إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب في أنجولا






مناطق تمركز الجبهات المتصارعة



المبحث الأول

المبحث الأول

أسباب الحرب الأهلية في أنجولا

أولاً: الأسباب الداخلية

تعد الأسباب الداخلية، المحرك الرئيسي، لاشتعال الحرب في أنجولا، واستمرارها على النحو الذي هي عليه حتى الآن. وتتنوع الأسباب الداخلية وفقاً للعوامل الآتية:

1. المواريث التاريخية

في إطار تلك المواريث، يُلاحظ العديد من التباينات، التي أسهمت جميعها في تكريس أوضاعٍ مناسبة للصراع، ومفجرة له، ومن تلك المواريث:

أ. التعددية الإقليمية

إن أنجولا بحدودها الحالية، لم تكن قائمة قبل وصول البرتغاليين إليها كمستعمرين. فقد كانت أجزاء منها في الشمال خاضعة لمملكة الكونغو Congo Kingdom، وأجزاء أخرى في الوسط، كانت خاضعة لمملكة ندونجو Ndongo، التي أسسها شعب مبوندو Mbonde، بقيادة ملكها نجولا Ngolaـ الذي ينتسب اسم الدولة الحالية إليه. وإلي الشرق من تلك المملكة، كانت تقع مملكة كاسانجى، التي أسسها شعب امبانجالا، وكانت أهميتها ترجع إلى قيامها بدور الوساطة التجارية، بين كل من لواندا العاصمة Luanda، وبعض المدن الأخرى في الشرق، مثل: لواندا، ولوبا Luba.

وقد شهد القرن السادس عشر، حروباً طاحنة بين مملكتي ندونجو، وكاسانجى، أو بالأحرى، بين قبيلتي مبوندو، وأمبانجالا. وفي هضبة بنجويلا، قامت عدة ممالك، أسستها جماعات عرقية فرعية، لجماعة أوفيمبوندو، في القرن السابع عشر، التي سيطرت على طرق التجارة، بين بنجويلا على المحيط، ونهر الزمبيزي في الشرق. وفي هضبة هويلا، كانت تقوم مملكة بايي Bie، التي تشرف على طرق التجارة، بين لواندا ومناطق جماعات ماكاكولو، القاطنة بجوار الزمبيزي. وقد جري صدام بين مملكة بابي وبين البرتغاليين، بسبب موقع بابي الإستراتيجي، انتهي باحتلالها. وفي أقصى الجنوب، كانت توجد مملكة كواتاهاما، التي أسستها قبيلة تحمل الاسم نفسه، وهي من مجموعة قبائل أمبو، التي عاشت في شرق نهر كونين، والتي أسهمت في نقل التجارة، إلى ميناء موزامبيدي، وكانت أرضها مستقراً لهجرات قادمة من رأس الرجاء الصالح، والترنسفال، سواء البوشمن، أو الهوتونتوت الأفارقة، أو من البوير. وكانت تلك المملكة تعاني من حالة التشرذم، بسبب جنوح بطونها، للانعزال ومقاومتها أية سلطة مركزية.

ب. التعددية العرقية

تضم أنجولا نحو مائة جماعة عرقية، وينتشر فيها عدة لغات رئيسية. ومن أهم هذه الجماعات الأوفيمبوندو، في المرتفعات الوسطي، التي شهدت انقساماً فيما بين جماعاتها الفرعية، على الرغم من أنها تتحدث لغة واحدة، هي لغة الأمبوندو Umbundo. وكما كانت هذه الجماعة تسيطر على الهضاب الوسطي من البلاد، فإنها كانت تعاني من التفتت وعدم الولاء السياسي، ومن ثم، فقد كانت عائقاً أمام انتشار السيطرة المركزية وامتدادها، من لواندا، عاصمة مملكة ندونجو. كما أنها كانت سبباً في تأسيس حاله صراعية، بينها وبين الجماعات العرقية الأخرى، الموجودة قبل وخلال، العصر الاستعماري البرتغالي. ثم استمر الصراع، وتفشى بعد ذلك، في صورة حرب أهلية، بعد الاستقلال.

من ناحية أخرى، تجمعت داخل أنجولا، في ظل الاستعمار البرتغالي، جماعات عرقية لم تكن موجودة من قبل، ذات كيانات سياسية، وثقافية متصارعة، من الأوروبيين والبرتغاليين. كما ترتب على الحكم الاستعماري، على اختلاف درجات سيطرته وممارساته، في كل منطقة على حدة، تفاوت المؤثرات الحضارية، وحالات التغيير الاجتماعي. وكذلك، تفاوت نصيب كل جماعة عرقية من الارتباط بالاستعمار، وخدمة مصالحه، مقابل قدر ما من المكاسب. هذه الجماعات قد يكون أفرادها من الغانمين من الوجود الاستعماري، أو المتعرضين للاستنزاف، وللتنكيل نظراً لدورهم المناوئ له. وهذا الأمر هو الذي ترتب عليه استشراء حالة من الصراع الداخلي، في ظل الاستعمار.

ج. الميراث الاستعماري

ظلت أنجولا أكبر مستعمرة برتغالية وأهمها، فيما وراء البحار. وفي ظل الظروف والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، التي فرضها الاستعمار البرتغالي، كان من الطبيعي أن تسوء الأوضاع داخل البلاد، طالما أن الاستنزاف الاستعماري للموارد مستمر، والمواطنون خاضعون للسيطرة الاستعمارية، والعمل الإجباري، لمصلحة هؤلاء المستعمرين البرتغاليين.

وقد تركزت الهيمنة الاستعمارية البرتغالية، في بادئ الأمر، في لواندا، وفي مناطق ندونجو، طوال الفترة منذ القرن السادس عشر، حتى بداية القرن التاسع عشر، إضافة إلى بعض المناطق الأخرى الواقعة في شمال أنجولا الحالية، وهي مناطق ذات تكوين اجتماعي كنغولي أساساً، بدأت البرتغال في ضمها اعتبارا من عام 1883، تحسباً من جانبها تجاه مخططات التقسيم الاستعماري لإفريقيا، التي بدأت نذرها في أواخر السبعينيات من القرن التاسع عشر، وبلغت أوجها في مؤتمر برلين 1884. كذلك، فإن المناطق الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي، والواقعة على الحدود مع زامبيا، لم تسيطر عليها البرتغال، إلا بعد منافسة شرسة ضد المستعمر البريطاني، في روديسيا الشمالية عام 1891. أما آخر المناطق، التي ضمّت إلى أنجولا، فهو إقليم كابندا، الذي تفصله أرض الكونغو الديموقراطية "زائير سابقاً"، عن أرض شمال أنجولا. وقد كان هذا الإقليم جزءاً من المناطق، التي سيطر عليها البرتغاليون في الكونغو، وأداروه بشكل مستقل عن أنجولا، وعن الكونغو. وكان "سالازار" حاكم البرتغال الأسبق، قد قرر ضم كابندا إلى أنجولا في عام 1958، لتتشكل على أثر ذلك، الخريطة السياسية لأنجولا المعاصرة. ولمّا كان هذا الإقليم ديموجرافياً، ذا تركيبة اجتماعية وثقافية كونجولية، إضافة إلى ما ظهر فيه، من نفط وماس، بكميات وفيرة، فقد أدي ذلك إلى جعله ميداناً للتوتر، وصراع المصالح، داخلياً وخارجياً.

2. الميل إلى الانقسام والصراع

من الظواهر السلبية، التي اقترنت بالقوي السياسية المتصارعة في أنجولا، تعددها وانقسامها. فثمة عدد كبير من الحركات، والمنظمات، والأحزاب، والجمعيات، والجبهات التي ادعت ممارسة نشاطها في ساحة التحرير. وكان للبرتغال، في تلك الفترة، دور رئيسي في إشعال الخلافات بين الحركات الأنجولية في الداخل، وفي المنفي. فتزايدت الانشقاقات، وخرج كل عضو، أو مجموعة أعضاء، ليؤلفوا تنظيماً جديداً، يختار له اسم وطني خاص به. وبدلاً من أن توجه تلك الجماعات كل أنشطتها لمواجهة الاستعمار البرتغالي، انصرفت ـ في معظم الأحيان ـ عن هدفها الرئيسي، وراحت تتقاتل ضد بعضها.

وفضلاً عن انقسام الحركات الوطنية على نفسها، وتنازعها فيما بينها، فإن النزاع كان قائماً أيضاً داخلها. فلم تسلم حركة من الانشقاقات، والصراعات الداخلية. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ ما تعرضت له "الحركة الشعبية لتحرير أنجولا" "مبلا" من انشقاق، وخروج جناح داكروز عام 1963، وانضمامه إلى "الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا" "فنلا" في أبريل 1964. كما أن حكومة أنجولا في المنفي، تعرضت كذلك إلى محاولات عديدة من الفصل، والطرد، والانشقاق. وكانت النزعة الإقليمية/ العرقية ـ في كثير من الأحيان ـ هي الدافع لذلك. من الأمثلة على ذلك: طرد ماركوس كاسنجا ـ القائد العسكري الأول للحكومة الأنجولية في المنفي ـ من منصبه، ثم بعد ذلك طرد خليفته جوس كالوند نوجو "جنوبي"، عندما كشف أسرار الحكومة، وأعلن عن وجود تمزق في الجيش، وأن بعض قواعد التدريب ما هي إلا قواعد وهمية للدعاية فقط، وتوجيهه الاتهام لروبرتو هولدن، رئيس الحكومة في المنفي، باغتيال رفقائه المخالفين له في الرأي. كما استقال وزير خارجية تلك الحكومة ـ آنذاك ـ جوناس سافيمبي "جنوبي"، أثناء انعقاد مؤتمر القمة الإفريقي الثاني بالقاهرة، وبرر استقالته بتخاذل هولدن، وحكومته، عن النضال المسلح؛ وكذلك تحيز روبرتو ومحاباته لأبناء قبيلته باكونجو، في شمالي أنجولا، وأن وزراء الشمال يتولون ثلاثة عشر منصباً، من مجموع المناصب الوزارية، البالغ عددها تسعة عشر منصباً، وأن سبعة منهم يمتون إلى هولدن بصلة القرابة. وانتقاماً لاستقالة سافيمبي، اعتقل هولدن ستين فرداً من جماعة سافيمبي "أوفمبندو"، ووضعهم في السجون. ومن ناحية أخرى، شارك وزير الدفاع في تلك الحكومة، ألكسندر تاتي، في مؤامرة للإطاحة بروبرتو، وقد انضم هذا الوزير فيما بعد، إلى صفوف القوات البرتغالية.

وكان أبلغ صور الانقسام، والصراع، بين صفوف الحركة الوطنية الأنجولية، يتمثل في عجزها الكامل عن أمرين، هما في غاية الأهمية:

أولهما:   يتعلق بالعجز عن تدعيم، وتفعيل، حكومة أنجولا المؤقتة في المنفي، التي أُعلنت عام 1962. وكانت قد تشكلت أساساً من ثلاثة تنظيمات، أقدمها اتحاد شعب أنجولا، الذي أسسه هولدن روبرتو، والحزب الديموقراطي الأنجولي، برئاسة إيمانويل كوتزيكا، والحركة الشعبية لتحرير أنجولا "مبلا ـ جناح داكروز"، المنشقة عن الحركة الشعبية لتحرير أنجولا. وإذا كانت منظمة الوحدة الأفريقية، قد اعترفت بتلك الحكومة في عام 1963، إلا أن عدم انضمام الحركات الأخرى، إلى تلك الحكومة، كالحركة الشعبية لتحرير أنجولا "مبلا"، أضعف من تلك الحكومة، كما كرّس ذلك الوضع حالة انقسامية، بين الحركات الوطنية المختلفة، وأبقي على الحالة الصراعية، فيما بينها.

ثانيهما:   ظهرت حالة الانقسام والصراع بين الجبهات الأنجولية، مرة أخرى، عند التفاوض مع البرتغال، من أجل نيل الاستقلال. فقد كانت كل جبهة على قناعة تامة، بأنها هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الأنجولي، ومن ثم فهي المؤهلة الوحيدة للتفاوض، بشأن ذلك الاستقلال، وكذلك تولي السلطة في البلاد.

3. الميول الانفصالية

كان أحد أوجه الحرب في أنجولا، هو مقاومة الميول الانفصالية، داخل إقليم كابندا الغني بالبترول والماس، الذي يقع على حدود الكنغو الديمقراطية، وبالقرب من حدود الكنغو برازافيل، وتبلغ مساحته سبعة آلاف كم2. ونظراً لظهور مثل تلك الثروات، وبكميات وفيرة، منذ عام 1966، فقد أدي ذلك إلى تنامي تيارات انفصالية داخلية، مغذاة من الداخل والخارج. فنشأ "الاتحاد الديموقراطي لمواطني كابندا"، و"الحركة الشعبية لكابندا"، وقد اتحدت المنظمتان في "جبهة تحرير كابندا"، بهدف العمل من أجل انفصال كابندا.

لكن هذه الجبهة انقسمت بدورها إلى منظمتين: إحداهما بزعامة لويس رانك فرانك، وتساندها الكونغو "كينشاسا"، والأخرى بزعامة أوجست تشيونو، وتساندها الكونغو برازافيل. وفي الأول من أغسطس 1975، وفي غمرة معارك الحرب الأهلية الأنجولية، أعلن لويس فرانك، وهو في كمبالا، استقلال كابندا ـ من جانب واحد ـ عن أنجولا. واستند في دعواه الانفصالية، هو وجبهته، إلى ذرائع تاريخية، تتعلق بالطبيعة القانونية للعلاقة بين الإقليم والبرتغال، على اعتبار أن حاكم الإقليم طلب حماية البرتغال، في عام 1881، خشية الاستعمار البلجيكي، الذي كان مسيطراً على الكونغو "كينشاسا" ـ آنذاك ـ بموجب معاهدة حماية مدتها مائة عام، وصدّق عليها مؤتمر برلين عام 1885.

وكان "سالازار"، حاكم البرتغالي، قد ضمّ محمية كابندا، إلى مستعمراته البرتغالية، في لواندا، منذ عام 1958. ومن ثم، فإن هذا الضم لم يكن مشروعاً بسبب استمرار سريان المعاهدة المذكورة، وأن الإقدام على هذا الإجراء اتخذ بعد اكتشاف البترول بكميات كبيرة في هذا الإقليم. إلاّ أن الحركات الأنجولية الثلاثة، وكذلك البرتغال، رفضوا جميعاً مبدأ الانفصال لإقليم كابندا. وبحلول الحادي عشر من نوفمبر 1975، أعلن المندوب السامي البرتغالي، استقلال أنجولا، وانسحاب قواته منها، بعد استعمار دام خمسة قرون لبلد إفريقي منقسم على نفسه، وتتنازعه قوى متصارعة مختلفة، وميول انفصالية عنيفة.

ثانياً: الأسباب الخارجية

وكما كانت الأسباب الداخلية، هي الدافع الرئيسي لاشتعال الحرب في أنجولا واستمرارها، كانت الأسباب الخارجية، كذلك، عنصراً آخر أسهم بدرجة كبيرة، في تأجيج تلك الحرب وتدويلها. ويمكن توضيح ذلك في الآتي:

1. مواقف القوى الإقليمية من الحرب الأنجولية

تباينت مواقف القوى الإقليمية، من الحرب الأنجولية، ما بين مساعدٍ لطرف، ومساعد لطرف آخر، وكان لكل طرف منهم مصالحه، التي يسعى إلى إقرارها، ومن تلك الدول ذات المصالح:

أ. جنوب إفريقيا

تدخلت جنوب إفريقيا، بقواتها المسلحة النظامية، في الحرب الأنجولية، لمساعدة حركتي "الاتحاد الوطني" "يونيتا"، و"الحركة الوطنية" "فنلا"، في مواجهة "الحركة الشعبية" "مبلا". ونظراً لضخامة تدخل جنوب إفريقيا العسكري في أنجولا، لم تحاول حكومة "بريتوريا" إخفاء هذا التدخل. ومنذ إعلان استقلال أنجولا، أعلن وزير خارجية جنوب إفريقيا ـ آنذاك ـ أن حكومته أرسلت قواتها النظامية إلى أنجولا، تعرض حماية مشروع توليد الكهرباء، عند نهر كيوتين، وكذلك لتحول دون تسلل رجال العصابات التابعين لمنظمة جنوب غرب إفريقيا الشعبية "سوابو South – West Africa Peoples Organization: SWAPO، داخل أراضي ناميبيا، خصوصاً بعد مضاعفة هذه المنظمة، لعملياتها الهجومية، ضد مصالح النظام العنصري في ناميبيا. ولذلك، حاولت حكومة جنوب إفريقيا، بمناصرتها لكل من يونيتا، وفنلا، أن تحمي الأراضي الأنجولية، بعد استقلالها، من أن تصبح ملاذاً لثوار ناميبيا.

إذن، فقد تركزت إستراتيجية حكومة بريتوريا، من خلال تدخلها في أنجولا، تحقيق أهداف منها:

(1) تدعيم حدود ناميبيا، التي يبلغ طولها ألف وخمسمائة كم، لحمايتها من اختراقات وعمليات "سوابو".

(2) شن هجمات على قواعد "سوابو"، المتمركزة على حدود أنجولا القريبة، مباشرة، خصوصاً أن استقلال أنجولا يمكن أن تترتب عليه نتائج مباشرة، لصالح سوابو.

(3) دعم "الاتحاد الوطني لاستقلال كل أنجولا" "يونيتا"، في جهوده الرامية إلى الاستيلاء على السلطة في أنجولا، لضمان وجود حليف موالٍ لها هناك، بدلاً من حكومة "الحركة الشعبية" "مبلا"، المناوئة لها.

ومن هذا المنطلق، حدث التوغل العسكري، لقوات حكومة بريتوريا النظامية، داخل الأراضي الأنجولية، حتى أجبرتها القوات الأنجولية، بغطائها السوفيتي/ الكوبي، على الانسحاب. وتبعاً لذلك، كانت الفجوة واسعة، بين النجاح والإخفاق في تأدية جنوب إفريقيا لدورها، عندما تدخلت ضد قوات "الحركة الشعبية" "مبلا" في أنجولا؛ فالنجاح كان يعني لجنوب إفريقيا، الترسيخ لوضعها قلعة متقدمة للغرب في إفريقيا الجنوبية، وحماية لمصالحها، ولمواجهة الشيوعية؛ ومن ثم يمكن أن يحقق لها هذا الوضع دوراً قارياً مهماً، في الإستراتيجية الإمبريالية الشاملة. أما وقد تعثر هذا التدخل، بفعل التصدي الأنجولي، فقد ترتب على ذلك العديد من النتائج السلبية، لجنوب إفريقيا، ومنها:

(1) اتضح أن سياسة الوفاق، المعلنة من قبل حكومة بريتوريا العنصرية ـ قبل ذلك التدخل ـ والتي وافقت عليها مجموعة من دول القارة، وبدأت فعلا في التباحث بشأنها، من أجل تسوية سلمية لصراعات المنطقة، لم تكن سوى مناورة دبلوماسية. وكان المحك الرئيسي لاختبار حقيقتها، اندلاع الحرب في أنجولا، الذي كشف عن التدخل العسكري السافر، لقوات جنوب إفريقيا، ليُضعف بذلك من مصداقية حكومة بريتوريا على الاستمرار في القيام بدور دبلوماسي، في المنطقة.

(2) عزّز تدخل حكومة جنوب إفريقيا من شكوك دول المنطقة، مثل تنزانيا، وموزمبيق وبوتسوانا، حول نوايا جنوب إفريقيا، في تلك المنطقة.

(3) ترتب على هذا التدخل أيضا تنامي معارضة الدول الأفريقية، ومنظمة الوحدة الأفريقية، تجاه عمليات التدخل في أنجولا، خصوصاً تدخل جنوب إفريقيا.

(4) بنت جنوب إفريقيا حساباتها الأولية، من التدخل في أنجولا، على أساس انتهاز الفرصة المواتية لتعزيز علاقتها مع الغرب ـ على الرغم من القرارات الدولية والتنديدات المستمرة بسياساتها العنصرية ـ ما دام التدخل يبدو لحماية المصالح الكبيرة للغرب في أنجولا، وفي المنطقة. إلاّ أن هذا التوجه اصطدم بتعاظم الدّعم ـ الموجه من جانب المعسكر الشرقي والدول الأفريقية ومنظمتها ضده.

ب. موقف الكونغو "كينشاسا"

على الرغم من الثقل الجغرافي والاقتصادي الكبير للكونغو "كينشاسا"، في قلب القارة الأفريقية، إلا أنها ظلت لا تملك منفذاً إلى المحيط، إلاً عن طريق سكة حديد بنجويلا، التي تحمل صادراتها ووارداتها، داخل أراضى أنجولا، وصولاً إلى ميناء لوبوتو، على المحيط الأطلسي، خصوصاً عندما تغلق موزمبيق حدودها مع زامبيا، تحت أية ظروف. لذلك، وجدت الكونغو "كينشاسا" نفسها أمام توجهين أساسيين:

الأول: إما أن تنتهج سياسة حسن الجوار والتعايش السلمي، مع الدول المجاورة.

الثاني: أن تتبنى سياسة الاعتماد على الضمانات الخارجية، وعلى لعبة التوازن بين القوى، سواء للمعسكرات الأفريقية أو العالمية، ثم على التحالفات الخاصة. ومع تطورات الأوضاع في أنجولا، وجد الرئيس الكنغولي "الزائيرى" موبوتو سيسيسيكو، أنه بتعاونه مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً في تأييد هولدن روبرتو ـ وتربط بينهما صلة المصاهرة ـ الذي يتزعم "الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا"، التي كانت تتخذ من مناطق مجاورة لكينشاسا قواعد لعملياتها داخل أنجولا، قبل الاستقلال وبعده، يمكن أن يخدم مصالح بلاده، ومصالح الدول الحليفة في المنطقة. ومن ثم، عملت كينشاسا، في ذلك الحين، كرأس جسر، لنقل المساعدات العسكرية والمالية، القادمة من الولايات المتحدة والغرب، وتحويلها إلى الجبهة الوطنية. إلاّ أن هزيمتها أمام قوات "الحركة الشعبية" "مبلا"، والقوى الداعمة لها، اضطرت الرئيس موبوتو، إلى التراجع عن هذا التوجهه والاتفاق على حل وسط مع الرئيس الأنجولي نيتو. ولكن ذلك لم يمنع فلول "الجبهة الوطنية"، في معسكرات كينشاسا، من شن أعمال مناوئة للسلطة، في أنجولا.

إذن، فالدور الكنغولي، اتصل قبل استقلال أنجولا، وبعده، في تدعيم الحركة الوطنية لتحرير أنجولا. وقد تسبب ذلك الوضع في حالة من التوتر بين الدولتين، ربما ساعدت في استمرار الدعم الكنغولي للحركة الوطنية "فنلا"، المناوئة للنظام الحاكم في أنجولا. وربما ترجع أسباب ذلك التوتر، إلى ما يلي:

(1) كانت الكونغو "كينشاسا" تطمع في إقليم كابندا التابع لأنجولا ـ في الوقت الراهن ـ على أساس أنه كان جزءاً من مملكة الكونغو القديمة. ودعّمت مزاعمها ـ في هذا الصدد ـ بعدم وجود رباط أرضى، يصل بين الإقليم وأنجولا، إضافة إلى غنى الإقليم بالثروة البترولية. ومن ثم، ساعدت كينشاسا، وفرنسا، حركة تحرير كابندا.

(2) ظلت فلول "الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا" "فنلا"، تتمركز في قواعد على حدود أنجولا، داخل الكونغو "كينشاسا"، على الرغم من توقيع اتفاق برازافيل، بين نيتو وموبوتو، في فبراير 1976، وتصريحات الأخير أنه أوقف كل نشاط لقوات "الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا".

(3) شنت القوات الكنغولية، غارات انتقامية، لحرق مزارع البن، ونسف الكباري، وتهديد القرى في أنجولا، بزعم مقاومة الأنشطة العدوانية، من جانب "الاتحاد الوطني لاستقلال كل أنجولا"، انطلاقا من قواعدها في اتحاد جنوب إفريقيا، وذلك في إطار دعمها للجبهة الوطنية "فنلا".

ج. موقف الكنغو برازافيل

ظلت الكنغو برازافيل السّند الإقليمي، للحركة الشعبية لتحرير أنجولا "مبلا"، منذ الإعلان عن قيامها، في ديسمبر 1956. فقد اتخذت "مبلا" مقراً لها في برازافيل، وشاركت الكنغو برازافيل في اللجنة الثلاثية، المنبثقة عن لجنة التسعة، التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية، والمكلفة تقصي الحقائق عن الأوضاع في أنجولا، في نوفمبر 1964. وبناءً على تقرير اللجنة الثلاثية، اعترفت لجنة التسعة بالحركة الشعبية "مبلا"، كمنظمة لتحرير أنجولا، وقدمت الدعم لها، وسحبت الاعتراف بحكومة أنجولا بالمنفي، التي سبق لمنظمة الوحدة الأفريقية الاعتراف بها. ومنذ عام 1964، بدأت الحركة الشعبية "مبلا" ممارسة أنشطتها العسكرية، تجاه القوات البرتغالية، انطلاقاً من قواعدها، في الكنغو برازافيل. كما أن برازفيل سمحت، خلال فترة التحالف السوفيتي ـ الأنجولي، بنقل الإمدادات، والمعدات، والأسلحة السوفيتية/الكوبية، عبر أراضيها وقواعدها، لصالح الحركة الشعبية "مبلا".

د. موقف زامبيا

منذ نشوب الحرب في أنجولا، وزامبيا تتابع بحذر ما يحدث في أنجولا، لأنه، ينقل عبر مينائها، لوبيتو، ما يقرب من 45%، من صادراتها من النحاس. وقد حاولت زامبيا أن تبقى على الحياد، بين الجبهات الثلاث المتصارعة هناك.

وقد تبنى تلك السياسة، الرئيس الزامبي السابق "كينيث كاوندا"، طوال الفترة من عام 1964، حتى عام 1991. وعلى الرغم من ذلك، قدّم دعماً لكل من الحركة الشعبية "مبلا"، والاتحاد الوطني "يونيتا"، أثناء الحرب ضد الاستعمار البرتغالي، ومن أجل الاستقلال، وإن ظلت مسألة خط سكة حديد بنجويلا Benguela، محدداً رئيسياً للسياسة الزامبية، تجاه الصراع الدائر في أنجولا. وكان الرئيس كاوندا قد ألمح إلى "جوناس سافيمبي"، زعيم يونيتا، بأنه إذا استطاع أن يسيطر على سكة حديد بنجويلا من بدايته لنهايته، فإن زامبيا يمكن أن تعترف بمنظمته رسمياً، كحكومة شرعية في أنجولا. وإذا كانت زامبيا قد تباطأت في الاعتراف بحكومة الحركة الشعبية "مبلا"، فإنها سعت إلى احتواء الصراع الدائر في أنجولا، بين القوى المتصارعة، من خلال رعايتها، لأكثر من محاولة لإقرار السلام هناك.

2. مواقف القوى الدولية من الحرب في أنجولا

إن الموقف الدولي من الحرب في أنجولا على درجة كبيرة من الأهمية، نظراً لحدوث استقطاب دولي، في فترة الحرب الباردة، بين المعسكرين الشرقي، والغربي، مصحوباً بدعم عسكري كبير، للقوات المتصارعة في أنجولا. وكان ذلك محاولة من جانب كل معسكر، لمناصرة وتغليب طرف على الطرف الآخر، في الصراع الأنجولي، خدمة لمنظومة المصالح الإستراتيجية العالمية لكل معسكر. ولذلك، جاءت أدوار القوي الدولية، في الحرب الأنجولية، على النحو الآتي:

أ. موقف المعسكر الشرقي "الاتحاد السوفيتي/كوبا"

كانت علاقات السوفيت، مضطربة مع القيادة الأنجولية، أثناء حرب التحرير. فعلي الرغم من تأيد السوفيت استمرار الحركة الشعبية لتحرير أنجولا "مبلا"، إلا أنهم لم يجدوا الطريق سهلاً للتعامل مع "أوجستينو نيتو"، زعيم الحركة. ليس ذلك فحسب، بل أإنهم استمروا في تأييد "دانييل تشيبندا" وأعوانه، المنافسين لنيتو، وقطعوا مساعداتهم للحركة الشعبية. ولكن عندما بدا واضحاً، أن تشيبندا ليس في مقدوره تحقيق النصر، سارعوا إلى تأييد نيتو. وربما كان عامل التحول في القرار السوفيتي، يرجع إلى التوجهات الصينية، التي كانت السّند الرئيسي للجبهة الوطنية لتحرير أنجولا "فنلا"، خصوصاً في أوائل عام 1975، عندما كانت المساعدات الأمريكية لـ"فنلا" ما تزال صغيرة الحجم.

فلو كان الهدف الأساسي للاتحاد السوفيتي ـ في ذلك الحين ـ محاولة تحييد الدور الأمريكي، في مساعدته للجبهة الوطنية "فنلا"، فقد كان ممكناً وقف المساعدة السوفيتية، حتى لا يتطور الأمر إلى التهديد بمواجهة بين الدولتين العظميين. ولكن ذلك الموقف كان يعني ـ وفقاً للتصور السوفيتي ـ ترك الميدان خالياً أمام الصينيين لبسط نفوذهم، من خلال الجبهة الوطنية "فنلا"، والكونغو "كينشاسا".

وقد تحرك الاتحاد السوفيتي في حرب أنجولا، وفقاً لدوافع عديدة منها:

(1) الدافع العقائدي/الأيديولوجي

بدأت الصلات العقائدية/ الأيديولوجية، بين الاتحاد السوفيتي، و"الجبهة الشعبية لتحرير أنجولا" "مبلا"، منذ أوائل الستينيات، على أساس أنها حركة سياسية تقدمية للشعب الأنجولي، أسستها دوائر العمال في "لواندا"، منذ عام 1956، وأنها أُنشئت بمبادرة من الحزب الشيوعي الأنجولي. وعزز من ذلك زيارة زعيمها "أوجستينو نيتو"، موسكو في منتصف الستينيات، وانضمامه إلى عضوية منظمة الجبهة السوفيتية، ومجلس السلام العالمي. ثم تكررت زياراته بعد ذلك، التي شجّعت الاتحاد السوفيتي، ودول المعسكر الشرقي، على إرسال مساعدات عسكرية منتظمة للحركة، إضافة إلى التدريب العسكري لقواتها. وعزز من ذلك، أيضاً، استحسان موسكو للتنظيم السياسي للحركة الشعبية "مبلا"، من الناحية العقائدية.

(2) الدافع المصلحي

مثلت المصالح القومية للاتحاد السوفيتي، نتيجة لبسط نفوذه على الٍحكومة الشعبية، بعد استقرار الأحوال في أنجولا، أحد الدوافع للدعم السوفيتي للحركة الشعبية "مبلا". فالوجود السوفيتي، كان يعنى حصولهم، على منفذ إستراتيجي مهم على المحيط الأطلسي، وعلى طول الطريق الذي تسلكه ناقلات البترول المتجهة من الشرق الأوسط ـ قبالة الساحل الأنجولي ـ إلى أوروبا، خصوصاً خلال فترة إغلاق قناة السويس، أمام الملاحة العالمية.

ب. موقف الصين

أدى انهيار الحكومة البرتغالية، في إبريل 1974، إلى إعلان مرحلة جديدة في الصراع الصيني ـ السوفيتي، على خريطة الصراعات الأفريقية. وقد تميزت تلك المرحلة، بحصول الصين على نتائج أفضل، ومكاسب أكبر، خاصة في موزمبيق، فضلاً عن تدعيم علاقاتها مع تنزانيا، وزامبيا. وإذا أضيف إلى ذلك العلاقات الصينية القوية مع اثنين، من حركات التحرير الأنجولية، هما "الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا" "فنلا" و"الاتحاد الوطني لتحرير كل أنجولا" "يونيتا"، وكذلك مع حكومة كينشاسا، اتضح أن رصيد الصينيين، كان كبيراً، في الميدان الأنجولي، مع نهاية عام 1974، مع إمكانية تعاظم دورها، بدرجة أكبر. ولم يحل دون ذلك إلاّ اتخاذ السوفيت قرارهم الحاسم، بالتدخل إلى جانب الحركة الشعبية "مبلا"، في عام 1975، وهو الأمر الذي ترتب عليه اتخاذ الصينيين قرارهم، بسحب خبرائهم من معسكرات الجبهة الوطنية "فنلا"، الموجودة في الكنغو "كينشاسا"، في يوليه 1975. وقد برروا ذلك القرار، بأنه استجابة لطلب منظمة الوحدة الأفريقية، ورغبتهم في التزام جانب الحياد، بين حركات التحرير الأنجولية الثلاث. وهكذا أكد الصينيون أنهم ليسوا على استعداد للدخول في سباق، مع المساعدات السوفيتية الكثيفة. وربما كان هذا الانسحاب هو إجراء تكتيكي محسوب، من جانب الصينيين، الذين ارتأوا أن للغرب مصالح سوف يتحرك لحمايتها، ومن ثم فقد كان انسحاب الصين نوعاً من الضغط على الغرب للتدخل.

كان الصّراع الصيني ـ السوفيتي، أكثر أهمية لكل منهما، عن صراعه مع الغرب. واتضح ذلك إثر تدخل قوات جنوب إفريقيا في أنجولا، في أكتوبر 1975، وما استتبعه ذلك من تعاظم التدخل السوفيتي، إلى جانب الحركة الشعبية "مبلا". فقد وجد الصينيون أنفسهم، في تحالف واقعي، مع الولايات المتحدة، في مواجهة التحالف السوفيتي على الساحة الأنجولية.

ج. موقف الولايات المتحدة الأمريكية

تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، بقوة، في مجريات الأحداث الدموية، في أنجولا، وإن كان قد حد من تدخلها استنكار الرأي العام له، ورفض الكونجرس استمراره، أو إضفاء أية صبغة رسمية عليه. وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، صرفت مبالغ سرية إلى "هولدن روبرتو"، زعيم الجبهة الوطنية "فنلا"، في يناير 1975، قدرت بثلاثمائة ألف دولار، من أجل تمويل القتال ضد قوات "مبلا". كما وافقت واشنطن، في يوليه 1975، على دفع مائتي ألف دولار شهرياً، لكل من "هولدن روبرتو"، و"جوناس سافيمبي"، زعيمي حركتي "فنلا" و"يونيتا". كما أن المخابرات الأمريكية، شاركت في توصيل أموالاً، وأسلحة، تقدر قيمتها بخمسة وعشرين مليون دولار، لتعضيد عمليات "يونيتا"، و"فنلا"، في مواجهة "مبلا"، عن طريق كل من زامبيا، والكونغو "كينشاسا".

وهكذا، فعلى الرغم من معارضة الرأي العام، والكونجرس الأمريكي، لأي تورط أمريكي، في أحداث أنجولا، إلاّ أن واشنطن شرعت، دون إجراء مناقشة علنيه، أو الحصول على تصديق الكونجرس، في تنفيذ برنامج للمعونة العسكرية، لجبهتي "فنلا" و"يونيتا"، الأنجوليتين، بما يعنيه ذلك من وجود تورط أمريكي مباشر، في تلك المنطقة.

وإذا كان الكونجرس الأمريكي بمجلسيه، النواب والشيوخ، قد رفض استئناف المعونات الأمريكية، للحركتين الأنجوليتين، المواليتين للغرب، فإن هذا الموقف، وإن كان قد منع السلطة التنفيذية، من التورط بشكل واسع النطاق، في أنجولا، إلا أن ذلك لم يمنع السلطة التنفيذية الأمريكية، من خوض معركة دبلوماسية، ودعائية، لإقناع الرأي العام، والكونجرس الأمريكي، بضرورة الاستمرار، في التدخل الفعّال في أنجولا. فمن ذلك ما أعلنه الرئيس الأمريكي آنذاك "جيرالد فورد" عن اعتقاده بأن الأمريكيين سوف يندمون طويلاً، على الخطأ الكبير الذي ارتكبه الكونجرس، بحظر المساعدات الأمريكية، عن القوات المناهضة للحركة الشعبية في أنجولا. أما وزير خارجيته "هنري كسينجر"، فقد أعلن في مؤتمر لحلف شمال الأطلسي في ديسمبر 1975: "إن النشاط السوفيتي في أنجولا، التي تقع بكل وضوح، خارج مدى مصالح موسكو، هو تهديد خطير للوفاق".

د. موقف البرتغال

كانت أنجولا أغنى المستعمرات البرتغالية في إفريقيا، ونظراً لنقص الموارد المالية والاستثمارية، وضعف الوسائل التكنولوجية البرتغالية ـ إبان فترة احتلالها لأنجولا ـ فقد أدى ذلك إلى دخول رأس المال الأجنبي، والاحتكارات الاستعمارية، وتمتعها بدور حيوي وامتيازات كبيرة، في استخراج ثروات أنجولا، من البترول، والماس، وغيرها.

ومن ثم، ارتبطت مصالح تلك الاحتكارات بوجود الاستعمار البرتغالي في أنجولا، ولذلك تأخر خروج الاستعمار البرتغالي عن البلاد، وظل فيها مدة خمسة قرون، حتى منتصف السبعينيات من القرن العشرين. وعلى مدى هذه القرون، كان الاستعمار البرتغالي نموذجاً رديئاً، وعنيفاً، للنظم الاستعمارية، التي نهبت ثروات الدول الأفريقية.