إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب فوكلاند





إغراق بلجرانو وشيفلد
معركة جوس جرين
الإبرار البريطاني بسان كارلوس
الهجوم على الغواصة سانتافي
القتال للجانبين 1 مايو
احتلال رأس الشاطئ
عملية ثلاجة فورتونا
عملية خليج ستورمنس
عملية خليج كمبرلاند

مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية
مسرح حرب فوكلاند
مسرح عمليات فوكلاند
معركة ويرلس ريدج
الاستيلاء على ستانلي
جورجيا الجنوبية "منطقة العمليات"
خط المرتفعات الثاني
جزيرة جورجيا الجنوبية
جزر فوكلاند
سقوط ستانلي
فكرة الغزو الأرجنتيني



حرب عام 1967

3. أثر طبيعة مسرح الحرب على عمليات وأعمال قتال الجانبين

أ. أثر بُعد منطقة العمليات الرئيسية

تُعد جزر فوكلاند ذات أهمية إستراتيجية للمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بالرغم من بعدها عن الجزر البريطانية، فموقعها المتميز يسمح لأساطيل الحلف باللجوء إليها كقاعدة للإمداد والتزود بالوقود والاحتياجات اللازمة لها، كما أنه يسمح للقوات البحرية والجوية الموجودة بالجزر بالتحكم في منطقة جنوب الأطلسي، ويوفر لها القدرة على فرض الحصار البحري على دول أمريكا الجنوبية عند الضـرورة.

وقد كان لاتساع المسرح وأبعاده الكبيرة أثر بالغ على تحضيرات وعمليات وأعمال قتال الجانبين، حيث اضطر الجانب البريطاني إلى تعبئة وتأجير العديد من السفن التجارية لمواجهة مطالب عمليات النقل والإمداد الضخمة اللازمة لنقل القوات البريطانية وتأمين استمرارها في القتال على هذه المساحة البعيدة عن قواعدها في أوروبا، وهو ما دفع القيادة البريطانية- ضمن عوامل أخرى- إلى استخدام جزيرة "اسنشن" كمحطة متوسط في طريق الرحلة البحرية إلى جزر "فوكلاند" لاستكمال أعمال التحضير والحشد.

كما أدَّى بُعد منطقة العمليات الرئيسية ـ في ظل عدم وجود قواعد جوية بريطانية قريبة أو حاملات طائرات هجومية كبيرة ـ إلى الحدِّ من قدرة القوات الجوية البريطانية على تحقيق السيطرة الجوية العملياتية في مسرح العمليات.

أمّا على الجانب الأرجنتيني فقد سمح القرب النسبي لمنطقة العمليات من القواعد الأرجنتينية بتوجيه ضربات جوية مؤثرة إلى السفن البريطانية، إلاّ أن المسافة بين منطقة العمليات الرئيسية والقواعد الجوية بالأرجنتين فرضت علي القوات الجوية الأرجنتينية العمل على أقصى مدى لطائراتها، وهو ما حدَّ من فترة بقائها في منطقة العمليات وقدرتها على المناورة في المنطقة.

ب. أثر طبيعة منطقة العمليات الرئيسية

تسمح المنطقة المحيطة بجزر "فوكلاند" باستخدام كافة الأسلحة، كما توفر كثرة الخلجان والموانئ أماكن جيدة لتوزيع وانتشار السفن وسهولة أعمال التمويه والخداع، غير أنها لا تسمح بأعمال الحشد البحري في موانئ الجزر وتحد من حرية المناورة للسفن. كما لا تسمح الأعماق حول الجزر باقتراب الغواصات إلى أقل من 10 ميل (16 كم)، غير أن ضحالة الأعماق في الممرات البحرية بين الجزر توفر ظروفاً ملائمة لاستخدام الألغام، ولكن الساحل الصخري المرتفع المحيط بالجزر والأخطار الملاحية المنتشرة على طول السواحل تجعل من الصعب اختيار الأماكن الصالحة لعمليات الإبرار وتعقد تلك العمليات.

وتؤدي الطبيعة الجبلية للجزر مع التعرج الشديد للساحل إلى التأثير السلبي على رادارات الوحدات البحرية، مما يوفر للطائرات المهاجمة الفرصة لتحقيق المفاجأة عند الاقتراب على ارتفاع منخفض. وقد حدَّت الطبيعة الجبلية للجزر من قدرة الجانبين على التحرك، وفرضت عليهما اللجوء إلى أساليب الحرب الجبلية. وقد أدت صعوبة التحرك إلى عجز القوات الأرجنتينية في جزيرة "فوكلاند الشرقية" عن صد الإبرار البحري البريطاني في منطقة رأس الشاطئ، واعتمدت على خطها الدفاعي الذي يستند على جبال "هاريت ولونجدون والأختين وتيومبل دون وتل سابر".

ولمّا كان القتال في منطقة "فوكلاند" قد دار في مستهل الشتاء (في جنوب المحيط الأطلسي). فقد عانى كلا الجانبين من الطبيعة القاسية للطقس والأحوال الجوبرمائية غير المواتية، الأمر الذي حد من استخدام الطائرات والطائرات العمودية وعقَّد أعمال البحث والإنقاذ للوحدات البحرية والطائرات، كما أثر على أداء رادارات البحث وإدارة النيران وعقَّد استخدام أجهزة الرؤية البصرية.

وقد أدى سوء الأحوال الجوية أثناء القتال إلى فقد القوات البريطانية طائرتي "هارير" اصطدما بعضهما ببعض لسوء الرؤية، كما عاقت الأحوال الجوية السيئة شن القوات الجوية الأرجنتينية لأية هجمات جوية ضد القوات البريطانية لمدة ثلاثة عشر يوماً بسبب عجزها عن رؤية أهدافها. كما أثر سوء الأحوال الجوية سلباً على تنفيذ عمليات الإبرار طبقاً للخطة الزمنية المحددة، ومن ناحية أخرى أدَّت حالة الطقس السيئة إلى عدة مشاكل بالنسبة إلى استخدام المدفعية، فقد أثَّرت السُّحُب المنخفضة والأمطار والرياح الشديدة سلباً على دقتها، وجعلت البرودة الشديدة من الصعوبة بمكان ربط الطابات (الصمامات) على دانات (قذائف) المدفعية، كما كان البرد القارس ونسبة الرطوبة العالية بمثابة كابوس لرجال الصيانة الذين عجزوا عن الحفاظ على نسبة صلاحية عالية للأسلحة والمعدات.

ثالثاً: تصاعد النزاع بين بريطانيا والأرجنتين نحو الحرب

1. تطورات الموقف على الجانب الأرجنتيني (أُنظر خريطة جورجيا الجنوبية "منطقة العمليات")

صادف تصاعد النزاع بين بريطانيا والأرجنتين حول جزر "فوكلاند" السنة السادسة لحكم النخبة العسكرية لسابع الانقلابات التي توالت على الأرجنتين منذ عام 1930، والتي عانت البلاد خلال حكمهم من سوء الحالة الاقتصادية للبلاد التي بلغت ذروتها عام 1981. وفي ديسمبر من العام نفسه تولي رئاسة الدولة الجنرال "جلتيري Galtieri" خلفاً للجنرال "روبرتو فيولا Roperto Viola" الذي تخلى عن منصبه لسوء حالته الصحية.

وفور توليه السلطة أعلن "جالتيري" أن عام 1982 سيكون عام "مالفيناس" (جزر فوكلاند)، ويُعتقد أن "جالتيري" وزميله "الأدميرال جورج أنايا Admiral Jorge Anaya" قائد البحرية وعضو المجلس الحاكم اتفقا على قيام البحرية الأرجنتينية بنقل قوة لاحتلال الجزر بين شهري يوليو وأكتوبر 1982 في حالة فشل المفاوضات التي كان من المقرَّر استئنافها مع الجانب البريطاني خلال شهر فبراير من ذلك العام.

وفي 5 ديسمبر عام 1981، أصدر الأدميرال "أنايا" تعليماته إلى رئيس شعبة العمليات البحرية لإعداد خطة لغزو جزر فوكلاند بالتعاون مع القوات البرية والبحرية، مع الأخذ في الاعتبار أن العبء الأساسي في العملية سيقع على عاتق القوات البحرية، وأن يتم التخطيط لتنفيذ العملية في منتصف سبتمبر. وفي التاسع من مارس كانت الخطة الأساسية للعملية جاهزة للتصديق، وطبقاً لتلك الخطة كان على البحرية ومشاتها القيام بعملية الإبرار الأساسية يصاحبها مفرزة برية صغيرة، على أن يقوم أحد ألوية مشاة الجيش بتولِّي المسؤولية بعد التغلب على الحامية البريطانية في الجزر.

وصدَّق المجلس العسكري الحاكم على الخطة التي أحيلت إلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة لتعد على أساسها الخطة الزمنية للعملية. وفي الوقت الذي كانت تجري فيه أعمال التخطيط السابقة حدثت واقعة ذات صبغة تجارية أدت إلى تفجير الأزمة والتعجيل بموعد الغزو. فقد أبحرت إلى جزيرة "جورجيا الجنوبية"، في 11 مارس 1982، سفينة النقل "باهيا بوين سوسيزو Bahia Buen Suceso" التابعة للبحرية الأرجنتينية والمؤجرة إلى رجل الأعمال "كونستنتينو ديفيدوف Constantino Davidoff" وعلى متنها واحد وأربعون عاملاً مدنياً- تابعين لرجل الأعمال المشار إليه- من أجل فك ونقل مخلفات أحد المصانع القديمة في ميناء "ليث Leith"، وأخطر "ديفيدوف" السفارة البريطانية في "بوينس أيرس" بإبحار الباخرة إلى "جورجيا الجنوبية" إلاّ أنه لم يحصل على تصريح النزول لرجاله لضيق الوقت، ومن ثمَّ أخطر السفارة البريطانية أن ممثله سوف يبلغ قاعدة المساحة القطبية البريطانية في "جورجيا" الجنوبية"- التي تبعد عشرين ميلاً عن "ليث"- عن وصول السفينة إلى الجزيرة، ولم تعترض السفارة على ذلك الترتيب.

وعند وصول السفينة إلى "جورجيا الجنوبية" لم يقم ممثل رجل الأعمال الأرجنتيني بالحصول على تصريح بالنزول إلى الشاطئ وقام بعض العمال بغرس صَارٍ في الأرض رُفِعَ عليه علمُ الأرجنتين تعبيراً عن ابتهاجهم بوجودهم على أرض يعدونها تابعة لوطنهم، ثم تابعوا عملهم في فك ونقل مخلفات المصنع التي حضروا من أجلها. وفي يوم 19 مارس، اليوم الثالث لوجودهم في "ليث"، شاهد أحد علماء بعثة المساحة القطبية البريطانية الذي كان في جولة بالمنطقة، العلم الأرجنتيني المرفوع كما سمع صوت طلقات نارية أطلقها أحد أفراد طاقم السفينة بغرض الصَّيد.

وما إن علم رئيس البعثة البريطانية، الذي يُعدّ أعلى سلطة بريطانية بالجزيرة غير المأهولة، بالأمر حتى اتصل لاسلكياً بالحاكم البريطاني في "فوكلاند" يخطره بالانتهاكات الأرجنتينية، فأبلغه الأخير بضرورة الاتصال بالفريق الأرجنتيني لإنزال العلم والحصول على تصريح من السلطات البريطانية في "جرايتفكن Grytviken" [1]، وانتهت الاتصالات بإنزال العلم إلاّ أنه لم يذهب أحد للحصول على التصريح.

وفي اليوم التالي غادرت السفينة الأرجنتينية الجزيرة بعد أن تركت على الشاطئ المعدات الخاصة برجل الأعمال وكمية من الإمدادات تكفي العمال لفصل الشتاء، إلاّ أنه قبل أن تبحر السفينة أرسل الحاكم البريطاني في فوكلاند" يخطر "لندن" بالحادث وعدم التزام الأرجنتين باستكمال الإجراءات الرسمية لنزولهم وعملهم على الشاطئ. وأضاف الحاكم ـ خطأً ـ أن هناك الآنَ أفراداً عسكريين أرجنتينيين على الشاطئ، وأنه يعتقد أن البحرية الأرجنتينية تتخذ من موضوع المخلفات المعدنية ذريعة للوجود على الجزيرة.

وعلى ذلك أرسلت وزارة الخارجية البريطانية احتجاجاً إلى الحكومة الأرجنتينية بشأن ذلك الحادث وطالبت برحيل السفينة وكافة الأفراد الذين أنزلتهم على الشاطئ، وهددت بأنه إذا لم يتم ذلك فإن الحكومة البريطانية ستتخذ الإجراءات التي تراها ضرورية. وفي اليوم نفسه أبحرت كاسحة الجليد البريطانية "انديورنس Endurance" من ميناء ستانلي وعلى متنها نحو فصيلة من مشاة البحرية البريطانية متوجهة إلى جزيرة "جورجيا الجنوبية"، فأبلغ رجال الخطوط الجوية الأرجنتينية- الذين لاحظوا خروج السفينة البريطانية- السلطات الأرجنتينية بخروج السفينة إلى عرض البحر.

وفي 21 مارس، أخطرت الحكومة الأرجنتينية لندن بأنها تفترض أن العمال قد غادروا الجزيرة على متن السفينة "باهيا" صباح ذلك اليوم، ومن ثمَّ هدأ الموقف وتلقت الكاسحة "انديورنس" الأمر بالعودة إلى ميناء "ستانلي"، غير أنه سرعان ما أبلغ البريطانيون في "جورجيا الجنوبية" في اليوم التالي، بأن العمال لازالوا بالجزيرة، ولم تُتخذ الإجراءات الرسمية لحصولهم على تصريح النزول والعمل على الشاطئ. مما دفع اللورد "كارنجتون" وزير الخارجية البريطانية إلى إرسال رسالة شديدة اللهجة إلى "بوينس أيريس" يُنذر فيها بأنه إذا لم تتلق سفينة النقل الأمر بالعودة لالتقاط فريق العمال من "ليث" فإن مشاة البحرية البريطانية على السفينة "انديورنس" سيتولون هذا الأمر.

وأدَّى إنذار اللورد "كارنجتون" إلى تصعيد جديد في الموقف، فقد كان ذلك الإنذار أكبر من أن يبتلعه المجلس العسكري الحاكم، ومن ثمَّ قرَّر المجلس يوم 23 مارس استغلال التصعيد البريطاني لأحداث "جورجيا الجنوبية" والتعجيل بغزو جزر "فوكلاند". واستجابة لطلب المجلس العسكري أوضحت هيئة الأركان أنه يمكن البدء في تنفيذ العملية "أزول Azul" (الاسم الرمزي لعملية الغزو) في الساعات الأولى ليوم أول أبريل إذا سارت الأمور سيراً حسناً.

وعلى ذلك ردَّ المجلس العسكري على الإنذار البريطاني بتصعيد مماثل وذلك بإصدار الأمر إلى سفينة النقل القطبية "باهيا باريزو Bahia Pariaso" بالتوجه إلى "جورجيا الجنوبية" وعلى متنها قوة من مشاة البحرية والبحارة لدعم العمال الأرجنتينيين في خليج "ليث"، وكانت تلك الناقلة تشترك في مشروع تدريب روتيني قرب جزر "أوركني Orkeny Islands".

وفي الرابع والعشرين من مارس، وصلت الكاسحة "انديورنس" إلى جزيرة "جورجيا الجنوبية" وأنزلت فصيلة مشاة البحرية في "جرايتفكن"، وفي اليوم التالي وصلت السفينة "باهيا باريزو" إلى الجزيرة نفسها وأنزلت القوة الأرجنتينية التي تحملها بميناء "ليث" ليلة 25/26 مارس، ثم غادرت الميناء للقيام بأعمال المراقبة قرب الشاطئ.

وفي الوقت الذي كانت فيه السفينة "باهيا باريزو" تنزل حمولتها من الجنود، كانت الفرقاطتان الأرجنتينيتان "دروموند Drummond" و"جرانفيل Granvill" تمخران المحيط في طريقهما إلى المنطقة لاعتراض الكاسحة "انديورنس" إذا ما قامت بترحيل العمال الأرجنتينيين من "جورجيا الجنوبية"، إلاّ أن الكاسحة البريطانية ظلت في الجزيرة حتى يوم 29 مارس.

وفي يوم 26 مارس تلقت لندن تقارير تشير إلى أن القواعد البحرية الأرجنتينية تكاد أن تكون خالية تماماً من السفن، ومن ثم أخطرت وزارة الخارجية سفيرها في "بوينس أيريس" بالاستعداد لتدهور الموقف مع الأرجنتين، كما تلقت السفينة الحربية "فورت أوستن" الأمر بتحميل المخزونات على مستوى الحرب من قاعدة "جبل طارق" والتوجه إلى "جورجيا الجنوبية" لإمداد ومساندة الكاسحة "انديورنس".

وبنهاية يوم 28 مارس، صدق المجلس العسكري الأرجنتيني على الخطة التفصيلية النهائية لعملية غزو "جورجيا الجنوبية" وجزر "فوكلاند". وبعد يومين كانت السفينة "باهيا باريزو" تقوم بأعمال الدورية قرب خليج "كمبرلاند" تتعقبها كظلها الكاسحة "انديورنس"، في الوقت الذي كانت فيه الفرقاطتان الأرجنتينيتان "دروموند" و"جرانفيل" وناقلة بترول وإحدى الغواصات تبحر بين جزر "فوكلاند" وجزيرة "سوث جورجيا" متجهة إلى الأخيرة.

وفي اليوم التالي (31 مارس) تلقت الكاسحة "انديورنس" الأمر بالعودة إلى "بورت ستانلي"، في الوقت الذي غادرت فيه السفينة البريطانية "سبارتان" قاعدة جبل طارق في طريقها إلى منطقة الأزمة بعد أن تمَّ تجهيزها باحتياجات الحرب.

وفي ذلك الوقت كانت هيئة المخابرات البريطانية المشتركة تُجري تقييمها للموقف في جنوب الأطلسي، فقدرت أن هناك احتمالاً كبيراً لغزو أرجنتيني وشيك لجزر "فوكلاند". وفي مساء اليوم نفسه أطلعت السيدة "مارجريت تاتشر" رئيسة الوزراء على تقييم هيئة المخابرات المشتركة واستشارات معاونيها السياسيين والعسكريين، وعلى ضوء هذه المشاورات اتخذت قراراً بتجهيز قوة واجب رئيسية “Major Task Force"، إذا ثبت أن ذلك أمرٌ ضروريٌ.

وبينما كانت التطورات السابقة تجري في لندن وجنوب الأطلسي، كان حاكم الجزر يُقيم مأدبة عشاء في "بورت ستانلي" غير مدرك لتلك التطورات، ومن ثم لم ينذر الحامية البريطانية في بورت ستانلي أو مشاة البحرية في جزيرة "جورجيا الجنوبية".

2. تطورات الموقف على الجانب البريطاني

عندما تصاعدت أزمة "فوكلاند" كانت البحرية البريطانية تمرُّ بمرحلة انتقالية كانت تجري فيها تحديث وحداتها في نطاق حلف الأطلسي، ومن ثمَّ كان هناك العديد من الوحدات التي تقرَّر التخلص منها، كان من ضمنها الكاسحة "انديورنس" التي تعمل في منطقة الجزر، وإزاء تصاعد الأزمة تقرَّر إبقاء تلك السفينة مؤقتاً في المنطقة حتى تحل محلها وحدات أخرى.

وبحلول السابع والعشرين من مارس بدأت الحكومة البريطانية تستعد لاحتمال غزو الأرجنتين لجزر "فوكلاند" بعد الأنباء التي تلقتها عن إبحار الوحدات البحرية الأرجنتينية في اتجاه الجزر، ومن ثم قررت الحكومة البريطانية دعم وجودها البحري في المنطقة، فبعد يومين كانت سفينة الإمداد "فورت أوستن Fort Ustin" تبحر من "جبل طارق" في طريقها إلى جزر "فوكلاند"، وفي اليوم نفسه قررَّت السيدة "مارجريت تاتشر" رئيسية الوزراء دفع الغواصات البريطانية النووية إلى جنوب الأطلسي. ومن ثمَّ أصدر وزير الدفاع أوامره في اليوم نفسه بإبحار ثلاث غواصات.

ولما كانت الغواصة "سبارتان Spartan" موجودة في "جبل طارق" بينما باقي الغواصات في شمال الأطلسي، فقد أبحرت "سبارتان" في أول أبريل إلى الجنوب لحين أن تلحق بها الغواصتان "سبلندد Splendid" و"كونكرر Conqueror" اللتان تم استدعاؤهما من الشمال.

وفي الساعة 100 يوم 2 أبريل أقلعت من قاعدة "لينهام Lyneham" أولى طائرات الجسر الجوي البريطاني من طراز "سي 130" لنقل الإمدادات اللازمة للعملية "كوربوريت"[2]، إلى جزيرة "أسنشن" وبعد ساعتين تلقى قائد الأسطول الأول، الذي كانت وحداته تجري تدريباتها أمام الدار البيضاء، تعليمات قيادته بأن العملية "كوربوريت" يجري تنفيذها، وأن عليه أن يُعد سبع سفن من أسطوله للإبحار جنوباً، بالإضافة إلى السفن الثلاث التي سبقتها إلى جنوب الأطلسي، والتي ستنضم عليه هناك. وفي الوقت الذي كان فيه رير أدميرال (لواء بحري) "وودوارد" Rear- Admiral “Woodward” قائد الأسطول الأول يتلقى التعليمات السابقة، كان يجري إبرار أولى القوات الأرجنتينية على شاطئ "مولت كريك Mullet Creek" في "فوكلاند".


 



[1] مقر بعثة المساحة القطبية في خليج كمبريلاند على بعد بضعة كيلو مترات من ميناء ليث.

[2] عملية الحشد في جنوب الأطلسي لاستعادة الجزر.