إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإيرانية ـ العراقية، من وجهة النظر الإيرانية





مناطق القصف العراقي
مناطق احتلتها العراق
مناطق كانت مسرحاً للعمليات
الحدود العراقية ـ الإيرانية
عمليات ثامن الأئمة
عمليات تحرير خرمشهر
عمليات طريق القدس
عمليات فتح المبين




حرب عام 1967

المبحث الثاني

مدخل إلى الحرب وتداعياتها السياسية والنفسية في إيران

يعتقد الإيرانيون أن العراق هو الذي فرض عليهم الحرب لذلك فهم يسمونها الحرب المفروضة (جنك تحميلي) وأنه قد خطط لها بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران، وأنهم استهدفوا بهذه الحرب إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وقد برهنوا على ذلك الاعتقاد بتصريحات القادة العراقيين، وخاصة قول "طه ياسين رمضان" نائب رئيس الوزراء العراقي: "إن هذه الحرب ليست من أجل اتفاقية 1975 أو بضعة كيلومترات من الأرض أو نصف شط العرب وإنما هي لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في إيران".

أولاً: مقدمات قيام الحرب

هيأت العراق المجال لشن هذه الحرب على إيران من خلال التحرشات التالية:

1. إيذاء وإخراج ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لحوالي خمسين ألف مواطن شيعي عراقي بشكل قهري وعدائي بتهمة أنهم من أصل إيراني وطردهم في ظروف صعبة إلى المناطق الحدودية على طول خمسمائة كم من الحدود المشتركة للدولتين.

2. مضايقة ومحاصرة أماكن إقامة علماء الدين الإيرانيين الكبار الذين يقيمون في العتبات المقدسة (النجف وكربلاء وكاظمين وسامراء).

3. مضايقة الزوار الإيرانيين للعتبات المقدسة في العراق.

4. مهاجمة المدارس الإيرانية في العراق واعتقال عدد من المدرسين بعد ضربهم وإهانتهم هم وأسرهم، وانقطاع أخبارهم رغم محاولات المسؤولين في الصليب الأحمر الدولي للوصول إليهم.

5. مضايقة أعضاء السفارة الإيرانية في بغداد ومهاجمة مساكنهم دون اعتبار للمواثيق الدولية الإنسانية والأخلاقية.

6. إعطاء حق اللجوء السياسي لكثير من العسكريين الإيرانيين الهاربين وعلى رأسهم المشير السابق "غلا معلى أويسى" وإنزالهم في معسكر السليمانية ومساعدتهم على إسقاط النظام الجمهوري وإعادة النظام الملكي.

7. إنشاء محطات إذاعية باللغات الفارسية والتركية والأرمنية والكردية والتركمانية والبلوشية لتحريض الجماهير الإيرانية على رفض نظام الجمهورية الإسلامية.

كما أكدت المصادر الإيرانية أن مطالب العراق التي قدمتها لإيران قبل الحرب تشير إلى نواياها العدوانية، وهذه المطالب كما أذاعها سفير العراق في بيروت خلال حديث مع صحيفة النهار نشر في 13/11/1979م، هي:

1. إعادة النظر في اتفاقية 1975 التي عقدت بين البلدين في الجزائر حول شط العرب.

2. منح الحكم الذاتي للأقليات الكردية والبلوشية والعربية في إيران.

3. خروج القوات العسكرية الإيرانية من جزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى الواقعة في الخليج.

4. وعلى كل حال فقد قام العراق بإلغاء اتفاقية 1975 من جانب واحد في 8 سبتمبر 1980م متعللاً بقيام إيران بتغيير أماكن العلامات الحدودية بين البلدين وقرر استعادة هذه الأماكن بالقوة.

كما رفضت المصادر الإيرانية الادعاءات العراقية بقيام إيران بتحرشات على الحدود مع العراق وإرسال مخربين للقيام بتفجيرات داخل العراق مؤكدة أن إيران كانت قد قامت بعدد من الخطوات التي تدل على حسن نيتها مثل:

1. تقليل أعداد الكوادر الثابتة في الجيش خاصة في صفوف القادة والضباط.

2. تقليل مدة التجنيد الإجباري من سنتين إلى سنة واحدة.

3. إلغاء اتفاقيات شراء التجهيزات العسكرية واستبدالها باتفاقات لشراء الآلات الزراعية والأدوات غير العسكرية.

4. طرح التجهيزات العسكرية الحديثة للبيع ومنها بارجات وطرادات بحرية وطائرات من طراز اف ـ 14.

5. الخروج من عضوية الحلف المركزي العسكري.

6. طرد أكثر من 40 ألف خبير ومستشار عسكري أمريكي.

7. ضبط أجهزة التجسس الأمريكية في إيران.

8. وقف العمل في إنشاء القاعدة العسكرية الضخمة في جاه بهار.

9. خروج القوات المسلحة الإيرانية من عمان.

10. خفض صادرات البترول ومنع بيعه لإسرائيل وجنوب أفريقيا.

11. قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل وجنوب أفريقيا.

12. استدعاء العسكريين الإيرانيين المبتعثين لدراسة العلوم العسكرية في الدول الغربية.

13. استدعاء الملحقين العسكريين الإيرانيين من الدول الأجنبية.

14. حل بعض الوحدات والأقسام العسكرية في الجيش الإيراني.

15. تقدم القوات العراقية في الأيام الأولى من الحرب داخل إيران إلى عمق وصل إلى أكثر من ستين كم والاستيلاء على عدد من القرى والمدن دون مقاومة تذكر.

كل هذا يشير إلى عدم وجود نية لدى إيران للحرب مع العراق وعدم وجود أية استعدادات تكفي لشن حرب ضد أحد جيرانها.

بل أكدت المصادر الإيرانية أن العراق في شنها الحرب على إيران لم تراع القيم الإنسانية ولا المواثيق الدولية في معاملتها المدنيين أثناء الحرب وعدم امتناعها عن هدم المنشآت غير العسكرية والمناطق الاقتصادية وتشريد أكثر من اثنين مليون مواطن، فضلاً عن قصف المراكز الاقتصادية الهامة مثل معامل تكرير البترول ومجمعات البتروكيماويات ومحطات الطاقة والجسور والمناطق السكنية والإدارات الحكومية والخاصة ومباني الجمارك وعدد من وسائل النقل والمواصلات والسفن التجارية وناقلات النفط، إضافة إلى الإعلام الكاذب والدعايات الخادعة.

لقد كان قادة الثورة والنظام الحاكم يدركون أن المبادئ التي وضعوها والأفكار التي يروجون لها سوف تصطدم عاجلاً أو آجلاً مع النظم التقليدية الموجودة في المنطقة فضلاً عن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، لذلك فإن مجلس قيادة الثورة لم يحل نفسه فور تشكيل الحكومة وظل هو الحاكم الحقيقي لإيران حتى نشوب الحرب العراقية الإيرانية، كما قام بإنشاء أجهزة ثورية ظلت تابعة لقيادة النظام حتى انتهاء الحرب، ولكن النظام لم يتوقع أن تصل المواجهات التي قد تحدث بينه وبين النظم الأخرى والولايات المتحدة إلى درجة الحرب الشاملة حيث كان يفترض أن تظل في شكل مناوشات أو حرب إعلامية أو تحرشات سياسية، كما لم يكن يتوقع أن تقوم حرب بينه وبين دولة جارة بهذه السرعة وقبل أن يتمكن من تثبيت إدارة الثورة للبلاد.

ذكرت المصادر الإيرانية أن عدداً من الاشتباكات المحدودة قد وقع بين القوات العراقية وقوات الجندرمة الإيرانية في أماكن متفرقة غرب البلاد قامت على أثرها الطائرات العراقية بقصف هذه المواقع في شهر خرداد 1358هـ. ش (يونيه 1979م)، وأن العراق أعلنت أن هذا القصف نتيجة خطأ في التقديرات، ومن ثم فقد اجتمعت لجنة عسكرية إيرانية عراقية مشتركة لبحث الآثار الناجمة عن هذا القصف في شهر مهر 1358هـ. ش (أكتوبر 1979م). وقد نشرت إيران قائمة بالاعتداءات العراقية (اُنظر جدول الاعتداءات العراقية قبل الحرب).

كانت إيران قد قامت باستدعاء سفيرها في بغداد في شهر فروردين 1359هـ. ش (أبريل 1980م) وفي 27 شهر يور 1359هـ. ش (17/ 9/ 1980م) أعلن الرئيس العراقي صدام حسين أن اتفاقية الجزائر سنة 1975م التي تقسم الحدود بين الدولتين في شط العرب قد أصبحت حبراً على ورق وأن جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى جزر عربية ينبغي أن تعود للسيادة العربية وأن على إيران أن تخرج منها. وعلى الفور عقد مجلس الشورى الإسلامي في إيران اجتماعاً طارئاً وسرياً حضره رئيس الوزراء نتج عنه قطع العلاقات السياسية مع العراق وإعلان حالة الطوارئ.

ثانياً: أول بيان عسكري إيراني

وفي شهر خرداد 1359 هـ. ش (مايو 1980م) قامت العراق بإعادة أربعين ألفاً من الإيرانيين المقيمين في العراق إلى إيران، كما قامت في الشهر نفسه بمناورة على الحدود الإيرانية عند خوزستان وعيلام اشترك فيها أكثر من مائتين وخمسين دبابة عراقية استقرت عند الشريط الحدودي مع انتهاء المناورة، وكانت تقوم بتراشق نيراني مع القوات الإيرانية وحتى نهاية شهر يور 1359هـ. ش في أكثر من اثنتي عشرة منطقة حدودية.

وكان الجيش الإيراني أصدر أول بيان عسكري له في التاسع عشر من شهر تير 1359هـ. ش (10/ 7/ 1980م) حيث صدر عن قيادة الفرقة 81 المدرعة في منطقة كرمانشاه، وجاء فيه: "خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية قامت مدفعية الجيش العراقي العميل المهاجم بقصف جميع النقاط الحدودية الإيرانية من نقطة "ازكله" حتى باويسي" "ونفتشهر" قصفاً مركزاً، وقد ردت القوات المقاتلة للفرقة 81 المدرعة بكرمانشاه جنباً إلى جنب جيش حراس الثورة الإسلامية بشدة واقتدار بنيران مدفعيتها، وقد استشهد في هذه الاشتباكات اثنين من الأخوة الجنود وجرح تسعة أفراد، وقد منيت القوات العراقية المأجورة بخسائر فادحة".(أُنظر شكل مناطق القصف العراقي)

من الواضح أن هذا البيان يعكس الظروف السياسية والعسكرية التي كانت تمر بها إيران في هذه المرحلة فتأخر صدوره من ناحية وصدوره عن قيادة فرقة حدودية في كرمانشاه من ناحية أخرى يشير إلى أن السياسيين كانوا مشغولين بالصراعات الداخلية، وأن علماء الدين مشغولين بالانتخابات، مع عدم وجود قيادة عسكرية عامة تصدر عنها البيانات، ويتضح من قصر البيان وطريقة صياغته عدم وجود خبرة لدى القيادات العسكرية الصغيرة على الحدود وعدم وجود قيادة مركزية مسؤولة عن الحدود والاشتباكات، كما أن إشارة البيان إلى اشتراك قوات جيش حراس الثورة في الرد على القصف يشير إلى عجز هذه "الفرقة 81" وإلى الفوضى التي كانت سائدة في المؤسسة العسكرية، فضلاً عن محاولة جيش حراس الثورة مزاحمة الجيش النظامي في معسكراته.

وكان أول هجوم عراقي شامل قد وقع في 31 شهر يور 1359هـ. ش (22/ 9/ 1980) مستخدماً 12 فيلق ميكانيكي مدرع واستطاع التوغل في الأراضي الإيرانية وكانت الطائرات العراقية قد أغارت بشكل واسع على مطارات إيران في 29 من هذا الشهر ملحقة أضراراً بالغة. ثم عملت العراق على زيادة حشودها العسكرية لدعم تقدمها داخل إيران مما جعل الخميني يصدر أمراً في الخامس من شهر آذار 1359هـ. ش (26/ 11/ 1980م) بالتعبئة العامة وإنشاء جيش شعبي قوامه عشرين مليون فرد، كما أمر بتعيين الدكتور أبو الحسن بني صدر رئيس الجمهورية في ذلك الوقت قائداً أعلى للقوات المسلحة، وتعيين اللواء مصطفى جمران قائداً عاماً للجيش، وتعيين اللواء قره ني رئيساً للقيادة المشتركة ورئيساً للأركان، وتعيين اللواء ولي الله فلاحي نائباً له، وزيادة في دعم الخميني لبني صدر منحه صلاحيات نائب القائد العام لكل القوى حتى تساعده على التنسيق بين الأجهزة العسكرية والنظامية والميليشيات المختلفة من جيش وحراس ولجان ثورية وقوات جندرمة وقوات تعبئة عامة شعبية وكلفه بمعالجة قضية الحرب.

ولكن بني صدر لم يدرك مدى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه وظن أن الخطر العراقي سوف ينحصر في الاشتباكات الحدودية لذلك لم يتفرغ له واستمر في صراعه مع علماء الدين حول السياسات التنفيذية والإدارة، ويبدو هذا من البيان الذي أصدره بمناسبة ذكرى الخامس عشر من خرداد[1] والذي يقول فيه: "إنني في الوقت الذي أقبل فيه مسؤوليتي في مواجهة الحرب التحميلية باعتباري قائداً للقوات المسلحة وباعتبارها من الواجبات الأساسية لي بداهة كمسؤول أمام الله والناس لا أستطيع أن أتغافل عن الأحداث التي تهدد أساس الثورة وأصالة الجمهورية الإسلامية داخل البلاد". ولذلك كان من أهم التهم التي وجهت إلى بني صدر وأدت إلى عزله هي تهمة التردد في مواجهة القوات العراقية عندما قامت بقصف المنشئات النفطية في كرمانشاه وإغلاق هذا المصدر النفطي الهام رغم أن بيان الفرقة 81 المدرعة في كرمانشاه لم يشر إليه، كما لم يشر إلى الهجوم على مهران وقصر شيرين الذي أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى وقد قامت القوات العراقية الجوية بقصف مدينة خرمشهر في الثامن من شهر دي 1359هـ. ش نتج عنه خسائر فادحة وقد عقد رئيس الجمهورية على إثره اجتماعاً مع رئيس الوزراء وقادة المنطقة الغربية العسكرية لم يعلن عن نتائجه، وطالب رئيس مجلس الشورى الإسلامي الجماهير بالابتعاد عن معسكرات الجيش.

وقد حققت القوات العراقية في هذه الظروف تقدماً كبيراً وصل عمقه إلى ما بين 60 و 100 كم داخل الأراضي الإيرانية، فضلاً عن إغارة الطائرات العراقية على محاور القوات الإيرانية، وقد اعترف رفسنجاني على إثر قصف القوات العراقية لمحور جفير ـ الحويزة في 15 من شهر دي 1359 (5/ 1/ 1981م) بوجود قصور وعدم تنسيق بين الأجهزة العسكرية وعدم قدرة المجلس الأعلى للدفاع على السيطرة حيث قطع الاتصال بين القيادة المشتركة وقوات حراس الثورة الإسلامية عند صدور أوامر بالانسحاب من تلك المنطقة مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من حراس الثورة أثناء انسحابهم. كما انتقد رفسنجاني القوات الجوية عند زيارته لمعسكر "أبو ذر" في منطقة سنقر غرب إيران بقوله: "إن قلقنا يتركز على شبابنا المؤمن الذي لا يحظى بتغطية هذه القوات". (أُنظر شكل مناطق احتلتها العراق)

وعند حلول سنة 1360هـ. ش (21/ 3/ 1981م) كان الصراع بين المسؤولين على أشده وتركز الخلاف حول أسلوب إدارة الحرب في وجهتي نظر إحداها تقول بالحرب الخاطفة والتي تحشد لها كل الطاقات، والأخرى تقول بالمقاومة الطويلة الأمد واستنزاف العدو، إلا أن مجموعة خط الإمام داخل النظام الحاكم قد فرضت رأيها القائم على ثلاث نقاط هي:

1. المقاومة الطويلة الأمد مع تأمين الإمكانات العسكرية وضغط النفقات وتحمل خسائر الحرب.

2. رفض التفاوض حتى خروج أخر جندي أجنبي من الأراضي الإيرانية.

3. ضرورة القيام بموجات هجومية وسحب المبادرة من يد الجيش العراقي.

في الوقت الذي حققت فيه القوات العراقية انتصاراً ساحقاً على القوات الإيرانية المهلهلة وأخذت تزحف بارتياح داخل الأراضي الإيرانية، كانت القيادة الإيرانية تشهد أسوأ أوقاتها ففي نفس السنة سنة 1360هـ. ش عزل رئيس الجمهورية أبو الحسن بني صدر وفر من إيران وانضم إلى المعارضة المسلحة في العراق بقيادة مسعود جوري رئيس منظمة مجاهدي خلق، وقد قتل اللواء مصطفى جمران وزير الدفاع في المعارك في 31 خرداد (21/ 6/ 1981م) كما قتل اللواء ولي الله فلاحي مساعد رئيس الأركان والعميد موسى نامجو قائد القوات الجوية ووزير الدفاع واللواء جواد فكوري نائب رئيس القيادة المشتركة ويوسف كلاهدوز نائب القائد العام لجيش حراس الثورة وعلى جهان آرامن رئيس عمليات جيش الحراس في حادث طائرة على الحدود العراقية في 8 مهر (30/ 9/ 1981م)، كذلك قتل اللواء قره ني رئيس القيادة المشتركة ورئيس الأركان، وقد وقعت كل هذه الخسائر في القيادات العسكرية خلال أقل من أربعة أشهر من هذه السنة (1360هـ. ش).

وإذا كانت هذه المصائب قد وقعت على رأس القيادة العسكرية فقد وقع أشد منها على رأس القيادة السياسية في نفس السنة خلال حادثين رهيبين، حيث تمكنت منظمة مجاهدي خلق في السابع من شهر تير بتفجير مقر حزب الجمهورية الإسلامية مما أدى إلى مقتل آية الله بهشتي أمين الحزب ومنظر الثورة واثنين وسبعين آخرين من قيادات الثورة معظمهم من علماء الدين وبينهم بعض المسؤولين في السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. أما الحادث الآخر فقد وقع في الثامن من شهر يور حيث تمكنت منظمة مجاهدي خلق أيضاً من تفجير مقر مجلس الوزراء وقد قتل في هذا الحادث رئيس الجمهورية الذي انتخب بدلاً من بني صدر وهو محمد علي رجائي وكذلك رئيس وزرائه محمد جواد باهنر وعدد من الوزراء والمسؤولين التنفيذيين.

وقد استطاعت القيادة الإيرانية التماسك بعد هذا الحادث وقررت بعد أقل من شهر أن تقوم بعمليات عسكرية تحت اسم "ثامن الأئمة" في منطقة شرق نهر كارون يقودها رحيم صفوى قائد القوات البرية لجيش حراس الثورة بمساعدة الفرقة "77 خراسان" من اجل فك حصار مدينة عبدان.

ثالثاً: التعبئة العامة معناها وآثارها

لقد كان قرار الخميني بالتعبئة العامة من أهم القرارات التي اتخذت لمعالجة قضية الحرب التي يسميها الإيرانيون بالحرب "التحميلية" أو الحرب المفروضة، لأن التعبئة العامة إضافة إلى أهميتها لجبهات القتال والظروف الأمنية داخل البلاد، والإعداد لموجات هجومية من أجل استرداد الأراضي التي احتلتها الجيوش العراقية فقد اتخذت معنى جديداً يستهدف بقاء النظام واستمراره وأسلوباً لسياسة حكمه في المستقبل. فقد وجد النظام في التعبئة العامة أسلوباً مناسباً لحل مشاكله في عدة قطاعات دفعة واحدة وتحقيق منجزات عسكرية سياسية، تمثلت في الأفكار التالية:

1. مواجهة القصور العسكري في التسليح والتنظيم والتخطيط بفكرة الدفع الذاتي للأمواج البشرية المتلاحمة بمساعدة الحماس الديني والمذهبي والوطني وبهدف رفع الروح المعنوية لآلة الحرب الإيرانية مما يؤثر سلباً على العدو.

2. خلق عنصر المنافسة بين الفئات المختلفة من القبائل والطوائف والمحافظات والتي تنتمي إلى عروق شتى من فرس وترك وبلوش وتركمان وغيرها، وذلك من خلال نظام الوحدات المتطوعة المتكاملة سواء في التسليح أو العتاد أو الفنيين أو القادة أو الموجهين الدينيين من نسيج واحد وأبناء محافظة واحدة أو عشيرة واحدة استكمالاً لنظرية الدفع الذاتي التي تعتمدها قيادة التعبئة العامة.

3. مواجهة القصور الاقتصادي ومعالجته عن طريق تفريغ مواقع الطلب على السلع الغذائية والضرورية، وسد المجال أمام طلبات الاستيراد لغير السلع الإستراتيجية في تلك المرحلة، ووقف المطالبة بتوفير مستلزمات الحياة المستقرة.

4. الاستحواذ على القوى البشرية المؤثرة في المجتمع لخدمة أهداف النظام الحاكم، وسد السبيل على الجماعات السياسية المعارضة في الاستفادة من هذه القوى لصالحها في خلق توتر أو القيام بأعمال إرهابية ضاغطة، فضلاً عن إخلاء الساحة للجان الثورية من أجل تعقب أعداء النظام.

5. شغل العراق ودول الخليج والدول الكبرى بتحليل حركة التعبئة العامة عن القيام بمبادرات أو أعمال تزيد الضغط الواقع على النظام الإيراني خلال هذه المرحلة.

وقد نظمت عملية التعبئة العامة من خلال مشروع تجنيدي تحت اسم "لبيك يا خميني" عينت له قيادة خاصة برئاسة حجة الإسلام والمسلمين محمد علي رحماني تكون تابعة لجيش حراس الثورة الإسلامية، وقد استهدف المشروع حسب قرار الخميني إنشاء جيش قوامه عشرين مليون متطوع، وقد نجحت القيادة في المرحلة الأولى في إنشاء جيش من القوات الشعبية المدربة تحت اسم "فتح واحد" في أقل من عامين، الحق به جيش آخر تحت اسم "فتح 2" أرسل إلى الجبهات في الثاني عشر من شهر فروردين سنة 1363هـ. ش (1/ 4/ 1984م) وقد وصف سيد علي خامنه أي هذا الجيش بقوله: "لقد كان المحور الحقيقي لهذا الجيش منذ بداية تنظيمه هو التشكيلات الشعبية والتنظيمات الجماهيرية، لذلك فجيش التعبئة ليس منظمة شكلت لمراقبة الجماهير بل إن التعبئة هي الجماهيرية التي نظمت لمراقبة الثورة، إن التعبئة هي بمعنى الحضور المنظم القوي للجماهير في ساحات الثورة الإسلامية والسيطرة على الأوضاع ومواجهة معارضي الثورة، ولذلك فإني أؤكد على أهمية العمل العقائدي في جيش التعبئة وأن تظل المساجد هي قواعد التعبئة الأساسية ومن خلالها تنمو التعبئة، وينبغي أن يشعر الأخوة الذين يخدمون في جيش التعبئة أنهم يخدمون في ركاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله".

ومع تطور حركة التعبئة العامة ونجاحها في تكوين الجيوش الشعبية، أكد خامنه أي أن التعبئة العامة ليست حركة خارج القاعدة والقانون بل إنها بمعنى العمل من خلال هدف وحب وحماس وصفاء وإيمان وحركة. كما أكد هاشمي رفسنجاني على هذا المعنى بقوله: "إن التعبئة العامة صرح لا يمثل فرعاً رئيسياً من النظام فحسب بل هو مسؤولية رئيسية على أكتاف النظام، إن لدينا جنود تعبئة من بين حراس الثورة، وإننا نرى في التعبئة العامة نوعاً من الحركة الثقافية فضلاً عن الحركة العسكرية، إذا كنا نريد جنوداً في الجبهات لهم مزايا جنود التعبئة ولم تكن لدينا هيئة التعبئة العامة فكم ينبغي أن نعمل؟ وكم كنا ننفق؟ وكم من قواتنا كنا نستخدم من أجل إيجادهم واختيارهم وتعليمهم وتدريبهم وتنظيمهم؟! ما كان هذا يمكن أن يحدث من خلال الإمكانات المادية العادية، إن هذه التشكيلات قد تكونت في ظروف الثورة بناء على تعليمات الإمام (الخميني)، وكان للتعبئة حقاً أبعاد كثيرة ليست منحصرة في الحرب، ولا في الأمن الداخلي فقط، ولكن قواعد التعبئة كانت مبعث ثقة الناس واطمئنانهم، إن حضور هذا الشباب في القواعد والمساجد والأحياء وحيثما كانوا هو ثمرة من ثمار الثورة التي أفهمت الآخرين أن الناس أنفسهم هم حماة الثورة".

لقد نجحت فكرة الخميني وكانت الظروف مهيأة لتنفيذها فالدافع موجود وهو رد القوات العراقية عن الأراضي الإيرانية والطريقة جاهزة وهي نفس تشكيلات حراس الثورة، فضلاً عن ظروف النظام الذي يحتاج لدعم أكبر من القوات النظامية، لذلك فقد انحصر جهد قيادة قوات التعبئة على ثلاثة محاور هي: إيجاد التسهيلات اللازمة لاشتراك جماهير الشعب في مهمة الدفاع عن البلاد من خلال وضع نظام لجذبهم إلى مراكز التدريب وتشكيلهم وإرسالهم للجبهات، إيجاد قدرة دفاعية لهذه الجماهير عن طريق تدريب شامل له أبعاد عسكرية وعقائدية وسياسية وتنظيمية والقيام بمناورات محدودة وواسعة لتعميق ارتباطهم وانسجامهم، تشكيل ونشر قواعد للمقاومة وتشكيل جماعات المقاومة في الأحياء والقرى والمدن ومناطق العشائر والمصانع والوزارات.

وقد أكدت القيادة الإيرانية أن المقاومة الشعبية كانت أحد أهم عوامل وقف تقدم القوات العراقية في الأراضي الإيرانية خاصة إلى المدن في مناطق خورمشهر وجنوب الأهواز وسوسنكرد وكيلانغرب وسربل ذهاب، في حين أن المناطق الجبلية في الجبهة الوسطى والغربية وصحراء الجنوب كانت أقل مقاومة. (أُنظر شكل مناطق كانت مسرحاً للعمليات)

إذا كانت الصراعات التي نشبت بين علماء الدين من ناحية ورئيس الجمهورية بني صدر وبعض الجماعات السياسية من ناحية أخرى أهم التحديات التي واجهت النظام عند بدء الحرب العراقية الإيرانية فإن تقدم القوات العراقية داخل الأراضي الإيرانية قد ساعد على حسمها حيث أصبح سبباً في وقف طموحات القوى المعادية لعلماء الدين ووسيلة في يد علماء الدين للدعوة إلى الجهاد تحت رايتهم، ومن ثم فإن كل من يتخلف عن ركب الجهاد وفي مقدمته علماء الدين يعتبر خارجاً أو فاسقاً أو كافراً، ومن هنا كان السبيل سهلاً أمام علماء الدين لكي يتخلصوا من منافسيهم وخاصة رئيس الجمهورية بني صدر ومؤيديه، ومع تخلص علماء الدين من معارضيهم وجهوا هممهم إلى وقف زحف القوات العراقية، وقد كانت قوة الزحف العراقي تتطلب إمكانات كبيرة لوقفها مما جعل الخميني يأمر بإعلان التعبئة العامة من أجل إنشاء جيش قوامه عشرين مليوناً من الأفراد، وما كان لهذا الأمر أن يتم دون دفع ديني مذهبي، وقد تمثل هذا الدفع في شعارين رفعهما النظام الحاكم في إيران أولهما هو تكفير النظام العراقي والثاني هو إعلان الجهاد الديني ضد الكفار، حيث أعلن الخميني بعد أقل من خمسة أشهر من بداية الحرب تكفير نظام الحكم العراقي في كلمة ألقاها، أشار فيها إلى أن مشكلة المسلمين تكمن في أنهم يرفعون شعار الإسلام ولا يطبقونه، وخاصة بعض الحكام الذين يتخذون الدين ستاراً لتحقيق مطامعهم الشخصية أو لإرضاء القوى الكبرى التي يخضعون لها، ثم عمد إلى شرح الويلات التي لاقاها الشعب الإيراني على يد القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والملوك الذين حكموا إيران وخاصة الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان عميلاً للغرب، ثم أخذ يحصي الأضرار التي لحقت بإيران نتيجة الهجوم العراقي مؤكداً أنها أكثر من ستين ألف قتيل ومائة ألف مصاب غير الأسرى وأكثر من مليون مشرد مع فقد كثير من الأراضي والقرى والمدن الإيرانية، وأن جريمة إيران الوحيدة هي العودة للإسلام وخدمة الإسلام وقطع يد القوى الكبرى عن بلاد الإسلام والتخلص من الحكم الجائر والحياة تحت لواء الإسلام والدعوة إلى الوحدة الإسلامية، وقد حاول الخميني أن يبرئ الشعب العراقي ويلقي بالتبعة على الرئيس صدام حسين الذي اتهمه بالعمالة ورد على قوله بأن إيران معتدية متسائلاً أين آثار العدوان الإيراني على العراق؟ وهل نحارب الآن فوق الأراضي العراقية أم الإيرانية؟ مؤكداً أن العراق هو المعتدي، ليس الشعب ولكن النظام، لأن الشعب العراقي ينتظر ما ينتظره الشعب الإيراني فقد فَقَدَ علماء وشباباً وشيوخاً وأطفالاً على يد هذا النظام الفاسد، وقد طالب الخميني الشعوب الإسلامية بمناصرة إيران ومحاربة المعتدي عملاً بالآية الكريمة ]فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الّتْي تَبْغِي حَتَّى تَفْيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ[ w.، (سورة الحجرات، آية 9) مؤكد أنه لا معنى للصلح بين الإسلام والكفر".

وهكذا رتب الخميني النقاط التي وردت في كلمته بشكل يوصله إلى تحقيق هدفه حيث بدأ بالضرب على الوتر الحساس لدى جميع المسلمين فحاول أن يظهر في صورة المظلوم المعتدى عليه المستحق للإنصاف ثم تدرج من ذلك إلى الاستفادة من نصوص القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ثم خرج منها باستنتاجات لصالحه، ثم حاول أن يظهر نفسه في صورة المطالب بالحق الملتزم به الواثق منه، ثم عاد وناقش موقف العراق واستنتج منه انطباق حكم الكافر على نظامه الحاكم ومنه وصل إلى نتيجة مؤداها عدم التصالح بين المسلم الذي يمثله النظام الإيراني والكافر الذي يمثله النظام العراقي، مؤكداً أنه ليس في إيران شخص اعتباراً من الولي الفقيه إلى عامة الشعب يقبل المصالحة مع الحكومة العراقية، ثم ذهب إلى أبعد من ذلك عندما طالب بعقد محاكمة لنظام صدام ومعاقبته بل تمادى في ذلك عندما طالب بعمل استفتاء في كل من العراق وإيران حول مدى قبول كل من الشعب العراقي والشعب الإيراني لنظامه الحاكم.

ويمكن أن ندرك أن الموقف الذي اتخذه الخميني باعتباره الولي الفقيه موقفاً سياسياً وليس موقفاً إسلامياً رغم شكله الإسلامي بالاستفادة من القرآن الكريم والحديث النبوي لصالح هذا الموقف السياسي، لقد فسر الخميني آية: ]وَإِنْ طاَئفَتَانِ مِنْ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الّتْي تَبْغِي حَتَّى تَفْيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِين (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)[ w (سورة الحجرات، 9، 10)

فسرها الخميني بأن الواضح أن العراق اعتدى على إيران ولذلك يكون من الواجب على المسلمين جميعاً أن يحاربوا العراق ويعاقبوه متناسياً أن الأصل في هاتين الآيتين الكريمتين هو مبدأ الإصلاح، وأن البغي يحارب لدى استمراره فإن توقف يكون إعادة الحق لأصحابه بالعدل والقسط، كما أن تلميح الخميني بالحديث الشريف الذي يشير إلى أنه إذا التقى مسلمان بسيفهما فإن القاتل والمقتول في النار ينطبق عليه أيضاً، مما يؤكد أن المسألة لم تكن موقفاً فقهياً دينياً بل كان موقفاً سياسياً يدعم دعوته إلى التعبئة العامة وإنشاء جيش قوامه عشرين مليوناً وما لهذه الدعوة من أبعاد سياسية تخدم بقاء نظام ولاية الفقيه واستمراره في الحكم، لذلك فإن قبول الخميني لأي دعوة صلح يهدم الأساس الذي بناه من أجل استمرار نظام حكمه وحل مشاكله في الداخل والخارج، ولقد اعترف الخميني نفسه في أكثر من مناسبة أن الحرب العراقية الإيرانية كانت فرصة إلهية لدعم نظام الثورة وتوجهاته.

لقد كانت الأوضاع على جبهات القتال سيئة جداً بالنسبة للإيرانيين وتدعو إلى الإحباط واليأس لدرجة أن الجنود الإيرانيين كانوا يرفعون أكف الدعاء بطلب قدوم المهدي المنتظر الذي يخلصهم من هذه الحالة وهذا الموقف الصعب، يقول الصحفي الإيراني محمد ذو الأنوار في وصف أحوال الجبهة في تلك الفترة: "إذا كان البعض بالأمس يجلس مؤملا ظهور الإمام (المهدي) فإن جنود الثورة الإسلامية اليوم في شوق لظهور الإمام وإنشاء مجتمع القسط القرآني، إنهم يدعون طوال الليالي ويملأون الصحراء ضجة بصوت التماسهم ويسندون رؤوسهم إلى حوائط الخنادق منتظرين ظهور صاحب الزمان، ويقولون مثلاً إن إمام الزمان قد ظهر في خونين شهر (خرمشهر) وفي عبدان وأضاء بنوره المقدس في الظلمات". ويشير هذا الصحفي بشكل غير مباشر إلى أن الظروف النفسية التي يعيشها أفراد القوات المسلحة الإيرانية بعد الغزو العراقي ارتدت بهم إلى أفكار العصر الصفوي التي تقول بأنه إذا زاد الظلم والفساد في العالم فإن المهدي المنتظر سوف يظهر، وأن القوات العراقية باحتلالها أجزاء كبيرة من إيران زادت من ويلات الإيرانيين وأظهرت الفساد في الأرض، إلا أن الصحفي يتدارك في تقريره ما انزلق إليه فيقول: "ولكن النقطة النورانية التي أدركها جنودنا في الجبهات الآن شيء آخر، وهي أننا إذا تحركنا على جادة الحق ورفعنا بالتدريج مستوى قواتنا وتجلت الأسس الإنسانية والقيم العقائدية في تصرفاتنا فإن الباطل لن يقعد عن محاربتنا وسوف يهاجمنا وعند ذلك سوف يصل الفساد إلى أوجه بينما يتبدي الإسلام وتشتد المقاومة فهذا يكون مجال ظهور حضرته (إمام الزمان)".

إن فكرة انتظار الفرج على يد المهدي أو انتظار الخلاص على يد الإمام الغائب كانت تعبيراً شعبياً عن الضائقة التي يمر بها شعب إيران خلال هذه الفترة ويرجو الخلاص منها، حيث أن واقع الشعب ولسان حال الجماهير قد ساعد على شيوع أخبار بظهور الإمام في المدن الواقعة تحت الاحتلال العراقي، وتاريخ الشيعة حافل بالمواقف التي تدل على أن الشيعة عندما يشتد بهم البلاء وتعجزهم الحيلة يرفعون أيديهم بالدعاء إلى الله ليعجل لهم عودة المهدي المنتظر بالفرج، وقد استثمر بعض الساسة وبعض الساعين للنفوذ والسلطة هذه الفكرة في مراحل كثيرة من تاريخ الشيعة بالإعلان عن ظهور المهدي في أماكن معينة حتى يعتبرهم الناس من حاشيته فيحصلوا على هدفهم السياسي أو الجاه والنفوذ والمال الذي يريدون وليس أدل على ذلك من حركة البابية وحركة البهائية فقد بدأتا كحركة تبشر عامة الشيعة بقدوم المهدي المنتظر.

لم يكن النظام الحاكم في إيران هو مصدر شيوع أخبار ظهور المهدي في جبهات القتال ولكنه استثمرها لصالحه حيث يعتقد علماء النظام بأن الثورة الشعبية هي أفضل وسيلة للتمهيد لظهور المهدي وإقامة الدولة الإسلامية وفق المبادئ الشيعية، وقد ذهب الخميني إلى أبعد من ذلك عندما أصدر فتواه التي استفاد فيها من هذا الموقف ومن فرصة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف فقال: "يقول البعض إن استمرار الحرب مخالف لما جاء في القرآن ولكني أقول لمن يعارضوننا ولرجال الفتوى في البلاط (يقصد علماء السنة) لا ينبغي عليهم سوء الاستفادة من القرآن، إن حربنا ليست مخالفة للقرآن بل بالعكس هي وفق تعاليم القرآن، فإذا قال شخص لا تحاربوا الفاسد كان هو الذي يخالف القرآن فقد قال الله تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة [ w (سورة البقرة، آية 193، سورة الأنفال، آية 39)، وهذا معناه أن القرآن يأمر المسلمين بالقتال منعاً للفتنة، أي حرب حتى زوال الفتنة من العالم، إن شعار "حرب حرب حتى النصر" الذي رفعه شبابنا هو رشحة من رشحات القرآن، وإن أولئك الذين هم أتباع القرآن يحاربون ما دامت فيهم القدرة على الحرب حتى تزول الفتنة من العالم".

وهكذا حول الخميني الحرب من مجرد حرب بسبب خلاف على الحدود إلى حرب سياسية عقائدية، ومن مجرد قضية إقليمية إلى قضية جهاد إسلامي، وإن كان بعض علماء إيران قد اتخذوا موقفاً مغايراً حيث طالبوا بالتفاوض لوقف الحرب كضرورة لصيانة أرواح المسلمين وكان على رأسهم آية الله حسين طباطبائي قمي وهو أحد كبار علماء حوزة مشهد الدينية، حيث يقول طباطبائي قمي في فتواه: "أما قوله (يقصد الخميني) بأن حربنا حرب بين الإسلام والكفر ولا معنى للصلح بين الإسلام والكفر فيه نظر، فهل جيش العراق الذي نحاربه والذي يأتي إلى الجبهة رغماً عنه ـ حسب رأيه ـ كله كافر؟! أم أن غالبيته الساحقة مسلمون؟! إن أغلب مسلمي العراق شيعة وقد صاحبوه (في منفاه) إلا أنه يعلن بكل فخر أننا قتلنا وجرحنا الآلاف، وتقول أريد أن أنقذ شعب العراق وشيعة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وتقول أريد أن أنقذ شعب العراق من يد حزب البعث فهل ستجيب بنفس الدليل على حساب القبر وفي محكمة العدل الإلهي يوم القيامة؟! ليس الأمر كذلك بل إنك تريد أن تطيل عمر حكومتك بضعة أيام أخرى بهذه الجرائم، وعلى فرض ـ وهذا محال ـ أن حربك هي حرب بين المسلمين والكفار فإن الصلح بين الإسلام والكفر ليس فقط له معنى بل يكون أيضاً واجباً أو في حكم الواجب إذا اقتضت المصلحة ذلك، لقد نسيت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم بسبب شهوة النفس وغرور الحكم والرياسة الدنيوية القصيرة، فمن المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم قد عقد صلح الحديبية مع كفار قريش الذي تقرر خلاله وقف الحرب وقيام السلام لمدة عشر سنوات بين المسلمين بزعامة حضرته عليه السلام وبين كفار قريش رغم الأذى ـ ولعلك تذكره ـ الذي تعرض له من كفار قريش في مكة ثم معاركه معهم في بدر والمواقع الأخرى التي سقط فيها كثير من الشهداء المسلمين، ومع ذلك عقد الصلح ولم يعترض أحد على موقف الرسول الكريم وكذلك عند عقد الصلح مع نصارى نجران".

وقد انتهز الخميني فرصة ذكرى مولد الإمام علي بن أبي طالب للرد على بيان آية الله طباطبائي قمي فأصدر بياناً تحدث فيه عن سيرة الإمام علي واستنبط منها فتواه فقال: "إننا لا نعتبر حزب البعث العراقي مسلماً بل إننا نعتبره ضد الإسلام، إن حزب البعث أقل إسلاماً من الخارجين على حكم الإمام علي بن أبي طالب فحاربهم، بل خاض ضدهم ثلاثة حروب رغم كونهم شهدوا بالإسلام ورغم أنهم كانوا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورغم أنهم كانوا أكثر إسلاماً من حزب البعث العراقي، لذلك فإن من الواجب حسب العقيدة الشيعية محاربة حزب البعث اقتداء بالإمام علي بن أبي طالب".

ولعل من الأهمية بمكان أن نعرض هنا رد آية الله طباطبائي على بيان الخميني حتى يتضح لنا مدى الصراع والتمزق الذي أحدثه الغزو العراقي لإيران ورد فعله على المرحلة الأولى من مراحل الحرب وما تلاها، يقول طباطبائي قمي: "إن قياس هذه الحرب بحروب حضرة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه هو قياس مع الفارق وفيه كثير من الجهل، وليس بينهما أدنى شبه، لأنه بناء على الروايات الواردة عن حضرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن حضرته كان مأموراً بهذه الحروب الثلاثة حيث قال الإمام علي عليه السلام "أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ففعلت ما أمرت به" ولما كانت هذه الحروب بأوامر صريحة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحضرته فقد كان من الواجب أن يقوم بها، وقد ظل هذا الأمر واجباً في عهد الإمام وسبطه، كما كان حضرته خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإجماع السنة والشيعة سواء كان الأول في نظر الشيعة أو الرابع في نظر السنة، وأن الخروج على خليفة رسول الله من الانحرافات التي تستوجب الجهاد، ورغم أن حضرته قد خاض الحرب ثلاث مرات ضد أعدائه إلا أنه لم يقتل شيعته أبداً، ولكن الحرب مع العراق وأكثر أهلها شيعة لا يجعل بينها وبين حروب الإمام أي شبه، أما قوله بمعاقبة المعتدي فإننا نريد معاقبة المعتدي أيضاً ولكن طبقاً للقوانين الشرعية والعقلية الصحيحة، فأي دين أو مذهب أو عقل أو منطق أو قانون أو وجدان يسمح بارتكاب كل هذه الجرائم من أجل معاقبة المعتدي لذلك أشرنا إلى أن هذه الحرب من المحرمات قطعاً والقتل فيها يكون حراماً".

وقد تمكن الخميني من عزل آية الله طباطبائي في بيته في مشهد وانتصر اتجاه الخميني بتحويل الحرب مع العراق إلى جهاد ديني لا يقبل المساومة أو التفاوض حتى تحقيق النصر. وتذكر المصادر الإيرانية أن هذه المرحلة برغم سوء الظروف التي أحاطت بها إلا أنه يمكن رصد بعض الإيجابيات فيها، وتتمثل الإيجابية الأولى في الجهود التي بذلها" اللواء 23 محمول قوات خاصة" بقيادة العميد "آبشناسان" في ضرب القوات العراقية واستنزافها من خلال الأعمال الفدائية وحرب العصابات والتي نجح فيها بنسبة كبيرة رغم استشهاد قائده وعدد كبير من أفراده إلا أنه نجح في وقف زحف القوات العراقية إلى المنطقة الوسطى من العراق العجمي.

أما الإنجاز الثاني الكبير الذي تحقق في هذه المرحلة فهي العملية التي قامت بها القوات الإيرانية في الخامس من شهر مهر سنة 1360هـ.ش(27/9/1981م) والتي أطلق عليها عمليات "ثامن الأئمة" التي ألحقت خسائر كبيرة بالقوات العراقية المتمركزة حول عبدان وخر مشهر.

أما الإيجابية الثالثة فقد تمثلت في العمليات التي قامت بها الطائرات المروحية التابعة لسلاح (هوانيروز) والطائرات المروحية الملحقة بالقوات البرية للجيش رغم أن طياريها كانوا حديثي التخرج ولم تكن لديهم دراية أو خبرة كافية لخوض حرب إلا أن "طائرات الكوبرا" التي كانوا يقودونها قد أحدثت خسائر فادحة في الدبابات العراقية عند منطقة "سربل ذهاب" في الجبهة الغربية، كما قامت بتغطية "الفرقة 92 مشاه" عند الأهواز، وألحقت خسائر بالفرقة العراقية.

لا شك أن تولي سيد علي خامنه أي رئاسة الجمهورية قد جعل الأمور الداخلية تستقر في إيران بسيطرة علماء الدين على الزعامة والسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية فقد استطاع كل من خامنه أي رئيس الجمهورية ورفسنجاني رئيس السلطة التشريعية وأنصارهما في الجيش والحراس والحكومة والأمن والمؤسسة الدينية أن يترجموا رغبات الخميني وتعليماته فيما يتعلق بشكل وأسلوب ومضمون وأهداف الحرب إلى واقع عملي.

لقد تركزت جهود الرجلين خامنه أي ورفسنجاني في هذه المرحلة حول ربط الحرب بالدين وما يستتبع ذلك من تطوير للقيادة العسكرية والعمليات والتعبئة والدعم المادي واقتصاديات المجتمع، وفوق ذلك كله المفهوم السياسي العقائدي للحرب، فقد تولى سيد علي خامنه أي فضلاً عن كونه رئيس الجمهورية رئاسة المجلس الأعلى للدفاع وعين الزعيم الخميني هاشمي رفسنجاني ممثلاً في هذا المجلس فضلاً عن كونه رئيساً لمجلس الشورى الإسلامي ومشرفاً على جيش حراس الثورة الإسلامية، وكان لتولي محسن رضائي قيادة جيش الحراس أثره الكبير في التفاهم والانسجام بين القيادات العسكرية والسياسية لأنها تمثل رفقة كفاح قبل الثورة وبعد استقرار النظام.

لقد أصبح المعنى العقائدي للحرب في هذه المرحلة هو الجهاد في سبيل الله بالمفهوم الشيعي ووفق شروح الخميني وتلامذته حيث قسموا الجهاد من ناحية متعلقاته إلى خمسة أقسام: قسم منها يعمل به في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الأقسام الأربعة الأخرى فيعمل بها في فترة غيبة إمام الزمان وهي:

1. الجهاد ضد الكفار إذا أرادوا الهجوم على بلاد المسلمين وهو بمعنى الدفاع عن أراضي الإسلام.

2. الجهاد ضد من يريدون التسلط على دماء المسلمين وأعراضهم سواء كانوا من الكفار أو من المسلمين الطامعين في الدنيا وحب الرئاسة وهي حرب دفاعية أيضاً.

3. الجهاد من أجل الدفاع عن طائفة من المسلمين تحت رحمة الكفار وهو دفاع مشروع من أجل تخليص المسلمين من الكفار.

4. الجهاد ضد الكفار بعد دعوتهم إلى الإسلام وعدم قبولهم له، وهذا الجهاد بمعناه الخاص يستوجب التوجه إلى بلاد الكفار.

ويرى الشيعة الإيرانيون تقدم الأقسام الأربعة الأولى في الأهمية على القسم الخامس في الجهاد نظراً للأولويات التالية:

1. عدم اشتراط حضور الإمام أو نائبه ويكفي وجود شخص عادل قادر على إدارة الحرب والدعوة إلى القتال وذلك في الأقسام الأربعة الأولى في حين يشترط وجود الإمام ونائبه الخاص في القسم الخامس.

2. لا يجوز التخلف عن الفتنة بمعنى أنه إذا طلب المعتدي عقد الصلح والتفاوض فلا يجوز الموافقة إذا كان قائد المعتدين ما زال على قيد الحياة لأن هذا الصلح سيكون بمثابة هدنة يمكن للمعتدين خلالها جمع شملهم والعودة لمهاجمة المسلمين، وقد استند الخميني على هذا المبدأ الشيعي في رفضه وساطات الصلح مع العراق.

3. لا يستثنى في الأقسام الأربعة الأولى من المشتركين في الجهاد سوى المريض الذي يخشى موته في حين يكون الجهاد في القسم الخامس جهاد كفاية بمعنى أن بعض المسلمين ينوب عن بعضهم في الحرب.

4. القسم الخامس من الجهاد ينبغي أن يكون ضد الكفار فقط في حين يجوز الجهاد في الأقسام الأربعة السابقة ضد المسلمين والمؤمنين الذين يوالون الكفار أو يطمعون في الدنيا وحب الرئاسة وإن كانوا على خلاف مذهب المسلمين المدافعين.

5. في القسم الخامس من الجهاد ينبغي أن توزن قوة المسلمين جيداً قبل بدء الجهاد في حين لا يكون ذلك ضرورياً في الأقسام الأربعة الأولى الخاصة بالدفاع وإنما بقدر الإمكان.

6. لا ينبغي الجهاد في القسم الخامس خلال الأشهر الحرم وإنما يجوز الدفاع في الأقسام الأربعة الأولى في هذه الأشهر.

7. يكفي الجهاد في القسم الخامس مرة واحدة في السنة ولكن يكون في الأقسام الأربعة الأولى مستمراً ولو كل يوم حتى يتحقق النصر.

8. ليس من داع لدعوة المعتدي إلى الإسلام في جهاد الدفاع بأقسامه الأربعة، ولكن دعوة الكفار إلى الإسلام ضرورية قبل محاربتهم في الجهاد بقسمه الخامس.

9. في القسم الخامس يجوز للإمام أن يأخذ من أموال المسلمين بقدر ما يسمحون به لتجهيز الجيش للجهاد، أما في الأقسام الأربعة الأولى فيحق للولي الفقيه أن يأخذ من أموال الناس للدفاع حتى يتحقق النصر دون حساب لميزانية الحرب.

10. لا يكفي إخراج المعتدين من بلاد الإسلام بل ينبغي تعقبهم حتى يطيعوا أمر الله عملاً بآية "حتى تفيء إلى أمر الله" (سورة الحجرات) ويدعي فقهاء الشيعة الإيرانيون أن هذا المبدأ معمول به عند أبي حنيفة من فقهاء السنة، وهو ما ينبغي أن تطبقه إيران ضد القوات العراقية.

وقد حاول فقهاء النظام الإيراني أن يقننوا كل ما يتعلق بالحرب وفق مبادئ الجهاد التي وضعوها والتي حاولوا تأصيلها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أقوال أئمة الشيعة وأعمالهم والروايات التي وردت عنهم في كتب الشيعة وخاصة الإمام علي بن أبي طالب وكتاب نهج البلاغة المنسوب إليه، وكذلك الإمام الحسين بن علي ويمكن التعرف على هذا المسلك من أقوال قادة النظام وتصريحاتهم، يقول الخميني: "إن الله تبارك وتعالى قد منحكم القوة ومنحكم الهمة وإن كل سهم ترمونه بأيديكم يبلغه الله تبارك وتعالى إلى هدفه، إن طريقكم هو سبيل الله وسوف يهبكم الله نصره، إلهي إن هؤلاء هم عبيدك، تواجدوا في حضرتك، إنهم يخدمون إسلامك ويبذلون النفس من أجل هزيمة الكفار فأيدهم واحفظهم وسلمهم واختم لهم بالخير". ويقول عن نفسه: "لقد أعددت نفسي دمي وروحي الضعيفة من أجل أداء واجب الحق وفريضة الدفاع عن المسلمين، وإنني في انتظار الفوز العظيم بالشهادة، لقد أدركت جيداً منذ اليوم الأول لبدء الكفاح وليس في الحرب التحميلية فقط أننا من أجل هدفنا العظيم والأماني الإسلامية والإلهية ينبغي أن ندفع ثمناً باهظاً، وأن نقدم الشهداء الأعزاء، وأن مجرمي العالم لن يدعوننا في هدوء وراحة بل سيسفكون دماء أعزائنا في الأزقة والشوارع على حدودنا".

ويقول آية الله مرتضى رضوى: "إن الحقائق تظهر نفسها بالحروب، إن الشيطان يخلق الحرب، وبدء الحرب ليس بحق ولا حقيقة، والبادئ بها ليس على حق، لماذا لا نقبل الصلح؟ هل هو شر؟ نعم فالصلح نوعان: نوع إلهي هو عين الحقيقة وصلح شيطاني مذل وهيهات منا الذلة".

لقد بذل فقهاء النظام الإيراني غاية جهدهم لمنع تسرب اليأس إلى نفوس الإيرانيين والحيلولة دون تعللهم بالمشكلات والظروف الصعبة من أجل قبول الصلح فلم يتركوا شيئاً إلا توسلوا به حتى قضية المدد الغيبي للمجاهدين وقضية الاستشهاد بكل أبعادها فقد دعم فقهاء النظام فكرة الاستشهاد بأقوال الأئمة حتى يتمكنوا من رفع الروح المعنوية للإيرانيين ودفعهم للقتال بجرأة وإخلاص تحقيقاً لأهداف النظام، ولقد كان في أقوال وأفعال كل من الإمام علي بن أبي طالب والإمام الحسين بن علي معيناً لا ينضب يغترف منه فقهاء النظام الإيراني لتبرير دعوتهم وتأكيد رأيهم، حتى تحولت الحرب إلى ممارسة دينية سياسية، وقد لخص لنا حجة الإسلام سيد رضا تقوى ما يقوم به علماء إيران خلال الحرب بقوله: "مع أننا في بداية هجوم العدو لم نكن نتمتع بتجارب عسكرية عالية إلا أننا اليوم في نفس مستوى التجربة ندون وننفذ أكبر وأعقد المشروعات العسكرية في الجو والبحر والبر دون مستشارين أجانب، لقد نجحنا في أن يكون الفن الحاكم على الحرب هو فن الله".



[1] ذكرى ضرب قوات الساواك التابعة للشاه لعلماء الدين في المدرسة الفيضية بقم.