إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في جنوبي السودان





موقع منطقة إبيي
المناطق الحدودية المختلف حولها

مناطق النفط جنوب السودان
أماكن معسكرات الفصائل
الموقع الجغرافي للسودان
التوزيع القبلي
التقسيم الإداري للسودان
التقسيم الإداري لجنوب السودان
تضاريس السودان
قناة جونجلي



المبحث العاشر

الفصل التاسع

تطور الأحداث والدور الإقليمي والدولي في الصراع (2009 ـ 2010)

مر السودان خلال عامي 2009، و2010 بالكثير من الأحداث والأزمات، التي سوف تترك ـ بلا شك ـ بصماتها القوية على مستقبل السودان، وسوف تلعب دوراً محورياً في التفاعلات الجارية، والتي تتصل بشكل وثيق بعملية إعادة هيكلة الدولة وقسمة السلطة والثروة في السودان، وهي العملية التي بدأت مع توقيع برتوكول ماشاكوس في 20 يوليه 2002، الذي أفضى إلى توقيع اتفاقية السلام الشامل والمعروفة إعلامياً باسم "اتفاقية نيفاشا"، في 9 يناير 2005، بين كل من حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان.

وقد كان أهم مخرجات اتفاقية نيفاشا هو تحول السودان إلى إقليمين: "جنوبي يتكون من عشر ولايات، وشمالي يتكون من 16 ولاية (دمجت بعد الاتفاقية لتصبح 15 ولاية)، وبمقتضى الاتفاقية، أيضاً، أصبحت حكومة الإقليم الجنوبي تتمتع بسلطات واسعة النطاق على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية. وفوق ذلك، فإن الإقليم الجنوبي يتمتع، أيضاً، بحق تقرير المصير عبر استفتاء لمواطني الجنوب يُجرى في 9 يناير 2011.

وبمرور الوقت أصبح من الواضح أن التداعيات والتفاعلات، التي أطلقتها عملية إعادة الصياغة وإعادة الهيكلة للدولة السودانية، تكاد تخرج عن السيطرة في تهديد واضح لوحدة السودان وتماسك أراضيه، وذلك بسبب عاملين أساسيين، هما: حالة الاستقطاب الحاد بين القوى السياسية المختلفة في السودان، وعدم قدرتها على الوصول إلى حد أدنى من التوافق بينها. والسبب الثاني يتمثل في التدخلات الخارجية (الإقليمية والدولية)، التي جاءت على خلفية الاستقطاب الداخلي، وعملت بأشكال مختلفة على تعميقه وتوسيعه، ومن ثم توظيفه لصالح أهدافها ومصالحها الخاصة، سواء كانت هذه الأهداف إستراتيجية أو ذات طبيعة مرحلية أو تكتيكية، طبقاً للاختلاف في طبيعة المصالح. وكذلك القدرات والأهداف.

ومع اقتراب موعد الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان والمقرر له يناير 2011، أصبحت القضية بمثابة الشغل الشاغل على أصعدة عدة، داخلية وإقليمية ودولية، لما سوف يترتب عليها من تداعيات مستقبلية مفتوحة على كل الاحتمالات، خشية أن يتحول الانفصال ـ في حالة وقوعه ـ من نهاية منتظرة لحرب طويلة بين الشمال والجنوب، إلى بداية لسلسلة من المشاكل والأزمات والتداعيات غير المحسوبة، والتي قد تؤدي بالسودان، طبقاً لبعض السيناريوهات، إلى التفكك أو الفوضى، حيث لا تحظى هذه التداعيات بالنقاش العلني حتى الآن بسبب التكلفة الباهظة ـ من الناحية التكيتكية ـ لمثل هذا النقاش، لكل من طرفي اتفاقية نيفاشا؛ فالتأييد العام لشعار "جعل الوحدة جاذبة"، والتزام طرفا الاتفاقية بالعمل معا في هذا الاتجاه، يتناقض مع القبول الواسع لفكرة أن الوحدة باتت غير مرجحة بشكل أو آخر، طبقا للعديد من التحركات السياسية والتصريحات العلنية التي برزت مؤخراً.

لذا، تركزت جهود التسوية على القضايا المتصلة بتطبيقات اتفاقية السلام الشامل "نيفاشا"، خوفا من انهيار الاتفاقية وعودة الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب من جديد. ويمكن رصد أهم التطورات السياسية، عبر تناول ثلاث قضايا رئيسية تركز على نجاح التحكيم في تجاوز الخلافات الصعبة، التي أحاطت بملف قضية أبيي، ومعالم الإستراتيجية الأمريكية في السودان، بعد وصول أوباما ومحاولته إتباع رؤى جديدة تجاه المناطق الرئيسية، التي تهتم بها السياسة الخارجية الأمريكية، وأخيرا ما ظهر من توجه غالب لدى أبناء جنوب السودان نحو الانفصال.

لم تكن الانتخابات العامة السودانية بمستوياتها (الرئاسية والبرلمانية والولائية) مجرد حدث سياسي، أو استحقاق ديموقراطي، أو مطلب من مطالب الإصلاح السياسي، في دولة تموج بالتطورات المتسارعة وتعصف بها أعاصير الخلافات السياسية والتباينات، التي تمتد من الخلاف الفكري المجرد على الهوية، والتوجه إلى الخلاف العسكري المسلح على السلطة والثروة؛ بل كانت هذه الانتخابات، وهي الأولى منذ ربع قرن، حدثاً نوعياً وعلامة فارقة في تاريخ الصراع السياسي بين النخب السودانية المتعاقبة، التي أدى تباين موقفها وتعدد رؤاها السياسية إلى التهديد بتمزيق وحدة السودان، وتقسيمه إلى دوليتين.