إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإيرانية ـ العراقية، من وجهة النظر الإيرانية





مناطق القصف العراقي
مناطق احتلتها العراق
مناطق كانت مسرحاً للعمليات
الحدود العراقية ـ الإيرانية
عمليات ثامن الأئمة
عمليات تحرير خرمشهر
عمليات طريق القدس
عمليات فتح المبين




حرب عام 1967

المبحث السادس

وقف إطلاق النار وتداعياته

أولاً: الظروف السياسية والعسكرية في إيران قبل وقف الحرب

إذا كان الخميني قد حاول وقف التدهور العسكري على جبهات القتال بإعلان توحيد قيادات القوات المسلحة النظامية وشبه النظامية من حراس وجيش وجندرمة وأمن ولجان ثورية واختار هاشمي رفسنجاني الرجل القوي في النظام لكي يتولى القيادة العامة لكل القوى نيابة عنه إلا أن تدهور الأوضاع الداخلية وتداعي قدرة القوات العسكرية على الجبهات كان يحتاج إلى أكثر من معجزة. وكان رفسنجاني نفسه يدرك ذلك، ويبدو هذا من خطبه وتصريحاته التي كانت تشير إلى إعادة التفكير في قضية الحرب والبحث عن وسائل بديلة تخرج إيران منها دون أن تخدش كبرياء الثورة، ولا شك أنه أعاد قراءة ودراسة قرار مجلس الأمن 598، وربما وجد فيه بعض الجوانب الإيجابية، حيث صرح في إحدى خطبه بقوله: "رغم أنه يوجد في قرار مجلس أمن المنظمة الدولية نقاط إيجابية حيث أدان العراق بطريقة غير مباشرة إلا أنه مع الأسف لم يعرف المعتدي والمجرم بصورة علنية ومباشرة تحت ضغط وتأثير الدول التي لها حق النقض "الفيتو" وباقي الدول الاستكبارية في مجلس الأمن".

ويبدو أن تصريحات رفسنجاني في هذا الصدد قد لقيت أصداء إيجابية لدى الجماهير الإيرانية المنهكة، وقوى المعارضة الداخلية، والجناح المعتدل من علماء الدين، مما جعل رفسنجاني يواصل محاولات إقناع الرأي العام الإيراني والمسؤولين الإيرانيين بشكل غير مباشر برأيه في معقولية قرار مجلس الأمن حيث أخذ يدلي بالأحاديث الصحفية والإذاعية التليفزيونية التي يوضح فيها رأيه، ولعل حديثه الذي أدلى به في 23 يوليه 1987م إلى مندوبي صحفية اطلاعات والذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات ودار معظمه حول هذا الموضوع وركز فيه على النقاط الإيجابية في قرار مجلس الأمن يؤكد هذا الاتجاه حيث قال فيه: "لن نقنع إيران بشيء أقل من العدل، ومع أن مجلس الأمن لا يعاملنا بإنصاف منذ البداية، ولم يتخذ موقفاً محايداً، ولم يدن المعتدي إلا أن قراره الأخير به ثلاث نقاط إيجابية: الأولى أنه يطرح فكرة تحريم السلاح على من لا يقبل قرار مجلس الأمن، ونحن الطرف الذي لن يضار في هذا الأمر لأن التحريم كان واقعاً علينا من قبل، وبهذه النقطة تتعادل الكفتان، والثالثة: هي نقطة العودة للحدود السابقة وهذه النقطة في صالحنا أيضاً.. إنني من خلال معرفتي العميقة بالفقه والاجتهاد الحي الذي في فقهنا وفي ديننا وفي مذهبنا والذي تضمنه نظامنا فإننا يمكن أن نحل جميع قضايانا بشكل حاسم ولمدة طويلة، إن عدونا يعرف ماهية ثورتنا كثيراً أو قليلاً، ونحن نعرف عدونا حتى أولئك الذين يأتوننا الآن متظاهرين بصداقتنا ولكنهم من صميم قلوبهم ليسوا راضين مطلقاً أن تنجح الثورة الإسلامية في أن يكون لها قاعدة متينة في إيران .. إننا نضع احتمال أن يتجاوزوا الخط الأحمر الذي وضعناه وأن يقوموا بأحداث يراها العالم قضايا جديدة تهمه، ولقد قلت هذا الاحتمال في خطب صلاة الجمعة وفي التصريحات العلنية، أننا يجب أن نعد أنفسنا لمثل هذا الاحتمال".

ولقد كان سيد علي خامنه أي رئيس الجمهورية في ذلك الوقت من الموافقين على رأي رفسنجاني مع بعض التحفظات، ويستدل على ذلك من حديث أدلى به لرئيس تحرير صحيفة طهران تايمز التي تصدر باللغة الانجليزية ونشر في سائر الصحف الإيرانية، حيث يقول: "لقد لفتنا نظر الأمين العام للأمم المتحدة إلى عدة نقاط في قرار مجلس الأمن رقم 598 وهي إننا لا نرى أن يتقدم وقف إطلاق النار من ناحية الزمانية على إعلان تحديد المعتدي، وتشكيل محكمة أو لجنة صالحة لدراسة معاقبة المعتدي، وقف إطلاق النار، إننا لا نرى تقدم وقف إطلاق النار زمانياً ونقبل أن يكون وقف إطلاق النار مصاحباً لإعلان المعتدي".

والواقع أن الجناح المتشدد بين علماء الدين في إيران وبعض القوى التي لها مصلحة في استمرار الحرب لم تترك رفسنجاني ومؤيديه يقولون ويفعلون ما يشاءون بل حاولت الضغط لدى الخميني ولدى الرأي العام الإيراني، ولكن هذا لم يثن رفسنجاني عن موقفه بل جعله يبدو أكثر حرصاً ولا يندفع في دعوته وسعى هو أيضاً لدى الخميني لكي يعطيه سلطات وصلاحيات أوسع تدعم موقفه في مواجهة خصومه، ويمثل الحديث الذي أدلى به رفسنجاني في 15 ديسمبر 1987م إلى صحيفة كيهان قدرة رفسنجاني على تعديل أساليبه والتجمل في عرض آرائه وأفكاره، ويمكن أن نعرض هنا جانباً من هذا الحديث حيث يقول: "إن الإستراتيجية الجديدة هي أننا عندما نرى المصلحة ويكون الزمان مناسباً فإننا نبدأ الهجوم فإذا بدأنا الهجوم فإنه سوف يكون بشكل يمكن أن يستمر في سلسلة من الحملات المتصلة التي لا نقطعها، ولقد كانت السياسة السائدة قبل ذلك هي أننا بعد كل ضربة محكمة ننزلها نعطي العراق فرصة حتى يدرك أنه لا بد أن يذعن للحق ويستسلم لجنود الإسلام، ومن أجل تحقيق هذا الهدف فإنه يلزمنا شيئان أو ثلاثة هي: أولاً: القدرة القتالية أي القوات المستخدمة بإمكانات الدولة وفي هذه المرحلة يكون الاعتماد أساساً على استعداد جيش الحراس وإن نتائج دراستنا في هذا الشأن إيجابية، وثانياً: الإمكانات المالية وإننا يمكن أن ندير هذه المرحلة من الحرب طبقاً لحساباتنا حول الإمكانات المالية المتنوعة الموجودة داخل مجتمعنا، فإذا كانت التبرعات للحرب لا تكفي فإننا يمكن أن نفرض ضرائب الحرب كجهاد مالي على المجتمع كله، أما فيما يتعلق بعنصر إدارة الحرب فإنه موجود وكذلك فإن التسليح يمكن تدبيره بنفس الأسلوب الذي نحارب به، ولكننا لم نغلق الباب مطلقاً في وجه سبيل غير عسكري من أجل الوصول لأهدافنا، إننا نرحب بدخول مجلس الأمن الحلبة، وفي رأينا أن هذا الطريق طيب إلا أننا نعتقد انهم طالما لم ييأسوا من حياة صدام فإنهم لن يهتموا بالحل السياسي، إننا لا نريد ارض العراق ولا نريد أن نشترك في حكم العراق مستقبلاً ولا نريد حتى أن نفرض إرادتنا على شعب العراق، إننا نريد نعاقب المعتدي وأن تسلم لنا حقوقنا، فإذا أرادوا أن يقوموا بهذا فلا ينبغي أن نغلق هذا الباب، إننا إذا وافقنا على تشكيل المحكمة فسوف نوافق على حكمها ولسنا قضاة فنحد د مدى عقوبة المعتدي ولكن من المعروف سلفاً مدى الخسائر التي لحقت بالشعبين بشرياً ومالياً ونفسياً، فإذا ما تحدد أن المعتدي هو حزب البعث فلن نتصور أن يكون له وجه في البقاء، وهذا يرضي جنودنا، إن قرار مجلس الأمن في شكله الحالي ليس مرضياً بمعنى أن تنفيذ بنوده بهذا الترتيب من الأول للأخير ليس شيئاً طيباً، إننا لا نثق في تنفيذ بنود القرار بعد وقف إطلاق النار لذلك قلنا لهم غيروا ترتيب البنود فإذا كنتم صادقين حددوا المعتدي أولاً حتى يتضح الأمر، ويتضح واجب المحكمة ثم تأتي بعد ذلك المراحل الأخرى، إننا لا نقبل المخاطرة بقبول القرار بهذا الترتيب ونعتمد على اختلافات القوتين العظميين ونربط مصيرنا بهما".

والحق أن المرونة التي يتسم بها الفقه الشيعي تعطي للعلماء مجالاً واسعاً لاتخاذ موقف مضاد إذا اقتضت المصلحة ذلك، ذلك أن مبدأ المصلحة أي مصلحة الإسلام والمسلمين الذي يضعه الفقه الشيعي أساساً للأحكام والفتاوى يجعل المسؤولين في النظام الإيراني في حل من أن ينقض فتوى أو قرار اتخذه من قبل، كما أن المذهب الشيعي بتعويله على العقل أكثر من النص يمنح هذه القدرة للفقيه حتى في الأحكام الشرعية الرئيسية أكثر مما يمنحه مبدأ "الضرورات تبيح المحظورات"، وقد ألمح رفسنجاني إلى ذلك في حديثه.

ثانياً: وقف إطلاق النار

لقد أدت الدراسة التي قام بها رفسنجاني عندما تولى مسؤولية الحرب باعتباره نائب القائد العام لكل القوى إلى أن إيران لا تستطيع الاستمرار في الحرب، فانتهز فرصة قيام القوات الأمريكية الموجودة في مياه الخليج بإسقاط طائرة إيرانية ومصرع 295 راكباً، وأقنع الخميني بضرورة قبول قرار مجلس الأمن الرقم 598، ووقف إطلاق النار حفاظاً على بقاء النظام على أساس أن أمريكا تحاول جر إيران إلى حرب لا تحمد عقباها.

وقد قبل الخميني رأي رافسنجاني وطلب منه أن يصوغ إعلاناً بهذا المعنى، فعقد رفسنجاني مؤتمراً صحفياً أعلن فيه قبول إيران قرار مجلس الأمن وقبول وقف إطلاق النار قال فيه: "لقد وصلنا آخر الأمر إلى قرار تاريخي مهم يتعلق بالحرب، وهو قرار إمام الأمة من خلال اجتماع كبير دعوت إليه باعتباري مسؤولاً، سياسياً وعسكرياً، عن جميع القيادات وحددنا المسائل ورأينا أن أول خطوة ينبغي أن تتخذ في هذه الظروف هي قبول قرار مجلس الأمن، كما استوضحنا رأي الإمام بشكل تفصيلي فيما يتعلق بهذه الخطوة، وكان رأيه واضحاً، وسوف يدرك شعبنا المحروم يقيناً أن هذه الخطوة كانت لصالح الإسلام والشعب.

لقد أدركنا حسب معلوماتنا الخاصة ودراساتنا، أن الاستكبار العالمي قد حشد كل قواه من أجل منعنا من تحقيق انتصار سريع ومن أجل استمرار إلحاق الخسائر بنا وبشعب العراق، ونتيجة لهذا فقد رأينا أنه ليس من المصلحة في الوقت الحاضر أن نستمر في هذا الموضوع خاصة وأن حضرة الإمام (الخميني) قد رأى في توتر الخليج وإسقاط طائرة ركاب إيرانية بها 295 راكباً، مؤشراً على المخطط الاستكباري، كذلك القسوة غير العادية التي يمارسها صدام داخل بلده وخاصة القتل العام الذي يجري في العراق والذي يشجعه الاستكبار والذي يعطي نظام العراق بلا حدود ولا حساب ولم يسبق له مثيل إمكانات الحرب التي رأيناها، كل هذه الظروف والأدلة التي تجمعت لنا نصل إلى أن مصلحة الثورة وشعب إيران وشعب العراق والمنطقة تقضي بأن نقبل القرار، وقد أمر حضرة الإمام (الخميني) أن نتبع مصلحة الإسلام. لقد فكرنا أن قبولنا قرار مجلس الأمن لن يفقدنا شيئاُ، بل يعطينا شيئاً.

من المؤسف أن دعايات الاستكبار العالمي المشعل للحرب قد صورتنا في صورة طلاب حرب. وعلى الرغم أن صداماً هو المعتدي وهو الناقض لكل قوانين الحرب فقد صوروه على أنه هو الذي قبل قرار مجلس الأمن وأنه مستعد للعمل بحكم المجتمع الدولي، وهذه الصورة تعجب العامة، ولكننا أثبتنا، الآن، أننا يمكن أن نتوقف عند نقطة معينة في هذا الأمر، ويمكن أن نكون جادين عندما نرى جدية الأطراف الأخرى في تحقيق هذه المسألة. إننا ما زلنا نعتقد في ضرورة معاقبة المعتدي وحصولنا على حقوقنا، ولكننا تجاوزنا فقط عن شرط أن تشكل لجنة تحديد المعتدي قبل وقف إطلاق النار عندما أكدوا لنا أن تشكيل هذه اللجنة سوف يكون بشكل واقعي وحقيقي.

إن برامجنا تتغير وأهدافنا ثابتة ولكن كيفية وشكل جهادنا سوف يتغير تبعاً للأسلوب الذي نرى تناسبه مع المستقبل، وهذا ليس متعلقاً بقبولنا قرار مجلس الأمن. إننا سوف نستمر في كل شيء ما عدا الحرب، فإذا تم وقف إطلاق النار فلن نكون هناك معارك على الجبهات، ولكن الأوامر التي أصدرها الإمام (الخميني) حول التنسيق بين الجيش والحراس وإلغاء الأجهزة والإدارات المكررة وحشد إمكانات الدولة لخدمة القوات المسلحة وكذلك التعليم الفني لمدة أطول وبصورة أفضل، ومؤسسات دعم الجبهات كلها سوف تستمر، وكذلك تعبئة الجماهير للخدمة في الجبهة ولو لم تكن هناك معارك، حيث تكون التعبئة من أجل احتياطي جهادنا المقدس. إن قرار وقف إطلاق النار يستند إلى الحجة والأسباب وفتوى الإمام".

وقد انتهز الخميني فرصة حلول موعد فريضة الحج، ووجه رسالة إلى شعب إيران ومسلمي العالم تناول فيها قضية الحرب وقبول إيران قرار مجلس الأمن الرقم 598، قال فيها:"لقد أثبت شعب إيران أنه يستطيع أن يتحمل الجوع والعطش، ولكنه لن يقبل أن تنهزم الثورة أو تضرب المبادئ التي تقوم عليها. إن الخميني يفتح صدره، اليوم، لكل الصواريخ والأسلحة والدعايات التي توجه ضده، شأنه شأن كل المناضلين والشهداء، إن حربنا حرب عقيدة ولا تعترف بالتراجع أو الموت، وينبغي أن نحتشد في حربنا العقائدية كل جنود الإسلام، وسوف يعوض شعبنا ـ إن شاء الله ـ كل التضحيات المادية والمعنوية بحلاوة هزيمة الاستكبار. إن شعبنا شعب مظلوم وليس داعية حرب ولكنه يدافع عن وجود الإسلام. أما فيما يتعلق بقبول قرار مجلس الأمن فإنها مسألة مريرة جداً وغير مريحة للجميع ولكن مصلحة الثورة والإسلام تقتضي ذلك على الرغم من أننا ما زلنا نعتقد في كل ما أكدناه حول هذه الحرب، ولقد وافقت على قبول وقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن بعد هذه الأحداث الأليمة.

وبالنظر إلى تقرير الخبراء، السياسيين والعسكريين، الذين أثق في التزامهم وإيمانهم وصدقهم تجاه الإسلام والثورة، ويعلم الله أننا وضعنا عزتنا واعتبارنا قرباناً في سبيل مصلحة الإسلام والمسلمين وإلاّ ما كنت رضيت عن هذا العمل، ولن أضن بنفسي على الاستشهاد في سبيلها.

اليوم يوم امتحان إلهي فلا تدعو الثورة تقع في يد غير الأخلاقيين أو دعاة الهزيمة والردة، وينبغي أن نضع مخططاً من أجل تحقيق أهداف ومصالح شعب إيران المحروم، ويجب أن نكون على صلة بأحرار العالم والمسلمين وأن تكون حماية المناضلين والمكافحين ضمن أهداف سياستنا الخارجية. إن ما أدى إلى هذا القرار في الظروف الراهنة قدر إلهي، وقد عقدت معكم ميثاقاً بأن أحارب حتى آخر نقطة دم وحتى آخر نفس، ولكن قبولي لقرار مجلس الأمن، اليوم، إنما كان لتحقيق المصلحة المشتركة، وفقط بأمل رحمة الله ورضاه، فعلت ما رأيته صواباً، وإن كنت قد تنازلت عن عزتي فإن هذا عهد مني لله. إنني أعلم أن الاستشهاد أسهل عليكم من إحساسكم بالضعف، ولكن ألا يجدر هذا بخادمكم أيضاً؟ ولكننا نتحمل لأن الله مع الصابرين[1].

ثالثاً: تداعيات وقف إطلاق النار

لقد أثار قرار القيادة الإيرانية قبول وقف إطلاق النار، ردود فعل كثيرة في الأوساط المختلفة الإيرانية، ما بين مبارك مستبشر ومتعجب غير مصدق ومتردد غير موافق، وإن كان تطور الأحداث في الفترة التي سبقت هذا القرار كان يثير التوقع بصدوره، فالهزائم المتوالية التي لحقت بالقوات الإيرانية على الجبهات، خاصة في الفاو وحلبجة وشلامجة والجزر، قد أثبتت للإيرانيين أن الحرب اتخذت مساراً مختلفاً وأنه ليست لديهم القدرة والإمكانات لمجاراة تطوراتها، فضلاً عن عدم قدرتهم على حماية المدن من غارات الطائرات العراقية، إضافة إلى إعلان الولايات المتحدة عن وجودها بالخليج من خلال إسقاط طائرة ركاب إيرانية راح ضحيتها أكثر من مائتين وتسعين شخصاً.

وقد عبر سيد علي خامنه أي عن هذا الموقف في رسالته إلى الأمين العام للمنظمة الدولية بقوله: "وكما تعلمون أن نيران الحرب التي بدأها العراق في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر سنة 1980م، من خلال العدوان على أراضي جمهورية إيران الإسلامية قد أخذت أبعاد لم يسبق لها مثيل، كما أنها قد دفعت بدول أخرى إلى الحرب وأودت بحياة ضحايا أبرياء، إن مقتل مائتين وتسعين إنساناً بريئاً من خلال إسقاط طائرة الإيرباص الإيرانية من قبل السفن الحربية الأمريكية في الخليج هو دليل واضح على هذه القناعة، وفي ظل هذه الظروف فإن جهود سعادتكم لتطبيق القرار 598 تكتسب أهمية خاصة، إن جمهورية إيران الإسلامية قد أعطتكم دائماً مساعدتها وتأييدها لتحقيق هذا الهدف. وبهذا الخصوص فقد قررنا أن نعلن، رسمياً، أن جمهورية إيران الإسلامية بسبب الأهمية التي توليها للحفاظ على الأرواح البشرية ولإحقاق العدل والأمن والسلام الإقليمي والدولي تقبل قرار مجلس الأمن الرقم 598".

لقد اختلفت ردود فعل القوى السياسية والعسكرية داخل إيران تجاه هذا القرار فقد سارع صغار علماء الدين بإعلان تأييدهم للقرار، وقاموا بمحاولات تبريره على منابر المساجد وفي خطب الجمعة ودروس الوعظ وصفوف المدارس وقاعات المحافل، كما تزعم كل من منتظري وخامنه إي ورفسنجاني مسيرة التأييد عندما انتهزوا فرصة حلول ذكرى مناسبة "غديرخم" وقادوا علماء الدين في مظاهرة شعبية ضخمة تأييداً للخميني وتضامنا مع قراره، وقد انضم إليهم آية الله مشكيني رئيس مجلس الخبراء، وموسوي أردبيلي رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومير حسين موسوي، رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، وقد قامت الأمانة العامة لأئمة الجمعة والجماعات بالتخطيط لها وتنظيم مسيرتها والاشتراك فيها، وقد نقلت تفاصيلها أجهزة الإعلام المحلية والعالمية.

لقد كان المعارض الوحيد من بين كبار علماء الدين لأسلوب القيادة في قبول قرار مجلس الأمن هو آية الله كلبايكاني ومعه تلامذته، والواقع أنه لم يعارض القرار في حد ذاته، ولكنه استاء من تجاهله وعدم الأخذ برأيه وفتواه حول أسلوب تحقيق أهداف الثورة الإسلامية عن طريق السلام، وتعبيراً عن هذا الاستياء فقد غادر الحوزة الدينية في قم واعتكف في منطقة لم يعلن عنها، ويرجح أنه ذهب إلى بلدته وتحصن بأهله وتلامذته ومريديه، ولم تكن القيادة في ذلك تستطيع أن تستغني عن خدمات "كلبايكاني" أو تأييده، ولم تكن الظروف تسمح بعزله وإحداث انشقاق في صفوف علماء الدين المؤيدين للثورة والنظام، لذلك فقد عمل الخميني على استمالته وأرسل إليه في معتكفه من يسترضيه من علماء الدين، وقد نجح في ذلك فعاد "كلبايكاني" إلى قم في 6 يور 1367هـ.ش. بعد أن ظل في معتكفه أربعين يوماً، وقد سارع آية الله منتظري بزيارته في بيته في اليوم نفسه، كمندوب عن الخميني زيادة في استرضائه.

وقد كان الجيش أكثر العناصر السياسية والعسكرية ارتياحاً لقرار الخميني بوقف الحرب، وساد قيادته نوع من الهدوء والاسترخاء، مما جعل الجيش العراقي يبادر إلى تحسين مواقعه على حساب الجيش الإيراني خاصة على محاور جنوب وغرب إيران، وأن يحتل عدداً من المواقع عند مدن "جيلان" و"باختران" و"حاج عمران" و"سومار" و"ميمك" و"قصر شيرين" وأطراف محافظة خوزستان، ويتقدم إلى منطقة "سربل زهاب" وقد اشترك في هذه العمليات من القوات العراقية الفيلق الثاني مشاة والثالث مدرع وفيلق من الحرس الجمهوري، وتشير البيانات العسكرية الصادرة عن القيادة الإيرانية إلى مسارعة جيش حراس الثورة لتغطية تراخي الجيش.

وقد جعل هذا الموقف "خامنه أي" يطالب الجيش باستمرار حشد القوات المسلحة على الجبهات وإعلان حالة الطوارئ في معسكرات التعبئة العامة وأن يدعو علماء الدين إلى الذهاب لجبهات القتال وإلى أن يقود أئمة الجمعة والجماعات القوافل المسافرة إلى جبهات القتال.

أمّا فيما يتعلق بجيش حراس الثورة الإسلامية فقد قبلت قيادته قرار الخميني على مضض، وطلب قائده محسن رضائي مقابلة الخميني على الفور، وناقش معه التقرير الذي قدمه حول الأوضاع على جبهات القتال وموقف جيش حراس الثورة، وقد طلب محسن رضائي من الخميني أن يحل الجيش وأن يسند إليه قيادة الجيش الجديد، وأن يسند إليه كذلك الإشراف على الجبهات، ومنحه صلاحيات التعامل مع القوات العراقية خلال فترة وقف القتال، إلا أن الخميني رد عليه بحكمة من يحسب عواقب التطرف حيث قال: إننا نتحدث مع الناس صادقين، وإن قبولنا لقرار مجلس الأمن معناه أننا نفكر في سلام واستقرار دائمين في المنطقة، وليس قبولنا للقرار تكتيكياً بأي حال من الأحوال، إننا نريد من أبنائنا أن يكونوا يقظين وأن يستمروا في كفاحهم وأن يدركوا أن من الضروري أن يكون حضورنا اليوم في الجبهات واسعاً وأن يفكروا بأن الحرب قد انتهت، لقد أردنا أن نثبت للعالم أننا لا نثق بالمحافل الدولية عن تجربة وأننا قبلنا قرار مجلس الأمن بوقف الحرب مع العراق ولكننا سوف نرد على أعداء الإسلام في الجبهات، ولقد أمرت أن تتولى وزارة الخارجية الشؤون السياسية المترتبة على قبولنا قرار مجلس الأمن الرقم 598، وأن تتولى القيادة العامة لكل القوى الشؤون العسكرية".

ويبدو أن "محسن رضائي" لم يقتنع تماماً بكلام الخميني، وإن ظل على ولائه له. حيث ظل يردد في اجتماعاته مع قادة جيش الحراس أن هذا الجيش لن يرفع يده عن مبادئ وأماني الثورة بالشكل الذي يشير إلى تفضيله العمل العسكري على العمل السياسي، ولعل من أهم تلك الاجتماعات ذلك الذي عقده لقيادات جيش الحراس في 15 سبتمبر 1988م، ودعا إليه كبار المسؤولين في النظام، حيث أكد فيه على موقفه، وعدد الإنجازات والابتكارات والانتصارات التي حققها جيش حراس الثورة تحت قيادته خلال سنوات الحرب.

وقد سعى رفسنجاني إلى تهدئة جيش الحراس واسترضائهم، وقد عبر عن هذا في خطبة له قال فيها: "إن جيش حراس الثورة كان وما يزال يعمل على دعم واستقرار الثورة الإسلامية ونظام الجمهورية الإسلامية، وذلك، ينبغي أن يبقى تحت تقدير وحب هذا النظام، وإذا كانت الثورة الإسلامية تريد أن تصل إلى أمانيها فإن عليها أن تجتهد في المحافظة على أهم سند للثورة وهو جيش حراس الثورة. لقد وضع أساس هذا الجيش برأي الزعيم وتحت إشرافه الفعلي، ولا يزال، وإن هذه القوة العظيمة والمؤمنة والملزمة والمؤثرة والمقاتلة لجيش الحراس هي سند أكيد لإيران وللثورة، ينبغي أن يبقى جيش حراس الثورة محافظاً على هويته الأساسية وأن يعمل على تطوير أوضاعه وكيفيتها وزيادة إخلاصه كسند للثورة إلى المستوى العالمي، ولذلك، فإني أقدر جهود الأخ محسن رفيق دوست، وزير جيش حراس الثورة، لنشاطه المؤثر الذي أبداه في مجال الصناعات العسكرية فهو مهم. وإذا استمر وزاد سوف يوصلنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي واستقرار الصناعات العسكرية للجيش والحراس وتصديرها للعالم. إننا مستعدون، دائماً، لمواجهة العدو بكل قوة إذا حاول إشعال النار في الجبهات، وسوف نستمر في الوقت نفسه، في جهودنا من أجل إقرار سلام عادل ودائم".

وإزاء الوعود التي قدمتها الحكومة، وكذلك نائب القائد العام لكل القوى إلى جيش حراس الثورة بعدم المساس به ودعمه وتطويره، فقد أرسل قادة هذا الجيش رسالة إلى الخميني يؤكدون فيها على ولائهم له وللنظام والثورة، يقولون فيها: "لقد سمعنا رسالة جنابكم العالي الأبوية المليئة بالمحبة بأذن الروح، ونحن لا نستطيع أن نعبر في الرد عليها عن مشاعرنا إزاء ما ورد فيها من عناية ورحمة عظيمة بالكلام أو القلم، لقد كانت جهودنا، دائماً، في سبيل كسب رضاء زعيمنا العزيز في ميدان العمل والذي هو، بحق، نائب إمام الزمان، عجل الله تعالى فرجه الشريف. وإننا ضمن تجديدنا للميثاق مع الإمام الخميني العزيز، وإعلان استعدادنا الكامل للمواجهة الحاسمة مع جميع الأخطار التي تهدد الثورة الإسلامية ونظام الجمهورية الإسلامية نعلن أننا في سبيل تحقيق نظرات ورغبات جنابكم العالي في جميع أنحاء العالم ولن نتردد في ذلك أدنى تردد".

وقد أقامت القيادة السياسية في إيران أسبوعاً لترضية القوات المسلحة أُطلق عليه أسبوع "الدفاع المقدس" في ذكرى بداية الحرب العراقية ـ الإيرانية، وقد افتتح رفسنجاني، بنفسه هذا الأسبوع بمؤتمر صحفي إذاعي تلفزيوني تحدث فيه عن موقف القيادة الإيرانية من عملية تنفيذ قرار مجلس الأمن مشيراً إلى الوضع العام في القوات المسلحة، حيث قال: "إن من واجبنا أن ندافع عن بلادنا وثورتنا ضد الأخطار الجدية للكفر العالمي، وأن نطوي المراحل التالية للثورة بقدم ثابتة. إن أهداف الثورة قد ثبتت باعتراف الصديق والعدو كذلك، وإذا نفذ القرار 598 بشكل كامل فإننا سوف نصل إلى أهدافنا وحقوقنا، لا شك أننا دفعنا ثمناً غالياً في دفاعنا المقدس عن أهداف الثورة. لا فرق لدينا في تغيير مكان المباحثات، وإن كان من الأفضل أن تكون المباحثات تحت الإشراف المباشر للأمين العام للأمم المتحدة، إننا نعتبر أنفسنا جادين في هذه المباحثات ولكن النظام العراقي لم يبد حسن النية ونحن ما زلنا متفائلين بالنسبة للنتائج وسوف نستمر في المباحثات. إن تطهير مجرى شط العرب هو لمصلحة الدولتين فإذا تحقق السلام الكامل فسوف يتم هذا العمل بسرعة، ولكن هدف العراق من موقفه هو أن يحصل على امتيازات أكبر في شط العرب، وإننا نعلن، بحسم، أننا لن نكون مستعدين لقبول خدش اتفاقية 1975، ولو كانت الحرب هي الثمن، إنكم ترون أن أعداءنا لم يسلموا بعد، وما زال لديهم الأمل في الحصول على امتيازات، ولذلك ينبغي أن نكون مستعدين، جميعاً، وأن نعتبر أنفسنا في حالة حرب، ولكن كما قلنا من قبل لا ينبغي أن نكون نحن البادئين، وطالما أن المباحثات ما زالت قائمة فينبغي أن نحترمها".

وهكذا حذر رفسنجاني الجيش من عملية الاسترخاء التي بدأها والتي تسببت في تحسين القوات العراقية مواقفها الحدودية، في الوقت نفسه، الذي حدد فيه نظرة النظام الإيراني للمباحثات فعلى الرغم من الجدية التي حاول أن يبديها إزاء عملية مباحثات السلام. إلا أنه يضع يده على الزناد مهدداً، وقد أصبح هذا الموقف يتردد على لسان كافة المسؤولين الإيرانيين.

وقد أكد خامنه إي الموقف نفسه، خلال كلمته في اجتماع في اجتماع مجلس الوزراء حيث قال: "هناك أمران أساسيان مطروحان في قضية الدفاع المقدس لشعبنا، الأول: هو مسألة ظهور ثورة إسلامية مستقلة بحيث ينبغي أن تعلم دول العالم المستضعفة أنها ينبغي أن تقاوم وتصمد وتضحي حتى تستطيع أن تقيم ثورة لا تعتمد على الشرق أو الغرب، والثاني: هو عظمة الدفاع الذي قام به شعبنا عن نفسه وعن أمانيه، إن المعجزة التي تحقق اليوم، هي أن شعبنا قد استطاع بعد ثمانية أعوام من الحرب وبدون مساعدة أو دعم خارجي أن يدافع عن نفسه وعن أمانيه أمام عداوة جميع أنواع القوى المعادية، وما زال مستعداً للدخول في المراحل التالية للدفاع بقوة تفوق ضعف القوة السابقة.

وقد أسهم الخميني، بدوره، في حملة تهدئة الجناح المتشدد، وإيقاظ الجناح المتراخي عندما وجه رسالة إلى أسر الشهداء ومعوقي الحرب، جاء فيها: "إن أسبوع الحرب هذا العام له طعم خاص، فقد اتخذ عون دين الله لنا بعد سنوات من الدفاع المقدس شكلاً آخر، وقد صار الاستعداد للحرب ضرورة أكبر من ذي قبل، إن أعداء الله وخلق الله ليسوا ساكتين، الآن، فهم يدبرون لتدمير كل ما هو إلهي.

إن أسر الشهداء خلال جميع مراحل التاريخ هم حاملو مشاعل طريق الأولياء، والحاصلون على فخر إضاءة الطريق إلى الله، وإن الجرحى والمصابين هم مصباح الهداية المرشد إلى سبيل السعادة لأتباع الدين في كل ركن وناحية، إن المفقودين الأعزاء هم محور بحر الألوهية الذي لا نهاية له، إن فقراء الدنيا حائرون يحسدونهم على رفعة مقامهم، إن الشهداء الذين لا يجوز اعتبارهم موتى، هم شمع حفل الأحبة عند ربهم يرزقون".

أمّا في ما يتعلق برد فعل الحكومة فقد أبانت عن قبول متردد للقرار، ولعل سبب ترددها الرئيسي يتعلق بخوفها من عدم القدرة على اختيار الأسلوب الأمثل لمواجهة ظروف ما بعد الحرب وما يستلزمه من مجهود كبير في التخطيط ووضع البرامج والسياسات لمواجهة متطلبات المرحلة الجديدة التي سوف تكشف عن الانهيار الاقتصادي والعجز عن توفير احتياجات الجماهير الأساسية ومشاكل البطالة وإعادة البناء وتنظيم التجارة مع الاستمرار في دعم القوات المسلحة، من أجل ذلك سارعت الحكومة إلى تنظيم أسبوع أطلقت عليه "أسبوع الحكومة" بهدف شرح منجزات الحكومة خلال سنوات الحرب وما ينتظرها من إنجازات. كذلك، شرح رؤيتها المتعلقة بالمرحلة القادمة التي أسمتها "مرحلة إعادة البناء"، وقد تلخصت هذه الرؤية في الحديث الصحفي لمير حسين موسوي، رئيس الوزراء، الذي بادر فيه إلى التأكيد على أن سياسات الحكومة سوف تتغير بعد انتهاء الحرب في جميع المجالات وأن هذا التغير سوف يكون على أساس حفظ منجزات الثورة والحرب، وأن إعادة البناء في البلاد سوف تكون حسب الأولويات التي تمليها الظروف الراهنة للبلاد، مؤكداً على أن أولويات الاستثمار سوف تبدأ بصناعات النفط والغاز والفولاذ والبتروكيماويات.

وقد حاول موسوي أن يصنع لنفسه ولحكومته مهرباً أمام النقد إزاء الاختناقات المتوقعة فأكد أن جميع القرارات سوف تتخذ من خلال القيادة العامة لكل القوى بمعنى أنه يلقي بتبعة الأمور ونتائج الأحداث على عاتق رفسنجاني باعتباره المسؤول الأول في هذه القيادة.

أعلنت القيادة الإيرانية في حيثيات قرارها بقبول وقف إطلاق النار، وقبول قرار مجلس الأمن رقم 598، أن اجتماعاً موسعاً برئاسة رفسنجاني نائب القائد العام لكل القوى، حضره جميع القيادات السياسية والعسكرية في البلاد، قد عقد من أجل دراسة كل التقارير والمعلومات الواردة حول الأوضاع العسكرية والظروف الداخلية والأوضاع الإقليمية والدولية، وقد خرج الاجتماع بنتيجة مؤداها أن إيران لا تستطيع أن تستمر في الحرب من خلال هذه الظروف وأن عليها أن توقف القتال، للأسباب التالية:

1. وجود القوات الأمريكية في الخليج ليس بغرض المراقبة فحسب، بل لمنع تفوق القوات الإيرانية وتحقيقها لنصر سريع وحاسم، بدليل الإنذار الذي وجهته هذه القوات لإيران من خلال إسقاط طائرة الركاب الإيرانية ومصرع 295 راكباً بما يعني منع أي تحرك إيراني خارج الحدود، خاصة في مياه الخليج.

2. سوء معاملة النظام الحاكم في العراق للشيعة واتخاذهم دروعاً بشرية لحماية الجبهة الجنوبية من العراق ودفعهم إلى الحدود الإيرانية بقسوة.

3. أن الدول العربية تدعم العراق بالمال والسلاح والخبراء والأفراد، بغير حساب.

4. أن القوات المسلحة الإيرانية في حاجة إلى دعم كبير من السلاح والأفراد المدربين والتنسيق الكامل وهو ما يتطلب مالاً ووقتاً لتأمينه.

5. الضغوط المتزايدة من جراء الظروف الاقتصادية والاجتماعية والإدارية المتدنية.

6. أن قرار مجلس الأمن الرقم 598، يضمن استعادة مدينة نفتشهر الإيرانية التي تعذر على القوات المسلحة استعادتها.

7. أن لدى إيران عدداً من المرتفعات العراقية التي تستطيع إيران أن تقايض بها العراق على أراضيها التي تحت سيطرة القوات العراقية.

8. أن قبول قرار مجلس الأمن يحبط محاولة أجهزة الإعلام العالمية بتصوير إيران على أنها طالبة حرب وتسعى إلى خلق التوتر الدائم في المنطقة، كما أنه يؤكد على مرونة القيادة الإيرانية وقدرتها على اتخاذ القرار المناسب والعاقل.

9. إن قبول إيران وقف الحرب، يسحب من القوات الأمريكية حق الوجود في مياه الخليج، وأنه إذا كان لا بدّ من قوات لحفظ النظام والسلام فسوف تكون تحت مظلة الأمم المتحدة وليس الولايات المتحدة وروسيا.

10. إن قبول إيران قرار مجلس الأمن يستند إلى فتوى شرعية مؤداها أن مصلحة المسلمين وشعب إيران وثورته وشعب العراق والمنطقة مقدمة على الحرب والقتال ولو بهدف إسلامي[2].

وقد أعلن رفسنجاني في تقييم نهائي لنتائج الحرب، أن إيران لم تخسر شيئاً بقبولها قرار مجلس الأمن، بل إنها سوف تكسب أشياء كثيرة لم يذكر منها سوى استعادة باقي الأراضي الإيرانية من القوات العراقية، ولكننا نستطيع، من خلال متابعة الأحداث على الساحة الداخلية في إيران، ومتابعة تصريحات وأقوال القادة الإيرانيين، يمكن أن ندرك النتائج الحقيقية والآثار المترتبة على الحرب على الجانب الإيراني.

 



[1] إذاعة طهران بالفارسية، في 20 يوليه 1988.

[2] هذه الأسباب تضمنها حديث صحفي لرفسنجاني، بثته إذاعة طهران بالفارسية، في 18 يوليه 1988.