إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / القرصنة البحرية




محاكمة قراصنة صوماليين
السفينة الأوكرانية المخطوفة
القراصنة فوق الناقلة السعودية
القرصان ويليام كيد
القرصان جون روبرتس
القرصان ذو اللحية السوداء
استخدام القراصنة للزوارق الصغيرة
قراصنة يعتلون سفينة

ملابس القرصان
العملية الأوروبية "أتلانتا"
علم القراصنة

الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح
الملاحة عبر قناة السويس
التواجد الأجنبي
الدول المطلة على البحر الأحمر
طرق الملاحة البحرية



أمن البحـــر الأحمــر

الفصل الثالث

القوانين الدولية لمواجهة القرصنة والإجراءات الدولية لمكافحتها

أثارت جرائم القرصنة البحرية والسطو المسلح ضد السفن والمراكب، أمام سواحل الصومال في خليج عدن، قلق المجتمع الدولي واهتمامه لما تمثله هذه الجرائم من تهديد للسلم والأمن الدوليين بعامة وتهديد للأمن الإنساني لدولة الصومال التي انهارت وتقطعت أوصالها منذ عام 1991 بخاصة.

وقد أصبح السطو المسلح وأعمال القرصنة التي تُرتكب ضد السفن والمراكب أمام سواحل الصومال وفي خليج عدن خطراً كبيراً، لا يجوز معه التريث أو التمهل. فجريمة القرصنة جريمة دولية يجب ملاحقة مرتكبيها ومحاكمتهم.

ونظراً لما تنطوي عليه ظاهرة القرصنة البحرية من انعكاسات وتداعيات سالبة، فقد سارعت القوى الدولية بنشر أساطيلها في منطقة خليج عدن، مستندة في ذلك إلى القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي لمواجهة تلك الظاهرة، ما أدى إلى بروز مخاوف الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، ولا سيما مصر واليمن والسعودية، من هذا الأمر، لما قد يترتب عليه من تداعيات سالبة ليس أقلها تدويل الأمن في البحر الأحمر.

ومن الواضح أن القوات الدولية التي أتت إلى مياه الصومال غير قادرة على حل القضية، والسبب هوا أننا نتحدث عن مليون كم2 من البحر، حيث إن نشر سفن تابعة للأساطيل البحرية لنحو 12 دولة منذ نهاية عام 2008 لم يفلح في وقف القرصنة، ولما كانت الدوريات متمركزة أساساً في خليج عدن، فقد دفعت العصابات للعمل لمسافات أبعد في المحيط الهندي.

وقد اعتمد مجلس الأمن خمسة قرارات تحت الفصل السابع من الميثاق، للتعامل مع أزمة القرصنة، مخولاً الدول والمنظمات الإقليمية باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية سفن المساعدات الإنسانية، وقمع أعمال القرصنة داخل المياه الإقليمية الصومالية، وفي المياه الدولية قبالة السواحل الصومالية.

وعلى الرغم من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، والمؤتمرات المنعقدة في ذات الشأن، والوجود البحري الحربي الكثيف في مناطق خليج عدن والبحر العربي، وقبالة السواحل الصومالية بهدف تأمين الملاحة البحرية العالمية، إلا أن كل هذه الجهود غير ناجحة ما دام المجتمع الدولي متجاهلاً عن عمد الأزمة الصومالية منذ عام 1991، والتي كان من أهم وأخطر إفرازاتها وتداعياتها أعمال القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في هذه المنطقة، ومن هنا فحل الأزمة الصومالية في اليابسة سينعكس إيجاباً على ما يحدث في البحر من قرصنة.

إذاً لا بد من العمل على إيجاد حلول جذرية لمعاناة الشعب الصومالي، والعمل على توحيد فصائله المتناحرة على السلطة، لأن المحافظة على هذا البلد ستحل الكثير من المشكلات التي باتت تؤرق بال العالم، وسيقضي على ظاهرة القرصنة، التي إن بدت صغيرة في مفهومها السطحي لعمل إجرامي فردي أو عصابي محدود، إلا أنها تحولت إلى كابوس يهدد الملاحة الدولية وأمن البحر الأحمر، وقناة السويس، والدليل ما قامت به بعض شركات الملاحة الدولية للنقل البحري بالفعل من تغيير مسار سفنها التجارية إلى رأس الرجاء الصالح، بديلاً عن قناة السويس، بما يلحق بمصر خسائر فادحة، خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية.

إن كل الفصائل الصومالية، بلا استثناء، عبارة عن ارتباطات قبلية واضحة، وأن الخلاف بينها لا يعبر عن اختلافات فكرية ومنهجية أو أيديولوجية، بل يعكس الصراع على السلطة السياسية، وللحصول على أكبر قدر من الامتيازات، حيث إن هذه الفصائل تعبر عن قبائل وعشائر، فلا يخلو كل فصيل من انشقاق يعكس مصالح وتوازنات مختلف فروع القبيلة، ويترتب على ذلك صعوبة الالتزام بأي اتفاق يعقد بين الفصائل مجتمعة، أو داخل كل فصيل على حدة.

إن قيادات الفصائل قد شاركت من قبل في لعبة التوازنات القبلية للنظام السابق، ويعود سبب انخراطها في تلك التنظيمات وقيادتها لها إلى فقدانها لامتيازاتها وأوضاعها الوظيفية والاقتصادية، ولا تمتلك رؤية سياسية للوطن، أو برامج للإصلاح السياسي. وتشترك جميع الفصائل في تقديمها لقائمة طويلة في النظام السابق، دون أن يمتلك رؤية متكاملة لمستقبل الوطن وموقعه في العالم.

لجميع الفصائل اتصالات وعلاقات وثيقة بالدول المجاورة للصومال، فتتوزع صلات الشمال بين إثيوبيا وجيبوتي، وإن كان لإثيوبيا العلاقة الأوثق بالحركة الوطنية الصومالية، كذلك فإن فصائل الجنوب والوسط تتوزع صلاتها الوثيقة بين كل من كينيا وإثيوبيا.

وعلى الرغم من وجود ثلاث قوى بحرية متحالفة ومتعددة الجنسيات في مقدمتها تحالف بحري دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يضم 25 دولة قبالة السواحل الصومالية وما حولها، بالإضافة إلى قطع بحرية من إيران وكوريا واليابان وماليزيا والصين والهند والسعودية واليمن، فقد اختطف القراصنة أكثر من 438 بحاراً و20 سفينة، منذ 4 نوفمبر 2010، بزيادة في عدد المختطفين قُدرت بـ100 شخص في أقل من شهر، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن المنظمة الدولية البحرية.

فمن الأفضل إذن إعادة تأهيل الاقتصاد الصومالي وخلق فرص عيش وعمل بديلة عن القرصنة، وذلك بالتزامن مع التضييق القانوني على نشاط القرصنة وسد الثغرات التي تسمح بإفلات الجناة، وزيادة قدرة الحكومة على تطبيق القانون وتنفيذ أحكامه في البلاد.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد قدم تقريراً مهماً لمجلس الأمن، في شهر أكتوبر 2010، أشار فيه إلى الحاجة لبذل مزيد من الجهد، لا سيما لمعالجة الأسباب الجذرية للقرصنة، من طريق إعادة الاستقرار وسيادة القانون إلى الصومال.

وأظهر الجانب الصومالي رغبة في العمل على الساحة الداخلية، فقد نجح في تقديم المزيد من المعلومات عن القراصنة، ووجه القادة السياسيون والدينيون والمجتمعيون داخل الصومال وسائل علنية ودعائية للجماهير تهدف إلى مكافحة القرصنة، من خلال التناول المفصل للآثار الضارة التي يولدها نشاط القرصنة، وحظرت كل من "بونت لاند" وأرض الصومال من دخول القراصنة المشتبه بهم إلى أراضيها، بل ووافقت على تقديم هؤلاء القراصنة للمحاكمة.