إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

سابعاً: اختطاف قائد المعسكر

في 29 أبريل 1952، توجه المقدم ولبور رافن إلى المعسكر 76، استجابة لدعوة من العقيد لي. وهناك احتجزه الشيوعيون، ثلاثة ساعات، وأوسعوه ضرباً. ثم، في 7 مايو 1952، استدعى العقيد لي العميد فرانسيس دود Francis T. Dodd، قائد معسكرات الأسرى، إلى المعسكر 76، بحجة إبلاغه بعض الشكاوي، وهناك قبضوا عليه، واتخذوه رهينة، وأعلنوا أنهم سيقتلونه، على الفور، إذا حدث أي إطلاق للنار.

أرسل جيمس فان فليت العميد تشارلز كولسون Charles F. Colson، رئيس أركان الفيلق الأول الأمريكي، ليحل محل العميد فرانسيس دود. واستبد القلق بكل من ريدجواي وجيمس فان فليت، وصدر الأمر بتحرك سرية دبابات، عشرون منها مزودة بقاذفات اللهب، من الفرقة الثالثة الأمريكية، مع الفوج 38، من الكتيبة الثانية الأمريكية، وكتيبة من الفوج التاسع الأمريكي، إلى كوجي ـ دو. ونادى تشارلز كولسون الأسرى، وطالبهم بإطلاق فرانسيس دود فوراً، وأمهلهم إلى الساعة العاشرة من صباح 10 مايو، ولكنه تلقى إنذاراً، من قادة الأسرى، تضمن ما يلي:

1. وقف الأعمال الوحشية، في الحال، وكذلك الإهانات، والتعذيب والاعترافات المأخوذة بالقوة، والمكتوبة بالدم، والتهديدات، والاعتقالات، والقتل الجماعي، وإطلاق النار، واستعمال الغازات السامة، وحرب الجراثيم، وتجارب القنبلة الذرية، التي تجريها قيادتكم!

2. إبطال، في الحال، ما تدعونه التوطين الاختياري، غير القانوني، وغير المعقول، لجيش كوريا الشمالية الشعبية، وجيش المتطوعين من الصين الشعبية.

3. أن توقفوا، في الحال، التفتيش على آلاف، من جيش كوريا الشمالية ومتطوعي الصين الشعبية، وأن تعيدوا تسليحهم؛ إذ إنهم أصبحوا في عبودية دائمة، وغير شرعية.

4. الاعتراف، في الحال، باللجنة المكونة من مندوبين، من جيش كوريا الشمالية ومتطوعي الصين الشعبية، وأن تتعاون قيادتكم معها، تعاوناً وثيقاً.

هذا وسيصير تسليم العميد دود الأمريكي، إليكم، بمجرد وصول إقرار كتابي مرض منكم، بقبول قيادتكم البنود المذكورة بعاليه، وها نحن في انتظار ردكم الودي الحار".

وقد وقع العميد كولسون إقراراً، جاء فيه:

1. بالإشارة إلى البند الأول، من رسالتكم، فإننا نعترف بأنه حدثت حالات سفك دماء؛ إذ قتل وجرح عدد كبير، من الأسرى، بيد قوات الأمم المتحدة. على أننا نؤكد، لكم، أنه، في المستقبل، سيلقى أسرى الحرب معاملة إنسانية، في هذا المعسكر، طبقاً لمبادئ القانون الدولي.

2. أما فيما يختص بالبند الثاني، المتعلق بالتوطين الاختياري لأسرى الحرب، من كوريا الشمالية ومتطوعي الصين الشعبية، فإن هذه المسألة جاري البحث فيها، في بانمونجوم، كما أنه ليس لي أي سلطان، أو نفوذ، على قرارات مؤتمر الصلح.

3. فيما يختص بالبند الثالث، الخاص بالتفتيش، فيمكنني أن أبلغكم أنه، بعد إطلاق سراح الجنرال دود، سليماً معافى، فلن يكون هناك تفتيش، أو أي تسليح لأسرى الحرب، في هذا المعسكر. ولن تكون، هناك، أي محاولة لإخفاء أسماء الأسرى.

4. أما بالإشارة إلى البند الرابع فإننا نوافق على تشكيل لجنة مكونة من مندوبين، من كوريا الشمالية ومتطوعي الصين الشعبية، لشؤون أسرى الحرب، طبقاً للتفصيلات، التي اتفق عليها العميد دود، ووافقت عليها أنا.

وقد حررت هذا الرد مذيلاً بتوقيعي، حسب طلبكم، على أن يكون مفهوماً أنه، بمجرد تسلمكم هذا الرد، يطلق سراح العميد دود، سليماً معافى، بأسرع ما يمكن، على ألا يتأخر خروجه، بأي حال من الأحوال، عن الساعة الثامنة، من مساء اليوم.

وتم إطلاقه في الساعة التاسعة والنصف، من مساء اليوم، واستغل الجنرال نام إيل هذه الحادثة، واعتراف كولسون بأنه لن تجرى أعمال إجرامية أخرى، خرقاً لمعاهدة جنيف، في الدعاية والتشهير بأن ذلك دليل على إدانة واضحة، ضد قوات الأمم المتحدة. وسرت هذه الدعاية في العالم كله، وفشلت المفاوضات، وفشلت معها محاولات الرئيس هاري ترومان، والإدارة الأمريكية، في تفنيد تلك الدعايات، أو الرد عليها. وصدر القرار بإعفاء كل من دود، وكولسون، وتعيين العميد هايدون بوتنر Haedon L. Boatner مكانهما.

وأصدر مارك كلارك مذكرة أن تقرير كولسون، تم تحت الإكراه"، واستشهد بشهادة الصليب الأحمر الدولي أنه لم يصب أسير، في كوجي بسوء. ولكن دون جدوى. واضطر تيرنر جوي، نفسه، أن يطلب إعفاءه من منصبه، في بانمونجوم. وحل محله، في 22 مايو 1952، اللواء وليم هاريسون William K. Harrison، الذي رقي إلى رتبة الفريق، رئيساً لوفد التفاوض.

ثامناً: رجال الأمم المتحدة يلجأون إلى القوة

استقر رأي قيادة قوات الأمم المتحدة على ضرورة استخدام القوة، في كل من القصف داخل كوريا الشمالية، ومعسكرات الأسرى، وعلى ضرورة تقدم الجيش الثامن من خط الجبهة (أُنظر خريطة خط جبهة الجيش الثامن).

1. داخل كوريا الشمالية

كان ريدجواي يعارض شن غارات الطيران على محطات توليد الكهرباء، وخاصة خزان سويهو؛ بجوار نهر يالو، الذي يزود جميع مصانع كوريا الشمالية، وجزءاً كبيراً من منشوريا، بالقوى الكهربائية. وكان رأي ريدجواي أن هذه المحطات تعد أهدافاً مدنية، وليست عسكرية. ولكن مارك كلارك رأى أنه لا بد من ضربها، ووافقت هيئة الأركان الأمريكية المشتركة على ذلك. ومن ثم، في 23 يونيه 1952، أغارت نحو 500 طائرة، من قوات الأمم المتحدة، على هذه المحطات، وأمطرتها بالقنابل. وأثارت هذه الغارة احتجاج كثير، من دول العالم، لا سيما بريطانيا؛ لأنها تمت من دون استشارة حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن، في 24 يونيه 1952، عادت مائتان من قاذفات القنابل الأمريكية للقصف. وفي يوليه وأغسطس، تواصلت الغارات على العاصمة بيونج يانج، وشارك فيها جميع القوات الجوية التابعة للأمم المتحدة؛ إذ انطلقت، في 29 أغسطس، من حاملات الطائرات، 1403 طائرة، وركزت على المباني الحكومية، ودار الإذاعة، وديوان عام هيئة السكك الحديدية. وفي اليوم التالي، تكررت الغارة، حتى تركت بيونج يانج طعماً للنيران. وأصابت مصنعاً لتكرير النفط، على بعد ثمانية أميال. من الحدود السوفيتية. ولم تستطع طائرات الميج أن تتصدى لطيران الأمم المتحدة، وأفادت التقارير أن طائرات الأمم المتحدة أسقطت، إلى نهاية 1952، 365 طائرة ميج، و145 طائرة ذات محرك، مقابل خسارة 79 طائرة.

كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد طلبت تدمير القوة الجوية للصين الشعبية وكوريا الشمالية، عندما زار شو إن لاي موسكو، فجأة، في 17 أغسطس 1952، وبرفقته وفد من العسكريين والسياسيين والاقتصاديين. وقال جورج كينان George Kennean، السفير الأمريكي في موسكو، إن الهدف، من الزيارة الاستعانة بموسكو في مزيد من المعونة العسكرية والاقتصادية، واقترح على واشنطن أن تستخدم ذلك ورقة للضغط، وحث ستالين على اشتراط وقف إطلاق النار، مقابل مد الصين بمزيد من المعونة.

في سبتمبر وأكتوبر 1952، دفع الصينيون بقواتهم البرية، إلى خطوط الأمم المتحدة؛ بهدف احتلال المرتفعات المطلة عليها. وتحت ستار قذائف المدفعية، التي ألقت، في يوم واحد، 45 ألف قنبلة، تمكن مشاتهم من التقدم، ولكن قوات الأمم المتحدة تمكنت من ردها.

2. في معسكرات الأسرى

قرر القائد الجديد لمعسكرات الأسرى، هيدون بوتنر، ضرورة القضاء على تنظيمات الشيوعيين؛ فبدأ بإنشاء معسكرات صغيرة، يضم كل منها 500 رجل. وأخذ جنوده، بدباباتهم، يتدربون علناً، أمام بوابتي المعسكرين 76 و77.

وفي 10 يونيه، قرر اقتحام المعسكر 76، وأمر رجاله، بقوله: "استعملوا الحراب، ومؤخرات البنادق، ولا تطلقوا النار، إلاّ عند الضرورة". وأرسل إنذاراً إلى العقيد لي: "فليستعد جميع الأسرى للانتقال تحت الحراسة، إلى المعسكرات الجديدة، في غضون نصف ساعة، وإلا سنضطر إلى استخدام القوة". ثم حدث الاقتحام، وإطلاق القنابل المسيلة للدموع، وأُسر العقيد لي والعميد باك، من معسكر 76. ثم تم الاستيلاء على معسكر 77 كذلك، من دون قتال، وعثر فيه على 16 جثة لأسير أعدموا. وتلاه بقية المعسكرات.

تاسعاً: حرب الجراثيم

تسببت معركة الاستيلاء على معسكر 76 في قتل 41 أسيراً، وجرح 274 آخرين، وقتل أمريكي واحد، وجرح 13. واستغلت الصحافة الشيوعية هذا الموضوع، وهاجمت الأمريكيين بعنف، ووصفتهم بالسفاحين، الذين تفوقوا على هتلر وأمثاله. واتهمتهم بأنهم يشنون على الأسرى "حرب الجراثيم"؛ إذ يطلقون عليهم الميكروبات والبراغيث والقمل والعناكب، وغيرها، وأن حرب الجراثيم امتدت لتشمل أنحاء كوريا الشمالية كلها. وقالوا إن الطائرات الأمريكية ألقت جراثيم، معبأة في علب، في مؤخرة جيوش الصينيين والكوريين الشماليين.

كان السبب هو انتشار وباء التيفوس، في كوريا الشمالية، في ديسمبر 1951. وقيل إنه جاء من منشوريا، وإن الصين أرادت إبعاد التهمة عن نفسها، فألقت بها على كاهل الأمريكيين.

وفي 25 فبراير 1952، تقدمت الصين الشعبية بشكوى إلى لجنة الصلح العالمية، في أوسلو، وإلى الصليب الأحمر الدولي، وطالبته بالتصدي لهذه "الفظائع الهمجية". أما الصليب الأحمر الشيوعي، في بولندا، فقد قدم احتجاجاً شديد اللهجة، كذلك. وفي 6 مارس 1952، طلب الصليب الأحمر، في رومانيا، اتخاذ إجراءات سريعة "لإيقاف حرب الميكروبات ، التي تعد حرب إبادة جماعية". وأطلق ماو تسي تونج نداءه العالمي "صبوا غضبكم على أمريكا".

وفي مايو 1952، اعترف طياران أمريكيان قيل إن اعترافهما كان تحت التعذيب ـ أنهما ألقيا علب جراثيم وميكروبات على كوريا الشمالية. ونشرت اعترافاتهما، إلى جوار اعترافات أخرى، من 38 طياراً أمريكياً آخرين. وفي 9 يوليه 1952، نشرت إحدى صحف كوريا الشمالية اتهاماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية أعدت مشروعاً، باستخدام ألف أسير؛ لتجري عليهم تجارب أسلحة جديدة، منها تجارب نووية، بعد أن تجاسرت الطائرات الأمريكية وألقت القنابل على المستشفيات والمدارس، في نازية حديثة، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.

كان من نتيجة ذلك أن أمر مارك كلارك بوقف المفاوضات، فجأة، في يونيه 1952، وأمر كذلك بالإفراج عن 27 ألف أسير مدني، من أهالي كوريا الشمالية، ممن رفضوا العودة إلى وطنهم.

عندما استؤنفت المفاوضات، في 28 سبتمبر 1952، وضع وليام هريسون، رئيس وفد الأمم المتحدة ثلاثة اقتراحات، لضمان حرية الأسرى في العودة إلى أوطانهم، أو عدمها، كان أحدها:

وضع الأسرى في منطقة منزوعة السلاح، ثم إطلاعهم على مواقع القوات المتحاربة، ثم يطلقون؛ ليتوجهوا إلى الاتجاه الذي يختارونه. ورفض وفد الشيوعيين هذا الاقتراح. فتوقفت المفاوضات، لمدة ستة أشهر.

عاشراً: انتخاب أيزنهاور والتحول في سياسة المواجهة

فاز داويت أيزنهاور، في انتخابات الرئاسة الأمريكية، على منافسه الديموقراطي ستفنسون، الذي كان يؤيد سياسة سلفه، هاري ترومان، في التعامل مع المشكلة الكورية. وكان فوز أيزنهاور لعدة عوامل؛ أهمها تصريحه الشهير "إذا فزت فسأذهب بنفسي إلى كوريا". وأيدته الصحافة الأمريكية، وأخذت تظهر تضامنها بنشر قوائم أسبوعية، للقتلى في كوريا، كما نشرت خطاباً، ضمن خطابات جيمس فان فليت، عن مأساة حرب كوريا، وفشل سياسة ترومان، ووقع هذا الخطاب في يد المرشح أيزنهاور، فسربه إلى الصحافة.

وبعد فوز إيزنهاور، ذهب، بالفعل، إلى كوريا، في 2 ديسمبر 1952، وفي رفقته وزير الدفاع الأمريكي الجديد، تشارلز ويلسون Charles E. Wilson، وعمر برادلي، والأدميرال آرثر رادفور Arthur W. Radford، قائد أسطول المحيط الهادئ. لمدة ثلاثة أيام، في مباحثات مع القادة العسكريين، وزيارة وحدات الأمم المتحدة، ولقاء الرئيس الكوري الجنوبي، سينجمان ري.

أعلن أيزنهاور معارضة إعادة الأسرى، لأوطانهم، بالقوة، وقال: "إن إجبار هؤلاء الناس على العودة إلى حياة، مليئة بالرعب والاضطهاد، يعد خرقاً لجميع القواعد الأدبية والإنسانية، لا تقبله الشرائع الأمريكية، ولن ينفذ أبداً".

بدأت الحرب، من 3 فبراير 1953، تدخل مرحلة جديدة؛ تميزت بتبادل قصف المدفعية الثقيلة، والاشتباكات المتفرقة، والدوريات المتواصلة، وحرب الدعاية، باستخدام مكبرات الصوت، من الطرفين. وزيدت قوات الأمم المتحدة، إلى 768 ألف جندي. وانضم الفوج 40 مشاة أمريكي من الحرس الوطني، إلى قوات الأمم المتحدة. وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية، وحدها، تشارك بسبع فرق، كل منها 20 ألف جندي، وفرقة كبرى، من القوات البحرية، ولكوريا الجنوبية 12 فرقة، كل منها عشرة آلاف. وفرقة من الكومنولث البريطاني، من 15 ألف، ولواء تركي، من خمسة آلاف، وغيرهم من الدول الأخرى.

أما جيش الصينيين والكوريين الشماليين، فكان فيه ما يزيد على مليون جندي، منهم 270 ألفاً، في خطوط الجبهة الأمامية، و531 ألفاً، في الاحتياطي، والباقون في التموين وشؤون الأمن. وكان ثلاثة أرباعهم من الصينيين.

حادي عشر: المشروع الهندي في شأن الأسرى

في ديسمبر 1952، تقدمت الهند، إلى الأمم المتحدة، بمشروع اتفاق، يؤيد المبدأ الأمريكي بعدم العودة الإجبارية، وفي الوقت نفسه، يقبل رأي الوفد الشيوعي، بأن يتحدد مصير من يرفض العودة، في مؤتمر صلح يعقد بعد الهدنة، وكان المشروع الهندي ينص على:

1. جميع الأسرى، لدى كلا الطرفين، يجب أن ينقلوا إلى منطقة منزوعة السلاح، ثم يطلق سراحهم، ويسلمون إلى لجنة محايدة، من خمس دول.

2. جميع الأسرى، الذين أخبروا اللجنة المحايدة أنهم يرغبون في العودة إلى أوطانهم، يجب أن يعادوا فوراً.

3. أما موضوع أولئك، الذين لا يزالون طرف اللجنة، فيجب إحالته إلى مؤتمر الصلح، الذي سيعقد، حسب اتفاق الطرفين، بعد انقضاء تسعين يوماً على الهدنة. وسيتولى مؤتمر الصلح مسألة الأسرى، بمجرد بدء أعماله.

4. فإذا لم يستطع مؤتمر الصلح، بعد ثلاثين يوماً، أن يحل مشكلة الأسرى، الذين لم يعادوا إلى أوطانهم، فإنه يجب إحالته إلى الأمم المتحدة؛ لإعادة حل هذه المشكلة. على أنه، في استطاعة الأمم المتحدة، أن ترفض أي محاولة، في مؤتمر الصلح، لفرض العودة الإجبارية.

لم يرحب وفدا التفاوض بهذا المشروع؛ فقد تمسك الوفد الشيوعي بالعودة الإجبارية، ورأى وفد الأمم المتحدة أن إحالة الموضوع إلى مؤتمر الصلح، لا فائدة منه. ومع ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستصوت لصالح المشروع. وفي الأول من ديسمبر 1952، تبنت اللجنة السياسية، في الأمم المتحدة، المشروع الهندي، من دون جدوى.

عقب عودة أيزنهاور، من كوريا، أعلن إعادة تكوين جيش كوريا الجنوبية، وزيادة استعمال القوة، ضد الشيوعيين، كما أعلن، في 3 فبراير 1953، أنه أصدر أوامره، إلى الأسطول السابع الأمريكي، بأنه ملتزم بحماية فورموزا من الصين الشعبية، من دون حماية الأخيرة من فورموزا، كما كان الحال، منذ يونيه 1950، فلم تعد الصين الشعبية، من الآن، تستحق الحماية، وهي تقتل، بكل وقاحة، رجالنا وجنود الأمم المتحدة في كوريا".

وقد احتج أنطوني إيدن، وزير خارجية بريطانيا، وجواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند، احتجاجاً شديداً، على هذا القرار، ووصفاه بأنه مدعاة إلى زيادة التوتر والرعب في العالم.

وفي 11 فبراير 1953، أُحيل الفريق الأول جيمس فان فليت، إلى الاستيداع، وعُين مكانه الفريق الأول ماكسويل تيلور Maxwell D. Taylor، قائداً للجيش الثامن.

ثاني عشر: وفاة ستالين وأثرها على مباحثات السلام

في 5 مارس 1953، أعلنت إذاعة موسكو وفاة الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين. وانقلب العالم الشيوعي، رأساً على عقب؛ إذ أن وفاة زعيمه قد أزاحت رجلاً، يحتمل أن يكون هو الذي أمر بغزو كوريا الجنوبية، وأن يكون هو الذي أغرى الصين الشعبية بالتدخل العسكري. وخلفه جورج مالنكوف، الذي كان يعتمد على زميله نيكيتا خروشوف. وكان كلاهما يؤمنان بسياسة نبذ التدخل في الأراضي الأجنبية، ويريان التعايش السلمي. وعلى أي حال، حدث تطور في الصعيد السياسي، من جانب الصين وكوريا الشمالية، فقد وافق كل من كيم إيل سونج والجنرال بنج، على الفور، من دون قيد أو شرط، على اقتراح، أرسله إليهما مارك كلارك، يقضي بتبادل الأسرى المرضى والجرحى، من الجانبين، وصرحا بـ:

"في الوقت نفسه، إننا نرى أن الحل المعقول لمشكلة تبادل الأسرى، والمرضى والجرحى، من الجانبين، يجب أن يؤدي إلى حل سهل لمشكلة الأسرى ككل، ويحقق، في أرجاء كوريا، الهدنة، التي يتوق إليها العالم بأسره. ومن ثم، نقترح استئناف مفاوضات الهدنة، في بانمونجوم، فوراً".

وفي 30 مارس 1953، أعلن وزير خارجية الصين، شو إن لاي، عقب عودته، من جنازة ستالين، في موسكو، أن الأسرى الذين يرفضون العودة إلى أوطانهم، يمكن "تسليمهم إلى دولة محايدة، وهناك تقابلهم وفود من بلادهم، تشرح لهم الظروف، وتقدم لهم الضمانات الكافية بحل مشكلة عودتهم إلى أوطانهم، من دون أي أضرار عليهم. وهذا كله لا ينبغي أن يعوق تحديد الهدنة، في كوريا".

وكان هذا تحولاً كبيراً، عضده تصريح وزير الخارجية السوفيتي، آنذاك، مولوتوف V. M. Molotov، في 10 أبريل 1953، بضرورة استئناف المفاوضات، وإبرام الاتفاقية السلمية، في أسرع وقت.

وبالفعل، في 11 أبريل، تم الاتفاق على تبادل الأسرى المرضى والجرحى. وبدأ تنفيذه، من 10 أبريل إلى 26 أبريل، حيث سلم وفد الأمم المتحدة 5194 أسيراً كورياً شمالياً، و1030 صينياً، و446 من الكوريين المدنيين الشماليين. وأعادت الصين وكوريا الشمالية 684 رجلاً (471 كورياً جنوبياً، و149 أمريكياً، و32 بريطانياً، و15 تركياً، وستة كولومبيين، وخمسة أستراليين، وكنديين، وواحد من كل من اليونان، وجنوب أفريقية، والفيليبين، وهولندا).

وتجددت مفاوضات الهدنة، في بانمونجوم، في 27 أبريل، ولوحظت الليونة الشديدة، في أسلوب الوفد الشيوعي.

ثالث عشر: سينجمان ري يفسد المفاوضات

كان سينجمان ري غير مقتنع بمباحثات السلام، ويرى أنه لا بد من استمرار الحرب؛ للقضاء على الشيوعيين، وطرد الصينيين، من كوريا. وكان يفرح كلما فشلت المباحثات، أو توقفت. وفي 24 أبريل 1953، أي قبل استئناف المفاوضات، بثلاثة أيام، أخطر سفير كوريا الجنوبية، في واشنطن، الرئيس أيزنهاور، أن سينجمان ري سيسحب جيش كوريا الجنوبية، من قوات الأمم المتحدة، إذا أبرم اتفاق هدنة يسمح ببقاء قوات صينية، في الأراضي الكورية. وأسرع مارك كلارك، بتعليمات من الرئيس الأمريكي، من طوكيو إلى سيول؛ محاولاً إقناع سينجمان ري بالتخلي عن اتجاهه هذا، من دون جدوى. ولكن، بعد ثلاثة أيام، كتب سينجمان ري خطاباً إلى كلارك، بأنه يوافق على الهدنة، إذا حددت الأمم المتحدة شريطاً من الأرض، شمالي نهري يالو وتومين، وبمعنى آخر، في المناطق الصينية والروسية. وقد كان ري يعرف، بطبيعة الحال، استحالة تحقيق هذا المطلب المثير، ولكنه كان يعرف أن المطالب المبالغ فيها، له قيمة في المساومات. وفي الوقت نفسه، دارى حملاته ضد الهدنة، بأن عقد مؤتمراً صحفياً، قال فيه:

"إننا نشعر أننا لا نستطيع البقاء، طالما أن الشيوعيين الصينيين لا يزالون في كوريا. طوال الخمسة شهور الماضية، وصلت إلينا معلومات، تجعلنا نتمسك بأنه ما لم يرحل الصينيون، فيجب ألا نقبل أي هدنة أو صلح. وأي هدنة أو صلح تكون نتيجته الفشل في إقصاء الصينيين عن وطننا، لا يمكننا التفكير فيها، بل ولا نستطيع أن نقبلها.

"وطبقاً للمشروع الهندي، في الأمم المتحدة، فإن الأسرى الكوريين والصينيين غير الراغبين في العودة، إلى أوطانهم، يجب تسليمهم إلى دولة ثالثة، مثل السويد أو سويسرا، حيث يبقون لحين اتخاذ قرار نهائي، يقرر مصيرهم. ولكننا نصر على أن أسرى الحرب الكوريين، يجب أن يبقوا، في كوريا".

وفي 7 مايو، قدم الوفد الشيوعي، في بانمونجوم، مشروع هدنة من ثمانية بنود، يشبه القرار الهندي، الذي سبق أن رفضوه رفضاً قاطعاً، منذ أكثر من خمسة شهور، وأسقطوا، من ذلك المشروع، الإصرار على ترحيل الأسرى، من كوريا، إلى دولة محايدة. وبذا أزالوا أحد اعتراضات ري للهدنة. ولكن المشروع اختلف عن المشروع الهندي، في:

1. كانت لجنة الأمم المحايدة للتوطين تشمل الهند، علاوة على السويد وسويسراً التي سبق للأمم المتحدة أن اقترحتها، مع كل من: بولندا وتشيكوسلوفاكيا. وري يمقت الهند، ويراها دولة شيوعية، في ثياب دولة محايدة.

2. كان على هذه الدول أن ترسل فرقاً من جيوشها لحراسة الأسرى غير الراغبين في العودة إلى وطنهم، في معسكرات الأسرى الحالية، في داخل كوريا الجنوبية.

3. إن المندوبين السياسيين من الصين الشعبية، وكوريا الشمالية، وتشيكوسلوفاكيا، والأعضاء البولنديين من اللجنة، سيسمح لهم بزيارة الأسرى؛ لإغرائهم على العودة. ويذهب معهم أيضاً رجال الصحافة الشيوعيون.

4. رفض رأي المشروع الهندي، في أنه، إذا لم يقرر المؤتمر السياسي، الذي سيعقد بعد الهدنة، مصير الأسرى، فإن على الأمم المتحدة أن تتولى ذلك بنفسها. وأصر المشروع الشيوعي على أن يظل المؤتمر السياسي هو المرجع الأخير. وقد وافق وفد التحالف على هذا المشروع، فثار سينجمان ري، وأعلن معارضته، فزاره مارك كلارك، في 12 مايو، ومعه إليس بريجز Ellis O. Briggs، السفير الأمريكي الجديد في كوريا الجنوبية، وحاول إقناعه، من دون جدوى. ثم أعلن سينجمان ري أنه سوف يطلق سراح جميع الأسرى، الذين لم يعودوا إلى أوطانهم، ولن يسمح، كذلك، ببقاء أي جيوش هندية، على أرض كوريا الجنوبية، لا بصفتهم محايدين، ولا بأي صفة أخرى.

واضطر وفد الأمم المتحدة إلى محاولة إرضاء سينجمان ري؛ فقدم هاريسون مشروعاً مطولاً، مضاداً للمشروع الشيوعي، مضمونه:

1. التراجع عن قبول المؤتمر السياسي، حكماً نهائياً، في مصير الأسرى.

2. ويقترح حصر استعمال الكتائب الهندية في حراسة غير الراغبين في العودة إلى أوطانهم.

3. إحالة 22 ألف أسير صيني، إلى لجنة التوطين، وإطلاق سراح 35 ألف أسير كوري شمالي، وترك الحرية لهم في اختيار إحدى الكوريتين.

وغضب الوفد الشيوعي، وأعلن الجنرال نام أن هذه خطوة إلى الوراء". وتأجلت المباحثات إلى 20 مايو، ثم إلى 25 مايو، عندما تنازل وفد الأمم المتحدة عن اقتراح إطلاق 35 ألف كوري شمالي، ووافق على تسليمهم إلى اللجنة المحايدة. ولإرضاء سينجمان ري، عرض عليه مارك كلارك أن تعلن الست عشرة دولة، في الأمم المتحدة والتي حاربت الشيوعية، في كوريا، سياسة موحدة تضمن تكتل هذه الست عشرة دولة، إذا خرق الشيوعيون الهدنة في كوريا. كما تضمنت هذه السياسة تحفظاً عاماً جداً، وهو أنه إذا خرق الشيوعيون شروط الهدنة، فإن الست عشرة دولة لن يقتصر انتقامها على كوريا وحدها، بل سيمتد إلى الصين الشعبية نفسها.

ووعدت الولايات المتحدة، أن تنشئ جيش كوريا الجنوبية، من عشرين فرقة، مزودة بقوات جوية وبحرية مناسبة. وكان هذا وعداً كبيراً، يكلفها من 150 إلى 200 مليون دولار لمدة عام واحد. ووعدت الولايات المتحدة ري، كذلك، بتأهيل بلده اقتصادياً، بمشروع بليون دولار، على الأقل. كما أكدت له، علاوة على ذلك، أن الكتائب الأمريكية ستكون على أتم استعداد، في كوريا، وبالقرب منها؛ إلى أن يستتب السلام، نهائياً.

يقول مارك كلارك: "وفي مقابل ذلك، طلبنا، من سينجمان ري، أن يتعاون في مفاوضات الهدنة، ويمتنع عن الثورة ضد المفاوضات، ويعلن تأييده الاتفاقية، بمجرد توقيعها. كما طلبنا منه أن يترك قواته المسلحة، تحت قيادتي، في الأمم المتحدة.

ولكن سينجمان ري ثار، ثورة عارمة، واتهم الحكومة الأمريكية بأنها لا تقيم وزناً لرأي حكومة كوريا الجنوبية. وأصر على ضرورة انسحاب الصينيين، من كوريا، قائلاً: "من دون ذلك، لن يكون، هناك، حل سلمي. ولن نأبه لوعودكم، ولا لتهديداتكم. إننا سوف نقرر مصيرنا، بأنفسنا، وإنني أعلنها أنني لا يمكنني التعاون، مع الرئيس أيزنهاور، في هذه الظروف".

أعلن ري، بعد ذلك، شرطين لقبوله الهدنة، هما:

1. الحصول على وعد قاطع، من الولايات المتحدة الأمريكية، بمؤازرة كوريا الجنوبية في توحيد كوريا كلها، بالقوة، في حالة فشل المؤتمر السياسي.

2. استئناف الحرب، إذا فشل المؤتمر السياسي، في التوصل إلى حل، خلال تسعين يوماً.

ولكن الرئيس الأمريكي رأى استحالة تحقيق هذين الشرطين، وكتب، في 6 يونيه 1953، إلى سينجمان ري، يبين له أن الهدنة، التي اقترحها الوفد الشيوعي، مرضية ومناسبة، وتجعلنا لا مبرر لنا، في إطالة الحرب، بويلاتها وخسائرها. ولتعلم أن كوريا ليست البلد الوحيد، الذي جرى تقسيمه، بعد الحرب العالمية الثانية. والحرب لا تصلح أداة لحل المشاكل السياسية الكبرى. وإذا كان الشيوعيون قد حاولوا توحيد كوريا بالقوة العسكرية، فهل نفعل مثلهم؟ "

ثم قال: "إنني، كصديق لدولتكم، ولك شخصياً، أناشدكم ألا تسلك دولتكم مسلكاً مشابهاً". ثم قدم أيزنهاور، لسينجمان ري، التعهدات التالية:

1. إن الولايات المتحدة لن تتنازل عن جهودها، بجميع الوسائل السلمية، لتنفيذ توحيد كوريا.

2. إني على استعداد، فوراً، بعد إبرام الهدنة، وقبولها، أن أتفاوض معكم؛ لعقد معاهدة دفاع مشترك، على أسس بنود المعاهدات، السابق إبرامها بين الولايات المتحدة والفلبين، والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا ونيوزيلندا.

3. إن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، إذا سمحت مخصصات الكونجرس المالية، ستكون على استعداد؛ لمواصلة المعونة الاقتصادية لجمهورية كوريا، الأمر الذي سيسمح، في وقت السلم بتعمير أراضيها المخربة".

ولكن سينجمان ري أصر على موقفه، رافضاً بقاء أي جندي صيني على أي أرض كورية، مهدداً بمواصلة القتال، وحده، إذا استدعى الأمر. وأمر مندوبه، في نانمونجوم، اللواء شودك شين، بالانسحاب من محادثات الهدنة كما أمر بعودة جميع الضباط، الذين يتلقون تدريبهم، في الولايات المتحدة. وعقد اجتماعاً للجمعية العمومية، لكوريا الجنوبية، أسفر عن رفض جميع شروط الهدنة، بالإجماع. وخرجت تظاهرات حاشدة، في سيول، ومدن أخرى، تهتف ضد الهدنة.

في 8 يونيه 1953، اتفق طرفا المباحثات، سراً، في بانمونجوم، على اتفاقية تبادل الأسرى، ونصت على ما يلي:

1. جميع الأسرى، الراغبين في العودة إلى أوطانهم، يعادون إليها فوراً.

2. والذين لا يرغبون في العودة، ينقلون إلى منطقة منزوعة السلاح، بين الطرفين، ويوضعون في عهدة لجنة التوطين المحايدة، التي كانت الهند الحكم فيها، وكذلك كانت تورد القوات اللازمة للحراسة.

3. وفي خلال التسعين يوماً التالية، يُسمح للدول المعنية بإرسال فرق للشرح والتفسير؛ ليتحادثوا مع الأسرى، تحت بصر أعضاء الأمم المتحدة، ومندوبين من كلا الجانبين، لمحاولة إغرائهم على العودة إلى وطنهم. والذين غيروا رأيهم يعادون إلى وطنهم فوراً.

4. وبعد ذلك، سيحاول المؤتمر السياسي حل مسألة أولئك الذين يرفضون العودة إلى وطنهم.

5. فإذا فشل المؤتمر السياسي، في ذلك، في ثلاثين يوماً، فإن الدول المحايدة تطلق سراح الأسرى، الذين لم يعودوا إلى أوطانهم، كما تساعدهم إلى النزول، في البلاد، التي يختارونها.

وبموجب هذه الاتفاقية، انتهى الخلاف، الذي دام 18 شهراً، وانتصر مبدأ الأمم المتحدة القائل بالتوطين الاختياري. وبدأ إنجاز التفصيلات، وإعداد منطقة منزوعة السلاح، بانسحاب كلا الطرفين مسافة كيلومترين، من المواقع الحالية.

واستمر سينجمان ري في معارضته، وتهديداته بمواصلة القتال، دون مبالاة بتحذيرات مارك كلارك. وشعر الصينيون بذلك، فأرادوا الضغط عليه، وشنوا هجوماً عنيفاً، في 13 و14 يونيه، ضد القطاع المركزي الشرقي، من الخط، الذي كانت تحتله فرقتا جيش كوريا الجنوبية الخامسة والثامنة، فاجتاحتهما. ويبدو أنهم أرادوا أن يظهروا لسينجمان ري ما يمكن أن يحدث لقواته، إذا حاول أن ينفذ تهديداته. وأرسل أيزنهاور إليه للحضور إلى البيت الأبيض للتباحث، ولكنه رفض. فأرسل وزير الخارجية جون فوستر دالاس، John Foster Dulles، مساعده لشؤون الشرق الأقصى والتر روبرتسون Walter S. Robertson؛ للتفاهم مع سينجمان ري، في 17 يونيه 1953. وهو اليوم الذي تم فيه ترسيم خط الهدنة.

دبر سينجمان حيلة جديدة؛ إذ أمر بفتح معسكرات الأسرى الكوريين الشماليين، من المعادين للشيوعية، في جميع أنحاء كوريا الجنوبية، فأطلق نحو 27 ألفاً، أخذت الشرطة الكورية الجنوبية تساعدهم، وتحث الناس على إيوائهم، وإكرامهم، بأجود الطعام والشراب والتبغ. وشاع الخبر في العالم، وانهالت الاستنكارات، من كل مكان. وارتبكت الإدارة الأمريكية، وألغت زيارة والتر روبرتسون. وأصدر فوستر دالاس بياناً؛ لتهدئة الصين وكوريا الشمالية، معلناً الالتزام باتفاق الهدنة. ولكن الدولتين قطعتا المحادثات، في 20 يونيه 1953، وحملتا الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية استعادة الأسرى. ورد مارك كلارك، في 29 يونيه، بأن هذا أمر في غاية الصعوبة. وأرسل إلى سينجمان ري يعنفه، ويخبره أنه لن يجد أي معونة، إذا أقدم على القتال.

اتصل أيزنهاور بسينجمان ري، وأرسل إليه روبرتسون، في 26 يونيه، الذي أخذ يحاول إقناعه، يومياً، إلى 11 يوليه 1953. وأخيراً رضخ سينجمان ري، ووافق على الهدنة، بالشروط التالية:

1. وعد بإبرام ميثاق أمريكي، يدعي "ميثاق الأمن المشترك"، بعد الهدنة (مثل هذا الميثاق يجب أن يصدق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي).

2. معونة اقتصادية طويلة الأجل، يبدأ قسطها الأول، بمبلغ مائتي مليون دولار، مع توزيع أغذية قيمتها مليون ونصف دولار، على الشعب الكوري الجنوبي، فور توقيع الهدنة.

3. اتفاقية بأنه، إذا لم تسفر أعمال المؤتمر السياسي عن أي نتيجة، خلال تسعين يوماً، فإن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تنسحبان؛ لبحث مشروعات تهدف إلى توحيد كوريا.

4. الموافقة على زيادة قوات كوريا الجنوبية إلى 20 فرقة.

5. الموافقة على إجراء محادثات أمريكية ـ كورية، على مستوى عال، قبل المؤتمر السياسي.

وفي الوقت نفسه أبدت الصين وكوريا الشمالية موافقتهما على لقاء مندوبين، من الطرفين؛ لبحث تنفيذ الهدنة، والاستعدادات اللازمة قبلها.

رابع عشر: توقيع الهدنة، وانتهاء الصراع المسلح

في 10 يوليه 1953، استؤنفت مباحثات الهدنة، في كايسونج. وتواصلت المباحثات، على الرغم من أن ست فرق صينية، شنت، في 13 يوليه، أعنف هجوم لها على ثلاث فرق كورية جنوبية، واجتاحتها؛ ودمرت فرقة قيادتها تماماً، ومعظم وحدات الفرقة الثالثة، واستولت على المنطقة بين المثلث الحديدي وبنش بول. وكان الهدف من هذا الهجوم إثبات أنه لا فائدة مطلقاً، أمام سينجمان ري، في محاولة حرب الصين الشعبية.

في الساعة العاشرة من صباح 27 يوليه 1953، في بانمونجوم، وقع الوفدان، برئاسة وليم هاريسون ونام إيل، ثماني عشرة صورة من اتفاقية الهدنة، وترسيم الحدود، وتبادل الأسرى، تسعة منها باللون الأزرق، رمز قوات الأمم المتحدة، وتسعة باللون الشيوعي الأحمر. وتم التوقيع في نحو عشر دقائق، وانصرف الجانبان، في صمت. وبعد ذلك وقع كل من الفريق الأول مارك كلارك، والرئيس الكوري الشمالي كيم إيل سونج، والجنرال بنج دي هواي، كلٌ في مركز قيادته، وبعد اثنتي عشرة ساعة، انتهى الصراع المسلح في كوريا، وقد استغرق ثلاث سنوات، وشهر ويومين. وقال الرئيس أيزنهاور: "انتهت الحرب، وآمل أن يعود أولادنا إلى الوطن، على الفور".

1. اتفاقية الهدنة

نصت شروط الهدنة على البنود التالية الملزمة للطرفين:

أ. وقف إطلاق النار وإنهاء أعمال القتال بين الجانبين.

ب. إنشاء منطقة عازلة، محايدة، على طول جبهة القتال ـ عرضها 4 كم (2 كم من كل جانب)

ج. يطبق مبدأ التبادل الاختياري للأسرى.

د. الالتزام بالأسلوب المتفق عليه في شأن تبديل القوات.

هـ. لكل طرف كامل الصلاحية في بناء المطارات.

و. لا يتحمل أي من الجانبين أي تعويضات.

ز. جلاء قوات الأمم المتحدة من مجموعة جزر، كانت تحتلها عند سواحل كوريا الشمالية.

ح. رفع الحصار البحري عن كوريا الشمالية، وكان الأسطول السابع الأمريكي قد فرضه منذ بداية الحرب.

ط. تشكيل لجنة من 10 ضباط (5 من كل جانب) لحل مشكلات انتهاكات الهدنة.

ي. إنشاء لجنة محايدة للإشراف على تنفيذ شروط الهدنة، تضم ممثلين من بولندا، وتشيكوسلوفاكيا، والسويد وسويسرا، والهند.

بعد توقيع الهدنة، اتهم كل طرف الطرف الآخر بأعمال التعذيب، وتجويع الأسرى، وجرائم حرب أخرى، ووجهت قيادة الأمم المتحدة الاتهام إلى الصينيين، والكوريين الشماليين بإجراء غسيل مخ لأسرى قوات الأمم المتحدة. وقتل نحو 11500 أسير، أثناء الأسر، وإجبارهم على التجسس، أو أن يكونوا عملاء للشيوعيين، في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد عودتهم. ما جعل الرئيس الأمريكي أيزنهاور يصدر قانوناً جديداً، في 17 أغسطس 1955، يحدد سلوك أفراد القوات المسلحة الأمريكية، ويلزمهم بالصمود أمام محاولات استدراجهم، ويقسمون على ذلك.

2. تطبيق مبدأ التبادل الاختياري للأسرى

في سبتمبر 1953، تم تبادل الأسرى من الجانبين، ومجموعهم 88559 أسيراً (أمم متحدة وشيوعيون). رفض 22156 أسيراً العودة إلى بلادهم، وبيانهم كالتالي:

14227 من الصين.

7582 من كوريا الشمالية.

ـــــ

21809 إجمالي الصين وكوريا الشمالية.

325   من كوريا الجنوبية.

21     من الولايات المتحدة الأمريكية.

1       من بريطانيا.

ــــ

347   إجمالي الأمم المتحدة