إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب فوكلاند





إغراق بلجرانو وشيفلد
معركة جوس جرين
الإبرار البريطاني بسان كارلوس
الهجوم على الغواصة سانتافي
القتال للجانبين 1 مايو
احتلال رأس الشاطئ
عملية ثلاجة فورتونا
عملية خليج ستورمنس
عملية خليج كمبرلاند

مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية
مسرح حرب فوكلاند
مسرح عمليات فوكلاند
معركة ويرلس ريدج
الاستيلاء على ستانلي
جورجيا الجنوبية "منطقة العمليات"
خط المرتفعات الثاني
جزيرة جورجيا الجنوبية
جزر فوكلاند
سقوط ستانلي
فكرة الغزو الأرجنتيني



حرب عام 1967

المبحث الرابع

التحضيرات البريطانية للحرب

أولاً: فرض الحصار البحري والجوي حول جزر فوكلاند

كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في الثامن من أبريل عن نيتها فرض حصارٍ بحريٍّ حول جزر "فوكلاند" لمسافة مائتي ميل بحري (حوالي 370 كم) من مركز الجزر ابتداءً من الساعة 0500 بتوقيت لندن (0100 بتوقيت الأرجنتين) يوم 12 أبريل، وعَدت الأرجنتين هذه الخطوة بمثابة اعتداء عليها على أساس أنه ليست هناك حالة حرب مُعلنة بينها وبين المملكة المتحدة، إلا أن الأخيرة برَّرت موقفها بحق الدفاع عن النفس طبقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على ضوء الغزو الأرجنتيني للجزر ورفضها الانسحاب منها طبقاً لقرار مجلس الأمن الذي أدان هذا الغزو.

ورداً على إعلان الحصار البحري البريطاني أعلنت الأرجنتين بدورها عن منطقة حظر بطول الساحل الأرجنتيني وحول جزر "فوكلاند" و"جورجيا الجنوبية" و"ساندوتش الجنوبية" ولمسافة مائتي ميل بحريٍّ من الساحل يحظر فيها تواجد السفن البريطانية.

ونتيجة للقرار البريطاني أصبح هناك منطقة نصف قطرها مائتا ميلٍ بحريٍّ من مركز الجزر يحظر على السفن الأرجنتينية الاقتراب منها، وكان الغرض من ذلك الحظر هو إضعاف قدرة القيادة الأرجنتينية على دعم وإمداد قواتها في جزر "فوكلاند" قبل عملية الإبرار البحري المحتملة، ولما كانت قوة الواجب لازالت بعيدة عن منطقة الحظر، فقد تمَّ إسناد مهمة فرض الحظر إلى الغواصات الثلاث "سبارتان" و"سبلندد" و"كونكرر" المزودة بمحركات نووية، وفي اليوم السابق لفرض الحظر وصلت إلى المنطقة الغواصات الثلاث، فقامت "سبارتان" بمراقبة منطقة "ستانلي"، بينما عملت "سبلندد" كدورية متحركة بين ساحل الأرجنتين وسواحل الجزر، أما "كونكرر" فاتجهت إلى جزيرة "جورجيا الجنوبية".

وأثناء مراقبتها لمنطقة "ستانلي" رصدت الغواصة "سبارتان" سفينة الإبرار الأرجنتينية "كابو سان أنطونيو" تقوم ببث الألغام أمام شواطئ ستانلي طوال أربعة أيام متتالية، وعندما طلب قائد "سبارتان" الإذن بالهجوم على السفينة الأرجنتينية رُفض طلبه حتى لا يكشف الهجوم وجوده من ناحية، وحتى لا يفجر الحرب في الوقت الذي كانت لا تزال فيه الجهود الدبلوماسية جارية من ناحية أخرى، خاصة وأن القوات الرئيسية لقوة الواجب كانت لا تزال بعيدة عن "فوكلاند".

ومع اقتراب قوة الواجب الأصلية من منطقة العمليات في جنوب الأطلسي أصدرت الحكومة البريطانية بياناً يوم 23 أبريل أعلنت فيه أن إجراءات فرض الحظر البحري القائم حول جزر فوكلاند منذ الثاني عشر من أبريل لا تّجُبُّ حق المملكة المتحدة في اتخاذ أي إجراءات إضافية قد تكون لازمة لممارسة حق الدفاع عن النفس طبقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وأكدت الحكومة البريطانية على أن أي اقتراب من جانب سفن الأسطول أو الطائرات الحربية الأرجنتينية يمكن أن يشكل تهديداً لمهمة القوات البريطانية في جنوب الأطلسي سوف يواجه بالرد المناسب.

وخلال الفترة من 12 إلى 30 أبريل نجح فرض الحظر في ردع معظم السفن الأرجنتينية، إلاَّ أن بعض هذه السفن نجح في اختراق منطقة الحظر وتوصيل قوات الدعم والإمدادات إلى جزر "فوكلاند". (أُنظر خريطة مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية)

وما إن وصلت قوة الواجب إلى مشارف منطقة الحظر حتى أعلنت الحكومة البريطانية يوم 30 أبريل توسيع نطاق الحظر في منطقة المائتي ميلٍ بحريٍّ لتشمل كافة السفن والطائرات مهما كانت جنسيتها، فيما عُرف "بمنطقة الحظر الكلي Total Exclusion Zone "، وهو ما يعني أن أي سفينة أو طائرة تحمل قوات أو إمدادات إلى جزيرة "فوكلاند" معرضة للهجوم عليها من قِبَل قوة الواجب مهما كانت جنسية العَلمَ الذي تحمله.

ثانياً: استعادة جزيرة "جورجيا الجنوبية South Gorgia"(أُنظر خريطة جورجيا الجنوبية "منطقة العمليات")، و(شكل عملية ثلاجة فورتونا)، و (شكل عملية خليج كمبرلاند)، و (شكل عملية خليج ستورمنس) و (شكل الهجوم على الغواصة سانتافي)

كان الأدميرال "فيلد هاوس" ـ القائد العام للعملية ـ يرى منذ البداية ضرورة التحرك بكل سرعة لاسترجاع جزر "فوكلاند" مع التركيز على الأهداف الحيوية في الجزر التي أبرزها مدينة "ستانلي"، إلا أنه من ناحية أخرى كان يرى ضرورة التخلص من التهديد المتمثل في السيطرة الأرجنتينية على جزيرة "جورجيا الجنوبية" قبل التقدم نحو جزر "فوكلاند".

وبعد بضعة أيام من الغزو الأرجنتيني للجزر أوضح الأدميرال "فيلد هاوس" للأدميرال "لوين Lewin" رئيس أركان الدفاع أن هناك عدداً كافياً من القوات يسمح بالهجوم لاستعادة جزيرة "جورجيا الجنوبية" من دون تعطيل العملية الرئيسية لاسترجاع جزر "فوكلاند"، ولما كان الأخير يرغب في تحقيق نصر سريع يُقْنِع السياسيين بأن العسكريين قادرون على تحقيق ما يدَّعُون أنهم قادرون عليه، فقد طرح هذا الخيار أمام مجلس الوزراء المصغر (مجلس الحرب)، الذي كان عليه أن يقرِّر إرسال جزءٍ من القوات لاستعادة جزيرة "جورجيا الجنوبية"، أو الانتظار حتى تتم عملية "فوكلاند" الرئيسية.

ولما كان الخيار الذي طرحه الأدميرال "لوين" على مجلس الحرب يتمشى مع سياسة الحكومة البريطانية في التصعيد المتدرج للأعمال العسكرية، لإقناع المجلس العسكري الحاكم في الأرجنتين بإصرار تلك الحكومة على استرجاع الجزر، فقد وافق مجلس الحرب في السابع من أبريل على اقتراح الأدميرال "لوين". ومن ثمَّ تلقى رير أدميرال "وودوارد" الأمر بفصل المدمرتين "أنتريم Antrim" و"بلايموث Plymouth" عن سفن قوة الواجب التي أبحرت من جبل طارق، ودفعهما على وجه السرعة إلى جزيرة "اسنشن"، حيث سينضم عليهما ناقلة البترول "تايد سبرنج Tide Spring" ـ التي يمكنها العمل أيضاً كسفينة لنقل القوات ـ والكاسحة "انديورنس" التي تحركت إلى الشمال بعد إمدادها بواسطة السفينة "فورت أوستن"، ليشكل الجميع مجموعة قتال مستقلة مهمتها استعادة جزيرة "جورجيا الجنوبية".

وفي "أسنشن" تمَّ تحميل قوة الإبرار التي تشكلت من إحدى سرايا الكتيبة 42 كوماندوز ونحو مائة فرد من القوات الخاصة (منها جزء من القوة الجوية الخاصة وجزء آخر من القوة البحرية الخاصة)، وفي الثاني عشر من أبريل أبحرت سفن هذه المجموعة من "أسنشن" ـ بعد تجهيزها بالاحتياجات اللازمة للقتال في المنطقة القطبية ـ لتبدأ العملية التي أُطلق عليها اسم "باركيوت Paraquat" بقيادة الكابتن (عقيد بحري) "براين يونج B. G. Young" الذي اتخذ من المدمرة "أنتريم" مركزاً لقيادته.

وبالإضافة إلى قوة الإبرار كانت سفن المجموعة تحمل على متنها ست طائرات عمودية (2 من طراز وسكس 5، وواحدة من طراز وسكس 3، بالإضافة إلى ثلاث آُخر من طراز واسب) كانت قادرة على نقل وإبرار قوة صغيرة من عشرين فرداً في الطلعة الواحدة. وقبل أن تقترب مجموعة الكابتن "يونج" من جزيرة "جورجيا الجنوبية" سبقتها إلى هناك إحدى طائرات القوات الجوية البريطانية من طراز "فكتور Victor K2" يوم 20 أبريل لتفتش المنطقة المحيطة بالجزيرة لمسافة 250 ميلاً من سواحلها حتى تتأكد من خلو المنطقة من السفن الأرجنتينية، وفي صباح 21 أبريل وصلت سفن الكابتن "يونج" أمام شواطئ الجزيرة مستعدة لتنفيذ مهامها.

وطبقاً للخطة كان على المدمرة "أنتريم" والناقلة "تايد سبرنج" إبرار ستة عشر فرداً من القوة الجوية الخاصة بواسطة الطائرات العمودية على ثلاجة فورتونا غرب "ليث"، بينما تقوم الكاسحة "انديورنس" والمدمرة "بلايموث" بإبرار جماعة من القوة البحرية الخاصة على الشاطئ جنوب غرب "جرايتفكن"، وقد تحفظ بعض أفراد القوة الجوية الخاصة على حكمة إبرارهم على المنطقة الجليدية بدلاً من الشاطئ، بعد أن حذرهم أحد رجال المساحة القطبية المصاحب لهم من أن التصدعات العميقة في منطقة الإبرار المختارة سوف تمنع أي تحرك في تلك المنطقة إلى "ليث"، إلا أنه لم يجر أي تغيير لمنطقة الإبرار.

وفي الساعة 1300 من اليوم نفسه (بالتوقيت المحلي) بدأت العملية "باركيوت" بإبرار جماعة القوة الجوية الخاصة على ثلاجة "فورتونا" في ظروف جوية سيئة، وكان من المقدر أن تصل هذه الجماعة إلى "ليث" سيراً على الأقدام في صباح اليوم التالي. وفي الوقت الذي كان يجري فيه إبرار الجماعة السابقة حاولت طائرتان عموديتان "واسب" إبرار جماعة القوة البحرية الخاصة على ساحل خليج "كمبرلاند"، إلا أنها لم تتمكن من ذلك نتيجة لوجود عاصفة ثلجية عنيفة في المنطقة، وعلى ذلك تَّم إبرار تلك الجماعة على الساحل بالقوارب في وقت لاحق، وكان عليها بعد ذلك أن تشق طريقها إلى نقطة قريبة من "جرايتفكن" عندما يتحسَّن الطقس.

أمّا جماعة القوة الجوية الخاصة فقد وجدت بعد إبرارها وتحركها أنها لن تستطيع عبور المنطقة الجليدية بالسرعة المطلوبة، واضطرت إلى قضاء الليل في خيامها، إلا أن عاصفة عنيفة هبَّت واقتلعت إحدى الخيام، وإزاء استمرار العاصفة في صباح اليوم التالي اضطرت الجماعة إلى طلب النجدة باللاسلكي، فأقلعت ثلاث طائرات عمودية (واحدة وسكس 3، واثنتان وسكس 5) متجهة إلى المنطقة الجليدية، إلا أنها فشلت في الوصول إلى هدفها بسبب العاصفة الثلجية، واضطرت للعودة إلى السفن التي أقلعت منها على مسافة 32 كم، من الشاطئ لإعادة التزود بالوقود.

وفي المحاولة التالية نجحت الطائرات العمودية في الوصول إلى رجال القوة الجوية الخاصة، وجرى تحميلهم على وجه السرعة في الطائرات العمودية الثلاث، إلا أن الرياح الهوجاء والدوامات الهوائية أدَّت إلى تدمير طائرتي "وسكس 5" وهما لا يزالان في مرحلة الإقلاع، ولم يكن أمام قائد الطائرة العمودية الثالثة إلاّ العودة وحده بحمولته الزائدة وتقديم تقرير عن الحادث، فاستغلت فترة قصيرة هدأت فيها الرياح لإقلاع طائرة وسكس ونجحت في الوصول إلى منطقة الحادث والعودة برجال القوة الجوية الخاصة وطاقمي الطائرتين المحطمتين سالمين على الرغم من حمولتها الزائدة.

وعلى أثر ذلك الحادث تلقت الفرقاطة "برليانت" الأمر بالانفصال علن قوة الواجب والإسراع على الفور إلى جزيرة "جورجيا الجنوبية" وعلى متنها طائرتان عموديتان "لينكس" لازمتان للإبرار النهائي على تلك الجزيرة. وفي اليوم التالي جرت محاولة لإبرار مجموعة أخرى من رجال القوة الجوية الخاصة على جزيرة "جراس Grass Island"، إلا أن الطقس العنيف واجههم مرة أخرى، حيث تحطَّم قاربان نتيجة لشدة الرياح، إلا أن الطائرة العمودية وسكس نجحت في التقاط ركاب أحدهما بعد سبع ساعات من البحث، كما نجح ركاب القارب الثاني في الوصول إلى الشاطئ، بينما وصلت باقي الجماعة إلى الجزيرة وبدأت في مراقبة "ليث"، غير أن القوات الأرجنتينية في الأخيرة رأتهم هي الأخرى وكان يمكنها إطلاق النار عليهم لو كان لديها مدافع ذات مَدىً مناسب.

وسرعان ما ظهرت طائرة نقل أرجنتينية في سماء الجزيرة بعد ظُهْر يوم 23 أبريل واقتربت لمسافة ثمانية أميال (نحو 14 كم) من القوات البريطانية، وتمكنت من رصد المدمرة "بلايموث" والناقلة "تايد سبرنج" وأبلغت عن وجودهما.

وفي الوقت نفسه، تقريباً، تلقى الكابتن "يونج" قائد مجموعة القتال معلومات من لندن تفيد باقتراب غواصة أرجنتينية من المنطقة التي رست فيها سفنه، فشعر أن قواته مهددة من الجو والبحر، وسرعان ما تلقى قائد المدمرة "بلايموث" الأمر بالخروج إلى عرض البحر ومعه الناقلة "تايد سبرنج" وناقلة أخرى كانت قد وصلت إلى المنطقة منذ فترة وجيزة لإعادة تموين الناقلة الأولى، وتبعت المدمرة "أنتريم" السفن الثلاث إلى عرض البحر وبدأ الجميع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتضليل الغواصة الأرجنتينية.

أمّا الكاسحة "انديورنس" فقد بقيت في المنطقة تمارس لعبتها القديمة في الاختباء خلف جبال الجليد العائمة لتكون على اتصال بجماعتي القوات الخاصة اللذين تم إبرارهما على الشاطئ لاستطلاع "ليث" و"جرايتفكن".

وعندما تلقت الغواصة البريطانية "كونكرر" المعلومات الخاصة باقتراب الغواصة الأرجنتينية من جزيرة "جورجيا الجنوبية" حاولت البحث عنها إلا أنها لم تستطع تحديد محلها، وبينما كانت سفن الكابتن "يونج" في عرض البحر لمدة 24 ساعة رصدت طائرة استطلاع أرجنتينية من طراز "بوينج 707" الكاسحة "أنديورانس"[1]، كما رصدتها الغواصة "سنتا في" إلا أن الكابتن "هوراشيو بيكين Horatia Bicain" قائد الغواصة ـ الذي كان قد أُستقبل بحفاوة على متن الكاسحة "أنديورانس" قبل تفجر الأزمة ـ وجد من الصعب عليه إطلاق طوربيداته عليها.

وبعد ظهر الرابع والعشرين من أبريل وصلت إلى المنطقة الفرقاطة "برليانت" وعليها طائرات الدعم العمودية، في الوقت الذي تلقى فيه الكابتن "يونج" أوامر الأدميرال "فيلد هاوس" بالعودة بسفنه إلى جزيرة "جورجيا الجنوبية" مع ترك الناقلة "تايد سبرنج" في عرض البحر.

وفي اليوم التالي كان هناك خمسُ طائرات عمودية مسلحة مستعدة للهجوم على الغواصة الأرجنتينية فور اكتشافها، وكانت أُولاها هي آخر طائرات وسكس (التي تبقت بعد حادث ثلاجة فورتونا)، وسرعان ما اكتشف قائد الطائرة العمودية الغواصة "سنتا في" على السطح متجهة شمالاً بعد أن أبرت بعض القوات لدعم القوة الأرجنتينية في الجزيرة، فقام قائد الطائرة العمودية بالهبوط إلى أقل من ثلاثين متراً فوق الغواصة وألقى قنبلتي أعماق مصممتين للهجوم على الغواصات الطافية، فانفجرت إحداها قرب أسطح قيادة الغواصة، بينما انزلقت الثانية على سطحها وانفجرت بجوارها، فاستدارت الغواصة عائدة إلى "جرايتفكن" وخلفها خط طويل من البترول، ومن ثَّم طُلبت الطائرات العمودية الأخرى لاستكمال المهمة.

وكانت إحدى الطائرات العمودية "لينكس" من الفرقاطة "برليانت" أول من وصل، وبدأت في إطلاق صواريخها من طراز “AS-12”، ثم تناوبت طائرات "لينكس" و"واسب" الهجوم على الغواصة بعد ذلك حتى أصابها أحد الطوربيدات الموجهة، فلم تعد قادرة على الغوص('أوضح قائد الغواصة سنتافي بعد أسره أنه لم يأمر بغطس غواصته بعد الهجوم الأول عليها بقنابل الأعماق لأنه تصوَّر أن الطائرة العمودية ستكرر الهجوم على الغواصة بالطوربيدات الموجهة.')، إلا أنها استمرت في طريقها حتى توقفت عند الشاطئ قرب "جرايتفكن".

وأثناء الهجوم على الغواصة "سنتا في" عُقد اجتماع على متن مدمرة القيادة "أنتريم" لبحث الخطوة التالية، ورأى المجتمعون أن مرحلة الاستطلاع الساكن قد انتهت بعد أن علم كل طرف بوجود الطرف الآخــر وموقف قواته وحجمها على وجه التقريب، وكان تقدير المجتمعين أن القوة الأرجنتينية أصبحت تزيد على مائة فرد بعد تدعيمها، إلا أن أغلبهم لم يمضوا على الشاطئ أكثر من ساعة ولم يتسع لهم الوقت بعد للتعرف على الجزيرة، وأنه يُحتمل أن الهجوم على الغواصة قد أضعف معنوياتهم.

واقترح الميجور (الرائد) "شريدان Sheridan" قائد قوة الإبرار ضرورة تجهيز قوة إبرار على الفور من كل القوات الموجودة على المدمرة "أنتريم" وإنزالها على الشاطئ بالطائرات العمودية للهجوم على "جرايتفكن" تحت غطاء من نيران مدفعية المدمرتين "أنتريم" و"بلايموث"، لأن التأخير سوف يسمح للأرجنتينيين بتنظيم قواتهم ودعم دفاعاتهم في الجزيرة، وتمت الموافقة على الاقتراح وتحددت ساعة الصفر لتكون 1445 من اليوم نفسه.

وفي الساعة 1415 أنزلت الطائرة العمودية "واسب" طاقم إدارة نيران المدفعية على الشاطئ، وفي أعقابها قامت ست طائرات عمودية بإبرار اثنين وسبعين جندياً على الشاطئ في رحلتين، ثم أطلقت مدفعية المدمرتين 235 طلقة على بعض الأهداف خارج "جرايتفكن"، حيث كانت الأوامر التي تلقاها الكابتن "يونج" تقضي بتجنب هدم مباني البلدة إذا كان ذلك ممكناً، وكان القصف المدفعي السابق بمثابة استعراض لما سيحلُّ بالأرجنتينيين إذا رفضوا التسليم.

وبعد أن أقام الميجور "شريدان" موقعاً للهاون لمعاونة قواته أَمرَهُم بالتقدُّم حتى وصلوا إلى نحو كيلومتر واحد من أقرب موقع أرجنتيني، وعندئذ اقترح "شريدان" دخول إحدى المدمرات الخليج والتهديد بإطلاق مدافعها على الأرجنتينيين مباشرة، وسرعان ما دخلت "أنتريم" الخليج وأعلنت تهديدها على تردد اللاسلكي المحلي، وجاءها الرد على الفور يطلب عدم إطلاق النار، وفي الساعة الخامسة كان هناك ثلاثة أعلام بيضاء تلوح على الشاطئ من دون أن تطلق قوات الميجور "شريدان" طلقة واحدة.

وفور استسلام القوة الأرجنتينية في الجزيرة تم نقلها على متن الناقلة "تايد سبرنج" إلى جزيرة "أسنشن"، ومنها عاد أفراد القوة إلى بلدهم يوم 14 مايو، أما قائدها الكابتن "أستز Astiz" فقد نُقل إلى بريطانيا للاستجواب كأسير حرب ثم لحق برجاله بعد شهر من وصولهم.

ثالثاً: الإبحار إلى منطقة العمليات (أُنظر جدول القوات البحرية للجانبين (الوحدات التي شاركت في الحرب))

كانت مجموعة القتال المشكلة من ثلاث مدمرات طراز 42 والفرقاطتين "برليانت" و"أرو" هي أولى السفن التي أبحرت من جزيرة "أسنشن" إلى جنوب الأطلسي، فقد تلقى رير أدميرال "وودوارد" أوامر القائد العام للعملية بدفع وحداته الرئيسية ـ قبل وصول حاملتي الطائرات ـ لاتخاذ أوضاعها في منطقة تبعد ألف ميل عن كل من "بوينس أيرس" و"جورجيا الجنوبية" و"بورت ستانلي". وفي 14 أبريل وصلت مجموعة القتال السابقة إلى الموقع المحدَّد لها، في الوقت الذي استمر فيه تدفق السفن الحربية والتجارية المعبأة التي تمَّ تجهيزها على جزيرة "أسنشن".

وفي السابع عشر من أبريل وصلت السفينة "فيرلس" إلى "أسنشن" بعد يوم واحد من وصول حاملة الطائرات "هيرمس" إلى الجزيرة، وفي ذلك اليوم عُقد مؤتمرٌ بقاعة التلقين بالحاملة حضره الأدميرال "فيلد هاوس" واير مارشال "كيرتس" والميجور جنرال "مور" الذين طاروا من "نورث وود" لتلقين القادة المشاركين في العملية والاستماع إلى ملاحظاتهم والرد على استفساراتهم، وحضر ذلك المؤتمر نحو مائة ضابط من القادة وضباط الأركان، كان على رأسهم رير أدميرال "وودوارد" قائد أسطول قوة الواجب والبريجادير "طومسون" قائد لواء مشاة البحرية الثالث والكومودور "كلاب" قائد مجموعة سفن الإبرار.

وفي ذلك المؤتمر أوضح الأدميرال "فيلد هاوس" للقادة والضباط الحاضرين الهدف من العملية مشيراً إلى أن وزارة الحرب اتخذت قراراً باستعادة جزر "فوكلاند" بالقوة مهما كان الثمن إذا فشلت الجهود الدبلوماسية الجارية، كما أوضح للحاضرين أن الخطة العامة للعملية تقضي بانقسام القوات المخصصة للعملية إلى خمس مجموعات منفصلة لتحقيق الأهداف الأربعة الرئيسية التالية:

1. فرض الحصار البحري حول جزر "فوكلاند".

2. استعادة جزيرة "جورجيا الجنوبية" (سوث جورجيا).

3. تحقيق السيطرة الجوية والبحرية على منطقة العمليات.

4. استعادة جزر "فوكلاند".

ثم انتقل الأدميرال "فيلد هاوس" للمرحلة التالية، فأشار إلى ضرورة تحرك مجموعة القتال الرئيسية جنوباً لفرض الحصار والاستعداد لبدء المعركة الجوية والبحرية والقيام بعمليات الاستطلاع الضرورية.

وفي اليوم التالي للمؤتمر، 18 أبريل، أبحرت مجموعة القتال الرئيسية بقيادة رير أدميرال "وودوارد" إلى منطقة العمليات جنوب الأطلسي، بينما بقيت مجموعة الإبرار في "أسنشن" لاستكمال التخطيط والتحضير لحين وصول باقي قوات الإبرار إلى الجزيرة. وفي التاسع عشر من أبريل كان هناك ثلاث عشرة سفينة قتال وأربع سفن إمداد تمخر عباب المحيط إلى جنوب الأطلسي بعيداً عن جزيرة "أسنشن" في ثلاثة تشكيلات منفصلة، قامت بتغطيتها خلال المرحلة الأولى من رحلتها طائرات السرب 42 من طراز "نمرود Nimord" لاستطلاع المناطق المحيطة بخط سيرها.

وفي اليوم نفسه، أبحرت إلى "أسنشن" فرقاطتان حديثتان هما "أرجنوت Argonaut" و"أردنت Ardent" لتنضما إلى سفن الإبرار والاقتحام في الجزيرة وتشكل معها المجموعة البرمائية، التي كان كان عليها الإبحار إلى الجنوب والانضمام إلى مجموعة القتال الرئيسية فور وصول باقي قوات الإبرار إلى "أسنشن". كما أبحر من جبل طارق إلى الجنوب سفينة الركاب "أوغندا Uganda" بعد تجهيزها كسفينة مستشفى، وأبحر في أعقابها سفن المساحة الثلاث "هكلا Hecla" و"هيرالد Herald" و"هيدرا Hydra" المجهزة بأسطح لهبوط وإقلاع الطائرات العمودية، أمّا القسم الأخير من قوة الواجب فلم يبحر حتى 26 أبريل.

فعلى ضوء متابعة القيادة البريطانية لتطور أعداد القوات الأرجنتينية في "فوكلاند" قرَّرت دعم مشاة البحرية في قوة الواجب بكتيبة المظلات الثانية، ليصبح إجمالي كتائب قوة الإبرار خمس كتائب منها كتيبتا مظلات، بالإضافة إلى بطارية مدفعية ميدان، والسرب التاسع مهندسي مظلات، ورف طائرات عمودية من طيران الجيش مزود بثلاث طائرات استطلاع عمودية، ووُضعت كل عناصر الدعم البرية السابقة تحت قيادة البريجادير (العميد) "طومسون" قائد اللواء الثالث، وبذلك ظلَّت قيادة القوات البحرية تسيطر على كل عناصر قوة الواجب.

وفي السادس والعشرين من أبريل أبحرت الكتيبة الثانية مظلات ومعظم أفراد وحدات الدعم الأخرى على متن العبَّارة "نورلاند"، بينما أبحرت المعدات الثقيلة والمدافع والطائرات العمودية على متن العبَّارة "أوربك فيري" لينضم الجميع على المجموعة البرمائية في "أسنشن".

وفي الوقت الذي كان يجري فيه حشد القوات والسفن السابقة في جزيرة "أسنشن" كان الاهتمام مركزاً على مجموعة القتال الرئيسية التي التفت حول حاملتي الطائرات، والتي اتخذت وجهتها نحو الجنوب الغربي قاطعة أكثر من أربعة آلاف ميل (أكثر من 6436 كم) خلال اثني عشر يوماً، حرصت فيها على الابتعاد عن ساحل الأرجنتين بنحو ستمائة ميل (965 كم)، وخلال الرحلة البحرية الطويلة كانت طائرات النقـل من طراز "سي ـ130" تقوم بإسقاط الإمدادات والبريد العاجل للتشكيلات البحرية.

ومنذ الحادي والعشرين من أبريل واظبت طائرة أرجنتينية من طراز "بوينج 707" على متابعة مجموعة القتال الرئيسية ورصد مواقعها بدقة وإبلاغها لقيادتها في "بوينس أيرس". وفي بعض المرات أقلعت مقاتلات "سي هارير"لإبعادها عن مسار التشكيل البحري من دون أن تطلق عليها النار، حيث كانت التعليمات الصادرة إليها تقضي بعدم فتح النار على الطائرات غير المسلحة حتى يوم 25 أبريل، وبعد أن تمَّ إنذار الأرجنتين لإبعاد طائراتها عن مسار التشكيل البحري، بدأت الطائرة تحافظ على مسافة كبيرة بينها وبين التشكيل البحري، وإن استمرت في عملية المتابعة.

وحتى وصول مجموعة القتال الرئيسية في الأول من مايو إلى منطقة الحظر الكلي المفروضة حول جزر "فوكلاند"، لم يعكر صفو الرحلة البحرية الطويلة سوى سوء حالة الطقس المتقلب وفقد الحاملة "هيرمس" لإحدى طائراتها العمودية من طراز "سي كنج 4"" نتيجة لفقد الطيار اتجاهه عندما ساءت الرؤية أثناء إحدى عمليات النقل من سفن الإمداد المصاحبة لمجموعة القتال الرئيسية يوم 23 أبريل.

وخلال الرحلة إلى منطقة الحظر الكلي انضمت مجموعة القتال الأولى ـ التي أبحرت مبكرةً من "أسنشن" إلى جنوب الأطلسي ـ إلى المجموعة الرئيسية، ثم انضَّم إلى المجموعتين الفرقاطتان "بلايموث" و"برليانت" في وقت لاحق بعد استعادة جزيرة "جورجيا الجنوبية". وبوصول مجموعات القتال الثلاثة متتابعة إلى منطقة الحظر الكلي اعتباراً من مساء أول مايو اتخذت سفن هذه المجموعات أوضاعها في المنطقة استعداداً لتنفيذ مهامها القتالية، بعد أن وِسَّعت الحكومة البريطانية نطاق الحظر في اليوم السابق ليشمل جميع الطائرات والسفن مهما كانت جنسيتها.

وحتى ذلك التاريخ كانت القوات التي خُصِّصت للعملية "كوربوريت" قد بلغت الحجم التالي:

1. 20 سفينة قتال بما فيها الكاسحة "انديورنس".

2. 8 سفن إنزال.

3. نحو أربعين من السفن المعاونة (كان بعضها تابع للقوات البحرية والبعض الآخر من السفن المعبأة والمستأجرة).

4. نحو 15 ألف فرد (منهم نحو 7000 من مشاة البحرية والقوات البرية والقوات الخاصة).

أمّا بالنسبة إلى الطائرات والطائرات العمودية التي خُصِّصت للعملية، فبالإضافة إلى العشرين طائرة "سي هارير" المحمولة على متن الحاملتين "إنفنسبل" و"هيرمس"، انتشرت عدة وحدات من الطائرات العمودية على متن سفن الواجب على النحو التالي:

1. طائرات عمودية "سي كنج Sea King"

خمس طائرات طراز “HAS.2” تابعة للسرب 828 تمركزت على متن السفينة "فورت جرانج Fort Grange" وناقلة البترول "أولميدا Ogmeda"، بالإضافة إلى عشر طائرات عمودية من الطراز نفسه تابعة للسرب 825 نُقلت على متن سفينة الحاويات "أتلانتك كوزواي Atlantic Causeway". كما تمركزت أربع عشرة طائرة عمودية طراز “HC.4” من السرب 846 على متن حاملة الطائرات "هيرمس" وسفينة الاقتحام "فيرلس"، وتسع طائرات عمودية طراز “HAS.5” من السرب 820 فوق الحاملة "أنفنسبل"، فضلاً عن تسعة أخرى من السرب 626 فوق الحاملة "هيرمس".

2. طائرات عمودية "ويسكس Wessex"

طائرتان عموديتان طراز “HAS. 3” من السرب 737 إحداهما على المدمرة "أنتريم Antrim" والثانية على المدمرة "جلامورجان Glamorgan"، كما نُقلت ست عشرة من طراز “HU. 5” من السرب 845 على متن سفينة الحاويات أتلانتك كوزواي" والسفينة "انجادين Engadine"، بالإضافة إلى 12 طائرة عمودية من السرب 848 على متن سفينة الحاويات "أتلانتك كنفيور Atlantic Conveyor" وبعض السفن الأخرى.

3. طائرات عمودية "لينكس Lynx"

اثنتان وعشرون طائرة طراز “HAS. 2” من السرب 815 على متن بعض المدمرات والفرقاطات.

4. طائرات عمودية "واسب Wasp"

إحدى عشرة طائرة عمودية على متن بعض الفرقاطات وبعض سفن الشحن، فضلاً عن كاسحة الجليد "انديورنس".

5. طائرات الجيش العمودية

بالإضافة إلى الطائرات السابقة التابعة لطيران البحرية تضَّمنت قوة الواجب ست طائرات عمودية "سكاوت Scout" طراز “AH. 1”، واثنتي عشرة طائرة "جازيل Gazelle" طراز “AH. 1” تابعة للواء مشاة البحرية الثالث.

ولم تكن الطائرات والطائرات العمودية السابقة هي كل ما دفعت به قيادة العملية إلى جنوب الأطلسي. فبالنسبة إلى الطائرات أقلعت اثنتا عشرة طائرة استطلاع بحري بعيد المدى من طراز "نمرود" التابعة للقوات الجوية يوم 12 أبريل من قواعدها في الجزر البريطانية إلى جزيرة "أسنشن"، وبعد أسبوع أعلنت قيادة القوات الجوية أنه سيتم دفع بعض القاذفات من طراز "فولكان" المتبقية إلى الجزيرة نفسها.

رابعا: دعم قوة الواجب

1. الدعم الجوي

بمضي الوقت من دون أن تظهر بادرة على استعداد الأرجنتين للانسحاب من جزر "فوكلاند" أو التوصل إلى تسوية سلمية، بدأت القيادة البريطانية تشعر أن لواء الكوماندوز الثالث والسفن والطائرات التي تدعمه لن تكون كافية وحدها لاتمام عملية استعادة جزر "فوكلاند"، بعد أن دُعمت القوات الأرجنتينية في تلك الجزر، وأن الأمر يحتاج إلى دعم قوة الواجب لتمكينها من تنفيذ مهمتها بنجاح.

وفي ظل التفوق الجوي الأرجنتيني في ميزان القوى الجوية، كان أكبر ما تحتاجه قوة الواجب من دعم هو الطائرات. ولما لم يكن هناك أسراب إضافية من طائرات "سي هارير" لدفعها إلى جنوب الأطلسي، فقد بدأ تشكيل سرب بحري جديد من ذلك الطراز هو السرب 809، الذي اُستحضرت طائراته من التخزين، وجرى تطقيمه بالطيارين الذين سبق لهم الطيران على ذلك الطراز بعد استدعائهم من مناطق مختلفة، وبنهاية شهر أبريل كان هناك ثماني طائرات "سي هارير" من السرب الجديد في طريقها إلى جزيرة "أسنشن" بعد تزويدها بالوقود جواً عدة مرات، ثم غادرتها لتستقر فوق سفينة الحاويات "أتلانتك كونفيور Atlantic Conveyor"، التي كانت قد أبحرت من إنجلترا يوم 23 أبريل.

وأضافت القوات الجوية دعماً جديداً تمثَّل في أربع عشرة طائرة من السرب الأول المزود بطائرات "هارير GR-3" المقاتلة القاذفة، لاستيعاض الطائرات المقاتلة من طراز "سي هارير" التي كان من المنتظر فقدها في القتال، وسرعان ما تمَّ تجهيز هذه الطائرات للعمل من فوق الحاملات، وتزويدها بصواريخ جو/ جو من طراز "سايدوندر Sidewinder"، ودُفع تسعٌ منها في الخامس من مايو إلى جزيرة "أسنشن" بعد اختبارها في القتال الجوي المكثَّف، أعقبها الخمس طائرات الباقية في نهاية ذلك الشهر.

وبالإضافة إلى الطائرات السابقة، كانت هناك حاجة ماسة إلى مزيد من الطائرات العمودية، وخاصة طائرات النقل العمودية، التي طلبها قائد اللواء الثالث من الأدميرال "فيلد هاوس" في اجتماع يوم 17 أبريل، ومن ثمَّ شكلت قيادة طيران البحرية من آخر الطائرات العمودية المتوفرة لديها في وحدات التدريب السربين 847 و848 المزودين بأربع عشرة طائرة عمودية من طراز "وسكس"، والسرب 825 المزَّود بتسع طائرات عمودية "سي كنج" المضادة للغواصات، وجرى تطقيم هذه الأسراب بالمدرسين والطيارين الذين كان يجري تدريبهم في وحدات التدريب، كما أضافت القوات الجوية خمس طائرات نقل عمودية ضخمة من طراز "شينوك Shinook" إلى الدعم السابق.

ولمّا كانت الحاملتان "هيرمس" و"إنفنسبل" هما الوحيدتين المتيسرتين للبحرية البريطانية في ذلك الوقت، فقد شكل نقل طائرات الدعم السابقة إلى منطقة العمليات مشكلة للقيادة البريطانية، إلاّ أنها سرعان ما وجدت الحل لتلك المشكلة في سفينتي الحاويات الكبيرتين "أتلانتك كنفوير Atlantic Conveyor" و"أتلانتك كوز واي Atlantic Causeway"، اللتين كانتا في حجم حاملة الطائرات "أنفنسبل".

وعندما توصَّلت القيادة البريطانية إلى هذا الحل كانت السفينة الأولى راسية في نهر "فال" من دون عمل، فتمَّ تحريكها إلى "ديفونبورت حيث حُملت بكميات كبيرة من مخزونات الجيش في عنابر الشحن السفلية، بينما أصبح سطحُها العلويُّ مُعدَّا لاصطفاف الطائرات مع حمايتها من تقلبات الطقس بصف من صناديق الحاويات، وقد اتخذت ست طائرات عمودية "وسكس" من السرب 848، وخمس طائرات عمودية "شينوك" تابعة للقوات الجوية مكانها على سطح هذه السفينة التي أبحرت في الخامس والعشرين من أبريل إلى جزيرة "أسنشن"، حيث أُنزلت إحدى طائرات "الشينوك" للعمل في الجزيرة وحُملت بست طائرات "هارير GR-3" من السرب الذي وصل جواً تاركة الطائرات الثلاث الباقية من ذلك السرب في "أسنشن" مؤقتاً لعدم وجود أماكن لها على متن تلك السفينة.

2. الدعم البري

ومع تلقي القيادة العامة للعملية "كوربوريت" أنباء الدعم البري المتزايد للقوات الأرجنتينية في فوكلاند، قرر مجلس الحرب يوم 25 أبريل ـ بناءًا على طلب الأدميرال "فيلد هاوس" ـ دفع لواء مشاة كامل مع أسلحته المعاونة إلى جنوب الأطلسي مع عدم المساس بالقوات البريطانية في حوض الراين في ألمانيا، ولما كان اللواء الخامس المشاة غير تابع لحلف "الناتو" فقد استقر عليه الاختيار لعملية الدعم البري، ونظراً إلى أأنَّ كتيبتين من كتائبه الثلاث (الثانية والثالثة مظلات) قد تَّم دفعهما فعلاً ضمن قوة الواجب الأصلية ولم يبق باللواء سوى أكبر كتائبه1/7 جوركاز (720 فرداً)، فقد قرَّرت قيادة القوات البرية استكمال قوة اللواء المطلوبة بواسطة كتيبتين من الحرس الملكي، وقد استغرق تجميع هذا اللواء وإعداده لمهمته في "فوكلاند" نحو ثلاثة أسابيع، حتى أن بعض القادة قدّر أن الحرب قد تنتهي قبل وصوله إلى منطقة العمليات.

وقد بلغ عدد قوات هذه الموجة من الدعم نحو 3200 فرد من القوات البرية، وبذلك بلغ إجمالي ما خُصِّص للعملية "كوربريت" من تلك القوات ومشاة البحرية نحو 10500 فرد تشكل ثماني كتائب مشاة، وبعض الوحدات الفرعية الخاصة قوامها نحو 1300 فرد.

وبدفع اللواء الجديد إلى المنطقة أصبحت هناك حاجة إلى قائد بري جديد غير قائد اللواء الثالث ليقود القوة البرية المشتركة في العملية ـ بعد أن بلغ حجمها ما يقرب من فرقة مشاة من القوات البرية ومشاة البحرية والوحدات الخاصة ـ ومن ثمَّ عُيِّن الميجور جنرال "جيرمي مور" قائد قوات الكوماندوز ـ الذي كان يعمل مساعداً للأدميرال "فيلد هاوس" للقوات البرية ـ قائداً لتلك القوات، كما عُيِّن البريجادير (العميد) "جون ووترز John Waters" من القوات البرية نائباً له.

ولنقل قوات موجة الدعم الجديدة إلى منطقة العمليات استدعى الأمر استئجار سفينة الركاب الضخمة "كوين إليزابيث الثانية Queen Elizabeth 2" لنقل الأفراد، وهو ما كان يُكلف الخزانة البريطانية مليون جنيه إسترليني كل أسبوع، علاوةً على السبعمائة ألف جنيه تكلفة استئجار السفينة "كانبرا"، بينما نقلت الأسلحة المعدات على متن السفينتين "بلتك فيري Baltic Ferry" و"نوردك فيري Nordic Ferry" اللتين أبحرتا في التاسع من مايو وتبعتهما السفينة "كوين اليزابيث الثانية" بعد ثلاثة أيام.

3. الدعم البحري

ولم يقتصر دعم الموجة الثانية على الوحدات الجوية والبرية السابقة، حيث اشتملت تلك الموجة أيضاً على عشر سفن سطح هي حاملة الطائرات الجديدة "الستريوس Illustrious" التي لم ُيْكتَبْ لها المشاركة في الحرب (لوصولها بعد انتهائها) وتسع مدمرات وفرقاطات هي المدمرة "بريستول Bristol" ـ التي جُهزت بنظام مواصلات أمريكي متطور لتعمل كسفينة قيادة تبادلية للحاملة "هيرمس" ـ والمدمرتين "اكستر Exter" و"كارديف Cardiff"، والفرقاطتين "أكتف Active" وأفنجر Avenger" ـ اللتين كانتا أسرع السفن السابقة وصولاً إلى منطقة العمليات ـ بالإضافة إلى الفرقاطات "أندروميدا Andromeda" و"مينرفا Minervy" و"بينلوبي Penelope" و"أمبوسكيد" Ambusced"، كما شملت تلك الموجة على ثلاث غواصات إضافية هي "كوراجس Courageous" و"فاليانت Valiant" و"أونكس Onyx".

4. إجمالي قوة الواجب بعد موجات الدعم

بنهاية موجات الدعم السابقة، كانت قوة الواجب تحت قيادة الأدميرال "فيلد هاوس" قد بلغت الحجم التالي:

أ. القوة البشرية (أُنظر جدول القوات البرية للجانبين (الوحدات التي شاركت في الحرب))

نحو 25 ألف فرد من كافة التخصصات البرية والبحرية والجوية.

ب. السفن

أكثر من مائة سفينة حربية وتجارية، منها 33 سفينة قتال على النحو التالي:

(1) ثلاث حاملات طائرات.

(2) 24 مدمرة وفرقاطة.

(3) ست غواصات نووية وتقليدية.

ج. الطائرات والطائرات العمودية[2]  (أُنظر جدول الخصائص التكتيكية للطائرات والطائرات العمودية البريطانية التي شاركت في الحرب)، و (جدول القوات الجوية للجانبين (الطائرات التي شاركت في الحرب))

نحو مائتي وخمسين طائرة وطائرة عمودية، منها ثلاثٌ وأربعون طائرَة قتالٍ هي:

(1) 29 طائرة مقاتلة من طراز "سي هارير".

(2) 14 طائرة مقاتلة قاذفة من طراز "هارير GR-3".



[1] كانت طائرات النقل من طراز بةينج 707 (التابعة للخطوط الجوية) وسي -130 هي الطرازات المتاحة للأرجنتين من أجل الاستطلاع البحري على مسافات بعيدة في عرض البحر.

[2] لا يدخل في هذه الأعداد طائرات أسراب القوات الجوية التي شاركت في مجهود العملية كوربوريت من قواعدها في بريطانيا وجزيرة أسنشن وهي: أسراب الاستطلاع البحري أرقام 40، 51، 120، 201، 206 المزودة بطائرات نمرود سرب الاستطلاع بالصور رقم 39 المزود بطائرات كانبرا، سرب المقاتلات رقم 29 المزودة بطائرات فانتوم للدفاع الجوي عن جزيرة أسنشن، أسراب القاذفات أرقام 44، 50، 101 المزودة بطائرات فولكان، أسراب النقل أرقام 24، 30، 47، 70 المزودة بطائرات سي 130، سرب النقل رقم 10 المزود بطائرات في سي-10 VC10، سريا إعادة الملأ جواً رقمي 55، 57 المزودان بطائرات صهاريج من طراز فيكتور Victor K2، سرب طائرات النقل العمودية الرقم 202 المزود بطائرات سي كنج.