إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

ثانياً: حجم قوات كوريا الجنوبية

في يونيه 1950، كان سينجمان ري، هو القائد الأعلى لجيش كوريا الجنوبية. ويليه القائد العام، سيهن سانج مو Sihn Sung Mo، وزير الدفاع الوطني. يليه نائب القائد العام، الفريق الأول شاي بيونج دوك Chae Byong Duk، وهو القائد الفعلي للمعارك.

ترجع أصول تطوير القوة المسلحة، في كوريا الجنوبية، إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حينما حرصت الولايات المتحدة الأمريكية، على التخلص من الوجود الياباني هناك، بكل أشكاله. وفي يناير 1946، تأسست الشرطة الكورية بشكل بطيء جداً، حتى إنها، بعد عام، كان عدد أفرادها خمسة آلاف. ثم في أبريل 1947 تضاعفت طاقتها. وفي يوليه بلغ عدد أفرادها 15 ألفاً.

تحولت قوة الشرطة هذه، في أغسطس 1948، إلى جيش نظامي لجمهورية كوريا (R O K). وازدادت سرعة تطوره، في الأشهر القليلة التالية، إلى أن فاق عدد أفراد، في يناير 1949، 60 ألفاً. وارتفع، في مارس 1949، إلى 65 ألفاً.

إضافة إلى أربعة آلاف رجل، من حرس السواحل. و 45 ألفاً قوة شرطة، هي أشبه ما تكون بقوات الحرس الوطني الفرنسي "Gardes Nationals"، أو الحرس المدني الأسباني "Garda Civila"، منها بقوات الشرطة الأمريكية. فبلغ إجمالي القوات 114 ألفاً.

وقد سلحت الولايات المتحدة الأمريكية، 50 ألفاً من جيش كوريا الجنوبية، بأسلحة مشاة ومعدات تشمل:

1. البنادق م1 rifle M1.

2. ومدافع الهاون عيار 81 مم.

عند انسحاب آخر أفراد القوات الأمريكية، من كوريا الجنوبية، في نهاية يونيه 1949، بدأت تأسست، جماعة من 482 فرداً، من المستشارين العسكريين الأمريكيين من ضباط أمريكيين، عاملين ومجندين، في الأول من يونيه 1949، وأطلق عليها الجماعة الأمريكية ـ الكورية للمستشارين العسكريين، إلى جمهورية كوريا.

وكانت مهمتها "تقديم الاستشارات العسكرية إلى حكومة كوريا الجنوبية، في ما يتعلق باستمرار تطوير قوات الأمن، التابعة للحكومة". ومن ثم، أشرف عليها السفير موكيو Muccio. وكان من صلاحياتها إرسال التقارير العسكرية، مباشرة، إلى وزارة الجيش Department of Army، بعد التنسيق مع السفير موكيو؛ ليطلع عليها الفريق الأول ماك آرثر، القائد العام لقوات الشرق الأقصى.

في أبريل 1950، بدأت حكومة كوريا الجنوبية تشكيل كتائب شرطة قتالية، لتنفيذ مهام جيش الأمن الداخلي (أو الشرطة). كان عددها 21 كتيبة، منها واحدة تأسست في 10 أبريل 1950، في يونجول Yongwol، وأنيط بها مهمة حماية محطة توليد الطاقة الكهربائية، ومناجم الفحم، والمرافق الحيوية الأخرى، في المناطق المجاورة.

بلغ عدد أفراد القوات البرية 143 ألفاً؛ منهم 98 ألفاً، يشكلون الجيش النظامي، "ROK". أما القوة الباقية، وعددها 45 ألفاً، فقد شكلت قوة الشرطة الوطنية. وانقسمت قوة الجيش النظامي إلى قسمَين: الأول، عُرف باسم القوات الضاربة، وعدد أفراده 65 ألفاً، والثاني، عُرف باسم قوات الرئاسة والخدمات، وعدد أفراده 33 ألفاً.

وكان من العجيب أن يبقى هذا الجيش النظامي، بعدده الضخم، بعيداً عن أرض المعركة، التي عملت فيها ثماني فِرق من المشاة فقط، راوح إجمالي قوتها معاً بين 69 ألفاً و97 ألفاً.

ثالثا: حجم قوات كوريا الجنوبية، عشية الهجوم

في يونيه 1950، كانت القوات المسلحة لكوريا الجنوبية، كالتالي:

1. الجيش (القوات البرية) عدده يقارب 94808 رجال (ارتفع، عند بداية الحرب، إلى 98 ألفاً: 65 ألفاً جنود قتال، و33 ألفاً مراكز قيادة وأفراد خدمات).

2. حرس السواحل بقوة 6145 رجلاً.

3. القوة الجوية بقوة 1868 رجلاً.

4. الشرطة الوطنية بقوة 48273 رجلاً.

وفي يونيه 1950، نُظِّم جنود القتال Combat troops، في ثماني فِرق: (الأولى، والثانية، والثالثة، والخامسة، والسادسة، والسابعة، والثامنة، والفِرقة الرئيسية Capital division).

خمس من هذه الفِرق، كان في كلٍّ منها ثلاثة أفواج؛ وهي: الفِرقة الأولى، والثانية، والسادسة، والسابعة، والرئيسية. وفِرقتان، الثالثة والثامنة، في كلٍّ منهما فوجان. وفِرقة واحدة، الخامسة، فيها فوجان، وكتيبة واحدة. أربع فِرق فقط، من الفِرق الثماني، كانت في كامل قوتها: عشرة آلاف فرد (أُنظر جدول الفرق الثماني لقوات كوريا الجنوبية).

في أوائل صيف 1950، اتخذت الفِرق الكورية الجنوبية، الأولى والسابعة والسادسة والثامنة؛ وهي تعد أفضل الفِرق، مواقعها على طول خط العرض 38 من الغرب إلى الشرق. وتمركز وراء الفِرقة الأولى، في أقصى الطرف الغربي من الخط، الفوج 17، التابع للفِرقة الرئيسية، في شبه جزيرة أونجين Ongjin.

وانتشرت الفِرق الأربع الأخرى في الأجزاء، الداخلية والجنوبية، من البلاد، وانشغلت ثلاث منها بالتصدي لحرب العصابات، والتدريب على تكتيكات الوحدات الصغرى.

1. كان مركز القيادة للفِرقة الرئيسية، في سيول.

2. تمركزت الفِرقة الثانية في تشونجيو ch'ongju بالقرب من تايجون Taejon.

3. تمركزت الفِرقة الثالثة في تايجو Taegu.

4. تمركزت الفِرقة الخامسة في كوانجو Kwangju، في جنوب شرقي كوريا.

في أكتوبر 1949، طلب وزير دفاع كوريا الجنوبية 189 دبابة م ـ 26 M-26. ولكن قائد الجماعة الأمريكية ـ الكورية للمستشارين العسكريين في جمهورية كوريا (KMAG)، أخبره أن هيئة أركان الـ KMAG، ترى أن طبيعة أرض كوريا الجنوبية، وحالة الطرق والجسور فيها، لا تلائمان عمليات تتولاها دبابات بهذه الكفاءة.

وفي الوقت نفسه، ذكر قائد الـ KMAG، للسفير موكيو، أن المعدات، التي زودت بها كوريا الجنوبية، ليست كافية لحماية حدودها؛ وأن المدافع الكورية الشمالية، قادرة على تهديد هذه الحدود تهديداً فاعلاً.

تولت الولايات المتحدة الأمريكية، تسليح قوات كوريا الجنوبية وتدريبها؛ فكانت أسلحة المشاة من الأنواع نفسها، التي تسلحت بها مشاة البحرية الأمريكية، في الحرب العالمية الثانية. وهي كالتالي:

1. 27 سيارة مدرعة.

2. ما يزيد قليلاً على 700 مدفع وهاون؛ منها 89 مدفع هاوتزر م3، من عيار 105 مم، قصير الماسورة، يصل مداه المؤثر إلى 7200 ياردة فقط، وأقصى مدى له 8200 ياردة (بينما كان المدفع الأمريكي، من نوع 105 مم، يصل مداه العادي إلى 12500 ياردة).

3. رشاشات خفيفة وثقيلة، من عيارَي 30 و60 مم.

4. مدافع هاون (مورتار)، من عيارَي 60 و81 مم.

5. قاذفات صواريخ مضادة للدبابات، المعروفة باسم "البازوكا"، من عيار 2.36 بوصة.

6. 140 مدفعاً مضاداً للدبابات، من عيار 37 مم.

7. بنادق آلية، من نوع م1 M1 Rifle.

8. بنادق قصيرة، من عيار 30 مم 30-Caliber Carbin.

9. نحو 2100 عربة أمريكية للنقل، بين:

أ. 830 مركبة حمولتها طنان ونصف.

ب. 1300 مركبة (جيب) حمولتها نصف طن.

من الملاحظ، أنه لا توجد طائرات، باستثناء مجموعة واحدة، من 12 طائرة لييهزن Liaison؛ و10 طائرات تدريب، من نوع AT6. وكان لدى دين هيس dean E. Hess ، رئيس مستشاري الـ KMAG، في ما يتعلق بسلاح الجو الكوري، عشر طائرات قديمة ف 51 موستانج F51 Mustang؛ ولكن لم يكن طيارو كوريا الجنوبية مؤهلين بعد، لاستخدامها في مهام قتال.

وكذلك لم يكن في جيش كوريا الجنوبية دبابات، ولا ألغام ولا مدافع عديمة الارتداد بعيدة المدى، ولا ذخائر كافية. وكانت نسبة الأسلحة الصالحة، في جيش كوريا الجنوبية، 50% فقط. وكانت نسبة السيارات والمركبات الصالحة 65%.

أما أسطول كوريا الجنوبية، فكان يتكون من:

1. سفينة مراقبة 701 واحدة Patrol Craft PC 701 ، تم شراؤها، مؤخراً، من الولايات المتحدة الأمريكية.

2. ثلاث سفن مراقبة أخرى، في هاواي Hawaii، كانت في طريقها إلى كوريا الجنوبية، ولم تستخدم طوال الصراع المسلح.

3. سفينة إبرار دبابات    Landing Ship, Tank

4. 15 كاسحة ألغام أمريكية قديمة.

5. 10 زوارق زراعة ألغام يابانية قديمة.

6. بعض الزوارق الأخرى الصغيرة.

كان معظم الوحدات الكورية الجنوبية، يحتاج إلى مزيد من التدريب على المناورات والعمليات المشتركة؛ إذ لم يكتسب إلاَّ القليل من الخبرات، أثناء الاشتباكات مع العصابات الشيوعية، التي تسربت في الجنوب، ومعها أسلحة يابانية. وكان عدد كبير من الكتائب والألوية، يتولى قيادته ضباط برتبة عقيد، تراوح أعمارهم بين 25 و30 عاماً، سبق أن تلقوا تدريبهم العسكري على أيدي اليابانيين. كذا، عندما حل شهر يونيه 1950، كانت قوات الجانبَين، على امتداد خط العرض 38 ْ، كالآتي:

1. قوات كوريا الشمالية: 90 ألف رجل، مزودين بـ 150 دبابة، وتدعمهم قوة جوية صغيرة.

2. قوات كوريا الجنوبية: 65 ألف رجل، من دون دبابات، ولا قوة جوية تذكر.

كما كانت قوات المدفعية في جيش كوريا الشمالية، تفوق مدفعية كوريا الجنوبية، بنسبة 3 إلى 1 تقريباً. إضافة إلى تميز مدفعية الشماليين ببعد المدى، 14 ألف ياردة، في مقابل 8200 ياردة لمدفعية الجنوبيين، كما فاقتها أحجاماً وعيارات. ناهيك بأن التنظيم الروسي لجيش كوريا الشمالية، كان أفضل من التنظيم الأمريكي لجيش كوريا الجنوبية.

لم تكن القيادتان، الأمريكية والكورية الجنوبية، تدركان جيداً تأثير تفوق قوات كوريا الشمالية في مستقبل المنطقة. ولم تقدر السلطات العسكرية الأمريكية، هناك، جدية إقدام كوريا الشمالية على الغزو. وفي الواقع، كان هناك شعور عام، شارك فيه العميد وليم روبرتس William L. Roberts، قائد الـ KMAG، أنه حتى إذا أقدمت كوريا الشمالية على الغزو، فإن جيش كوريا الجنوبية قادر على طرد الغزاة، بسهولة بالغة.

من ناحية الدعاية، التي تسبق الحرب، وتواكبها، تفوقت كوريا الشمالية كذلك؛ فقد كانت العاصمة، بيونج يانج، قد تهيأت لظروف الحرب، واستعدت لها، بالتمويه بتقديم عروض بضرورة نشر السلام في كافة أنحاء كوريا؛ والدعوة إلى إجراء انتخابات موحدة، بشرط إبعاد سينجمان ري، الذي وصفته بأنه خائن، ومعه معظم أعوانه الكبار، وأعضاء لجنة الأمم المتحدة. وبدأت الجماعات الشيوعية، في كوريا الجنوبية، التي كانت قد قاطعت الانتخابات، في مايو 1950، تدعو، علناً، إلى قبول "دعوة السلام" المنطلقة من كوريا الشمالية.

رابعاً: بدء الصراع

عوامل شتى، شجعت كوريا الشمالية على التفكير في غزو كوريا الجنوبية، والمسارعة فيه؛ أبرزها تصريحات قيادات سياسية بارزة، في الولايات المتحدة الأمريكية. ففي 2 يناير 1950، أعلن دين آتشيسون Dein Acheson، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، "أن كلاً من كوريا وفورموزا، تقع خارج خط الدفاعات الأمريكية، في الشرق الأقصى"؛ وحدد هذا الخط بأنه يمتد من جزر أليوشان إلى اليابان، ثم يتجه إلى ريوكيس، ومنها إلى جزر الفيليبين. ومن ثم، فعلى باقي المناطق الأخرى، في المحيط الهادي، أن تتدبر أمر سلامتها، عسكرياً؛ لأنه لا يمكن ضمانها، في حالة وقوع أي هجوم عسكري. ويجب، كذلك، أن يكون واضحاً، أن ضمان سلامة هذه المناطق، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، يعد أمراً غير معقول، وغير ضروري".

ولم تكن السياسة الأمريكية قد استثنت كوريا، من خط دفاعاتها، من قبل؛ فقد صرح الفريق الأول ماك آرثر للصحفي البريطاني وورد برايس G. Ward Price، ثم لرئيس تحرير أريزونا ديلي ستار Arizona Daily Star، والصحفي والتر ماثيو Walter B. Mathews، في 1949، بأن خطوط الدفاعات الأمريكية تستنثي فوروزا فقط. وكان هذا نابعاً من اقتناع الأمريكيين بأن فورزا لا بد أن تسقط قريباً في أيدي قوات الصين الشعبية.

وفي مايو 1950، صرح السيناتور توم كونالّي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، في مجلس الشيوخ الأمريكي، بقوله: "تستطيع روسيا الاستيلاء على كوريا الجنوبية، من دون أن تخشى تدخلاً أمريكياً؛ إذ إنها لا تمثل أي أهمية، لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

في أواخر مايو 1950، أعلن جوزيف ستالين، في إحدى خطبه، ضرورة توحيد كوريا، تحت زعامة كيم إيل سونج. وكان لستالين تأثير كبير في قيادات كوريا الشمالية، بل كانت صورته تزين حائط المكتب الرئاسي الكبير، المصنوع من خشب الماهوجنو الفاخر، في "بيونج يانج Piyong Yang".وفي الوقت نفسه، كانت القوى الشيوعية، داخل كوريا الشمالية، مدفوعة بتشجيع ودعم كامل من روسيا ـ تتحدث، ليل نهار، عن ضرورة توحيد الكوريتَين، ولو بقوة السلاح؛ وتشجع الجماعات الشيوعية المسلحة، في مناطق جنوبي كوريا الجنوبية، على شن الغارات، وحرب العصابات على جيش كوريا الجنوبية. ولكن هذا الجيش، حقق نجاحاً ملحوظاً في صد هذه الغارات، بل فتك بالمهاجمين؛ ما دفع الجنرال روبرتس إلى المباهاة بهذا الجيش، قائلاً: "إنه أقوى جيش محارب، خارج أراضي الولايات المتحدة الأمريكية".

كانت اضطرابات كثيرة، قد وقعت في كوريا الجنوبية، عقب إعلان انتخاب سينجمان ري. وكانت كوريا الشمالية هي المحرضة عليها، رامية إلى إطاحة حكومته، واستبدال حكومة شيوعية بها.

وفي 14 أكتوبر 1949، أرسل وزير خارجية كوريا الشمالية، خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة تريجف لي Trygve Lie، يستنكر فيه نشاط الأمم المتحدة في بلاده؛ ويعلن أن لجنتها سوف تُطرد من كوريا، ما لم تغير المنظمة الدولية أسلوب تعاملها مع الكوريين. ولكن، في 22 أكتوبر 1949، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة مواصلة نشاط اللجنة، وكلفتها باستقصاء الأوضاع، التي قد تؤدي نشوب صراع مسلح في كوريا. وعقب وصول قرار اللجنة، أعلن الأمين العام تعيين ثمانية مراقبين، لرصد التحركات على طول خط العرض 38. وقد رصد هؤلاء المراقبون، في خلال أسبوع، من 3 إلى 10 مارس 1950، حدوث 18 اشتباكاً على ذلك الخط، و29 اشتباكاً، في داخل أراضي كوريا الجنوبية. لقد كانت هذه الأحداث هي الريح التي تسبق العاصفة.

حدث، في البداية، بعض الاشتباكات المحدودة، جنوب خط العرض 38؛ استخدمت في بعضها المدفعية. وواكب ذلك حملة، شنتها إذاعة بيونج يانج، على الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية، ووصفتهما بالمعتدين، الذين يخططون للعدوان على شعب كوريا الشمالية المسالم!

ورداً على ذلك، ألقى سينجمان ري عدة خطب لاذعة، شديدة اللهجة، فند فيها ما أذاعته إذاعة كوريا الشمالية؛ وألهب حرب الدعاية بين الجانبَين.

وفيما بين 15 و24 يونيه، بدأت تحركات جيش كوريا الشمالية، من مواقعه، شمال خط العرض 38. بيد أن تقارير الفريق الأول ماك آرثر، من مقر قيادته في الشرق الأقصى، التي رفعها إلى واشنطن ـ تضمنت، صراحة، عدم توقع أي هجوم من جانب كوريا الشمالية. وورد في أحد التقارير، في 25 مارس 1950، ما يلي:

"لا يُتوقع نشوب حرب، بين طرفَي كوريا، في ربيع هذا العام أو صيفه. وأقصى ما يمكن توقعه، في هذا الصيف، أن تشجع كوريا الشمالية رجال العصابات، على شن بعض الهجمات على مواقع، في كوريا الجنوبية؛ وأن تنشط حملاتها الدعائية".

ثم ساد الظن بعد ذلك أن كوريا الشمالية قد هدَّأت الأوضاع، وخففت من حربها النفسية؛ حين أطلقت بيونج يانج دعوتها للسلام. ولذا، اطمأنت الولايات المتحدة الأمريكية، وأرسل الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، إلى مجلس الأمن القومي، يقترح تبني أحد الإجراءات التالية:

1. التخلي عن كوريا تماماً.

2. الاستمرار في تحمل التبعات، السياسية والعسكرية، تجاهها.

3. مواصلة دعم كوريا الجنوبية، بجميع المساعدات، بما فيها تزويدها بالمعدات والمهمات؛ وتولي تدريب قواتها، وإمدادها بالمعونة الاقتصادية.

وقد أوصى مجلس الأمن القومي بالتصديق على الإجراء الأخير؛ وهو ما اعتمده الكونجرس الأمريكي.

وهكذا، خفيت تحركات جيش كوريا الشمالية، بين 15 و24 يونيه، شمال خط العرض 38 ْ، على كوريا الجنوبية، والأمريكيين، والعالم الغربي؛ ففوجئوا، صباح 25 يونيه 1950، بقصف مدفعية قوات كوريا الشمالية. على الرغم من أن تقريراً أرسلته الاستخبارات الأمريكية، قبل الغزو بستة أيام، أفاد بوجود "تحركات لحشود كثيفة شمال خط العرض 38، صاحبها إخلاء جميع المناطق السكنية، إلى عمق كيلومترين، وإيقاف عمليات نقل البضائع وخدماتها، من وونسان Wonsan إلى شورون Ch'orwon، وقصرها على نقل الإمدادات العسكرية. وصاحبها كذلك نقل كميات ضخمة من الذخائر والمعدات إلى مناطق الحدود". ولكن يبدو أن هذا التقرير لم يقرأه أحد من كبار القادة وصناع القرار، لا في قيادة قوات الشرق الأقصى، ولا في واشنطن.