إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / كوسوفا... التاريخ والمصير





انتشار القوات
التقسيم المؤقت
تأثير ضربات حلف شمال الأطلسي
شكل توزيع القوات

أهم الأهداف التي تعرضت للقصف



المبحث السادس

المبحث السادس

معوقات عمل المحكمة وأهم الشخصيات التي تلاحقها

أولاُ: معوقات عمل المحكمة

1. طول أمد المحاكمات

يشعر قضاة المحكمة بالقلق إزاء طول المدة التي يستغرقها إتمام كثير من المحاكمات والإجراءات الأخرى. ونظراً إلى أن المتهم يظل قيد الاحتجاز، عادة، من وقت اعتقاله، أو تسليم نفسه طواعية، حتى انتهاء البت في القضية، فإن طول مدة المحاكمات ينجم عنه طول فترات الاحتجاز، بالنسبة للمتهم كما أنه يؤثر على المتهمين الآخرين المحتجزين، انتظاراً للمحاكمة. وهناك عدد من الأسباب التي تطيل مدد المحاكمات والإجراءات الأخرى؛ فالقضايا المعروضة على المحكمة تشتمل على مسائل وقائعية وقانونية معقدة، زد على ذلك تطبيق مبادئ قانونية لم يسبق تفسيرها أو تطبيقها. يضاف إلى ذلك اعتماد المحكمة اعتماداً كبيراً على شهادة الشهود، لا على الشهادات الخطية المشفوعة بيمين، كما أن المحكمة ملتزمة بضمان الاحترام التام لحقوق المتهم، وفقاً للمعايير المعاصرة لحقوق الإنسان.

وقد اتخذ القضاة عدداً من الخطوات للحد من طول مدد المحاكمات، من ذلك إجراء تعديلات على القواعد في يوليه 1998 تقضي بالمعالجة النشطة للقضايا قيد الانتظار، في المرحلة التمهيدية للمحاكمة، وتعزيز قدرة الدوائر الابتدائية على السيطرة على إجراءات المحاكمة. وتقضي التعديلات أيضاً بتعيين قاض للمرحلة التمهيدية للمحاكمة، وعقد اجتماعات متواترة لاستعراض الحالة بهدف الإسراع بالإجراءات. وفضلاً عن ذلك توفر القواعد للقضاة حالياً أدوات إضافية لإدارة المحاكمة، تشمل قصر استجواب الشهود على مرحلة الاستجواب المباشر، وقبول الشهادات الخطية المشفوعة بيمين في حالات معينة.

وأنشأت رئيسة المحكمة فريقاً عاملاً لممارسات المحاكمة، يتألف من ممثلين من دوائر المحكمة، ومكتب المدعي العام، ومحامي الدفاع؛ لتقييم أثر القواعد الجديدة، وتقديم توصيات بشأن ما قد يلزم من الخطوات الإضافية للإسراع بالإجراءات. وطلبت دوائر المحكمة أيضاً تعيين موظفين إضافيين في ميزانية المحكمة لعام 2000، لمساعدة القضاة في عملهم، مما سيقلل من حجم العمل الفردي للقضاة، بما لذلك من أثر إيجابي على طول مدد المحاكمات.

وقد بدأ الأثر الكامل لهذه الخطوات يتضح حالياً، إذ أن الاستخدام الكامل للقواعد الجديدة لم يكن ممكناً إلا في القضايا الجديدة، وينبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أن الدائرة الابتدائية الثالثة لم تبدأ عملها إلا في نوفمبر 1998، وبالتالي فإن دوائر المحكمة لم تعمل بكامل طاقتها، والقضاة ملتزمون بتقليل مدة الإجراءات، والمدة التي يمضيها المتهمون في الاحتجاز.

2. عدم تعاون الدول المهنية

يتعين على جميع الدول أن تتعاون مع المحكمة عملاً بقرار مجلس الأمن الرقم 827 بتاريخ 25 مايو 1993م. وتحدد المادة 29 من النظام الأساسي للمحكمة المجالين اللذين يسري عليهما هذا الالتزام:

أ. التعاون العام في تنفيذ ولاية المحكمة.

ب. الامتثال للطلبات المحددة للمساعدة أو للأوامر التي تصدرها أي دائرة من الدوائر الابتدائية.

ومن الناحية العملية تنطبق هذه الالتزامات أكثر من تنطبق على الدول والكيانات التي كانت تشملها يوغسلافيا السابقة. وتعتمد المحكمة اعتماداً شديداً لا على التعاون من جانب دول يوغسلافيا السابقة فحسب، بل على المساعدة من جانب جميع الدول أيضاً. وتقوم المحكمة بعملها في الواقع على أساس افتراض مؤداه: أن الدول ستبذل لها كامل التعاون. وفي هذا السياق، فإن اعتماد الدول للتدابير التشريعية والإدارية والقضائية اللازمة للتنفيذ السريع لأوامر المحكمة، يعد أمراً ذا أهمية كبرى، بل وإلزامياً بموجب قرار مجلس الأمن 827. وتغطي التشريعات التنفيذية، عادة، المسائل المتصلة بجمع الأدلة، والاعتقال، والاحتجاز، وتسليم الأشخاص الصادر ضدهم قرارات اتهام من المحكمة، وإنفاذ أحكام العقوبات.

وقد بلغ عدد الدول التي سنت تشريعات تنفيذية تمكنها من التعاون مع المحكمة 23 دولة، حتى عام 1999 كان آخرها أيرلندا ورومانيا واليونان، وذكرت عدة دول أنها لا تحتاج إلى تشريع تنفيذي للاضطلاع بمسؤولياتها، هي الاتحاد الروسي، وجمهورية كوريا، وسنغافورة، وفنزويلا. وفضلاً عن ذلك، ذكرت عدة دول أخرى أنها تعتزم اعتماد تشريعات تنفيذية قريباً، وقد سجَّل التعاون والامتثال من جانب الدول اليوغسلافية السابقة، سجلاً متفاوتاً منذ بدء المحكمة أعمالها.

وقد سبب عدم الامتثال من جانب جمهورية يوغسلافيا الاتحادية مشكلات خطيرة للمحكمة، وقد أبلغت رئيسة المحكمة مجلس الأمن بعدم التزام جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وذلك في خمس مناسبات منفصلة، مَثلت أمام المجلس في مرتين منها، ووجهت إليه رسائل في الثلاث الأخرى. واتخذ عدم الالتزام عدة أشكال، سيأتي. وأكدت الرئيسة أن تصرف جمهورية يوغسلافيا الاتحادية يتعارض مع عدة قرارات من التي اتخذها مجلس الأمن، بشأن الحالة في يوغسلافيا السابقة، ومثال ذلك القرار 827 المؤرخ 25 مايو 1993، الذي أنشئت المحكمة بموجبه، ويستلزم من جميع الدول أن تتعاون معها، بما في ذلك الالتزام بالامتثال لطلبات المساعدة، أو الأوامر الصادرة عن المحكمة: والقرار 1160 المؤرخ 31 مارس 1998، الذي حث فيه المجلس مكتب المدعي العام على أن يشرع في جميع المعلومات المتصلة بالعنف في كوسوفو. والقرار 1199 المؤرخ 23 سبتمبر 1998، الذي خلص فيه المجلس إلى أن تدهور الحالة في كوسوفو يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين في المنطقة، والقرار 1203 المؤرخ 24 أكتوبر 1998، الذي دعا فيه المجلس إلى إجراء تحقيق فوري وكامل في جميع الأعمال الوحشية، التي ارتكبت في كوسوفو، وطالب جمهورية يوغسلافيا الاتحادية بالامتثال لقرارات مجلس الأمن السابقة، والقرار 1207 المؤرخ 17 نوفمبر 1998، الذي طالب فيه المجلس بالتنفيذ الفوري، وغير المشروط، لأوامر الاعتقال الصادرة ضد ثلاثة أشخاص صدر بحقهم قرار اتهام من قِبل المحكمة.

فعلى سبيل المثال صدر قرار اتهام ضد ميل مركسيتش وميروسلاف راديتش وفيسلين سليفانشانين في 7 نوفمبر 1995 بقتل 260 رجلاً أعزل، عقب سقوط مدينة فوكوفار، في نوفمبر 1991 (رجال فوكوفار الثلاثة). وقد أرسلت أوامر اعتقالهم إلى جمهورية يوغسلافيا الاتحادية؛ إذ كان الاعتقاد أنهم يقطنون بها، وإزاء عدم تنفيذ هذه الأوامر، أمر القاضي الذي اعتمد قرار الاتهام المدعي العام بعرض هذه القضية على هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، بغرض استعراضها عملاً بالقاعدة 61. وفي 3 أبريل 1996، قضت الدائرة الابتدائية الأولى بأن ثمة ما يكفي من الأسباب للاعتقاد بأن هؤلاء الأشخاص ارتكبوا التهم الموجهة إليهم، ورأت الدائرة الابتدائية أن "عدم القيام بتبليغ قرار الاتهام كان بسبب رفض جمهورية يوغسلافيا الاتحادية التعاون مع المحكمة". فأصدرت الدائرة الابتدائية عند ذلك أوامر اعتقال دولية في حق المتهمين الثلاثة.  

وبالرغم من التقارير العديدة التي قدمت إلى مجلس الأمن عن هذه الحالة من قبل الرئيسة مكدونالد، وسلفها، أنطونيو كاسيزه، أمعنت جمهورية يوغسلافيا الاتحادية في رفضها اعتقال المتهمين وتسليمهم. وفي نوفمبر 1998، أخطر رئيس المحكمة العسكرية في بلغراد المحكمة بأن المحكمة العسكرية تجري تحريات عن المتهمين الثلاثة، وتوقعا لسماع شهادة المتهمين، طلبت المحكمة العسكرية إلى المحكمة أن ترسل إليها نسخة من ملف هذه القضية الجنائية، والأدلة الموجودة ضد المتهمين.

وعقب ذلك بوقت قصير، قدم المدعي العام طلب تنازل عن الاختصاص إلى الدائرة الابتدائية، عملاً بالفقرة 2 من المادة 9 من النظام الأساسي للمحكمة، والقاعدة 9 من القواعد. وتنص الفقرة 2 من المادة 9 على أن المحكمة لها أسبقية على المحاكم الوطنية، وتأذن للمحكمة بأن تطلب إلى المحاكم الوطنية رسمياً التنازل عن اختصاصها للمحكمة. وفي 10 ديسمبر 1998، طلبت الدائرة الابتدائية إلى جمهورية يوغسلافيا الاتحادية التنازل عن الاختصاص؛ لكن هذه المسألة لم تحل بعد. وقد أخطر مجلس الأمن في أربع مناسبات بتقاعس جمهورية يوغسلافيا الاتحادية المستمر عن اعتقال المتهمين الثلاثة، وتسليمهم، وذلك في 24 أبريل 1996، و 8 سبتمبر 1998، و 2 أكتوبر 1998، و 8 ديسمبر 1998.

أخطر المدعي العام في 15 أكتوبر 1998 سلطات جمهورية يوغسلافيا الاتحادية بنيته رئاسة بعثة تحقيق إلى كوسوفو، وطلب التأكد من إصدار تأشيرات السفر قريباً حتى تمضي التحقيقات قدماً؛ لكن جمهورية يوغسلافيا الاتحادية رفضت إعطاء وثائق السفر اللازمة، مما أحبط جهود المدعي العام للتحقيق في أنشطة إجرامية، يُدعى وقوعها في كوسوفو. وقد كان هذا الرفض إخلالاً مباشراً بالتزامات جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، بموجب القانون الدولي، وأخبرت الرئيسة مكدونالد مجلس الأمن في 6 نوفمبر 1998 بعدم التعاون المشار إليه مع المحكمة.

وفي 2 فبراير 1999، طلب المدعي العام إلى الرئيسة، عملاً بالقاعدة 7 مكرراً (باء)، إثبات عدم امتثال جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وإبلاغه إلى مجلس الأمن. وقد استند هذا الطلب إلى ما اتخذ شكلاً اعتيادياً من عدم الامتثال، بما في ذلك عدم التنازل عن الاختصاص للمحكمة الدولية، وعدم تنفيذ الأوامر، وعدم تقديم الأدلة والمعلومات، ورفض السماح بدخول المدعي العام ومحققيه إلى كوسوفو. وفي 12 فبراير 1999، دعت الرئيسة مكدونالد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، إلى تلبية طلب المدعي العام، غير أنه لم يرد أي رد بشأن هذا الموضوع، وفي 16 مارس 1999، قضت الرئيسة بأن جمهورية يوغسلافيا الاتحادية لم تمتثل لالتزاماتها، بموجب المادة 29 من النظام الأساسي للمحكمة. وفي اليوم ذاته، أخبرت الرئيسة مكدونالد مجلس الأمن بعدم امتثال جمهورية يوغسلافيا الاتحادية.

أما جمهورية كرواتيا فلها سجل أفضل من جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، من حيث التعاون مع المحكمة والامتثال لها. ومع ذلك، فالمدعي العام لا يزال يشعر بقلق بالغ إزاء رفض حكومة كرواتيا التعامل مع طلبات التعاون المقدمة من مكتبه، والتي يعود تاريخ البعض منها إلى عام 1996. ومن الجدير بالذكر أيضاً أنها لم تسلم ملادين فاليتيليتش، وفينكو مارتينوفيتش، اللذين وجه لهما الاتهام في 21 ديسمبر 1998. وفي 19 يوليه 1999، أخبر وزير العدل المدعي العام بأن حكومته لن تنظر في تسليمهما إلى المحكمة الدولية إلى أن يقضيا مدد العقوبة المحكوم بها عليهما في كرواتيا، بسبب إدانات سابقة. وهذا الموقف يخالف مخالفة صارخة المبدأ الذي يقضي بأن المحكمة لها الأسبقية على المحاكم الوطنية.

وأوضحت كرواتيا فيما بعد أنها على استعداد لتسليم هذين الشخصين، عقب اكتمال بعض إجراءات قضائية في كرواتيا. وهو ما لم يحدث بعد. يضاف إلى ذلك أن جمهورية كرواتيا لا تزال مصرة على رفض التعاون مع تحريات المدعي العام، الناشئة عن ادعاءات تزعم بأن بعض الجرائم التي تدخل في إطار الولاية القضائية للمحكمة الدولية، ارتكبت من قبل قوات كرواتية خلال صيف عام 1995، عندما استعادت في إطار عملية عرفت باسم "عملية العاصفة"، منطقة كرايينا التي كان قد استولى عليها الصرب.

ثم إنّ الدعاية المعادية للمحكمة تزايدت داخل كرواتيا. ففي فبراير 1999، أجرى البرلمان الكرواتي مناقشة حول عمل المحكمة، واتخذت الجمعية قراراً "يحذر فيه من أعمال المحكمة، التي أصبحت المكان الذي تنفذ فيه أهداف سياسية موضوعة بدقة"، وينص على أن تجاوزات المحكمة الجنائية الدولية، تؤدي إلى عدم توازن، وعدم استقرار خطيرين في {عملية السلام}. وبينما تشكل هذه التصريحات ممارسة لحق التعبير من قبل البرلمان الكرواتي، إلا أن من المؤسف أن المناقشة التي أدت إلى إصدار هذا القرار، لم تتسم بنظر أكثر تعقلاً ونضجاً في سجل المحكمة.

ومما يَجدر الإشارة إليه أيضاً التصريحات التي أدلى بها مسؤولون رسميون كرواتيون مختلفون، بمن فيهم رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، والتي بدا أن الغرض منها هو نشر معلومات خاطئة عن عمل المحكمة، وأهدافها. ورداً على تقارير وردت في مارس 1999 عن أن مكتب المدعي العام كان يحقق في أفعال داخلة في إطار الولاية القضائية للمحكمة الدولية ارتكبتها قوات كرواتية. وجاء عن رئيس الوزراء  قوله رداً على سؤال في البرلمان إنه "لن يسلم أي جنرال كرواتي إلى لاهاي". وأكد رئيس المحكمة العليا أنه ليس للمحكمة أي ولاية قضائية على عمليتي البرق والعاصفة. كما كرر نائب رئيس البرلمان وجهة النظر ذاتها. ومن الواضح أن مسائل الولاية القضائية على الجرائم المحتمل وقوعها هي، بموجب القانون الدولي، من اختصاص دوائر المحكمة، وليست من اختصاص السلطات الوطنية.

وقدم وزير الخارجية تقريراً إلى المجلس الأعلى للبرلمان الكرواتي عن التعاون مع المحكمة، ومن بين المشكلات التي عددها أن المحكمة تحقق في جرائم، زعم أنها ارتكبت أثناء النزاع الذي دار بين كرواتيا وجمهورية يوغسلافيا الاتحادية، مما يسهم في إيجاد "جو من عدم الأمن" في كرواتيا، وأن المحكمة لم تعتقل حتى الآن الأشخاص الثلاثة المتهمين بالهجوم على فوكوفار في يونيه 1991. ويتمتع المدعي العام بسلطة تقديرية حرة للتحقيق في أية أفعال يرى أنها قد تكون داخلة في إطار الولاية القضائية للمحكمة الدولية، بموجب نظامها الأساسي. ومن ثم فإن من الأنسب أن تثار تعليقات وزير الخارجية هذه خلال أية إجراءات قضائية قد تنشأ عن المسائل التي أشار إليها، وعلاوة على ذلك، ليس بوسع المحكمة الدولية اعتقال أي متهم؛ حيث إنه ليس لديها أي آليات للإنفاذ. ومن المؤسف أن يختار وزير الخارجية استغلال منصبه ونفوذه في إضعاف المحكمة؛ بدلاً من توعية الجمهور الكرواتي بالعمل الحيوي الذي تقوم به نيابة عن جميع شعوب يوغسلافيا السابقة، أو الضغط في المحافل المناسبة من أجل اعتقال الأشخاص المتهمين الذين يشير إليهم.

ومن الجدير بالتأكيد مجدداً أيضاً أن جميع ضحايا الجرائم التي تدخل في إطار الولاية القضائية للمحكمة الدولية لهم الحق في العدالة، وهم يستحقونها. ومن ثم فإن من الخداع، ومن غير المقبول، أن تطالب أية حكومة بالتحقيق والمقاضاة في جرائم يزعم ارتكابها في حق مواطنيها، بينما هي ترفض في الوقت ذاته مساعدة المدعي العام في استظهار قضايا تتعلق بضحايا آخرين.

ونتيجة لإصرار حكومة كرواتيا على عدم الامتثال لطلبات المساعدة المقدمة من الادعاء، طلب المدعي العام إلى الرئيسة في 28 يوليه 1999، بموجب القاعدة السابقة أن تقضي بتقاعس كرواتيا عن الامتثال بالتزاماتها تجاه المحكمة، وأن تبلغ مجلس الأمن بالمسألة.

أما في البوسنة والهرسك، فقد واصلت جمهورية صربيا انتهاج سياستها، التي مؤداها رفض تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة ضد متهمين، يعتقد أنهم مقيمون في إقليمها. ومن بين الأشخاص الستة والثلاثين المتهمين علناً، وكانوا مطلقي السراح. يعتقد مكتب المدعي العام أن ما يناهز 25 يوجدون في جمهورية صربيا. وقد حدت الأزمة الرئاسية والحكومية القائمة في جمهورية صربيا جداً من احتمال إيجاد حل لهذه الحالة في المستقبل القريب. ومن ثم فإن المحكمة ممتنة لقوة تثبيت الاستقرار، لما تقوم به من أعمال اعتقال مستمرة، تملأ الفراغ الذي أوجده تجاهل سلطات هذا الكيان لالتزاماتها القانونية.

3. تقاعس المجتمع الدولي عن تطبيق عقوبات صارمة ضد من لا يتعاونون مع المحكمة

لم يتخذ المجتمع الدولي لفترة طويلة أي إجراء مناسب إزاء تحديات جمهورية يوغسلافيا الاتحادية لسلطته، واتخذ مجلس الأمن القرارات 1160 (1998) و 1199 (1998) و 1203 (1998)، التي أعادت تأكيد ضرورة قيام المدعي العام بالتحقيق في الأحداث التي وقعت في كوسوفو، وفيما بعد تناول القرار 1207 (1998)، حصراً، عدم تعاون جمهورية يوغسلافيا الاتحادية مع المحكمة، وأمرها بوضوح بتسليم رجال فوكوفار الثلاثة، وتيسير سبيل وصول المحكمة الدولية إلى كوسوفو، وعقب مذبحة راتشاك، التي وقعت في يناير 1999، أصدر رئيس مجلس الأمن بياناً باسم المجلس "يشجب القرار الذي اتخذته جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، برفض إتاحة الدخول للمدعي العام للمحكمة، ويطلب إلى جهورية يوغسلافيا الاتحادية التعاون بصورة كاملة مع المحكمة، في إجراء تحقيق في كوسوفو". وعلى نحو ما ورد أعلاه، كانت هذه التدابير غير فعالة في معالجة الأعمال غير القانونية لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية. وبالفعل، سعت الرئيسة والمدعي العام في عدد من المناسبات إلى لفت انتباه المجتمع الدولي، إلى إصرار جمهورية يوغسلافيا الاتحادية على رفضها الامتثال لإرادة مجلس الأمن، المعرب عنها في تلك القرارات الأربعة. 

وفي ديسمبر 1998، أثناء الاجتماع العام السنوي لمجلس تنفيذ اتفاق السلام، المشرف على تنفيذ اتفاق دايتون، أصدرت الدول الأعضاء فيه برنامج تنفيذ اتفاق السلام الذي يهيب "بجميع الدول المعنية الامتثال لأحكام قرار مجلس الأمن 1207 (1998)، والتعاون مع المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة على نحو ما ورد فيه يدين الحكومات التي لم تنفذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الدولية، والأفراد الذين يساعدون المتهمين ويحرضونهم.

ولم تأت هذه المطالبات بأي تحسن ملموس في موقف جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، أو تصرفها عن رفضها التعاون، ولم يدعم أي منها بإجراء مقابل لإحداث هذا التغيير، إلى أن تدهورت الحالة في كوسوفو تدهوراً مأساوياً.

ثانياً: اعتقال المتهمين وتسليمهم للمحكمة

تصدر المحكمة أوامر الاعتقال، وهذه الأوامر تنفذها الدول المعنية بالأمر، كما يناط بقوة تثبيت الاستقرار في البوسنة والقوة الأمنية الدولية في كوسوفو، قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في البوسنة، تنفيذ هذه الأوامر.

وقد مضى طرف من الحديث عن الدول المعنية ومدى تعاونها وتقاعسها، وسيأتي تفصيل لذلك لاحقاً. أما قوة تثبيت الاستقرار فقد قدمت دعماً متميزاً وحاولت القيام بعمليات، لاعتقال متهمين بارتكاب جرائم تم بعضها بنجاح، وأفضت إحداها إلى موت المتهم. وفي 27 سبتمبر 1998، اعتقل ستيفان تودوروفتش، ونقل إلى لاهاي. وكان قد صدر قرار اتهام في عام 1995 ضد تودوروفتش، وخمسة آخرين فيما يتعلق بـ "حملة ترويع" يدعى أن السلطات العسكرية والسياسية الصربية قد شنتها ضد سكان بوسانسكي ساماك من الكروات والمسلمين البوسنيين. وفي ديسمبر 1998، اعتقلت وحدات القوة راديسلاف كراديتش، وهو جنرال من الصرب البوسنيين. وكراديتش متهم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فيما يتصل بالأحداث المؤدية إلى سقوط سريبرينتشا في عام 1995.

وفي 7 يونيه 1999، اعتقلت وحدات القوة دراغان كولونجيا، الذي كانت قد صدر ضده قرار اتهام في عام 1995 بسبب الأحداث التي وقعت في معسكر كيراترم، وتقدم القوة أيضاً المساعدة في شكل دعم أساسي لمشروع استخراج الجثث، وتنفيذ أوامر التفتيش. ويعمل المدعي العام وموظفوه على كفالة مواصلة طرائق التعاون والمساعدة القائمين مع القوة وتحسينهما، نظراً إلى أن استمرار الدعم من جانب القوة مهم للغاية بالنسبة للعمليات في الميدان. وفي 6 يوليه 1999، اعتقلت وحدات القوة الأمنية الدولية في كوسوفو راديسلاف برديانين، الذي ورد اسمه في قرار اتهام غير معلن، ووجهت إليه تهمتا المسؤولية الجنائية بصفته الفردية، وبصفته الرئاسية عملاً بالفقرتين 1 و 3 من المادة 7 من النظام الأساسي. وفي كوسوفو، تقدم القوة الأمنية الدولية دعماً متميزاً على نطاق لم يسبق له مثيل للتحقيقات التي يجريها المدعي العام.

وستواصل قوة تثبيت الاستقرار اعتقال 11 صادر بحقهم قرارات اتهام ما دامت جمهورية صربيا ماضية في الاستخفاف بسيادة القانون؛ ومما يجدر الإشارة إليه أن اتفاق دايتون للسلام (18 فبراير 1996) ينص على عدم القبض على أشخاص غير الذين سبق للمحكمة إصدار قرارات اتهام ضدهم، أو احتجازهم بسبب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي؛ بموجب أوامر اعتقال، أو قرارات اتهام تكون قد صدرت من قبل، أو سبق للمحكمة استعراضها، ورأت أنها متفقة مع المعايير الدولية.

كما يكلف هذا الاتفاق قوات حلف الناتو بتسليم المتهمين بعد القبض عليهم. ولكن القوات الغربية لم تنفذ إلا القليل مما هو منوط بها؛ ويسأل أحد كبار مسئولي الأمم المتحدة في البوسنة: "كيف يعقل أن يتجول الأشخاص الذين ارتكبوا أبشع جرائم الحرب، بعد الحرب العالمية الثانية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الناتو في الجزء الشرقي من البوسنة؟". ومعلوم أن زعيم صرب البوسنة رادوفان كاراجيتش وقائد جيشه السابق، راتكو ميلاديتش، وجهت إليهما تهمة ارتكاب جرائم حرب لكنهما لا يزالان طليقين، مما يشير إلى عدم النجاح في تطبيق بعض بنود اتفاقية دايتون.إلا أن بعض التوجهات الجديدة يشير إلى بيئة سياسية متغيرة، يمكن أن تؤدي إلى إلقاء القبض على المزيد من المتهمين الفارين.

يقول المحللون في واشنطن أن تعهد الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش بخفض القوات الأمريكية في البلقان ربما يتطلب في البداية التعامل مع عملية الاعتقالات التي تعد مهمةً لم تنته بعد، ويشيرون كذلك إلى أن استجابة البيت الأبيض الأسبوع الماضي لاعتقال أحد المتهمين في البوسنة تضمن إحياء ذكرى مقتل سبعة آلاف مسلم في مدينة سريبرنيتسا كواحدة من أبرز الفظائع في البوسنة، مع التأكيد على ضرورة إلقاء القبض على مدبري هذه المذبحة، وتقديمهم إلى محكمة مجرمي الحرب في البوسنة، في إشارة إلى كاراجيتش وميلاديتش.

ثمة اعتقاد شائع في البوسنة، مفاده أن مسألة إحراز تقدم في جانب السلام أمر مستحيل، دون إلقاء القبض على مجرمي الحرب. وقد مثل العدل مصطلحاً نسبياً؛ فالقوات الفرنسية على سبيل المثال، متهمة بتوفير "ملاذ آمن" لإيواء زعماء العصابات الصرب في المنطقة الخاضعة لسيطرة القوات الفرنسية، كما أن القوات الأمريكية متهمة بأنها تعطي أولوية أكبر لحماية قواتها على أي مهمة اعتقال تحفها مخاطر. يذكر أن الذين شملتهم عمليات الاعتقال لم يتعدوا 20 شخصاً، من جملة مائة شخص، وجهت إليهم محكمة لاهاي تهمة ارتكاب جرائم حرب. يقول الجنرال ويسلي كلارك، القائد الأعلى السابق لقوات حلف الناتو: أنه من المهم أن تبذل الدول أي جهد ممكن في سبيل إلقاء القبض على مجرمي الحرب الفارين. ويضيف الجنرال كلارك، أن السجلات تشير بوضوح إلى أن غالبية شعب البوسنة وصرب البوسنة يدركون جيداً أن "يوم مجرمي الحرب قد فات، فضلاً عن أن هناك مخاوف من اندلاع انتفاضة في مناطق الصرب، في حالة اعتقال كبار زعمائهم، توطئة لتسليمهم لمحكمة لاهاي". وأشار إلى أن المتهمين الصرب يختفون بسرعة كلما تحرك الغرب بجدية وحسم لإلقاء القبض عليهم. وحتى عندما يتوارون عن الأنظار فإنهم يمارسون نفوذهم أيضاً. وكان الدبلوماسي الأمريكي ريتشارد هولبروك، الذي لعب دوراً رئيسياً في اتفاق دايتون، قد كتب في "نيويورك تايمز" أخيراً أن "إحجام قوات الناتو والولايات المتحدة عن مجرد محاولة إلقاء القبض على كاراجيتش وميلاديتش، يعد إشارة واضحة على الطريقة التي يصبح بها التراخي نفسه قراراً يحدد سياسة بعينها".

وقد أصدرت المحكمة 25 قراراً معلناً بحق 65 متهماً من يوغسلافيا السابقة.

كما توجد قائمة بأشخاص محتجزين لدى وحدة الاحتجاز بالأمم المتحدة (اُنظر ملحق قائمة بالمحتجزين لدى وحدة الاحتجاز، التابعة للأمم المتحدة: 28 معتقلا).

وأصدرت أيضاً قائمة بعدد المتهمين والذين يزالون مطلقي السراح (اُنظر ملحق المتهمون من قبل المحكمة الدولية علناً، ولا يزالون مطلقي السراح).

ولكن المحكمة الدولية تنتظرها قوائم طويلة من المتهمين بجرائم الحرب؛ فتقارير هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية المعنية تضم شهادات الآلاف من الذين عذبهم الصرب، أو اعتدوا عليهم. وهناك قائمة واحدة تضم أسماء نحو ألفين من الضباط وصف ضباط وجنود ميلشيات الصرب الذين ارتكبوا جرائم لا إنسانية، وطالب زعيم الطائفة الإسلامية في زغرب بتكوين لجنة للتحقيق في جرائم الحرب على غرار ما حدث بمحكمة نورمبيرج، التي تشكلت عقب الحرب العالمية الثانية للتحقيق في الجرائم النازية.

ثالثاً: بعض الأحكام الصادرة عن المحكمة

ونذكر فيما يلي أمثلة لبعض الأحكام التي أصدرتها دوائر المحكمة في ثلاث قضايا هي قضية سيليبتشي وفورونجيا وأليكسوفسكي :

1. محاكمة شلييتشي

بدأت في 10 مارس 1997 المحاكمة المشتركة لزينيل ديلاليتش، وزدرافكو موتستش، وهازيم ديليتش وإساد لندجو، على شتى الجرائم المزعوم ارتكابها في معسكر شليبتشي للاحتجاز في البوسنة الوسطى عام 1992. وجرت المحاكمة أمام الدائرة الابتدائية الثانية (رابعاً) (برئاسة القاضي كاريبي هوايت وعضوية القاضية أوديو ـ بينيتو والقاضي جان)، وذلك فيما يتصل بعدة تهم منها القتل والتعذيب، والاعتداء الجنسي، وحبس المدنيين في ظروف لا إنسانية، وبصورة غير قانونية، وانتهت في 15 أكتوبر 1998. وخلال تلك الفترة، استمعت الدائرة الابتدائية إلى شهادة 122 شاهداً، وتلقت 691 مستنداً، وأصدرت العديد من القرارات والأوامر بشأن شتى الالتماسات المقدمة من كل من الادعاء والدفاع بشأن المتهمين الأربعة. وعلاوة على ذلك، قدمت الأطراف عدة طعون عارضة أمام دائرة الاستئناف.

وصدر الحكم بالإجماع في 16 نوفمبر 1998، وهو أول حكم يشمل عدة متهمين تصدره المحكمة. وأعلنت الدائرة الابتدائية، في حكمها، رأيها في عدد من المسائل الهامة فيما يتصل بتفسير القانون الإنساني الدولي وتطبيقه. وفيما يختص بالمسائل الأولية المتصلة بانطباق المادة 2 من النظام الأساسي للمحكمة ونظام الانتهاكات الجسيمة المحدد في اتفاقيات جنيف لعام 1949، ارتأت الدائرة أن "البوسنة والهرسك شهدت صراعاً مسلحاً دولياً" وأن ضحايا الجرائم المزعومة كانوا "أشخاصاً مشمولين بالحماية" بالمعنى الوارد في اتفاقيات جنيف.

وأعلنت الدائرة الابتدائية رأيها أيضاً في مفهوم مسؤولية القيادة، وهو أول قرار يصدر عن هيئة قضائية دولية بشأن هذا المبدأ، منذ القضايا التي فُصل فيها في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وخلصت الدائرة الابتدائية إلى أن مبدأ مسؤولية القيادة يشمل الرؤساء العسكريين والمدنيين على حد سواء بناء على وجودهم في مواقع السلطة بحكم القانون والواقع. وبالإضافة إلى ذلك، قضت الدائرة للمرة الأولى قضاء مهماً، مؤداه أن أفعال الاغتصاب يمكن أن تشكل في ظروف معينة تعذيباً، بمقتضى القانون الإنساني الدولي.

وقضت الدائرة الابتدائية، في الحكم ببراءة زينيل ديلاليتش من جميع التهم، التي تتصل أساساً بادعاء توليه قيادة معسكر شيليبتشي. وبناء عليه، أصدرت الدائرة الابتدائية أمراً بالإفراج عنه فوراً.

أما المتهمون الثلاثة الآخرون وهم زدرافكو موتسيتش وهازيم ديليتش وإساد لندجهو، فقد أدينوا بتهم شتى شملت ارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949، وانتهاكات لقوانين أو أعراف الحرب. وأدين زدرافكو موتسيتش فيما يتصل بإحدى عشرة تهمة بصفته قائماً على ارتكاب الجرائم المستند إليها، وهي القتل مع سبق الإصرار والتعذيب، وإحداث معاناة شديدة أو أذى بالغ، وارتكاب أعمال لا إنسانية. وقد أدين أيضاً لمشاركته مباشرة في جريمة الحبس غير القانوني للمدنيين في ظروف لا إنسانية. وأصدرت الدائرة الابتدائية 11 حكماً متزامناً بالسجن سبع سنوات.

وقضت الدائرة الابتدائية بأن هازيم ديليتش كان "عنصراً مؤثراً في إيجاد مناخ من الرعب نتيجة أفعاله وتهديداته، وإهانته للمحتجزين" في معسكر شلبيتشي. واعتبر مسؤولاً عن 11 تهمة بالقتل مع سبق الإصرار، والتعذيب، والاغتصاب، وإحداث معاناة شديدة أو أذى بالغ، وارتكاب أعمال لا إنسانية، وأصدرت الدائرة الابتدائية بشأنه عدداً من أحكام السجن المتزامنة، أطولها مدته 20 سنة بتهمة القتل مع سبق الإصرار والقتل العمد.

ورفضت الدائرة الابتدائية الدفاع المقدم عن إساد لاندجهو بضآلة مسؤوليته، فأدانته بالقتل مع سبق الإصرار، والقتل العمد، والتعذيب، والمعاملة القاسية، وإحداث معاناة شديدة أو أذى بالغ. وبناء عليه، حكمت الدائرة عليه بعدة أحكام متزامنة بالسجن، أطولها مدته 15 عاماً على جريمتي القتل العمد، والقتل مع سبق الإصرار. وعند إصدار الدائرة الابتدائية لأحكامها أشارت إلى وجود ظروف مخففة، معينة مثل صغر سن المتهم وقت ارتكاب الجرائم، وسهولة التأثير عليه وعدم نضجه.

وقد استأنفت جميع الأطراف في القضية أجزاء شتى من الحكم.

2. محاكمة فورونجيا

جاء في قرار الاتهام المعدل الموجه إلى "أنتو فورونجيا" الزعم بأنه كان القائد المحلي لوحدة خاصة من وحدات الشرطة العسكرية التابعة لمجلس الدفاع الكرواتي المعروفة باسم "يوكرس". وكان موجوداً بهذه الصفة خلال استجواب الشاهدة "ألف" على يد جندي خاضع لقيادته. ولم يتدخل أنتو فورونجيا، خلال سير الاستجواب، عند تعرض الشاهدة "ألف" طوال فترة طويلة من الوقت، لتهديدات وأعمال عنف منها إرغامها على مضاجعة جندي آخر. واتهم أنتو فورونجيا، بناء على ذلك، بتهمتي ارتكاب انتهاكات لقوانين أو أعراف الحرب (التعذيب وامتهان الكرامة الشخصية بما في ذلك الاغتصاب). وبدأت إجراءات هذه المحاكمة، التي جرت أمام الدائرة الابتدائية الثانية (برئاسة القاضية مومبا، وعضوية القاضي كاسيسي، والقاضي ماي)، في 8 يونيه 1998 وانتهت في 22 يونيه 1998، وأرجئ إصدار الحكم إلى تاريخ لاحق. وفيما بعد، أصدرت الدائرة الابتدائية، بناء على طلب من الدفاع، أمراً باستئناف الإجراءات من جديد. واستغرقت تلك الإجراءات أربعة أيام، وفي نهاية المطاف، أغلقت عملية الاستماع في 12 نوفمبر 1998. واتخذت الدائرة عدداً من تدابير الحماية اللازمة للشهود والمجني عليهم في القضية.

وأدانت الدائرة الابتدائية بالإجماع أنتو فورونجيا بالتهم الموجهة إليه. وخلصت الدائرة الابتدائية إلى عدة قرارات هامة في معرض اعتباره مسؤولاً مسؤولية جنائية بوصفه أحد مرتكبي التعذيب، ولمساعدته على ارتكاب أعمال امتهان الكرامة الشخصية، بما في ذلك الاغتصاب، أو التحريض على ارتكابها. فقد خلصت الدائرة، على سبيل المثال، بعد قيامها بفحص القرائن المقدمة من شتى الشهود الخبراء، إلى أن ذاكرة الشاهدة "ألف" فيما يتعلق بالجوانب المادية للأحداث ذات الصلة لم تتأثر بأي اضطراب نفساني قد تكون قد تعرضت له من جراء التجربة الأليمة التي مرت بها. وبالإضافة إلى ذلك، التزمت الدائرة بتعريف دقيق لكل من التعذيب والاغتصاب، بموجب القانون الإنساني الدولي.

وبعد أن أدانت الدائرة الابتدائية أنتو فورونجيا بوصفه أحد مرتكبي التعذيب ولمساعدته على ارتكاب أعمال امتهان للكرامة الشخصية، بما في ذلك الاغتصاب، أو التحريض على ارتكابها، أصدرت حكمين متزامنين بالسجن لمدة 10 سنوات و 8 سنوات على التوالي.

وقد استأنف أنتو فورونجيا الحكم.

3. محاكمة أليكسوفسكي

اتهم زلاتكو أليكسوفسكي في 10 نوفمبر 1995 بتهمتين مؤداهما ارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949، وتهمة واحدة مؤداها انتهاك قوانين أو أعراف الحرب بسبب المعاملة غير القانونية التي تعرض لها المحتجزون المسلمون البوسنيون على يديه، بوصفه قائداً لموقع احتجاز في كاونيك بالبوسنة الوسطى. وشمل قرار الاتهام أصلاً خمسة متهمين آخرين، من بينهم ثلاثة ـ هم تيهومير بلاشكيتش، وداريو كوديتش، وماريو تشيركيز ـ تجري حالياً محاكمتهم.

وجاء في قرار الاتهام أن الكثيرين من المحتجزين تحت سيطرة المتهم قد تعرضوا لمعاملة لا إنسانية، منها الإفراط والقسوة في الاستجواب، والإيذاء الجسدي والنفساني، والتسخير للعمل في ظروف خطرة، واتخاذهم "دروعاً بشرية"، وأن بعض المحتجزين قد قتلوا عمداً أو على نحو آخر.

وقد بدأت المحاكمة في 6 يناير 1998، أمام الدائرة الابتدائية الأولى مكرراً (برئاسة القاضي رودريغز، وعضوية القاضي فوجرا والقاضي نييتو ـ نافيا). وأدلى بالشهادة 38 شاهداً لصالح الادعاء، و26 شاهداً لصالح الدفاع. وقدم الادعاء 139 مستنداً بينما قدم الدفاع 37 مستنداً. وانتهت المحاكمة في 23 مارس 1999. ومن الجدير بالذكر إضافة إلى ذلك، أن الدائرة الابتدائية وجهت، في سياق المحاكمة، تهمة انتهاك حرمة المحكمة إلى أحد محاميي الدفاع في قضية أخرى، وأسفر ذلك عن إصدار حكم بالإدانة بتهمة انتهاك حرمة المحكمة في 11 ديسمبر 1998.

وصدر الحكم في 7 مايو 1999. وارتأت أغلبية أعضاء الدائرة الابتدائية أن الادعاء لم يثبت أن المجنى عليهم أشخاص مشمولون بالحماية بالمعنى الوارد في اتفاقيات جنيف لعام 1949، ولذا لا تسري عليهم المادة 2 من النظام الأساسي. ونتيجة قانونية لهذا القرار، رأت الدائرة الابتدائية أنَّ المتهم غير مذنب فيما يتعلق بالتهمتين المنسوبتين إليه بناء على المادة 2 من النظام الأساسي (ارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949). إلا أن الدائرة الابتدائية حكمت بإدانة المتهم بانتهاك قوانين أو أعراف الحرب، أي أعمال امتهان الكرامة الشخصية، بوصفه أولاً أحد الأفراد المشاركين، عملاً بالفقرة 1 من المادة 7 من النظام الأساسي، وبوصفه ثانياً قائداً لهم، عملاً بالفقرة 3 من المادة 7 من النظام الأساسي. وأصدرت الدائرة الابتدائية حكماً بالحبس لمدة سنتين وستة أشهر.

ووفقاً للقاعدة الفرعية 101 / د من القواعد، قررت الدائرة الابتدائية أن المتهم يستحق أن تحتسب له فترة السنتين وعشرة الأشهر والتسعة والعشرين يوماً التي قضاها محتجزاً قبل المحاكمة. وبناء عليه، أصدرت الدائرة أمراً بالإفراج عنه فوراً، بغض النظر عن أي استئناف للحكم.

وقد استأنف كلا الطرفين الحكم.

وتنظر المحكمة في عدد من القضايا، وتجري محاكمات لمتهمين من ذلك على سبيل المثال:

4. محاكمة كورديتش وشيركيز

بدأت في 12 أبريل 1999 أمام الدائرة الابتدائية الجديدة الثالثة (القاضي ماي رئيساً، والقاضي بنونة والقاضي روبنسون). ويدعي قرار الاتهام المعدل أن داريو كورديتش كان شخصية رئيسية في القيادة السياسية للكروات البوسنيين، وأن ماريو شيركيز كان القائد العسكري لـ "لواء فيتيز التابع لمجلس الدفاع الكرواتي". ويوجه القرار إلى كل من المتهمين 22 اتهاماً بخصوص ضلوعهما المزعوم في "حملة الاضطهاد والتطهير العرقي" ضد السكان البوسنيين المسلمين في البوسنة الوسطى، على أساس مشاركتهما المباشرة في الأعمال، وكذلك مسؤوليتهما عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف، وانتهاكات لقوانين الحرب وأعرافها.

وكانت الدائرة الابتدائية قد فصلت في المرحلة التمهيدية للمحاكمة في عدد من الالتماسات المقدمة من الطرفين، متخذة قرارات في موضوعات مختلفة، مثل شكل قرار الاتهام، واختصاص المحكمة، والتزامات الادعاء بالكشف عن الأدلة والإفراج المؤقت عن المتهمين، والمطالبة بإجراء محاكمات منفصلة.

وفي فبراير، وافقت الدائرة الابتدائية على طلب مقدم من الادعاء بإصدار أمر إلى كرواتيا بإبراز بعض الوثائق. وقدمت كرواتيا طلباً لإعادة النظر في هذا الأمر، عملاً بالمادة 108 مكرراً، لا يزال معروضاً على دائرة الاستئناف. واستمع أيضاً إلى طلبات أخرى تتعلق بأوامر ملزمة، ونظرت فيها الدائرة الابتدائية. وقد استمعت الدائرة إلى عدد من شهود الادعاء.

5. محاكمة بيليسيتش

اتهم غوران بيليسيتش في قرار الاتهام الثاني المعدل في قضية برشكو، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات لقوانين الحرب وأعرافها، بقتله بعض المحتجزين المسلمين وضربه آخرين منهم. وعملاً باتفاق بين المتهم والادعاء أطلق عليه "الأساس الوقائعي المتفق عليه للإقرارات التي سيقدمها غوران بيليسيتش بأنه مذنب" غَيَّر المتهمُ دَفّعَهُ بأنه غير مذنب إلى الاعتراف بأنه مذنب، فيما يتصل بجميع التهم المتصلة بالجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات قوانين الحرب وأعرافها. ورفض الدفاع اقتراحاً من الدائرة الابتدائية بأن تصدر لهذه التهم أحكام منفصلة بالإدانة. وبدأت المحاكمة المتصلة بالاتهام الوحيد المتبقي الذي دفع المتهم ببراءته منه، وهو الإبادة الجماعية، أمام الدائرة الابتدائية الأولى (القاضي جوردا، رئيساً، والقاضي رياض والقاضي رودريغز) في نوفمبر 1998، إلا أن إجراءات المحاكمة تأجلت فترة طويلة من الزمن نتيجة لمرض القاضي رياض.

رابعاً: أماكن تنفيذ العقوبات

ينص نظام المحكمة على أن ينقل المتهمون بعد إدانتهم واستنفاد كل وسائل المراجعة من سجن المحكمة في لاهاي، الذي هو مركز اعتقال مؤقت، إلى واحدة من سبع دول وقعت على اتفاق مع محكمة الجزاء الدولية لاستقبال محكوميها وهي:

1. إيطاليا: وقعت الاتفاق في 6 فبراير 1977.

2. فنلندا: وقعت الاتفاق في 7 مايو 1997.

3. النرويج: وقعت الاتفاق في 27 أبريل 1998.

4. السويد: وقعت الاتفاق في 23 فبراير 1999.

5. النمسا: وقعت الاتفاق في 23 يوليه 1999.

6. فرنسا: وقعت الاتفاق في 25 فبراير 2000.

7. أسبانيا: وقعت الاتفاق في 28 مارس 2001.

وستنضم بريطانيا قريباً إلى هذه المجموعة.

وأعربت دول أخرى، إما لمجلس الأمن أو للأمين العام أو لرئيس المحكمة، عن استعدادها لإنفاذ الأحكام الصادرة عن المحكمة، وإن كان لم يبرم أي اتفاق معها بعد. وهذه الدول هي ألمانيا وباكستان والبوسنة والهرسك وجمهورية إيران الإسلامية والدانمارك وكرواتيا.

واعتمدت رئيسة المحكمة توجيهين إجرائيين يتعلقان بالإنفاذ: توجيه إجرائي بشأن إجراءات قيام المحكمة بتعيين الدولة التي سيقضي فيها الشخص المدان مدة السجن المحكوم بها عليه؛ وتوجيه إجرائي بشأن إجراءات تحديد طلبات العفو، وتخفيف الأحكام، والإفراج المبكر عن الأشخاص المدانين من المحكمة.

خامساً: أهم الشخصيات التي تلاحقها المحكمة

من أهم الشخصيات التي وجهت إليها قرارات اتهام، وتلاحقها المحكمة، سلوبودان ميلوشيفتش، وسيأتي الحديث عنه. ورادوفان كاراديتش وراتكو ميلاديتش، والاثنان من زعماء صرب البوسنة وتتهمهما المحكمة بجرائم حرب يبلغ عدد ضحاياها أكثر من 200 ألف نسمة، منهم 85% مسلمون، و12% كروات، و3% من الصرب، ويعد هذان الرجلان من أخطر المتهمين بارتكاب جرائم حرب منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. وكانت القوات الدولية العاملة في البوسنة والهرسك قد تلقت أوامر واضحة من حلف شمال الأطلسي بالسعي لمعرفة مكان اختبائهما، والقبض عليهما، وتسليمهما لمحكمة الجزاء الدولية.

وكشف رئيس الأركان اليوغسلافي السابق الجنرال بيريشيتش أن سلوبودان ميلوشيفتش أمره عام 1996م باعتقال كاراديتش، الذي كان وقتها رئيساً لصرب البوسنة، وتسليمه إلى محكمة لاهاي إرضاءً للغرب، وسعياً وراء رفع العقوبات عن يوغسلافيا.

ومما يسهل من أمر القبض على كاراديتش أن الكثيرين من حراسه تخلوا عنه، وكان عددهم خمسين حارساً يدفع لكل واحد منهم 500 دولار شهرياً، ولم يبق معه سوى خمسة من حراسه المخلصين يعملون له متطوعين. وكانت القوات الدولية تخشى من حدوث حمام دم إذا أقدمت على اقتحام معاقله التي يتوقع أن يكون فيها.

أما الجنرال ميلاديتش فإنه يختبئ في ثكنة عسكرية تحت حراسة جنود صرب البوسنة، وإخراجه منها شئ شيه المستحيل كما يقول المراقبون.

ومن الشخصيات المهمة أيضاً ميلان ميلاتونوفيتش الرئيس الصربي، المتهم مع ميلوشيفيتش، وقد استبعد رئيس وزراء يوغسلافيا في 4/8/2001 تسليمه لمحكمة لاهاي، وقال في مؤتمر صحفي: إن "ميلاتونوفيتش يتمتع بحصانة لأنه لا يزال في منصبه رئيساً لجمهورية صربيا". وطالب محاكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا أن تستبعد من قائمة المطلوبين لديها 15 شخصية يوغسلافية، لا تزال تتمتع بحصانة في الدولة كالرئيس ميلاتونوفيتش، ووزير الداخلية السابق فلايكو استوجيلكوفيتش وجنرالات آخرين في الجيش، أمثال الجنرال فيسيلين سليفانشاين المتهم مع جنرالين آخرين بارتكاب جرائم حرب، وتحملهم محكمة الجزاء الدولية المسؤولية عن مجزرة فوكوفار في كرواتيا سنة 1991.

ولكن رئيسة الادعاء العام في المحكمة قامت بزيارة إلى يوغسلافيا في الأول من سبتمبر، الهدف منها كما تقول الناطقة باسم الادعاء العام، التوصل لاتفاق مع السلطات الصربية واليوغسلافية حول كيفية تسليم الرئيس الصربي الحالي ميلان ميلوتينوفيتش إلى المحكمة في لاهاي، والإسراع في اعتقال عدد من المتهمين من قبل المحكمة، الذين ما زالوا يشغلون مناصب رفيعة في السلطتين الصربية واليوغسلافية.

وأكدت الناطقة باسم الادعاء أن المحكمة الدولية لا تعبأ بأقوال بعض الساسة في بلغراد بأن المطلوبين تحميهم الحصانة؛ "لأن هذه الحصانة لا تشمل محكمة جرائم الحرب الدولية". ومن بين المدرجين على لائحة الاتهامات التي تطالب ديلا بونتي باعتقالهم وتسليمهم، رئيس أركان الجيش اليوغسلافي الجنرال نيبوشا بافكوفيتش، المقرب الآن من الرئيس اليوغسلافي فويسلاف كوشتونيتسا، وعدد آخر من ضباط الجيش على رأسهم العقيد فسلين شليفانشنين المتهم بقتل 250 كرواتياً في مدينة فوكوفار بأقصى شرق كرواتيا عام 1991، إضافة إلى وزيري الدفاع والخارجية السابقين، وعدد من أعضاء البرلمانين الصربي والاتحادي.

وبين هؤلاء رئيس الحزب الراديكالي الصربي فويسلاف شيشل، الذي أعلن أنه سيقود تمرداً عاماً في صربيا بسبب تنازلات الحكومة الصربية للمحكمة الدولية وتسليمها "أبطال صربيا القوميين".

ومن الشخصيات المهمة رئيسة حكومة صرب البوسنة السابقة بليانا بلافاشيتش، والتي سلمت نفسها طواعية في يناير 2001 للمحكمة الدولية؛ وكان من نتائج ذلك أن حظيت بامتيازات كثيرة، منها: السكن في فيلا، والسماح لها أن تطبخ بنفسها.

ثم وافقت المحكمة على إطلاق سراحها لحين موعد محاكمتها المحدد في العام 2002. وتنوي بلافاشيتش قضاء الفترة المقبلة عند أخيها ببلغراد، وتحت حراسة الشرطة الصربية. وقد أعطت السلطات في بلغراد ضمانات لمحكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا بحماية بليانا بلافاشيتش التي يقال أنها ساعدت المحكمة في الكشف عن كثير من أسرار الحرب مثل دور ميلوشيفيتش في المذابح التي تمت في البوسنة والهرسك بين أعوام 1992 و 1995.

وكانت بليانا قد سلمت نفسها لمحكمة جرائم الحرب في لاهاي بعد توجيه اتهامات لها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق كل من البوشناق المسلمين والكروات بين 1991 و 1992.

وقد شنت الصحف البوسنية الصادرة في سراييفو حملة ضد إطلاق سراح بليانا بلافاشيتش، واتهمتها بأنها كانت أكثر تطرفاً من رادوفان كرادجيتش. وأضافت الصحف أنه رغم ما كان عليه كرادجيتش من قسوة ووحشية في معاملة المدنيين والأسرى المسلمين فإنه كان يرى مواقف بليانا بلافاشيتش ضرباً من الجنون، وقد قال لها يوماً "يجب أن تحبسي في مصحة نفسية، وتمنعي من الخوض في الشأن العام". وكانت بليانا تؤيد حرق سراييفو إذا لم يستطع الصرب السيطرة عليها.

وستعود بليانا بلافاشيتش لسجنها قبيل موعد محاكمتها العام القادم. ويقول المراقبون أن المحكمة وافقت على إطلاق سراحها لسببين، أحدهما أنها قامت بتسليم نفسها ولم يقع اعتقالها وترحيلها إلى لاهاي عنوة، وثانياً تشجيع بقية المتهمين من الطوائف الثلاثة في البوسنة والهرسك بارتكاب جرائم حرب، على تسليم أنفسهم والتمتع بالميزات التي تقدمها المحكمة لمن يفعلون ذلك بمحض إرادتهم.