إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / مذبحة قانا (1996)





قصف معسكر القوات الدولية في قانا

أوضاع مليشيات حزب الله
موقف القوات المختلفة
المخيمات الفلسطينية في لبنان



المبحث الثالث:

3. أعمال قتال يوم 16 أبريل، وموقف مجلس الأمن من العدوان

أ. الموقف العسكري، يوم 16 أبريل

في اليوم السادس على التوالي، استمرت إسرائيل في القصف، الجوي والمدفعي، للأراضي اللبنانية، إذ قصفت مخيم "عين الحلوة" الفلسطيني، في ضواحي صيدا. كما أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على مواقع تابعة لحزب الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وغيرها من المناطق في جنوبي لبنان، مما أسفر عن مصرع جنديين لبنانيين. كما قصفت المنطقة، التي يقع فيها منزل نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، في مدينة صور، جنوبي لبنان، فسقطت القذائف على بعد أمتار منه. وفي الوقت نفسه، اضطرت الطائرة، التي كانت تقل رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، قادماً من جدة، إلى تحويل مسارها إلى مطار دمشق الدولي، بدلاً من مطار بيروت، بسبب شدة القصف الإسرائيلي لمنطقة المطار. كما استهدف القصف الجوي الإسرائيلي بعض منازل المسؤولين الفلسطينيين في لبنان، ومنها منزل منير نصوح، زعيم إحدى الجماعات الفلسطينية، المعارضة لاتفاقات السلام مع إسرائيل، مما أدى إلى إصابة 3 أشخاص. كما شنت الطائرات الإسرائيلية 25 غارة، أسفرت عن مصرع 3 لبنانيين، وإصابة عشرة آخرين. ووجهت إسرائيل إنذار إلى سكان لبنان، للابتعاد عن مساكن المسؤولين، اللبنانيين والفلسطينيين، المعروفين بنشاطهم المعادي لإسرائيل، لأنها ستكون أهدافاً لعمليات عسكرية. أمّا حزب الله، فقد أطلق صواريخ الكاتيوشا على شمالي إسرائيل، مستهدفاً مستوطنة كريات شمونة، وهدد بقصف منشآت سياحية، واقتصادية، وعسكرية، إسرائيلية.

ب. الهدف الإسرائيلي من استمرار العدوان

كان من الواضح، بعد ستة أيام من القصف، الجوي والمدفعي، الإسرائيلي، أن حزب الله، ليس هو الهدف، كما ادّعى المسؤولون الإسرائيليون. ولكن الهدف الحقيقي، هو إحراج سورية، التي لها في لبنان 40 ألف جندي، وتريد أن يكون الحل على المسار العربي الأخير للسلام، وهو "السوري ـ اللبناني"، محققاً لمصالحها الكاملة، من طريقين:

الأول: أن يبحث مجلس الأمن المشكلة برمّتها، فيعيد إحياء قراراته السابقة، الرقم (425) وما بعده. أي انسـحاب إسرائيل، والقوات الأجنبية الأخرى ـ 40 ألف جندي سوري، و2000 من الحرس الثوري الإيراني، في البقاع ـ من كل لبنان، وهذا يؤدّي إلى إخراج لبنان من المسار السوري للسلام، ويجعل لإسرائيل نفوذاً في إدارته وسياسته، بحكم أنها الدولة الأقوى إلى جواره، وبحكم مشاركته في مياهه، وبحكم انضمام القوات اللبنانية العميلة، التي تعمل تحت إمرة الجيش الإسرائيلي، إلى الجيش اللبناني، في المستقبل، كما تطالب إسرائيل.

الثاني: أن تتوسع الاشتباكات، وتدخل دمشق طرفاً فيها. ومن ثم، لن يكون الحل لبنانياً، وإنما سيصبح "سورياً ـ لبنانياً ـ إسرائيلياً". الأمر الذي يعطي الجيش الإسرائيلي ميزة تفاوضية كبرى، تدعمها القوى الأمريكية وتساندها. وتنفيذاً لهذا الرأي، ينفذ عملاء إسرائيل عمليات تخريبية، في العاصمة اللبنانية، لزعزعة الأمن، وإجبار الحكومة على التسليم بطلبات إسرائيل.

ج. موقف مجلس الأمن الدولي من العدوان

تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية، امتنع مجلس الأمن عن إصدار بيان، أو قرار، أو اتخاذ أي إجراء لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. واكتفى المجلس بعد جلسة مشاورات، استمرت ثلاث ساعات ونصف الساعة، بإصدار إعلان مقتضب، تلاه رئيس المجلس، خوان سومانيا، من شيلي، قال فيه إن الاستنتاج الوحيد، الذي يعتقد أن في إمكانه استخلاصه من مناقشات أعضاء مجلس الأمن، هو أن الذين تحدثوا في الجلسة، عبّروا عن رغبتهم في وقف المعارك والعنف وإراقة الدماء، وأن يبدأ الاهتمام بحاجات المدنيين الإنسانية، ودعم عملية السلام بين العرب وإسرائيل.

وقالت مصادر الأمم المتحدة، إن استنتاج رئيس مجلس الأمن، الذي جاء في تصريحه، هو القاسم المشترك الوحيد، الذي أمكن التوصل إليه بين الوفود، التي شاركت في مناقشات مجلس الأمن، حول العدوان الإسرائيلي على لبنان. وأضافت المصادر أنه كان لا بد من هذا التصريح، أو لا شيء على الإطلاق.

وخلال مناقشات المجلس، وعلى مدار يومين، لم يتوقف ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية لدى المنظمة الدولية، من تأكيد استخدام واشنطن حق الاعتراض، إذا أصرّ لبنان على الحصول على قرار ملزم من مجلس الأمن ضد إسرائيل. وحاولت فرنسا إدخال عبارة وقف إطلاق النار، في الإعلان، الذي تلاه رئيس مجلس الأمن. غير أن واشنطن رفضت ذلك، كما رفضت الإشارة إلى قرار مجلس الأمن الرقم (425)، الصادر عام 1978.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن العنصر الإيجابي الوحيد، الذي حصل عليه لبنان، هو قول رئيس المجلس، سومانيا إن مجلس الأمن، سيستمر في متابعة هذه المسألة. وقال مندوب مصر لدى المنظمة الدولية، السفير نبيل العربي: "إن مجرد اجتماع مجلس الأمن، مرتين في يوم واحد، للنظر في إجراءات إسرائيلية ضد شعبين عربيين، يُعد أمراً يدعو إلى القلق البالغ". وقال العربي: "إن إسرائيل طالما بررت اعتداءاتها المتكررة على سيادة لبنان، بأنها تستند إلى حق الدفاع الشرعي، في مواجهة بعض الهجمات المتفرقة من الجنوب اللبناني. واستندت في ذلك الدفاع، من أجل غزو لبنان، والاعتداء على سيادته وسلامة أراضيه، ثم من أجل مواصلة احتلال جزء من الأراضي اللبنانية في الجنوب، إلى دعوى ضمان أمن شمالي إسرائيل. فلا بد لنا من وقفة، لدحض هذه الدعوى". وأشار السفير المصري إلى أن الواقع أثبت، طوال العقدين الماضيين، أن الاحتلال الإسرائيلي، لم يضمن لإسرائيل أمن سكانها، بل العكس. وأضاف أن "كل الدلائل تشير إلى أن جنوح البعض إلى التطرف والعنف، كوسيلة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق بعض الغايات السياسية، هو رد فعل مباشر، ونتيجة حتمية لِما تعرّض له هؤلاء من قهر ومعاناة". واستطرد، قائلاً: "إنه لا يمكن أن نجد تبريراً ملائماً للغارات الإسرائيلية المكثفة، التي تقصف المناطق السكنية، في المدن والقرى اللبنانية، طوال الأيام الماضية، التي أسفرت عن مقتل العشرات، وجرح ما يقرب من مائة شخص، وتشريد مئات الألوف من اللبنانيين خارج بيوتهم ومدنهم. ولا يمكن أن يقبل أي مراقب منصف، أن مثل هذه الغارات، التي أصبحت حرباً شاملة على شعب بأسره، إنما تستهدف فقط أولئك، الذين أطلقوا بعض القذائف على شمالي إسرائيل". وطالب العربي مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته، إزاء وضع حدّ لتلك الادعاءات، من طريق اتخاذ إجراءات محددة، تحقق وقفاً فورياً لإطلاق النار، وللعمليات العسكرية، وانسحاباً إسرائيلياً إلى الحدود الدولية، المعترف بها، يقوم على أساس قرارات مجلس الأمن، ومنها القرار الرقم (425). وأكد المندوب المصري أن أي اعتداء مسلح على دولة مج اورة، أيّاً كان الدافع إليه، يُعَدّ عدواناً محرّماً، مشيراً إلى أن دعوى الدفاع عن النفس، لها ضوابط، ينظمها ميثاق الأمم المتحد ة وقواعد القانون الدولي العام المعاصر.  

4. أعمال قتال يوم 17 أبريل، ورد الفعل، العربي والدولي

أ. الموقف العسكري الإسرائيلي، واستمرار تصعيد العدوان

واصلت القوات الإسرائيلية، لليوم السابع، على التوالي، عملياتها العسكرية واسعة النطاق، في جنوبي لبنان، باستخدام القصف الجوي المركز، ونيران المدفعية الثقيلة. وشمل القصف عشرات القرى في الجنوب اللبناني، وفي جنوب مدينة صور، وضاحية بيروت الجنوبية. مما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص، من بينهم ثلاثة من رجال الإسعاف.

وذكر متحدث باسم قوات الطوارئ الدولية، العاملة في الجنوب اللبناني، تيمور جوكسيل، "أن إسرائيل شنت 50 غارة جوية. كما أطلقت عدة آلاف من قذائف المدفعية، على مدن الجنوب اللبناني وقراه. وأن القصف أسفر عن إصابة 8 مدنيين، بينهم ثلاثة أشخاص في سيارة إسعاف. وهو ما أدى إلى زيادة حجم الضحايا، منذ بدء القتال، إلى نحو 70 قتيلاً، و177 جريحاً، معظمهم من المدنيين. وأفادت تقارير وكالة الأنباء الفرنسية، أن العدوان الإسرائيلي، أدى إلى تشريد أكثر من نصف مليون لبناني من ديارهم.

كما أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً، أذيع عبْر إذاعة إسرائيل. حذّر فيه المواطنين اللبنانيين، من سكان الجنوب اللبناني، من التباطؤ في الهرب من المنطقة، حرصاً على حياتهم. وقال نائب رئيس الأركان الإسرائيلي، إن إسرائيل لم تبرز، حتى الآن، سوى جزء يسير من قدرتها، في لبنان.

ب. الموقف العسكري والسياسي لميليشيا حزب الله

استأنفت ميليشيا حزب الله هجماتها الصاروخية على شمالي إسرائيل. وذكرت المصادر الأمنية الإسرائيلية، أن أكثر من 50 صاروخاً، من نوع كاتيوشا، قد سقطت على المستوطنات الواقعة في الجليل الشرقي، مما أسفر عن إصابة شخص واحد، وإحداث خسائر مادية واسعة النطاق.

وفي تصريح للشيخ حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، أكد أن إسرائيل، عجزت، حتى الآن، عن ضرب أطراف الحزب، فضلاً عن قلبه. وقال إن إسرائيل واهمة في محاولتها الراهنة إحداث انقسام في الصف اللبناني. وأكد أن المذابح، التي ترتكبها إسرائيل في لبنان، وحّدت الصفوف في مواجهة العدوان الإسرائيلي. وأشار نصر الله إلى أن فصل لبنان عن سورية، هو أحد أهداف العدوان الإسرائيلي. إلاّ أن علاقة المصلحة والحاجة بين البلدين، أقـوى من تلك المحاولات الإسرائيلية. وأكّد نصر الله، أن محاولة ضرب لبنان، اقتصادياً، وإرباك الحكومة اللبنانية، وإيجاد متاعب لها على الجبهتين، السياسية والاجتماعية، هو أمر يعيه جيداً الشعب اللبناني، الذي توحدت صفوفه في مواجهة العدوان.

ج. الموقف العربي

(1) اجتماع خماسي، في وزارة الخارجية المصرية، لبحث الموقف

عُقد في مقر وزارة الخارجية المصرية، اجتماع خماسي، في 17 أبريل 1996، لبحث الموقف المتدهور في لبنان. وشـارك في الاجتماع وزراء خارجية مصر والسعودية وسورية ولبنان وفرنسا. وكان الاجتماع قد بدأ رباعياً بمشاركة وزراء خارجية الدول العربية الأربع ثم انضم إليهم وزير خارجية فرنسا، الذي صرح بأن هناك تقارباً في الرُّؤَى، حول العديد من الأمور، معرباً عن أمله في التوصل إلى حل سريع للأزمة، لأن الشعب اللبناني، يتعرض لمحنة قاسية.

وأكّد وزير الخارجية الفرنسي، أنه اتفق مع السيد عمرو موسى، وزير الخارجية المصري، على مضاعفة الجهود المصرية ـ الفرنسية، للإسراع في حل الأزمة. وأشار إلى أنه أجرى اتصالاً مع نظيره الأمريكي، كريستوفر، اتفقا خلاله على العمل معاً، وتوحيد الجهود لحل الأزمة. وأعلن فارس بويز، وزير الخارجية اللبناني، وجود بعض الجوانب الإيجابية في المبادرة الفرنسية، التي تقوم على أسـاس الاتفاق الشفهي، الذي تم التوصـل إليه بين إسرائيل وحزب الله، في يوليه 1993. وطالب بويز بأن يأخذ القرار الرقم (425) مكانه في أي مبادرة مطروحة لحل الأزمة.

وقال عمرو موسى إنه يوجد تفاهم حول المبادرة الفرنسية. أمّا المبادرة الأمريكية، فإن 60 ـ 70% منها، لا يقبله لبنان، لأنه يكرس الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب اللبناني.

(2) اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية (دورة الغضب)، وردود الفعل إزاء العدوان الإسرائيلي

في ختام دورته الطارئة، في 17 أبريل 1996، التي أطلق عليها اسم "دورة الغضب"، أصدر مجلس جامعة الدول العربية بياناً تضمن الآتي:

·   طالب مجلس جامعة الدول العربية بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان. ووضع حد لعملية التدمير والتهجير القسري الجماعي، التي تقوم بها إسرائيل، على نطاق واسع، في لبنان، وعودة المهجَّرين نتيجة هذا العدوان، إلى قراهم ومدنهم.

·   أقرّ حق الشعب اللبناني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما حق الدفاع المشروع ضد المحتل.

·   أكّد دعم حق لبنان في مطالبة إسرائيل بالتعويض عن الضحايا والأضرار، الناجمة عن الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية.

·   دان، بشدة، العدوان الشرس، والمتواصل، على الأراضي اللبنانية، الذي استهدف سيادة لبنان وسلامة أبنائه وأراضيه وحرمة أجوائه ومياهه الإقليمية، وأدّى إلى تدمير البنية التحتية والمرافق الأساسية والآثار التاريخية، في عدة مناطق من لبنان.

·   دان إسرائيل، لبدئها هذا العدوان ضد لبنان، منتهكة، بذلك، ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، ومعرضة عملية السلام، المستندة إلى قرارات مجلس الأمن الأرقام 242، 338، 425 للانهيار.

·   أكّد تضامن الموقف العربي مع لبنان، في مواجهة العدوان الإسرائيلي. وطالب مجلس الأمن بإدانة هذا العدوان، وإلزام إسرائيل بتنفيذ القرار الرقم (425).

·   قرّر تقديم الدعم، المالي والعينيّ، إلى الحكومة اللبنانية، لتأمين عودة عاجلة للمهجَّرين إلى مدنهم وقراهم، التي شردهم منها العدوان الإسرائيلي الغاشم، ودعوة المنظمات والهيئات، العربية والدولية والإنسانية، إلى تقديم جميع المساعدات الممكنة إلى لبنان، بصورة عاجلة، لمواجهة الأوضاع المأساوية، والدمار الناجم عن العدوان الإسرائيلي.

·   طالب مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بدفع التعويضات، اللازمة لإعادة ما دمرته اعتداءاتها، من مرافق وبنية أساسية.

·   قرّر تقديم المساعدات العاجلة إلى الحكومة اللبنانية، بهدف إعادة تعمير ما دمرته الاعتداءات الإسرائيلية، من مرافق وبنية أساسية.

·   كلّف المجلس أمينه العام بمتابعة الموقف، وإجراء ما يتطلبه من تنسيق بين الدول العربية، بالنسبة إلى الخطوات العملية، المطلوب اتخاذها، كإجراء الاتصالات الفورية مع راعيَي مؤتمر السلام، والأمين العام للأمم المتحدة، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، ورئاسة الاتحاد الأوروبي، من أجل الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية، والعمل على تطبيق القرار الرقم (425)، ووضع حدّ نهائي للاحتلال الإسرائيلي.

تَرَكَ المجلس دورته الطارئة مفتوحة. وعهد إلى الأمين العام رف تقرير إلى المجلس، في الموعد الذي يراه مناسباً.

وخلال المؤتمر، صرح وزير الخارجية اللبناني، فارس بويز، "أن بلاده تعرضت لعمليات واسعة النطاق، من جانب الجيش الإسرائيلي. وأضاف أن الإعلام العالمي، نجح في تصوير الأيام الأولى للعدوان، على أنه انتقام ضد عناصر المقاومة اللبنانية. والواقع مختلف تماماً، فلا يمكن أن يصنف ما يجري في لبنان عملية عنصرية، ولكنه عملية سياسية، مخططة، ومبرمجة".

(3) مساعدات عاجلة للبنان من برنامج الخليج العربي

خصص برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية، الذي يرأسه صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز، مبلغ مليون دولار، لدعم جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية الضرورية في لبنان، في ظل الوضع المأساوي، والمعاناة التي يعيشها السكان، من جراء العدوان الإسرائيلي.

(4) مشروع قرار مصري في مجلس الأمن، لوقف العدوان الإسرائيلي

تقدمت مصر، في السابع عشر من أبريل 1996، بمشروع قرار عاجل، إلى مجلس الأمن، يطالب بوقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان، فوراً، والانسحاب من لبنان، وإدانة الأعمال العسكرية، التي تمارسها إسرائيل ضد دولة عضو في الأمم المتحدة. وتبنّي المشروع لبنان وبقية الدول العربية. وتحركت مجموعة الدول العربية في الأمم المتحدة، من أجل أن يحظى هذا القرار بالتأييد اللازم، من جميع أعضاء المجلس، على الرغم من أن واشنطن، تعارض، بشدة، فكرة اتخاذ المجلس قراراً ضد إسرائيل.

وأكد سمير مبارك، سفير لبنان لدى الأمم المتحدة، أن مشروع القرار المصري، يتضمن طلباً من الأمين العام للمنظمة الدولية، بوضع برنامج تحرك مكثف، من أجل مساعدة الحكومة اللبنانية على تخطّي المشاكل، الناجمة عن نزوح مئات الألوف من المدنيين. كما طالب المشروع إسرائيل بدفع تعويضات عن الدمار، الذي تسببت به عملياتها العسكرية في لبنان.

د. الموقفان، الفرنسي والأمريكي، ورد فعل كلٍّ من لبنان وإسرائيل على المبادرتَيْن، الفرنسية ـ والأمريكية

(1) المبادرة الفرنسية

أعلن هيرفيه دي شاريت، وزير الخارجية الفرنسي، أن بلاده تقدمت بمبادرة مكتوبة، لوقف الهجوم على المدنيين، على الحدود بين إسرائيل ولبنان، لإنهاء القتال، الذي دخل يومه السابع، والمبادرة تضم ثماني نقاط، هي:

·   إعطاء صفة رسمية للتعهدات الشفوية، عام 1993، وجعلها تعهدات مكتوبة.

·   امتناع الحكومة الإسرائيلية عن أي عمل، من شأنه الإضرار بأمن السكان المدنيين، وبحقهم في العيش في أماكن سكنهم العادية.

·   اتخاذ الحكومة اللبنانية كل الإجراءات، اللازمة لضمان أمن السكان المدنيين الإسرائيليين، وتجنّب كل عمل ضدهم، انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.

·   امتناع حزب الله، وجميع الميليشيات المتمركزة في جنوبي لبنان، عن استخدام أسلحة هجومية ضد الأراضي الإسرائيلية.

·   أخذ الدول الضامنة علماً بهذه التعهدات (وهذه الدول هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودول أوروبية أخرى).

·   حصول هذه الدول، أيضاً، على موافقة البلدان الأخرى، المعنية، في المنطقة، خاصة سورية.

·   تشكيل لجنة أمنية، تضم ممثلين للدول الضامنة لإسرائيل ولبنان، وتكلّف بالسهر على حسن تطبيق الترتيبات. وتجتمع هذه اللجنة لدى تقدم أحد الأطراف بشكوى. ويجمد أي عمل انتقامي، خلال النظر في الشكوى.

·   الاقتراح (الفرنسي) العاجل، يهدف إلى مواجهة الأزمة الحالية، ولا يكون بديلاً من الحل النهائي، الذي يأتي في إطار عملية السلام.

(2) المبادرة الأمريكية

يضم مشروع الاتفاق، الذي اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية، لحل الأزمة الإسرائيلية ـ اللبنانية، ووقف عمليات حزب الله، سبع نقاط. وتنص المبادرة على الآتي:

·   امتناع حزب الله عن مهاجمة شمالي إسرائيل.

·   امتناع إسرائيل عن مهاجمة مناطق مدنية، شمال المنطقة التي تحتلها في لبنان.

·   امتناع حزب الله عن أي نشاط في المناطق المدنية، الواقعة شمال المنطقة المحتلة.

·   وضع آلية دولية، لضمان تطبيق الاتفاق، والإشراف عليه.

·   إمكانية أن تشن إسرائيل عمليات على أهداف لحزب الله، إذا هاجم مناطقها الشمالية.

·   امتناع حزب الله عن شن عمليات ضد الجنود الإسرائيليين، في جنوبي لبنان.

·   تعهد إسرائيل بإجراء مفاوضات، حول انسحابها من جنوبي لبنان.

(3) رد فعل  لبنان تجاه المبادرتين

أوضح رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، في مؤتمر صحفي، في لندن، عقب اجتماعه مع جون ميجور، رئيس الوزراء البريطاني، "أن الاقتراح الأمريكي، يدعو إلى وقف هجمات إسرائيل على المدنيين، لكنه يتجاهل القرار (425)، الداعي إلى انسحاب إسرائيل من جنوبي لبنان، وإلى توقيع اتفاق سلام، بين إسرائيل ولبنان، بصورة تقفز فوق الواقع الموجود حالياً". وأشار إلى أن المبادرة الفرنسية، تحوي عناصر إيجابية كثيرة. وقال الحريري، إن مطالبة إسرائيل بنزع سلاح حزب الله، قبل الانسحاب من الجنوب اللبناني، غير مقبولة. وأكّد أن الحكومة اللبنانية، لا يمكن أن تقف في وجه المقاومة اللبنانية، ما دام الوجود العسكري الإسرائيلي في الجنوب قائماً.

(4) رد فعل إسرائيل تجاه المبادرة الأمريكية

أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، شيمون بيريز، إلى أن إسرائيل، لن تبدأ التفكير في الانسحاب، إلاّ بعد تسعة أشهر من الهدوء على حدودها، على إثر توقيع الوثيقة.

ونقل التليفزيون الإسرائيلي، عن مصدر حكومي إسرائيلي، قوله: "إن إسرائيل ستوقف، من الفور، عملياتها العسكرية في لبنان، إذا وافقت دمشق وبيروت على هذه الوثيقة".

وقال شيمون بيريز، إن لبنان وسورية، يدركان الحاجة إلى منع مقاتلي حزب الله من مهاجمة إسرائيل. وأشار إلى أن هدف العملية العسكرية، "عناقيد الغضب"، هو توصيل رسالة إلى بيروت ودمشق، بضرورة ممارسة ضغط على حزب الله، كي يتصرف بشكل مختلف. وأكد أن إسرائيل تريد اتفاقاً مكتوباً، وليس شفهياً، لوقف القتال الدائر مع حزب الله. واستطرد، قائلاً، إن توقف المعارك في لبنان، ليس وشيكاً. وإن هناك أربعة أطراف، على الأقل، معنية بهذه الأزمة، هي: لبنان وسورية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولكل منها مصالح محددة، ووجهة نظر مختلفة.


 



[1] اعترف رئيس الأركان الإسرائيلي آمنون شاحاك بأن 100 صاروخ كاتيوشا أطلقت من حزب الله وأن القسم الأكبر منها سقط في الحقول دون تأثير

[2] لبنان تتمشى هذه التصريحات مع ما أعلنته إسرائيل تماما على لسان مسؤوليها، وكأن البيان الأمريكي صادر من تل أبيب وليس من واشنطن