إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في جنوبي السودان





موقع منطقة إبيي
المناطق الحدودية المختلف حولها

مناطق النفط جنوب السودان
أماكن معسكرات الفصائل
الموقع الجغرافي للسودان
التوزيع القبلي
التقسيم الإداري للسودان
التقسيم الإداري لجنوب السودان
تضاريس السودان
قناة جونجلي



المبحث السادس

المبحث العاشر

تطور الصراع عام 1997

أولاً: الصراع المسلح

1. في جنوب السودان

أعلن مصدر عسكري في منطقة الاستوائية (جنوب السودان) أن القوات المسلحة السودانية تمكنت في اليوم الأول من أغسطس 1997، من تدمير معسكر للجيش الشعبي لتحرير السودان شمال غربي محافظة (بحركاكا) شمال جوبا وأن قوات المعارضة فرت مخلفة 400 قتيل إضافة إلى الجرحى.

وقال المصدر: إن القوات المسلحة استولت على دبابتين من نوع  تي 55 ودمرت أخريين، كما استولت على مدفع رباعي وأسلحة وذخائر مختلفة.

وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا): إن القوات المسلحة وقوات الدفاع الشعبي وكوماندوز من قبيلة المنداري شنت هجوما على هذا المعسكر الأسبوع الماضي واستشهد من جانب القوات المسلحة ضابطان برتبة ملازم و20 مجاهداً.

وفي 29 أغسطس 1997، أكد الجيش الشعبي لتحرير السودان أن قوات المعارضة نجحت هذا الأسبوع من الاستيلاء على ثلاث قرى في جنوب غرب جبال النوبة، هي كراكايا واندرولو والوجيشيتي وهي قرى قريبة من كادروقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان. وقال الناطق الرسمي باسم الحركة: "بهذا الهجوم تكون قوات الجيش الشعبي قد استعادت المبادرة في كردفان الجنوبية بعد ثلاث سنوات من الوضع الدفاعي.

وفي 8 نوفمبر 1997، أعلنت القوات المسلحة السودانية أنها تمكنت من دحر محاولة هجوم للمتمردين على مدينة (توريت) الواقعة شرقي الاستوائي، وأنها استولت على دبابتين لم تحدد نوعهما، وألحقت بالمتمردين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وأجبرتهم على الفرار. واتهم بيان أصدرته القوات المسلحة إحدى دول الجوار بالتورط في هذا الهجوم حيث إن ثلاثة من أطقم إحدى الدبابتين ينتمون إلى الدولة المعنية وقال البيان إن الثلاثة قتلوا في المعركة إلى جانب أعداد كبيرة من المتمردين.

وكانت هذه المنطقة قد شهدت عملية مماثلة في يوليه الماضي من قبل القوات المسلحة، وصفها قادة القوات المسلحة بأنها كانت عملية استطلاع بالقوة، ولم تكن محاولة للتوجه إلى مدينة (ياي) كما أعلن المتمردون.

2. في الحدود الإريترية

في 19 أكتوبر 1997، أعلنت المعارضة السودانية أنها استولت اليوم على حامية مديسيسة الإستراتيجية الواقعة على بعد 45 كم جنوب مدينة كسلا في شرق السودان وأكد بيان من قوات التحالف السودانية أن المعارضة تمكنت من الاستيلاء على الحامية بعد محاولة هجوم فاشلة شنتها القوات الحكومية ليلة السبت 18 أكتوبر 1997، على مواقعها. وأضاف البيان :إن قوات التجمع الوطني شنت هجوما مضادا أسفر عن انسحاب القوة المتمركزة في الحامية باتجاه مدينة كسلا دون قتال".

وفي يوم 11 ديسمبر 1997، أصدرت القوات المسلحة السودانية بيانا قالت فيه: "إن قوة من المعارضة الشمالية تقدر بحوالي عشرين فردا تسللت في الثالثة من صباح الاثنين الموافق 8 ديسمبر 1997، للطريق القومي للخرطوم ـ بورسودان بين منطقتي الحاجز والملوية في ولاية كسلا، واستولت على ست شاحنات، واتجهت نحو الحدود الإريترية وفور وصول المعلومة تحركت القوات المسلحة المرابطة بالمنطقة وتمكنت من دحر المعتدين بعد معركة ضارية استمرت ساعة، واستعادت أربع شاحنات منها وتمكن المهاجمون من الهرب عبر شاحنتين كانا يقودهما إريتريان، وعرض التليفزيون السوداني مشاهد من الاحتفالات التي نظمتها الولاية احتفالا باستقبال أفراد القوات المسلحة الذين شاركوا في العملية.

وعرض خمسة أشخاص بينهم ثلاثة بملابس عسكرية واثنان بملابس مدينة وهم مكتوفو الأيدي على متن شاحنات سارت بهم في شوارع المدينة في حراسة مشددة. وكان والي كسلا، وعدد من وزراء حكومته، وجمع من المواطنين، في استقبال القوة العسكرية عند مدخل المدينة الشرقي. وقال الوالي - وهو يخاطب المواطنين الذي تجمعوا لاستقبال القوة: إن الخونة والمارقين الذي تم أسرهم سيحاكمون وتنزل عليهم عقوبة صارمة تتوازى مع الجرم الذي اقترفوه والإيذاء الذي أوقعوه بالمواطنين الأبرياء العُزّل". وندد الوالي بعمليات ترويع الآمنين التي تقودها فلول العمالة والارتزاق.

وتفادت القوات المسلحة في بيانها، والوالي في حديثه، الإشارة إلى إريتريا أو الجهة التي تسلل منها المهاجمون، بعد ما كانت البيانات الحكومية في السابق تتهم إريتريا صراحة في مثل هذه الحالات.

ثانياً: الموقفان الإقليمي والدولي

1. الموقف الإقليمي

أ. مصر

في 5 أغسطس 1997 استقبل الرئيس المصري محمد حسني مبارك الصادق المهدي زعيم حزب الأمة المعارض ومحمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي في حضرة اثنين من كبار أعوانه الوزير عمرو موسى والسيد عمر سليمان.

ووصف المهدي الاجتماع بأنه كان الأول من نوعه من حيث الشكل والمضمون. وقال: لقد سبق هذا الاجتماع إعداد واسع شارك فيه كل قادة التجمع الوطني الديموقراطي. واستعرض الاجتماع الظروف المأساوية التي نكبت السودان، والمجهودات القائمة لتحقيق أهداف الشعب السوداني، وهي: السلام والديموقراطية والاستقرار الإقليمي واستطرد المهدي: أن الاجتماع بحث معاناة الشعب السوداني والمطلوب لاحتوائها من إغاثة إنسانية وتسهيلات قنصلية، وإغاثة تعليمية للأخذ بيد الشباب الذي يعاني التشريد والحرمان من التعليم بسبب تعطيل التعليم العالي إلى أجل غير مسمى.

وفي إطار سعي المعارضة السودانية من أجل مشاركة مصر في أي جهد إلى حل المشكلة السودانية، استقبل عمرو موسى وزير الخارجية المصري يوم 13 أغسطس 1997 في مكتبه بالقاهرة السيد محمد عثمان الميرغني رئيس تحالف التجمع الوطني الديموقراطية السوداني المعارض في الخارج.

في 9 سبتمبر 1997، استقبل الأمين العام للحزب الوطني الحاكم في مصر ونائب رئيس الوزراء المصري وزير الزراعة الدكتور يوسف والي، السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني المعارض. وتناول اللقاء الأوضاع في المنطقة العربية والأفريقية وتطورات القضية السودانية.

وقال مدير مكتب حزب الأمة بمنطقة الشرق الأوسط، صلاح جلال، الذي حضر اللقاء: إن الطرفين اتفقا على ضرورة مواصلة الحوار، والتنسيق المشترك لمصلحة الشعبين الشقيقين، في كل من مصر والسودان. وقال جلال: إن الاجتماع كان جيداً، تطابقت فيه وجهات النظر وتم خلاله الاتفاق الكامل على الرؤية المستقبلية بما يصون مصلحة الشعب السوداني ووحدة الأرضي السودانية، وتوفير حياة كريمة لشعبه ودعم كل وسائل الاستقرار.

وفي محاولة لتحسين العلاقات السودانية ـ المصرية التقى الرئيس المصري حسني مبارك يوم 29 أكتوبر 1997، الفريق الزبير محمد صالح النائب الأول للرئيس السوداني عمر البشير بحضور الدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس مبارك للشؤون السياسية، ووصف الباز اللقاء بأنه بادرة لتعزيز العلاقات بين البلدين. وقال: إننا ننظر للعلاقات المصرية ـ السودانية، وعلاقتنا بالشعب بالسوداني نظرة خاصة؛ لأنها علاقة بالغة الخصوصية. وأضاف الباز: نأمل أن تسفر الفترة المقبلة عن تقدم ملموس ومحسوس في هذا المجال. وأشار الباز إلى أنه ليست هناك مشكلات في عقد لقاء بين قيادتي البلدين.

ومن جانبه أكد د. مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الدولة السوداني، أن بلاده تعمل على تحسين العلاقات مع مصر ووصف الوزير العلاقات المصرية السودانية بأنه (أزلية) وإذا اعترضها بعض المشكلات فلابد من الحوار؛ لأنه الأصل في هذه العلاقات المميزة. وأن زيارة الزبير للقاهرة تأتي في هذا الإطار. وأوضح المسؤول السوداني أن النائب الأول للبشير طرح كافة القضايا الموجودة الآن على الساحة السودانية، كما استمعنا إلى توجيهات الرئيس مبارك وإشاراته وتوصياته، ووجدناه متفهما لقضايا السودان. وأضاف: إننا سننقل ما سمعناه من الرئيس مبارك للقيادة السودانية في الخرطوم. وعبّر عن أمله في أن تعالج هذه القضايا وأن تعود العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي.

وبعد تأجيل، لأكثر من ثلاث مرات، التقى الرئيس حسني مبارك يوم 30 نوفمبر 1997، العقيد جون قرنق، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي وصل إلى القاهرة في أول زيارة له منذ توليه زعامة هذا التنظيم في عام 1983م. وهي الأولى منذ أن تسلم الفريق البشير السلطة في يونيه 1989.

ولم يصدر رد فعل رسمي من الخرطوم، لكن مصادر دبلوماسية سودانية رسمية في القاهرة قالت: إن زيارة قرنق في هذا الوقت الذي يشهد تحسنا في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة، لن تعرقل تحسن العلاقات، وإن العكس هو الذي سيحدث؛ لأن زيارته تخدم اتجاه تحسين العلاقات، مشيرة إلى أن لمصر رؤية ودورا في عملية السلام في السودان. وهذه اللقاءات تمكنها من بذل جهد لتحقيق السلام.

وأوضح قرنق، عقب استقبال الرئيس المصري له، بأنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى يتم إيجاد الحلول المناسبة حول أسس قيام سودان جديد. وأوضح قرنق أن هناك اقتراحا من قبل الحركة لانضمام مصر والكويت والسعودية وجنوب أفريقيا وماليزيا أصدقاء لدول الإيقاد للمساهمة في حل القضية السودانية، مشيراً إلى أن مساعي الرئيس نيلسون مانديلا كانت امتداد لمباحثات نيروبي وليست مبادرة جديدة.

ويرى المراقبون أن زيارة قرنق للقاهرة في ظل كل هذه الظروف والمعطيات قد تفتح الطريق لحوارات ثلاثية، بين أطراف ثلاثة ورابعها الحركة نفسها؛ فهناك مصر صاحبة الدعوة وأساسها والتي لديها الكثير الذي تود فهمه وقوله لجون لقرنق، وهناك في الخرطوم من ينتظر نتائج زيارة قرنق للقاهرة أملا في أن تحقق شيئا عن طريق الحوار وصولا إلى السلام. واستكمالا لمشواره الذي بدا مع أعوان قرنق السابقين الدكتور رياك مشار وكاربينو، والآخرين. وهناك المعارضة الشمالية ممثلة في قادتها الذين يودون، بلا شك، معرفة تفاصيل أكثر عن محادثات نيروبي بين حركة قرنق ونظام الإنقاذ خاصة الجوانب المتعلقة بطروحات قرنق المتعلقة بأمرين مهمين، هما:

(1) الكونفيدرالية التي طرحها وفد الحركة في محادثات نيوربي الأخيرة دون أن تكون مطروحة أصلا داخل التجمع الوطني المعارض، الذي أعلن أن جون قرنق ذهب لمفاوضات نيروبي باسمه، ووفقا لمقررات ميثاق أسمرا ومبادئه.

(2) موضوع الخريطة الموسعة، التي طرحها قرنق لجنوب السودان المراد فصله عن الشمال ولو تحت مسمى الكونفدرالية التي ضمت الجنوب السوداني ـ فضلا عن تبعيتها التاريخية والجغرافية لشمال السودان، فإن معظمها يعد ضمن مراكز نفوذ الحزبين الرئيسيين ـ الأمة والاتحادي ـ وهو أمر يجعل من حركة قرنق وكأنها تتحالف مع الحزبين داخل التجمع، ولكنها تخطط للاستيلاء على مناطق نفوذها والتحدث باسم هذه المناطق وتتبنى قضاياها التنموية تحت مسمى المناطق المهمشة، ذلك التهميش والتخلف الاقتصادي الذي لا مسؤولية لحكم الإنقاذ فيه بل المتهم الحقيقي فيه هو الحرب في الجنوب، والأحزاب، والأنظمة العسكرية من عهد عبود إلى عهد النميري وصولا إلى عهد الإنقاذ الحالي.

وتعد زيارة قرنق للقاهرة كبيرة الأهمية وعلى نتائجها ونجاحها أو إخفاقها ستحدد أمور عدة، في مقدمتها مستقبل السودان كله، وعلاقة قرنق بالقاهرة، وعلاقاته بشركائه في التجمع وعلاقات الحزبين الكبيرين بحكومة الإنقاذ، التي ترى في أي خلاف بين قرنق والتجمع فرصة لاستقطاب أحد الطرفين ـ التجمع بحزبيه الكبيرين ـ وعزله عن قرنق أو عزل قرنق عن التجمع وإلحاقه بمشروع السلام.

وفي 19 ديسمبر 1997، اختتم المؤتمر الأول لأسرة وادي النيل حول العلاقات المصرية ـ السودانية جلساته، وأصدر بيانه الختامي في القاهرة عقب الجلسة الختامية، التي حضرها وزير التعاليم العالي والبحث العلمي مفيد شهاب ووزيرة شؤون البيئة الدكتورة نادية مكرم عبيد. وفي البيان طالب المؤتمر بضرورة أن تحتل العلاقات المصرية، السودانية المكانة الأولى في اهتمامات السياسات الخارجية للبلدين وكافة المجالات.

وأكد المؤتمر في بيانه الختامي: بأن العلاقات بين البلدين ينبغي ان تلتزم التزاما تاماً مبادئ ثابتة تحقق الانضباط لتلك العلاقات وتشيع الثقة.

كما طالب البيان أن يعتمد أسلوب الحوار الموضوعي القائم على الاحترام والندية حيال التباين في المواقف بما يكفل للعلاقات الاستقرار والاستمرار لتحقيق المصالح المشركة.

وأوصى المؤتمر باستئناف التعاون التعليمي الجامعي، من خلال جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وفقا لصيغة جديدة تراعي تغير الظروف، وتبنى على تقويم موضوعي أمين للتجربة السابقة للفرع. وأن يشارك في التعليم أكاديميون سودانيون ومصريون.

ودعا البيان إلى العمل على إنشاء جامعة باسم وادي النيل، وتأسيس مركز بحوث العلاقات السودانية ـ المصرية في كل من البلدين. والعمل على إنشاء بنك وادي النيل لتمويل المشروعات التنموية الإنتاجية والخدمية والتجارية على أن يؤدي فيه القطاع الخاص الدور الرئيسي.

وكذلك، إنشاء اتحاد العلاقات مع دول البحر الأحمر ودول حوض النيل، بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقتين. ونادى بأنه كلما تأخرت اتسعت الفجوة واصبح من العسير تطهير المجرى.

وقد قرر المؤتمر رفع توصياته إلى القيادات السياسية في كل من مصر والسودان في وقت لاحق بعد إعداد التوصيات بالتفصيل مدعمة بدراسات لجدوى المشروعات المطروحة لدعم علاقات البلدين.

والجدير بالذكر أن أسرة وادي النيل مؤسسة شعبية مشتركة بين البلدين وتضم الأسرة قيادات عديدة من البلدين. فمن مصر: الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والبحث العالمي؛ والدكتور صوفي أبو طالب، رئيس مجلس الشعب السابق؛ والدكتور صبحي عبد الحكيم، رئيس الأسرة ورئس مجلس الشورى السابق. ومن السودان: الصادق المهدي.

ب. إريتريا

في 13 أغسطس 1997، اتهم القنصل الإريتري في جدة، أحمد شنيتي الخرطوم، باختراق المجال الجوي لبلاده وإرسال طائرة حربية سودانية من نوع أنتينوف روسية الصنع للإغارة على مدينة قرورة الإريترية الحدودية يوم 27 يوليه 1997، ألقت بوابل من القنابل على المدينة دون أن تسجل أي إصابات أو خسائر في الأرواح.

وقال المسؤول الإريتري: إنه في الفترة من 31 يوليه الماضي وحتى الثامن من أغسطس اخترق الطيران الحربي السوداني المجال الجوي الإريتري تجاه ضواحي فرمايكا على مسافة 40 كم من مدينة تستي الإريترية، خمس مرات. وقال القنصل: إن هذه الانتهاكات ستدفع باتجاه انفجار المنطقة.

ومواصلة للاتهامات الإريترية للإدارة السودانية اتهم وزير الخارجية الإريتري هيلي ولد تسني، في 18 أغسطس 1997، السودان بالعمل على زعزعة استقرار المنطقة والسعي إلى تغيير أنظمة الحكم فيها بالقوة من خلال تسليح بعض الفئات من رعايا دول الجوار. وقال الوزير: "إن محاولة النظام السوداني اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك لم تقابل بالردع القوي من جانب الأسرة الدولية مما شجع هذا النظام على المضي في ممارساته وحاول اغتيال الرئيس "أسياس أفورقي".

وشدد الوزير على أن بلاده ستضطر للدفاع عن نفسها إزاء أي عدوان، غير أنه أكد أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية السودانية، وسوف تقدم الدعم المعنوي والسياسي غير المحدود لقوى المعارضة السودانية وفاء للشعب السوداني، لما قدمه في الماضي من مساندة للشعب الإريتري.

وفي 28 أغسطس 1997، اتهمت الحكومة السودانية الحكومة الإريترية بحشد قواتها على الحدود مع السودان وقال مصدر عسكري سوداني: لا نستبعد أن تهاجم الحكومة الإريترية مناطق داخل ولاية كسلا. وأكد المصدر: أن القوات المسلحة وقوات الدفاع الشعبي على أتم استعداد للدفاع عن أي شبر من أرض السودان. وأضاف: أن خبراء عسكريين إسرائيليين زاروا أسمرا خلال الفترة الماضية في أعقاب تخريج أكثر من 500 من القوات الإريترية تلقت أنواعا مختلفة من الأسلحة الإسرائيلية.

وقال مصدر أمني: إن مجموعة الضباط والأفراد الإريتريين الذين ألقي القبض عليهم الأسبوع الماضي في ولاية كسلا، أدلوا باعترافات واضحة، بأنهم كانوا يعملون لصالح الاستخبارات الإريترية، وقوات المعارضة التي تقوم بأعمال تخريبية من الأراضي الإريترية. وقال المصدر: إن المعتقلين اعترفوا بأنهم كانوا ينوون، فضلا عن التجسس لصالح إريتريا، والمعارضة السودانية - القيام بعمليات تخريبية واسعة داخل كسلا والنيل الأزرق والخرطوم. وأنهم كانوا يستهدفون بعض الجسور الإستراتيجية، ومحطات الطاقة، ومسؤولين بارزين. إلا أن وزير الدفاع الإريتري الفريق سبحت أفريم، استبعد حدوث مواجهات عسكرية بين بلاده والسودان. وقال: ليست هناك أسباب موضوعية لدفع الأمر بهذا الاتجاه. ونفى أفريم أن تكون لبلاده أية تحركات عسكرية على حدود السودان، ووصف الأوضاع هناك بأنها طبيعية.

ج. أوغندا

في 14 أغسطس 1997، منعت السلطات الأوغندية طائرة الرئيس السوداني عمر البشير من التحليق فوق أراضيها لدى عودته اليوم إلى الخرطوم بعد جولة في جنوب أفريقيا ووسطها. ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن البشير قوله: "إن هذه المواقف لا يتلاءم مع دور أوغندا في منظمة الإيقاد، التي تقوم حاليا بدور الوسيط لحل المشكلة السودانية.

ورأى البشير أن هذا الموقف - الذي يضاف إلى الاتهامات التي توجهها كمبالا إلى الخرطوم بدعم المعارضة الأوغندية، وإلى مقاطعة الرئيس الأوغندي قمة الإيقاد، التي انعقدت في يوليه 1997، في نيروبي، يشكل مؤشراً لعداوة أوغندا للسودان، ووصف رفض السلطات الأوغندية منح تأشيرات لأعضاء فريق كرة المضرب السوداني، الذي كان سيشارك في الدورة الإقليمية التي تجري في كمبالا، عملا معادياً.

وفي الوقت نفسه، أشاد الرئيس الأوغندي موسيفيني بالانفتاح الأخير الذي أبداه الرئيس السوداني، تجاه الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقوده العقيد جون قرنق.

وقال موسيفيني، في مؤتمر صحافي عقده لدى عودته من كينشاسا أنه أجرى اتصالا هاتفياً مع رئيس جنوب أفريقيا نلسون مانديلا، الذي التقى البشير في مطلع الأسبوع في بريتوريا، وأوضح أن مانديلا أطلعه على الجهود الجديدة الجارية لإجراء مفاوضات لإنهاء الحرب في السودان، وقال موسيفيني: إنه تطور إيجابي، وأشجع البشير على مواصلة هذه الجهود.

وفي 22 نوفمبر 1997، ذكرت صحيفة "نيو فيجن" الحكومية أن الحكومة الأوغندية نشرت تعزيزات جديدة على الحدود مع السودان بهدف منع تسلسل متمردي "جيش الرب للمقاومة" الذي يتخذ مواقع له في السودان، حسبما ذكرت كمبالا.

وأوضحت الصحيفة أن قوات نشرت في الشمال وأعطيت توجيهات تنص على ملاحقة المتمردين في إقليم (كيتغوم) والقضاء عليهم، وضمان أمن المهجرين في المنطقة. وكانت صحيفة "الرأي الآخر" السوداني قد ذكرت في يوم 20 نوفمبر 1997، أن أوغندا التي تتهمها الخرطوم بدعم حركة قرنق في جنوبي السودان، تستعد لغزو السودان. وأن الأوغنديين نقلوا مقر قيادتهم العامة من كمبالا إلى (نمولو) في شمال البلاد وتعتقد الخرطوم أن كمبالا هي التي تدعم المعارضة الجنوبية، لكن أوغندا، من جهتها، تتهم النظام بدفع المتمردين الأوغنديين إلى زعزعة الاستقرار في البلاد.

د. جنوب أفريقيا

أعلن "نيلسون مانديلا" رئيس جنوب أفريقيا في 19 أغسطس 1997، أن بلاده ستستضيف لقاء بين الرئيس السوداني الفريق "عمر البشير" وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان "جون قرنق"، بحضور الرئيس الأوغندي "يوري موسيفيني"، إلا أن مانديلا لم يحدد موعدا للاجتماع الذي يعد نقلة في الدور الذي تردد أخيراً، أن جنوب أفريقيا تريد أداءه في إيجاد حل للنزاع في السودان.

وكانت المعارضة السودانية قد أعلنت رفضها لدعوة مانديلا إلى وقف إطلاق النار في السودان خلال زيارة البشير إلى بريتوريا يوم 12 يناير 1997. وقالت المعارضة: إن الحرب في السودان لم تعد في الجنوب وحده، وأن القضية أكبر من مجرد وقف لإطلاق النار. وأعلنت حركة قرنق رفضها لأي حوار أو حديث في مسألة وقف النار إلا في المكان الطبيعي للحوار وهو طاولة مفاوضات الإيقاد.

وفي 26 أغسطس 1997، أعلنت جنوب أفريقيا عن تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً عقده، بين رئيسها نيلسون مانديلا والعقيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، لبحث جهود السلام في السودان. وقال متحدث باسم الحكومة في جنوب أفريقيا أن اللقاء تأجل لأسباب فنية ترتبط بوسائل النقل . وكانت المعارضة السودانية قد أشارت إلى أنه لا حاجة لمبادرات أخرى بشأن الحرب في السودان مادامت مبادرة الإيقاد موجودة.

ورحبت مصر بجهود جنوب أفريقيا، وقال وزير الخارجية المصري "عمرو موسى"، بعد محادثات مع مانديلا في بريتوريا: إن مانديلا في موقع جيد لا يستخدم نفوذه وسلطته، في الجهود الهادفة إلى خفض أجواء التوتر في السودان. وأضاف موسى: "إن الموقف الأساسي لمصر يتمثل في الحفاظ على وحدة أراضي السودان هو أساس الحل للنزاع هناك.

وفي 28 أغسطس 1997، التقى "نيلسون مانديلا" رئيس جنوب أفريقيا العقيد جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان في بريتوريا. وعقب الاجتماع، صرح قرنق أنه لن يشارك في المحادثات المقرر أجراؤها غداً في بريتوريا، بين البشير والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، بحضور مانديلا ورئيس زيمبابوي "روبرت موجابي".

وأضاف قرنق: طلبت من الرئيس مانديلا أن يقنع البشير بأن يأخذ على محمل الجد عملية (الإيقاد) ويوافق على الإعلان المبدئي، للعام 1994.

2. الموقف الدولي

أ. الأمم المتحدة

أفادت نشرة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان في التاسع من أكتوبر 1997، أنه تقرر توس يع خطة تحسين الأمن الغذائي لمواطني المناطق المتضررة من الحرب الأهلية في السودان، ليشمل العمل في سبع مناطق بإضافة محافظات البحر الأحمر وملكال وكردفان الغربية إلى المناطق الثلاث التي كان عمل البرنامج يغطيها أصلا، وهي جوبا وواو، وكاوقلي وذلك في الفترة من 1997 إلى 2001.

وقالت النشرة إن خطة إصلاح تلك المناطق سترتكز على برنامج ناجح للقضاء على الفقر وتوفير الأمن الغذائي تعرف باسم "خطة تنمية المناطق" وتهدف هذه الخطة والخطة السابقة التي تحمل اسم "خطة إصلاح المناطق" إلى مساعدة الجماعات المحلية على تلبية حاجاتها الأساسية وتمهيد السبل للتعمير والتنمية على المدى البعيد. وأضافت النشرة أن المرحلة الجديدة من المشروع تشمل تدابير توطين المشردين وجمع شمل الأسر.

ب. الولايات المتحدة الأمريكية

في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية السوداني يتفاوض، في نيروبي، مع رئيس أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب. اتخذت الولايات المتحدة يوم 4 نوفمبر 1997 قراراً بفرض عقوبات اقتصادية على السودان.

وفي أول رد فعل رسمي من الخرطوم على قرار واشنطن أعلنت الحكومة السودانية يوم 5 نوفمبر 1997 أنها ستتخذ تدابير عقابية، وفقا لمعايير المعاملة بالمثل, وقال بيان أصدرته وزارة الخارجية السودانية: إن سلوك الولايات المتحدة الأمريكية يعدّ عدوانا يستهدف الضغط على السودان للتراجع عن النهج الحضاري الذي ارتضاه والسياسات المستقلة التي ترفض الإملاء.

واتهم البيان أمريكا بأنها وقتت إصدار القرار في وقت تتواصل فيه المحادثات بين الحكومة وحركة التمرد في نيروبي، بهدف الضغط على حكومة السودان لإضعاف موقفها وتقديم الدعم المعنوي لحركة التمرد ودول الجوار المعادية التي ظلت تتلقى الدعم الأمريكي أيضا بغرض إفشال محادثات السلام والركون إلى خيار الحرب.

وقال البيان: ويتناقض صدور هذا القرار من الناحية العملية مع تأكيدات الحكومة الأمريكية أنها تشجع مسيرة السلام في السودان, والحكومة السودانية في رفضها للقرار الأمريكي إنما تنظر إلى انعكاساته السياسية السالبة على السلام والاستقرار في السودان والقرن الأفريقي. ودعا البيان الأحرار في العالم بشجب هذا القرار الجائر وإدانته، بوصفه عملاً عدوانياً يستهدف الاستقرار والسلم الدوليين.

وفي القاهرة انتقدت جامعة الدول العربية القرار الأمريكي، ووصفته بأنه أمر يتناقص مع القواعد الدولية الجديدة التي تؤكد أن العقوبات تضر بالشعوب أكثر من أنظمة الحكم. كما أثبتت الخبرة العملية عدم جدوى هذه العقوبات. وقال الأمين العام المساعد للجامعة للشؤون العربية السفير أحمد بن حلي: إن الجامعة العربية ترفض مثل هذه العقوبات,. ولكن هذا لا يعني التنصل من مسؤولية محاربة الإرهاب ومحاصرة عناصره والمحرضين عليه.

ورداً على العقوبات الاقتصادية الشاملة التي تبنتها الإدارة الأمريكية ضد الحكومة السودانية، قرر السودان قطع علاقاته المصرفية مع الولايات المتحدة الأمريكية. وأصدر البنك المركزي منشورا إلى البنوك التجارية كافة، أمرها فيه بعدم استخدام نظام مقاصة الدولار الأمريكي وعدم تنفيذ أي عقود تصدير واستيراد مع أي شخص أمريكي، إلا بعد الحصول على رخصة سارية المفعول من مكتب الرقابة إلى الأصول الأجنبية.

ووجه البنك، البنوك السودانية الاتصال بمراسليها، لإجراء عدد من التحويلات على أن تشتمل على السداد في تاريخ الاستحقاق بأية عملة قابلة للتحويل، عدا الدولار الأمريكي وأن يتم السداد بوساطة أي بنك، عدا البنوك الأمريكية.

وبالنسبة للصادرات، اشترط البنك التعاقد وإصدار اعتمادات بأية عملة قابلة للتحويل عدا الدولار الأمريكي، بسعر الصرف للعملة المختارة مقابل الدولار، وأن ينفذ السداد عن طريق أي بنك عدا البنوك الأمريكية. واشترط البنك الإجراءات ذاتها بالنسبة لسداد اعتمادات الواردات.

ووجه البنك المصارف المختلفة لإخطار عملائها ومراسليها بإجراء التحويلات الخاصة بالإيرادات غير المنظورة بأية عملة قابلة للتحويل عدا الدولار، وعدم التعامل مع الشيكات المصرفية أو الحوالات أو أوامر الدفع والشيكات المعتمدة وأية وسائل دفع أخرى.

واستثنى البنك من الإيرادات غير المنظورة؛ تحويلات السودانيين المقيمين في أمريكا الشمالية، وتحويلات الأمم المتحدة وموظفيها والسفارات الأجنبية والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات الإغاثة غير الحكومية.

ووجه البنك توجيهات عامة تقضي بأن تستمر البنوك في حفظ الحسابات، الحرة الخاصة بالدولار الأمريكي؛ وفقاً لضوابط التعامل بالنقد الأجنبي.

وعلى الصعيد السياسي أعلن المجلس الوطني السوداني (البرلمان) إدانته القوية لقرار الولايات المتحدة وعمله على مقاومته بكل السبل.

وقال المجلس: إنه عبر موافقته بالإجماع على مشروع قرار للرد على قرار الإدارة الأمريكية إنما يعبر عن رفضه للحيثيات غير الأخلاقية التي استتر وراءها القرار، ودعا المجلس إلى استنفار طاقات الشعب السوداني، والتصدي لكل احتمالات تداعيات السياسة العدوانية لأمريكا. وطالب باتخاذ الإجراءات والتدابير الاقتصادية والتجارية والمالية. واستقصاء كل التدابير العدوانية الواردة في القرار الأمريكي، بما يحفظ سيادة البلاد، ويرد العدوان صاعاً بصاع، وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.

ووجه المجلس الوطني بتنفيذ القوانين والاتفاقات وأعمال الأعراف التي تحكم العلاقات الدبلوماسية، ومنها تصحيح الوضع الشاذ للسفارة الأمريكية بالخرطوم (حيث يقيم السفير المعتمد وبقية الدبلوماسيين في نيروبي)، وتصحيح حركة الطائرات الأمريكية التي تعبر الفضاء السوداني، من دون أن تلتزم بقوانين الطيران الدولية. كما طالب المجلس الحكومة بتقييد حركة المسؤولين الأمريكيين عبر أراضي السودان وموانئه، وتقييد حركة الأفراد الأمريكيين العاملين في مؤسسات ذات منشأ أمريكي في أراضي السودان وموانئه، وحظر نشاط المنظمات الأمريكية العاملة في السودان والمستظلة بمنظمة الجمعيات التطوعية.

وفي إطار جولة أفريقية شملت؛ أوغندا، ورواندا، والكنغو الديموقراطية، وأنجولا، وجنوب أفريقيا، وزيمبابوي، وإثيوبيا. عقدت وزيرة الخارجية الأمريكية، مادلين أولبرايت، اجتماعاً في العاصمة الأوغندية كمبالا يوم 10 ديسمبر 1997، مع قيادات من التجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض. وقالت مصادر مطلعة: إن اللقاء رتب بطلب من الجانب الأمريكي وحضرته إلى جانب أولبرايت، سوزان رايت، مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية، وأعضاء الوفد المرافق لها، بينما حضره من جانب المعارضة السودانية مبارك المهدي الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي ، والعقيد جون قرنق عضو هيئة قيادة التجمع ورئيس القيادة العسكرية المشتركة لقوات المعارضة والعميد عبدالعزيز خالد عضو هيئة القيادة ورئيس قوات التحالف السودانية، وفاروق أحمد آدم، نائب الأمين العام للتجمع ومسؤول العلاقات الخارجية بالحركة الشعبية لتحرير السودان دينق ألور، والدكتور منصور خالد، نائب الأمين العام للتجمع.

وقال مسؤولون أمريكيون: إن أولبرايت أكدت، خلال اللقاء، تأييدها لقيام نظام جديد في الخرطوم يناقض الإرهاب. وأضاف المسؤولون؛ أن أولبرايت حثت قيادات التجمع المعارض على إحداث التغيير في السودان، سواء بالسبل السلمية أو العسكرية.

وقال مسؤول أمريكي رفيع: إن رسالة أولبرايت تركز على توحيد صفوف المعارضة لضمان فترة انتقالية مستقرة وسلمية سواء تم تغيير النظام القائم في الخرطوم من خلال الانتخابات أو المفاوضات أو السبل العسكرية.

وقال مسؤول أمريكي آخر: إن اجتماع أولبرايت مع المعارضة يستهدف إظهار تأييدنا لنظام في المستقبل لا يسمح بأن تصبح الخرطوم جحراً للأفعى، يعني بذلك للأنشطة الإرهابية. وذكر المسؤول الأمريكي أن سياسة واشنطن هي محاولة عزل السودان، واحتواء الخطر الذي يتهدد الدول المجاورة.

ووصف مسؤولون أمريكيون السودان بأنه "الدولة الوحيدة في المنطقة الواقعة جنوب الصحراء التي تشكل خطراً مباشراً على المصالح الأمريكية.

وقد أصدرت قيادات المعارضة التي شاركت في الاجتماع بياناً أكدت فيه على:

(1) الإشادة بالدور الأمريكي ضد نظام الجبهة وجرائمه بتوسيع نطاق الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وإشاعة الإرهاب وزعزعة استقرار الدول المجاورة.

(2) إن نظام الجبهة نظام ميؤوس من إصلاحه ولا سبيل للاستقرار والسلام إلا بإزالته.

(3) إن التجمع الوطني الديموقراطي قد أقام بديلاً فاعلاً لنظام الجبهة على ضوء مقررات أسمرا، ولكنه ما زال أمام التجمع الكثير الذي يجب تحقيقه.

وأشار البيان إلى أن أولبرايت أكدت، في مطلع حديثها: "موقف حكومتها الثابت ضد نظام الجبهة بسبب سياسته المناهضة للسلام وحقوق الإنسان والديموقراطية، وأنها ستستمر في سياسة الضغط على ذلك النظام، كما أنها من جانب آخر، تؤكد العزم على دعم التجمع سياسياً ودبلوماسياً، وفي مجال المعونات الإنسانية والتنموية، في المناطق المحررة، كما ناشدت التجمع لتوحيد صفوفه وخطابه حتى يكسب ثقة المجتمع السوداني والمجتمع الدولي.

ومن جانب آخر تساءلت أولبرايت عن إمكانية تحقيق نجاح في محادثات الإيقاد المرتقبة. وقدر رد عليها الدكتور جون قرنق: بأنه لا يعول كثيراً على تلك المفاوضات، إزاء موقف الجبهة المتعنت حول قضيتي الفصل بين الدين والدولة والديموقراطية التعددية.

وفي الخرطوم وصف السودان اجتماع أولبرايت مع قادة المعارضة في أوغندا بأنه: عمل عدواني سافر وتدخل في شؤون السودان وتهديد مباشر لأمن المنطقة.

وقال وزير الإعلام السوداني، الطيب محمد خير: إن اجتماع أولبرايت مع بعض قادة العمالة يؤكد أن أمريكا تخلت عن حذرها ومراوغتها وظهرت على حقيقتها وكشفت عن قناعها الزائف. وأن تصريحات الوزيرة الأمريكية لا تستهدف السودان وحده، إنما تستهدف التوجه الوطني في البلاد العربية، وتكشف بوضوح عن النزعة العدوانية الأمريكية.

ووصف محمد الأمين خليفة الأمين العام للمجلس الأعلى للسلام لقاء أولبرايت بقادة المعارضة بأنه عمل عدواني، وأضاف: أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع أن تغير إرادة السلام في السودان، والسودان قادر على حماية أرضه وممتلكاته.

وقال الدكتور غازي صلاح الدين، الأمين العام للمؤتمر الوطني، في تعليقه على اللقاء: إن واشنطن تثبت لنا كل صباح جديد أنها مغرورة، وجاهلة، وفاشلة في آن واحد، ولو أن وزيرة الخارجية الأمريكية أمّلت في أن يحدث التغيير على أيدي الذين اجتمعت بهم في أوغندا، فإن انتظارها سيطول. وأضاف غازي: إن التصريحات الأخيرة لا ترعبنا، إلا أنه ينبغي على الحكومة السودانية أن تتعامل معها بحزم، وأن تحمل الحكومة الأمريكية مسؤولية أي تصعيد جديد في عمليات الإرهاب والتمرد التي يقودها التجمع لأنها تأتي بدعم مباشر، مادي وسياسي منها، وأن التصريحات تثير أسئلة مشروعة ومهمة حول جدوى العلاقة مع أمريكا وقيمتها، وأن الإجراء المنطقي هو أن تستدعي الحكومة السودانية ممثل الحكومة الأمريكية في السودان وتطلب منه أن ينفي هذه التصريحات أو التنصل منها بوصفها إعلان حرب صريح، وإلا سيؤخذ في الحسبان اتخاذ الخطوات المناسبة لوضع العلاقة في موضعها الصحيح.

وفي واشنطن رد مسؤول في الإدارة الأمريكية على التصريحات الرسمية السودانية التي اتهمت فيها الولايات المتحدة بالعداء للسودان، وأنها تستهدف وحدته، وأنها معادية لأي توجه وطني في الدول العربية الإسلامية والأفريقية. وقال: هذه التصريحات تهدف إلى صرف الرأي العام عن الاهتمام بالقضايا والمشكلات الأساسية وهي سياسات الحكومة السودانية. وأضاف: إن الولايات المتحدة حريصة على وحدة السودان وليست عدواً للسودان والشعب السوداني، وإنما هي مهتمة بالسودان وتسعى لرفع معاناة الشعب السوداني وإنهائها. وقال: إن اجتماع أولبرايت مع قادة المعارضة من الشمال وقادة كانوا في الحكم يوما ما، وليس مع قرنق وحده، يعكس حرصنا على وحدة السودان.

وعن الاجتماع بين أولبرايت والمعارضة والانتقادات، التي وجهت لذلك الاجتماع، قال: "إنه من الخطأ تجاهل المعارضة، ومن الأفضل لها أن تكون متحدة ولها أجندتها الواضحة المعبرة عن نظام لا يدعم الإرهاب، ولا ينتهك حقوق شعبه، ولا يهدد استقرار جيرانه، نظام يعمل بجدية لإنهاء الحرب الأهلية ونظام يعيد التعددية السياسية والديموقراطية. وقال: "ومع ذلك، فإننا لا نوفر للمعارضة دعما عسكريا أو أسلحة فتاكة".

وتابع المسؤول: "إن القول إن الولايات المتحدة تعادي أي توجه وطني في كل الدول العربية الإسلامية والأفريقية، قول سخيف، ويعكس مشكلة في الحكومة السودانية ذاتها، وفي سياساتها نفسها.

ج. بريطانيا

في الثامن من سبتمبر 1997، استقبل وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية، ديرين فاتشت، المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني ورئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي بحضور بيتر فورد رئيس القسم الأفريقي بوزارة الخارجية البريطانية.

وفي اللقاء قدَّم الميرغني شرحاً وافياً لتطورات القضية السودانية والتحرك السياسي والدبلوماسي للتجمع الوطني الديموقراطي، ولقاءاته مع رؤساء دول الجوار. وأوضح الميرغني رؤية التجمع الوطني الديموقراطي حول قضية السلام في السودان مبينا أن القضية هي قضية السودان وليست قضية الجنوب، لأن مسألة جنوب السودان قد حلت من خلال مؤتمر القضايا المصيرية الذي عقد بأسمرا. كما أكد الميرغني على موقف التجمع وقراره بعدم إجراء أي حوار ثنائي مع نظام الخرطوم، حيث يسعى النظام بشتى السبل على إحداث شروخ في صفوف المعارضة عبر الحوار الثائي.

وأكد وزير الدولة البريطاني موقف بلاده الثابت تجاه قضية السلام في السودان، والتأمين على وحدته، والدفاع عن حقوق الإنسان، مؤكد بأن موقف بريطانيا سيظل داعماً للمعارضة السودانية إيمانا منها بقضية الوحدة والسلام والديموقراطية والتعددية، وحقوق الإنسان.