إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في جنوبي السودان





موقع منطقة إبيي
المناطق الحدودية المختلف حولها

مناطق النفط جنوب السودان
أماكن معسكرات الفصائل
الموقع الجغرافي للسودان
التوزيع القبلي
التقسيم الإداري للسودان
التقسيم الإداري لجنوب السودان
تضاريس السودان
قناة جونجلي



المبحث السابع

المبحث الثالث عشر

تطور الصراع عام 2000

أولاً: الصراع المسلح

1. في جنوب السودان

قال بيان للحركة الشعبية لتحرير السودان في 15 يوليه 2000 أنها صدّت هجوماً حكومياً في شمال بحر الغزال وشرق الاستوائية استهدف استعادة المناطق التي تسيطر عليها. إلا أن قواتها تمكنت من السيطرة على حامية (وكيري لول) الاستراتيجية وحامية (ويل) ودمّرت كتيبة مشاة "د1".

وأعلنت الحركة أنها صدّت ـ أيضاً ـ هجوماً آخر انطلق من حامية (كبويتا) إلى منطقة (تاردس) للوصول إلى الحدود الكينية السودانية.

في 26 يوليه 2000 أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان أنها صدت هجوماً عسكرياً مشتركاً للقوات الحكومية وبعض الموالين للزعيمين الجنوبيين، رياك مشار وباولينو منيب، وقع في مناطق إنتاج البترول خارج مدينتي (ميوم)، و (بانتيو) وذكرت الحركة أنها قتلت 175 جندياً حكومياً وأسرت 25 آخرين.

اتهمت الحكومة السودانية المتمردين الجنوبيين بمهاجمة زورق تابع لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) في يوم 28 يوليه 2000 مما أسفر عن إصابة أحد العاملين المحليين مع الوكالة بجروح. وقد كان الزورق يقوم بدورية روتينية في نهر السوباط جنوبي السودان في منطقة (بخوتار) الواقعة على بعد 40 كم من ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل.

إلاّ أن المتحدث الرسمي باسم الجيش الشعبي نفى أن يكون الجيش متورط في الهجوم، موضحاً أنه ليست لديهم قوات في تلك المنطقة التي تسيطر عليها مليشيات مختلفة تابعة للحكومة منذ 1991.

وأكد الجيش الشعبي لتحرير السودان استيلاءه على بلدة (ماكير) الواقعة شمالي (أويل) على مشارف منطقة كردفان الجنوبية في يوم 3 أغسطس 2000 وتقع على خط سكك حديد مهم في ولاية بحر الغزال.

وقال المتحدث باسم الجيش الشعبي أن السيطرة على (ماكير) جاءت رداً على الهجمات الاستفزازية التي شنتها الكتيبة 247 للجيش السوداني بدعم من قوات الدفاع الشعبي ومليشيات أخرى على عناصر الجيش الشعبي والمدنيين حول المدينة.

وفي الوقت الذي يتهيأ فيه قادة المعارضة السودانية لإنهاء مؤتمرهم الثاني في إريتريا، أعلن الجيش الشعبي لتحرير السودان يوم 12 سبتمبر 2000، سيطرته على ثلاث مناطق إستراتيجية في ولاية الوحدة الغنية بالبترول في جنوب السودان هي (بوث) و(برير) و(مانكن).

وبعد تأكيد الجيش السوداني احترامه لوقف النار الذي دخل حيز التنفيذ في الجنوب يوم 25 سبتمبر 2000 أعلن الرئيس السوداني عمر البشير في 25 سبتمبر 2000 أن القوات الحكومية صدّت هجوماً لقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان في منطقة بحر الغزال، استهدف عرقلة سير القطارات المتجهة لمنطقة أويل، بينما أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة أن مئات المقاتلين من الحركة قُتلوا، إضافة إلى عدد من الجنود الحكوميين في المعارك.

وفي بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية يوم 18 أكتوبر 2000 أعلنت الحكومة السودانية عن وقف مؤقت لإطلاق النار في مناطق العمليات في الفترة من 16 إلى 27 أكتوبر 2000 بغرض تسهيل عمليات التطعيم ضد شلل الأطفال التي تنفذها حكومة السودان مع اليونيسيف. وأكد البيان التزام الحكومة بهذا الموقف، ما لم يحاول الطرف الآخر استغلاله لأغراض عسكرية.

وفي 20 أكتوبر 2000 أعلنت الحركة الشعبية، في بيان لها، أنها دمّرت ثلاث حاميات حكومية في جبال النوبة، وهاجمت قوات حراسة أنابيب البترول واستولت على حامية (مافلو) التي تقع على بعد ثمانية أميال من مدينة (تلودي).

ونقلت وكالات الأنباء في 10 نوفمبر 2000 أن الجيش الشعبي لتحرير السودان أصدر بياناً اليوم، في العاصمة الكينية نيروبي، قال فيه: إن طائرة حكومية من نوع أنتينوف قصفت بلدة (تادوس) القريبة من الحدود الشمالية مع كينيا، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص فوراً، وإصابة سبعة آخرين بجروح خطيرة، توفى اثنان منهم لاحقاً.

وبعد فترة من الهدوء تجددت العمليات العسكرية بين القوات الحكومية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق في منطقة جبال النوبة. وأعلن الجيش الشعبي يوم 14 ديسمبر 2000، استعادة ثلاث مناطق كان يسيطر عليها المتمردون وتحرير 9 آلاف مواطن كان يحتجزهم المتمردون ويستخدمونهم دروعاً بشرية، ويحرمونهم من الخدمات الأساسية وأبسط مقومات الحياة. وقال الناطق باسم القوات المسلحة: إن كل مناطق جبال النوبة الشرقية باتت تحت السيطرة الحكومية.

2. على الحدود الإريترية

في بيان للتجمع الوطني السوداني المعارض في 20 مارس 2000، صرح العقيد "جون قرنق" لوكالات الأنباء أن القوات الحكومية شنت هجوماً مضاداً على قوات المعارضة في شرق السودان بالقرب من الحدود مع إريتريا.

وأكد الجيش السوداني، من جانبه، في بيان رسمي؛ أن القوات المسلحة صدّت هجوماً لقوات المعارضة على منطقة همشكوريب ومناطق أخرى في ولاية كسلا شرقي البلاد.

وفي بيان لتجمع المعارضة السودانية أعلنت القيادة العسكرية الموحدة للتجمع الديمقراطي المعارض يوم 22 مارس 2000، عن استيلائها على حامية (أودي) الواقعة غرب مدينة همشكوبيب شمال مدينة كسلا بعد أن كبدت القوات الحكومية خسائر عديدة في الأرواح والمعدات وأسرت ثلاثة من أفراد القوات الحكومية من بينهم قائد حامية همشكوريب وهو برتبة مقدّم.

وكان التجمع قد أعلن في وقت متأخر من يوم 28 مارس 2000 أن قواته صدت هجوماً معاكساً شنته القوات المسلحة السودانية على حاميتي زهانة وكورتيب في شرقي السودان. كما أعلنت استيلاءها على حامية (الحفيرة) جنوبي مدينة كسلا وكبدت القوات الحكومية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وفي الوقت الذي ودّعت فيه إريتريا قادة حزب الأمة العائدين إلى السودان، أعلن التجمع الوطني المعارض يوم 3 أبريل 2000 أن قواته تمكنت فجراً من دحر هجوم القوات الحكومية المنطلقة من حاميتي (منقلتيب) و(هالديت) شمالي كسلا (شرق السودان) واستولت على حامية منقلتيب، وأغارت على حشود قوات الخرطوم في حامية هالديت، وتمكنت من أسر خمسة من قوات النظام، واستولت على آليات وأسلحة.

وفي 5 أبريل 2000 أعلنت القوات المسلحة السودانية أنها استعادت منطقة قرورة الواقعة في القطاع الشمالي من شرق السودان بعد أن كبدت قوات المعارضة خسائر فادحة في المعدات والأرواح.

في تصعيد عسكري جديد، أعلنت قوات التجمع السوداني المعارض يوم 7 أبريل 2000 أنها كبدت قوات حكومية تابعة للخرطوم 162 قتيلاً ودمّرت ثلاث دبابات، واستولت على ثلاث أخر، ومعدات عسكرية، خلال هجوم شنته على حامية كورتيب جنوبي كسلا.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة السودانية تمديداً لوقف النار في جنوب السودان لمدة ثلاثة أشهر، أعلن التجمع الوطني في 27 أبريل 2000، عن فشل هجوم حكومي استهدف استعادة مدينة همشكوريب ومناطق تمكيت وقرقر (شرقي البلاد) وقال بيان رسمي: إن القوات الحكومية تكبت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وأشار البيان إلى أن قوات المعارضة استولت على معسكر عثمان دقنة شمالي كسلا، الذي يعدّ منطقة انطلاق رئيسية للقوات المسلحة.

وفي 13 يونيه 2000 أعلن الجيش الشعبي لتحرير السودان استيلاءه على حامية (قوفة) بشرقي السودان، وأنه كبّد القوات الحكومية خسائر في الأرواح بلغت 197 جندياً، واستولى على عدد كبير من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة المدى، وعدد من راجمات الصواريخ، كما أسر جنديين.

ومع تجدد العمليات العسكرية، بين الحكومة السودانية وقوات المعارضة، اتهمت الحكومة السودانية يوم 19 يوليه 2000 ـ على لسان والي كسلا الحدودية ـ حكومة إريتريا بالتخطيط لشنّ حرب على الحدود الشرقية بالتنسيق مع قوات المعارضة. وأكد الوالي أن لدى حكومته أدلة تؤكد ذلك.

وفي 6 أكتوبر 2000 أصدرت القيادة العسكرية الموحدة لقوات التجمع الوطني السوداني المعارض بياناً قالت فيه: إن القوات المسلحة السودانية شنت هجوماً على قوات المعارضة عند حامية "رساي" شمال مدينة كسلا الحدودية. وذكر البيان أن القوات الحكومية تستهدف استعادة حامية همشكوريب واتهم البيان الحكومة بمحاولة عرقلة المساعي المبذولة في إطار التسوية السلمية.

وبعد يومين من بيان المعارضة حول هجوم القوات السودانية على حامية "رساي"، أعلنت القوات المسلحة السودانية أنها استعادت الحامية الواقعة على بعد 40 كم جنوبي محافظة همشكوريب في شرق السودان. كما استولت على كميات كبيرة من الأسلحة وأجبرت قوات التمرد على التراجع.

وعلى صعيد المواجهات العسكرية في شرق السودان، أعلن التجمع الديمقراطي المعارض يوم 9 أكتوبر 2000 أن قواته قتلت 141 جندياً وجرحت 146 آخرين في معارك في شرق البلاد.

واتهم التجمع الحكومة بعرقلة الحل السلمي؛ وذلك بمواصلتها قصف السكان المدنيين في قرى شمالي مدينة كسلا، مستخدماً في ذلك طائرات أنتينوف وهليكوبتر مدرعة في محاولة لإجلاء السكان المدنيين من مناطقهم؛ مما أدى إلى مصرع عشرة من المواطنين الأبرياء.

وشهد شرق السودان تصعيداً عسكرياً مفاجئاً بين قوات التجمع المعارض وحكومة الخرطوم، حيث أعلن التجمع أن قوات التحالف هاجمت يوم 23 أكتوبر 2000 منطقة الشريط الحدودي جنوبي البحر الأحمر، بينما قصفت مقاتلات حكومية مناطق (أملي) وهمشكوريت، مما أدى إلى نزوح (50 ألف) مواطن من سكان هذه المناطق.

أكّد التجمع أن قواته هاجمت فجر اليوم حامية "قادم عفريت" بمنطقة جنوب البحر الأحمر، مقر الاستخبارات داخل مدينة قرورة القريبة من الحدود الإريترية.

وفي 26 أكتوبر 2000 أصدر مكتب رئيس القيادة العسكرية الموحدة لقوات المعارضة السودانية في منطقة الحدود مع إريتريا بياناً قال فيه: إن 15 مواطناً قتلوا في القصف الجوي والهجوم الحكومي على مواقع المعارضة في منطقة هشكوريب في الشرق. وأوضح أن الجيش السوداني بدأ الهجوم وأن المعارضة صدت أربع محاولات للاستيلاء على دفاعاتها قرب المدينة.

وفي تصعيد عسكري، في شرق السودان، أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني يوم 27 أكتوبر 2000 استعادة مدينة همشكوريب (شرق السودان) التي ظلّت تحت سيطرة المتمردين منذ مطلع العام الماضي بعد أن تكبد الجيش الشعبي لتحرير السودان خسائر كبيرة.

إلا أن المعارضة السودانية قللت من استعادة المدينة وقال ياسر عرفان مساعد أمين سر الإعلام في التجمع: إن قوات التجمع قررت الانسحاب من المدينة وذلك حماية للسكان المدنيين من عمليات قصف القوات الحكومية.

وفي عملية عسكرية جريئة تمكنت المعارضة السودانية يوم 8 نوفمبر 2000 من دخول مدينة كسلا الإستراتيجية التي تبعد نحو 20 كم عن الحدود الإريترية. وسقط في الهجوم نحو 16 قتيلاً و 140 جريحاً من المدنيين، وعدد غير محدد من قوات الجانبين.

وأكدت الحكومة أن الجيش أجلى المهاجمين من المدينة. ولم ينف الناطق الرسمي باسم الحكومة، أو يؤكد، تورط إريتريا التي تستضيف المعارضة السودانية في الهجوم، إلا أن حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي يقوده حسن الترابي سارع إلى اتهام إريتريا بالوقوف وراء الهجوم واصفاً مبادرتها الأخيرة للمصالحة بأنها ضرب من المكر والخديعة وحمّل الحكومة المسؤولية عن التقصير في توقع الهجوم وردّه.

وناشد الميرغني رئيس التجمع الديمقراطي المعارض الرئيس البشير وقيادة إريتريا ومصر وليبيا بذل جهود لمنع الصدام وتسريع خطى الحل السلمي للمشكلة السودانية.

وحملت السلطات السودانية الميرغني مسؤولية الهجوم.

ودان حزب الأمة المعارض هجوم المعارضة المسلحة على كسلا ووصفه بأنه محاولة يائسة من التجمع لإثبات وجوده، ودعا إلى نبذ العنف واللجوء إلى خيار الحل السلميّ.

وتعرضت العلاقات السودانية الإريترية لانتكاسة مفاجئة، حيث أعلن الرئيس السوداني عمر البشير يوم 28 نوفمبر 2000 أن إريتريا تحشد قوات قبالة الحدود المشتركة بين البلدين بالتنسيق مع متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان. وأشار إلى إنه سيكون لذلك تأثير سالب على مساعي الوفاق والحل السلمي.

وأفاد القادمون من مدينة كسلا في شرق السودان أن حامية (كركونة) التي تبعد 25 كم شمالي مدينة كسلا السودانية المتاخمة للحدود الإريترية، تعرضت إلى هجوم مباغت من قوات المعارضة يوم 20 ديسمبر 2000 وأجبرت القوات الحكومية على التراجع، ولكنها لم تتقدم نحو مدينة كسلا.

3. على الحدود الإثيوبية

أعلنت قوات التحالف السودانية المعارضة في 13 أبريل 2000 أنها قتلت 17 جندياً حكومياً سودانياً، عندما صدت هجوماً استهدف أحد مواقعها المتقدمة في قرية (متونقيا) الواقعة جنوب غربي حظيرة الدندر، في شمال منطقة النيل الأزرق، واستولت على كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة فيما فقدت قواتها قتيلاً واحداً.

وفي 17 أبريل 2000 أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان (بزعامة جون قرنق) أنها أنزلت هزائم فاضحة بالهجوم الصيفي لقوات الحكومة السودانية وقتلت 257 جندياً حكومياً وأصابت 150 آخرين.

وقالت الحركة: إنها استولت على حاميتين في جنوبي النيل الأزرق ودمرت لواء مشاة واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة والآليات.

وفي 20 أبريل 2000 قالت الحركة الشعبية لتحرير السودان أنها استولت على خمس حاميات جديدة في جنوبي النيل الأزرق من بينها أربع حاميات على ضفاف النيل من بينها (كيلو 6) على بعد 60 ميلاً من مدينة الدمازين التي تمد السودان بحوالي 80% من الطاقة الكهربائية.

إلا أن الحكومة نفت ما أكدته الحركة من استيلائها على هذه الحاميات.

وفي 24 مايو 2000 أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان أنها صدّت هجوماً للقوات الحكومية في جنوب النيل الأزرق وكبدتها 300 قتيل إضافة إلى إسقاطها مروحية واستيلائها على معدات حربية. تمكنت من دحر اللواء 98 في منطقة شالي الذي كان مدعوماً بأربع مروحيات. وأكدت الحركة أن الهجوم الجديد كان بهدف استعادة مدينتي الكرمك وقيسان وإعادة تشغيل حقول بترول عداويل.

وقد نفى الفريق محمد بشير سليمان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المعلومات التي أوردتها الحركة بإسقاط طائرة مروحية، وأكد في الوقت نفسه سيطرة القوات الحكومية على الموقف في جنوب النيل الأزرق واستعدادها لردع أي نشاط معادٍ.

ثانياً: الموقفان الإقليمي والدولي

1. الموقف الإقليمي

أ. مصر

استقبل مدير إدارة السودان بالخارجية المصرية السفير السوداني بالقاهرة في 20 يوليه 2000، وأجرى معه مباحثات مهمة في سياق متابعة التطورات والجهود الرامية لعقد اجتماع تمهيدي لملتقى الحوار الوطني السوداني، الذي ينتظر أن يتم بالقاهرة.

وبعد اللقاء صرح السفير السوداني أن هناك اتجاهاً وإصراراً على التعجيل بعقد الملتقى التمهيدي خلال شهر أغسطس 2000، بهدف الإسراع ببدء حوار يقضي إلى تسوية شاملة لكل المشكلات القائمة بين الأطراف.

وفي 2 نوفمبر 2000، استقبل وزير الخارجية المصري الصادق المهدي زعيم حزب الأمة المعارض. وعقب اللقاء صرح المهدي أنه بحث مع الوزير الحل السياسي الشامل على الساحة السودانية، مؤكداً أن أفضل آلية للوصول إلى هذا الحل عبر المبادرة المصرية ـ الليبية، وأشار المهدي إلى أنه عرض اقتراحات لتفعيل هذه المبادرة، وكشف المهدي أنه طلب إصدار إعلان مصري ـ ليبي بأن الدولتين تباركان ما يتفق عليه السودانيون، وذلك بهدف طمأنة الفصائل السودانية. كما طلب طرح صيغة لاشتراك دول الحوار، وصيغة ثانية لعلاقة واضحة بين المبادرة المشتركة وشركاء (إيقاد)، مشيراً إلى أن دول الإيقاد تقدم مليون دولار يومياً في شكل معونات إغاثة للسودان.

ودعا المهدي في إطار اقتراحاته، لتفعيل المبادرة المشتركة، إلى ضرورة إيجاد آليات لهذه المبادرة وأن تسمي مفوضاً على مستوى عال للمتابعة وتنشئ سكرتارية ولجاناً متخصصة وصندوقاً لدعم الحل السياسي الشامل في السودان. وأعلن الوزير المصري وعده بدراسة هذه المقترحات والرد عليها.

وفي الإطار نفسه، التقى وزير الخارجية المصري رئيس التجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض السيد محمد عثمان الميرغني في 28 نوفمبر 2000.

وأشاد الميرغني في تصريحات عقب اللقاء بدور مصر في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء في السودان، وأكد دعمه التنسيق بين المبادرة المصرية ـ الليبية ومبادرة "الإيقاد".

ب. إريتريا

استضافت العاصمة الإريترية أسمرة في 13 مارس 2000 اجتماعاً لقادة المعارضة السودانية ضمن التجمع الديموقراطي السوداني، لبحث آخر التطورات على الساحة السودانية اشترك فيه جون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان وكذلك قادة ثمانية فصائل تشكل التجمع الديموقراطي السوداني. وحزب الأمة بزعامة السيد الصادق المهدي.

وقال مصدر إريتري أن أطرافاً من الحكومة الإريترية، بالتشاور مع كافة فصائل التجمع، تسعى لدفع عجلة الحل السياسي الشامل إلى الأمام خلال الاجتماعات الجارية في أسمرة.

وفي 29 مارس 2000، اختتم وفد إريتري رسمي، بقيادة وزير الخارجية، زيارة للسودان حاملاً معه مبادرة من أجل المصالحة والوفاق بين الحكومة السودانية والمعارضة، وقد أبلغ الوفد الأمين العام للمؤتمر الوطني للتنظيم الحاكم، بتلك المبادرة. وقد أكد الأمين العام للوفد موافقته على جهودهم، ومبادرتهم، بشرط أن تقوم على الديموقراطية والمنافسة الحرة لبناء السودان وتحقيق السلام، جزئية كانت أم كلية.

وفي 12 أبريل 2000، التقى وكيل وزارة الخارجية الإريترية بلجنة مبادرات الحل السياسي الشامل للتجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض. وخلال اللقاء أكد الوزير اهتمام بلاده بالحل السلمي في السودان ودعمها وتأييدها للمبادرتين العربية (المصرية الليبية) والأفريقية (الإيقاد) والتنسيق بينهما مؤكداً أن بلاده ـ التي تربطها مصالح إستراتيجية ثابتة مع السودان ـ ستعمل على تقديم كل ما في وسعها، وما هو ممكن ومعتبر في سبيل استقرار السودان.

وفي 25 يوليه 2000، استقبل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي رئيس التجمع الديموقراطي السوداني المعارض محمد عثمان الميرغني، وتداول معه المستجدات السودانية والإقليمية وطلب الميرغني من الرئيس الإريتري أن يؤدي دوراً بارزاً في الحل السياسي الشامل للقضية السودانية وذلك بالتنسيق بين مبادرتي الإيقاد والمصرية ـ الليبية المشتركة، لما لبلاده من مكانة في دول الإيفاد وعلاقات وطيدة مع مصر وليبيا.

وفي 24 أغسطس 2000، استقبل الرئيس الإريتري الصادق المهدي زعيم حزب الأمة المعارض. وقد تناول اللقاء ثلاث قضايا رئيسة هي: موقف أسمرة من مشروع الحل السياسي في السودان، والدور الذي يمكن أن تقوم به في هذا السبيل مع ضرورة التعاون في تجنب الأجندة الأخرى.

وأشار المهدي إلى أن الرئيس الإريتري كان واضحاً في تأكيد دعم بلاده للسلام العادل والتحوّل الديموقراطي وخيار الحل السياسي في السودان، مؤكداً استضافة بلاده لجيش الأمة للتحرير حتى يقرر حزب الأمة عودته ضمن تطورات التفاوض الجاري مع الحكم في الخرطوم. وأضاف أن اللقاء تناول أيضاً قضية النزاعات الثنائية بين الخرطوم وأسمرة، ومساهمة السودان في إنهاء الحرب الإريترية الإثيوبية، مشيراً إلى أن الرئيس أفورقي أكد حرصه على حسن الجوار والعلاقة الإستراتيجية مع السودان الرسمي والشعبي.

وفي محاولة لتهيئة أجواء الحوار استضافت مدينة مصوع الإريترية في 9 سبتمبر 2000، اجتماعات مؤتمر التجمع الوطني الديموقراطي المعارض الثاني.

وأكدت مصادر مطلعة أن قيادة الجبهة الشعبية الديموقراطية والعدالة الإريترية تمكنت من احتواء الخلافات التي نشبت بين حزب الأمة السوداني والتجمع الوطني الديموقراطي المعارض خلال جلسات المؤتمر، وقالت المصادر: إن القيادة الإريترية رتبت لقاءات مباشرة بين رئيس تجمع الداخل، (ممثل حزب الأمة) عبدالرحمن نقدالله، وبين قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق، ورئيس الاتحادي الديموقراطي محمد عثمان الميرغني. وتمت تهيئة الأجواء داخل التجمع لاستمرار الحوار مع حزب الأمة واستمرار عبدالرحمن نقدالله في قيادة تجمع الداخل.

وضمن جهود الحل السياسي الشامل نجحت جهود الوساطة الإريترية في ترتيب لقاء بين الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس التجمع الديموقراطي المعارض، محمد عثمان الميرغني، في 26 سبتمبر 2000.

حيث وصل البشير إلى أسمرة برفقة وزير الإعلام السوداني ومستشار رئاسة الجمهورية، وزير رئاسة الجمهورية، وعقب وصوله أجرى لقاءات ثنائية مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ثم عقد اجتماعاً مطولاً دام قرابة ساعتين مع رئيس التجمع السوداني المعارض.

وصرح البشير للصحفيين، قبل مغادرة أسمرة، أن الاجتماع كان جولة استكشافية ناجحة، تم الاتفاق فيها على حل مشكلة السودان بالحوار وليس بالعمل العسكري، كما تم الاتفاق على إجراء مفاوضات للوصول إلى حل شامل وعادل للقضايا السودانية، مشيرة إلى أنه لم يتقرر موعد للمفاوضات المباشرة. وأكد البشير أن ما تم الاتفاق عليه يأخذ في الحسبان مبادرتي الإيقاد والمصرية ـ الليبية المشتركة.

وفي 6 أكتوبر 2000، زار الرئيس الإريتري أسياس أفورقي العاصمة السودانية الخرطوم، وعقد مع نظيره السوداني عمر البشير جلستي محادثات مغلقة، وثالثة انضم إليها وزراء من الجانبين. وعقب المحادثات أشار وزير الخارجية السوداني أن المحادثات تطرقت إلى ملفات السلام والوفاق في السودان والعلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى الملفات الإقليمية والدولية وسبل تطوير السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر (إيقاد) التي تتوسط بين الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان.

ورغبة في تسريع المصالحة، ورفضاً للتصعيد العسكري في منطقة الحدود. عرضت إريتريا أمام المعارضة السودانية في 22 أكتوبر 2000 اقتراحات جديدة للتسوية السلمية للأزمة السودانية وذلك في جلسة مغلقة عقدت في العاصمة الإريترية أسمرة.

وذكر الناطق باسم التجمع أن هيئة قيادة التجمع استمعت في الجلسة المغلقة إلى تقرير من رئيس التجمع، السيد محمد عثمان الميرغني، عن اللقاء الاستكشافي الذي جمعه مع الرئيس السوداني في سبتمبر الماضي. وبحث الاجتماع في نتائج زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الأخيرة للخرطوم وتأثيرها في مسيرة الحل السياسي الشامل.

وتأكيداً لرغبة الحكومة الإريتيرية في إيجاد حل للمشكلة السودانية وصل إلى الخرطوم وفد حكومي وحزبي من أسمرة في الثاني من نوفمبر 2000 يحمل اقتراحات وافقت عليها قيادة التجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض. وكشفت المصادر أن جوهر الاقتراحات تشكيل حكومة قومية انتقالية برئاسة الرئيس عمر البشير، على أن يتولى زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق رئاسة الوزراء.

وتنص بنود الاقتراحات إلى ضرورة البدء في مفاوضات مباشرة بين قيادة التجمع والحكومة وإلغاء الدستور الحالي وإقرار آخر يشارك التجمع في صوغه وحرية النشاط السياسي والنقابي وإجراء استفتاء على تقرير المصير. وتنص أيضاً إعلان الطرفين وقف الحرب بعد الاتفاق.

ج. دول الإيقاد

أعلنت سكرتارية المنظمة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف في شرق أفريقيا (إيقاد) التي تتوسط بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان أنها ستطرح أفكاراً واقتراحات جديدة للإسراع في تضييق شقة الخلاف بين الجانبين خلال قمة المنظمة التي تعقد في الخرطوم في 23 نوفمبر 2000.

وضمن الجهود الإقليمية لحل المشكلة السودانية، اختتمت قمة دول (الإيقاد) التي انعقدت، ليوم واحد، في الخرطوم يوم 23 نوفمبر 2000 وانتخبت الرئيس السوداني عمر البشير رئيساً لدورتها الثامنة.

وذكرت مصادر مطلعّة أن قرارات القمة دعت إلى تنسيق بين مبادرة إيقاد والمبادرة المصرية الليبية لتحقيق تسوية شاملة، لإنهاء الحرب الأهلية في جنوب السودان، وتحقيق الوفاق بين القوى السياسية الشمالية. وحضت القمة الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان على إبداء جدية أكبر للوصول إلى حل نهائي للحرب في جنوب السودان. ودعت شركاء (إيقاد) إلى عدم الانحياز إلى أي من طرفي النزاع.

وأكد الرئيس السوداني أن حكومته لا تمانع في التنسيق بين مبادرة "إيقاد" ومساعي مصر وليبيا في شأن السودان. ودعا إلى وقف شامل لإطلاق النار في جنوب السودان. وحمل بشدة على المواقف الأمريكية تجاه بلاده. وقال: إن واشنطن لن تكون وسيطاً مقبولاً، بسبب دعمها حركة التمرد بالسلاح والتموين والتدريب وسياسياً وإعلامياً. وإن زيارة مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية مناطق تسيطر عليها حركة التمرد في جنوب السودان دون تصريح من الخرطوم ووصف ذلك بأنه مسلك استفزازي ينتهك سياسة البلاد وحقوق الإنسان.

وأبدى وزير الخارجية المصري استعداد مصر وليبيا للتنسيق مع "إيقاد" في شأن الأزمة السودانية. وعبر المبعوث الليبي عن تكثيف جهود بلاده مع مصر ودول "إيقاد" لإحلال السلام والوفاق في السودان.

وأكد وزير الدولة للخارجية الإيطالية الذي ترأس بلاده مجموعة شركاء "إيقاد" حرص الشركاء على الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي. وقال: إن اجتماعاً سيعقد في روما في يناير 2000 للبحث في تطورات قضية السلام في السودان.

2. الموقف الدولي

أ. الأمم المتحدة

أكد مكتب التنسيق الإنساني في أول مارس 2000 سحب 149 من عمال الإغاثة الإنسانية من جنوب السودان، بعد إخفاق المفاوضات الرامية إلى إغاثة سكان المناطق التي يسيطر عليها الجيش الشعبي لتحرير السودان.

ويمثل انسحاب موظفي الأمم المتحدة من جنوب السودان فقدان ما يتراوح بين 70 و80% من الموارد الإنسانية في هذه العملية؛ الأمر الذي سيمنع تقديم المساعدات للسكان الأكثر ضعفاً من جراء الحرب. وسيضر هذا الإجراء بالبرامج الصحية وخطط توفير المياه والأغذية الجاري تنفيذها.

يعود انسحاب المنظمات غير الحكومية العاملة في جنوب السودان لمطالبة الجيش الشعبي بإبرامها وثيقة مع جمعيته إعادة إعمار السودان (الجناح الإنساني للجيش الشعبي لتحرير السودان) يلزم فيه المتعاونون بإبلاغ الجمعية المذكورة بأنشطتهم ودفع ضرائب رسوم.

وفي 30 مارس 2000، نقلت وكالات الأنباء أن مدير مكتب منظمة اليونيسف بالخرطوم قال: "إن هناك عدداً من الأطفال يتجاوز الآلاف قد اختطف من شمال بحر الغزال في جنوبي السودان ودارفور وجبال النوبة في الغرب". وقال أكفالي، في مؤتمر صحفي عقده بمقر اليونيسف بالاشتراك مع الفنان العربي دريد لحّام الذي يزور السودان سفيراً للنيات الطبية: "إن الحركة الشعبية لتحرير السودان اختطفت خلال العشر سنوات الماضية ما بين 14 و15 ألف طفل واحتجزتهم في معسكرات وأن اليونيسف تعمل جاهدة لإيقاف الاختطاف.

وحمل المسؤول الدولي، الحكومة السودانية مسؤولية ما يتعرض له الأطفال في جنوب السودان وغربه من عمليات اختطاف.

وفي 29 أبريل 2000، تلقى السودان طلباً من الأمم المتحدة نقله ممثل برنامج الغذاء العالمي بالسودان، بوقف إطلاق النار مؤقتاً في ولايات بحر الغزال حتى تتمكن المنظمة الدولية من تحريك قطار المساعدات الإنسانية على الخط الذي يربط بين كوستي في جنوب البلاد ووسطها ومدينة ولو في وسط الجنوب.

واستجابة لهذا الطلب أعلن السودان تمديداً لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في 15 يوليه 2000.

وقد ناشد بيان للخارجية السودانية الأطراف المعنية التي تحمل السلاح باتخاذ خطوة مشابهة لخطوة الحكومة، حتى تتمكن منظمات الأمم المتحدة من تقديم العون اللازم للمتضررين من استمرار العمليات العسكرية.

وفي الأول من أغسطس 2000، وصل إلى الخرطوم روث ماونتن، مدير برنامج المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة، والتقى وزير التخطيط الاجتماعي السوداني قطبي المهدي المكلف ملف الإغاثة.

وقال مسؤول الأمم المتحدة: إنه على استعداد لمراجعة سير برنامج شريان الحياة، وأن للحكومة أكثر من سبب يدفعها للمطالبة بالمراجعة. وأن هناك مشكلة حقيقية لتطبيق البرنامج.

والجدير بالذكر أن الحكومة السودانية قد أعلنت في 22 يوليه 2000، أنها ستعيد النظر في برنامج شريان الحياة، بعد أن ثبت بالدليل القاطع تورط عدد من المنظمات العاملة في إطاره بمساندة الحركة الشعبية في عملياتها.

وأكد المسؤول الدولي أن البرنامج، الذي يوفر الإغاثة لسكان الجنوب، ليس مسؤولاً عن تجاوزات الحركة الشعبية أو بعض منظمات الإغاثة. وأبلغ الحكومة السودانية أنهم متفقون معها أن الحركة الشعبية ارتكبت سلسلة من الخروقات، ولكن ليس، بأية حال، بتنسيق مع الأمم المتحدة؛ لأنها مهتمة بالشؤون الإنسانية.

وأضاف المسؤول أن الحكومة قدمت له ثلاثة مطالب هي: نقل البرنامج لداخل السودان، وإعداد برنامج التعمير والتنمية وتوسيع نقل الإغاثة براً وتقليل النقل الجوي تقليلاً للنفقات.

وقال إن الأمم المتحدة تبدي استعدادها لبحث إجراءات التطبيق الفعلي والصحيح للبرنامج.

وفي 17 أغسطس 2000، أعلنت الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمي أن البرنامج التابع للأمم المتحدة بدأ في توزيع 240 طناً من الأغذية في بلدتي بانتيو وروبكونا الواقعتين على مسافة 750 كم إلى الجنوب الغربي من الخرطوم في 13 أغسطس 2000، وتقوم شاحنات بنقل 362 طناً أخرى من بلدة العبيد التي تبعد نحو 450 كم إلى الشمال من بانتيو إلاّ أن الأمطار الغزيرة عطلت التسليم.

وأوضحت المسؤولة الدولية أن برنامج الغذاء العالمي خصص 500 طن أخرى من الأغذية لإرسالها إلى بانتيو جواً أو برّاً، مشيرة إلى استعداد البرنامج لتلبية حاجات العدد المتزايد من المشردين في ولاية الوحدة.

وفي 23 أغسطس 2000، اختتم السفير توم أريك فرالسون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة زيارة للسودان استغرقت ثلاثة أيام. وقال بيان مشترك صدر في الخرطوم اليوم: إن الحكومة السودانية أكدت على أهمية وجود لها في قاعدة لوكيشيكو في كينيا، فيما أوضح المبعوث أنه لا مانع تجاه هذا الاقتراح، وشجع الحكومة على أثرة الموضوع مباشرة مع حكومة كينيا، إلاّ أن الحكومة ترى أن للأمم المتحدة دوراً أكبر في طرح هذا الموضوع.

كذلك تحفظت الأمم المتحدة تجاه طلب الحكومة نقل عمليات الإغاثة إلى داخل السودان، لتتم عبر المطارات والمواني والطرق البرية السودانية، مع الوعد بأن تشمل الإغاثة المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية.

وقال البيان: إن المبعوث الخاص وحكومة السودان اتفقا على أن تبقى فعالية التكلفة (النقل والتشغيل)، أمراً ذا أولوية في عمليات نقل الإمدادات والخدمات في جميع المناطق بالسودان، وسيستمر الاستخدام الأمثل للممرات البرية والنهرية والحدودية، كما تسمح بذلك نصوص الاتفاقات والبروتوكولات.

وأضاف البيان، إن الجانبين لاحظا الحاجة إلى صيغة متفق عليها، يمكن أن تجمع آليات السلامة والإيصال، بما فيها الرحلات الجوية مع الكفاءة والتوقيت المناسب، ومرونة الاستجابة وكانت الأمم المتحدة قد علّقت عمليات الإغاثة مطلع هذا الشهر، بعد تعرض إحدى طائراتها لقصف جوي في منطقة بحر الغزال.

وحرصاً على تسهيل عمليات الإغاثة، وقّعت الحكومة السودانية، والأمم المتحدة، والحركة الشعبية لتحرير السودان في 6 نوفمبر 2000 على محضر اتفاق استهدف تقويم البرنامج الإنساني لإغاثة المتضررين من الحرب الأهلية في جنوب البلاد "شريان الحياة" والبروتوكولات الثلاثة الموقعة بين الأطراف الثلاثة بتسهيل عمليات الإغاثة.

وشمل محضر الاتفاق، الذي وقع في جنيف، سبع نقاط أساسية تضمنت التزام الحكومة والحركة الشعبية تسهيل حركة موظفي الإغاثة العاملين في برنامج "شريان الحياة" الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، مع تقديم وسائل الاتصال لهم.

والتزمت الأمم المتحدة تزويد الجانبين معلومات مفصلة عن تنفيذ عمليات الإغاثة وإجراءاتها، تنفيذا لمبدأ الشفافية والعمل المشترك. وكذلك اتفق على تسهيل استخدام الممرات البرية وتحريكها. إضافة إلى توسيع قاعدة الأبيِّض الجوية في غرب السودان لنقل الإغاثة إلى الجنوب وهو مطلب حكومي كان الحركة الشعبية تعترض عليه.

وناقشت الأطراف الثلاثة مراجعة عمل الممرات البحرية، وأكد الجانبان التزامهما تحريك الممر النهري (كوستي ـ جوبا) مطلع يناير 2001، وجددا التزامهما إعداد قاعدة معلومات كاملة عن النازحين.

ب. الولايات المتحدة الأمريكية

وصل إلى الخرطوم هاري جونستون المبعوث الأمريكي للسودان يوم 5 مارس 2000 والتقى بقيادة التجمع الوطني المعارض في الداخل، وطرح عليهم 22 سؤالاً حول أوضاع حقوق الإنسان والحرب والحريات وتقرير المصير.

وأكد المبعوث الأمريكي، في مؤتمر صحفي عقده في الخرطوم يوم 6 مارس 2000، أن سياسة بلاده الرسمية لا تدعم فصل الجنوب عن الشمال، ولكنها تقف مع حق تقرير المصير.

وأوضح جونستون: "أن بلاده لا تساند طرفاً ضد آخر في الصراع الدائر بين الشمال والجنوب، ولا تمد أحداً بالسلاح".

اختتم المبعوث الأمريكي للسودان هاري جونستون زيارته للسودان التي استغرقت يومي 12 و13 يونيه 2000، وأصدر بعد أربعة أيام بياناً قال فيه: لقد كان الغرض من زيارتي ولقاءاتي بالمسؤولين البحث عن إمكانية تحقيق السلام والتقدم الذي أحرزته مبادرة الإيقاد للسلام والمبادرة المشتركة (المصرية ـ الليبية)، وذكر أنه شجع بقوة التنسيق بين هاتين المبادرتين، وأنه بذل كل الجهد في القاهرة ونيروبي، ووعد بأن يبذل مثله خلال اجتماع شركاء الإيقاد في النرويج خلال يومي 19 و20 يونيه 2000.

وفي 13 يونيه 2000، ذكرت وكالات الأنباء أن واشنطن دعت الأطراف السودانية المعنية لاجتماع في أوسلو مع شركاء الإيقاد، والمصرية الليبية.

وفي 27 أغسطس 2000، اتهمت الولايات المتحدة الحكومة السودانية بشن غارات جوية على أهداف مدنية في جنوب السودان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحات صحفية: إن تلك الغارات شنت على مناطق في جنوب السودان سيطر عليها المتمردون، وتعمل فيها منظمات دولية للإغاثة.

وجاء رد الحكومة السودانية على الاتهام على لسان وزير خارجيتها: أن واشنطن أصبحت لا تخفي انحيازها لحركة التمرد، وتتناسى أن دعمها للحركة هو السبب الأساسي في استمرار الحرب، ومعاناة مواطني الجنوب، وتفاقم الأوضاع الإنسانية.

وفي خطوة مماثلة، أصدر البيت الأبيض مساء يوم 25 أكتوبر 2000 بياناً انتقد فيه الرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" الحكومة السودانية قال فيه: أشعر بقلق عميق للتقارير القائلة إن حكومة السودان تقصف المدنيين الأبرياء في الجزء الجنوبي من البلاد.

وأضاف: إذا كانت الحكومة السودانية تسعى إلى أن تثبت للمجتمع الدولي استعدادها للتصرف وفق الأعراف الدولية وسيادة القانون؛ عليها أن تسمح بوصول كامل وفوري للمنظمات الإنسانية الساعية إلى إغاثة المدنيين في السودان. وأوضح البيت الأبيض ـ مشيراً إلى تقارير لموظفي إغاثة دوليين ـ إن الجيش السوداني قصف مواقع مدنية وإنسانية أكثر من 60 مرة في الإثنى عشر شهراً الماضية.

وفي 4 نوفمبر 2000، قرر الرئيس "بيل كلينتون" تمديد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بلاده منذ 3 نوفمبر 1997، عاماً آخر.

وقال: إن القرار اقتضته متطلبات الأمن القومي الأمريكي، ورأى أن السودان صار مهدداً للمصالح الأمريكية" وأمر بحجز أرصدة الحكومة السودانية لدى المصارف الأمريكية، وأعلن استمرار حال الطوارئ القومية لمدة عام جديد.

وصادق مجلس النواب على قانون "سلام السودان" الذي يتضمن إجراءات تعدّ سابقة، من شأنها أن تقود إلى إبعاد الشركات المتعاملة مع الحكومة السودانية من بورصة نيويورك؛ مما يؤدي إلى التأثير على سياسات الحكومات الخارجية بالضغوط عبر سوق الأسهم الأمريكية.

ومن بين الشركات التي يهددها القرار الأمريكي: تاليسمان الكندية للطاقة التي تطرح 20% من أسهمها في أسواق الأسهم الأمريكية وشركة (بتروشاينا) التابعة لشركة النفط الحكومية الصينية التي ألحقت ضمن الشركات المتعاملة مع بورصة نيويورك العام 2000.

وفي نيروبي أعلنت السفارة الأمريكية، في بيان صحفي في 19 نوفمبر 2000، أن مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية ستزور جنوب السودان وتقضي ليلة فيه لتفقد مشاريع تنموية، وتلتقي مسؤولين في منطقة تمزقها الحرب، في إطار جولة تشمل نيجيريا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا وكينيا.

وحمل مسؤول في وزارة الخارجية السودانية بعنف على الإدارة الأمريكية، ووصف زيارة المسؤولة الأمريكية لمناطق توجد فيها حركة التمرد في جنوب البلاد بأنها "انتهاك لسيادة السودان وخرق للمواثيق الدولية، ودعاها إلى إخطار الخرطوم والحصول على إذن قبل دخول أية أراضي سودانية.

وفي 22 نوفمبر 2000، اختتمت المسؤولة الأمريكية زيارة استمرت يومين لمناطق تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان. وقالت في مؤتمر صحفي في منطقة رومبيك (جنوبي السودان) إن الحكومة السودانية أبلغت رسمياً نيتها زيارة الجنوب قبل بضعة أيام. وأوضحت أن زيارتها تهدف إلى فتح ملف: "ممارسة الرق في السودان". رغم نفي الخرطوم ذلك وتظاهر بعض شركائنا الأوروبيين بعدم وجوده. كما زارت رايس منطقة (ماريال باي) في بحر الغزال. ووصفت المسؤولة الأمريكية زيارتها بأنها تستهدف تقويم الأوضاع الإنسانية.

واحتجاجاً على زيارة مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية، منعت الحكومة السودانية الدبلوماسيين الأمريكيين من دخول البلاد، وطلبت رسمياً من القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم إعطاء تفسيرات صريحة لمغزى زيارة المسؤولة الأمريكية جنوب السودان.

وأعربت واشنطن عن أسفها لقرار السودان إلغاء تأشيرات دخول دبلوماسييها للخرطوم.

ج. الاتحاد الأوروبي

نقلت وكالات الأنباء أن المفوضية الأوروبية وضعت شروطاً لاستئناف مساعداتها إلى جنوب السودان، وأعلنت، في بيان وزعته في بروكسل في 24 مارس 2000؛ أنها مستعدة لتقديم مساعدة قدرها 11 مليون يورو إلى جنوب السودان، بشرط أن تتراجع قوات المعارضة في جنوب السودان عن ابتزاز المنظمات الإنسانية العاملة هناك.

يذكر أن المفوضية قد علّقت في الأول من مارس 2000 مساعداتها المالية والعينية الإنسانية التي كانت تقدمها للمناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان، وذلك لأن الجيش الشعبي لتحرير السودان طرد موظفي المنظمات الإنسانية غير الحكومية من المنطقة بعد أن رفضت توقيع اتفاقية تفاهم تفرض بموجبها إتاوات وضرائب باهظة على عمال الإغاثة.

وفي 8 ديسمبر 2000، وصل إلى الخرطوم وفد من الاتحاد الأوروبي برئاسة مديرة الشؤون الأفريقية في الخارجية الفرنسية، وعبرت المسؤولة الأوروبية عن اقتناعها بجديّة الحكومة السودانية في الوصول إلى حلول سلمية لمشكلة الجنوب، غير أنها انتقدت بطء عملية السلام، ودعت إلى سرعة تنفيذها لتحقيق الاستقرار.

وأثناء الزيارة اتفق السودان ودول الاتحاد الأوروبي على تمديد الحوار بينهما عاماً آخر، بعد خلافهما في شأن قضيتي السلام وحقوق الإنسان، وأبدت دول الاتحاد استعدادها لتقديم 15 مليون يورو للبرامج الإنسانية والتنموية، وإعادة التأهيل، والانتقال من الإغاثة إلى إعادة التعمير وعبّر الطرفان، في بيان مشترك، عن أملهما بأن يؤدي تمديد الحوار إلى تطبيع كامل في كل العلاقات بينهما بما في ذلك مسائل العون الفني والتنمية الاقتصادية. وأعرب الجانب الأوروبي عن استعداده للنظر في تمويل البرامج المتعلقة بتطوير مسألة حقوق الإنسان والديموقراطية.