إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / القرصنة البحرية




محاكمة قراصنة صوماليين
السفينة الأوكرانية المخطوفة
القراصنة فوق الناقلة السعودية
القرصان ويليام كيد
القرصان جون روبرتس
القرصان ذو اللحية السوداء
استخدام القراصنة للزوارق الصغيرة
قراصنة يعتلون سفينة

ملابس القرصان
العملية الأوروبية "أتلانتا"
علم القراصنة

الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح
الملاحة عبر قناة السويس
التواجد الأجنبي
الدول المطلة على البحر الأحمر
طرق الملاحة البحرية



القرصنة البحرية

المبحث الثامن

فاعلية تأثير القوانين الدولية حيال القرصنة البحرية تجاه السواحل الشرقية الأفريقية

أولاً: الرؤية المستقبلية للتعاون العالمي المشترك للقضاء على ظاهرة القرصنة :

1. تقسيم البحر والمحيطات إلى قطاعات مسؤولية

بالنظر لما تشكله الملاحة البحرية من أهمية للمجتمع الدولي، لحماية مصالحها ومواطنيها وسفنها التجارية، تتضح ضرورة قيام المجتمع الدولي بالتنسيق والتعاون في توزيع وتحديد قطاعات مسؤولية لكل دولة ساحلية. ويتوقف طول ومساحة القطاع حسب إمكانية الدولة، وذلك لحماية السفن التجارية العابرة خلال كل قطاع مسؤولية. وتصبح الدولة في القطاع المخصص لها، مسؤولة عن حماية وضمان أمن السفن في هذا القطاع، وتكون هناك آلية للعمل في هذه القطاعات للتعامل مع جميع الأخطار. كما تتعاون الدول والمنظمات الدولية المعنية لتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات، إضافة إلى زيادة الأمم المتحدة من تحركاتها تجاه الأزمة الصومالية، بالتركيز على تسوية الملف الداخلي أولاً، من خلال تقوية الحكومة الانتقالية.

2. تعزيز التعاون الدولي للمحافظة على سيادة الصومال

تُعد منطقة القرن الإفريقي منطقة مهمة على خطوط الملاحة الدولية، ومن ثم فإن عدم الاستقرار في الصومال هو المشكلة الرئيسية لظهور أعمال القرصنة، ولذلك تشكل الأزمة الصومالية تحدياً خطيراً لكل مشروع قومي في المنطقة، فضلاً عن تسببها في مآسٍ للشعب الصومالي، وتداعيات ذلك على الأمن القومي العربي باتجاه الخليج وعلى مضيق باب المندب، الذي يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، الأمر الذي يتطلب مواصلة العمل، وتضافر الجهود العربية والإقليمية والدولية للدفع بمختلف الفصائل والفعاليات الصومالية نحو الوصول إلى صيغة وفاق وطني، والاتفاق على سلطة وطنية تعيد للصومال وضعه الطبيعي، داخل الأسرة العربية والمحيط الإفريقي والعالمي.

وفي ضوء ما تقدم نرى ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي وتعاونه لعمل الآتي:

أ. إعادة الاستقرار للصومال

على المجتمع الدولي، وخاصة الدول المطلة على البحر الأحمر، مساعدة الصومال سياسياً وأمنياً واقتصادياً، بتقديم المساعدات للحكومة الصومالية، حتى يتم تحقيق الأمن الداخلي في الصومال، الأمر الذي يؤدي إلى استقرار المنطقة، ونشر القوات على السواحل الصومالية، لإعادة الاستقرار والحد من أعمال القرصنة والقراصنة.

ب. المحافظة على الصومال من التدخلات الأجنبية

على المجتمع الدولي، وخاصة منظمة الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الأمن الدولي، المحافظة على الصومال وسلامة أراضيه. وقد أصدر مجلس الأمن العديد من قراراته التي ينادي فيها بالمحافظة على السواحل والمياه الإقليمية للصومال، والتي يتم التدخل فيها من طريق الدول الأجنبية بواسطة سفن الصيد العملاقة التابعة لها، وهو ما يؤدي إلى نهب الثروات البحرية الصومالية، وكذلك تلويث مياهه بالنفايات المشعة الخطرة، التي تلقي بها سفن الدول الأجنبية.

ج. تحقيق المصالحة الداخلية

أدى انهيار نظام "سياد بري"، عام 1991، إلى تداعي النظام الداخلي في الصومال المرتكز على النظام القبلي، الأمر الذي كان يستدعي قيام الصوماليون بحل خلافاتهم الداخلية، واستشعار المخاطر المحدقة ببلادهم وتقوية الجبهة الداخلية، وفرض سيادة الدولة على كامل الأراضي الصومالية.

ثانياً: الرؤية المستقبلية المقترحة لدول البحر الأحمر لمكافحة القرصنة

عبر العديد من المؤتمرات العربية حاولت الدول العربية والخليجية والإفريقية وضع إستراتيجية مناسبة لمكافحة القرصنة في منطقة البحر الأحمر، وكان آخرها عقد مؤتمر لمكافحة القرصنة البحرية في جدة خلال الفترة (من 24 إلى 26 أكتوبر 2009) لقادة القوات البحرية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية المطلة على البحر الأحمر بمشاركة (11) دولة، وهي دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة إلى كل من الأردن، واليمن، ومصر، والسودان، وجيبوتي، في محاولة لوضع إستراتيجية عربية مناسبة تكون مهمتها التعاون في جميع المجالات، التي تخص الدول المطلة على البحر الأحمر، ويمكن النظر إليها كالآتي:

1. تعزيز التعاون العسكري والمعلوماتي لدول البحر الأحمر

يشكل البحر الأحمر بدوله المطلة عليه منطقة أمن جماعية، من خلال تحكمها في المنافذ والجزر المتناثرة فيه. ومن هنا تأتي أهمية التعاون العسكري بين جميع الدول المطلة على البحر الأحمر لمكافحة القرصنة البحرية. كما أن مخاوف هذه الدول من تدويل البحر الأحمر يأتي في سياق تهديد أمنها القومي، ذلك أمن البحر الأحمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي العربي، ومن ثم فإن أي مشروع للحفاظ على الأمن في البحر الأحمر يعني في الوقت نفسه تعزيز الأمن القومي العربي، وكذلك الأمن القطري لكل دولة عربية تطل على البحر الأحمر. ويمكن تعريف الأمن القومي بأنه: (حماية الدولة من الخطر الخارجي، أو قدرة المجتمع على مواجهة جميع الأخطار الداخلية والخارجية).

ويمكن أن يكون التعاون في هذا المجال كالآتي:

أ. تشكيل قوة عسكرية بحرية، بحيث يكون لها دور فعال في المحافظة على أمن الملاحة، سواء كان ذلك في البحر الأحمر أو القرن الإفريقي.

ب. التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة بين دول البحر الأحمر ذات القدرات والإمكانيات العسكرية.

ج. التنسيق العسكري واللوجستي، ولاسيما في مجال القوات البحرية.

د. تحديد المصادر الرئيسة التي تهدد أمن البحر الأحمر والأمن القومي العربي الشامل.

هـ. عدم سماح دول البحر الأحمر بتدويل البحر الأحمر، وأن يبقى بحيرة عربية.

و. تسيير دوريات في البحر الأحمر والقرن الإفريقي لحماية السفن، التي تمر بهذه المنطقة.

ز. إنشاء مركز معلومات بهدف التعامل مع الظاهرة، وضمان أمن الملاحة.

ح. تطوير الموانئ والمراسي، وتزويدها بأحدث الأجهزة والشبكات المتطورة والمتكاملة من الرادارات، التي تستخدم للاستطلاع البحري والجوي.

2. تعزيز آلية التعاون الاقتصادي لدول البحر الأحمر

نظراً للأهمية الاقتصادية للبحر الأحمر والدول المطلة عليه، وما يحتويه من ثروات طبيعية ومعدنية، بوصفه ممراً تجارياً حيوياً ومختصراً للتجارة العالمية، وحلقة وصل بين القارات الثلاث، فمن هذا المنطلق يمكن تحقيق التعاون الاقتصادي بين الدول المطلة على البحر الأحمر بإنشاء شبكة مشتركة من المشاريع الكبرى بين الدول العربية المتشاطئة في ميادين معينة، مثل التعدين والثروة السمكية والتعاون التقني والتبادل التجاري الحر، وكذلك الاهتمام بالموانئ وتطويرها وجعلها آلية للربط الإقليمي فيما بينها، والإسهام في دعم تواصلها وتكاملها بحيث يكون هذا العمل الاقتصادي مدعماً للتعاون الثنائي ومكملاً له، وكذلك الاستمرار في تطوير قناة السويس، والمضي في خطط حماية البحر الأحمر من التلوث وحماية البيئة التي تتطلب شروطاً خاصة، نظراً لطبيعة البحر الأحمر وأحيائه المائية السريعة التأثر بأخطار التلوث.

وهنا تظهر ضرورة التعاون الاقتصادي بين هذه الدول كالآتي:

أ. إنشاء منطقة تجارة عربية تتولى وضع آلية التعاون التجاري والاقتصادي بين دول المنطقة، وتنسق بين هذه الدول، وتعمل ضمن منظمة التجارة العالمية.

ب. استغلال الثروات الموجودة في البحر الأحمر والاستفادة منها.

ج. الحد من الواردات الخارجية، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ لا ينقص هذه الدول العقول ولا المفكرين ولا المبدعين ولا التمويل، ولكن ينقصها الدعم والإعداد الجيد والاستفادة من تجارب الآخرين.

د. الاستفادة من سواحل البحر الأحمر، وجعلها منطقة جذب سياحي للعالم من خلال استغلال هذه السواحل، لتصبح نموذجية للسياحة واستقطاب السياح.

هـ. الاهتمام بتطوير قناة السويس ومضيق باب المندب، ووضع تسهيلات لعبور سفن الدول المطلة على البحر الأحمر.

و. تطوير الهيئة الإقليمية لحماية بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وتوسيع صلاحياتها لتشمل، إلى جانب حماية البيئة, على دراسات الجدوى للمشاريع، التي يمكن استغلالها بواسطة دول البحر الأحمر.

ز. العمل على إعمار الجزر العربية المنتشرة في منطقة البحر الأحمر حتى لا تغري الآخرين بالاستيلاء عليها واستغلالها.

ح. العمل على ربط الدول العربية المطلة على البحر الأحمر مع دول الخليج بخطوط مواصلات برية وبحرية وخطوط أنابيب، وتطوير الموانئ على ساحل البحر الأحمر.

3. تعزيز آلية التعاون السياسي لدول البحر الأحمر

ما تزال العلاقات العربية في الوقت الراهن، تعاني من وجود النزاعات بين الدول العربية، ومن هنا تأتي أهمية التصدي للخلافات العربية كآلية عاجلة والإسراع في تسويتها، لأنها تشكل العائق الرئيسي لأي تحرك عربي جاد في هذا الإطار. فهناك مجموعة من المشاريع المطروحة على مجلس جامعة الدول العربية مثل محكمة العدل العربية، التي تعد جهازاً قضائياً للفصل في النزاعات التي تنشا بين الدول حول مشاكل الحدود، وتحكم في القضايا التجارية الناشئة بين الدول العربية‏.

إن إنشاء مثل هذه المحكمة في الوقت الحالي ضروري لضبط النزاعات المتعلقة بالقرصنة البحرية في المنطقة، وهذا أمر يهم جميع الدول المطلة على البحر الأحمر عامة، والدول العربية والإفريقية بشكل خاص.

4. تعزيز العلاقات مع بعض القوى الكبرى

يمكن للدول العربية التنسيق فيما بينها وبين الدول الكبرى، في حالة تعارض مصالحهما معاً، ومن ثم يمكن التنسيق مع بعض القوى الكبرى ذات النفوذ، والتي من مصلحتها أن يسود الأمن والاستقرار في هذه المنطقة لحماية مصالحها الحيوية فيها، كالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، أو الصين، أو فرنسا، أو ألمانيا، والاستفادة من هذه العلاقات إلى أقصى حد ممكن لإقامة التعاون بينها وبين الدول العربية.

5. تطوير العمل العربي المشترك

يعد البحر الأحمر في منـزلة النواة، لما يمكن تسميته (الكتلة الإستراتيجية)، وهي التي تضم البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، وما حولها من بر، لتشكل في مجموعها الكتلة الإستراتيجية العربية، حيث تتلاقى وتتصادم إستراتيجيات ومصالح عربية وإقليمية ودولية؛ فمن المرجح أن البحر الأحمر لن يكون بعيداً عن أي نزاع سياسي أو صراع مسلح مستقبلي، لأن إسرائيل في توجهاتها التوسعية تشكل عاملاً فعالاً في إشاعة عدم الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، في حين تخضع العلاقات العربية ـ العربية للمتغيرات والمشاكل التي ينجم عنها عدم صياغة إستراتيجية عربية موحدة في أفريقيا. وللتعاون بين الدول العربية من أجل نشر السلام والاستقرار في منطقة البحر الأحمر، يجب اتخاذ الخطوات التالية:

أ. إنهاء الحروب الأهلية وضمان الاستقرار السياسي

ثمة العديد من الحروب في الدول العربية الإفريقية، التي ينبغي إنهاؤها للاستعداد لعمل ترتيبات أمنية فعالة بين هذه الدول بعضها بعضاً. ومن أهم هذه الصراعات ما يلي:

(1) الصراع في الصومال

تُعد الأوضاع الداخلية في الصومال من أهم الصعوبات التي تواجه الدول العربية لإقامة أي ترتيب أمني، على الرغم من وجود بعض المؤشرات على عودة الاستقرار في الصومال في الفترة الأخيرة، خاصة مع انتخاب السيد "شيخ شريف شيخ أحمد" رئيساً جديداً للصومال، والذي تقـع عليـه مسؤوليــة العمل علـى جمع شتات الصوماليين، وتسوية الخلافات القائمة بينهم، وطمأنة المتخوفين منهم على المستقبل، وتوظيف وحشد جميع الطاقات من أجل قيام وطن جديد، ودولة جديدة، ونمو جديد تبنيه سواعد أبنائه وعقولهم وإخلاصهم لوطنهم على حساب أي شيء آخر، كذلك يجب أن تتعاون الدول الكبرى مع الحكومة الصومالية والجيش لمحاولة نشر الأمن والسلام الداخلي لخلق وضع يسمح بمحاربة ومكافحة القرصنة البحرية.

(2) الصراع في اليمن

تتحكم اليمن في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ومن ثم فإنها تتحكم في مضيق باب المندب، وحركة التجارة العالمية، ويمتلك اليمن ساحلاً كبيراً على البحر الأحمر، وهو ما يحتاج إلى إمكانيات ضخمة للمحافظة عليه من توغل القراصنة وسفن الصيد الأجنبية، فضلاً عن استغلال هذه السواحل في عمليات التهريب البشري وتجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وهو ما وضح جلياً في الأزمة الأخيرة، التي نشبت بين الحكومة اليمنية والحوثيين في المنطقة الشمالية، والقبض على سفينة محملة بالأسلحة لتزويد الحوثيين بالسلاح. وقد اتضح أن هذه السفينة أرُسلت من دولة غير عربية لمساعدة الحوثيين في حربهم ضد الحكومة اليمنية، ولتأجيج الموقف الداخلي في اليمن وعدم استقراره. ولهذا وجب على المجتمع الدولي مساعدة اليمن في حماية سواحله من القرصنة البحرية، سواء عسكرية أو مدنية، والمحافظة على استقراره.

ب. احتواء بعض القوى الإقليمية

على الرغم من التعارض بين المصالح العربية ومصالح الدول الإقليمية الأخرى، فإن هذا لا يعني استحالة التوصل إلى موقف إيجابي معها، بشأن بعض القضايا في المنطقة، ومثال ذلك دولة إريتريا، فبحكم العلاقات التاريخية التي تربطها مع الدول العربية، وكذلك علاقات الدول العربية الوثيقة بحركة التحرير الإريترية، التي تستحوذ على السلطة في دولة إريتريا، يمكن استخدام بعض العلاقات العربية الجيدة مع إريتريا لاحتوائها وتحقيق التعاون معها، ومنعها من أن تكون مصدراً من مصادر التهديد في منطقة شرق أفريقيا، لاسيما وأن دولة إريتريا تغيرت لغة حوارها مع الدول العربية كثيراً. ففي أحد الأحاديث الصحفية التي أدلى بها الرئيس الإريتري "أسياسي أفورقي"، أعلن عن أن حلفاءه هم أمريكا وإسرائيل وفي هذا يتبين العداء الشديد للدول العربية. ومن هنا وجب على الدول العربية تقديم المساعدات في كافة المجالات لأريتريا، لتنافس المساعدات الإسرائيلية، التي نجحت في التأثير على السياسات الإريترية.

ج. تعزيز العلاقات مع بعض القوى الكبرى

ويمكن للدول العربية التنسيق فيما بينها وبين الدول الكبرى ذات النفوذ في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية, وفرنسا, وألمانيا، والصين، والتي لها نفوذ وعلاقات قوية في إريتريا، والصومال، وجيبوتي، ومن ثم الاستفادة من هذه العلاقات إلى أقصى حد ممكن، مما يعود على الدول العربية بنتائج إيجابية.

د. تعزيز العمل العربي ـ الإفريقي

إن العمل العربي الإفريقي المشترك يمكن أن ينجح في مواجهة القرصنة البحرية في منطقة البحر الأحمر وجنوبه، من طريق تنمية التعاون بين دول المنطقة، وفي كافة المجالات وخاصة المجالات الاقتصادية. ونظراً لضعف هذه الدول مادياً، فإنها تحتاج للمساعدات العربية الإنمائية أكثر من أي وقت مضى، لتدرك هذه الدول بأن الدول العربية هي الأقرب لهم، من حيث السمات المشتركة في اللغة واللون والانتماء، خلافاً لإسرائيل التي تعمل على تجزئة المنطقة كل على حدة، تبعاً لمصلحتها الاقتصادية والسياسية.

هـ. السعي العربي لتشكيل قوات عربية خليجية مشتركة للقضاء على ظاهرة القرصنة البحرية

هذا المطلب يُعد من أهم الحلول لمكافحة القرصنة البحرية بعيداً عن التدخلات الأجنبية. وقد بدأ التنفيذ الفعلي حيث طالب قادة القيادات البحرية وخبراء وزارات الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، استبعاد البحر الأحمر من أية ترتيبات دولية خاصة بمكافحة القرصنة البحرية، على أساس أن أمن البحر الأحمر تقع مسؤوليته الرئيسية على الدول العربية المطلة عليه، ودعوا إلى دراسة تشكيل قوة بحرية عربية من دول الخليج العربي والدول العربية المطلة على البحر الأحمر لمكافحة القرصنة، تمشياً مع قرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الصادرة بخصوص مكافحة القرصنة.

ثالثاً: الإستراتيجية العربية المقترحة لتأمين السواحل الشرقية الأفريقية

1. التهيئة النفسية للقبول والقناعة بأهمية الدور العربي

ويكون ذلك من خلال الخطط الإعلامية المنسقة بين الدول العربية المعنية، خاصة المطلة على البحر الأحمر، مع استغلال كافة الإمكانات المتاحة لإظهار العلاقات التاريخية بين العرب ودول الساحل الشرقي الأفريقي، وضرورة التعاون فيما بينهم تحقيقاً لمصالح وأهداف التنمية الاقتصادية، مع التأكيد على مبدأ التكافؤ في التعامل وتحقيق التقارب على المستوي الشعبي، وإبراز الوجه الحضاري للعرب من خلال المساهمة في المشروعات ذات الأهمية الحيوية للشعوب.

2. في المجال السياسي

أ. تكثيف حركة الدبلوماسية العربية المنسقة مع دول الساحل الشرقي الأفريقي، خاصة أن هناك روابط مختلفة بين هذه الدول من خلال عدة قنوات سياسية مهمة، من أهمها منظمة الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، إضافة للعلاقات الثنائية والمتعددة التي تربط هذه الدول ببعضها، وذلك للسعي من أجل التعاون مع تلك الدول من خلال هذه المنظمات، لتحقيق الحلول الدولية للمشكلات والقضايا المشتركة، وخاصة ما يتعلق بأمن واستقرار هذه الدول وقضايا التنمية الخاصة بها.

ب. استمرار الجهود العربية، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، وجامعة الدولة العربية، والاتحاد الأفريقي، لإعادة الوحدة الوطنية للصومال، وإتمام المصالحة بين الجبهات المتقاتلة، وأيضاً بين شمال الصومال وجنوبه.

ج. أن تقدم الدول العربية المساعدات للصومال، سواء على المستوى الفردي، أو من طريق صناديق الدعم العربية المختلفة، في صورة مساعدات عينية وليست مادية، مثل: المشروعات الاقتصادية المشتركة، وإقامة البنية الأساسية للدولة، خاصة وأنه قد أصابها تدمير شديد خلال الحرب الأهلية، وذلك بهدف ضمان وصول تلك المساعدات إلى الشعب الصومالي.

د. التنسيق السياسي العربي ـ الإثيوبي لحل مشكلة الأوجادين مع الصومال حلاً سلمياً، بما يكفل الاستقرار السياسي على الحدود الإثيوبية الصومالية، وتخفيض التوتر بين البلدين على الحدود المشتركة.

هـ. بذل المساعي العربية الضرورية من أجل حل المشاكل العالقة بين السودان ودولة جنوب السودان، لما لهذه المشاكل من تأثيرات ضارة على أمن البحر الأحمر، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر.

و. تدعيم الروابط والعلاقات العربية بدول الساحل الشرقي الأفريقي، وخاصة إريتريا والصومال، وذلك بالزيارات على مستوى الرؤساء ووزراء الخارجية، وكذلك توقيع المعاهدات الاقتصادية والثقافية والفنية.

ز. حل كافة القضايا الخاصة بدول المنطقة، والتي لم يصل أطراف النزاع فيها إلى حل نهائي وشامل لها، حتى لا تكون مثل هذه القضايا مصدراً لقلق دائم يحمل بين طياته تربص دول ببعضها إقليمياً، وترقب القوى العظمى لمجريات الأحداث به دولياً.

3. في المجال الاقتصادي

أ. لا يزال الاقتصاد في دول الساحل الشرقي الأفريقي اقتصاداً تقليدياً، وتعاني دوله من صعوبات كبيرة تعوق تقدمها ونموها الاقتصادي، نظراً لما تضعه الدول الصناعية الكبرى من عقبات تحول دون انطلاق هذه الدول. ومن هنا يبرز الدور العربي في تقديم الخبرة الفنية والتمويل اللازم لإقامة المشروعات الكبرى في مجال التنمية الاقتصادية والزراعية، والتي تعود بالفائدة على شعوب المنطقة، ومن ثم عدم لجوء دول المنطقة لإسرائيل والدول المانحة، بما يؤدي إلى تقليل الوجود الإسرائيلي والأجنبي في المنطقة.

ب. الدراسة الواعية للأسواق الأفريقية لتوفير السلع المناسبة للمستهلك الأفريقي، مع توسيع دائرة النشاط التجاري بدعم الشركات العربية العاملة في أفريقيا، وتحسين الاتصال بدولها والآخذ بمبدأ هامشية الربح، مع دول الاهتمام الرئيسي، إضافة إلى التسهيلات الإدارية والجمركية.

ج. تنفيذ المشروعات الزراعية والصناعية من خلال التنسيق العربي، بإنشاء شركات استثمارية مشتركة مع تقديم المنح والمساعدات.

د. هناك صعوبات كبيرة تواجه عمليات النقل بين الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر، من جانب، وبين هذه الدول ودول الساحل الشرقي الأفريقي، من جانب أخر، وذلك لعدم وجود خطوط ملاحية أو جوية مباشرة ومنتظمة وبدرجة كافية، ما يعوق عملية التبادل التجاري، ويتطلب ذلك تنسيق الجهود العربية من أجل تنظيم عمليه النقل البحري والجوي على نحو مستمر ومنظم.

هـ. العمل على الفصل التام بين التعامل الاقتصادي والتعامل على المستوى السياسي؛ فمهما كانت العلاقات السياسية فيجب ألا تتأثر بها العلاقات الاقتصادية، لأنها على المدى البعيد هي الوسيلة الفعالة لإيجاد التآلف السياسي، ثم التعاون السياسي والإستراتيجي.

4. في مجال الروابط الثقافية والفنية

أ. العمل على نشر اللغة العربية كعامل مساعد على نشر وتأكيد الثقافة والفكر العربي، ولأنها وسيله فعالة للتفاهم السياسي والتعاون الاقتصادي. كما تلعب الإذاعات الموجهة والقنوات الفضائية التليفزيونية دوراً مهماً ومؤثراً، كونها وسيلة سريعة لنشر المد الثقافي.

ب. تنشيط دور السفارات والدبلوماسيين العرب في نشر الثقافة العربية، مع متابعة الأنشطة الثقافية المعادية، وإعداد خطط مواجهتها.

ج. إرسال الخبرات الفنية في كافة التخصصات، مثل الطب، والتعليم، والري واستصلاح الأراضي، وزراعة القطن والمحاصيل الزراعية، والصيد وقطاعات صناعة السكر والغزل والنسيج، والصناعات الغذائية، وإنشاء الطرق والمصارف، وتعد هذه القطاعات من القطاعات المهمة التي تحتاج إليها الدول الأفريقية عامة، ودول الساحل الشرقي خاصة.

د. إيجاد روابط ثقافية وتعليمية (تبادل طلابي ـ إرسال طلاب للتعليم في المعاهد المختلفة ـ إرسال أساتذة ومعلمين... الخ)، مع الدول الأفريقية بصفة عامة، والدول الأفريقية المطلة على البحر الأحمر والقريبة منه بصفة خاصة، والتي تؤثر على أمنه واستقراره.

هـ. استيعاب الدول العربية لبعض العمالة الأفريقية، بما يوجد ارتباطاً وثيقاً وروحياً بين هذه العمالة والدول العربية، وبما يؤكد أواصر الصلة بين الدول العربية والدول الأفريقية.

و. تنظيم رحلات الحج المجانية للدول الأفريقية من الدول القادرة على ذلك، بما يجعل هناك ارتباطا مع الدول العربية بصلات روحانية ودينية.

5. في المجال الدفاعي والأمني والعسكري

أ. تحقيق قدر مناسب من التعاون الدفاعي والأمني والعسكري مع دول الاهتمام الرئيسي في الساحل الشرقي الأفريقي، من خلال تخطيط بعيد المدى يقوم على دراسة دقيقة وحديثة بالتعاون بين الأجهزة العربية ـ وغير العربية ـ المختصة بذلك.

ب. المحافظة على العلاقات الحسنة بين الدول العربية بحوض البحر الأحمر، والعمل على تنميتها من خلال إستراتيجية متعددة الأبعاد وواضحة تجاه الدول المستخدمة لحوض البحر الأحمر والدول غير العربية المشاطئة للبحر، وبصفة خاصة إسرائيل واريتريا، إستراتيجية هدفها تحقيق المصالح والأهداف المشتركة، دون صدام عسكري حقيقي.

ج. دراسة احتياج دول الساحل الشرقي الأفريقي من السلاح الذي تنتجه بعض الدول العربية، مع تأسيس شركة عربية مشتركة لتسويق هذا السلاح، والدخول في تنافس مع إسرائيل في هذا المجال، وهو الأمر الذي يحد، على المدى الطويل، من التدخلات السياسية والعسكرية الإسرائيلية غير المبررة في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

د. إيجاد نوع من التعاون والتنسيق العربي الأفريقي في مجال الإنتاج الحربي، والتوسع في تبادل الزيارات للوفود العسكرية والتبادل التعليمي والثقافي والعسكري بين دول المنطقة.

رابعاً: السياسة العربية المشتركة تجاه دول الساحل الشرقي لأفريقيا

1. تحقيق الأمن القومي والمصالح القومية العربية

أ. إن تحقيق الأمن العربي والمصالح القومية العربية لا بد أن يأتي في إطار عربي بصفة أساسية، للدول العربية على البحر الأحمر ودول الساحل الشرقي الأفريقي، وذلك من خلال سياسة عربية مشتركة شامله لكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية، تضمن بمقتضاها حماية المصالح القومية العربية وحماية الأمن القومي العربي والإقليمي في هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة في العالم.

ب. العمل على جعل شواطئ البحر الأحمر والساحل الشرقي الأفريقي مناطق جذب سكاني وسياحي ومناطق تكامل وازدهار اقتصادي، لتحقيق الاتصال بين الدول العربية المطلة على شواطئه، مع الاهتمام بموانئ البحر الأحمر والساحل الشرقي الأفريقي والبنية الأساسية في هذه الدول.

ج. حل المشاكل الإقليمية في المنطقة من طريق القنوات السياسية والدبلوماسية، وعدم اللجوء لاستخدام القوة المسلحة أو التلويح باستخدامها لحل مثل تلك المشاكل.

د. الاستغلال الكامل لثروات البحر الأحمر لصالح الدول العربية المطلة عليه، ومنع استنزاف هذه الثروات أو استغلالها من قبل قوي خارجية، مع بدء إجراءات تحقيق التكامل الاقتصادي بين دولة وتوجيه رؤوس الأموال العربية لمصلحة قضايا التنمية والاستثمار في المنطقة عربياً وأفريقياً.

هـ. العمل على ربط مصلحة دول شرق أفريقيا اقتصادياً بالأسواق العربية، مع المساندة السياسية لقضايا الدول الأفريقية العادلة.

و. تحقيق التنسيق والتأمين العسكري والإستراتيجي بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر ودول الساحل الشرقي الأفريقي، وتأمين المضايق والجزر الإستراتيجية فيه.

2. أسلوب تنفيذ مراحل السياسة العربية المشتركة

أ. المرحلة الأولى

(1) التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة

(أ) يُعد التعاون الاقتصادي المشترك من قبل دول المنطقة، بمثابة ربط للمصالح فيما بينها، ومن ثم فإنه سيكون دافعاً قوياً يؤدي إلى زيادة التقارب والتنسيق لهذه الدول في شتي المجالات الأخرى.

(ب) الثروات المعدنية والطبيعية التي تتمتع بها دول هذه المنطقة تصلح لإقامة نوع من التكامل الاقتصادي بينهم، خاصة أن هذه الدول يتوافر لبعضها رأس المال ولبعضها الأخر الأيدي العامل الرخيصة، إلا أن الاستغلال الاقتصادي المشترك يجب ألا يقتصر على مجالات صيد الأسماك وتصنيعها، بل يمتد إلى مجالات الزراعة والصناعة واستغلال ثروات البحر الأحمر والمحيط الهندي.

(ج) يحتاج التعاون الاقتصادي المشترك لدول المنطقة إلى بعض المتطلبات الأساسية حتى يمكن تحقيق الهدف المطلوب، وأهمها:

·      توفير التكنولوجيا المتقدمة اللازمة للبحث والاستخراج والاستغلال.

·   توفير وسائل النقل المتطورة اللازمة للمشروعات، وإنشاء الطرق وخطوط السكك الحديدية العمودية على الشاطئ، وإنشاء عدد مناسب من المطارات المدنية الحديثة، وتحسين وتطوير المواني الموجودة حالياً، وإنشاء مواني جديدة، ودعم خطوط العبارات بين هذه الدول.

·   الاستعانة بالخبرة الأجنبية، مع الوضع في الاعتبار إيجاد الشروط المناسبة للإشراف على نشاطها، حتى يمكن الاستفادة منها في تدريب العمالة ونقل التكنولوجيا والإمداد بالمعدات اللازمة.

(د) العمل على إنشاء مجموعة من الشركات العملاقة لاستغلال ثروات هذه المنطقة، على أن يكون لها شخصياتها الاعتبارية والاستقلالية، التي تبعدها عن الخلافات والتقلبات السياسية التي يمكن أن تحدث بين دول المنطقة.

(هـ) إن أول متطلبات تحقيق الأمن للدول المطلة على البحر الأحمر والساحل الشرقي الأفريقي بكافة أبعاده، هو السير قدماً نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه الدول.

(2) وضع سياسة اجتماعية وسكانية للمنطقة

نظراً لأن سواحل دول شرق أفريقيا تعاني من قله الكثافة السكانية وقلة المجتمعات المستقرة والمنتجة، فإنه من الضروري وضع سياسة متوسطة وبعيدة المدى لإنشاء مجتمعات سكانية حضارية على هذه السواحل، تعمل بالصيد والصناعة والزراعة والتعدين، وبحيث تكون هذه المناطق بمثابة مناطق جذب سكاني مستقبلاً، على أن تسهم جميع دول المنطقة في إنجاح هذه السياسة، كل حسب قدراته المالية والبشرية.

وتستلزم هذه السياسة الاجتماعية والسكانية الطموحة تجهيز المنطقة بالبنية التحتية الأساسية المناسبة، من مساكن وكهرباء ومياه للشرب ومواصلات، فضلاً عن استصلاح مساحات مناسبة من الأراضي وتجهيزها للزراعة. كما تستلزم أيضا إنشاء المدارس والمستشفيات ومراكز التدريب، وغير ذلك من متطلبات البنية التحتية الأساسية.

ب. المرحلة الثانية

(1) تنسيق توجهات السياسة الخارجية لدول المنطقة إزاء القوى العالمية، بوجه عام، ودول الجوار الجغرافي، بوجه خاص

(أ) التنسيق بين القوي العالمية والإقليمية الرئيسية، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية، وإسرائيل، وأي دول أخرى مؤثرة على الأمن القومي لدول المنطقة، وذلك لتحقيق كافة المصالح المشتركة لدول شرق أفريقيا. كل ذلك في إطار القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن.

(ج) وقد تكون الخطوط العامة للتوجهات السياسية المشتركة لدول هذه المنطقة تجاه هذه القوي كالآتي:

·   العمل على انتهاج سياسة متوازنة في العلاقات مع القوى العظمى والكبرى، بغرض تحييد دور كل منهم في المنطقة، والعمل على تخفيض وجودهم في منطقة البحر الأحمر والخليج العربي وعلى الساحل الشرقي الأفريقي بالتدريج، ويجب أن يكون ذلك هدفاً قومياً مشتركاً تسعى جميع دول المنطقة لتحقيقه.

·   استغلال العلاقات العربية ـ الأوروبية، خاصة مع فرنسا، كوسيلة لإحداث التوازن في العلاقات العربية والخارجية، مع إيجاد صيغة مناسبة للحد من التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة.

·   العمل على وضع التحركات الإسرائيلية في البحر الأحمر وعلى الساحل الشرقي الأفريقي في إطارها المناسب، وتقديم البديل المناسب والمقبول للدول التي تستفيد من الوجود الإسرائيلي في هذه المنطقة، خاصة البديل الاقتصادي.

·   العمل على تحسين العلاقات العربية مع إريتريا والارتباط معها بمصالح اقتصادية، من خلال مشروعات مشتركة، خاصة في الجزر المواجهة للساحل الاريتري، مع ضرورة إجراء التبادل الثقافي والإعلامي معها.

·   العمل على إحياء التعاون العربي الأفريقي (خاصة مع شرق ووسط أفريقيا)، وذلك من خلال مشروعات اقتصادية عربية ـ أفريقية مشتركة، وأيضاً من خلال التعاون الثقافي والإعلامي، وتقديم المعونات المالية العربية في مجالات المواصلات والاتصالات، وتحسين البنية التحتية الأساسية بهذه الدول، ومعاونتها على النهوض الاجتماعي.

(2) تنسيق سياسات الدفاع بين دول المنطقة

على الرغم من أن استخدام القوة المسلحة لا ينبغي لها أن تحتل المركز الأول، وعلى الرغم من أهميتها في أي تخطيط لسياسة مشتركة لتحقيق الأمن لدول المنطقة، إلا أنها تعد بمثابة خط الدفاع الأخير الذي قد يتم اللجوء إليه ولو جزئياً لحماية عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأيضاً للمحافظة على الكيان القومي ذاته من أي عدوان خارجي، ومن ثم فإنه يحدد أولاً الهدف الإستراتيجي المنتظر تحقيقه.

وبناءً على تحديد الهدف الإستراتيجي، تُحدد أبعاد وأعماق مسرح العمليات المقترح، وتحديد القوات العسكرية المشتركة اللازمة للعمل في هذا المسرح، وخطة الاستخدام الإستراتيجي للقوات في حالة الحاجة لاستخدامها.

ج. المرحلة الثالثة

(1) الاتفاق السياسي والاقتصادي وتوحيد الرؤية الإستراتيجية لدول المنطقة

(أ) بعد الانتهاء من تطبيق المرحلة الأولى والثانية من السياسة العربية المقترحة لأمن منطقة البحر الأحمر والساحل الشرقي الأفريقي، وبعد أن تكون دول المنطقة قد اقتنعت بمصالحها القومية، يمكن أن نبدأ في صياغة فكر إستراتيجي موحد ينبع من تاريخ وحضارة وقيم المنطقة، ويكون قادراً على تحقيق غايات وأهداف الأمة العربية بوجه عام/ ودول المنطقة بوجه خاص، يتم على أساسه الوصول إلى اتفاق سياسي واقتصادي وتوحيد الرؤية الإستراتيجية.

(ب) يتطلب تحقيق هذه السياسة العربية المشتركة، خاصة في مرحلتها الثالثة، دراسة كل تفاصليها. ويمكن تحقيق ذلك بالعمل المكثف والاتصالات السياسية والدبلوماسية بين دول المنطقة، ومع باقة الدول الإقليمية الفاعلة في شرق أفريقيا، وفي إطار ذلك يمكن البدء في المشروعات المشتركة بين دول المنطقة، واستغلال العلاقات العربية ـ الأوروبية لإحداث التوازن المطلوب في العلاقات مع هذه القوى، مع إيجاد صيغة مناسبة للحد من التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة، والعمل على تحديد قدره العمل الإسرائيلية في هذه المنطقة، ثم إحياء التعاون العربي الأفريقي، خاصة مع دول شرق ووسط أفريقيا.

خامساً: الإستراتيجية العربية المقترحة لتفعيل السياسة العربية المشتركة

ينبع من السياسة العربية المشتركة إستراتيجية عسكرية، لتحقيق الأهداف السياسية والعسكرية لمثل هذه السياسة، كالآتي:

1. تحديد الهدف القومي والهدف الإستراتيجي

أ. الهدف القومي

تأمين حوض البحر الأحمر وسلامته من التدخلات الأجنبية، وتأمين الساحل الشرقي لأفريقيا، وفرض الإرادة القومية على مياه هذه المنطقة خارج نفوذ وصراعات القوي الأجنبية.

ب. الهدف الإستراتيجي

تحقيق أمن الدول العربية وتأمين مصالحها في حوض البحر الأحمر، وتأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب لكل دول العالم، وبما لا يهدد الأمن القومي لدول المنطقة من خلال تنسيق سياسي وإستراتيجي وعسكري بين هذه الدول.

2. الأسلوب المقترح لتحقيق الهدف الإستراتيجي

أ. تحديد مسرح العمليات المقترح لتطبيق أهداف الإستراتيجية العسكرية.

ب. تقسيم مسرح العمليات إلى ثلاث مناطق إستراتيجية

(1) المنطقة الإستراتيجية الشمالية.

(2) المنطقة الإستراتيجية الوسطى.

(3) المنطقة الإستراتيجية الجنوبية.

ج. تحديد أسس بناء القوة الإستراتيجية المطلوبة وأسلوب بناء القيادة الإقليمية العسكرية المشتركة ومكانها، وقيادات المناطق الإستراتيجية وأماكنها.

د. وفي مجال نوعية القوات اللازمة، والتي سوف توضع تحت قيادة القيادة الإقليمية، يقترح أن تكون:

(1) قوة بحرية مناسبة لها قدرة كبيرة على المناورة وسرعة الحركة، على أن تجهز لها القواعد البحرية المناسبة.

(2) قوة جوية مناسبة تتمركز في مطارات قريبة من مسرح العمليات.

(3) قوة محمولة جواً تعد بمثابة قوة تدخل سريع.

(4) عدد مناسب من احتياطيات الأسلحة المشتركة تعمل بجوار الساحل، ويكون قوامها الدبابات والمشاة الميكانيكية والمدفعية ذاتية الحركة.

(5) قوة ردع مناسبة من الصواريخ أرض/ أرض.

(6) نظام جيد للإنذار والاتصالات والدفاع الجوي.

(7) أعداد إدارية وفنية مناسبة يكون توزيعها طبقا لأوضاع تمركز القوات ومسرح عملياتها المنتظر.

هـ. يجب أن تكون هذه القوات قادرة على:

(1) تأمين مضايق البحر الأحمر وجزره والساحل الشرقي الأفريقي بقوات مناسبة.

(2) تأمين الحدود البحرية التي تمتد بين دول المنطقة.

(3) الحد من قدرة عمل الخصم البحري في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي وفي قواعده وأي قواعد يرتكز عليها في هذه المنطقة.

(4) القتال البحري طبقا للقدرات، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.

(5) فرض حصار بحري لبعض الأماكن المحددة والمعروفة من قبل.

(6) حماية الملاحة البحرية العربية والصديقة في البحر الأحمر وبحر العرب وأمام السواحل الشرقية الأفريقية، خاصة ضد أعمال القرصنة البحرية.

(7) الاحتفاظ باحتياطي إستراتيجي ووسائل نقله جواً وبحراً، ويكون قادراً على تقديم مساندة فعالة والمناورة لتقديم هذا الدعم.

و. أن يتم ذلك كله في إطار

(1) تنمية القدرات الدفاعية لدول المنطقة، خاصة القوات البحرية والقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي، مع تحقيق التكامل في مجال الإنذار وتبادل المعلومات.

(2) العمل على توفير أنواع خاصة من القطع البحرية، التي تتناسب وطبيعة العمل في البحر الأحمر وبحر العرب والسواحل الشرقية للقارة الأفريقية.

(3) الاتجاه إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض أنواع الأسلحة الرئيسية، من خلال التصنيع الحربي المشترك بين دول المنطقة.BOlevel16478