إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب فوكلاند





إغراق بلجرانو وشيفلد
معركة جوس جرين
الإبرار البريطاني بسان كارلوس
الهجوم على الغواصة سانتافي
القتال للجانبين 1 مايو
احتلال رأس الشاطئ
عملية ثلاجة فورتونا
عملية خليج ستورمنس
عملية خليج كمبرلاند

مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية
مسرح حرب فوكلاند
مسرح عمليات فوكلاند
معركة ويرلس ريدج
الاستيلاء على ستانلي
جورجيا الجنوبية "منطقة العمليات"
خط المرتفعات الثاني
جزيرة جورجيا الجنوبية
جزر فوكلاند
سقوط ستانلي
فكرة الغزو الأرجنتيني



حرب عام 1967

المبحث السابع .

معركة "بورت ستانلي" 27 مايو- 14 يونيه 1982

أولاً: التقدم نحو الهدف المرحلي الأول، 27 مايو ـ 4 يونيه (أُنظر شكل احتلال رأس الشاطئ)

بعد سقوط "جوس جرين" رُكزت كل الجهود البريطانية في منطقة العمليات للاستيلاء على "بورت ستانلي"، ليس فقط لأنها عاصمة جزر "فوكلاند"، بل أيضاً لأنه يتمركز حولها التجميع الرئيسي للقوات الأرجنتينية في تلك الجزر، وتقع "بورت ستانلي" على رأس شبه جزيرة مثلَّثة الشكل في نهاية الطرف الشرقي لجزيرة "فوكلاند الشرقية" على الجانب المضاد لذلك الذي يقع عليه راس الشاطئ البريطاني في منطقة "سان كارلوس".

وتنتشر بطول قاعدة شبه الجزيرة ـ التي تمتد لمسافة خمسة أميال (8.1 كم) بين "تيل انلت Teal Inlte" شرم تيل) في الشمال و"بلف كوف" في الجنوب ـ سلسلة من الجبال تتمثل في جبال "استانسيا" في الشمال و"كنت" في الوسط و"تشالنجر" في الجنوب، كما تقع بين رأس شبه الجزيرة وقاعدتها سلسلتان أخريان من الجبال، أولاها جبلا "توسيسترز Two Sisters"  الأختين) وجبل "هارييت" جنوبهما، وعلى مسافة ثلاثة أميال (4.8 كم) شرق السلسلة السابقة، وتقع السلسلة الثانية التي تتكون من جبل "لونجدون Longdon" في الشمال و"تمبل دون Tumbledown" في الوسط وجبل "وليم" في الجنوب، كما يطل على "بورت ستانلي" من الشمال الغربي تلال "ويرلس ريدج Wireless Ridge"، ومن الجنوب الغربي "تل سابر Sapper Hill".

وقد وقع الاختيار على السلاسل الجبلية السابقة لتكون هي الأهداف المرحلية المتعاقبة التي كان على وحدات اللواء الثالث بلوغها خلال رحلة زحفها إلى "بورت ستانلي"، وكان الهدف المرحلي الأول لتلك الوحدات هو الاستيلاء على سلسلة جبال "استانسيا ـ كنت ـ تشالنجر"، وهي قاعدة المثلث التي تبعد عن رأس الشاطئ بنحو 40 ميلاً (64.7 كم).

وكانت المشكلة التي واجهت قيادة اللواء الثالث ـ بعد فَقْد معظم الطائرات العمودية، التي كانت على مَتْن السفينة "أتلانتك كونفيور" ـ هي كيفية نقل وحدات اللواء إلى أهدافها المحدَّدة، حيث كان على كتيبة المظليين الثالثة الاستيلاء على جبل "استانسيا"، بينما تستولي كتيبتا الكوماندوز 45 و42 على جبلي "كنت" و"تشالنجر" على الترتيب، ولم تكن وسائل النقل البرية المتاحة تصلح بديلاً عن الطائرات العمودية المفقودة، فقد كان المتيسر منها محدوداً وقاصراً على عددٍ قليلٍ من ناقلات الجند طراز “BV-202”، وثماني مركبات "سكيمتار" بالإضافة إلى عدد قليل من دبابات الاستطلاع الخفيفة من طراز "سكوربيون". ومن ثمَّ كان البديل الوحيد المتاح هو تحرك وحدات اللواء الثالث سيراً على الأقدام نحو أهدافها المحدَّدة.

وفي اليوم نفسه، الذي انطلقت فيه كتيبة المظليين الثانية نحو "جوس جرين" (27 مايو) غادرت الكتيبة 45 كوماندوز وكتيبة المظليين الثالثة رأس الشاطئ متوجهتين إلى هدفهما الابتدائي (مستعمرة "تيل إنلت") وبعد أن قطعت الكتيبة الأولى خمسة عشر ميلاً (24.3 كم) عَبْر أراضٍ شديدة الوعورة قضى أفرادها ليلتهم الأولى خارج رأس الشاطئ في التلال في طقس غاية في البرودة، ثم واصلت الكتيبة سَيْرها في الصباح محاولةً الوصول إلى مستعمرة "دوجلاس" قبل حلول الظلام، وعندما وصلت الكتيبة إلى تلك المستعمرة مساء 28 مايو علمت أن القوة الأرجنتينية الصغيرة التي كانت بالمستعمرة قد غادرتها في اليوم السابق. وبعد راحة طويلة كان أفراد الكتيبة المُنْهَكَة في حاجةٍ إليها، استأنفت الكتيبة سيرها نحو مستعمرة "تيل إنلت"، التي وصلت إليها قبلها كتيبة المظليين الثالثة، وغادرتها مع آخر ضوء يوم 30 مايو لتتوجَّه إلى جبل "استانسيا" الذي وصلته وقامت بتأمينه مساء اليوم التالي، أما الكتيبة 45 كوماندوز فقد تأخر وصولها إلى جبل "كنت" حتى يوم 4 يونيه.

وفي الوقت الذي كانت تجري فيه التحركات السابقة أبلغت إحدى جماعات القوات الخاصة ـ التي كانت تقوم بأعمال الاستطلاع في جبل "كنت" منذ أوائل مايو ـ أنه لا يحتل قمة ذلك الجبل سوى قوة أرجنتينية صغيرة، فقرَّر قائد اللواء الثالث دفع بعض قوات الكتيبة 42 كوماندوز للاستيلاء على ذلك الجبل وتأمينه قبل أن يتنبه الأرجنتينيون إلى أهميته وتعزيز الدفاع عنه، وفي مساء 31 مايو قامت بعض الطائرات العمودية المحدودة، التي أتيحت لقائد اللواء الثالث، بإبرار عناصر مركز القيادة للكتيبة 42 كوماندوز وإحدى سرايا هذه الكتيبة في أرض الهبوط أسفل جبل "كنت" والتي كانت تحتلها بعض الاحتياطيات الأرجنتينية قبل دفعها لتعزيز الدفاع عن "جوس جرين" يوم 28 مايو.

وبينما كانت عناصر قيادة الكتيبة تقوم بفتح مركز قيادتها المتقدم على بعد بضعة مئات من الأمتار من أرض الهبوط، انطلقت سرية الكوماندوز تصعد الجبل لشنِّ هجومها على القوة الأرجنتينية التي تحتل قمته، غير أنه لفرط دهشتها وارتياحها وجدت المواقع الأرجنتينية خالية.

وخلال تلك الليلة نُقل إلى أرض الهبوط المشار إليها بالطائرات العمودية جماعة مورتار (هاون) وثلاثة مدافع هاوتزر عيار 105 مليمترات من البطارية السابعة الخفيفة ومعها ثلاثمائة من قذائفها، وفي صباح الأول من يونيه دُعمت القوات البريطانية في جبل "كنت" بجماعة صواريخ "بلوبب" للدفاع ضدَّ الهجوم الجوي المعادي.

وفي اليوم نفسه، دفع قائد اللواء الثالث باقي الكتيبة 42 كوماندوز بالطائرات العمودية على دفعات للاستيلاء على جبل "تشالنجر" الذي ظهر أنه غيرُ محتل أيضاً، وبعد زحف طويل وصلت الكتيبة 45 كوماندوز إلى الميول الخلفية لجبل "كنت" يوم 4 يونيه. وبوصول تلك الكتيبة واتخاذها أوضاعها في سفح ذلك الجبل أصبحت ثلاثاً من كتائب اللواء الثالث تسيطر على خط المرتفعات الممتد من جبل "استانسيا" إلى جبل "تشالنجر"، والتي تمثل قاعدة المثلث التي تقع "بورت ستانلي" على قمته ـ محققة بذلك الهدف المرحلي الأول للواء ـ بينما كانت الكتيبة 40 كوماندوز تحتل رأس الشاطئ في منطقة "سان كارلوس" وكتيبة المظليين الثانية تحتل "جوس جرين".

ثانياً: وصول اللواء الخامس المشاة وانتقاله إلى "فيتزوري"، 30 مايو ـ 8 يونيه ((أُنظر شكل احتلال رأس الشاطئ)

في الوقت الذي كانت فيه قوات اللواء الثالث تتقدم لتحقيق هدفها المرحلي الأول وصل اللواء الخامس المشاة بقيادة البريجادير "توني ويلسون" إلى مياه "سان كارلوس". وعلى عكس اللواء الثالث كوماندوز كان اللواء الخامس يفتقر إلى وحدات المعاونة بالنيران والشؤون الإدارية اللازمة لمثل هذه العمليات، ولم يحظ اللواء منذ تشكيله قبل خمسة أشهر إلا بقليل من التدريب على مستوى اللواء.

وزاد موقفَ اللواءِ الخامسِ سوءاً سحبُ كتيبتين من صُلب تنظيمه هما كتيبتا المظليين الثانية والثالثة ـ اللتان ضُمتا على اللواء الثالث كوماندوز في بداية الأزمة ـ وضم كتيبتين أخريين أُخليتا من واجباتهما العامة (الحراسة والمراسم) بدلاً منهما هما كتيبتا "ولش جاردز" و"سكوتس جاردز"، اللتان تمَّ تدريبهما للعمل كمشاة ميكانيكية تقاتل من المركبات المدرعة، وكانت كتيبة "الجوركا" المتبقية هي الكتيبة الوحيدة المدربة على القتال المترجل، ولم تقلق نقاط الضعف السابقة وزير الدفاع البريطاني عند ضمّ هذا اللواء إلى قوة الواجب، لأنه عُدَّ في البداية مجرد احتياطي للواء الثالث.

وفي الثلاثين من مايو وصل مع اللواء الخامس الميجور جنرال (اللواء) "جيرمي مور" ـ الذي عُيِّن لقيادة كل القوات البرية للحملة ـ ومعه هيئة قيادته المكونة من ثمانين فرداً، وفور وصوله فتح مركز قيادته على مَتْن السفينة "فيرلس" وأصبح ممكناً تحرك قيادة اللواء الثالث إلى الأمام، كما كان مخططاً دون القلق على الحاجة إلى إبقاء الاتصال مع قيادة الحملة في "نورث وود" عَبْر الأقمار الصناعية التي أصبحت الآن مسئولية الجنرال "مور". وعندما بدأ الأخير يمارس مهامه كان أمامه خياران للتقدم نحو "بورت ستانلي"، الأول هو تطوير الهجوم باللواء الخامس وحده للاستيلاء على العاصمة مع إبقاء اللواء الثالث احتياطي، والثاني هو تطوير الهجوم على محورين باللواءين معاً.

وقد أَيَّد البريجادير "ولسن" قائد اللواء الخامس الخيار الثاني لأنه يسمح للواء الأخير بالهجوم على المحور الجنوبي منطلقاً من "بلاف كوف"، بينما يقوم اللواء الثالث بالهجوم على المحور الشمالي انطلاقاً من أوضاعه على خط المرتفعات (جبل استانسيا ـ كنت ـ تشالنجر)، غير أن العقبة الأساسية التي واجهت الجنرال "مور" هي قلة عدد الطائرات العمودية اللازمة لنقل اللواء الخامس إلى المنطقة الابتدائية للهجوم، خاصة وأن مجهود الطائرات العمودية المتيسرة آنذاك كان مخصصاً بالكامل لنقل الإمدادات إلى اللواء الثالث وتزويده باحتياجاته من المدافع والذخائر تمهيداً للهجوم النهائي على "بورت ستانلي".

وفي الوقت الذي كان فيه الجنرال "مور" وهيئة قيادته يبحثون احتياجات كل من الخيارين السابقين كان على قائد اللواء الخامس دفع كتيبة "الجوركا" إلى "جوس جرين" لتحلَّ محل كتيبة المظليين الثانية حتى يمكن للأخيرة أن تعود تحت قيادة اللواء الخامس، غير أن قائد الكتيبة الثانية ـ الذي أحسن استخدام خطوط المواصلات الهاتفية المدنية ـ اكتشف إن مستعمرة "فيتزوري" الواقعة على ساحل "بلف كوف" قد أُخليت تماماً من القوات الأرجنتينية، فقام قائد اللواء الخامس بتخصيص الطائرة العمودية "الشينوك" الوحيدة التي نجت من الحريق على مَتْن السفينة "أتلانتك كونفيور" ـ لنقل إحدى سرايا كتيبة المظليين الثانية إلى منطقة مرتفعة تشرف على "بلف كوف"، ثم أتبعها بسرية أخرى من الكتيبة نفسها، وبوضعه نصف قوات الكتيبة الثانية وحدها في هذا الموقع المعرض للهجمات الأرجنتينية، فإنه ضغط لصالح قبول الجنرال "مور" للخيار الثاني، وهو تطوير الهجوم على المحور الشمالي والجنوبي باللواءين معاً، وأصبحت المشكلة الآن هي كيف يتم نقل اللواء الخامس إلى المنطقة الابتدائية للهجوم على المحور الجنوبي. فدُفعت في البداية كتيبة "ولش جاردز" سيراً على الأقدام، كما حدث مع الكتيبتين 45 كوماندوز والثالثة مظليين على المحور الشمالي، إلا أنه سرعان ما اكتشفت قيادة اللواء الخامس أن الكتيبة المدربة على التحركات الميكانيكية غير مؤهلة للتحركات الطويلة المترجلة عَبْر الأراضي الوعرة، فتمَّ سحبُها داخل نطاق منطقة "سان كارلوس".

وإزاء عدم قدرة قوات اللواء الخامس على التحرك المترجل، وقصور إمكانات الطائرات العمودية المتاحة عن نقل كل وحدات ذلك اللواء إلى مناطق حشدها قُرب مستعمرة "فيتزوري" لم يكن أمام الجنرال "مور" سوى القبول بإبرار وحدات اللواء الخامس بحراً قرب منطقة تجمعها على الرغم من مخاطر هذه العملية في ظل التهديد الجوي الأرجنتيني والأحوال الجومائية السيئة.

وكان القرار في البداية هو نقل وحدات اللواء الخامس بسفينتي الاقتحام "فيرلس" و"انتربيد". وفي طقس سيئ تم تحميل كتيبة "سكوتس جاردز" في الخامس من يونيه على مَتْن السفينة الأخيرة، وبعد سبع ساعات في طقس عاصف وصلت فيه سرعة الرياح إلى سبعين عقدة (126 كم في الساعة) وصلت السفينة إلى شاطئ "بلف كوف"، وفي اليوم التالي جَرَت محاولة لنقل كتيبة "ولش جاردز" بواسطة السفينة "فيرلس" إلا أن تلك المحاولة انتهت بالفشل بسبب الطقس العاصف، وخوفاً على سفن الاقتحام المحدودة رأت قيادة الحملة في "نورث وود" استبعاد هاتين السفينتين من عملية النقل واستبدالها بسفن الإبرار الإداري، وفي السابع من يونيه حُمِّلت كتيبة "ولش جاردز" على مَتْن السفينتين "سير جالاهاد" و"سير تريسترام" اللتين وصلتا ـ بعد رحلة ليلية ـ إلى مياه "بلف كوف" صباح اليوم التالي.

ونظراً إلى عدم كفاية تدريب أفراد هذه الكتيبة على عمليات الإبرار البحري وإعطاء الأسبقية لإنزال عناصر الدفاع الجوي، كان معظم أفرادها لا يزالون على متن السفينتين بعد مرور خمس ساعات على وصولهما، وفي الساعة الواحدة وخمسين دقيقة بعد ظهر ذلك اليوم تعرَّضت هاتان السفينتان لهجوم جويّ بواسطة أربع طائرات "سكاي هوك" وطائرتين من طراز "داجر" أسفر عن إصابة السفينتين بأضرار جسيمة ـ أدَّت إلى غرق "سير جلاهاد" فيما بعد ـ ومقتل تسعة وخمسين فرداً وإصابة ستة وأربعين آخرين من كتيبة "ولش جاردز"، بالإضافة إلى إصابة ثمانية عشر بحاراً من طاقمي السفينتين، وكانت هذه الخسائر هي أعلى معدَّل في خسائر الأرواح مُنيت به القوات البريطانية منذ بداية الحملة، إلا أنه يمكن القول إن تلك الخسائر لم تؤثر كثيراً على أعمال القتال في هذا الاتجاه، لأنه سرعان ما تم استبدال السريتين اللتين فقدتا كفاءتهما القتالية ـ نتيجة للهجوم الجوي ـ بسريتين من الكتيبة 40 كوماندوز، وبعد إعادة تنظيم أوضاع القوات أصبح اللواء الخامس مستعداً للهجوم النهائي على "بورت ستانلي".

ثالثاً: استعادة "بورت ستانلي"، 11 ـ 14 يونيه (أنظر خريطة خط المرتفعات الثاني) و(خريطة سقوط ستانلي) و(خريطة معركة ويرلس ريدج)

منذ إبرار وحدات اللواء الثالث في "سان كارلوس" كان البريطانيون يخطِّطون دائماً لعمليات سريعة، مستهدفين تحقيق النصر النهائي في منتصف شهر يونيه، وعلى ذلك كان على الوحدات البرية مواجهة مشاكل الطقس الذي ازداد سوءاً بدخول فصل الشتاء، وصعوبة بقاء السفن عند خط القصف المدفعي للمعاونة، بالإضافة إلى ضغوط القيادة السياسية والمشاكل الإدارية المختلفة.

ومن ثمَّ كان هناك تخوفٌ من صعوبة تحقيق المهمة النهائية وهي الاستيلاء على "بورت ستانلي"، خاصةً بعد تلقي الجنرال "مور" التقارير الأخيرة للاستخبارات ودوريات القوات الخاصة (التي تقوم بالاستطلاع خلف الخطوط الأرجنتينية)، فقد أشارت تلك التقارير إلى وجود أكثر من ثمانية آلاف جنديٍّ أرجنتيني في حامية "بورت ستانلي" مزودين بمدافع عديمة الارتداد ومدافع ماكينة ثقيلة، بالإضافة إلى ثلاثين مدفعاً عيار 105 مليمترات وأربعة مدافع هاوتزر عيار 155 مليمتراً، كما أفادت التقارير المشار إليها أن القوات الأرجنتينية قد زَرَعت حقول ألغام كثيرة على سفوح المرتفعات المحيطة بالعاصمة، ووضعت خطة للدفاع عنها بقوات مزوَّدة بأجهزة الرؤية الليلية، كما أقامت مواقع دفاعية جيّدة التحصين استغرق بناؤها ستة أسابيع.

وحيال هذا الموقف قدمت قيادة الجنرال "مور" له فكرتين لشنِّ الهجوم على "بورت ستانلي"، الفكرة الأولى تقوم على تثبيت القوات الأرجنتينية في القطاع الشمالي للجبهة وشنِّ الهجوم الرئيسي على المحور الجنوبي، والفكرة الثانية تقوم على الهجوم على طول الجبهة باللواءين بالتتالي، اللواء الثالث فاللواء الخامس. وقد اختار الجنرال "مور" الفكرة الثانية لأنه وجد أن الهجوم المتتالي بقوة اللواءين الثالث والخامس سوف يحافظ على قوة الدفع أثناء الهجوم من ناحية ويحرم القوات الأرجنتينية من تعديل أوضاعها وإعادة تجميع قواتها من ناحية أخرى.

ومن ثمَّ، أصدر الجنرال "مور" أوامره إلى قائد اللواء الثالث بالاستيلاء على الخط الثاني للأهداف المرحلية، وهو الخط الممتد من جبل "لونجدون" إلى جبلي "توسيسترز" وجبل "هاريت"، وفور الاستيلاء على هذا الخط وتأمينه تقوم كتيبة المظليين الثانية بشن هجوم مساعد للاستيلاء على تلال "ويرلس ريدج"، وبتحقيق اللواء الثالث لمهامه السابقة يندفع اللواء الخامس بكتائبه الثلاث" (سكوتس جاردز" و"ولش جاردز"، و"الجوركاز") من خلال اللواء الثالث لمتابعة الهجوم والاستيلاء على جبلي "تمبل دون" و"وليم"، ثم التقدم للاستيلاء على تل "سابر" واقتحام "بورت ستانلي" بالتعاون مع كتيبة المظليين الثانية.

وطبقاً لخطة اللواء الثالث ـ التي صدق عليها الجنرال "مور" في التاسع من يونيه ـ كان على كتيبة المظليين الثالثة التقدم للاستيلاء على جبل "لونجدون" ثمَّ استغلال النجاح للتقدم نحو مرتفعات "ويرلس ريدج" إذا كان ذلك ممكناً، أمَّا الكتيبة 45 كوماندوز فكان عليها الاستيلاء على جبلي "توسيسترز" ثُمَّ استغلال النجاح للتقدم نحو جبل "تمبل دون" أو جبل "وليم"، بينما كان على الكتيبة 42 كوماندوز الاستيلاء على جبل "هاريت"، مع بقاء الكتيبة 40 كوماندوز كاحتياطي للواء الثالث، وعلى ذلك دُعمت كل من الكتائب الثلاث السابقة ببطارية مدفعية عيار 105 مليمترات من اللواء 29 مدفعية، بالإضافة إلى نيران مدفعية إحدى المدمرات أو الفرقاطات.

ولأن آخر ضوء ينتهي في نحو الساعة 1600 وبدء ظهور القمر في الساعة 2000 تقريباً فقد تحددَّت سعت س لكتائب اللواء الثالث كما يلي:

كتيبة المظليين الثالثة

الساعة 2001.

الكتيبة 42 كوماندوز

الساعة 2030.

الكتيبة 45 كوماندوز

الساعة 2100.

وكانت التوقيتات السابقة توفر لكل من الكتائب الثلاث القائمة بالهجوم ما بين أربع وخمس ساعات من الظلام للاقتراب من أهدافها سيراً على الإقدام، ونحو تسع ساعات من القتال في ضوء القمر لتحقيق مهامها.

وفي التوقيتات المحددَّة، بدأ هجوم الكتائب الثلاث السابقة على أهدافها ليلة 11/12 يونيه، وقد تمكنت الكتيبة 45 كوماندوز من تحقيق مهمتها سريعاً، كما تمكنت الكتيبة 42 كوماندوز من الاستيلاء على جبل "هارييت" بعد الالتفاف حول المواقع الأرجنتينية في ذلك الجبل والهجوم عليها من الخلف، أما كتيبة المظليين الثانية فقد تعثر هجومها في البداية على المواقع الأرجنتينية في جبل"لونجدون" بعد أن فقدت عنصر المفاجأة نتيجة لتورط أولى سراياها في حقل ألغام نبَّهت انفجاراتُه المدافعين، كما وجدت الكتيبة البريطانية نفسها في مواجهة فوج كامل من القوات الأرجنتينية وليس مجرد سرية كما كان متوقعاً طبقاً للمعلومات التي بُنيت عليها خطة الهجوم.

ومن ثمَّ ارتدت أولى السرايا المهاجمة بعد تورطها في حقل الألغام وانهمار نيران المدافعين عليها، غير أن باقي قوات الكتيبة استمرت في الهجوم الذي مضى بمعدلات بطيئة نتيجة لغزارة نيران القوات المدافعة التي كانت تنطلق من مدافع الماكينة الثقيلة والمدافع عديمة الارتداد، وعند الفجر بدأت دفة القتال تتحول لصالح البريطانيين بعد أن زادت كثافة النيران المعاونة لها من وحدات المدفعية والوحدات البحرية المساندة، التي نجحت في إسكات نيران المدافعين، وبصباح 12 يونيه كانت الكتيبة البريطانية قد نجحت في تطهير المواقع الأرجنتينية والسيطرة على جبل "لونجدون".

وأسفر هجوم الكتائب الثلاث عن تكبّدها 28 قتيلاً منها 23 فرداً من الكتيبة الثالثة وحدها، بالإضافة إلى 68 جريحاً كان نصيب الكتيبة الثالثة منهم 47 فرداً.

وبعد تحقيق كتائب اللواء الثالث لأهدافها بالاستيلاء على خط المرتفعات المحدَّد لها (جبل "لونجدون"، و"توسيسترز"، وجبل "هارييت") حان دور اللواء الخامس ليتقدم عَبْر قوات اللواء الثالث للاستيلاء على خط المرتفعات التالية (جبل "تمبل دون" و"وليم" وتل "سابر") ثم الانقضاض على "بورت ستانلي". وطبقاً للخطة كان على اللواء الخامس أن يبدأ هجومه على المرتفعات السابقة ليلة 12/13 يونيه، إلا أن حاجة كتائب اللواء إلى استطلاع أهدافها، وحاجة الطائرات العمودية إلى الوقت اللازم لنقل قذائف المدفعية الضرورية لاستيعاض المستهلك منها خلال الليلة السابقة ـ والتي وصلت معدلاتها 480-500 قذيفة لكل مدفع ـ أجَّلت توقيت بدء الهجوم إلى الليلة التالية، وخلال فترة الانتظار نشطت أعمال الاستطلاع بواسطة قادة وحدات اللواء الخامس، كما نشط البريطانيون لنقل الذخائر والإمدادات اللازمة لهجومهم الحاسم والأخير.

وبينما كانت تجرى التحضيرات السابقة استمرت السفن البريطانية في قَصْف القوات الأرجنتينية المرتدة والمواقع الدفاعية الباقية حول العاصمة، وخلال عمليات القصف يوم 12 يونيه أصيبت المدمرة "جلامورجان" بصاروخ "إكسوست MM-38" من موقع أرضي على الشاطئ نتج عنه تدمير مؤخرة سطح المدمرة وإحدى الطائرات العمودية "ويسكس" وحظيرتها الصغيرة، بالإضافة إلى تدمير قاذف صواريخ "سي كات" ومقتل وإصابة 26 فرداً من طاقم المدمرة.

وفي ليلة 13/14 يونيه استأنف البريطانيون تقدَّمهم فهاجمت كتيبة المظليين الثانية تلال "ويرلس ريدج" في شمال الجبهة، بينما هاجمت كتيبة "سكوتس جاردز" جبل "تمبل دون" في الوسط، أمَّا كتيبة "الجوركاز" فكان عليها الهجوم على جبل "وليم". وقد بدأ الهجوم أولاً في وسط الجبهة على جبل "تمبل دون" الذي يبلغ ارتفاعه نحو 250 م ويمتد لمسافة 2500 م، فقد كان هذا الجبل الذي يسيطر على مساحةٍ شاسعةٍ من الأراضي المنخفضة هو حجر الزاوية في الدفاعات المتبقية حول "ستانلي".

وبالنسبة إلى القوات الأرجنتينية، كان جبلا "تمبل دون" و"وليم" بمثابة قطاع دفاعي واحد ضمن النطاق الدفاعي للكتيبة الخامسة مشاة أسطول الذي يشمل أيضاً "تل سابر".

وقد اتخذت تلك الكتيبة أوضاعها على النحو التالي:

1. السرية “N” تحتل قمة جبل "تمبل دون" وسفحه الجنوبي المواجه لجبل "وليم" بثلاث فصائل، بينما تحتل الفصيلة الرابعة من تلك السرية الجبل الأخير.

2. السرية “M” تحتل تل "سابر" جنوب غرب "ستانلي".

3. السرية “O” (وهي عبارة عن فصيلة مدعمة تمثل احتياطي الكتيبة الخامسة) تتخذ مواقعها على طريق "فيتزوري/ ستانلي".

4. قيادة الكتيبة الخامسة تتخذ محلاتها على مسافة 2500 م غرب جبل "تمبل دون"، في منتصف المسافة تقريباً بين ذلك الجبل ومدينة ستانلي.

أمّا نهاية الطريق الغربي لجبل "تمبل دون" فقد تمَّ احتلالها بواسطة السرية “B” من الفوج السادس المشاة ووحدة مهندسي مشاة الأسطول، بالإضافة إلى أفراد الفوج الرابع والسادس والثاني عشر الذين انسحبوا من جبلي "هارييت" و"توسيسترز".

وقد تلخصت فكرة الهجوم على جبل "تمبل دون" في قيام قوة فرعية من كتيبة "سكوتس جاردز" مشكلة من فصيلة الاستطلاع، وبعض عناصر الدعم الأخرى بهجوم مخادع على المواقع الأرجنتينية جنوب جبل "وليم" بعد تمهيد نيراني قوي يُقْنع الأرجنتينيين أن ذلك بداية الهجوم البريطاني الرئيسي، ويجذب اهتمام قيادة الكتيبة الخامسة نحو الجنوب، في الوقت الذي تتقدم فيه القوة الرئيسية للكتيبة للهجوم على جبل "تمبل دون" من ناحية الشمال.

وبانتهاء التمهيد النيراني بدأت قوة الهجوم المخادع محاولتها لاختراق الدفاعات الأرجنتينية جنوب جبل "وليم" إلا أنها جُوبهت بمقاومة شديدة من القوات المدافعة أجبرتها على الارتداد بعد أن كبدَّتها قتيلين وسبعة جرحى من جنودها، وتعطل إحدى دباباتها التي اصطدمت بحقل ألغام، وأثناء انسحابها تحت نيران الهاونات الأرجنتينية تورطت تلك القوة في حقل ألغام آخر أضاف جريحين آخرين إلى خسائرها. وقَدَّر البريطانيون فيما بعد أنهم قتلوا خلال ذلك الهجوم الفاشل نحو عشرة أفراد، إلا أن الخسائر الأرجنتينية الحقيقية لم تزد عن قتيل واحد، كما لم يدفعوا أي احتياطيات إلى القطاع الذي تعرض للهجوم.

وفي اتجاه الهجوم الرئيسي كانت خطة كتيبة "سكوتس جاردز" تقضي بالاستيلاء على مرتفعات "تمبل دون" المستطيلة الشكل على ثلاث مراحل تقوم بكل منها إحدى سرايا البنادق، وقد سارت المرحلة الأولى بنجاح، حيث تقدِّمت السرية الوسطى بهدوء واستولت على ثلث الجبل دون مقاومة، كما تقدمت سرية الميسرة بنجاح في البداية، إلا أنه بعد نصف ساعة من عبورها خط الدفع تسمرت فصيلتا المقدمة في محلاتهما وعجزتا عن التقدم نتيجة للنيران الكثيفة التي انهمرت عليهما من أسلحة المدافعين.

وإزاء انفصال ضابط إدارة نيران المدفعية المعاونة عن القائد لم تتمكن تلك المدفعية من إسكات مصادر النيران الأرجنتينية، ومن ثم لم تتمكن فصيلتا المقدمة من التحرك قبل مُضيِّ ساعتين، نجحت فيهما الفصيلة الثالثة في احتلال موقع يطل على خلجان نيران الأسلحة التي ثبَّتت فصيلتي المقدمة، ممَّا سمح لها بمعاونة هاتين الفصيلتين بنيران صواريخها عيار 66 و85 مم، وسرعان ما انضمت إليها باقي السرية التي أعادت تنظيمها في ذلك الموقع.

أمّا سرية الميمنة فقد انطلقت من خلال مواقع السرية السابقة، إلا أن المدفعية المعاونة واجهت بعض المصاعب مرة أخرى، أجبرت تلك السرية على الاعتماد على مصادر نيرانها العضوية فقط. وبعد 11.25 ساعة من عبور خط الدفع تمكنت كتيبة "سكوتس جاردز" من الاستيلاء على جبل "تمبل دون" وتأمينه بعد مقاومة شرسة من القوات الأرجنتينية المدافعة أخرت دفع كتيبة "الجوركاز" للاستيلاء على جبل "وليم" وأجبرت قيادة اللواء الخامس على تأجيل ذلك الهجوم إلى اليوم التالي.

وفي صباح يوم 14 يونيه كانت كتيبة "الجوكاز" تستعد لشن هجومها على جبل "وليم"، وأثناء تقدمها فقدت اثنين من جنودها عندما أصبحت في مدى نيران المدفعية الأرجنتينية، غَيْر أنها عندما وصلت إلى هدفها لم تلق سوى مقاومة ضعيفة انسحبت بعدها القوات الأرجنتينية شرقاً، فقام جنود "الجوركاز" باحتلال الجبل وتأمينه.

وفي الوقت الذي كانت تجري فيه معركة "تمبل دون" كانت هناك معركة أخرى تجري في الشمال للاستيلاء على تلال "ويرلس ريدج"، فقد كان من الأهمية أن يتمَّ الهجوم على هذه التلال بالتنسيق مع الهجوم على جبل "تمبل دون" الذي يواجه الأخيرة، وقد سمح تأجيل هجوم اللواء الخامس لقائد كتيبة المظليين الثانية (الجديد) ليوتينانت كولونيل (المقدم) "شلندر" باستطلاع أرض الأهداف التي سيتم الهجوم عليها وتلقين قادة سراياه.

وتقع مرتفعات "ويرلس ريدج" شرق جبل "لونجدون" وشمال الوادي الذي يتدفق فيه نهير " مودي بروك"، وهي تتكون من سلسلتين متوازيتين من المرتفعات تمتد من الغرب إلى الشرق، إلا أن أبرزها هو المرتفع الجنوبي ـ الذي يتوسط المسافة بين ثكنات "مودي بروك" وجبل "لونجدون" ـ والذي لا يزيد ارتفاعه عن مائة متر.

وتُعد مواقع "ويرلس ريدج" جزء من القطاع الكبير الذي يدافع عنه الفوج السابع المشاة الذي فَقَدَ جزءاً من قواته على سفوح جبل "لونجدون". ويحتل سلسلة المرتفعات الشمالية فصيلتان من السرية الأولى وفصيلة من السرية الثالثة لذلك الفوج وتواجه جميع مواقعها اتجاه الشمال، وعلى الرغم من أن سلسلة المرتفعات الجنوبية أكثر ملاءمة من الناحية الدفاعية، فقد عدَّها الأرجنتينيون مجرد مواقع خلفية تم احتلالها ببعض الأسلحة الثقيلة وقوة من الأفراد لا تشكل في مجموعها قوة سرية مشاة، كما كان هناك سرية من الفوج الثالث تحتل مواقعها جنوب "ويرلس ريدج" على امتداد الطريق غرب ثكنات "مودي بروك".

ونظراً إلى معاناة الكتيبة الثانية وتزايد خسائرها خلال هجومها السابق على جوس جرين" ـ نتيجة لقصور المعاونة بنيران المدفعية ـ فقد طلب قائدها مساندة قوية بالمدفعية خلال الهجوم على "ويرلس ريدج"، ومن ثم خُصِّص لمعاونته بطاريتا مدفعية عيار 105 مم بالإضافة إلى كتيبة مورتار (هاون) اللواء الثالث ونيران مساندة من فرقاطتين من اتجاه البحر.

وقد تلخصت خطة الكتيبة الثانية مظليين في الهجوم على المرتفعات المحتلة بالقوات الأرجنتينية على أربع مراحل كما يلي:

المرحلة الأولى، ويتمُّ فيها هجوم السرية الرابعة على الهيئة التي أُطلق عليها اسم "رَف دايموند" شرق جبل "لونجدون".

المرحلة الثانية، ويتم فيها هجوم السريتين الأولى والثانية على الهيئة المسماة "أبَلْ بَاي" شرق "رف دايموند".

المرحلة الثالثة، ويتم فيها هجوم السرية الرابعة على الهيئة المسماة "بلو بيري بَاي" من اتجاه الغرب.

المرحلة الرابعة، ويتم فيها هجوم السرية الثالثة على هيئة "الكونتور 100"

وفي الثالث عشر من يونيه تعرَّضت المواقع الأرجنتينية في "ويرلس ريدج" لقصف مدفعي كثيف من البر والبحر فضلاً عن القصف الجوي من طائرات "الهارير" تمهيداً لهجوم الكتيبة الثانية، غير أنَّ القصف توقَّف أثناء تسجيل نيران المدفعية نتيجة لهجوم أربع طائرات "سكاي هوك" على مركز قيادة اللواء الثالث وإحدى بطاريات المدفعية المعاونة للكتيبة، كما هاجمت تلك الطائرات بعض الطائرات العمودية، التي كانت في طريقها لنقل فصيلتي المورتار (الهاون) ومدافع الماكينة إلى مواقع متقدمة، وقبل آخر ضوء ذلك اليوم أُخطر قائد الكتيبة الثانية بوجود حقل ألغام أمام كل من هيئتي "أبل باي" و"بلو بيري باي".

وفي الساعة 2145 ليلة 13/14 يونيه عَبَرت السرية الرابعة خط الدفع للاشتباك وتقدَّمت في اتجاه "رف دايمود" غير أنها سرعان ما اكتشفت انسحاب الأرجنتينيين منها تاركين خلفهم بعض القتلى الذين أُصيبوا بنيران المدفعية البريطانية، كما وجَدَت السريتان الأولى والثانية أن القوات الأرجنتينية قد انسحبت من "أبل باي" أيضاً، ومن ثمَّ قرَّر قائد الكتيبة الإسراع بتنفيذ المرحلة الرابعة قبل الثالثة فدفع السرية الثالثة للاستيلاء على هيئة "الكونتور 100" التي وُجدت خاليةً هي الأخرى.

وعندما بدأت السرية الرابعة هجومها على تبة "بلو بيري باي" فإنها نجحت في الاستيلاء على جزء من المواقع الأرجنتينية في تلك التبة دون صعوبة غير أنها جُوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الأرجنتينية في باقي المواقع، ومن ثم طلب قائد السرية مساندته بنيران المدفعية للتغلب على المقاومة الأرجنتينية في ذلك التل، وما أن بدأت نيران المدفعية تنهمر على المواقع الأرجنتينية حتى أخذ المدافعون عنها في الانسحاب[1]

وفي أول ضوء يوم 14 يونيه شنَّ الأرجنتينيون هجوماً مضاداً محدوداً ببعض قوات كتيبة المظليين الأولى، غير أنَّ البريطانيين نجحوا في صدِّه بفضل كثافة نيران المدفعية المساندة لهم، وبفشل ذلك الهجوم المضاد تمكن البريطانيون من السيطرة على مرتفعات "ويرلس ريدج" بأكملها وأجبروا الأرجنتينيين على الانسحاب إلى "ستانلي".

وقد أدَّى فشل الهجوم المضاد إلى وقوع القيادة الأرجنتينية في مأْزق شديدٍ، فقد بُنيت الخطة الدفاعية لتلك القيادة وانتشار قواتها على أساس شن البريطانيين هجومهم الرئيسي من اتجاه الجنوب، إلا أن ذلك الهجوم جاءهم من الغرب والشمال الغربي على غير ما يتوقعون، ومن ثمَّ لم يَكن هناك أي مواقع دفاعية مجهزة أو موانع طبيعية بين "ويرلس ريدج" و"ستانلي"، ممَّا جعل الطريقَ مفتوحاً أمام كتيبة المظليين الثانية للتقدم إلى العاصمة.

ولمواجهة هذا الخطر أمرَ البريجادير "جوفر" قائد القوات الأرجنتينية المدافعة عن العاصمة الميجور "برازيي" قائد قوة الهجوم المضاد الفاشل بحشد ما تبقى من سريته وغلق الطريقَ بين "مودي بروك" و"ستانلي"، فحَشَد "برازيي" ما تبقى من جنوده أمام مواقع مدفعية الفوج الرابع خفيف الحركة التي كانت تعاون القوات الأرجنتينية في معركة "ويرلس ريدج"، والتي كُلفت الآن بمعاونة قوات الميجور "برازيي" في عرقلة تقدم القوات البريطانية نحو "ستانلي".

وفي الوقت الذي كانت فيه كتيبة المظليين الثانية تُعيد تنظيمها تمهيداً للتقدم نحو "ستانلي" كانت بعضُ القوات البريطانية الخاصة وبعض مشاة البحرية قد انطلقت من شمال "تل كورتلي" للقيام بالإغارة على بعض المواقع الأرجنتينية المحصُورة بين "ويرلس ريدج" والساحل الشمالي "لستانلي هارير" شرق "مودي بروك"، غير أنَّ البطاريةَ الثانية من الفوج 101 مدفعية مضادة للطائرات التي كانت تحتل "تل كورتلي" نجحت في إحباط الإغارة البريطانية وأجبرت قواتها على الارتداد، إلا أن سقوط "ويرلس ريدج" في أيدي البريطانيين عجَّل بانهيار الجبهة الأرجنتينية.

فمع تطويق البريطانيين للدفاعات الأرجنتينية غرب "ستانلي" بدأت أعدادٌ كبيرةٌ من القوات الأرجنتينية ـ التي هجرت مواقعها في جبلي "تمبل دون" و"وليم" و"مودي بروك" ـ تتدفق على الطريق متوجهة إلى "ستانلي"، ففتحت عليها القوات البريطانية في "ويرلس ريدج" كافة مصادر النيران بما في ذلك نيران المدفعية وطائرات عمودية سكوت، وأصبح واضحاً للبريجادير "جوفري" أن أي دفاعات في هذه الأرض المفتوحة لن تصمد كثيراً أمام نيران البريطانيين، فأذن لرجال الميجور "برازيي" والمدفعية التي تعاونه بالانسحاب إلى الطرف الغربي لمدينة "ستانلي"، ومن ثمَّ لم يتبق من الجبهة الأرجنتينية غرب العاصمة سوى موقعٍ واحدٍ يتمثل في "تل سابر"، الذي بدأت كتيبة "ولش جاردز" الهجوم عليه صباح ذلك اليوم، 14 يونيه.

ففي الوقت الذي دُفعت فيه الكتيبة 45 كوماندوز للتقدم على الطريق المتجه إلى "تل سابر" بأسرع ما يمكن، كان على الطائرات العمودية المتيسرة تنقل الموجة الأولى من كتيبة "ولش جاردز" أقرب ما يكون من ذلك التل، إلا أنها بدلاً من أن تقوم بإنزال تلك الموجة خارجَ مدى نيران القوة المدافعة فإنها أنزلتها أسفل التل مباشرة ممَّا عرَّض الطائرات العمودية ورجال تلك الموجة لنيران المدافعين التي أصابت إحدى تلك الطائرات العمودية وهو ما دفع قوات تلك الموجة إلى الردِّ على النيران بالمثل وطلب مساندة المدفعية، غير أنه سرعان ما توقف إطلاق النار من الجانبين في نحو الساعة 1315 بعد أن توصلت القيادتان البريطانية والأرجنتينية في الجزيرة إلى اتفاق لوقف القتال.

رابعاً: أعمال القتال الجوية للجانبين خلال معركة "بورت ستانلي"

في الوقت الذي كانت تجري فيه أعمال القتال البرية السابقة للاستيلاء على السلاسل الجبلية المحيطة "بستانلي" والإطباق على عاصمة جزر "فوكلاند"، استمرَّت أعمال القتال الجوية للجانبين وإنْ قلَّت كثافة الطلعات الجوية عمَّا كانت عليه خلال المراحل السابقة للحملة. فبينما كانت قوات اللواء الثالث تتقدم نحو أهدافها الابتدائية شنَّت طائرات "الهارير" البريطانية سلسلة من الغارات الجوية على المطارات الأرجنتينية في جزر "فوكلاند" ـ منها ثلاثُ غاراتٍ على مطار "بورت ستانلي"، وغارتان على أرض الهبوط في جزيرة "ببل" ـ لشل وتدمير القوة الجوية الأرجنتينية في جُزر فوكلاند، والتي كانت تتكون آنذاك من نحو أربعين طائرة وطائرة عمودية (23 طائرة "بوكارا"، 6 "طائرات "أير ماكي"، وطائرتي "سكاي فإن"، و3 طائرات عمودية "شينوك"، بالإضافة إلى بعض الطائرات العمودية الأخرى من طرازات مختلفة)، وقد أدَّت تلك الغاراتُ إلى تدمير وإصابة أعداد كبيرة من الطائرات والطائرات العمودية السابقة، ممَّا جعل ما تبقى منها غير قادرٍ على تقديم أيِّ جهدٍ جويٍّ يُذكر.

وفي الوقت الذي نشطت فيه طائرات "الهارير" البريطانية في تقديم المعاونة الجوية للقوات البرية، تقلَّصت الهجمات الجوية الأرجنتينية من قواعد الوطن الأم، وباتت تتُّم على فترات متباعدة، وفي الثلاثين من مايو قامت طائرتا "سوبر اتندار" يرافقهما أربع طائرات "سكاي هوك" بشنِّ هجومٍ منسَّق على الوحدات البحرية البريطانية في منطقة "سان كارلوس"، حيث أطلقت طائرتا "سوبر اتندار" صواريخهما في البداية على ما تصورتا أنه حاملة طائرات، ثم أكملت طائرات "سكاي هوك" المهمة باستخدام القنابل.

وقد أصَّرت القوات الجوية الأرجنتينية على أنها أصابت إحدى الحاملتين البريطانيتين، بينما أنكر البريطانيون أي إصابة بالصواريخ، بل على العكس أعلنوا أنهم أسقطوا طائرتين أرجنتينيتين بواسطة صواريخ "سي دارت"، كما حالفهم الحظ في تدمير أحد صواريخ "إكسوست" بواسطة قذيفة مدفع عيار 4.5 بوصة انطلقت من الفرقاطة "أفنجر"، ومن ناحية أخرى أعلنت بعض المصادر أن الهجوم الأرجنتيني السابق تمَّ على حُطام سفينة الحاويات "أتلانتك كونفيور" التي سبق الهجوم عليها قبل خمسة أيام.

وفي اليوم الأول من يونيه حاول الأرجنتينيون استطلاع محلاَّت انتشار الأسطول البريطاني شمال جزيرة "فوكلاند الشرقية" باستخدام طائرة "سي 130"، غير أن البريطانيين اكتشفوا الطائرة وتمَّ إسقاطُها بواسطة إحدى مقاتلات "سي هارير" قبل أن تقوم بمهمتها.

وخلال الأسبوع الأول من يونيه حَدَّت الأحوال الجوية السيئة من أعمال القتال الجوية للجانبين، واقتصر النشاط الجوي الأرجنتيني خلال ذلك الأسبوع على بعض طلعات القصف الليلي بواسطة قاذفات "كانبرا" على منطقة سان كارلوس وبعض طلعات الاستطلاع بواسطة طائرات "ليرجت" التي نجحت صواريخ "سي دارت" من إسقاط إحداها فوق جزيرة "ببل" في السابع من يونيه.

وعلى أثر اكتشاف الأرجنتينيين محاولة إنزال قوات اللواء الخامس بحراً في مياه "بلاف كوف"، قرَّرت القيادة الأرجنتينية توجيه سلسلة من الضربات الجوية للسفن البريطانية وقوات هذا اللواء فَوْر تحسَّن الطقس، ومن ثمَّ كان على المجموعة الخامسة توجيه الضربة الأولى للسفن البريطانية بواسطة ثماني طائرات "سكاي هوك" تساندها ست طائرات "داجر" من المجموعة السادسة وأربع طائرات "ميراج" من المجموعة الثامنة للإغارة على منطقة "سان كارلوس" لاشغال طائرات "الهارير" المتواجدة في أرض الهبوط التي تمَّ إنشاؤها بالمنطقة لإعادة ملء تلك الطائرات، غَيْر أنَّ مشاكل الإمداد بالوقود جواً خفضت قوة طائرات "سكاي هوك" في تلك الضربة إلى خمس طائرات وُجهت جميعها نحو مياه "بلف كوف" ظُهر الثامن من يونيه بعد أن خفت حِدَّة العاصفة وتحسَّنت الرؤية نسبياً، وقد أسفر ذلك الهجوم عن خسائر جسيمة في كتيبة "ولش جاردز" وإصابة سفينتي الإبرار بأضرار شديدة.

أمّا بالنسبة إلى أعداد طائرات " داجر" و"ميراج" التي خُصصت للمساندة فبقيت كما هي، حيث نجحت الأخيرة في اشغال المقاتلات البريطانية، بينما قامت طائرات "داجر" بشن هجوم ناجح بالقنابل على الفرقاطة "بلايموث" أدَّى إلى إصابتها بأضرار جسيمة أخرجتها من المعركة.

وفي الساعة 1645 من اليوم نفسه، وجه الأرجنتينيون ضربتهم الجوية الثانية، بقوة أربع طائرات "سكاي هوك" من المجموعة الخامسة وأربع طائرات أخرى من المجموعة الرابعة تحت حماية طائرات "الميراج". وما أن بدأت طائرات المجموعة الخامسة بالهجوم على السفن البريطانية بين "جوس جرين" و"فيتزوري حتى انقضَّت عليها مقاتلات "سي هارير" التي كانت تقوم بأعمال الدورية الجوية وأسقطت منها ثلاث طائرات، بينما عادت طائرات المجموعة الرابعة دون أن تَحْدُث خسائر تُذكر، أمَّا مقاتلات "الميراج" فقد عادت هي الأخرى دون أن تشتبك.

وعلى الجانب البريطاني أخذت طائرات "الهارير" في مهاجمة مواقع القوات البريَّة الأرجنتينية غربَ "بورت ستانلي" وخاصةً حول جبل "كنت"، في الوقت الذي استمرَّت فيه مقاتلات "سي هارير" في أعمال الدوريات الجوية لحماية القوات البريطانية ضد أعمال قتال القوات الجوية الأرجنتينية، وقد أسفر النشاط الأخير عن فقد البريطانيين لإحدى طائرات "سي هارير" في حادث يوم 29 مايو وطائرة أخرى بواسطة صواريخ الدفاع الجوي الأرجنتيني في منطقة "ستانلي" يوم 1 يونيه، إلاَّ أنَّ قائدَ الطائرةِ الأخيرةِ نجحَ في القفز بالمظلة في مياه المحيط الأطلسي، حيث تم انتشاله بإحدى الطائرات العمودية "سي كنج" من السرب 820.

وفي اليوم نفسه، انطلقت إحدى طائرات "فولكان" ـ ساندتها خمس عشرة طلعة طائرة "صهريج" من طراز "فكتور" أقلعت جميعُها من جزيرة "أسنشن" ـ للهجوم على رادار "سكاي جارد" بالقرب من "ستانلي"، مستخدمة صواريخ "شرايك"، غير أنَ ذلك الهجومَ لم يُسفر إلا عن أضرار بسيطة، وبعد يومين قامت إحدى طائرات "الفولكان" بهجومٍ مماثلٍ على الرادارٍ المُقَام على تل "سابر"، ولكن العُطل الذي حدث في نظام إعادة الملء بالوقود جواً بتلك الطائرةِ أجبر قائدَها على الهبوط اضطرارياً في مطار "ريو دي جانيرو" بالبرازيل، حيث تمَّ احتجازها حتى العاشر من يونيه حين سمحت السلطات البرازيلية للطائرة بالإقلاع بعد أن جردَّتها من صواريخ "سايد ويندر" التي كان تحملها تحت جناحيها.

وفي الخامس من يونيه أقام البريطانيون في رأس الشاطئ مدرَّج ميداني من الشرائح المعدنية طوله 300 متر لاستخدامه كنقطة إعادة ملء بالوقود لطائرات "سي هارير" المكَّلفة بأعمال الدوريات الجوية، وكمطار متقدم لانتظار طائرات "الهارير" في درجة استعدادٍ عاليةٍ ولتلبية مطالب الاسناد الجوي القريب للقوات البرية.

وبعد أسبوع قامت إحدى قاذفات "الفولكان" من جزيرة "أسنشن" بآخر هجماتها على مطار ستانلي بالقنابل المتفجرة فوق السطح، وفي نهاية ذلك اليوم شنَّت إحدى الطائرات العمودية "وسكس" من السرب 845 هجوماً بالصواريخ على قاعة الاجتماعات الكبرى بالعاصمة (Town Hall)، التي كان يُعتقد أن مؤتمراً كبيراً كان منعقداً فيها، غير أن الصواريخ أخطأت هدفها وأصابت مركز الشرطة المجاور.

وفي اليوم التالي (13 يونيه) ردَّت القوات الأرجنتينية بهجوم مفاجئ على مركز قيادة اللواء الثالث قرب جبل "كنت"، وشارك في هذا الهجوم إحدى عشرة طائرة "سكاي هوك"، غير أن المصادر البريطانية أشارت إلى أن ذلك الهجوم أخطأ أهدافه، وأن معظم تلك الطائرات قد أصيبت بنيران القوات البريطانية على الرغم من عودتها جميعاً إلى قواعدها.

كما شنّت القوات الجوية الأرجنتينية في الساعة 2255 مساء اليوم نفسه، آخر غاراتها على القوات البريطانية في منطقة جبل "كنت" من ارتفاعٍ عالٍ، غيرَ أن رادارات المدمرتين "كارديف" و"اكسترا" رصدتا تلك الطائرات وأطلقتا عليها صواريخ "سي دارت"، أصاب إحداها إحدى طائراتي "الكانبرا"، غَيْر أنَّ قائدها نجح في مغادرتها بواسطة الكرسي القاذف، ووقع أسيراً في أيدي القوات البريطانية أمَّا الملاحُ فقد لقي مصير طائرته التي غرقت فورَ اصطدامها بمياه المحيط.

خامساً: استسلام القوات الأرجنتينية

منذ الساعة التاسعة من صباح 14 يونيه حاولت قيادة الجنرال "مور" الاتصال بالجنرال "منديز" في ستانلي عَبْر محطة الإذاعة المدنية، إلا أن الأخيرَ لم يستجب لتلك المحاولات قبل الاتصال بالجنرال "جالتيري" عَبْر الهاتف اللاسلكي المؤمَّن. ولم يصدق الرئيس الأرجنتيني أن الموقف أصبح ميئوساً منه وطالب "منديز" بالهجوم وليس التراجع، غير أن الأخير تمسَّك برأيه من أن الموقف لا يسمح بأية عمليات هجومية، وناشد الرئيس الأرجنتيني إعلان قبوله لقرار مجلس الأمن رقم 502 الذي يطالب الأرجنتين بسحب قواتها طواعيةً من جُزر "فوكلاند" حتى لا يضطر إلى الاستسلام المُهين، إلا أنَّ الرئيس الأرجنتيني أصَّر على موقفه، ممَّا دفع الجنرال "منديز" إلى التصَّرف على مسؤوليته، فطلب من بعض ضباطه الاتصال بالبريطانيين لإبلاغهم رغبته في بحث شروط وقف القتال.

وبعد بضع ساعات وصلت طائرة الجنرال "مور" العمودية إلى "ستانلي" في الوقت الذي وَصلَت فيه القوات البريطانية إلى الطرف الغربي للعاصمة، إلا أنَّها تلقت الأمر بالتوقف على أثر الاتفاق على وقف إطلاق النار، وبعد بضع ساعات من التفاوض تمَّ التوصَّل إلى صيغة مقبولة من الطرفين لإنهاء القتال، وما أن تمَّ توقيع وثيقة استسلام القوات الأرجنتينية في الساعة 2100 مساء 14 يونيه حتى أُلغي الهجوم الذي كان مقرَّر أن يشنَّه اللواء الثالث على "ستانلي"، ودخلت قواته العاصمة من دون قتال، كما أرسل الجنرال "مور" إلى لندن البرقية التالية:

استسلَمَ لي الميجور جنرال "منديز" وكل القوات المسلحة الأرجنتينية بجزيرة فوكلاند الشرقية والغربية بكامل معداتهم، وجاري وضع الترتيبات لتجميع الأفراد تمهيداً لإعادتهم إلى الأرجنتين وتجميع أسلحتهم ومعداتهم وتأمين ذخائرهم، إنَّ جزر فوكلاند عادت مرة أخرى تحت سيطرة الحكومة التي يتطلع إليها سكانها، فليحفظ الله الملكة.

ميجور جنرال "جيرمي مور

 



[1] بلغ مجموع ما أطلق من قذائف المدفعية للمعاونة الكتيبة الثانية خلال معركة ويرلس ريدج ستة آلاف قذيفة.