إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / موسوعة الحرب الفيتنامية






مناطق الاستشاريين الأمريكيين
مناطق استطلاع 1965
مناطق اعتراض أمريكية
مناطق اعتراض رئيسية
مواقع 1972
مواقع عملية ليا
ممرات التسلل في جنوب فيتنام
منطقة إكس ري
منطقة تاللي هو
وحدات الفيلق الجنوبي الثاني
هجوم الفرقة التاسعة
هجوم بين هوا
مطار تخبون
أكس ري 1967
نظام MSO- Skyspot
معارك 1950-1952
معارك 1950-1954
معارك 1965
معارك 1967
معارك 1969
معارك بحرية 1964
معارك دين بين فو
معارك فيتنامية يابانية
معركة أونج ثانه
معركة هندرا بورا
معركة سوي تري
معركة فوك لونج
مقترح الانسحاب الأول
مقترح الانسحاب الثاني
أقسام لاوس
الوحدات الجنوبية 1975
الهجوم الصيفي
الهجوم في وادي كيم سون
الأيام الأخيرة للحرب
المرحلة الأولى من مدينة الملتقى
المرحلة الثانية من مدينة الملتقى
الأسطول السابع، في بحر الصين
المقاومة 1957-1959
التحركات عند نهر راخ با راي
السيطرة الجوية الأمريكية
الكتيبة 716
الفيلق الثالث الجنوبي
الفيلقين الأول والثاني 1969
الفيلقين الثالث والرابع 1969
الفرق الشمالية 1975
الفرقة 25 مشاة1967
الفرقة الأولى مشاة 1967
الفرقة الأولى فرسان 1966
الفرقة التاسعة 1967
تمركز في 1965
تحركات الكتيبة الثانية
برنامج حارس البوابة
برنامج كريكت
تسلل الفيتكونج
جنوب لاوس 1965
جنوب لاوس مارس 1967
دلتا نهر الميكونج
جيرونيمو
سواحل فيتنام الجنوبية
طبوغرافية فيتنام
شبكة هوشي منه 1967
شبكة طرق هوشي منه، إلى جنوب لاوس
شبكة طرق هوشي منه، في 1964
طرق عملية هزيم الرعد
سقوط المنطقة العسكرية الثانية
سقوط بان مي ثوت
سقوط سايجون
سقوط كسوان لوك
عمليات 1966
عمليات النحاسة اللامعة
عمليات التقاطع الساحلي
عمليات الفرقة الأولى فرسان أبريل -أكتوبر
عمليات الفرقة الأولى فرسان يناير -أبريل
عمليات القوات الكورية
عمليات كريكت في لاوس
عملية لام سون 719
عملية أتليبورو1
عملية أتليبورو2
عملية والوا
عملية هيكوري
عملية هزيم الرعد
عملية اللورين
عملية العربة
عملية بول ريفير
عملية باريل رول
عملية بيرد
عملية جاكستاي
عملية جريلي
عملية Leaping Lena
عملية شلالات الأرز
عملية سام هوستون
عملية كان جيوك
عملية فرانسيس ماريون
عمليتا نهر هود وبنتون
عمليتا النمر الفولاذي وباريل رول
قواعد ثاي وفيتنام الجنوبية
قوة الواجب أوريجون
قيادات شمالية 1966



دروس

وقد مر بناء الجيش في الجمهورية الديموقراطية بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى (1954 – 1959)

تضمنت تحويل الجيش من جيش شعبي بدائي إلى جيش شعبي عصري، تنظيماً وتسليحاً وتجهيزاً.

المرحلة الثانية (1960 – 1965)

تمثلت في إدخال التحديثات والتوسع في بنية الجيش. كما شارك الجيش، في هذه المرحلة، بفاعلية، في إنجاز الخطة الخمسية الاشتراكية، في مواقع التعمير والمصانع، وإصلاح الأراضي، وإنشاء مزارع الجيش.

المرحلة الثالثة (1966 – 1975)

شهدت تكثيف العمل، في مجال توفير السلاح والعتاد والتجهيزات؛ لمنح القوات القدرة على مواجهة الحرب التدميرية: الجوية والبحرية، من ناحية؛ وشن حملات عسكرية نظامية حديثة، من ناحية أخرى. و تطلبت هذه المسؤوليات إعادة تنظيم وتوزيع فِرق الجيش وأسلحته المختلفة، وخاصة الجوية، والدفاع الجوي (المركزي والإقليمي). كما استدعت إتاحة المجال لحرب الشعب، مع الحفاظ على قيادة الحزب الحازمة للمعركة. وأوْلَت المرحلة الثالثة الحصول على الأسلحة والمعدات المتطورة من المعسكر الاشتراكي، واستيعابها من جانب الجيش الفيتنامي، أهمية خاصة.

وقد حرص الحزب الشيوعي على أن يكون هو القائد، والموجه، والمشرف على القوات المسلحة، من خلال منظماته الحزبية المبثوثة في صفوف الوحدات العسكرية، بدءاً بصغراها، وانتهاء إلى القيادة العامة للجيش. وعُد المفوض السياسي شريكاً في قيادة الوحدة، إلى جانب قائدها العسكري. وطُبِّقت القيادة المزدوجة في مستويات: السرية، فالكتيبة، إلى اللواء، أو الفِرقة، أو الفيلق.

المسألة العسكرية، التي يثيرها المحللون الأمريكيون كثيراً، هي تخلي الفيتناميين عن تكتيكات الحرب الشعبية، في حملة الجنوب، ولجوؤهم إلى تكتيكات الحرب النظامية؛ واستفادتهم من أخطائهم السابقة، وأخطاء قيادة سايجون، ومن غياب الغطاء الأمريكي الجوي للقوات الجنوبية. وهو ما اعترف به قادة الحملة الفيتنامية العسكرية أنفسهم.

فقد استفادوا من أخطاء هجوم الربيع الإستراتيجي، وخاصة تخلُّف قواتهم، تسليحاً وتجهيزاً؛ وعدم توفير القوات اللازمة للحفاظ على المدن المحررة. فتوافرت لحملة هوشي منه أعداد هائلة، من القوات: المقاتلة والمساندة، استخدمت أسلحة وتجهيزات ملائمة: ثقيلة وحديثة. واعترف قائد الحملة بعيوب، تخللت المراحل القتالية المختلفة؛ منها: التباطؤ في سير العمليات القتالية، واعتياد الطرق القتالية القديمة، وقِلة الخبرة بقتال الشوارع والمدن، وضعف التنسيق بين مختلف الأسلحة، خلال الأعمال القتالية الواسعة. ولكن قادة الوحدات نجحوا في تداركها، تدريجاً. وهكذا، حينما حلت المرحلة الأخيرة من الهجوم على سايجون، اختفت سقطات المراحل السابقة.

إضافة إلى ما سبق، فقد تهيأ للحملة قيادة ممتازة: عسكرية وسياسية. ضمت القيادة العسكرية جماعة من كبار الضباط، الذين نشأوا، وترعرعوا، وواكبوا تطور القوات الثورية منذ البداية. وهم قادة ذوو خبرة، خاضوا معارك قتالية، على امتداد أكثر من ربع قرن. كما ضمت الجماعة القيادية ضباطاً متوافقين، على المستوى الشخصي؛ كانوا رفاقاً أَحِمَّاء، عملوا معاً، وجمعتهم معارك ووحدات عسكرية شتى. أمّا القيادة السياسية، فقد ضمت اثنَين من أبرز أعضاء المكتب السياسي؛ إضافة إلى الاتصال الدائم، والمفتوح، بين قيادة الحملة والقيادة الحزبية (الأمين العام) والقيادة العسكرية (وزير الدفاع، فونجين جياب) والقيادة التنفيذية (رئيس الحكومة، فام دونج) المركزية، في هانوي.

 كانت تلك الحملة تتويجاً لسلسلة من المراحل النضالية، التي ابتدأت بحرب العصابات في الجنوب، عام 1960. ولم تكن الحملة الجنوبية، قوات وأسلحة وتجهيزات، سوى رأس حربة لجبهة عظيمة: بشرية ومادية، تبدأ من هانوي، وتتفرع في اتجاهات رئيسية نحو الجنوب؛ وشارك فيها ملايين العمال والشباب والطلبة، وملايين الدراجات وحيوانات النقل، وآلاف السيارات والآليات.

و. أمّا السلاح، فقد بدأ الفيتناميون يصنعونه صناعة بدائية، تمثلت في الأقواس والسهام والفخاخ. ثم انتقلوا، في الحرب الفرنسية، إلى الألغام والهاونات والبنادق العادية. وأصبح لديهم في الحرب الأمريكية، صناعة حربية متطورة. وفي نطاق سياسة الاعتماد على النفس، كان لا بدّ من الاقتصاد في الذخيرة، من جانب؛ والتنسيق بين أنواع مختلفة من الأسلحة، خلال المعارك، من جانب آخر. ورفعت شعارات لهذا الغرض، منها: كلّ عدوّ برصاصة، دبر أسلحتك بنفسك، أنتج لتأمين حاجتك، ما زاد من التأييد الشعبي، في الجنوب عامة، وفي الشمال خاصة، حيث أصبح شعبه هو القاعدة العسكرية الرئيسية، وأصبح الاقتصاد والأرض هو القاعدة المادية.

ز. النجاح في تأمين الإمداد والتموين

كانت أهمية المسائل اللوجستية، الإمداد والتموين، والنقل والمواصلات، في الحرب، تنطلق من حقيقة أن الثورة أضعف كثيراً من الأمريكيين والجنوبيين، في المجال التقني والفني؛ فكان على القيادة الثورية التعويض عن ذلك، بالاعتماد الأكبر على العامل البشري، والاستغلال الأقصى للإمكانيات المحلية. وهنا، برزت أهمية العلاقة الوطيدة مع سكان المناطق، الممتدة من عمق الشمال حتى ميدان أيّ معركة عسكرية، فأوْلت القيادة الفيتنامية، وخصوصاً هوشي منه، اهتماماً خاصاً العلاقات بهم، على اختلاف فئاتهم وانتماءاتهم وعقائدهم؛ لأنهم يمثلون (الشريان) المصيري. ومن ثَم، التوصيات التسع:

- لا تأخذ إبرة أو خيطاً من الشعب.

- اِدفع نقداً عندما تشتري منه.

- اِستأذِن قبل الاقتراض.

- حافظ على البيت الذي يؤويك.

- اِحترِم عقيدة سكانه وعاداتهم.

- كُنْ عفيفاً مع نسائه.

- لا تستخدم نفوذك للتهديد.

- اِحمِ ممتلكاتهم وأرواحهم.

- حافظ على السرية في تحركاتك.

وقد أدت وحدات الإمداد والتموين، والجماعات الفنية، خلال الحرب الفيتنامية، دوراً مهماً، على المستويَين: المركزي والمحلي؛ وكان امتداد المناطق المحررة واتساع جبهات القتال، في عامَي 1953 و1954، اختباراً رئيسياً لها. وخلال معارك دين بين فو، أدى جيش الحمالين والحفارين الشعبي دوراً فائق الأهمية في تحقيق النصر؛ إذ كان نقله المدفعية الثقيلة من أشد المفاجآت للعدوّ. وفي الحروب التالية، أدت شبكة طرق هوشي منه دوراً مماثلاً، على مستوى الهند الصينية. وقد برزت، خلال هذه الحرب، إبداعات الإدارة المكلفة شؤون الإمداد والتموين والتجهيز (لثوار الجنوب)، والتابعة لقيادة الأركان العامة في هانوي، والتي استطاعت أن تجند حتى الأسلحة والمعدات الأمريكية، المستولى عليها، إلى جانب الأسلحة الشرقية، في أكثر المناطق صعوبة وبعداً عن المركز، مثل:

- كان تفكيك المدفعية الثقيلة ونقلها واستخدامها بجدارة، من عجائب معارك دين بين فو؛ نظراً إلى أن المدفعية هي أقدم الأسلحة في الجيش الفيتنامي. وتكررت المأثرة عينها في هجوم الربيع الإستراتيجي، عام 1968؛ وفي عملية الطريق 9، في جنوب لاوس، عام 1971؛ وفي هجوم عام1972 الإستراتيجي، في الجبهة الشمالية؛ وقبل ذلك، في تدمير خط مكنمارا جنوب الخط 17. وفي حملة هوشي منه، أرسلت المدفعية الثقيلة (من عيارَي 155 و105 الغربيَّين، وعيارات 130 و122 و85 الشرقية) إلى القطاعات العسكرية كافة.

- كان نقل الدبابات، سراً، آلاف الكيلومترات إلى عمق المناطق المحتلة، مفاجأة كبرى، في معركة آن لوك، وعلى الطريق الرقم 13، وفي ضواحي سايجون. وتطلبت العملية ذكاء وشجاعة وموهبة تنظيمية وإدارية غير عادية. وتكررت في هجمات إستراتيجية أخرى، وبلغت ذروتها في حملة هوشي منه؛ حيث شاركت دبابات تي 53 الشرقية، و م 48، و م 41 الغربية، والبرمائيات م 113، في مراحل الحملة الحاسمة، وفي اقتحام العاصمة سايجون، والقصر الجمهوري ذاته.

- إضافة إلى توفير عشرة آلاف سيارة نقل، في الإعداد للحملة، وعشرات الآلاف من الدراجات والجواميس، في مناطق الشمال وتلك الحدودية، ثم المناطق الجنوبية.

ح. المكامن والإغارات

كانت المكامن أسلوباً من الأساليب الرئيسية للقتال، الذي شنته القوات الثورية الفيتنامية. وعلى الرغم من تخلف أسلحتها ومعداتها، في مواجهة القوات المعادية، فإنها استندت إلى ممارسات وإبداعات كثيرة في هذا التكتيك.

فشهدت المكامن تطويراً مستمراً، ناجماً عن تطور أسلحة الوحدات الثورية ومعداتها، ومواكباً لتكتيكات العدوّ العسكرية. وشمل الأساليب القتالية وأوقات التحرك وأماكنها.

ويمكن تلخيص الأهداف العامة للمكمن بضرب قوات العدوّ وعرقلة تحركاتها، وإرباكها نفسياً؛ وذلك أثناء:

- تمشيطها المناطق المحررة، والمسيطر عليها.

- محاولة وحداتها المتحركة حماية القواعد والأهداف المهمة.

- مبادرة وحدات إضافية إلى إنقاذ أحد المراكز أو الأهداف، التي يهاجمها الثوار.

- تحرك قوافل الإمداد والتموين، على الطرق: البرية أو الحديدية أو النهرية.

وقد برزت ثلاثة أنواع من الكمائن خلال القتال:

- المكمن المباشر، وهو يلائم الطرق الجبلية، والصعبة.

- المكمن عن بعد، في الطرق السهلية المكشوفة، والمحروقة.

- المكمن العشوائي، يستهدف اصطياد هدف غير محدد، على الطريق.

- المكمن المزدوج، يعني الجمع بين النوعَين السابقََين؛ بواسطة الخنادق والممرات السرية؛ مع ضرورة:

أ.  السرية والمفاجأة.

ب. الالتحام المباشر مع جنود العدوّ، لإبطال مفعول التدخل: الجوي والمدفعي والآلياتي.

ج. الروح المعنوية العالية، التي ظلت عامل التفوق، في كلّ مراحل المكمن.

د. الإعداد الجيد لجماعات المكمن الثلاث: الهجومية والمساندة والحامية.  

أمّا الإغارات، فهي جانب تكتيكي هجومي صرف، وأسلوب من الأساليب القتالية، التي يُعْهَد بها إلى القوات النظامية والوحدات الإقليمية وجماعات العصابات، على حدّ سواء؛ جزءاً من خطة قتالية عسكرية، هدفها القضاء على قوات العدوّ البشرية، والحدّ من فاعلية أسلحته ومعداته. وهذا التكتيك يستهدف:

أ. أرتال العدوّ العسكرية المتحركة، خلال توقفها على الطريق.

ب. القوات العسكرية المكلفة الدفاع عن منشأة أو مركز أو معسكر.

ج. الأهداف الثابتة، من مراكز قيادة، إلى تجهيزات ومعدات، إلى مخازن ومستودعات.

د. تداوُل التمشيط

التمشيط من أكثر التكتيكات، التي استخدمت على الساحة الفيتنامية. وقد لجأت إليه القوات الفرنسية، مبكراً، قبل أغسطس 1945، ثم في حملتها على المناطق الجنوبية، والتي انطلقت من سايجون، في أواخر عام 1945. وخلال حرب المقاومة، جندت القيادة الفرنسية قوات كبيرة للتمشيط، في مناطق الدلتا الشمالية والمناطق الحدودية. وطور الأمريكيون هذا التكتيك، فأدخلوا عليه إمكانيات تقنية عالية؛ واستمرت قيادة سايجون في ممارسته بعد رحيلهم.

واستهدف التمشيط

- القضاء على الثوار والمقاتلين النظاميين، بالقتل أو الأسر أو الفرار.

- تدمير القواعد: الشعبية والسياسية، التحتية للثورة.

- ضرب الإمكانيات: الاقتصادية والمادية؛ وتحديداً تلك الزراعية والحيوانية.

- نشر الفساد والإرهاب والفوضى.

أمّا التمشيط المضاد، فالمقصود به الحركة الاستباقية، ولم تتردد القوات الثورية في تمشيط المناطق المستهدفة، بعد أن تقف على نيات العدوّ وقواته واتجاه حركته العسكرية؛ فتلجأ، حسب إمكانياتها المتاحة، إلى تنفيذ الخطوات التالية:

أولاً: المبادرة إلى هجمات استباقية على وحدات العدوّ المتجمعة.

ثانيا: وضع الخطط الكفيلة بالتصدي لهجماته المقررة، في الوقت الملائم.

ثالثا: الثبات في القتال، وتعبئة جماهير المنطقة لمقاومة القوات الهاجمة.

وبعد استكمال العدوّ عملية التمشيط، أو إجباره على التراجع، تتولى قيادة الثورة في المنطقة، من الفور، دراسة أثرها في السكان، وفي المقاتلين؛ لكي تتمكن من معالجة النقاط السلبية، ثم إزالة آثار التدمير، لكي لا يؤثر في المعنويات. كما تعمد إلى مهرجانات شعبية، مبالغ فيها؛ لتكريم قتلى المعركة، ومواساة أهل الضحايا، وتوجيه كلّ الحقد نحو العدو، وإعادة مستوى الإنتاج في المنطقة إلى ما كان عليه قبل التمشيط.

ط. العمليات الخاصة

لجأت القيادة الفيتنامية إلى تكتيك "العمليات الخاصة"، التي تنوعت أهدافها ووسائلها وأدواتها، من مرحلة إلى أخرى؛ وتحديداً الاغتيالات السياسية، والتفجيرات. أمّا العمليات الخاصة، التي استهدفت السفارة الأمريكية، والأماكن العامة، التي يتردد إليها الضباط الأمريكيون، أثناء وجود السفير تايلور في سايجون ـ فكانت رداً على قصف فيتنام الشمالية؛ فضلاً عن أنها إعلان ناجح بوجود الثوار في قلب العاصمة، أربك الأمريكيين وضربهم نفسياً، بل دفع قيادتهم إلى اتخاذ إجراءات دفاعية مضادة، أسهمت في زعزعة شعور الأمريكيين في سايجون بالطمأنينة والأمن.

ومع أن العمليات الخاصة، كانت تشمل تخريب مواقع العدوّ: العسكرية والاقتصادية، وتدميرها، كالجسور والطرق ومراكز الاتصالات والمواصلات؛ إلاّ أنها كانت تتحاشى، ما استطاعت، تدمير المشروعات الاقتصادية، ذات الفائدة الإستراتيجية، كالسدود الوطنية الكبيرة والمشروعات الكهربائية.

 وخلال العمليات الخاصة، أُطلق العنان للإبداعات الفردية، وخاصة داخل المدن والمؤسسات: الإنتاجية والحكومية؛ فراجت الأشراك والمتفجرات وحقن السموم، وتفخيخ الدراجات والسيارات وأدراج المكاتب، واستغلال الإشارات الضوئية على الطرق.

أمّا العمليات المضادة للعملاء الفيتناميين (الاغتيال، والخطف، والمحاكمة)، فقد كانت تقترن بمحاكمات ثورية، أيْ إشهار تهمهم وإرفاقها بجثثهم كما اعترف الأمريكيون. غير أنها لم تكن عشوائية، ولا انتقامية؛ إذ "بذلت الجبهة جهداً متناسقاً، لضمان عدم وقوع حوادث قتل، لا تفسير لها. وكانت تصدر بيانات، تنفي قتلها لشخص محدد؛ وتتهم قُطَّاع طرق، متخفين في زي قوات الجبهة، بذلك العمل".

ي. العمل في جبهة العدو

أضافت القيادة الفيتنامية العمل في جبهة العدو إلى "التوجهات الرئيسية في حركة الثورة"، إلى جانب العمل: العسكري والسياسي؛ مستهدفة إضعاف صفوفه وتمزيقها، وشل قدرتها القتالية. وكان لها أهداف فرعية أو معينة في منطقة محددة؛ ومنها:

ـ شق صفوف القوات المعادية، لمصلحة القوات الثورية.

ـ السعي إلى انهيارات في صفوف وحدات معينة، أثناء القتال، والتأثير في نتيجة المعركة.

ـ تحييد أعداد وافرة من القوات المعادية، وعودتهم إلى بيوتهم وأراضيهم.

ـ تنفيذ عمليات خاصة، أو تسهيل تنفيذها، ضد قيادات العدوّ ومنشآته العسكرية.

وقد حقق الفيتناميون نتائج إيجابية جداً، في غالب الأحيان، في العمل في صفوف القوات السايجونية المحلية، في الحربَين: الأولى والثانية. كما حققوا بعض الإنجازات في مجال العمل بين القوات الأجنبية (الفرنسية، الأمريكية، الحليفة). ومما يلفت في ذلك:

أولاً: في الحالة الأولى، كانت العملية أسهل وأجدى وأسرع، حيث توافرت عوامل مساعدة عديدة، كاللغة والعادات والتقاليد، وإمكانيات الاتصال، والمشاعر الوطنية والانتماء الطبقي. وكان العمل سهلاً بين الجنود، وخاصة فئات المجندين، الذين ينتمون، في الغالب، إلى الطبقات الشعبية المضطهدة والفقيرة.

ثانياً: كان العمل صعباً بين الضباط؛ ولكنه مهم؛ إذ إن مصالحهم، المتمثلة في امتيازاتهم ومواقعهم، ترتبط بالنظام السايجوني، فيحتاج إقناعهم إلى وقت وجهد طويلَين. وباقتناع أحدهم، تستجلب وحدته العسكرية برمّتها.

ثالثاً: كان الاتصال صعباً، في مراحله الأولى، مع الجنود الأجانب، من فرنسيين وأمريكيين وغيرهم؛ بسبب المشاعر المعادية، والافتقار إلى وسائل الاتصال؛ كما أنه احتاج إلى خواص مميزة، كالإلمام باللغة الأجنبية، والمرونة والقدرة على تبسيط المسائل وإظهار مشاعر الود والصداقة.

رابعاً: كان ذروة العمل الدعائي بين الجنود الأجانب، تتمثل في إقناعهم بأن عيشهم بسلام وطمأنينة، إنما هو في بلادهم، وليس في فيتنام.

خامساً: يضفي المصداقية على النصيحة الآنفة، العمل العسكري الثوري ومكابدة جنود العدوّ خسائر، تفقدهم الثقة بقياداتهم ومهماتهم، فينضمون إلى حركات الاحتجاج والمعارضة للحرب؛ بل يتمردون ويعصون، وقد يتركون الوحدات العسكرية إلى الحياة المدنية.

استعصى على الفيتناميين من القوات الأجنبية تلك الكورية الجنوبية، التي كانت معبأة جيداً ضد كلّ ما هو شيوعي. وكانت أكثر الوحدات وحشية على السكان الجنوبيين. وقد استغرقت وقتاً طويلاً عملية اختراقها دعائياً، وأدت النساء والأطفال دوراً خاصاً في ذلك؛ إذ أثاروا الجانب الإنساني لدى جنودها. وسُجلت نجاحات في عدة مناطق، حيث أبرم الكوريون اتفاق عدم اعتداء غير مكتوب، بينهم وبين الوحدات الثورية؛ لكن بعد أن ذاقوا طعم الخسارة المر.

خضع العمل في صفوف القوات المحلية لأربع مراحل:

الأولى: دراسة أوضاع الوحدة المعنية، والظروف المحيطة برجالها، والبحث في أفضل وسائل الاتصال بهم.

الثانية: الاتصال المباشر بأسرة الضابط أو الجندي المستهدف؛ لإقناعها، أولاً، والحصول بعد ذلك على مساعداتها على إقناعه.

الثالثة: تنظيم العلاقة بأولئك المحددين مباشرة لإنشاء القواعد السياسية في صفوف الوحدات العسكرية، والتحضير للمهمات المقررة.

الرابعة: تنفيذ البرنامج المتفق عليه، وفق التكتيكات، التي تضعها قيادة المنطقة؛ وغالباً ما تكون المعركة العسكرية أو الاشتباك فرصة لتحريض الجنود على الفرار من الجيش. وفي كثير من الأحيان، أسهمت الجماهير، ولاسيما  النساء، أمهات أو زوجات أو صديقات، في القرى والأقاليم، بدور مهم في إقناع وحدة عسكرية مرابطة في منطقة، أو آتية إليها لمهمات عسكرية مؤقتة.

واستهدف هذا النشاط الفئات: الطلابية والشبابية، المثقفة والمتعلمة، بين جنود العدو؛ لأنهم كانوا، في الغالب، مجبرين على الخدمة العسكرية، ولديهم استعداد للعمل الثوري والمغامرة.

كان التعامل الطيب، مع الأسرى والمعتقلين والجرحى، من أفضل الوسائل الدعائية للثورة بين صفوف رفاقهم؛ ما خفف حدة الحقد على الثورة، ووفر الاستعداد لاستقبال وجهة نظرها.

كان العمل الدعائي في حاجة إلى قيادات واعية، ذات إمكانيات ملائمة؛ حتى لا تتعرض سمعتهم للسوء نتيجة اتصالاتهم بالأعداء.

ك. شبكة طرق هوشي منه

تعد هذه الشبكة من أبرز المفاخر العسكرية للمقاومة الوطنية. وتعود أهميتها إلى أنها:

- ساعدت على تنفيذ الانطلاقة الناجحة للكفاح المسلح، في الجنوب، عام 1960.

- وفرت إمدادات الرجال والسلاح والطعام والدواء للثوار: الجنوبيين واللاوسيين والكمبوديين.

- سمحت للقوات الثورية الشمالية بالتدخل، في اللحظات الصعبة، لمساندة القوات الجنوبية.

- أسهمت في إحباط سياسة الفتنمة، ومحاصرة الساحة الفيتنامية، والتي انتهجتها إدارة نيكسون.

- أسقطت جزءاً كبيراً من الطائرات والقاذفات الأمريكية.

امتدت الشبكة من شمالي الهند الصينية إلى جنوبيها، حيث تبدأ في فيتنام الشمالية، وتمر بالأراضي اللاوسية؛ متجاوزة خط التقسيم الفيتنامي، عبر جبال ترونج سون، المعروفة، فرنسياً، باسم السلسلة الأنامية؛ ثم إلى الحدود الكمبودية، ففيتنام الجنوبية.


 



[1]  كانت ساعة طيران ب- 52 تكلف، آنذاك، 1052 دولاراً، على حين كانت تكلفة ساعة طيران الطائرات التكتيكية 50 دولاراً فقط.