إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

سابعاً: الشتاء القارس وتحركات الأطراف المتصارعة

في أقصى الشرق، بدأت الفرقة الأولى من مشاة البحرية الأمريكية، في أواخر نوفمبر، تشق طريقها في جو شديد البرودة؛ فقد كانت الريح الباردة وثلوج الشتاء البيضاء تكسو أنحاء كوريا الشمالية، خاصة في مناطق السهول المرتفعة الممتدة إلى الشمال الشرقي. وكانت البرودة أشد ما تكون في سهل كوتو ـ ري، الذي كان على الفرقة الأولى من مشاة البحرية أن تأتي إليه في نوفمبر 1950، إذ تستمر درجات الحرارة هناك بين 20 و30 إلى 35 درجة تحت الصفر، أثناء الليل، وإن كانت ترتفع قليلاً فوق الصفر، أثناء النهار.

وكانت الرياح شديدة قاسية، واستمر تساقط الثلوج بشدة. وكانت الأسلحة تتجمد في مثل هذا الجو، وكذلك الطعام، بل وجسم الإنسان ودماؤه. وكان رجال الخدمات الطبية يضعون حقن المورفين في أفواههم، لتدفئتها؛ ولكي يحافظوا على عدم تجمدها قبل أن يستخدموها لجرحاهم. وكان الجائعون من الرجال، الذين دفعهم الجوع إلى استهلاك طعامهم، الذي تجمد في حقائبهم، قد شعروا بالكرب بسبب ما انتابهم من التهابات في المعدة والأمعاء، وأصابهم إمساك حاد، كما تجمدت حبات العرق، التي تراكمت حول أقدامهم، ما ترتب عليه تجمد أقدامهم في الثلج. وفي مثل هذا البرد، تتعطل المعدات الميكانيكية، مما يوجب تشغيل موتورات الدبابات والسيارات، بين الحين والآخر، وإلا تجمد الوقود في الخزانات. كما أن الأسلحة تتعطل عن العمل؛ بسبب ضعف قوة الغازات المتولدة من إطلاق القذائف، ما يترتب عليه ضعف تحريك الأجزاء الآلية لهذه الأسلحة. كما أن القذائف لا تصل إلى مراميها وأهدافها، بل تسقط في أماكن إطلاقها، كما أن أدوات حفر الخنادق لم تكن ذات فائدة؛ بسبب شدة صلابة الأرض المتجمدة. وقد جرت عدة معارك وراء المتاريس والتحصينات، التي أقيمت من الجثث المتجمدة، وذلك لتعذر دفن هذه الجثث؛ إذ إن عملية الدفن، في مثل تلك الظروف، كانت تحتاج إلى مهارة خاصة من سلاح المهندسين. ولم يكن من السهل الحصول على الطعام أو إعداد أي مأوى أو ملجأ؛ إذ كانت الأرض قاحلة جرداء. وقد هجرها الكوريون، ولم يبق بها سوى القليل من البؤساء، الذين ظلوا قابعين في أكواخهم الطينية، بينما كانت رياح منشوريا الباردة تعصف بشدة، وتزأر بين قمم الجبال، وقد أحالت الأنهار إلى جليد، وملأت الوديان والأخاديد بالثلج، كما اكتست الصخور بالجليد.

وفي هذا الشتاء، تقدم رجال الفرقة الأولى من مشاة البحرية إلى الشمال نحو خزان شوزين، حيث تجمد الماء في صفحة زرقاء ناصعة، بينما تقدم إليه الجيش الصيني التاسع الميداني من منشوريا، حيث أعد كميناً للإيقاع بالقوة الأمريكية. وكانت هذه القوة (الصينية) بقيادة الجنرال سانج شين ـ لون، وهو في الأربعين من عمره، وكان مقاتلاً ماهراً، مارس القتال لعشرين عاماً تقريباً، وكان ذا خبرة كافية بقيادة الرجال، منذ أن تخرج من الأكاديمية الحربية، في هوامبوا، وهو في السابعة عشرة من عمره، ثم تولى قيادة فوج في عملية "الزحف الطويل"، وهو في السادسة والعشرين. وكان تحرك قواته المكونة من اثنتي عشرة فرقة، في سرعة فائقة، من منشوريا إلى منطقة خزان شوزين، يعد عملاً ضمن العمليات المتميزة في تاريخ الحرب الحديثة.

كان هدف سانج هو إبادة فرقة مشاة البحرية، وتدمير الفيلق الأمريكي العاشر. وكان هجومه بالطبع على الجناح الشرقي، ضمن عمليتين هجوميتين أمر بهما الجنرال بنج ـ تيه ـ هواي في موكدين. وكان على الجنرال سانج أن يتحرك إلى الجنوب، على الجانب الشرقي من الثغر، ويشطر قوات الأمم المتحدة، ثم يدور شرقاً، صوب بحر اليابان؛ للإحاطة بحوالي 105 آلاف من الأمريكيين، وقوات كوريا الجنوبية من الفيلق العاشر، وإحكام حصارهم واصطيادهم. وكانت القوات الأمريكية مكونة من الفوج 17 من الفرقة السابعة الأمريكية، التي كانت قد بدأت، بالفعل، في الانسحاب إلى الجنوب الشرقي من هايسانجين إلى إيوون، أعلى الساحل، وقد تحركت فرقة الكابيتول من قوات كوريا الجنوبية، واستدارت إلى شونج ـ جين، على بعد 60 ميلاً جنوب حدود سيبيريا، واستمر سيرها جنوباً على الطريق الساحلي إلى هانج نام؛ طلباً للأمان. وكانت الفرقة الثالثة من قوات كوريا الجنوبية تتراجع بدورها إلى الجنوب في اتجاه هانج نام، بينما كانت الفرقة الثالثة المشاة الأمريكية التي وصلت إلى الجنوب، في اتجاه هانج نام، قد تولت أعباء حماية منطقة الميناء، بينما كانت الفرقة الأولى من مشاة البحرية، ومعها بعض العناصر المختلفة من الفرقة السابعة، قد أخذت طريقها إلى منطقة خزان شوزين، إلى مسافة تراوح بين 53 و78 ميلاً، شمال غرب هانج نام. ولكي يوقع سانج كل هذه القوات في شبكته، كان عليه أن يبيد أولاً الفرقة الأولى من مشاة البحرية، ومعها القوة الخاصة المكونة من 2500 رجل من الفرقة السابعة، ثم تسرع قواته بعد ذلك جنوباً في طريق هانج نام، من دون أي توقف؛ لكي تمنع اتصال الفرقة الثالثة المشاة الأمريكية بالجيش الثامن في الغرب، بينما يوصد طريق الهروب إلى هانج نام، أمام الفيلق العاشر.

تولت الفرقة الثالثة مشاة أمريكية، مع فوج الفيلق الأول الكوري حماية منشآت ميناء وونسان، ومطاراته، وطرق الإمداد في منطقة وونسان ـ هانج نام. وكان الواجب الأول لقائد هذه الفرقة، الفريق روبرت سول Robert H. Soule، هو إغلاق ثلاثة طرق رئيسية تصل المنطقة الساحلية، من جبال تاي بايك إلى الغرب، حيث تمركز رجال العصابات الكوريون الشماليون، الذين قدر عددهم بـ 25 ألفاً. انتشرت إحدى كتائب الفرقة 15 أمريكية مشاة مسافة ثلاثين ميلاً، من وونسان؛ فأغلقت طريق بيونج يانج ـ وونسان. (أُنظر خريطة نطاق الفيلق العاشر).

وعلى بعد نحو ثلاثين ميلاً إلى الشمال، أغلق جنود الفرقة 65 مشاة أمريكية طريقاً، من توكشون إلى المنطقة الساحلية، في منتصف الطريق بين وونسان وهانج نام. وعلى بعد ثلاثين ميلاً أخرى إلى الشمال، تمركزت إحدى كتائب الفرقة السابعة مشاة أمريكية في ساش آنج ني Sach'ang -ni، فقطعت الطريق الموصل إلى مفترق هامهونج ـ هانج نام Hamhung - Hungnam.

وفي 26 و27 نوفمبر، تمكن الفريق سميث من تجميع معظم قواته (التي كان يبلغ عددها 25 ألف رجل)، وأن يحشدها في ثلاث نقاط:

في كوتو ـ ري، على بعد 25 ميلاً شمالاً من هانج نام، حيث كان بوللر يقود 2500 من مشاة البحرية و1500 من قوات كوريا الجنوبية، و250 من الكوماندوز من قوة مشاة البحرية الملكية البريطانية.

في هاجارو ـ ري Hagaru-ri، على بعد 11 ميلاً إلى الشمال، حيث أقيم مهبط الطائرات، وحيث أقام سميث مركز رئاسته. وبلغت جملة القوة في هذه المنطقة ثلاثة آلاف رجل.

وفي يودام ـ ني Yudam-ni، على بعد 14 ميلاً للشمال، حيث كان الفوجان الخامس والسابع من مشاة البحرية قد أُعدا؛ لشن الهجوم شمال غرب نهر يالو.

وكانت يودام ـ ني مدينة صغيرة في الغرب على يسار خزان شوزين. وفي اليمين، أي في الشرق من الخزان الذي أقامه اليابانيون؛ وكان من أكبر خزانات العالم، كانت توجد قريبة سين هانج ني، وقد تمركز بها 2500 رجل من الفرقة السابعة.

ولكي ينفذ الجنرال سانج هدفه في تدمير القوات الأمريكية، وضع تكتيكه بترك الفرصة للفوجين الخامس والسابع من مشاة البحرية في بودام ـ ني للتحرك غرباً، على امتداد الطريق إلى الحدود، وعندئذ يوجه ضربته للفرقة السابعة في شرق خزان شانج جين. ثم يوجه بعدها ضربة قاضية لمشاة البحرية الأمريكية في هاجارو ـ ري، وكذلك للقوة الموجودة في كوتو ـ ري، على أن يبقى الطريق إلى هانج نام مفتوحاً. ولكي يشعل حماسة قواته ضد مشاة البحرية، وزع عليهم كتاب الكابتن ديودزها شفيلي من رجال الأسطول الروسي، وعنوانه "الطريق الدامي"، ومما جاء فيه ما يأتي:

"في صيف عام 1950، عمد الأمريكيون الاستعماريون ـ وهم حديثو عهد بالظهور في المجال الدولي ـ إلى إثارة النزاع الدامي في كوريا، وقد طلب ماك آرثر، وما هو إلاَّ كلب الحراسة لعصابة الرأسماليين في وول ستريت، أن يكون الجنود الأمريكيين، الذين يُعرفون باسم مشاة البحرية تحت أمره. وقد عزم هذا السفاح المحترف، مجرم الحرب، على أن يقذف بهم إلى أتون المعركة، بأسرع ما يمكن؛ بغرض أن يوقع بنا ضربة كبرى قاضية للشعب الكوري كما توهم. ولكي ينفذ هذه الخطة قدر ماك آرثر أن رجال مشاة البحرية كانوا قد تدربوا، بدرجة أعلى من سواهم، من باقي القوات الأمريكية على ممارسة الأعمال الوحشية والبربرية، وليشنوا حرب إبادة ضد شعب كوريا البطل المحب للحرية والسلام.

ولهذا وجه السفاح ماك آرثر كلماته إلى أولئك الجنود، قائلاً لهم: "إن هناك مدينة غنية تنتظركم، يكثر فيها الخمر والطعام الشهي. إنها سيول، استولوا عليها، تكن لكم كل بناتها ونسائها، كما كانت كل ممتلكات السكان ملكاً للفاتحين، وسيمكنكم بذلك إرسال طرود الهدايا منها إلى الوطن. "وقد أظهرت الحوادث في كوريا أن رجال مشاة البحرية أقوياء وحشيون، استجابوا بآذان واعية إلى ما أمرهم به سفاحهم الجشع، فأراقوا الدماء، ورووا بها أرض كوريا، ومعها دموع مئات وألوف من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال".

وعلى هذا المنوال، استمر كلام الكابتن دويدزها شفيلي، عدة صفحات، متضمناً تفاصيل ما أسماه الجرائم التي قام بها "المتوحشون الجبابرة" في أداء مهمتهم، في خنق شعوب الدول الصغيرة. وبعد هذا الخطاب تليت رسالة المعركة للجنرال سانج، والتي جاء فيها:

"سوف نلتقي قريباً مشاة البحرية الأمريكية في المعركة وسوف نقضي عليهم، وبمجرد هزيمتهم سوف تنهار كل جيوش العدو، وستتحرر بذلك دولتنا من خطر العدوان؛ فاقتلوا هؤلاء الجنود من مشاة البحرية، كما تفعلون بالأفاعي، عندما تجدونها في دياركم".

وفي 24 نوفمبر، تم إعداد الكمين في الشمال الغربي من يودام ني، ولكن كان الفوجان من مشاة البحرية في انتظار الأوامر من الفريق سميث، الذي كان حذراً في تقديره، فلم يكونوا قد بدأوا في التحرك إلى داخل هذا الكمين. وفي اليوم نفسه كان الجيش الثامن قد شن هجومه بسرعة في الغرب.

وفي اليوم التالي 25 نوفمبر، بينما كان الجيش الثامن يستعد، مع مشاة البحرية بمنطقة خزان شوزين، شنت مجموعة الجيش 13 الميداني الصيني الهجوم الشامل المضاد على الجيش الثامن الأمريكي. وفي الشرق، أصدر اللواء ألموند بسرعة أوامره للفريق سميث لتوجيه الهجوم إلى الغرب، في 27 نوفمبر؛ من أجل تخفيف الضغط على الجناح الأيمن للجيش الثامن. وتحرك الفوجان الخامس والسابع بحذر، ولكنهما تعرضا لمقاومة شديدة، فتوقفا، ثم أعادا التقدم، ثم توقفا مرة أخرى، ما اضطرهما إلى التراجع إلى يودام ني. وفي عتمة الغسق، بدأ كل من الفوج الخامس، بقيادة المقدم موراي، والفوج السابع، بقيادة العقيد هومر ليتزنبرج، في تنظيم وتقوية الدفاعات على هضاب يودام ني. (أنظر خريطة الفرقتان السابعة والثامنة مشاة).

شن الصينيون، في الليلة نفسها، هجومهم بقوات هائلة، إلاَّ أنه أمكن للفرقتين 79 و89 إيقاف تقدم الكتائب على هضاب يودام ني. واستمر القتال مريراً حتى الفجر، بينما تقدمت الفرقة 59 الصينية إلى الجنوب؛ لقطع الطريق بين يودام ني وهاجارو. (أنظر خريطة الفوج 31 شرق الخزان) واجتاحت هذه الفرقة سرية من مشاة البحرية، على هضبة مرتفعة تشرف على ممر نوكتونج، ذي الأهمية الحيوية، ولكنها لم تستطع الاستيلاء عليه. وقد ظهرت أهمية هذا الممر، فيما بعد، عندما انسحبت قوة مشاة البحرية من طريقه. وشن الصينيون هجوماً آخر، في الليلة ذاتها، على مواقع الفرقة السابعة شرق خزان شانج جين، وتمكنوا من شطرها إلى مجموعتين.

وفي ليلة 28 نوفمبر، هاجمت فرقتان صينيتان هاجارو، وبذلتا أقصى جهد ممكن؛ بغرض الاستيلاء عليها؛ لأهميتها الخاصة لوجود المطار الذي أنشئ حديثاً فيها، بينما شنت عناصر أخرى، في الليلة التالية، هجومين جديدين على كوتوري. وتمكن الصينيون، خلال هذه الأيام الثلاثة، من إغلاق الطريق في عدة نقاط على امتداد 35 ميلاً، من يودام ني جنوباً إلى شين هانج ني، (أُنظر خريطة معركة خزان شانج جين) وأقاموا عدة موانع وسدادات تحميها نيران أسلحتهم الصغيرة والهاونات، والمدفعية؛ حتى لا يسهل إزالتها. وتمكنوا أيضاً من السيطرة، بنيران أسلحتهم، على المرتفعات المنتشرة على جانبي الطريق. بينما استمروا في دفع كثير من وحداتهم إلى الجنوب استعداداً للهجوم على هانج نام، في حين استمر ضغطهم على القوة الرئيسية لمشاة البحرية، التي كانت لا تزال متجمعة في منطقة يودام ني، وهاجارو ـ ري ، وكوتو ـ ري.

ولكن من أجل أهمية هذا المطار، الذي تم إنشاؤه أخيراً، تحققت مخاوف الفريق أوليفر سميث؛ إذ تم قطع صلته، وأحيط بفرقته من هنا وهناك. ولم يكن عجيباً أن ينظر اللواء والتر بيديل سميث، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية إلى الموقف، الذي كانت تفسره مواقع الدبابيس الحمراء على الخريطة، لتوضيح موقف الفيلق العاشر، في نهاية شهر نوفمبر، وقال: "إن الدبلوماسية هي الوسيلة الوحيدة، التي يمكن بها إنقاذ ميمنة ماك آرثر".

قبل شروق الشمس يوم 29 نوفمبر، اندفعت الفرقة 125، التابعة للجيش 42 الصيني، فهاجمت الفرقة السادسة، من قوات كوريا الجنوبية، في منطقة تبعد ثلاثة أميال، أسفل مدينة بوكشانج ـ ني Pukch'ang-ni. فأسرعت الفرقة السادسة الكورية الجنوبية بالانسحاب، مسافة خمسة أميال، إلى والبو ـ ري Walpo-ri.

وطاردها الصينيون، فشتتوا أفرادها، الذين ولوا، لا يلوون على شيء، لينضموا إلى حشود من اللاجئين المدنيين. ولذا صدرت الأوامر، من قيادة الجيش الثامن الأمريكي، بإبعاد هؤلاء جميعاً، قبل أن يدخلوا إلى صفوفه. وحاولت الفرقة السابعة فرسان، من الجيش الثامن، منعهم، ولكنها فوجئت بنيران كثيفة، من مناطق مرتفعة، يطلقها أفراد الفرقة 125 الصينية، جهة الشمال الشرقي. وظل تبادل النيران مدة ساعتين كاملتين. وتمكن المشردون، من الجنود الكوريين الجنوبيين والمدنيين، من دخول صفوف قوات الجيش الثامن. وساد الهلع والاضطراب نسق مدفعية من جيش كوريا الجنوبية، عندما تعطلت إحدى عرباته، فتخلى جنوده عن مدافعهم وعرباتهم، ولاذوا بالفرار إلى صفوف الجيش الثامن الأمريكي.

أصدر الفريق جاي أوامره، إلى الفرقة السابعة فرسان، بالانسحاب جنوباً إلى سينشانج ـ ني Sinchang- ni، ونظمت الفرقة الخامسة فرسان دفاعاتها، عند نهر تايدونج، على بعد ميلين من سانشون. وعند المساء، وضعت الفرقة الثامنة فرسان كتيبتها الأمامية في منطقة جديدة. بينما لم يطارد الصينيون الفرقة السابعة فرسان، أثناء انسحابها. وظلوا صامتين، إلى أن أتمت فرقة جاي والكوريون الجنوبيون انتشارهم على طول خط سانشون ـ شانج ـ ني ـ سونج شون.

أما على الجانب الشرقي من نهر تايدونج، فقد تمكنت قوات الجيش 40 الصينية، في وادي شونجشون، في منتصف ليلة 28 نوفمبر، من اجتياح الكتيبة الثانية من الفرقة التاسعة مشاة أمريكية، أسفل بوجوون Pugwon. وتمكنت كذلك من دحر الصف الأيمن من الفرقة 25 مشاة، فانسحب كذلك إلى بوجوون. (أُنظر خريطة معركة شونج شون).

في الوقت نفسه، انسحب العقيد سلوان Sloane بالكتيبتين الثانية والثالثة، من الفرقة التاسعة مشاة، إلى بوجوون، ثم تحرك، نحو ميلين، إلى جنوب غرب كونو ـ ري. أما كتيبته الأولى، التي كانت طوال يوم 28 نوفمبر، متمركزة عند المؤخرة اليمنى للفرقة 24 مشاة أمريكية، على الجانب الغربي من شونجشون، فقد تراجعت، في يوم 29 نوفمبر، إلى بوجوون كذلك.

نشر الجيش 40 الصيني وحداته، من بوجوون إلى الجنوب الشرقي، عبر سلسلة جبال بيهو ـ سان Piho-san، على طول أربعة أميال فوق كونو ـ ري. بينما شدد الجيش 38 الصيني هجماته على اللواء التركي، في سينيمني Sinnimni، خلال الساعات الأولى من يوم 29 نوفمبر. وأخذ يجتاحه أمامه طوال اليوم، مسافة ثلاثة أميال غرباً، إلى كايشون Kaech'on. وواصلت القوات الصينية تقدمها غرباً، فوق سلسلة الجبال المطلة على نهر كايشون.

أما جهة الشرق، فقد شن الجيش 39 الصيني هجماته على الفرقة 27 مشاة أمريكية، في الوقت الذي واصل الجيش 40 الصيني هجماته على ميمنة الفرقة 24 مشاة أمريكية.

في ظهر يوم 29 نوفمبر، اجتاح الجيش 40 الصيني كتيبتين من الفرقة 23 مشاة أمريكية، وأجبرهما على التراجع نحو عشرين ميلاً، على امتداد الطريق بين كونو ـ ري وسينانجو. وصدرت أوامر قيادة الجيش الثامن بضرورة الانسحاب إلى جنوب كونو ـ ري. وتقارب الجيشان 40 و38 الصينيان، على شكل قوس، حول مواقع الفرقة الثانية مشاة أمريكية، بقيادة الفريق كايزر، شمال وشرق كونو ـ ري (أُنظر خريطة الفرقة الثانية في كونو-ري).

في عصر يوم 29 نوفمبر، تحركت قوات الجيش 38 الصيني غرباً، على طول طريق توكشون ـ كونو ري، وهاجمت الكتيبة الثانية، التابعة للفرقة 38 ماشة أمريكية، واجتاحت ميمنتها. في الوقت الذي انهالت قذائف الهاون على اللواء التركي، داخل كايشون. وتمكنت قوات الجيش 38 الصيني من إغلاق الطريق إلى كونوري، من الناحية الغربية. وحاول اللواء التركي التحرك بدباباته ومركباته، عبر هذا الطريق، ومعه الكتيبة الثانية من الفرقة 38 مشاة أمريكية، ولكن الصينيين أمطروهم بالنيران، ولولا تدخل الطائرات الأمريكية B-26، وتوجيه ضرباتها المكثفة أثناء الليل، لما تمكن الأتراك والأمريكيون من الانسحاب، عبر هذا الطريق، حتى وصلوا إلى مواقع قيادة الفرقة الثانية الأمريكية، على بعد ستة أميال، جنوب كونو ـ ري.

في خضم هذه التطورات، أصدر الفريق كايزر، في شرق كونو ـ ري، تعليماته بانسحاب الفرقة الثانية الأمريكية من المدينة، ومعها الفيلق الثالث الكوري الجنوبي. وتم الانسحاب بعد معاناة شديدة من النيران الصينية، وسقوط كثير من القتلى والجرحى.

في الوقت نفسه، أصدر الفريق ملبورن أوامره إلى الفيلق الأول الأمريكي بالانسحاب، عبر طريق وادي شونجشون، وتم الانسحاب في يوم 30 نوفمبر، بعد خسائر في الأرواح والمعدات، وبعد مساعدة الطائرات بالقصف الجوي. وقد خسرت الفرقة السابعة فرسان أمريكية، وحدها، 38 قتيلاً و107 جريحاً، و11 مفقوداً. وفي الأول من ديسمبر، بدأ الفريق كايزر تحريك الفرقة الثانية إلى تشونج هوا chunghwa، على بعد عشرة أميال، جنوب بيونج يانج.

بلغت خسائر الفرقة الثانية الأمريكية وحدها 4940 فرداً بين قتيل وجريح، في النصف الأول من نوفمبر. تسعون بالمائة منهم، أي نحو 4500، سقطوا بدءاً من يوم 25 نوفمبر، منهم 237 ضابطاً من مختلف الأفرع والرتب. وقد شكلت هذه الخسائر ثلث إجمالي عدد الفرقة الثانية، وهو 15 ألفاً.

كانت الخسائر في المعدات فادحة: مئات من المركبات والشاحنات، و64 قطعة مدفع، وتركز معظم الخسائر في معدات الكتيبة الثانية مهندسين، وبين 20 إلى 40 بالمائة من معدات الإشارة، في الوحدات المختلفة.