إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب في أنجولا






مناطق تمركز الجبهات المتصارعة



المبحث الخامس

المبحث الخامس

تطورات الأحداث في الفترة من (2001 – 2009)

على الرغ من تعثر المصالحة الوطنية بعد اقتتال داخلي دام 27 عاماً، إلا أنه بعد قتل "جوناس سافيمبي"، قائد حركة يونيتا، عام 2002، على يد القوات الحكومية، أمكن التوصل لاتفاق هدنة، سرعان ما انتهى بعقد مصالحة وطنية لإقرار السلام في البلاد، ما عُد خطوة دافعة نحو الاستقرار، أمكن معه إجراء الانتخابات ودخول قادة الحركة المتمردة في التشكيل الحكومي، وصدور عفو عام عن كل المتورطين في أعمال الاقتتال الأهلي. وبذلك أعلنت حركة يونيتا تحولها إلى حزب سياسي وإلغاء جناحها العسكري، واعتذارها علناً عما بدر منها خلال فترة الحرب الأهلية. وقد دفع ذلك الدولة لاتخاذ إجراءات لتحسين العلاقات مع دول الجوار، وحَفَزَ الأمم المتحدة لأداء فعّال في إنهاء الآثار المترتبة على الحرب بقيامها، من طريق وكالاتها المتخصصة، بإجراءات لإنعاش الاقتصاد الأنجولي، ودعوة الدول المانحة الاهتمام بأنجولا، مع انتهاج إستراتيجية لمحاربة الفقر في البلاد، تغطي الفترة من عام 2004 إلى عام 2008.

أولاً: الأوضاع الداخلية

على الرغم من تعدد المحاولات الكونجولية ـ الكونجولية لتحقيق المصالحة بين القوى المتصارعة، إلا أن تلك المحاولات ظلت متعثرة؛ ولكن أصبح في الإمكان وضع نهاية للحرب الأهلية، التي استمرت لسبعة وعشرين عاماً، بعد إعلان مقتل "جوناس سافيمبي"، قائد حركة يونيتا المتمردة، في 22 فبراير 2002، في مقاطعة موكسيكو في الجنوب الشرقي للبلاد، بعد قتال عنيف ضد القوات الحكومية الأنجولية، أثناء هجومها على مناطق تمركز للحركة.

1. مقتل رئيس حركة يونيتا (22 فبراير 2002)

عقب مقتل "سافيمبي"، بادرت الحكومة الأنجولية للعمل على إنهاء الاقتتال، وإعلان هدنة من أجل تحقيق السلام، بعد حرب طويلة استمرت قرابة 27 عاماً.

وذكر الرئيس الأنجولي "دوس سانتوس"، أن حكومته سوف تلتزم بالهدنة لإيقاف القتال مع حركة يونيتا، خاصة بعد وفاة زعيمها "جوناس سافيمبي".

2. مفاوضات لوينا، أبريل 2002

في إطار التحرك نحو إنهاء الحرب وإقرار السلام، اجتمع وفد من القادة العسكريين الحكوميين، مع وفد قادة حركة يونيتا، في مدينة لوينا بالقرب من العاصمة لواندا. وجرت المفاوضات بين الجانبين، حيث استقر الأمر على توقيع اتفاق لعقد هدنة ووقف إطلاق النار، اعتباراً من 4 أبريل 2002. كما تضمن الاتفاق أيضاً التعهد بإنهاء الخلاف وإعادة الاستقرار والسلام.

وفي إطار هذا الاتفاق، أعلنت الحكومة أن "اتفاق لوينا" يُعد خطوة دافعة لإقامة سلام دائم في أنجولا، كما صرح رئيس وفد حركة يونيتا أنها ستتخذ جميع الخطوات اللازمة لإتمام هذا الاتفاق.

يُعد "اتفاق لوينا" المُوقع بين القيادات العسكرية للطرفين، مرحلة مهمة، مع أنها المرحلة الأولى من مراحل المصالحة، ولا بد أن تستتبعه مراحل أخرى من المباحثات والمفاوضات بين القيادات السياسية لإنهاء الدمار، ووقف الحرب الأهلية.

3. قانون العفو العام، أبريل 2002

بعد اغتيال "سافيمبي"، رئيس حركة يونيتا، اتجهت الحكومة للتعاون مع الجنرال "جيرالدو فوندا"، رئيس الأركان السابق للحركة، والذي انشق عن "سافيمبي" واتجه للتعاون مع الحكومة. ووُضعت خطوات جادة لوقف القتال، والبدء في عملية تسوية سلمية تؤدي إلى إقامة انتخابات ديموقراطية في البلاد.

ولإظهار الحكومة حسن نواياها، أمرت قواتها المسلحة بوقف الهجمات ضد متمردي حركة يونيتا وقواعدها في جنوبي شرق البلاد، وأعلنت أنها بصدد إصدار عفو عام عن كل الجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب الأهلية. ومن جانبه، أكد الجنرال "باولو لوكامبا جاتو"، الذي ترأس اللجنة الإدارية لقيادة يونيتا، والتي تشكلت بعد اغتيال "سافيمبي"، ترحيب الحركة بالتفاوض مع الحكومة، من أجل إنهاء الحرب الأهلية.

أصدر البرلمان الأنجولي، في 2 أبريل 2002، بالإجماع، قانوناً بالعفو العام عن جميع المقاتلين والمتمردين وأنصارهم العسكريين والمدنيين الأنجوليين والأجانب، عمّا ارتكبوه من جرائم ضد الدولة، مع إسقاط جميع الاتهامات والملاحقات القضائية الصادرة من قبل، والإفراج عن جميع الأسرى والمسجونين، والعفو عن جميع الفارين من الخدمة العسكرية، أو الوظائف الحكومية.

4. افتتاح الدورة التشريعية العاشرة للجمعية الوطنية، أكتوبر 2002

في أكتوبر 2002، افتتحت الجمعية الوطنية الأنجولية دورتها التشريعية، والتي انتخبت "جيرونيمو" نائباً رئيساً للمجموعة البرلمانية ليونيتا. وأكدت الحكومة، في 5 نوفمبر 2002، استيفاء الشروط القانونية لجميع الأحزاب السياسية، بما فيها حزب يونيتا، ومن ثَم أصبحت ثمة ضرورة لإعادة النظر في دستور البلاد. واتفق على أن تستمر رئاسة الرئيس "سانتوس" للدولة، وأن ينشأ مجلس وطني جديد، إضافة إلى الجمعية التشريعية كهيئة استشارية. كما عيِّن وزير الداخلية "فرنادو دي بيدار" رئيساً للوزراء لحكومة الوحدة والمصالحة الوطنية. وتم الاتفاق بين الحكومة ويونيتا على إعادة تعيين جميع أعضاء مجلس الوزراء السابقين التابعين ليونيتا، كممثلين ليونيتا الموحدة.

اتفقت الحكومة ويونيتا على إجراء الانتخابات، خلال عام 2004، لإيجاد المهلة الزمنية المناسبة لتعديل الدستور، وصياغة القانون الانتخابي، وإنشاء اللجان الانتخابية وتسجيل الناخبين.

5. برنامج إعادة التوطين، ديسمبر 2002

اتخذت الحكومة وحركة يونيتا عدداً من الخطوات عقب التسوية السلمية، التي تم الاتفاق عليها في مفاوضات لوينا، في أبريل 2002، ومن أهمها: برنامج إعادة التوطين للعسكريين والسكان المشردين، نتيجة أعمال العنف في فترة الحرب الأهلية.

وقد جمعت الحكومة ما يزيد عن 80 ألف جندي من حركة يونيتا السابقين، في 41 معسكراً. وقد استوعب نحو خمسة آلاف من هؤلاء الجنود في القوات المسلحة والشرطة. كما جُمع قرابة 30 ألف قطعة سلاح من جنود الحركة المسرحين، إضافة إلى إعادة قُرابة سبعمائة من المقاتلين الأجانب وأسرهم إلى أوطانهم، في رواندا والكونغو الديموقراطية.

أما المواطنون المشردون، فقد وضع برنامج ينظم قواعد إعادة توطينهم، ولتوفير الأمن والحماية لهم وتجميع الأسر التي شتتها الحروب. ومن الثابت أن الحرب الأهلية في أنجولا هي من أكثر الحروب الأهلية ضراوة في القارة، وفي سياق هذه الحرب فر مئات من اللاجئين الأنجوليين إلى الدول المجاورة، حيث يُقدر عددهم بأكثر من 333 ألف لاجئ، يعيش أغلبهم في زامبيا، أي حوالي 163 ألف لاجئ؛ بينما تستضيف الكونغو الديموقراطية حوالي 150 ألف لاجئ، ويوجد في الكونغو حوالي 20 ألف لاجئ أنجولي، فضلاً عن حالات التشرد الداخلي في أقاليم الدولة. (اُنظر جدول أعداد اللاجئين الأنجوليين في الدول الإفريقية)

6. المصالحة الوطنية واعتذار يونيتا عن أعمالها السابقة، يناير 2003

أعلنت حركة يونيتا رسمياً توحيد جناحها (لجنة تجديد يونيتا بقيادة "أوجينيو أنجولو، وجناح سافيمبي) في كيان واحد. كما حُلَّ الجناح العسكري للحركة، في أغسطس 2002، وتحولت إلى حزب سياسي.

تعهدت يونيتا، بعد تحولها إلى حزب سياسي، بمواصلة دورها للعمل من أجل إحلال السلام، واتخذت قيادتها خطوات مهمة نحو المصالحة الوطنية.

وفي يناير 2003، اعتذرت علناً عن الأعمال الوحشية التي قامت بها خلال فترة الحرب الأهلية.

ثانياً: التدخلات الإقليمية وتحسين العلاقات مع دول الجوار

نتيجة لما تم من إجراءات الاتفاق مع يونيتا لوقف القتال وإشراكها كحزب في الحياة السياسية، وتعيين أعضائها القياديين السابقين في مجلس الوزراء كممثلين ليونيتا. وما تبع ذلك من إجراءات داخلية، سعت الحكومة إلى تحسين علاقاتها مع دول الجوار.

1. جمهورية الكونغو الديموقراطية

سعت الحكومة الأنجولية لتحسين علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي؛ ولذا عملت على التوصل لاتفاق وُقع في لواندا، في أغسطس 2002، من أجل انسحاب قواتها من جمهورية الكونغو الديموقراطية. وأعلنت في أكتوبر من العام نفسه، أنها سحبت القوات العسكرية التي أرسلتها، عام 1998، لدعم الحكومة الكونغولية.

2. جمهورية الكونغو

أعلنت أنجولا، في ديسمبر 2002، أنها أعادت إلى البلاد الجنود الذين أُرسلوا إلى جمهورية الكونغو، عام 1997، لمساندة الرئيس "دينس ساسو نجويو" ضد الرئيس "باسكال ليسوبا"، الذي كانت الحكومة الأنجولية تتهمه بدعم حركة يونيتا.

ثالثاً: التدخلات والجهود الدولية

1. دور البرتغال

ظلت البرتغال تحاول لعب دور لتسوية الصراع في أنجولا، على الرغم من الماضي الاستعماري لها في البلاد. وقد دأبت على رعاية بعض المؤتمرات الراعية لإقرار تسوية سلمية للحرب. ومع أنها فشلت في كثير من جهودها، إلا أنها نجحت، في عام 1991، في توقيع اتفاق سلام بين الرئيس الأنجولي "سانتوس"، وزعيم حركة يونيتا "سافيمبي". وقد تضمن أهم بنود الاتفاق وقف إطلاق النار، اعتباراً من 30 مارس 1991، وموافقة الحكومة وحركة يونيتا على تكوين جيش وطني موحد، مع إشراف الصليب الأحمر على تبادل الأسرى؛ إلا أن هذا الاتفاق نُقِضَ بعد أقل من سنتين، واندلعت موجة جديدة من الاشتباكات.

لم تتوقف جهود البرتغال لإنهاء حالة الحرب الداخلية؛ فعقب مقتل زعيم حركة يونيتا "جوناس سافيمبي"، 2002، وفي أعقاب لقاء وزير الخارجية البرتغالي مع الرئيس الأنجولي في لشبونة، صرح وزير الخارجية بأن لواندا اتخذت خطوات سريعة وجادة باتجاه تعزيز الهدنة، والبدء في العملية السياسية؛ ولكن المتحدث الرسمي باسم حركة يونيتا في لشبونة، رفض التعليق على ما ذكره الوزير البرتغالي، وأشار إلى أن حركته تنتظر ما سيفعله "دوس سانتوس".

2. دور الأمم المتحدة

في مارس 2002، لعبت الأمم المتحدة دوراً مهماً من أجل المصالحة الوطنية، وأصدر مجلس الأمن بياناً يدعو فيه أطراف الصراع إلى انتهاز الفرص والتحول نحو الديموقراطية.

في 18 أبريل 2002، أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1404(أُنظر قرار مجلس الأمن الرقم 1404)، الذي رحب فيه باتفاق لوينا، والتزامه بالمحافظة على سيادة أنجولا وسلامتها الإقليمية.

في 15 أغسطس 2002، أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1433 (أُنظر قرار مجلس الأمن الرقم 1433) الخاص بإنشاء بعثة الأمم المتحدة في أنجولا، على أن تستمر لمدة ستة شهور، وتعيين ممثل شخصي للأمين العام ليتولى رئاسة البعثة، وتكون مهمة البعثة الآتي:

·   مساعدة الحكومة الأنجولية في بناء المؤسسات وتعزيز سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان.

·   تقديم المشورة الفنية لعملية إزالة الألغام.

·   تنسيق المساعدات الإنسانية وتوصيلها للنازحين والمشردين داخلياً.

·   دعم الاندماج الاجتماعي والمهني للجنود المسرحين.

·   الإنعاش الاقتصادي من طريق وكالات الأمم المتحدة المتخصصة.

·   مساعدة الحكومة في التحضير للانتخابات.

في 23 أغسطس 2002 عُقد مؤتمر المانحين، كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة على الاهتمام بأنجولا، وذلك في مؤتمر المانحين الدوليين، عام 2003.

وضعت الأمم المتحدة وحكومة أنجولا إستراتيجية لمحاربة الفقر، تغطي الفترة من عام 2004 إلى عام 2008.