إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإيرانية ـ العراقية، من وجهة النظر الإيرانية





مناطق القصف العراقي
مناطق احتلتها العراق
مناطق كانت مسرحاً للعمليات
الحدود العراقية ـ الإيرانية
عمليات ثامن الأئمة
عمليات تحرير خرمشهر
عمليات طريق القدس
عمليات فتح المبين




حرب عام 1967

المبحث الخامس

العمليات الغير تقليدية المحدودة والموسعة

أولاً: العمليات غير التقليدية المحدودة

بعد أن تبين بصورة كاملة عدم توفر الإمكانيات اللازمة لعمل شيء عن طريق الحرب التقليدية برزت حالة جديدة ومن خلال وجهة نظر حرس الثورة الإسلامية فإنها ستفتتح بذلك مرحلة جديدة من الهجمات وعلاوة على ذلك فإن الآثار السلبية للخسائر التي حصلت في المعارك التقليدية لم تكن خافية على الداخل والأخطر من ذلك هو استرجاع الجيش العراقي لمعنوياته ومضاعفاته في التنظيم في قواته

وعلى هذا الأساس فقد تم اتخاذ الخطوة الأولى في تاريخ 17/3/1981م وذلك بعد شهرين من آخر هجوم فاشل ضد القوات العراقية.

وفي العملية التي سميت بالإمام المهدي تقرر قيام 200 مقاتل من حرس الثورة الإسلامية وهم يحملون أسلحة خفيفة وقاذفات (آر ـ بي ـ جي ـ 7) بمهاجمة العراقيين من أربعة محاور في غرب سوسنجرد، وكان رأي الحراس أنه وبعد إجبار العدو على التراجع بمسافة 4 إلى 5 كيلومترات والسيطرة على الخطوط الدفاعية له، من الأرجح أن تعبر دبابات الجيش النهر وتأخذ مواقعها في تلك المناطق وتبقى المناطق المحررة بأيديهم وقد وعد العسكريون يقصف مواضع العدو بنيرانهم لمدة عشرة دقائق وكانوا يعتقدون أن هذا العمل الذي يريد حرس الثورة الإسلامية تنفيذه هو ضرب من الجنون، وأن جميع المهاجمين البالغ عددهم 200 مهاجم سيكون نصيبهم القتل.

وفي تمام الساعة 7.30 صباحاً ابتدا الهجوم وكان الإيرانيون طبقاً لمعرفتهم السابقة بحالة القوات العراقية يعلمون بأن العراقيين خوفاً من الهجمات الليلية يقومون بحراسة مواضعهم طوال الليل وعندما تشرق الشمس ينامون ويتكاسل الحراس، وفي هذا الهجوم وبعكس ما كان يفعله الإيرانيون من التستر بظلام الليل ليحميهم من دبابات العدو فقد بدءوا هجومهم في وضح النهار، الأمر الذي أربك العراقيين وحقق نصراً كبيراً وتم فيه تدمير كتيبة لدبابات العدو وكتيبة ميكانيكية وتراجع العراقيون بعدها وتم تنفيذ الخطة المذكورة بكل دقة وحصل التقدم المرسوم ولكن مثلما كان متوقعاً وبسبب عدم وجود قوة تحل محل القوة المهاجمة فقد عاد العراقيون إلى مواضعهم الأولى بعد يوم أو يومين من الهجوم. وبلغت خسائر العراق في هذه العملية 100 قتيل و 68 أسيراً وتدمير أكثر من 30 دبابة ومدرعة له، في الوقت الذي قتل فيه 13 إيرانياً.

يقول أحد قادة العلميات: وكان الانتصار الأساسي والمهم في هذه العملية هو خلق حالة من الاعتماد والإيمان لدى العسكريين الإيرانيين بأنه يمكن القتال بهذا الأسلوب. وتعتبر هذه العملية وبالرغم من عدم إمكانية مقارنتها بأي شكل مع المعارك التي وقعت بعدها مع العدو، تعتبر وفي تلك المرحلة من الحرب، عملاً عظيماً، حيث كانت المرة الأولى التي يتم فيها تحقيق مثل هذا الانتصار وبهذه الكيفية بعد ستة أشهر من الحرب. ويمكن القول هنا بأن هذه العملية الناجحة هي إحدى ثمار ثقافة وآثار الثورة الإسلامية حيث أرست طريقة جديدة اتبعناها فيما بعد وحصلنا على انتصارات رائعة('جرت عمليات بتاريخ ( 17/3/1981 ) في الغرب من سوسنجرد وفي ظروف كان العراقيون يرابطون خلف جدران المدينة وقام أبطالنا فيها بحفر عدة فروع من القنوات تحت المنازل وأوصلوها إلى أماكن معينة بالقرب من منطقة تمركز القوات العراقية. وقد خطط هذه العملية الشهيد الأخ اسحق عزيزي وهو من قوات حرس الثورة الإسلامية واستشهد في عمليات أخرى وكان يشتغل ميكانيكياً في ساحة خراسان بطهران. وتم إكمال العمل في حفر هذه القنوات بتاريخ 21/5/1981 حيث ابتدأت العمليات الحربية في هذا اليوم وفي نفس الوقت الذي نفذت فيه عملية الهجوم على مرتفعات الله أكبر حيث تمكن أبطالنا فيها من إنزال ضربة ساحقة بالعدو. وجدير بالذكر أن قوات الجيش اشتركت في هذه العملية وبكل تنسيق وتعاون أخذت دبابات الجيش مواقعها الجديدة، فيما كان الزحف هذه المرة أكبر من سابقه.

لقد سجل هذا الانتصار بداية لسلسلة من العمليات التي أخذ فيها حرس الثورة الإسلامية دوره كعنصر يملك القدرة على القتال، الشيء الذي ضاعف التلاحم والتماسك بينه وبين قوات الجيش وأظهر بجلاء ضرورة أحدهما للآخر. وسوف نتكلم في بحوثنا القادمة عن عدد من هذه العمليات والطرق التي اتبعت فيها، ونذكر هنا بعض النماذج منها.

1. العمليات التي جرت في 4/4/1981

وكانت منطقة القتال ـ نهر كرخة ـ دزفول وحجم الهجوم ـ محدود

والقوات المشتركة فيها ـ الجيش وحرس الثورة الإسلامية

وكان مدى التقدم ـ ثلاثة كيلومترات

وخسائر العراق ـ تدمير 15 دبابة ومدرعة و 80 قتيلاً و 81 أسير

وقد جرت هذه العمليات في محورين وكان التقدم في محور تبة جشمة ثلاثة كيلومترات، فيما تمكن العراق من استرجاع مواقعه التي أخذتها قوات إيران في منطقة جسر نادري نتيجة قيامه بهجوم مضاد.

2. العمليات التي جرت بتاريخ 14/4/1981

وكانت منطقة القتال ـ شوش

وحجم الهجوم ـ محدود

والقوات المشتركة فيها ـ الجيش بنسبة 30 % والحرس 70 %

وخسائر العراق تدمير 31 دبابة ومدرعة وطائرة عمودية واحدة و 200 قتيلاً و 44 أسيراً وخسائر إيران ـ 15 شهيدًا

3. العمليات التي جرت في 21/5/1981

وكانت منطقة القتال ـ محور الله أكبر وشوش وغرب سوسنجرد (وفي وقت واحد) والقوات المشاركة في الهجوم ـ الجيش والحرس وقوات الشهيد جمران غير النظامية

كيفية الهجوم ـ بنوعيه التقليدي وغير التقليدي

اسم العمليات ـ في منطقة الله أكبر كانت باسم الإمام المهدي (عج) وفي غرب سوسنجرد باسم الإمام علي (ع).

مدى التقدم ـ 2,5 كيلومتر في منطقة شوش و 12 كيلومتر في سوسنجرد و كيلومترات في منطقة الله أكبر (وتم فيها استرجاع مرتفعات الله أكبر).

خسائر العراق تدمير 70 دبابة ومدرعة والاستيلاء على 20 دبابة ومدرعة صالحة للاستعمال وأسر 844 عسكرياً عراقياً وقتل 700 من أفراد العراق. خسائر إيران ـ 80 شهيدًا

4. العمليات التي جرت بتاريخ 2/9/1981

وكانت منطقة القتال ـ شحيطية (غرب منطقة الله أكبر)

وحجم الهجوم ـ محدود

والقوات المشتركة فيها ـ الجيش والحرس بنسبة متساوية

ومدى التقدم ـ 1,5 كيلومتر

وخسائر العراق تدمير 30 دبابة ومدرعة و 100 قتيل و 60 أسير

خسائر إيران ـ 70 شهيدًا

وأسفرت هذه العمليات عن تحرير (تبه سبز) الواقعة شمال غرب شحيطية وتحرير قريتي ناجي وصالح حسن في الضفة الشمالية لنهر كرخة.

5. العمليات التي جرت بتاريخ 18/9/1981

وكانت… منطقة العمليات سوسنجرد

والقوات المشتركة فيها ـ الجيش بنسبة 30 % والحرس بنسبة 70 %

وحجم الهجوم ـ محدود

واسم العمليات ـ الشهيد مدني

ومدى التقدم ـ من 2 إلى 4 كيلومترات

وخسائر العراق تدمير 50 دبابة ومدرعة و 500 قتيل و 190 أسير

وخسائر إيران ـ تسع دبابات و 168 شهيداً

ثانياً: العمليات الموسعة غير التقليدية

وفي هذه المرحلة تمكن الجيش الإيراني وبعد اجتيازه لمرحلة هذه الحرب التي قام خلالها بهجمات محدودة وبأساليب جديدة تمكنه من الاستمرار في استكمال مسيرته ومع طرد العناصر المنحرفة تهيأت له إمكانيات القيام بهجمات موسعة لتحرير مناطق شاسعة من الأراضي. وكانت عمليات (ثامن الأئمة) هي الأولى في سلسلة عمليات هذه المرحلة وأسفرت عن فك الحصار عن مدينة آبادان (عبدان) وإزالة خطر سقوطها وذلك بعد سنة واحدة من محاصرتها من قبل العراق.

واعتبر هذا الانتصار مقدمة لوضع خطط جديدة في تشكيلات وتنظيمات قوات الحراس على أساس توجيهات القائد الذي قال بأن الجيش والحرس لا يستطيعان العمل منعزلين عن بعضهما كما أنهما معاً لا يقدران على فعل شيء بدون مساندة ودعم ومشاركة أبناء الشعب وقد جرى العمل وفق هذه التوجيهات.

وفي هذا المسير كانت عمليات كربلاء مثل طريق القدس والفتح المبين وبيت المقدس ورمضان التي اشتركت فيها قوات الجيش والحرس بتنسيق وترتيب كاملين وتحققت شعبية الحرب في هذه العمليات التي حققت انتصارات ساحقة وخاطفة للثورة الإسلامية.

1. فك الحصار عن عبدان

تقول مصادر الحرس "إن فشل العراق في محاصرة واحتلال آبادان (عبدان) يعتبر من أكبر هزائمه الإستراتيجية هذا في الوقت الذي تمكن العدو في بداية الحرب من عبور نهر كارون بسرعة كبيرة وكذلك من إقامة الجسور على نهر بهمنشير والدخول إلى مشارف عبدان ذو الفقارى[1].

ومن جهة أخرى فإن محاولة العدو لاحتلال آبادان (عبدان) لم تكن تشكل فقط انتصاراً عسكرياً له بل والأهم من ذلك أنها كانت تشكل انتصاراً سياسياً كبيراً له. لذلك فإن العدو لم يكن يفكر مطلقاً بالتراجع عن المحور المذكور أو أن يسمح لقواته بالابتعاد عن طرق عبدان الحيوية، وهما طريقا ماهشهر ابادان وأهواز ـ ابادان.

وبعد البطولة التي أبداها مقاتلونا في طرد العدو من محلة ذو الفقارى في ابادان وإجباره على التراجع حتى الجانب الآخر من نهر بهمنشير، لم ييأس العدو من محاولة احتلال ابادان واستمر يحاصرها لمدة سنة كاملة.

وفي نفس الوقت الذي كان احتلال عبدان أو حتى محاصرتها يشكل أهمية أساسية للعدو فإن فك الحصار عنها وإبعاد كابوس سقوط هذه المدينة كان يمثل بالنسبة إلينا أهمية عظيمة. وطوال مدة الحصار، استمر أفراد حزب الله ومن مختلف فئاتهم وصنوفهم في مقاومتهم وقتالهم في ابادان وفي ظروف كانت الإمدادات والمؤن والتجهيزات الحربية تأتي إليهم بصورة أساسية عن طريق مائي بواسطة القوارب التي كانت معرضة للغرق نتيجة قصف العدو لها، وكثيراً ما كانت هذه القوارب تبقى مدة 48 ساعة على الماء وذلك للقيام بعملية نقل ضرورية، في الوقت الذي كان قائد القوات المسلحة آنذاك (بني صدر) لم يكن ليرغب بالاحتفاظ بابادان. وكان إيمان وتضحية القوى المؤمنة ومبادئهم السامية المستلهمة من عقيدة وتوقعات أفراد الشعب، هو الذي مكنها من الاستمرار في الصمود والمقاومة.

وإضافة إلى صمود ومقاومة أبطالنا في عبدان فقد عمل أخوتنا وبكل فاعلية بمشاغلة قوات العدو في محاور القتال شمال مواقعه ومنذ بداية القتال حيث شهدت هذه المحاور القتالية طرقاً مختلفة من القتال مثل العمليات الفدائية وغير النظامية والتقليدية والهجمات المحدودة وغير التقليدية وأخيراً الهجوم الموسع والذي أسفر عن فك الحصار عن ابادان.

أما أوضاع هذه الجبهة فكانت مثل سائر الجبهات الأخرى في أول الحرب تعاني من فقدان النظام ولكنها كانت تتحلى بالفعالية والإيثار وبذل الجهد، الأمر الذي تمرست فيه القوات على وظائفها وظهرت ثمار ذلك بعد إقصاء بني صدر.

ولدراسة حالة هذا المحور القتالي بصفته نموذجاً لجميع المحاور الأخرى، نحاول هنا القيام بتحليل إجمالي ليكون أيضاً مقدمة لعمليات (ثامن الأئمة) التي كانت بداية لمرحلة عظيمة من مراحل هذه الحرب المفروضة.

2. نظرة إلى الحرب في محور عبدان:

في أواخر سبتمبر عام 1981 تقدمت إلى هذه المنطقة قوة من أصفهان تتشكل من أعضاء التعبئة بقيادة ومشاركة عدد من حرس الثورة على متن عدد من الحافلات، وهي تقل هؤلاء

الذين لم تكن لديهم أية معلومات عن الحالة السائدة أمام المواقع العراقية. ولما واجهوا نيران العدو انتبهوا إلى وجوده هناك فترجل هؤلاء من حافلاتهم والتقوا هناك مع بعض من قوات الشرطة أثناء تراجعهم من منطقة السليمانية ونجحوا في إيجاد خط دفاعي في تلك المنطقة.

وهذه القوة المتشكلة من المقاتلين القادمين من أصفهان تعتبر على الظاهر المجموعة الثانية التي وصلت إلى هذه المنطقة وكانت المجموعة الأولى من التعبئة في طهران وهي التي هاجمت قلب مواقع العراق ووقع أغلب أفرادها إما قتلى أو أسرى.

وعندما سارت الأمور بعد ذلك بشكل منظم عثر الأصفهانيون وفي خلال دورياتهم الليلية على أجساد دلت بقايا الأوراق الموجودة في ملابس أصحابها على أنهم هم قتلى أفراد التعبئة الذين كانوا قد قدموا من طهران، وكانت هذه الأجساد التي تم نقلها إلى خلف خطوط النار ملقاة على مقربة 50 إلى 100 متر من المواقع العراقية المتقدمة.

وعلى كل حال ومع إنشاء خط دفاعي في السليمانية وإقامة مركز جيد للإمدادات في دار خوين فقد تمكن الإيرانيون من إيقاف تقدم العراق في تلك الجبهة وإحباط جميع محاولاته الرامية إلى احتلال المناطق المختلفة لغرض تأمين ونيل هدفه الأساسي وهو احتلال عبدان.

وبعد فشل هجمات العراق المتعددة في هذه المنطقة عقد العزم على تأمين جناحه الشمالي بعد أن علم بتواجد قوة مقاومة متنامية من الإيرانيين وأنشأ أيضاً تحصينات مناسبة في دار خوين للحيلولة دون هجمات عليه وقد سميت هذه المنطقة بعدئذ بجبهة دار خوين.

وبصورة عامة فقد كان العراق في هذا المحور عاجزاً عن التقدم حيث كانت هجماته تصد، فيما كان يظهر صموداً شديداً أمام الهجمات، وقد فشلت مساعي مقاتلي إيران الهجوم على طريق ماهشهر ـ عبدان.

3. عمليات نصر (التقليدية)

على طريق ماهشهر عبدان بتاريخ 8/1/1981 والتي جاء ذكرها سابقاً.

أ. طريق الوحدة

في مارس عام 1981 انتهى العمل في إنشاء طريق سمي بطريق الوحدة، وكان ينتهي إلى عبدان عبر طريق بري محفوف بالمخاطر.

ويبدأ الطريق المذكور من نقطة على طريق ماهشهر ـ عبدان والتي كانت بعيدة عن مرمى نيران العراق ويمتد إلى أن يتصل بمحلة ذو الفقارى في عبدان حيث تقع حوالي 3 إلى أربع كيلومترات منه تحت مرمى نيران العراق الشديدة. ويعتبر شق هذا الطريق وتحت النيران نموذجاً للتعاون البناء من قبل جهاد البناء مع الجيش، وخاصة أن طبيعة الأرض التي اقيم عليها الطريق المذكور كانت لينه وأشبه بالمستنقع وغير صالحة لعبور العجلات عليها.

ب. عمليات الشهيد فضل الله نوري

هذه العلميات التي جرت بالطريقة غير التقليدية وبتاريخ 15/5/1981 أسفرت عن تقدم قوات إيران بمقدار كيلومترين والسيطرة على تلال (مدن) التي سميت بتلال الشهيد مؤذني وكان العراق يستعملها لعمليات الرصد. وفي هذه العمليات التي اشتركت فيها قوات الجيش وحرس الثورة الإسلامية وبأعداد متساوية دمر الإيرانيون واستولوا على 15 دبابة مع قتل 100 عسكرياً عراقياً وأسر 70 عسكرياً آخر.

ج. عمليات القائد العام للقوات المسلحة ـ خميني روح الله

بتاريخ 11/6/1981 كان من العوامل الأساسية التي مكنت العراق من محاصرة عبدان لمدة سنة واحدة وبقاء الحالة على ما هي عليه إن مجلس الدفاع الأعلى برئاسة بني صدر قد أخر خطة لفك الحصار عن عبدان، فإنه لم تجر أية خطوات من قبل بني صدر لمتابعة هذا الأمر، ولكن بني صدر وبعد حادثة 14 اسفند (5 مارس 1981) خشي عواقب الأمور واضطر إلى دعوة المسؤولين في الحرس للاشتراك في معالجة الأمر، وعندما أقيل بني صدر من منصب القائد العام للقوات المسلحة، أطلقوا على المرتفعات التي كانت تسمى في مرحلة التنفيذ بمنطقة دار خوين اسم (خميني روح الله القائد العام للقوات المسلحة). ولم تمنع المشاكل الناجمة عن الاختلافات المذكورة من الحيلولة دون إتمام العمل حيث كانوا يعملون وبصمت لمدة أربعة أشهر ليلاً ونهاراً وبمقربة من قوات العراق لحفر خندق بطول 1300 م وبشكل حرف (T ) الإنجليزي حيث تتصل نهايته بحقل الألغام المقام أمام الحاجز الترابي للعدو (خط النار) فيما يمتد القسم الأمامي من هذا الخندق بموازاة خطوط النار التابعة للعدو وعلى مقربة منها في مسافة تتراوح من 400 إلى 500 م.

وكانت منطقة العمليات تعتبر في الحقيقة منطقة تأمين الجناح الشمالي للقوات العراقية في شرق كارون حيث أقام تحصينات قوية فيها. وكان وجود المياه في الأراضي الواقعة على جناحي القوات العراقية قد رفع من نسبة حصانة هذه المواقع مما جعل العراق يطمئن أكثر لمواضعه هذه.

وكان أفراد حرس الثورة الإسلامية يشكلون جميع أفراد القوة المهاجمة فيما كان الجيش يقدم الدعم والإسناد عبر كتيبة دبابات واحدة من نوع (ام ـ 47) وإسناد بنيران المدفعية لمشاة الحرس والتعبئة.

من جهة أخرى فقد كان الجيش على أهبة الاستعداد لتنفيذ العملية وعندما زار أحد قادة القوة البرية الخندق الطويل الذي حفر لتنفيذ هجومهم بواسطته، قال هذا الضابط إذن لماذا لا تهجمون؟

وفي الليلة التي تقرر بها بدء الهجوم في الساعة 30/3 فجراً، نشر في الساعة 11 من نفس الليلة نبأ إقصاء بني صدر من منصبه كقائد عام للقوات المسلحة وذلك من قبل الخميني وأذيع النبأ من الإذاعة.

وكان الانتصار في هذه العمليات يعتبر مفتاحاً لطلسم محاصرة عبدان وتجربة للبدء بالعمليات الكبرى (ثامن الأئمة).

وتمكن الإيرانيون خلال هجومهم المسمى (خميني روح الله ـ القائد العام للقوات المسلحة) من التقدم ثلاثة كيلومترات والسيطرة على مواضع العدو المهمة والحصينة فيها مع تدمير 33 دبابة ومدرعة على الأقل وقتل 250 عسكرياً عراقياً وأسر 246 عسكرياً آخر، فيما سقط من اخوتنا لتحقيق هذا الانتصار 120 شهيداً.

ونظراً لأهمية هذه المنطقة المحررة فقد قام العراق بمحاولات لاسترجاع هذه المنطقة في ثمان هجمات مضادة، تم صدها ومع سقوط تحصينات القوات العراقية في الجناح الشمالي لشرق كارون، أحس العدو بالخطر، خاصة أن إنشاء طريق الوحدة قد ساعد بصورة كبيرة في تقوية قوات إيران في عبدان. وعلى هذا الأساس فقد تراجع العراق مسافة 6 إلى 7 كيلومترات عن منطقة ذو الفقارى واستقر في الجهة الأخرى من طريق ماهشهر ـ ابادان واكتفى بالاحتفاظ بوحدات أشبه برؤوس جسور على جنوب هذا الطريق. فيما دلت كميات العتاد والذخائر التي تركها وراءه، بأن تراجعه قد تم على عجل. كما دلت حالة العدو هذه وبالأخص تدمير لجانب من جسر خرمشهر على يأسه من احتلال عبدان علاوة على أنه يبين انصرافه من احتلال الجزء الصغير من خرمشهر ولاذي يقع على الجانب الآخر من الجسر والذي يتمكن من احتلاله ويعتبر أيضاً من إحدى الطرق المؤدية إلى عبدان.

 



[1] لم يكن المسؤولون يعرفون لفترة من الزمن أن طريقي آبادان ـ ماهشهرو عبدان أهواز مقطوعة لذلك وفي الوقت الذي كان فيه هذان الطريقان غير آمنين نتيجة تقدم العدو هناك فقد كان السير عليهما يسير من إيران بشكل اعتيادي وقد أدى ذلك إلى وقوع عدد من مواطنيها أسرى بيد العراق مثل تند كوبان وزير النفط في حكومة رجائي ومرافقيه في طريق أهواز ـ عبدان.