إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

المبحث الثامن

عبور خط عرض 38 والإستيلاء على بيونج يانج

أولا: قوات كوريا الشمالية تعبر خط عرض 38

كان الفيلق الأول من جيش كوريا الجنوبية، الذي كان يقوده الجنرال كيم بايك إيل Kim Paik Il، هو أول القوات التي اجتازت خط العرض 38، في أول أكتوبر. وفي مقدمته الفرقة الثالثة فعبرت الخط. وكان الجنود مبتهجين، كأنهم في يوم عيد، وهم يتقدمون شمالاً على الطريق الساحلي الشرقي، ومن خلفهم، تقدمت الفرقة الرئيسية الضاربة من قوات كوريا الجنوبية، وقد حددت أول وثبة تصل إليها عند الميناء المهم (وونسان)، إلى مسافة حوالي مائة ميل جوي للشمال. وكان أملهم أن تكون الوثبة الثانية عند نهر يالو. ولقد سبق أن أخبرهم الرئيس سينجمان ري، بقوله: "علينا أن نتقدم شمالاً إلى أقصى ما نستطيع؛ إلى حدود منشوريا؛ حتى لا يبقى جندي واحد من العدو في أرض وطننا". وكان ضباطهم يعبرون عن فرحتهم، بقولهم: "إننا سنغسل سيوفنا في ماء نهر يالو".

وقد اشتدت فرحتهم، أثناء زحفهم المتواصل شمالاً. كان بعضهم ينتعل خفافاً من الخيش، والبعض الآخر يسير عاري القدمين، تسيل منهما الدماء. ومع ذلك واصلوا زحفهم ليلاً ونهاراً، وسرعان ما تجاوزوا بعض شراذم الكوريين الشماليين، التي كانت تشن الغارات المتقطعة عليهم. وقد بلغ معدل تقدمهم نحو 15 ميلاً في اليوم، كما استولوا على كميات كبيرة من المدافع والمخازن والمهمات، وتمكنوا من السيطرة على بعض نقاط دفاعية حصينة على الهضاب المرتفعة، على يسار خط تقدمهم، وعثروا بها على أكوام من الأرز، كان قد أعدها الكوريون الشماليون لغذائهم، متروكة، أو موضوعة في حفر على جانبي الطريق.

وكانوا يستقبلون، في تقدمهم، بهتافات وترحيب الجموع المحتشدة. وكان الأطفال يركضون وراء القوات المتقدمة؛ ليقدموا باقات من الزهور البرية الجميلة. وكانت النسوة تلوح بالأعلام في أيديهن، بينما وقف الشيوخ ينفثون الدخان من غلايينهم الطويلة، وقد ارتسمت على وجوههم علامات الرضا. ولم يكن بين هؤلاء جميعاً شباب، إذ إن الكوريين الشماليين كانوا قد قضوا عليهم جميعاً.

وفي 10 أكتوبر، دخلت الفرقة الرئيسية من قوات كوريا الجنوبية ميناء وونسان، من أكثر من مدخل. وبدأت القتال، وتم الاستيلاء على المدينة والمطار، بعد أيام قليلة. وفي 12 أكتوبر، هبطت 22 طائرة نقل من القيادة الجوية للنقل بالشرق الأقصى، في وونسان، محملة بالمؤن. وعندئذ بدأت قوات كوريا الجنوبية المنتصرة تمارس واجبها في أعمال الدوريات والحراسة لمنطقة وونسان، واستعدت للانطلاق إلى الحدود. وفي الوقت نفسه، بدأ الفيلق الثاني من قوات كوريا الجنوبية (المكون من الفرقتين السابعة والثامنة)، يشق طريقه إلى الشمال، مخترقاً قلب شبه الجزيرة، متجهاً إلى "المثلث الحديدي"، حيث توجد به المدن الصناعية الشهيرة، ثم مدينة "شور وون"، على بعد 20 ميلاً تقريباً شمالي خط العرض، الذي كان يعد بمثابة قاعدة للمثلث الحديدي، بينما امتدت القاعدة الغربية للمثلث إلى كوم ـ هوا.

في 23 سبتمبر، أصدر الفريق ووكر أوامره بتنصيب اللواء جون كولتر John B. Coulter قائداً للفيلق التاسع عمليات، وأمره بتحويل اتجاه هجوم الفرقة 25 من الجنوب الغربي، إلى الغرب والشمال الغربي؛ بهدف ضمان حسن التنسيق مع الفرقة الثانية إلى الشمال. وأخبره أن بمقدوره تحريك الخطوط الأمامية للفرقة 25 مع الفيلق التاسع، وتغيير ما يلزم. وشمل التغيير ضرورة نقل الفيلق 27، من الجناح الجنوبي للفرقة 25، إلى جناحها الشمالي. وشكل اللواء ويليام كين Welliam B. Kean قوة واجب خاصة، بقيادة النقيب تشارلز ترومان Charles J. Troman، قائد السرية 25 استطلاع، التي تحركت عبر خطوط الفوج 17 مشاة، على الطريق الساحلي الجنوبي إلى بايدون ـ ني Paedun - ni، في مساء 23 سبتمبر. ثم تحرك الفوج 27 مشاة، من ذلك الموقع، إلى الجناح الشمالي للفرقة 25 في شونجام ـ ني Chungam-ni.

كان على الفوج 27 مشاة إنشاء رأس جسر عبر نهر نام، والهجوم عبر أويرونج Uiryong  إلى شينجو (أُنظر خريطة مطاردة القوات الكورية الشمالية).

وفي 24 سبتمبر، شنت قوة واجب ترومان هجومها، بطول الطريق الساحلي، نحو شينجو. وفي شمال ساشون تمكنت من تشتيت شمل 200 رجلاً من الكتيبة الثالثة، من الفوج 104 الكوري الشمالي. وفي المساء، استولت على المرتفعات على الطريق، على مسافة ثلاثة أميال جنوب شينجو. ثم تحركت، في الصباح التالي، إلى جسر نهر هان، وعبرته إلى شينجو. وتعرضت إحدى الدبابات للغم فانفجرت، وسقط النقيب تشارلز ترومان جريحاً.

أما على الجناح الأيسر الغربي، فلم يبدأ هجوم الجيش الثامن الأمريكي إلا في يوم 7 أكتوبر. وكان الفريق ووكر يأمل في اصطياد أكبر عدد من جنود جيش كوريا الشمالية، الذين تشردوا، وهاموا على وجوههم، بعد تحطم جيوشهم، فأصدر أوامره بالمطاردة، قائلاً: "لقد اكتسحنا الجماعة، والآن نتجه لضرب الأفراد، وكما يعرف أي صائد لطائر السمان، فإنك عندما تطارد الطيور الفرادى، تحصل دائماً على أحسنها وأكثرها". وقد شعر الجنرال بايك سان بوب، قائد الفرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية، وهي أحد التشكيلات التي يتألف منها الفيلق الأول الأمريكي، بالفرحة الشديدة، عندما تلقت فرقته مدداً من دبابات أمريكية جديدة. وعندما سئل عن تكتيكاته بالنسبة للزحف شمالاً إلى بيونج يانج عاصمة كوريا الشمالية، أجاب: "لا توقف!".

وقد بدا أن مخاوف الجيش الثامن من احتمال تدخل الصين الشيوعية قد تلاشت، أو خفَّت، في 7 أكتوبر، وهو اليوم الذي استولت فيه الفرقة السابعة على مدينة كايسونج، وشقت فيه الفرقة الأولى الفرسان الأمريكية طريقها للشمال، على طول امتداد طريق "سيول ـ بيونج يانج"، وعلى يمينها الفرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية، التي كان يقودها الجنرال بايك.

وكانت التقارير اليومية لاستخبارات قيادة الشرق الأقصى لا تزل تستبعد احتمال اشتراك الصين الشيوعية في الحرب. وقد جاء، في أحد هذه التقارير، بتاريخ 14 أكتوبر، ما يأتي: "إن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها قادة الصين الشيوعية بالتهديد بدخول كوريا الشمالية، إذا اجتازت القوات الأمريكية خط العرض 38، إنما هي نوع من الدعاية والتهديد". ولذلك فقد اشتدت ضربات الأمريكيين والإنجليز والأستراليين والكوريين الجنوبيين من الجيش الثامن بالفيلق الأول، واستمر تقدمهم، بكل ثقة وعزم، شمالاً، في اتجاه عاصمة كوريا الشمالية. وقد كسبت هذه القوات، في تقدمها، بعض الأرض في بادئ الأمر، ثم اشتدت مقاومة الكوريين الشماليين بعد ذلك، وما لبث أن هدأت سرعة تقدم الفيلق الأول الأمريكي. وفي أواسط شهر أكتوبر، كان قد وصلت إلى مسافة 20 ميلاً فقط، داخل حدود كوريا الشمالية، وكانت بيونج يانج ما تزال صامدة. وإضافة إلى شدة مقاومة الكوريين الشماليين، تدهور موقف الإمدادات بسبب التأخير الذي ترتب على قرار ماك آرثر باستخدام الفيلق "العاشر"؛ من أجل القيام بعملية برمائية أخرى.

وإذا كان لدى ماك آرثر سبب للشكوى من القيود، التي فرضتها عليه، في كوريا، هيئة الأركان المشتركة، فإن والتون ووكر كان لديه ما يقوله، عن دفاعاته، بالنسبة للتحفظات، التي ألقاها ماك آرثر على كاهله، وأهمها تصميم قائد قوات الأمم المتحدة على استمرار وجود قيادتين منفصلتين للجيش الثامن والفيلق "العاشر". ومع كل ذلك، فقد كلف الفريق ووكر بمسؤولية قيادة جميع قوات الأمم المتحدة، بما في ذلك جيش كوريا الجنوبية، ولم يكن له سلطات على اللواء إدوارد ألموند، قائد الفيلق "العاشر".

وكان "ألموند"، كأي ضابط خدم مع ماك آرثر منذ عهد طويل، قد اتخذ لنفسه مظهر الغطرسة المبالغ فيها. وقد أدرك ووكر هذه الظاهرة مبكراً، أثناء عمليات المطرقة والسندان، التي جرت من بوزان إلى سيول، عندما طلب من الفيلق العاشر سد ثغرة التقهقر، في الجبال الوسطى، عبر "وونجو شونشون"، بقوة لا تقل عن فوج. إلاَّ أن ألموند رد عليه بعنف بأن الفيلق العاشر لا يستطيع أن يوسع مجال عمله إلى مثل هذا العمق. وكان ضباط هيئة أركان الفريق ووكر يريدون أن يصبح الفيلق "العاشر" جزءاً أساسياً من الجيش الثامن، بعد إعادة الاستيلاء على سيول، وأن تعمل جميع قوات الأمم المتحدة، تحت قيادة واحدة.

وقد أرسل ووكر رسالة إلى ماك آرثر، في 26 سبتمبر، يطلب منه إخباره بتحركات الفيلق العاشر، وخططه المستقبلية، لكي يحدد، على ضوئها، الصورة الأفضل لتوحد القوتين. وقد رد ماك آرثر، في اليوم التالي، يخبره أن الفيلق العاشر سوف يبقى في الاحتياط، في مركز القيادة العامة GHQ، في منطقة إنشون ـ سيول، جاهزاً لتنفيذ العمليات التي تكلفه بها القيادة، "والتي سوف تحيطه بها علماً، قبل تنفيذها، بوقت كاف".

وفي 26 سبتمبر، أرسل الفريق هيكي رسالة، إلى الفريق رايت Wright، يخبره بضرورة موافاة ماك آرثر" بمخطط لعمليات مطورة في كوريا الشمالية، يمكن للفيلق العاشر أن ينفذها في إبرار برمائي في وونسان. وبعد ساعات قلائل، أرسل الفريق رايت بالمخطط المطلوب، الذي اقترح أن يكون التقدم إلى كوريا الشمالية، مكوناً من الجهد الأساسي للجيش الثامن، إلى الغرب، مع إبرار برمائي في وونسان، أو أي مكان آخر. وكان هذا المخطط هو البداية العملية لقرار قيادة الشرق الأقصى، الذي أدى إلى إنشاء قيادتين ميدانيتين منفصلتين في كوريا، في المرحلة التالية من الحرب.

تركزت خطة ماك آرثر على جعل اليابان قاعدة أساسية للعمليات، واعتقد ماك آرثر أن قوتين منفصلتين يمكنهما العمل متعاونين، بالتنسيق فيما بينهما، دون أن تقلل إحداهما من فاعلية الأخرى. ومن ثم يتحركان من سيول، بهدف حصار العاصمة بيونج يانج. ومن ثم، أرسل إلى ووكر يخبره بأنه قد تقرر أن تنسحب بسرعة كل من الفرقة السابعة المشاة والفرقة الأولى من مشاة البحرية، بقيادة اللواء ألموند، من سيول، لكي تدورا حول شبه الجزيرة، وتنزلا على الشاطئ الشرقي لكوريا الشمالية عند ميناء وونسان. ثم يتولى الفيلق العاشر، بعد ذلك، الهجوم غرباً صوب بيونج يانج، على طول امتداد الطريق الأفقي (العرضي)، الممتد بين وونسان ـ بيونج يانج، بينما يتولى الجيش الثامن، بقيادة الفريق ووكر الهجوم على بيونج يانج من الجنوب.

ولم يرحب أركان الحرب، في مركز قيادة ووكر في الجيش الثامن، بهذه الخطة، وإن لم يرفع ووكر اعتراضهم إلى ماك آرثر. وكان اعتراضهم لأسباب:

أولها: إن نقل الفيلق العاشر من إنشون، مع تحرك الجيش الثامن إلى نقطة بعد خط العرض 38، سيؤخر عملية مطاردة الفلول المنهزمة من جيش كوريا الشمالية، تلك المطاردة التي تأخرت، بسبب قرار عدم الاحتفاظ بالفيلق العاشر بعيداً عن مؤخرة جيش كوريا الشمالية. وقال ضباط قيادة ووكر إنه، بدلاً من القيام بعملية برمائية، فإنه يمكن للفيلق العاشر أن يواصل تقدمه إلى وونسان.

ثانياً: إن سرعة تقدم قوات كوريا الجنوبية، على الساحل الشرقي، أظهرت بوضوح أن سقوط وونسان في أيديهم يمكن أن يتحقق، قبل إنزال الفيلق العاشر من البحر عندها. ومن وجهة نظر ماك آرثر، فقد نوقش موضوع طبيعة الأرض، وكونها غير ملائمة لاستمرار الزحف عليها، وأن ذلك سيؤدي إلى فقد معدات كثيرة، أما اللواء "ديفيد بار David G. Barr" قائد الفرقة السابعة المشاة، واللواء أوليفر سميث قائد فرقة مشاة البحرية الأولى، فلم يرحبا بعملية وونسان البرمائية.

كذلك فإن الأدميرال "تشارلز ترنر جوي Charles Turner Joy"، قائد القوة البحرية، وأركان حربه، عارضوا هذه الخطة، خاصة في الجزء المتعلق بالإنزال البرمائي في وونسان، باعتباره لا أهمية له، ورأوا أن من الأفضل أن يواصل الفيلق العاشر زحفه، من سيول إلى وونسان.

وفي 10 أكتوبر، ثبت صحة ما توقعه قائد الجيش الثامن ورجاله، من أن وونسان سوف تسقط في يد الفيلق الأول من قوات كوريا الجنوبية، قبل أن يتمكن الفيلق العاشر من النزول هناك. كما ثبت صحة ما ذهبوا إليه من أن بيونج يانج سوف يهاجمها الجيش الثامن، ويسقطها، قبل أن يتمكن الفيلق العاشر من التحرك غرباً، من وونسان. وقد اعترف ماك آرثر بهذه الحقيقة، في 17 أكتوبر، عندما نشر أمراً عملياتياً من قيادة الأمم المتحدة، لتحديد خط الحدود بين الجيش الثامن والفيلق العاشر، يبدأ عند خط العرض 39 ْ، يتبعه سلسلة جبال تاي بايك، الممتدة خلال الجزء الشرقي من كوريا إلى نهر يالو.

كانت المعلومات المتوافرة، لدى قيادة البحرية، تؤكد أن ميناء وونسان مليئة بالألغام. وكانت عمليات زرع الألغام لصالح جيش كوريا الشمالية، بشكل واضح، لأسباب منها:

1. إن الإجراءات الاقتصادية، التي نفذتها القوات البحرية الأمريكية، بعد الحرب، كانت على حساب عدم التوسع في بناء كاسحات الألغام.

2. كانت المياه الشرقية لكوريا ملائمة لاستخدام الألغام.

3. إن روسيا تولت إمداد كوريا بالألغام، وخبراء استخدامها، في كوريا الشمالية، وكانوا من أبرز الخبراء في التاريخ بالنسبة لحرب الألغام. ولقد كان سر هذا الاعتبار الأخير هو أن روسيا لم تكن دولة بحرية كبرى. وإنما كانت دولة برية مترامية الأطراف، فاهتمت اهتماماً بالغاً بصناعة الألغام، وكانت تستخدم الألغام بكفاءة متميزة، منذ حرب القرم، في تلك الأيام التي كانت تستخدم فيها القنابل البحرية، سواء المثبتة تحت الماء، أو تلك التي تتحرك مع حركة التيارات البحرية، التي كانت تعرف باسم "الطوربيدات". وكان معظم الألغام في كوريا الشمالية قد زرع في الأنهار، التي تصب في بحر اليابان، أو في البحر الأصفر، بينما ألقيت بعضها، أو ربطها أخصائيون، تستروا في أردية صيادي الأسماك، أو ملاحي الزوارق الشراعية. وقد جرفت التيارات البحرية معظم هذه الألغام، التي ألقيت في مجاري الأنهار، ووصلت إلى مينائي "وونسان" و"هانج نام"، وكانت المياه الضحلة والطين يزيدان من تأثير مفعول الألغام.

ولهذه الأسباب، اعترضت البحرية الأمريكية على عملية وونسان، إضافة إلى عدم توفر كاسحات الألغام. ولكن ماك آرثر تشبث برأيه، وأرسل الفرقة السابعة جنوباً، بالسكة الحديد، إلى بوزان، وأعيد تشكيل قوة الواجب المشتركة، بقيادة الأدميرال سترابل، وهو أحد قدامى المتخصصين في كسح الألغام، في شكل قوة بحرية قوامها 250 سفينة، لنقل الفرقة الأولى من مشاة البحرية؛ لتتولى عملية الاقتحام البرمائية الثانية، خلال خمسة أسابيع. وقد أوصى الأدميرال دويل، قائد الهجوم، بأن تكون ساعة الصفر لبدء عملية وونسان يوم 20 أكتوبر، على أن تنزل الفرقة السابعة بعد ذلك، بأيام قليلة. وقد وافق كل من الأدميرال سترابل، وجوي على هذه التوصية، ورفعاها إلى ماك آرثر، الذي أقرها.

في الثاني من أكتوبر، صدر أمر العمليات الرقم 2، من قيادة الأمم المتحدة، إلى الفريق الأول ماك آرثر، وبناء عليه، نشر الجيش الثامن، في اليوم التالي، أمر العمليات بتنفيذ الجزء الخاص به في خطة الهجوم على كوريا الشمالية. وشمل الأمر دعوة الفيلق الأول من قوات الأمم المتحدة إلى الاستيلاء على خط غرب نهر إيمجين بما لا يقل عن فرقة، وتمركز الفيلق في منطقة تجمع هناك، بالسرعة التي ينجح الفيلق التاسع في تهيئة تلك المنطقة. وهكذا كان على الفيلق الأول فرسان أن يبذل الجهد الأساسي مع الفرقة الأولى، في قيادة الهجوم. كما كان على الفرقة 24، ومعها الفرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية مهمة حماية أجنحة الفيلق وتشكيل احتياطي. كذلك كان على الفيلق التاسع مهمة حماية خط الاتصالات سيول ـ سوون ـ تايجون ـ تايجو ـ بوزان. ومهمة تدمير فلول قوات كوريا الشمالية، بالتعاون مع الشرطة الكورية الجنوبية. وصدر التوجيه لجيش كوريا الجنوبية:

أ. بتحريك فيلقه الثاني، المكون من الفرق السادسة والسابعة والثامنة، إلى المنطقة بين شونشون وأويجونجبو، في وسط كوريا.

ب. تحريك فيلقه الأول، المكون من فرقة القيادة والفرقة الثالثة، إلى المنطقة بين يونجبو وشومونجين Chumunhin إلى الشمال.

ج. وتشكيل فرقة جديدة، بالرقم 11، وتحريكها في الخامس من أكتوبر؛ لمعاونة الفيلق التاسع في المناطق الخلفية من كوريا الجنوبية.

بناء على هذه التعليمات، تقدمت الفرقة الأولى فرسان، في الخامس من أكتوبر، شمال سيول؛ بهدف تأمين منطقة تجمع الفيلق الأول الأمريكي، بالقرب من خط العرض 38. وبقيادة السرية الأولى، تحرك الفوج الخامس فرسان، في المساء، فعبر الجانب الشمالي من نهر إيمجين، في مونسان ـ ني Munsan - ni.

في ظهر السابع من أكتوبر، دخلت السرية 16 استطلاع أمريكية مدينة كايسونج، كما وصلت عناصر الكتيبة الأولى من الفوج الثامن. وفي مساء الثامن من أكتوبر، نجح الفوجان السابع والثامن فرسان، من الفرقة الأولى فرسان، في تأمين منطقة تجمع الفيلق الأول، في ضواحي كايسونج. وخلف الفرقة الأولى، تمركزت الفرقة 24 في منطقة سيول.

كذلك تمركزت، بالقرب من سيول، الكتيبة الثالثة، وهي الفوج الملكي الأسترالي، بقيادة المقدم تشارلز جرين Charles H. Green، ذي الثلاثين ربيعاً، وهو ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه الكتيبة قد وصلت إلى بوزان، في 28 سبتمبر، والتحقت باللواء 27 البريطاني في كومشون Kumch'on، في الثالث من أكتوبر، وهو اللواء الذي أصبح يسمى لواء الكومنولث البريطاني 27. وقد تحرك هذا اللواء، في الخامس من أكتوبر، بالطائرات، إلى مطار كيمبو؛ ليشكل جزءاً من الفيلق الأول، في تمركزه، بالقرب من خط العرض 38.

اعتباراً من سعت 1200، من يوم السابع من أكتوبر، تولى الجيش الثامن السيطرة على منطقة إنشون ـ سيول، بدلاً من الفيلق العاشر. وقد دخلت طلائع الجيش الثامن وجيش كوريا الجنوبية معاً سيول، في 12 أكتوبر.

كانت قوات كوريا الجنوبية قد عبرت خط 38، كما ذُكر؛ إذ دخلت الفرقة الثالثة، تليها فرقة القيادة، ثم رجال الفيلق الثاني، ثم في السادس من أكتوبر، عبرت الفرقة السادسة الخط 38، من ناحية تشونشون، وتقدمت إلى هواتشون Hwach'on. وتمكنت من دحر كتيبتين، تابعتين للفرقة التاسعة من قوات كوريا الشمالية.

ثم في السابع من أكتوبر، عبرت الفرقة الثامنة، تليها الفرقة السابعة، في التاسع من أكتوبر. ووصلت القوات إلى المثلث الحديدي Iron triangle في العاشر من أكتوبر، وهزمت قوة كبيرة من كوريا الشمالية، وأجبرتها على الانسحاب، ثم دخلت مدينة شورون Ch'orwon. يعد المثلث الحديدي منطقة مهمة، على شكل مثلث في الجبال الشرقية في كوريا الشمالية، يبعد نحو 30 ميلاً من خط العرض 38، و50 ميلاً جوياً شمال شرق سيول. وقواعده الثلاث تقع في مدن: شورون غرباً، وكوم هوا شرقاً، وبيونج يانج شمالاً. وهو مركز خطوط السكك الحديدية وطرق المواصلات، يربط المناطق الساحلية الشرقية والغربية بعضها البعض، ومن ثم يربطها بشبكة الاتصالات إلى الجنوب عبر وسط كوريا).

في 11 أكتوبر، وصلت الفرقة الثامنة من قوات كوريا الجنوبية، والفوج السابع من الفرقة السادسة إلى مشارف بيونج يانج. ثم في 13 أكتوبر، وصلت الفرقة السابعة. وهكذا عبرت قوات كوريا الجنوبية، باستثناء الفرقة الأولى الملحقة بالفيلق الأول الأمريكي، خط العرض 38، قبل أي قوات أمريكية. وتمكنت من دخول ميناء وونسان، في مساء 11 أكتوبر.

ثانياً: الاستيلاء على ميناء وونسان

في الأول من أكتوبر، جاءت تعليمات، من قيادة قوات الشرق الأقصى، تتعلق بعملية الإبرار في ونسان. وتلقى الأدميرال سترابل، قائد قوة الواجب المشتركة السابعة JTF7، التكليف بالمهام التالية:

1. تأمين الحصار البحري للشاطئ الشرقي من كوريا، جنوب شونجين.

2. تحميل الفيلق العاشر، ونقله، إلى منطقة وونسان، وتأمين التغطية والإمداد له.

3. تنفيذ العمليات البحرية المطلوبة في اليوم السابق على بدء الهجوم Pre-D-day.

4. احتلال رأس الساحل في منطقة وونسان، في يوم الهجوم D-day، والدفاع عنه.

5. تقديم الدعم النيراني البحري، والجوي، والإسناد اللوجستي، إلى الفيلق العاشر في منطقة وونسان.

وقد اعتمد اختيار ماك آرثر لمنطقة وونسان على عدة عوامل:

1. موقعها في الجانب الجنوبي الغربي من خليج ضخم يفصلها عن بحر اليابان.

2. كونها ميناء رئيسي في الطرف الشرقي من أفضل الطرق، عبر كوريا الشمالية.

3. كونها مركز طرق اتصالات وسكك حديدية.

في الثاني من أكتوبر، أصدر الأدميرال سترابل خطة العملية، وتم تنسيق عمل الـ JFT7 كالتالي:

1. القوة 90: قوة هجوم، بقيادة الأدميرال جيمس دويل

2. القوة 95: قوة تقدم، بقيادة الأدميرال آلان سميث Allan E. Smith.

3. القوة 95.2: مجموعة تغطية وإمداد، بقيادة الأدميرال تشارلز هارتمان Charles C. Hartman.

4. القوة 95.6: مجموعة كسح ألغام، بقيادة النقيب ريتشارد سبوفورد Charles T. Spofford.

5. القوة 92: الفيلق العاشر، بقيادة اللواء إدوارد إدموند.

6. القوة 96.2: مجموعة دورية واستطلاع، بقيادة الأدميرال جورج هندرسون George R. Henderson.

7. القوة 96.8: مجموعة حاملة حراسة، بقيادة الأدميرال ريتشارد روبل Richard W. Ruble.

8. القوة 77: قوة حاملة سريعة، بقيادة الأدميرال إدوارد إوين Edward C. Ewen.

9. القوة 70.1: مجموعة حاملة العلم (السفينة الأمريكية ميسوري USS Missouri)، بقيادة النقيب إرفنج دوك Irving T. Duke.

10. القوة 79:إسناد لوجستي، بقيادة النقيب برنارد أوستن Bernard S. Austin.

في 10 أكتوبر، أمر ماك آرثر بوضع خطة العمليات الرقم 2 موضع التنفيذ، وإلغاء جميع الخطط الأخرى. ومن ثم في 10 أكتوبر بدأت قوة النقيب ريتشارد سبوفورد تطهير ممر، في حقول الألغام، بميناء وونسان، تحميها طائرة عمودية تتولى عملية الاستطلاع. وقد استطاعت هذه الطائرة تمييز صفوف الألغام، ووصفتها بأنها كثيفة للغاية.

في 12 أكتوبر، صدرت الأوامر إلى 39 طائرة بالتحرك، من حاملتي الطائرات ليتي Leyte وبحر الفليبين Philippine Sea، والتوجه إلى المكان، وإلقاء 50 طناً من القنابل، زنة ألف رطل، في حقول الألغام؛ بغية تفجيرها، ولكن من دون جدوى.

تولت السفن الحربية "ميسوري، وهيلينا، ورشستر، وسيلان" قصف الساحل الشرقي، والخطوط الحديدية والجسور وبطاريات المدافع الساحلية والأنفاق. وفي أثناء ذلك، تولت 19 سفينة كاسحة ألغام (عشر أمريكية، وثماني يابانية، وواحدة كورية جنوبية)، تطهير ميناء ونسان، بدءاً من 10 أكتوبر. وفقدت في ذلك سفينتين أمريكيتين، من أحسن ما كان لديها، وهما "الرهينة Pledge" والقرصان Pirate"، اللتين نسفتا بسبب اصطدامهما بالألغام. وقتل بهما 13 شخصاً، وجرح 99 آخرون. وأصيبت ثلاث سفن أمريكية أخرى، هي برش Brush، ومانسفيلد Mansfield وماجبيي Magpie إصابات بالغة. وعندئذ صمم النقيب سبوفورد على محاولة تفجير حقول الألغام، بإلقاء قذائف الأعماق فيها، إذ إن عملية إلقاء القنابل بالطائرات البحرية لم تحقق النتائج المطلوبة، على الرغم من دقة إسقاطها. وفي 18 أكتوبر، غرقت كاسحة الألغام اليابانية رقم 14، كما نُسفت كاسحة الألغام الكورية الجنوبية رقم 516؛ نتيجة لانفجار مروع وقع لها، في أحد الممرات المائية، التي كان قد تم تطهيرها من الألغام، وقد أوضح ذلك أن الألغام الموجودة من النوع الممغنط المجهزة تجهيزاً ميكانيكياً خاصاً، يسمح لها بتأخير تفجيرها، إلى انتهاء عبور اثني عشرة سفينة فوقها، ومعنى ذلك أن تمر كاسحات الألغام، ثلاث عشرة مرة، فوق أي منطقة، قبل أن تقرر أن تلك المنطقة آمنة.

استغرقت عملية تطهير ميناء وونسان نحو أسبوعين. وفي خلال الأيام الستة الأخيرة، أخذت السفن الناقلة لقوات الغزو، تروح وتجيء شمالاً وجنوباً، أمام الساحل الشرقي لكوريا، كل 12 ساعة، مما جعل مشاة البحرية يشعرون بالسخط الشديد. ولم يكن مشاة البحرية سعداء بعلمهم أن وونسان قد سقطت في أيدي الكوريين الجنوبيين، في 13 أكتوبر، وزاد من سخطهم ما حدث، في 24 أكتوبر، عندما طار الممثل الهزلي بوب هوب والمغنية مارلين ماكسويل، إلى وونسان؛ للترفيه عن قوات الجيش الأمريكي، الملحقة بقوات كوريا الجنوبية، وقد أطلقا كثيراً من النكت، استهزاء بمشاة البحرية، الذين كانوا ما زالوا في عرض البحر. وفي 26 أكتوبر، نزل مشاة البحرية أخيراً إلى البر في ميناء وونسان. بدأت، بعد ذلك، عمليات كسح الألغام في الجزء الداخلي من ميناء وونسان، واستمرت إلى يوم 4 نوفمبر. ثم استؤنفت إلى 16 نوفمبر، في منطقة طولها 32 ميلاً، وعرضها 1600 ياردة، بين ميناء وونسان ومدينة هانج نام، حيث اصطدم أحد الزوارق البخارية الأمريكية برافعة إحدى الكاسحات، وتحطم ثم غاص في الماء، وعلى متنه أربعون رجلاً، غرق منهم ثلاثون، ونجا عشرة.

ثالثاً: عبور جيب كومشون Kumch'on

في الخامس من أكتوبر، نشر الجيش الثامن أمره العملياتي بالتحرك عبر خط العرض 38، وأذاع رسائله اللاسلكية إلى اللواء فرانك ملبورن Frank W. Milburn  قائد الفيلق الأول الأمريكي، ورئيس أركان جيش كوريا الجنوبية، أن الهجوم على بيونج يانج أصبح وشيكاً. كان الجيش الثامن يتوقع مقاومة شرسة من جانب قوات كوريا الشمالية، عند بيونج يانج. وطبقاً لتقارير استخبارات جيش كوريا الجنوبية، كان لدى الكوريين الشماليين ثلاثة خطوط دفاعية أساسية، عبر شبه الجزيرة، كل منها يتكون من متاريس مدافع Pillboxes، ومواقع رشاشات، وخنادق، وأسلاك شائكة:

1. الخط الأول: يمتد بطول خط العرض 38، وعمقه نحو 500 ياردة.

2. الخط الثاني: يمتد نحو ثلاثة أميال، خلف الخط الأول.

3. الخط الثالث: خلف الخط الثاني، ويرتكز على نقاط جبلية وعرة.

وقد تجهزت هذه الخطوط الثلاثة للتصدي لأي هجوم من جهة الجنوب. وقدرت تقارير الاستخبارات أن هناك نحو ست فرق، إجمالي أفرادها ستة آلاف، في مراكز التدريب الكورية الشمالية. تصدت الفرقتان الكوريتان الشماليتان، 19 و 27، للدفاع عن منطقة كومشون ـ نام شونجون، شمال كياسونج. (كل منهما كان لواء في الصيف، ثم ارتقى إلى مستوى الفرقة في سبتمبر). على يمين هاتين الفرقتين (في الغرب)، كان للفوج 74 التابع للفرقة 43، المشكلة في أواسط سبتمبر، مهمة الدفاع عن المنطقة الساحلية، وراء نهر ييسونج.

انتشرت الفرقة الأولى فرسان أمريكية في ثلاث مجموعات أفواج قتال، وراء خط العرض 38، في ضواحي كايسونج، كالتالي:

1. في الوسط: الفوج الثامن فرسان، بقيادة العقيد شارلز بالمر Charles D. Palmer، مهمته الهجوم، في المواجهة، على طول محور الطريق السريع من كايسونج إلى كومشون.

2. في اليمين: الفوج الخامس فرسان، بقيادة العقيد مارسيل كرومبز Marcel B. Crombez، ومهمته الالتفاف من الجهة الشرقية، ثم الاتجاه إلى الغرب، في حركة دائرية؛ لحصار القوات الشمالية الموجودة في جنوب كومشون، على بعد 15 ميلاً، شمال خط العرض 38.

3. في اليسار: الفوج السابع فرسان، بقيادة العقيد ويليام هاريس William W. Harris، ومهمته عبور نهر ييسونج، والسيطرة على الطريق المتجه شمالاً، من بايكشون Paekch'on إلى بلدة هانبوري Hanp'ori، على بعد ستة أميال شمال كومشون، عند تقاطع طريق بيونج يانج الرئيسي مع نهر ييسونج. ويتعين على هذا الفوج إنشاء منطقة حصار؛ لاصطياد القوات الكورية الشمالية، التي توقع الفريق هوبرت جاي Hobart R. Gay، أن يطاردها الفوجان الثامن والخامس فرسان، جهة الشمال.

وقد اعتمد الفريق جاي وضباط أركان الفرقة الأولى فرسان، اعتماداً أساسياً على الفوجين الثامن والخامس فرسان في إحراز النجاح، في عملية جيب كومشون.

بدأت دوريات الاستطلاع، العبور، وتلتها دوريات أخرى، في يومي السابع والثامن من أكتوبر. ثم في سعت 900 من يوم الإثنين، التاسع من أكتوبر، أصدر الفريق جاي أوامره، وتحركت الفرقة الأولى فرسان لتعبر خط العرض 38 إلى الشمال (أُنظر خريطة جيب كومشون).

في 11 أكتوبر، عبر اللواء 27 الكومنولث البريطاني، مع سرية B دبابات، من الكتيبة السادسة دبابات متوسطة، نهر إيمجين، وسار متابعاً الفوج الخامس فرسان إلى الشمال الشرقي، خارج كايسونج. ولكن سرية الميدل سكس ضلت الطريق، وعادت أدراجها. في اليوم نفسه، عبرت الفرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية في كورانجبوري، شرق الفرقة الأولى فرسان أمريكية.

في صباح 11 أكتوبر، عبرت الكتيبة الثالثة، من الفوج السابع فرسان، نهر ييسونج، وتمركزت في شماله. وهكذا، في صباح ذلك اليوم، كانت الأفواج الثلاثة، من الفرقة الأولى فرسان، قد عبرت خط 38، وسارت في طريقها، في أراضي كوريا الشمالية.

في اليوم التالي، 12 أكتوبر، دخلت الكتيبة الثانية المعركة. وتمكن الفوج الخامس من طرد الكوريين الشماليين من منطقة التلال، بعد العصر. في القتال، عند التل 174، ذهب الملازم الأول صمويل كورسين Samuel S. Coursen، من قيادة سرية C ، لمساعدة جندي جُرح، فأصابته قذيفة، فمات على الفور.

خاض الفوج الخامس معركة مع القوات الكورية الشمالية، في عصر 12 أكتوبر، عند مفترق الطرق، لدى وصول عناصر من الفرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية من الجنوب الشرقي. وهناك اتفق العقيد كرومبيز Crombez، والجنرال بايك، قائد الفرقة الأولى من قوات كوريا الجنوبية، على أن يتقدم الفوج الخامس على الطريق، إلى منحناه الغربي، على بعد خمسة أميال شمالاً، إلى الطريق إلى كومشون. وتتبعه قوات الجنرال بايك، ثم هناك تواصل هجومها شمالاً إلى سيبيون ـ ني Sibyon- ni ، لتواصل الطريق إلى بيونج يانج، تساندها دبابات السرية C، التابعة للكتيبة السادسة دبابات متوسطة.

أما الفوج السابع فرسان، فقد كان مقرراً له أن يعبر نهر ييسونج؛ ليواجه القوات الكورية الشمالية، قبل أن تتمكن من الاتجاه شمالاً عند جيب كومشون. ولكن لم تصل له المعدات الكافية لإنشاء جسور لعبور النهر، وصدرت له الأوامر، في يوم 8 أكتوبر، بضرورة البحث عن مواقع مناسبة للعبور، وتطهير المنطقة جنوب غرب كايسونج من القوات الكورية الشمالية. ولقد كشفت فصيلة الاستخبارات والاستطلاع I & R Platoon أن الجسر، الذي توجد عليه نقطة التقاء الطريق السريع والسكة الحديد، على طريق كايسونج ـ بايكشون Kaesong - Paekch'on، لا يزال قائماً، على الرغم مما أصابه من دمار، وأنه يصلح لعبور قوات المشاة، وأرسلت بتقريرها إلى العقيد هاريس، قائد الفوج، فأصدر أوامره لسرية I & R بمنع أي تخريب أكثر للجسر، وأمر الكتيبة الأولى بالعبور.

في عصر يوم 9 أكتوبر، أخذ الفوج السابع فرسان يطلق، على مدى ثلاث ساعات متواصلة، نيران مدفعيته على مواقع الكوريين الشماليين، في الضفة الغربية من النهر، ثم أمر العقيد كلاينوس Clainos فصيلة من السرية C، بعبور الجسر، تحت غطاء النيران. وتبعتها السرية B، التابعة للكتيبة الثامنة مهندسين، ثم بقية السرية C التي احتلت التل الكائن على يمين الجسر. ثم احتلت السرية B التل الكائن جنوب الجسر. ومع ذلك، لم تتمكن المدفعية من إسكات مدافع الهاون من القوات الكورية الشمالية، التي أحدثت خسائر كبيرة في سرايا الفوج السابع فرسان، إلى أن تمكن أفراد الكتيبة الأولى من العبور، مع تزايد الإصابات في الأفراد، التي وصلت إلى 78 فرداً؛ وتكبدت السرية C وحدها 7 قتلى، و36 جريحاً.

في الليل، شن الكوريون الشماليون هجوماً مضاداً ضد الكتيبة الأولى، وأصدر العقيد هاريس أوامره إلى المقدم جيلمون هوف Gilmon A. Huff، بالإسراع في العبور مع الكتيبة الثانية. بعد العبور مباشرة، تعرضت الكتيبة الثانية لهجوم مضاد كاسح من القوات الكورية الشمالية، شتت شملها في أول الأمر، وأصيب المقدم جيلمون هوف في كتفه. ولكن عاودت الكتيبة الثانية الضرب بالمدافع عيار 57 مم عديمة الارتداد، والهاونات عيار 60 مم، وتمكنت في نهاية الأمر من السيطرة على الهضبة جنوب شرق الجسر، وعلى الطريق كذلك. وعند الفجر، كان بمقدور الكتيبة الثانية مواصلة تحركاتها إلى الأمام، تحت قيادة ضابط آخر، أنابه جيلمون هوف. واستولت على منطقة بيكشون والهضبة القائمة شمالها، في عصر اليوم.

في صباح 12 أكتوبر، استولت الكتيبة الثالثة، من الفوج السابع فرسان، على جسور السكة الحديد، والطريق السريع في هانبوري Hanp'o-ri في كومشون، وملتقى الطرق هناك. ومن ثم، أغلقت طريق الهروب أمام نحو ألف من أفراد الكوريين الشماليين في كومشون. وفي المساء، لحقت الكتيبة الثانية بالثالثة في هانبوري.

في 12 أكتوبر، في منتصف الطريق إلى كومشون، توقف الفوج الثامن فرسان؛ بسبب مقاومة شرسة من قوات كورية شمالية، تصدت له بالدبابات والمدافع ذاتية الحركة، والمدافع المضادة للطائرات. ولم تنجح الضربة الجوية، التي وجهتها قوات الحلفاء، باستخدام 16 طائرة والمدافع الهاوزر عيار 155 مم، في زحزحة القوات الكورية الشمالية. وجرح المقدم روبرت كين Robert W. Kane، قائد الكتيبة الأولى الأمريكية، جرحاً بليغاً.

أما الفوج الخامس، على الطريق الأيمن، فقد واجه صعوبات جمة، عندما وصل إلى خط العرض 38، في سعت 1930، 9 أكتوبر، واحتل منطقة التلال المسيطرة على الطريق، في كلا الجانبين. كذلك توقفت الكتيبة الأولى عند المنطقة، التي تهيمن على عدة تلال هي: (179، و175، 174).

في الليل نجحت كمائن جون سميث، وفصيلته التابعة للسرية L، في اصطياد 11 شاحنة تابعة لجيش كوريا الشمالية، فدمرت أربعة منها محملة بالذخيرة، واستولت على ستة، وقتلت خمسين جندياً، وأسرت خمسين آخرين. وكان من بين الأسرى قائد فوج جريح جرحاً خطيراً، ومعه وثيقة تتضمن أن فرقتين كوريتين شماليتين، 27 و19، تنويان الانطلاق من كومشون في ليلة 14 أكتوبر، وأن جزءاً من جيش كوريا الشمالية صدرت له الأوامر بالانسحاب إلى نامشونجوم Namch'onjom، وهي منطقة حصينة تبعد 15 ميلاً شمال كومشون.

لم يكن ليتم عبور الفوج السابع فرسان لنهر ييسونج، ولا ليصل إلى منطقة هانبوري، إلاّ بعد واحدة من أنجح عمليات الإسناد اللوجستي الرائعة؛ فقد نجح قادة الفوج في الحصول على مستلزماتهم من الجازولين، وأنواع الذخيرة، والتعيينات، وغيرها من إنشون، من طريق النقل البرمائي، عبر البحر الأصفر. وقد أرسل العميد جورج ستيورات George C Stewart، قائد ميناء إنشون، 500 طناً من الإمدادات، على متن 30 مركبة سفينة إنزال LCV's، وصلت إلى موقع عبور الفوج السابع فرسان، في عصر 10 أكتوبر. وبنى أفراد المهندسين من الفيلق الأول، في يوم 12 أكتوبر، طوافاً حديدياً على موقع الجسر، ونقلوا دبابات السرية  C، من الكتيبة 70 دبابات.

في يوم 13 أكتوبر، ركزت الفرقة الأولى فرسان جهودها؛ لإغلاق جيب كومشون، بعد أن نجح الفوج السابع فرسان في إغلاق الطريق الخارج من كومشون. تركز الجهد مع الفوجين الثامن والخامس فرسان؛ لإغلاق الجيب من الجنوب والشرق. واجه الفوج الخامس حقول ألغام متواصلة في مدخل كومشون، واضطر إلى قتال نحو 300 فرد، من قوات كوريا الشمالية، على بعد ثمانية أميال من المدينة، وتغلب عليها، ليصبح على مشارف كومشون في مساء 13 أكتوبر. أما الفوج الثامن فقد لقي، في طريقه، مقاومة شرسة، اضطرته إلى الاستعانة بالقاذفات الأمريكية ب ـ 26، التي كانت تنفذ طلعة، كل نصف ساعة، على مواقع الكوريين الشماليين، الذين قاوموا، في عناد، مستخدمين الدبابات والمدفعية والهاونات والأسلحة الخفيفة، وأساليب الفر والكر على شكل هجمات مضادة. وانتهى القتال بتدمير ثمان دبابات ت ـ 34 للكوريين الشماليين.

خرج من كومشون نسق طويل من القوات الكورية الشمالية، يضم ألف جندي، وأعداداً كبيرة من الشاحنات وعربات الكارو، واتجه إلى الشمال في الطريق المؤدي إلى نامشونجوم. وتصدى الفوج السابع فرسان، تدعمه المقاتلات، فقتل نحو 500 فرداً، وأسر 201. وفر الباقون إلى التلال، شمال شرق المدينة.

في الوقت نفسه، خرجت عناصر من الفرقة 43 من القوات الكورية الشمالية، من أسفل بايكشون، واستدارت حولها، ولاذت بالفرار. واحتلت مجموعة من إحدى السرايا مواقع قديمة دفاعية، شمال الخط 38، في ليلة 13 أكتوبر. وفي اليوم التالي، نصبت كميناً لمؤخرة الكتيبة الأولى، من الفوج السابع فرسان، عبارة عن نسق يتحرك إلى الشمال من بايكشون، يضم جزءاً من السرية A بطاريات التابعة للكتيبة 77 مدفعية ميدان، والسرية B، التابعة للكتيبة الثامنة مهندسين. ونجح الكوريون الشماليون في قتل 29 أمريكياً، و8 كوريين جنوبيين، وجرحوا 30 أمريكياً و4 كوريين جنوبيين. ودمروا أربع عربات، وأصابوا 14 أخرى بإصابات بالغة. وسرعان ما أرسل العقيد ستيفنز Stephens، قائد الفوج، إلى المقدم جون ماكنويل John A. McConnel، قائد الكتيبة الثالثة، يأمره بإرسال سرية إلى الموقع، فأرسل السرية الأولى من الكتيبة 21 مشاة، التي نجحت في تشتيت شمل الكوريين الشماليين، بمدافع الهاون والرشاشات الصغيرة، وأسرت 36 منهم.

في كمين آخر، وعلى الطريق نفسه، وفي الليلة نفسها، أسرت القوات الكورية الشمالية ضابط إمداد، و11 فرداً من الكتيبة الثانية من الفوج السابع فرسان. ولكن استطاع الضابط وخمسة أفراد معه الهروب.

في منتصف ليلة 13 أكتوبر، استأنفت الكتيبة الثانية، من الفوج الخامس فرسان، هجومها على كومشون، من جهة الشرق. واستولت على الجزء الشمالي من المدينة. ثم تبعتها الكتيبة الثالثة، فاستولت على الجزء الجنوبي.

في سعت 830، 14 أكتوبر، وصل العقيد كرومبيز، ومجموعة قيادة الفوج، إلى كومشون. وأمر العقيد كرومبيز الكتيبة الثانية بالالتفاف شمالاً، نحو الفوج السابع فرسان في هانبوري، والكتيبة الثالثة بالالتفاف جنوباً، للقاء الفوج الثامن فرسان على طريق كايسون. بينما بقيت الكتيبة الأولى في الخلف؛ لتأمين المدينة.

في تقدمها إلى الشمال الغربي، لحقت الكتيبة الثانية بعناصر من الفوج السابع فرسان أمريكي، على مشارف هانبوري، عند الظهر. وبعد اشتباك مع قوة كورية شمالية، قوامها نحو 2400 رجل، نجح الفوج السابع فرسان في التغلب عليها، وإجبارها على الفرار إلى التلال. وفي الوقت نفسه، اقتربت الكتيبة الثالثة، خلال هجومها جنوب كومشون، من قوة واجب خاصة، تابعة للفوج الثامن فرسان، كانت تقاتل شمالاً، وفقدت دبابتين.

تلاقى نسقا الكتيبة الثالثة من الفوج الخامس فرسان، وقوة الواجب الخاصة من الفوج الثامن فرسان، بعد الظهر، على بعد نحو أربعة أميال جنوب كومشون. وهكذا تمكنت الفرقة الأولى فرسان من الاستيلاء على كومشون، خلال خمسة أيام، وفرت فلول القوات الكورية الشمالية إلى الشمال، والشمال الغربي.

أذاع الرئيس كيم إيل سونج بياناً، شرح فيه أسباب الهزيمة، قائلاً: لقد أصاب بعضاً من ضباطنا الاضطراب والجزع من الموقف الجديد، وألقوا أسلحتهم الشخصية، وتركوا مواقعهم؛ دون أن تصدر لهم أوامر بذلك. والآن، لا تتراجعوا خطوة واحدة أخرى إلى الوراء؛ فلم يعد لدينا مسافة نتراجع فيها".

وأصدر أوامره لفلول القوات بتشكيل مجموعة خاصة، أطلق عليها "جيش المراقبة Supervising Army"، أفراده، ممن أظهروا تفوقاً وبطولات في المعارك السابقة.

في يوم 15 أكتوبر، التقى الرئيس الأمريكي هاري ترومان الفريق الأول ماك آرثر، في ويك أيلاند Wake Island، لمناقشة المرحلة الأخيرة من العمليات في كوريا.