إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

المبحث الثالث

العمليات العسكرية

أولاً: العمليات الهجومية لكوريا الشمالية

بُنيت إستراتيجية كوريا الشمالية، على تحين الظروف الأكثر ملاءمة؛ لإحراز انتصار عسكري ساحق، وتدمير قوات كوريا الجنوبية، وضم أراضيها، قبل وصول أي نجدة إليها من الخارج.

في تمام سعت 400، يوم 25 يونيه، أثناء سقوط أمطار غزيرة، على طول خط العرض 38، انطلقت أول قذيفة، من جهة الغرب؛ لتبدأ، بعد ساعات، عمليات الاقتحام، التي شهدتها الجبهة الشرقية. تحركت قوات كوريا الشمالية، البالغة 89 ألف جندي، في سبع فِرق مشاة، وفوج مدرع، وفوج مشاة مستقل، وفوج راكبي الدراجات البخارية، ولواء شرطة حدود؛ تدعمها 150 دبابة ت ـ 34 المتوسطة، لتعبر خط العرض 38، في ستة أنساق متراصة؛ بهدف إحداث مفاجأة تكتيكية. ودفع الجنرال "شاي يونج شون"، قائد جيش كوريا الشمالية، الفيلقَين، الأول والثاني، في اتجاه الجنوب. واتخذت هذه القوات خمسة محاور رئيسية في تقدمها، عدا المحور البحري.

شكلت القوات الغازية قوساً، طوله أربعون ميلاً، يمتد من كايسونج في الغرب، إلى تشورون Ch'rowon في الشرق. وخصص الكوريون الشماليون أكثر من نصف المشاة والمدفعية، ومعظم دباباتهم، لتغطية الهجوم على سيول؛ والمقرر أن يصل إليها من ممر أويجونجبو Uijongbu.

أثناء الإعداد للهجوم، أصدر رئيس قطاع الاستخبارات في الـ NKPA، في 18 يونيه، أمر الاستطلاع الرقم 1 "Reconnaissance Order I"، باللغة الروسية، إلى رئيس أركان الفِرقة الرابعة، من قوات كوريا الشمالية؛ طالباً المعلومات المتاحة عن مواقع قوات كوريا الجنوبية الدفاعية، المكلفة بحماية مداخل ممر أويجونجبو. كما أرسل أوامر أخرى مشابهة، إلى كلٍّ من الفِرق: الأولى والثانية والثالثة والسادسة والسابعة، والفوج 12 من راكبي الدراجات البخارية. ولا شك أنه صدرت أوامر أخرى إلى الفِرقة الخامسة، وربما الى باقي الوحدات.

في 22 يونيه، أصدر اللواء لي كوون مو، قائد الفِرقة الرابعة، أمره العملياتي، باللغة الكورية، بالهجوم على ممر أويجونجبو. وقرر أن على الفِرقة الأولى، عن يمينه؛ والفِرقة الثالثة، عن يساره، المشاركة في الهجوم. وكان على الدبابات، والمدفعية ذاتية الحركة، مع الدعم الهندسي، أن تكون في المقدمة.

كان مقرراً أن تكتمل الترتيبات، في منتصف ليلة 23 يونيه. وبعد اختراق المواقع الدفاعية لكوريا الجنوبية، تتقدم الفِرق تحت غطاء من قصف مدفعي كثيف، عبر شوارع الوادي الرئيسية وممراته، المؤدية إلى منطقة أويجونجبو ـ سيول.

بلغت الوحدات الهجومية لكوريا الشمالية، أقصى درجات استعدادها، في 23 يونيه. ثم اتخذت وضع التحرك، في 24 يونيه. وقال الضباط لجنودهم، إنهم سيجرون مناورات؛ ولكن معظم هؤلاء الجنود، أدركوا أنهم مقبلون على الحرب.

على الفور، تصدى للغزاة، في منطقة تشنشون، في الشرق، أربع فِرق، وفوج واحد، من جيش كوريا الجنوبية، يبلغ إجمالي عديدها 38 ألفاً، كانوا في مواقعهم المعتادة، على الحدود، جنوب خط العرض 38. وكان كثير من قوات كوريا الجنوبية في الاحتياطي، على مسافات مختلفة من ذلك الخط؛ فضلاً عن أن كثيراً من أفراد جيشها، في إجازات. أما الفِرق الأربع الأخرى، فكانت منتشرة في مواقع مختلفة، في الجنوب.

أما في الغرب، فقد انهالت قذائف مدفعية الكوريين الشماليين، على جزيرة "أونجين Ongjin"، في مياه البحر الأصفر، في قصف متواصل، لمدة نصف ساعة، أعقبه عمليات الاقتحام، بفِرقة كاملة، ولواء. وتمكن الكوريون الشماليون من الاقتحام، من دون الاستعانة بالدبابات؛ واستطاعوا تدمير كتيبة المقاومة الجنوبية، التي واجهتهم. (أُنظر خريطة اجتياز الشماليون خط 38).

وثبت أن المقالات العديدة، التي اعتمدت على مقابلات ضباط من الـ KMAG، وأيدت رأي الفريق الأول روبرتس Roberts ، ومعظم مستشاريه في الـ KMAG، أن جيش كوريا الجنوبية قادر على مواجهة أي اختبار قوي من جانب كوريا الشمالية، كانت كلها مخطئة في تحليلاتها وآرائها.

وركزت القوات الشمالية هجومها الكبير، في جانبَي الطريق الواصل بين بيونج يانج وسيول. وكان الهجوم بفِرقتَين من المشاة، تدعمهما الدبابات. وواصلت القوات الشمالية زحفها نحو كايسونج، حيث التقت قوات شمالية أخرى، وصلت إليها في القطار، بسهولة؛ إذ أعد الكوريون الشماليون بعض القضبان، ومهمات السكة الحديدية، ليلاً، فتمكنوا من استئناف تسيير الخط الحديدي إلى الجنوب، في الصباح التالي. واستطاعت هذه القوات، أن تنتشر خلف القوات الجنوبية.

استبسل أفراد قوات كوريا الجنوبية فهجم بعضهم على الدبابات الروسية ت ـ 34، بعبوات حارقة، أو قضبان ذات رؤوس حارقة. بينما هجم آخرون على أبراج تلك الدبابات، بقصد فتحها، وإلقاء القنابل اليدوية في داخلها. وحاول بعض الجنود الثبات، ولكن اكتسحتهم نيران المدافع الرشاشة، فوق أبراج الدبابات؛ والقناصة من مشاة الكوريين الشماليين.

استمر زحف القوات الشمالية نحو كايسونج Kaesung، وفق خطة، قضت بشن نسق واحد هجوم من عليها؛ بينما يتولى نسق آخر الضرب في الأجناب أو المؤخرة. وقد نجحت هذه المناورة في موقعة كايسونج.

ثانياً: معركة كايسونج

تمركزت كتيبتان من الفوج 12، التابع للفِرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية، شمال مدينة كايسونج، عاصمة كوريا القديمة، الواقعة شرق شبه جزيرة أونجين؛ وفي الطريق الرئيسي السريع سيول ـ بيونج يانج. بينما تمركزت الكتيبة الثالثة، من الفوج 12، في مدينة يونان Yonan، وهي مركز لمنطقة غنية بالأرز، تبعد عن جزيرة أونجين نحو 20 ميلاً، جهة الغرب. وتمركز الفوج 13 في مدينة كورانجبو ري Korangp'O - ri، على بعد 15 ميلاً جوياً من كايسونج، وتطل على نهر إيمجين Imjin. في حين كان الفوج 11 الاحتياطي؛ ومراكز قيادة الفِرقة الأولى في مدينة سويساك Soisak، وهي قرية صغيرة، على بعد أميال قليلة، شمال سيول.

كان المقدم لويد روكويل Lloyd H. Rockwell، كبير مستشاري الفِرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية؛ وقائدها، العقيد بايك سن يوب، قد قررا أن خط الدفاع الوحيد، الذي يمكن الفِرقة الأولى أن تتخذه، في حالة الهجوم، هو جنوب نهر إيمجين.

سيطرت القوات الكورية الشمالية على جبل سونجاك ـ سان Songak - San، وهو على شكل حرف T، يتحكم تماماً في كايسونج، الواقعة على بعد ميلَين إلى الجنوب منه. يسير خط العرض 38، في معظمه، بطول هلال جبل سونجاك ـ سان. في كايسونج ينحرف خط السكة الحديد نحو الشمال؛ ليربط بين سيول ـ بيونج يانج ـ منشوريا، ثم ينحرف غرباً، مسافة ستة أميال، ليتجه نحو نهر ييسونج Yesong، فينحرف شمالاً مرة أخرة عبر خط العرض 38.

وكان النقيب جوزيف داريجو Joseph R. Darrigo، مساعد مستشار للفوج 12، التابع للفِرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية ـ هو الضابط الأمريكي الوحيد، الموجود على خط العرض 38، في صباح 25 يونيه. وقد اتخذ منزلاً، في الحافة الشرقية الشمالية من كايسونج، أسفل سونجاك ـ سان تماماً. وعند الساعة الخامسة صباحاً، أيقظه صوت قذائف المدفعية؛ وسرعان ما أخذت شظايا القذائف تصيب منزله. فأسرع إلى كايسونج، ثم إلى طريق مونسان ـ ني Munsan - ni إلى نهر إيمجين. وفي الطريق شاهد، على بعد نصف ميل، ضوءاً ساطعاً، في محطة السكة الحديد، وشاهد جنوداً كوريين شماليين، ينزلون نحو 15 عربة من قطار. وقدَّر داريجو أن ثمة من كتيبتين إلى ثلاثة، وربما فوج، من جنود كوريا الشمالية في هذا القطار. كانوا قد ركبوا القطار في الليل، وجاءوا بهذه القوات لتكون خلف قوات كوريا الجنوبية، شمالي كايسونج، في الوقت الذي كانت مدفعيتهم وقوات مشاة أخرى منهم تشن هجومها، منطلقة من سونجاك ـ سان. وسرعان ما كثف الفوجان 13 و15، من الفِرقة السادسة، من قوات كوريا الشمالية، الهجوم على كايسونج. فاستوليا عليها، في سعت 950؛ بعد أن سقط معظم أفراد الفوج 12، من قوات كوريا الجنوبية، قتلى أو أسرى. ولم تتمكن، سوى سريتَين منه، من الهرب.

هكذا كانت كايسونج في سعت 930 في قبضة قوات كوريا الشمالية تماماً. أسرع داريجو إلى الجنوب، وعبر نهر إيمجين إلى مونسان ـ ني ونجا. أما في سيول، فقد روى العقيد روك ويل Rockwell أحداث اليوم 25 بقوله:

"عقب زيارة عاصفة من العقيد بايك وبعض من ضباط أركانه، أخبرني بالهجوم الكوري الشمالي، واتصل بايك بمركز قيادته، وأمر الفوج 11 ووحدات أخرى بالإسراع إلى مونسان ني ـ كورانجبوري، واحتلال المواقع الدفاعية، المعدة من قبل. تحرك الفوج 11 مسرعاً من سويساك Suisak، واتخذ موقعه إلى يسار الفوج 13، ليتوليا مهمة حماية جسر إيمجين، وخاضا معركة شرسة مع القوات الكورية الشمالية، وأبلى الفوج 13 بلاءً حسناً. وأمر بايك بنسف جسر إيمجين، بعد انسحاب الفوج 12 عبره، ولكن مجموعة ضخمة من قوات كوريا الشمالية طاردت الفوج 12، أثناء انسحابه، عبر الجسر، فلم ينفَّذ أمر النسف، واستولت القوات الكورية الشمالية على الجسر.

بعد نجاح الهجوم الكوري الشمالي، أذاع راديو بيونج يانج، في سعت 1100، 25 يونيه، بياناً، قال فيه: "إن حكومة كوريا الشمالية، قد أعلنت الحرب على كوريا الجنوبية؛ رداً على هجوم من قواتها، أمر به الخائن، قاطع الطريق، سينجمان ري. وإن الجيش الشعبي لكوريا الشمالية، مضطر إلى الدفاع عن نفسه؛ ومن ثم فقد بدأ غزواً مشروعاً". واستمر جنود الفِرقة الأولى، من جيش كوريا الجنوبية، في المقاومة ثلاثة أيام، وخاصة في ضواحي كورانجبوري Korangp'o -ri. ولم يخفقوا إلاّ بعد أن تعرض جناحهم الأيمن لضربة حاسمة، وجهها الجنرال "شاي"، من ممر "يوجونجبو". فانسحبوا تجاه نهر هان Han، حيث قصفتهم، خطأ، في 28 يونيه، طائرات مقاتلة أمريكية، صدرت لها الأوامر بقصف أي وحدة منظمة من الجنود، شمال نهر هان. فعندما رأت جنود الفِرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية، ظنتهم من الكوريين الشماليين، فقصفتهم بالقنابل والصواريخ، وسقط الكثيرون قتلى وجرحى. وبعد رحيل هذه الطائرات، قال العقيد بايك لضباطه وجنوده، ساخراً: "كنتم تظنون أن الأمريكيين لن يساعدونا، الآن قد عرفتم، أليس كذلك؟!".

كان ممر يوجونجبو"، هو المعبر التاريخي لكلِّ غزو، يقصد "سيول". وهو يمثل ملتقى طريقَين، يمتدان من الشمال، ويلتقيان عند مدينة "يوجونجبو"، على مسافة 25 ميلاً، شمال العاصمة. وانطلقت، في سعت 550، 25 يونيه، في هذَين الطريقَين، الفِرقتان، الثالثة والرابعة، الشماليتان؛ ثانيتهما على الطريق الغربي، والأولى على الطريق الشرقي، خلف معظم قوة المدرعات من اللواء المدرع 105.

سلكت الفِرقة الثالثة، يدعمها الفوج 109 المدرعات بـ 40 دبابة ت ـ 34، طريق كومهوا ـ أويجونجبو ـ سيول Kumhwa - Uijongbu - Seaul، المعروف باسم طريق بوتشون P'och'on، الذي ينحرف إلى أويجونجبو من الشمالي الشرقي. أما الفِرقة الرابعة، فكان يدعمها الفوج 107 المدرعات، من اللواء 105 المدرع، بـ 40 دبابة ت ـ 34.

تلقى الفوج الأول، من الفِرقة 107، من قوات كوريا الجنوبية، المتمركز على طول خط العرض 38، الضربات الأولى، من الفِرقتَين الآنفتَين. فانهار تماماً. ولم يكن الفوج التاسع، على الطريق الشرقي في بوتشون، ثم الفوج الثالث، على الطريق الغربي في تونج دوتشون ـ ني Tongduch'on - ni؛ بأوفر حظاً منه.

وفي سعت 850 أرسل أحد ضباط القوات الكورية الجنوبية، على الجبهة، رسالة لا سلكية إلى وزير الدفاع، في سيول، أن الكوريين الشماليين، على خط العرض 38، يطلقون قذائف مدفعية ثقيلة، ويشنون هجوماً شاملاً. ولا بد من إرسال إمدادات عاجلة إلى جميع الوحدات هناك.

انطلقت المدرعات الكورية الشمالية إلى الجنوب، من دون أي توقف أو مقاومة تذكر؛ إذ لم تُجْدِ المدافع الأمريكية المضادة للدبابات، في مواجهتها. وكانت تدعهما الطائرات المقاتلة، من نوع ياك، ذات المحركين، والتي هاجمت مطار كيمبو، على بعد أميال قليلة، شمال غرب سيول، ثم صبت قذائفها على المدينة نفسها. في الوقت الذي كانت إذاعة بيونج يونج، تواصل حملتها على سينجمان ري، وتصفه بأنه "خائن، حاول غزو كوريا الشمالية. وأنه سوف يلقى القبض عليه، ليحاكم". وأعلن الرئيس كيم إيل سونج، في بيان أذيع في سعت 1335، أن قواته قد بادرت إلى الهجوم، بسبب رفض كوريا الجنوبية جميع المقترحات السلمية، التي تقدمت بها كوريا الشمالية، لتوحيد أراضي كوريا. وزعم أن قوات كوريا الجنوبية، هجمت على جيش كوريا الشمالية، في منطقة هايجو Haeju، المطلة على شبه جزيرة أونجين؛ وأن عليها أن تتحمل تبعات اعتدائها.

بدأ الهجوم الكوري الشمالي في هذه المنطقة، في سعت 400، 25 يونيه، بقصف بالمدفعية الثقيلة، والهاونات، والأسلحة الخفيفة من الفوج 14 والفِرقة السادسة واللواء الثالث من قوات شرطة الحدود. ثم بعد نصف ساعة، بدأ الهجوم البري، عبر خط 38، من دون دعم من المدرعات، فاجتاح مواقع كتيبة الفوج الـ 17 من قوات كوريا الجنوبية، بقيادة العقيد بايك سن يوب.

كانت أول رسالة لاسلكية، تلقتها الجماعة الاستشارية الأمريكية، في سيول، في نحو سعت 600؛ بعث بها خمسة مستشارين في الفوج 17 الكوري الجنوبي، عند شبه جزيرة أونجين. وتضمنت الرسالة أن ذلك الفوج يتعرض لهجوم عنيف، ويوشك أن ينهار. وقبيل سعت 900، وصلت رسالة أخرى، تطلب إخلاء جوياً. تطوع طياران من جماعة الـ KMAG، هما العقيد للويد سوينك Lloyd Swink والملازم فرانك براون Frank Brown، من نوع ل ـ 5 L-5 بالإقلاع بطائرتيهما، من سيول. ونجحا في نقل الأمريكيين الخمسة، في رحلة واحدة. ثم صدرت الأوامر الى الطائرات في نهاية اليوم، بسرعة إخلاء أفراد الفوج 17. فانطلقت ثلاث طائرات، من إنشون Inch'on، أخلت، في اليوم التالي 26 مايو، قائده و 1750 فرداً من كتيبتَين. أما الكتيبة الثالثة، فقد فُقدت تماماً!

في اليوم التالي، التف الفوج 14، من الفِرقة السادسة الجنوبية، خلف منطقة شبه جزيرة أونجين؛ في محاولة لتأمين قوات اللواء الثالث، من شرطة الحدود. وسرعان ما عاد، عبر طريق هايجو وكايسونج، للحاق بفِرقته.

كذلك هجمت فِرقة من قوات الفيلق الثاني الكوري الشمالي، المنتشرة في مرتفعات "تاي بايك Tae baek" على بحر اليابان، على الفِرقة الثامنة الكورية الجنوبية، وأجبرتها على الانسحاب. بينما نقل بعض السفن الشراعية الصينية، المعروفة باسم "جانكس Junks"، نحو 600 من رجال العصابات، إلى شمالي "سامشوك" وجنوبيها، على بُعد أربعين ميلاً، جنوب خط العرض 538. وانتشر هؤلاء الرجال، بسرعة، في الهضاب، وبدأوا نشاطهم بنسف الجسور والطرق، لعرقلة انسحاب القوات الجنوبية. حققت الفِرقتان، الثالثة والرابعة، من قوات كوريا الشمالية، تقدماً كبيراً، عبر الطريقين المذكورين سابقاً، وسمع سكان أويجيونبوUijongbu، على بعد عشرين ميلاً شمال سيول، أصوات قذائف المدفعية، قبل نهاية اليوم. وأغارت الطائرات الكورية الشمالية على مطار كيمبو Kimpo، وتولت طائرتان سوفيتيتان مقاتلتان، من نوع Yak قصف الطريق الرئيسي في سيول. وظلت الطائرات تواصل قصف أهدافها.

ثالثاً: معركة شاونشون Ch'unch'on

أما في النصف الشرقي من الجبهة، عند "شاونشون"، الواقع معظمها على خط العرض 38، والتي كانت طريقاً مهماً، على نهر بوكهان Pukhan، وباب الاتصالات الأهم، وشبكة النقل إلى الجنوب، عبر الجبال، في الجزء الأوسط من كوريا، فتركزت هجمات وحدات من الفيلق الأول، من قوات كوريا الشمالية. أما الفيلق الثاني، من قوات كوريا الشمالية، ومعه مركز القيادة في هواتشون H'wachon شاونشون، فقد كان يوجه خطط الهجوم وعملياته.

تحركت الفِرقة الثانية، من قوات كوريا الشمالية، من هواتشون إلى الحدود، حيث حلت محل وحدة حرس الحدود. وكذلك فعلت الفِرقة السابعة، على بعد أميال قليلة، جهة الشرق في إنجي Inje. كانت خطة الفِرقة الثانية تهدف إلى الاستيلاء على شاونشون، عصر 25 يونيه؛ بينما تتحرك الفِرقة السابعة إلى هونجشون Hongch'on، على بعد أميال قليلة، من خط العرض 38.

في شاونشون، المدينة الممتدة على سفح جبل بياكوك "الطاووس" Peacock، استطاعت قوات الفِرقة السادسة، من جيش كوريا الجنوبية، الثبات؛ وكانت قد ألغت الإجازات الأسبوعية لجميع أفرادها، ما جعلها في كامل قوتها. وتوقفت الفِرقة الثانية المشاة، من قوات كوريا الشمالية، أمام العوائق الخرسانية المسلحة، التي أقامتها قوات كوريا الجنوبية، على سفوح الهضبة الممتدة شمال شاونشون. ولم تكن تلك الفِرقة مزودة بدبابات ت ـ 34؛ ومن ثم، فشلت في الاستيلاء على المدينة، في أول أيام المعركة.

تمركز الفوج السابع، التابع للفِرقة السادسة، من قوات كوريا الجنوبية. ومعه فوج آخر، جهة الشرق، من شاونشون لحماية مداخل هوينج سونج Hoeng song، بينما تمركز فوج ثالث، مع فِرقة قيادة، في ونجو Wonju، على بعد 45 ميلاً، جنوب خط العرض 38. ركز فوجا الفِرقة الثانية الشمالية، الهجوم على شاونشون، في الساعات الأولى من صباح الأحد، 26 يونيه؛ فتقدم الفوج السادس، على طول طريق النهر. بينما صعد الفوج الرابع الجبال، شمال المدينة، حيث واجه مقاومة شرسة، من مدفعية قوات كوريا الجنوبية.

أسرع المقدم توماس ماك فيل Thomas D. Mc Phail، مستشار الفِرقة السادسة الجنوبية، من ونجو إلى شاونشون، في صباح اليوم التالي، بعد أن تلقى تقريراً من وحداته الاستخباراتية، أن الكوريين الشماليين، قد اجتازوا خط العرض 38. وقبل نهاية النهار، وصل الفوج 17، التابع للفِرقة الثانية ليشارك في الهجوم.

ظلت الفِرقة السادسة، الجنوبية، تقاوم الهجوم، وتصد الكوريين الشماليين؛ فحالت دون استيلائهم على شاونشون، في اليوم الأول؛ ما استدعى تخلي الفِرقة السابعة عن هونجشون Hongch'on، إلى شاونشون، فوصلتها في مساء 26 يونيه.

هناك انضمت قوات الفِرقة السابعة الشمالية، إلى قوات الفِرقة الثانية، في معركة شاونشون. استمرت المعركة طوال اليوم الثالث، 27 يونيه. وفي النهاية، اضطرت الفِرقة السادسة الجنوبية إلى الانسحاب، تجاه الجنوب، في أوائل يوم 28 يونيه، بعد انهيار مقاومتها. ودخل الكوريون الشماليون المدينة، تتقدمهم تسع دبابات ت ـ 34؛ بعد أن تكبدت فِرقتهم الثانية خسائر فادحة، بلغت نسبتها أربعين بالمائة من قوتها؛ وخسر الفوج السادس وحده، أكثر من خمسين بالمائة من أفراده، بسبب المدفعية الكورية الجنوبية. كما خسروا:

1. ما بين 7 مدافع و16 مدفعاً ذاتي الحركة سو ـ 76 مم.

2. مدفعَين عيار 45 مم.

3. بعض مدافع مضادة للدبابات.

4. عديداً من الهاونات، من مختلف الأنواع.

بالمثل، تكبدت الفِرقة السابعة الجنوبية، خسائر فادحة، في معركة شاونشون.

عندما أرخى ليل 25 يونيه سدوله، كانت قوات كوريا الشمالية، قد حققت كل أهدافها، عدا مدينة شاونشون. وأدرك العالم أنه على حافة حرب عالمية ثالثة.

رابعاً: ردود الفعل العالمية

في الساعة التاسعة والدقيقة السادسة والعشرين (بتوقيت واشنطن)، من مساء السبت، 24 يونيه 1950، وصل إلى وزارة الخارجية الأمريكية، في واشنطن، تقرير من جون موكيو، السفير الأمريكي في كوريا الجنوبية، يقول:

"اجتاحت قوات كوريا الشمالية هذا الصباح، أراضي جمهورية كوريا، في عدة نقاط. وبدا واضحاً من طبيعة الهجوم، وكيفية تنفيذه، أنه هجوم شامل، يستهدف ضم جميع أراضي جمهورية كوريا".

وعلى الفور، بادر وزير الخارجية الأمريكي، دين أتشسون، إلى الاتصال بالرئيس الأمريكي، هاري ترومان، في بيته، في إندبندانس Independance، في ولاية ميسوري Missuri، قائلاً له:

"سيدي الرئيس، يؤسفني أن أبلغكم أنباء سيئة؛ لقد غزا الكوريون الشماليون كوريا الجنوبية؛ وليس لدينا تفاصيل كافية. ومن ثم، يمكنكم قضاء بقية عطلتكم مع عائلتكم؛ وإن كان من الأفضل طلب دعوة انعقاد مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة". طار الرئيس الأمريكي إلى واشنطن، على الفور، وطلب من وزير الخارجية سرعة الاتصال بأرنست جروس Arnest Grss، نائب رئيس وفد الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، وطلب عقد اجتماع مجلس الأمن، عاجلاً.

وقد فوجئ أمين عام الأمم المتحدة، لدى سماعه هذه الأنباء؛ وقال: "إنها حرب موجهة ضد الأمم المتحدة". وفي الساعة الثالثة، من صباح اليوم التالي، 26 يونيه، الموافقة للساعة الثانية والنصف، بعد ظهر يوم 25 يونيه (في نيويورك)، اجتمع مجلس الأمن، بحضور عشرة أعضاء، وتغيب مندوب الاتحاد السوفيتي، جاكوب مالك Jacob Malik، الذي كان يقاطع جلسات مجلس الأمن، منذ يناير 1950؛ احتجاجاً على استمرار عضوية الصين الوطنية (فورموزا)؛ وهكذا لم يحدث استخدام لحق الاعتراض (الفيتو). واستعرض المجلس تقريراً، أرسلته اللجنة الموفدة من هيئة الأمم المتحدة إلى كوريا، جاء فيه:

"تودّ اللجنة لفت نظر الأمين العام، إلى خطر الموقف، الذي قد يشعل حرباً عالمية ثالثة، ويعرض السلام والأمن الدوليَّين للخطر".

وقد تضمن التقرير النقاط التالية:

1. يستنتج من آخر التطورات العسكرية، أن كوريا الشمالية، ماضية في هجوم واسع النطاق؛ للاستيلاء على كوريا الجنوبية برمّتها.

2. قوات كوريا الجنوبية، الموزعة على خط العرض 38، في حالة دفاع.

3. كان هجوم القوات الكورية الشمالية مفاجأة لقوات كوريا الجنوبية.

وأصدر مجلس الأمن قراره، بإجماع تسعة أصوات، وامتناع يوغوسلافيا عن التصويت، في شأن وقف أعمال القتال، فوراً؛ ومطالبة كوريا الشمالية بالانسحاب إلى خط العرض 38.

وبعد ساعات قليلة، اجتمع الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، مع وزير خارجيته، دين أتشسون، وكبار مساعديه من القادة العسكريين، في "بلير هاوس Blear House"؛ بدلاً من البيت الأبيض الذي كان قيد الإصلاح. وأرسل المؤتمرون، في الرسالة التالية إلى الفريق الأول ماك آرثر، القائد العام للقوات الأمريكية في الشرق الأقصى: "ابذل ما في وسعك، لإخلاء كوريا الجنوبية من الرعايا الأمريكيين المدنيين. وقد خُولت صلاحيات القيام بأي عمليات، في الجو والبحر، لمنع سقوط منطقة "إنشون ـ كيمبو ـ سيول"، في أيدي الشيوعيين. وعليك تقديم الدعم العسكري إلى قوات كوريا الجنوبية".

عاد الرئيس الأمريكي إلى واشنطن، وأصدر تعليمات سرية، إلى الأسطول الأمريكي السابع بالتحرك شمالاً، من الفيليبين إلى المضيق الفاصل بين فورموزا وأراضي الصين الشعبية. وكان هدف الرئيس ترومان من ذلك، هو أن يبقى الأسطول قادراً على السيطرة على أي عمليات هجومية.

خامساً: تواصل العمليات

عقب سقوط شاونشون مباشرة، تحركت الفِرقة السابعة الجنوبية، نحو الجنوب، إلى هونجشون، بينما التفت الفِرقة الثانية الشمالية، إلى الغرب نحو سيول. وعلى الساحل الشرقي، عبر سلسلة جبال تاي بايك Taebaek، من إنجي، كانت قوات ضخمة من كوريا الشمالية، تنتظر ساعة الهجوم؛ لعبور خط العرض 38؛ وهي: الفِرقة الخامسة، والوحدة 766 المستقلة، وبعض وحدات رجال العصابات.

على الجانب الجنوبي من الحدود، اتخذ الفوج العاشر، التابع للفِرقة الثامنة الجنوبية، مواقعه الدفاعية، على بعد 15 ميلاً من الساحل. وتمركز الفوج 21، التابع للفِرقة الثانية، في سامشوك Samch'ok، على بعد 25 ميلاً، إلى الجنوب؛ ولكن لم يبق في هذه المدينة، يوم 25 يونيه، إلاَّ وحدات صغيرة من هذا الفوج؛ إذ كانت كتيبتان منه مشغولتَين بحرب رجال العصابات، إلى الجنوب، في جبال تاي بايك.

في سعت 500، 26 يونيه، جاءت الأنباء إلى العقيد جورج كيسلر George D. Kessler، مستشار الـ KMAG للفوج العاشر الكوري الجنوبي، في سامشوك، أن هجوماً عنيفاً من قوات كوريا الشمالية، عبر خط العرض 38، تسبب بخسائر فادحة؛ وأن هذه القوات تتجه إلى سامشوك. اتجه كيسلر، على الفور ومعه قائد الفوج العاشر، في سيارة جيب، إلى الساحل، حيث شاهدا كيف حشد الكوريون الشماليون نحو كتيبة، قريباً من الطريق الساحلي، وعدداً من السفن الشراعية الصينية (Junks)، والزوارق الصينية ذات المجاديف (Smpans) على الساحل، وسعي نحو ألف من رجال عصاباتهم إلى الانتشار في سامشوك، في الجزء الشرقي من كوريا. في الوقت نفسه، رست كتيبتان من الوحدة 766 المستقلة، بالقرب من كانجنونج، مع الفِرقة الخامسة، وقادت هجوم الكوريين الشماليين، عبر خط العرض 38 جنوباً، أسفل الطريق الساحلي. وبادرت سفينة كورية شمالية، إلى الدوران حول الساحل؛ فتصدى لها الجنوبيون، وردوها على أعقابها، كما تمكنوا من إغراق زورقَين.

على الفور، اجتمع المستشارون الأمريكيون للفِرقة الثامنة الكورية الجنوبية، في كانجنونج، وأعدوا، مع قائد الفِرقة، خطط الانسحاب؛ في الوقت الذي كان الفوج العاشر الكوري الجنوبي يقاوم، محاولاً إعاقة تقدم الكوريين الشماليين. وكانت هذه الخطط، تقضي بانسحاب الفِرقة الثامنة إلى الداخل، عبر سلسلة جبال تاي بايك، والاتصال بالفِرقة السادسة، في الممر الجبلي الرئيسي؛ ثم التحرك جنوباً إلى بوزان Pusan، عبر ممر تان يانج Tanjang. وغادر المستشارون الأمريكيون كانجنونج، في الليل، واتجهوا جنوباً، إلى ونجو، حيث مركز قيادة الفِرقة السادسة الجنوبية. وسقطت كانجنونج في أيدي القوات الكورية الشمالية.

سادساً: معركة أويجنجبو

في صباح يوم الأحد، 26 يونيه 1950، تحركت القوة الرئيسية من جيش كوريا الشمالية، صوب الجنوب، على الطرفين عند "يوجنجبو". وفي الوقت نفسه، تحركت من مدينة "تايجون"، على بعد تسعين ميلاً، جنوب العاصمة سيول، الفِرقة الثانية من قوات كوريا الجنوبية، بقيادة الجنرال "شاي بيونج داك"، رئيس هيئة أركان حرب قوات كوريا الجنوبية؛ وكان مشهوراً بلقب الولد السمين؛ نظراً إلى ضخامة جسمه ؛ وهو الذي كان يدعو إلى تركيز الدفاع عن العاصمة سيول؛ بطرد العدو إلى ما وراء ممر "جنجبو". وكانت خطته، أن يوجه الهجوم المضاد للفِرقة الثانية شمالاً، من يوجنجبو، على طول الطريق الشرقي "بوتشون"؛ بينما تتحرك الفِرقة السابعة، المتمركزة بالقرب من الطريق الغربي، مسافة ستة أميال؛ لتشن الهجوم، على طول الطريق الغربي تونج دوشون ـ ني Tong duch'on- ni. وكان يعيب هذه الخطة حتمية تأخر الفِرقة الثانية في الوصول من تايجون. ولذا، اعترض عليها العميد "لي هيونج كون Lee Hyung Koon"، قائد الفِرقة الثانية، ثم اضطر إلى الإذعان، إزاء إصرار الجنرال "شاي" على تنفيذ خطته. وتولت الفِرقة السابعة الجنوبية، وحدها مهمة الهجوم المضاد ضد الفِرقة السابعة من قوات كوريا الشمالية، على طول الطريق الغربي.

كان من المستحيل على الفِرقة الثانية الجنوبية، أن تجمع الجزء الأساسي من أفرادها، وأن تنقلهم من تايجون، على بعد 90 ميلاً من سيول، إلى الجبهة، عند أويجنجبو، ثم تنشرهم فيها، مع صباح اليوم التالي. في صباح 26 يونيه، وضع العميد يو جاي هيونج Yu Jai Hyung، قائد الفِرقة السابعة، الجزء الأكبر من رجاله، في مواجهة الفِرقة الرابعة من قوات كوريا الشمالية، شمال أويجنجبو. وتمكن، في البداية، من إحراز بعض النجاح في هجوم مضاد؛ ما جعل إذاعة سيول تعلن، في عصر اليوم، أن الفِرقة السابعة، قادت هجوماً مضاداً، وتمكنت من إلحاق خسائر كبيرة في القوات الكورية الشمالية، بلغت تدمير 58 دبابة، وسقوط 15890 قتيلاً. وكان هذا البيان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة؛ كما أنه تجاهل التحول الخطير في الأحداث، ذلك أن الفِرقة الثالثة الشمالية، انسحبت من مدخل بوتشون P'och'on، أثناء الليل؛ ولكنها عادت، في صباح يوم 26 يونيه، لتستأنف تقدمها، ودخلت "بوتشون" من دون أن تجد مقاومة. ثم واصلت دباباتها التقدم إلى الجنوب الغربي، تجاه أويجونجبو.

ظن العميد لي هيونج كوون، قائد الفِرقة الثانية الجنوبية، أن في إمكان كتيبتَين من فِرقته، شن هجوم مضاد ناجح؛ فأرسلهما لاحتلال مواقع دفاعية، على بعد ميلَين، شمال شرق أويجونجبو، فيما يغطي طريق بوتشون. وفي الوقت نفسه، اندفعت الفِرقة الثالثة الشمالية، يتقدمها نسق طويل من الدبابات، فعبرت الطريق الشرقي عند ممر "يوجنجو". وحاولت كتيبتا العميد "لي هيونج كوون"، في سعت 800، 26 يونيه، التصدي للدبابات، بالمدفعية والأسلحة الخفيفة. ولكن الدبابات ت ـ 34 واصلت تقدمها، من دون أن تتأثر بتلك النيران، واخترقت جبهة الكتيبتَين، على جانبي الطريق، متجهة إلى "يوجنجبو"، بينما تقدمت المشاة من قوات كوريا الشمالية، خلف الدبابات، وأطلقت نيرانها على جنود كوريا الجنوبية، الذين فروا إلى الهضاب القريبة.

تسبب فشل الفِرقة الثانية الجنوبية، بإيقاف هجوم الفِرقة السابعة على الطريق الغربي؛ وكان عليها أن تشق طريقها، للتراجع إلى الوراء. وحينما حل المساء، تمكنت فِرقتا قوات كوريا الشمالية، الثالثة والرابعة، ومعهما اللواء 105 المدرع، من دخول مدينة يوجنجبو، وأصبح الطريق الرئيسي إلى سيول، جنوباً، مفتوحاً. كان لفشل الفِرقة الثانية الجنوبية في الدفاع عن أويجونجبو، نتائج وخيمة؛ إذ باتت كوريا الجنوبية، تفتقد إلى قوات نظامية، تستطيع، عملياً، التصدي للقوات الكورية الشمالية، وإنقاذ العاصمة سيول من السقوط في براثنها.