للمقاومة العنيفة للطرفَين. لذا فقد آثرت القوات الإيرانية سحب القوات، التي شاركت في القتال، إلى الخلف، لاستعادة كفاءتها القتالية، ومحاولة رفع روحها المعنوية.

خلال الأيام التالية (17 ـ 23 فبراير)، تبادل الطرفان القصف المدفعي، وأغارت القوات الجوية العراقية إغارات مؤثرة على المواقع ومناطق الحشد والتجمع الإيرانية. وعلى صعيد آخر، أعلن العراق تدميره ثلاث قطع بحرية إيرانية في مدخل ميناء بندر خميني. كما هاجمت قواته البحرية، للمرة الأولى منذ بدء القتال، نظراً إلى تفوق القوات البحرية الإيرانية، ميناء خور موسى على رأس الخليج العربي، وأحدثت أضراراً بقطعة بحرية كانت راسية فيه.

فجأة، وبعد مرور أكثر من أسبوعَين على بدء العملية "فجر النصر"، في منطقة الشيب/العمارة، في جنوب القطاع الأوسط، انقلب الإيرانيون إلى أقصى شمالي القطاع، عند مهران، وبادروا إلى عملية هجومية محدودة، في 24 فبراير، ضد الدفاعات العراقية في المنطقة، في محاولة لإيجاد نقطة ضعف في الدفاعات الممتدة بطول الجبهة، انتهت إلى الفشل كسابقاتها.

استمر تبادل النيران بين القوّتَين، خلال الأيام التالية (24 ـ 28 فبراير 1983)، على طول الجبهة، مع تمسك القوات الإيرانية بالشريط الحدودي الضيق، حول قرية الطيب، الذي سبق أن استولت عليه، خلال عمليتها السابقة "مسلم بن عقيل". وبدأت في تحريك قواتها جنوباً، لإعادة تجميعها، استعدادا لعملية جديدة، إذ رصدت القوات العراقية تحركات للفرقة 16 المدرعة والفِرقة 21 المشاة والألوية المستقلة 37 المدرع، و58 المشاة، و84 المشاة، وكذلك بعض وحدات المهندسين العسكريين المتخصصين بإنشاء الجسور والمعابر فوق المجارى المائية، والخنادق العميقة المضادّة للدبابات.


 



[1] لم يكن يصلح من تلك الأعداد سوى 316 طائرة فقط، بنسبة صلاحية فنية 75%. وقد تركزت الأعطال في الأنواع القديمة، مثل Mig-19, Mig-17, Su-20, Su-17.

[2] كان في سورية لواء حرس ثوري إسلامي، وكتيبة مشاة من اللواء 58 المشاة. كما لم يكن هناك تشكيلات ووحدات، ذات حجم كبير، على الحدود الإيرانية مع الدول الأخرى (الاتحاد السوفيتي، باكستان، أفغانستان).

[3] منذ أن أنشأ إسماعيل الصفوي، عام 1500، الدولة الصفوية في فارس، وهو يتطلع إلى احتلال البصرة، خاصة أنه استطاع احتلال عامة الإقليم (بغداد)، عام 1508، إلا أنه تراجع، بعد فشله في البقاء في الإقليم العراقي، بينما بسط العثمانيون نفوذهم في المنطقة العراقية. وقد عاود الشاه عباس الأول الزحف، لاحتلال البصرة وبغداد، عام 1624. وفشل في احتلال البصرة، في حين أمكنه احتلال بغداد؛ إذ كانت البصرة تتمتع بمناعة دفاعية قوية. وفي عهد كريم خان الزند، أمكن الجيوش الإيرانية محاصرة البصرة، أربعة عشر شهراً، من دون أن تستطيع دخولها، حتى خذلها العثمانيون، فاستسلمت عام 1776 (1190هـ) إلاّ أن الإيرانيين تركوها، عام 1779، بعد موت كريم خان الزند. وفي كل هذه المحاولات، كان للإيرانيين هدفان من الاستيلاء على البصرة. الأول اقتصادي؛ إذ يؤدي رواج النشاط التجاري في البصرة إلى ركود في موانئ إيران. والثاني عقائدي؛ إذ البصرة هي مفتاح الوصول إلى العتبات المقدسة، في النجف وكربلاء.

[4] كانت الفيالق الأخرى، لا تزيد على ثلاث فِرق فقط، معظمها من المشاة.

[5] كان الإيرانيون ينفذون هجومهم دائماً ليلاً، على الرغم من صعوبة السيطرة على القوات، ومشاكل فقْد الاتجاه، وعدم دقة إصابة الأهداف، للحدّ من تأثير التفوق العراقي في القوات الجوية والدبابات والمدفعية.

[6] ينفذ الإيرانيون هجومهم في شكل موجات هجومية متتالية. الأولى مكونة من مجموعات انتحارية (كل مجموعة 22 فرداً، من مربع سكاني في مدينة واحدة، لزيادة ترابطهم، ويتلقون تدريباً، عسكرياً ومعنوياً، لمدة 4 أسابيع. ثم يُدفعون إلى القتال مترجلين، أو بأي وسيلة نقْل مدنية، بما في ذلك الدراجات، الهوائية والنارية والعربات الخاصة). وتتكون الموجة الثانية من مجموعات متطوعين (22 فرداً للمجموعة، على غرار الموجة الأولى)، يُدرَّبون عسكرياً، لمدة أسبوعَين فقط. وتكون الموجه الثالثة أكثر فاعلية، إذ تتكون من مقاتلي الحرس الثوري الإسلامي (قوات شبه نظامية)، ويكون هدفها فتح ثغرات في الدفاع، من خلال نقاط الضعف، التي أمكن تمييزها، خلال هجوم الموجتَين الأوليَين. والموجة الرابعة، هي القوات النظامية، التي تدفع من الثغرة لاستكمال الاختراق، وتدمير القوات المدافعة.

[7] كان الإيرانيون، بعد توقف هجومهم، يحاولون التمسك بالخطوط التي يصلون إليها، ويصدون الهجمات المضادّة. ثم يعيدون تنظيم قواتهم، ويدفعونها إلى شن هجوم جديد، في قطاع الاختراق السابق نفسه، بعد عدة أيام، بهدف زيادة عمقه، في اتجاه البصرة.

[8] بحيرة صناعية، أنشئت، قبْل الحرب، لتربية الأسماك، ولتكون مانعاً مائياً، يعرقل، كذلك، أي هجمات للإيرانيين في المنطقة. تقع شمال شرق البصرة، وشرق شط العرب، عرضها 12 كم، وطولها 31 كم. وأنشئ في داخلها جسور ترابية، للحركة خلالها، جهزت للنسف، وقت العمليات.

[9] يتكون الفيلق الأول من ثلاث فِرق. منها اثنتان مشاة، وواحدة مدرعة. مما يعني أن الإيرانيين قد اختاروا قطاع اختراقهم الجديد، مقابل أقوى دفاعات في القطاع الشمالي.

[10] يسمى، عسكرياً، دفاع المنطقة (الدفاع الثابت).

[11] يكرر العراقيون أخطاءهم نفسها، في العملية "رمضان" بلجوئهم إلى السلبية وردّ الفعل فقط.

[12] يقع في هذه المدينة القيادة العامة، الأمامية، للقوات البرية الإيرانية.

[13] تقع قرية الشيب في منتصف المسافة، بين الحدود العراقية الشرقية ومدينة العمارة، التي يوجد فيها مركز قيادة الفيلق الرابع العراقي، الذي يدير العمليات في المنطقة.

[14] سميت عملية "محرم".

[15] أعلن العراق سحقه هجوماً إيرانياً كبيراً، واسع النطاق، في منطقة الشيب، وأنه تمكن من قتل أكثر من 15 ألف إيراني، وأسْر حوالي 10 آلاف آخرين، بعد حصاره القوات المهاجِمة.