إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

1. سعت 1251: هاللو روتشستر! هذا هو الموقع الرقم 1. مطلوب نيران مساعدة مسافة 4500 ياردة. إحداثيات الموقع 068 ـ 768. وهدفك مدينة يحتلها العدو بقوات كبيرة. اضرب بمدفع واحد، عيار 8 بوصة، بقنبلة شديدة الانفجار، وسأضبط لك نيرانك. حوِّل.

2. سعت 1257: هاللو الموقع الرقم 1! هذه روتشستر، القذيفة في الطريق. حوِّل.

3. سعت 1258: هاللو روتشستر، هذا هو الموقع الرقم 1، يمين 5600 ياردة. أضف 300 ياردة. حوِّل.

4. سعت 1259: هاللو الموقع الرقم 1! هذه روتشستر، القذيفة في الطريق حوِّل. (وبعد 4 محاولات لضبط المسافة والاتجاه)

5. سعت 1307: هالوو روتشستر ! هذا هو موقع رقم 1. لقد أصبنا مخزن ذخيرة. استمر، حوِّل.

6. سعت 1308: هاللو الموقع الرقم 1 ! هذه روتشستر، اضرب، حول.

7. سعت 1309: هاللو روتشستر! هذا هو الموقع الرقم 1 لا تغيير، لا تغيير، إنك على الهدف، إنك على الهدف.

8. سعت 1310: هاللو الموقع الرقم 1 ! هذه روتشستر. في الطريق. اضرب. حوِّل.

9. سعت 1311: هاللو روتشستر ! هذا الموقع الرقم 1. اضرب مجموعتين بثلاثة مدافع فوراً. إنهم يسرعون في الهروب. حوِّل. (مرت تسع دقائق)

10. سعت 1320: هاللو روتشستر ! هذا هو الموقع الرقم 1 أوقف الضرب. انتهت المهمة، أُبيد العدو تماماً. أخبرني كبير ضباط المراقبة؛ لأبشركم بذلك. هذا العرض كان أروع ضرب رأيناه، ألف شكر.

استمرت الطائرات التي انطلقت من الحاملات في الضرب على رجال الجنرال سانج، بين التلال، بينما استمرت المدفعية الهاوتزر تطلق نيرانها، من مواقعها، التي اتخذتها في شوارع المدينة، وظلت تركز قذائفها شمالاً وغرباً؛ فدمرت كميات كبيرة من التموينات، وبراميل البنزين. وبدأ النطاق الدفاعي، حول الميناء، يتقلص شيئاً فشيئاً، حتى لم يبق سوى الفرقة الثالثة تقاتل بضراوة، في عمليات التغطية والستر، وهي تتراجع إلى الخلف تدريجاً. ومرة أخرى، برزت مشكلة إخلاء، ونقل اللاجئين.

قال الأدميرال فيما بعد، بهذا الخصوص: "كنا نستطيع إخلاء المنطقة كلها؛ فقد كان الجميع يرغبون في أن يتركوها. وبمجرد أن تركناها، كان اللاجئون لا يزالون يتدفقون؛ طلباً لنقلهم بالبحر إلى الجنوب، ومعهم مهماتهم يحملونها. وقام الجيش بعمل رائع على الشاطئ، مع هؤلاء اللاجئين ولما كانت هانج نام قد دُمرت، ولم يبق بها مأوى يكفي، وكان الرد قاسياً، فقد أمرت كل السفن بإعداد أقصى ما يمكنها من الخبز، وإعداد أكبر كمية ممكنة من الأرز. وقمنا بتوزيع الأرز على جميع السفن؛ بهدف الحفاظ على حياة هؤلاء الناس.

وأخيراً لم يبق سوى فوج واحد على الشاطئ، ومعه وحدات النسف والتدمير والمهندسين، الذين أخذوا، على عواتقهم، نسف كل ما يمكن الإفادة منه، في الميناء، من المرافق. ويمكن معرفة أهمية هذا العمل من واقع التقرير التالي، الذي قدمته الكتيبة 185 من المهندسين، والتي أوكل إليها نسف الخط الحديدي:

"كان الجسر الذي يمتد إليه الخط الحديدي مكوناً من 29 باكية. ثمان منها من الخشب، الذي أقيم بمستوى ارتفاع العربات، وعندئذ نسفت السرية الثانية هذا الجسر، وكل المعدات الخاصة بالسكك الحديد، في منطقة هانج نام، وكان مقرراً أن ترتبط كل العمليات ببعضها، على أن تدمر كل باكية، على حدة. وكذلك أكبر عدد من العربات والقاطرات، التي كانت تُدفع إلى الباكية التالية، وهكذا. وتم تدمير 15 قاطرة، و275 عربة، بعد تجميعها. وقد قدم الكوريون، من رجال السكة الحديد، مساعدتهم في تحريك عربات السكة الحديد، من هانج نام، إلى الجسر. وعندما علم الكوريون أن معدات السكة الحديد ستنسف، امتنعوا عن العمل، في حين أن المهندسين رأوا فيها مهمة ممتعة.

وفي سعت 1545 ، 15 ديسمبر، تم نسف الباكية الجنوبية، وسقطت عشر عربات، وبضع قاطرات في الفجوة حتى امتلأت. وكانت بعض العربات محملة بالبنزين، وكانت القاطرات في حالة تشغيل بالبخار. فبمجرد اندفاعها إلى الثغرة، كانت تشتعل فيها النيران، فور اصطدامها. وقد تكرر هذا العمل في كل باكية. وعندما بلغ الرجال الجزء الخشبي من الجسر، كانت عليه عدة عربات محملة بالزيوت والشحوم والنفط. اختيرت قاطرة واقفة، وأُشعلت الفلنكات الخشبية تحتها. حتى أصبحت القاطرة حمراء كأنها كرة ملتهبة، وانطلقت صفارتها. وفي بضع دقائق، تم تدمير الجسر بأكمله. وسقط بعض العربات في الثغرة، فتطايرت أجزاء القضبان الحديدية والتوت، ما أعاق حركة باقي العربات، وأمكن نسف جميع البواكي، بما عليها من أدوات، ومهمات السكة الحديد. وبطريق الخطأ، كانت هناك عربة محملة بالمواد الناسفة، فسقطت في الفجوة المشتعلة، ما ترتب عليه انفجار مروع، أصاب رجلين بالضرر. واستمرت أعمال التدمير، طول الليل".

في الأيام القليلة اللاحقة غصت شوارع هانج نام بالطين والوحل؛ بسبب مرور العربات والدبابات، التي أخذت طريها إلى أرض الميناء، وكان الهواء مشبعاً بتراب الفحم، المتطاير من الورش والمخازن والمصانع المحترقة. وأخيراً أطلقت آخر جماعة، من الفرقة الثالثة المشاة، نيرانها الأخيرة على الصينيين، وهي تسرع في طريقها إلى السفن، بعد أن ترك المهندسون قنابل زمنية، قبل صعودهم إلى السفن كذلك. حدثت سلسلة من الانفجارات، التي دمرت حاجز الأمواج، وانتهى كل شيء، بعد ذلك.

وكان الأدميرال على حق، عندما تباهى بقوله: "إنهم لم يستطيعوا أن يمسونا"؛ فقد أدى الأسطول الأمريكي أعظم عملية إخلاء في تاريخه، تعد أفضل وأعظم العمليات، التي نجحت في إخلاء 105 آلاف رجل من الفيلق العاشر، و91 ألفاً من اللاجئين الكوريين، و17500 سيارة، و350 ألف طن من المواد والمعدات، نقلت من هانج نام. وقد كتب ماك آرثر، من حاملة الطائرات برنستون، يقول: "بمجرد إخلاء القوات للشاطئ، تحركت قوة من المدمرات، وأدت واجبها، على أكمل وجه؛ لتدمير المرافق، حتى لا يستخدمها الشيوعيون. وقد قمت بجولة فوق هانج نام، حتى سعت 2045، وكانت السفن تشكل نسقاً طويلاً متراصاً، كأنها أفيال في سيرك. وكانت تمخر العباب؛ لتشق طريقها جنوباً في اتجاه بوزان. وبمجرد أن قفلت عائداً إلى حاملة الطائرات برنستون، أرسلت رسالة إلى مونت ماكنلي، وتبادلنا التحية: "عيد ميلاد سعيد في ليلة عيد الميلاد". وبمجرد أن سمع الرئيس هاري ترومان بنجاح عملية الإخلاء، قال إنها أفضل هدية تلقاها في حياته، بمناسبة عيد الميلاد.

رابعاً: رد فعل الانسحاب

هكذا نجح الهجوم الصيني، وأحرز نصراً مؤزراً على قوات الحلفاء، بعد أن ألحق بها هزيمة منكرة عند نهر يالو، وهو المكان نفسه، الذي حققت فيه اليابان نصرها على روسيا، عام 1904.

استغلت الصحافة الأمريكية ما حدث، وشنت حملة عنيفة واسعة على القيادة الأمريكية، وقوات الأمم المتحدة؛ فقد نشرت مجلة "تايم": "لقد كانت هزيمة، بل هي أسوأ هزيمة عرفتها الولايات المتحدة. وقد استقبل الشعب الأمريكي الأنباء الكورية المزعجة في وجوم رهيب، يعكس الشعور بالخوف والحيرة وفقد الثقة. إنه في الحقيقة أشبه ما يكون بشعور الإنسان، عندما يعلم أنه مصاب بالسرطان. ألم تكن أنباء بيرل هاربر، منذ 9 سنوات، في الشهر نفسه، مدوية كأنها أجراس إنذار الحريق؟ أما هذه الحقائق المذهلة، عن تلك الهزيمة المفجعة في كوريا، فقد انسابت إلى ضمير الأمة في بطء، من خلال عناوين الصحف الكبرى، والمجلات والنشرات. ومرت الأيام، قبل أن تخف حدتها". أما مجلة النيوزويك، فقد قالت: "أسوأ هزيمة للعسكرية الأمريكية منذ بيرل هاربر، بل ربما ستكون أسوأ كارثة عسكرية في التاريخ الأمريكي. لعل ما يقرب من ثلثي الجيش الأمريكي، الذي أُلقي به في المعركة في كوريا، كان في انتظار معجزة عسكرية، أو دبلوماسية، تساعدهم على انسحاب، أشبه بجلاء "دنكرك"، أو تنقذهم؛ حتى لا يضيعوا في "باتان جديدة".

ونشر عديد من المجلات الصادرة، يوم 11 ديسمبر 1950، عناوين مثل: "فجيعة القوات" والكارثة" و"الانسحاب المهين". وسخرت من الإعلان، الذي أذاعه ماك آرثر: "إن قوات الأمم المتحدة الرئيسية، المشتركة في عمليات كوريا الشمالية ضد القوات الشيوعية، تقترب من معركتها الفاصلة". وأذاعت ما قاله مساعده نفسه، الفريق ويتني، الذي تولى إدارة عملية الانسحاب: "إن ماك آرثر قد دخل في المصيدة، التي أعدها الصينيون، وإن كان قد استطاع الهروب منها". وأوضحت الصحافة حالة اليأس والحزن العميق، الذي ساد بين أفراد الشعب الأمريكي، وتعبيرهم عن سخطهم؛ بسبب حجم الخسائر الهائل، والمتاعب التي سببتها حرب، لا ناقة لهم فيها، ولا جمل.

واشتد سخط الرأي العام الأمريكي، إزاء وضوح تدهور موقف قوات الأمم المتحدة؛ إذ ظهرت حقائق جلية، هي:

1. أن هناك ثغرة، أو فجوة، بين هذه القوات، يبلغ اتساعها 50 ميلاً.

2. وأن الفرق الخمس، التي تشكل القوات الاحتياطية، مبعثرة في خمسة أماكن متفرقة.

3. وأن بعض هذه الفرق كانت خطوطها مشتتة، بصورة مبالغ فيها، دفعت اللواء ألموند إلى القول: "إننا مبعثرون في الأرض".

4. لم تشر الشواهد إلى احتمال تحقق ما تشدق به ماك آرثر، من إنه كان ينوي إجراء مناورات سريعة؛ لكسب الحرب، ثم الانسحاب، وترك القوات الكورية الجنوبية، لتتولى القيادة.

5. ثبوت فشل الاعتماد على ما تحقق من عملية إنشون؛ لتنفيذ سياسة حصر الشيوعيين، داخل الحدود، التي وصلوا إليها، في نهاية 1949. وهي السياسة التي تمخض عنها تكوين حلف شمال الأطلسي، عام 1950، الذي ضم 15 دولة، تحت رئاسة الفريق دوايت أيزنهاور؛ للدفاع عن أوروبا. لقد ثبت أن ما حدث في كوريا كان تحدياً، وخرقاً لهذه السياسة الرامية إلى عزل الشيوعية؛ لأنها دفعتهم بالضرورة إلى البحث عن طريق؛ لكسر طوق هذه العزلة، فوجدوه في الإقدام على دفع الكوريين الشماليين إلى محاولة ابتلاع كوريا الجنوبية، وإثبات خطأ الدول الغربية في تبني تلك السياسة، التي دفعت بريطانيا، وهي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن تعتقد أنه يستحيل على الشيوعيين، بعد النصر الذي أحرزه الحلفاء في إنشون، أن يقدموا على أي نشاط جديد، ومن ثم، تحمس أتلي، رئيس حكومة العمال البريطانية، لتأييد عملية اجتياز خط العرض 38.

6. زاد من حدة الموقف تلك التصريحات، التي أدلى بها سينجمان ري، رئيس كوريا الجنوبية، من أنه سيوحد كوريا، سواء بمساعدة قوات الأمم المتحدة، أو من دونها. ومن ثم، كان الرأي العام الأمريكي يرى أنه لا ضرورة لمساعدة مثل هذا الرجل، وتوريط القوات الأمريكية معه.

جدير بالذكر أن سياسة عزل الشيوعية قد برزت بعد شوزين، وشنج شون، وتهليل معظم دول العالم الغربي، بشكل أوضح وأقوى؛ لأن هذه السياسة كانت قائمة على احتمال أن أوروبا، بإمكانياتها الضخمة من المصانع وأحواض السفن وملايين الفنيين، كانت هي الهدف الرئيسي لسياسة ستالين. كما وجدت هذه السياسة صدى لدى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، في هيئة الأمم المتحدة، وأغلبهم من الدول الأوروبية، وكندا، ودول أمريكا اللاتينية. ولكن لما كان ذلك بمثابة شطب كوريا من النطاق الشيوعي، وفي الوقت نفسه، كان شانج كاي شيك قد تقلص دوره تماماً؛ فقد أثار كل ذلك غضب دعاة الاهتمام بآسيا، ممن كان لهم نفوذ كبير في الولايات المتحدة الأمريكية. لقد التفت هذه الكتلة حول عضو الكونجرس روبرت تافت، المحافظ، الذي كان ينادي دائماً بسياسة أمريكية، أكثر حزماً، في الشرق الأقصى، وهو الاتجاه الذي عبرت عنه تلك الجملة: "يجب أن نطلق شانج كاي شيك على الشيوعيين". وقد هاجم الرئيس ترومان، يوماً ما، هذه الجماعة، متهماً إياها بأنها لم تكن ترى بأساً في التدخل في حرب في آسيا، بينما لا تحرك إصبعاً في سبيل الدفاع عن أوروبا، وأنها تعتقد أن رئيس وزراء بريطانيا لا يمكن الوثوق به، وأن شانج كاي شيك لا يخطئ. (وعلى أي الحالات، فقد كان هناك شعور، لدى قطاع كبير، بالتعاطف مع هذه الجماعة، التي كان أغلبها من القوميين). وكان على الرئيس ترومان أن يضع ذلك في اعتباره، أياً كانت نظرته إلى هذه الجماعة. وفي خلال الاجتماعات، التي عقدت في الأيام من 4 إلى 7 ديسمبر، بين الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء بريطانيا، كان مؤيدو شانج كاي شيك في ذاكرة الرئيس ترومان، عندما اقترح أتلي شراء رضا الصين الشيوعية، بإتاحة الفرصة لها للانضمام للأمم المتحدة، قائلاً: "إن اعتقادي أن الصين الشعبية إذا كنت عضواً في الأمم المتحدة، فإن ذلك سيجعل من الميسور إجراء المحادثات. وإن هذا الأمر، وإن كان كريهاً بالنسبة للحكومة الأمريكية، إلاَّ أنني أعتقد أنه إذا كان هناك مجال لعقد اتفاق، فيستحسن أن يكون ذلك عن طريق الأمم المتحدة. وإنني أعتقد أيضاً، أن حكومة الصين الشعبية لو كانت عضواً بالأمم المتحدة، لوفرت علينا الكثير من الحرج، الذي سنلاقيه، إذا استمرت خارجها. وأقول "إننا سنلاقي الكثير من المتاعب والصعاب هنا، داخل بلادنا، إذا ما سمحنا للصين الشيوعية بدخول الأمم المتحدة. ولا يمكنني التكهن بما يمكن أن يحدثه مثل هذا العمل، من أثر، في نفوس شعوبنا".

بدأ أتلي، بعد ذلك، يبحث في إمكان عقد اتفاقية وقف إطلاق النار، تحت هذه الظروف؛ لأنه كان يشك في نتائج الحرب المحلية الكورية، ويخشى من الانسياق وراء الأصوات، التي تصر على ضرورة القتال، وإحراز النصر الكامل، فإن ذلك ربما يكون دافعاً لنشوب حرب شاملة. وكان الرد الأمريكي أن إجراء مباحثات فورية لوقف إطلاق النار، تحت هذه الظروف، سيحطم مركز الولايات المتحدة الأمريكية في اليابان والفلبين؛ لأنه سيفسر على أنه ضعف. وتحدث المستر أتشيسون، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، عن مزايا وعيوب اتفاقية إطلاق النار في هذا الوقت، وطلب، أولاً، تحسين الموقف العسكري لقوات الأمم المتحدة، ثم بعد ذلك، يمكن بدء المباحثات، عندما تكون أمريكا في مركز أقوى. وأنه إذا تمكن الصينيون من طرد قوات الأمم المتحدة من كوريا؛ فإنه لن يكون هناك داع لإجراء أي مباحثات، ولكن، على الأقل، سيكون تصميم الأمم المتحدة، على الدفاع عن كوريا، قد وضع موضع التنفيذ.

ولعل من أبرز النتائج، التي أدى إليها الانتصار الصيني، تلك الحركة التي قامت بين حلفاء أمريكا حول ضرورة الوصول إلى اتفاق للسلام بأي ثمن. وكانت الحركة تهدف إلى استرضاء الصين الشيوعية، ولكنها واجهت مقاومة شديدة. ولقد كان هناك دافع وراء هذا الموقف المتعنت للحكومة الأمريكية، أكبر من مجرد التعاطف مع كاي شيك، أو الخوف من ما يمكن أن تؤدي إليه سياسة المهادنة من تأثير، في موقف الولايات المتحدة في الشرق الأقصى، ولقد كان للتدخل الصيني أثر مرير في نفس كل من الرئيس ترومان، وأتشيسون وزير خارجيته. وزاد من تلك المرارة، الحملة التي شنها الجنرال واو الصيني، ضد الولايات المتحدة الأمريكية، منذ أن وصل إلى ليكسس[1]. وقد كتب الرئيس ترومان يقول: "لقد كان سلوكهم، تجاه مبعوثينا وممثلينا القنصليين، خارجاً عن اللياقة والتهذيب الإنساني، ولم يكن هناك ما يمنع من إلحاقهم بالأمم المتحدة، متى غيروا سلوكهم".

وقد أُعلن البلاغ النهائي لمباحثات ترومان وأتلي، ونصه: "إننا كما كنا دائماً على استعداد لبحث أسباب إنهاء الحرب، عن طريق المباحثات. وإننا نعتقد أن الغالبية العظمى، من دول الأمم المتحدة، لديها الاستعداد نفسه. وإذا ما قدم الصينيون من جانبهم ما يدل على استعدادهم لهذا، فإننا نؤمل أن نصل إلى السلام". وقد أعلن كثير من المحافظين، المعارضين للرئيس ترومان، أن هذا الموقف من جانب الولايات المتحدة، يعد استسلاماً لوجهة نظر بريطانيا، واستجداء للصين. وفي 14 ديسمبر، وعند تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إعلان الهدنة في كوريا، وعقد اجتماع ثلاثي لوقف إطلاق النار صوت مندوب الاتحاد السوفيتي ضد الاقتراح، ثم أذاع راديو بكين شروط الصين للدخول في مباحثات سلام، وهي:

1. انسحاب الأمم المتحدة من شبه الجزيرة الكورية.

2. انسحاب القوات الأمريكية من فورموزا.

3. وضع نهاية لإجراءات إعادة التسلح، التي يقوم بها الغرب.

وفي الوقت نفسه كان الرئيس كيم إيل سونج يواصل إذاعة تهديداته بإبادة قوات الأمم المتحدة. وفي 15 ديسمبر، عاد الجنرال واو إلى بلاده، معلناً أن ما حدث ما هو إلاَّ خدعة أمريكية لاكتساب الوقت؛ حتى تعيد الولايات المتحدة تسليح وتنظيم قواتها في كوريا. وفي 22 ديسمبر، أعلن الرئيس شو إن لاي إجابته على الطلبين، اللذين قدمهما مؤتمر وقف إطلاق النار. وأضاف أن خط عرض 38 قد أزيل نهائياً كخط فاصل للحدود. وكان واضحاً أن الصينيين الشيوعيين لم تكن لديهم أية نية للدخول في المباحثات، ما لم يُقدم لهم كل ما يطلبون، وإلا فإنهم سيحصلون عليه بالقوة.

وقد كان للرد المثير المليء بالدعاية، الذي قدمه شو إن لاي، أثره في اتحاد أغلب أعضاء الأمم المتحدة، وراء السياسة الأمريكية؛ التي تنادي بالمباحثات عن طريق القوة، بعد أن اتضح أن الصينيين الشيوعيين لن يقبلوا مفاوضة، إلاَّ إذا أُجبروا على ذلك. وقدمت وعود من حلفاء الأمم المتحدة بزيادة المعاونة إلى كوريا. وقد عُقدت كل آمالهم، في عقد اتفاق إطلاق النار، على مقدرة الجيش الأمريكي الثامن في إذلال كبرياء بكين العسكرية.


 



[1] كانت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد في تلك البلدة من سنة 1945 إلى سنة 1951 حينما نقلت إلى مقرها في نيويورك.