إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في القرن الإفريقي





القرن الأفريقي

مناطق النزاع الإثيوبي ـ الإريتري
الهجوم الإثيوبي على الصومال
التوزيع الديموجرافي
الحدود السياسية لإثيوبيا
الحدود السياسية لإريتريا
الخريطة الإدارية لإريتريا
جمهورية الصومال الديموقراطية



الأكــــراد

المبحث السابع

خلفيات الصراع بين إثيوبيا وإريتريا

أولاً: معلومات أساسية عن الدولتين

1. إثيوبيا

أ. الموقع

(1) تُعدّ إثيوبيا إحدى دول إقليم شرق أفريقيا، الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، بين دائرتي العرض (3 ْ - 18 ْ) شمالاً، وبين خطي الطول (33 ْ ـ 48 ْ) شرقاً. (اُنظر خريطة الحدود السياسية لإثيوبيا)

(2) وهي من الدول الحبيسة، إذ تشارك بحدودها خمس دول، هي:

(أ) من الشمال إريتريا، (912) كم.

(ب) من الشرق جيبوتي (337) كم، والصومال (1626) كم.

(ج) من الجنوب كينيا (830) كم.

(د) من الغرب، والشمال الغربي، السودان (1606) كم.

ب. المساحة

(1) تبلغ مساحة إثيوبيا 1.16 مليون كم2.

(2) تغطي الأراضي الزراعية حوالي (801.750) كم2 من إجمالي مساحة الدولة، أي ما يعادل نسبة 73% مقابل حوالي (89.000) كم2، غابات ومراعي، أي ما يعادل نسبة 7%، وحوالي (92.750) كم2 مبانٍ وأراضٍ وقممٍ جبلية، أي ما يعادل نسبة 8%، إضافة لحوالي (121.000) كم2 من المجاري المائية، أي ما يعادل نسبة 12%.

ج. الإطلال على البحار والمحيطات

(1) نتيجة لاستقلال إريتريا في مايو 1993م، فقدت إثيوبيا منافذها البحرية، على العالم الخارجي، وتحولت إلى دولة حبيسة.

(2) وتعتمد إثيوبيا على عدد من الموانئ البحرية، الواقعة في الدول المحيطة بها، أبرزها: ميناء مصوع الإريتري، وميناء جيبوتي.

د. المناخ

طبقاً للموقع الجغرافي لإثيوبيا، بين درجات دائرتي العرض 3 ْ ـ 18 ْشمالاً، فهي جزء من المنطقة الحارة، وفيها تتدرج الظواهر المناخية، من الاستوائي إلى الصحراوي، إلاّ أن عامل الارتفاع، الذي تتضمنه التضاريس الجغرافية للدولة، يحدث تعديلاً كبيراً، في كل من درجة الحرارة وكمية الأمطار. ولهذا، تميزت أراضى إثيوبيا، بتنوع مناخها، تنوعاً كبيراً، من مكان إلى آخر، ومن بقعة إلى التي تعلوها، أو تقع أسفل منها.

هـ. القبائل في إثيوبيا

(1) المجتمع الإثيوبي، مزيج من الجنس الأفريقي، للقبائل الأفريقية، والجنس القوقازي، التابع للقبائل العربية، التي هاجرت من جزيرة العرب ومصر، إلي إثيوبيا واختلط بعضها ببعض.

(2) ويتكون هذا المجتمع، من عدد كبير من القوميات، حوالي 73 قومية، تتبع مجموعات أثنية مختلفة، يصعب تحديدها، ومن ثم، عُدّت اللغة المعيار الرئيسي، لتحديد هذه القوميات.

(3) لذا، فإنه يمكن تحديد أبرز القوميات الإثيوبية، على النحو التالي: (اُنظر خريطة التوزيع الديموجرافي)

(أ) الأمهرة

·   يبلغ تعدادهم، حوالي 15.5 مليون نسمة، ويعادل 28%، من الشعب الإثيوبي، ويتحدث لغتهم حوالي 31% من الشعب، بصفتها لغة أولى، وحوالي 40%، من الشعب بصفتها لغة ثانية.

·   تعود أصولهم، إلى العناصر السامية، ويوجدون بصفة أساسية، بالمنطقة الوسطى.

·   يعتنق أغلب عناصر الأمهرة المسيحية، وفقاً للمذهب الأرثوذوكسي.

·   تمكنت الأمهرة، من توسيع نفوذها الاجتماعي، كما جعلت من رموز حياتها، وديانتها، وتاريخها، مجموعة القيم والمقاييس، التي تحدد العلاقات الاجتماعية في الدولة.

·   يمثل الأمهرة اتجاه المعارضة الرئيسي، في الوقت الحالي، للنظام الحاكم.

(ب) التيجراي

·   يبلغ تعدادهم حوالي 5.37 مليون نسمة، ويعادل نسبة 10%، من الشعب الإثيوبي، ويتحدث لغتهم بصفتها لغة أولى، 14% من أبناء الشعب.

·   تعود أصولهم إلى عناصر كوشية حامية، ويوجدون في المنطقة الشمالية، على الحدود الجنوبية لإريتريا.

·   يمثّلون عنصر المعارضة المسلحة الرئيسية، ضد نظام منجستو، حيث نجحوا بالتعاون مع الجبهة الشعبية، لتحرير إريتريا، في إسقاط نظام منجستو.

·   هم العنصر الرئيسي، في تشكيل الجبهة الحاكمة الحالية.

·   يدين أغلب عناصر التيجري بالمسيحية، وفقاً للمذهب الأرثوذكسي.

(ج) الأورومو (الجالا)

·   يبلغ تعدادهم، حوالي 22 مليون نسمة، ويعادل نسبة 40%، من الشعب الإثيوبي، ويتحدث لغتهم بصفتها لغة أولى 35% من أبناء الشعب، وتمثل أكبر مجموعة قبلية في البلاد، (200 جماعة).

·   تعود أصولهم إلى العناصر السامية، ويوجدون بصفة أساسية، في وسط الهضبة الإثيوبية وغربها، وفي منطقة كافا.

·   عانت القومية الأورومية من الاحتلال الإقطاعي، ثم العسكري، إلى جانب تعرضهم، لحركة نشر اللغة الأمهرية وحضارتها بتركيز شديد.

·   طالب الأورومو في عام 1972م، باستخدام لغتهم في التعليم، وكان الشعور القومي لديهم، أحد العناصر المحركة لثورة 1974م.

·   يمثلون أحد عناصر المعارضة الرئيسية، للنظام الحاكم الحالي، وقد سبق انسحابهم من الائتلاف الحاكم، في يونيه 1992م، نتيجة اعتراضهم على الانتخابات المحلية. وفجروا صراعات مسلحة، نجحت الجبهة الحاكمة في احتوائها.

·   استخدمهم الأمهرة سابقاً، في بناء القوات المسلحة الإثيوبية، قاعدة أساسية تحت قيادتهم.

·   يدين معظم عناصر الأورومو بالإسلام، ويمثل السُّنة منهم 90% مقابل 10% لباقي المذاهب، وينتشرون في أكثر من نصف مساحة الدولة.

(د) العفر

·   تُعد القومية العفرية، من القوميات الإثيوبية الخمس الكبرى، وينتمون في الأساس إلى القبائل العربية الإسلامية، ويمثلون نسبة 4% من الشعب.

·   تنتشر قبائل العفر، في الجزء الشرقي من إثيوبيا، ويسكنون في مناطق الحدود المشتركة، مع كل من جيبوتي وإريتريا، حيث تمتد أصولهم القومية.

·   ظلت قومية العفر مستقلة عبر التاريخ، حتى ضم الإمبراطور هيلاسيلاسي، عام 1950م، أراضيهم إلى إثيوبيا، ثم عمل منجستو، على تشتيت تجمعاتهم وتفريقها. ومع سقوط نظام منجستو، خصص النظام الحالي، الإقليم الإداري، ذا الرقم (2)، لقومية العفر "إقليم الدناكل" وسمح لهم بالمشاركة في المجلس النيابي المؤقت، بثلاثة مقاعد، ويعد السيد علي ميراح، الزعيم الروحي للعفر، في الوقت الحالي.

·   تعمل عناصر العفر، بصفة أساسية، في مجال الرعي.

·   يدين معظم عناصر العفر بالإسلام وفقاً للمذهب السُّني.

(هـ) الصُّوماليا

·   توجد عناصر الصوماليا، في جنوب شرق إثيوبيا، في مناطق الحدود المشتركة مع الصومال، حيث تمتد أصولهم العرقية. وهم أصلاً من القبائل العربية، التي هاجرت إلى إثيوبيا، واختلطت بالشعوب الزنجية.

·   تمثل مناطق وجودهم في أوجادين وهرر، وهي مناطق نزاع بين إثيوبيا والصومال، (مشكلة الأوجادين)، ويمثلون نسبة 6% من الشعب.

·   تعمل عناصر الصوماليا، بصفة رئيسية، في الزراعة والرعي، وتجارة البضائع المهربة.

·   يدين معظم قبائل الصوماليا، التي يعد أبرزها "العيسى"، بالإسلام.

. وإلى جانب المجموعات القبلية السابقة، يوجد العديد من القوميات الإثيوبية، الصغيرة، التي يمكن عدها أقليات، ارتباطاً بالسّمات، التي تميزها عن باقي القوميات الرئيسية. ويعد أبرزها:

(أ) الجوارحي: يسكنون إقليم شوا (500 ألف نسمة).

(ب) الفلاشا: يسكنون إقليم جوندر، في مناطق الحدود المشتركة مع السودان، والباقي منهم بضعة آلاف، بعد تنفيذ عملية نقلهم إلى إسرائيل.

(ج) الديلامو: يسكنون إقليم شوا (100 ألف نسمة).

(د) بني شنجول: يسكنون إقليم ايليبابور، أساساً (300 ألف نسمة).

(هـ) الديري: يسكنون إقليم هررجى، (100 ألف نسمة).

(و) اليمنيون: يوجدون في العاصمة أديس أبابا، في منطقة الحي التجاري القديم، "الماركاتو" (50 ألف نسمة).

2. إريتريا

الموقع

تقع إريتريا في منطقة القرن الأفريقي، "في الشمال الشرقي للقارة الأفريقية" وتحتل موقعاً إستراتيجياً مهماً، لها إطلالة كبيرة على البحر الأحمر، حيث تقع بين خطي الطول 50 ْ – 36 ْ درجة شرقاً، ودائرتي العرض 24 َ 12 ْ ـ 20 َ  18 ْ درجة شمالاً. وتبلغ مساحتها الإجمالية 121320 كم2، وتشكل مستطيلاً غير مكتمل الأضلاع. يجاورها من الشمال ومن الغرب "جمهورية السودان"، وتشترك معها في حدود يبلغ طولها 605 كم، ومن الجنوب جمهورية إثيوبيا، ويبلغ طول الحدود بينهما 912 كم، ويفصل بينهما نهر المأرب، ونهر ستيت.

وتجاورها جمهورية جيبوتي، من اتجاه الجنوب الشرقي، وتشترك معها في حدود يبلغ طولها 113 كم، وبذا نجد أن الحدود البرية الإرترية يبلغ طولها 1.630 كم، ويبلغ طول الساحل الإريتري 1151 كم، وتتبع إريتريا 126 جزيرة من جزر البحر الأحمر. (اُنظر خريطة الحدود السياسية لإريتريا).

تُعدّ الأرضي الإريترية امتداداً للهضبة الإثيوبية، حيث يبلغ متوسط ارتفاعها، عن سطح البحر الأحمر، حوالي 3000 م، ويغلب عليها الطبيعة الجبلية، وتتدرج في الارتفاع، من الشرق إلى الغرب. وتنقسم إريتريا إلى خمسة أقاليم جغرافية، هي:

الهضبة الجنوبية، والسهل الساحلي، والمرتفعات الشمالية، ومنخفضات بركة، منخفضات القاش ـ ستيت.

يمتاز السهل الساحلي، باستوائه تقريباً، في الجزء الشمالي، وبكثرة تعاريجه، وخلجانه في الوسط، وقلتها في الجنوب، وهذا يجعل الساحل مناسباً، لإقامة الموانئ واستخدامه بواسطة عناصر بحرية، يمكن أن تلجأ إليه وتختبئ فيه.

يواجه الساحل الإريتري حوالي 126 جزيرة، تتركز نسبة كبيرة منها، في جزئه الأوسط، وهى جزر صغيرة، مستوية السطح، تكاد تخلو من السكان، باستثناء عشرين جزيرة فقط. وأهم هذه الجزر: مجموعة جزر دهلك، وهي ما يُطلق عليها "أرخبيل دهلك " ومجموعة جزر الدناكل. وتُعدُّ جزيرتا فاطمة، وحالب، من أهم الجزر، من وجهه النظر الإستراتيجية، حيث تشرفان على باب المندب. وتقترب جزيرة فاطمة إلى مسافة 14 ميلاً من خط الملاحة الدولي، وتبعد جزيرة حالب مسافة 13 ميلاً. وتحقق هذه الجزر لإريتريا، سيطرة إستراتيجية على باب المندب، وتبلغ الحدود البحرية للجزر الإريترية نحو 2234 كم. وتمتلك إريتريا ميناءين حيويين، هما ميناء عصب، ويقع إلى الشمال من جيبوتي، وميناء مصوع، ويقع إلى الشّمال في اتجاه السودان.

ثانياً: أسباب الخلاف بين الدولتين

في عام 1896م، وُقعت معاهدة أديس أبابا، التي حددت الحدود الحبشية مع إريتريا، على أساس أن الحد الفاصل بينهما، هو نهر مأرب، وبذلك ظهرت الشخصية الإريترية، وحدة مستقلة.

وفي عام 1930م أصبح هيلاسيلاسي، إمبراطوراً للحبشة، التي انضمت إلى عصبة الأمم المتحدة، في عام 1931م. وفي عام 1936م، غزت إيطاليا الحبشة، ونُفي الإمبراطور هيلاسيلاسي إلى بريطانيا، ورفضت عصبة الأمم المتحدة، مساعدة هيلاسيلاسي على العودة إلى بلاده.

وكانت بريطانيا تَعُدّ إريتريا جزءاً من مستعمرات إيطاليا، ففي سبتمبر 1948 منحت بريطانيا الحبشة جزءاً من الأراضي الفاصلة بين الصومال وإثيوبيا، إضافة إلى أقاليم أخرى.

وحاولت الدول الأربع الحلفاء (إنجلترا، وأمريكا، وفرنسا، والاتحاد السوفيتي) حل مشكلة الحدود بين إثيوبيا، وإريتريا، والسودان. فأرسلت وفداً لتقصي الحقائق، وقد فشل الوفد في الوصول إلى قرار.

تقدمت الوفود باقتراحات متعددة، كان واضحاً منها تحيزهم إلى إثيوبيا. وأعيدت القضية مرة أخرى للمناقشة في اللجنة السياسية، ثم طُرح الأمر على الأمم المتحدة، التي اتخذت بدورها عدداً من القرارات.

بدأت عصابات الشفتا في إريتريا، مقاومة السلطات الحاكمة. وقد شجعت إثيوبيا، حركة الاضطرابات الداخلية في إريتريا، نتيجة لتصميم الإمبراطور هيلاسيلاسي، على ضم إريتريا لإثيوبيا بأي وسيلة، وعدم التفريط فيها. ويرجع ذلك أساساً لرغبة الإمبراطور في توسيع أرجاء إمبراطوريته، وإلى ضرورة إيجاد منفذ على البحر الأحمر لدولته. (اُنظر خريطة مناطق النزاع)

لذا، بدأت إثيوبيا في وضع العراقيل، أمام استقلال إريتريا، لتُظهر أن الحل الأمثل، هو الاتحاد التام مع إثيوبيا، وقد استغلت إثيوبيا ضعف صياغة قرار الأمم المتحدة، لأنه لن يحدث تكافؤ، لاتحاد يقوم بين طرفين، أحدهما أقوى وأكبر من الطرف الآخر. وكان على مفوض الأمم المتحدة، إيجاد صورة مناسبة، لدستور إريتريا، الذي يقوم على مبادئ الحكومة الديموقراطية. وهذا المبدأ يتنافى مع الفلسفة السياسية، الخاصة بالنظام الإثيوبي، نظراً لأن نظام الحكم الإثيوبي لا يعترف بالأحزاب، في حين أن إريتريا في هذه الفترة، كانت تتمتع بوجود أحزاب متعددة لديها. كذلك، فإن القرار، لم ينص على شكل دستور دولة الاتحاد، ولا على شكل الحكومة فيها.

ومرت إريتريا بفترة من الكفاح المسلح، حتى عام 1961م، نتيجة للطموح الإثيوبي، لتحقيق الاندماج الكلي معها. فبدأت إثيوبيا في اتخاذ خطوات سريعة، لتحقيق الهدف. وقد ساعدت الأحوال في إريتريا، على ذلك، نتيجة عدم الاستقرار السياسي، إضافة إلى الخلافات داخل البرلمان الإريتري، بين دعاة الوحدة، ودعاة الاستقلال، واختلاف التركيبات القبلية والدينية المختلفة لأعضائه. وبدأت إثيوبيا في اتخاذ بعض الخطوات، للسيطرة الكاملة على إريتريا، وفي عام 1964م، أعلنت إثيوبيا، ضم إريتريا إليها، على أن تصبح إحدى المحافظات الإثيوبية.

ثالثاً: تصاعد الأزمة والكفاح المسلّح

أدى إعلان إثيوبيا ضم إريتريا إليها، إلى الآتي:

1. إلغاء الأحزاب في إريتريا، إذ لم تبق هناك ضرورة لوجودها.

2. استيلاء إثيوبيا على حصة كبيرة من حصيلة الجمارك، في إريتريا، كما توقفت المساعدات البريطانية لإريتريا.

3. هجرة عدد كبير من الفنيين، والمتعلمين، والمهنيين الإريتريين، إلى أديس أبابا. وقد أدى ذلك، إلى وجود جالية إريترية كبيرة في إثيوبيا، انضم عدد كبير منهم، إلى سلاح الطيران، والشرطة، والمظلات (وقد أدى ذلك، إلى هروب كتيبة المظلات الإثيوبية، في عام 1977م، عندما أمرت بالتدخل في إريتريا).

4. تولي مقاليد الحكم بواسطة الإثيوبيين، خاصة من طبقة الأمهرا.

5. هجرة المواطنين الإريتريين، خاصة القادة السياسيين، الذين كانوا يطالبون بالاستقلال، مثل: عثمان صالح سبي، إدريس محمد آدم، إبراهيم سلطان، ولجأ معظمهم إلى القاهرة.

6. بدأ الشعب الإريتري، التفكير في إعلان الكفاح المسلح، ضد الحكومة الإثيوبية.

وتُعد حركة تحرير إريتريا، أول من أعلن الكفاح المسلح، حيث بدأت منذ عام 1958م في تنظيم نفسها، في خلايا سرية سباعية، في معظم المدن الإريترية، بهدف التهيئة السياسية للجماهير. وأعلنت رأيها في أسلوب تحرير إريتريا، وهو ما يمكن أن يُعَد برنامجاً، لتحريرها، ويتلخص في:

·   وحدة الصف الوطني ووحدة الهدف، لإزالة الفجوة المصطنعة، بين المسيحيين والمسلمين.

·   إثارة القضية في المجال الدّولي.

·   تنفيذ أسلوب الكفاح المسلح داخل إريتريا.

لم تُهمل حركة تحرير إريتريا العمل السياسي، بل اتبعته على أنه خط مواز ومكمل للكفاح المسلح. وفتحت الحركة فروعاً لها في بعض الأقطار العربية، "مصر، والسودان، والصومال، والعراق، والسعودية". ولكن حركة تحرير إريتريا، لم تستمر طويلاً، نظراً لافتقارها إلى جيش تحرير قوي، يعمل من داخل إريتريا، على الرغم مما حققته من نجاح إعلامي، وسياسي خارجي.

كذلك، فإن تنظيم الجبهة الديموقراطية الإريترية Eritrean Democratic Front، الذي تأسس عام 1959م، في القاهرة، من إبراهيم سلطان، وولد آب ولد ماريام، وإدريس محمد آدم، فشل في إحراز أي نجاح سياسي.

كما أُعْلِنَ عن قيام جبهة التحرير الإريترية، في القاهرة عام 1960م، وقد أسس الجبهة، الإريتريون الذين لجأوا إلى مصر، إضافة إلى الطلبة، الذين كانوا في الجامعات والمعاهد المصرية.

وعين إدريس محمد آدم، رئيساً لها، ثم أعلنت الجبهة دستورها، الذي احتوى الأهداف الآتية:

1. تحقيق الاستقلال الوطني الكامل.

2. الحفاظ على وحدة التراب الإريتري.

3. إتباع أسلوب الكفاح المسلح، الذي تدعمه جهود سياسية، ودبلوماسية في الخارج.

وفي أول سبتمبر 1961م، بدأت أول محاولة للكفاح المسلح، بواسطة جماعة، يقودها "حامد إدريس عواني"، وهو جندي سابق، في الجيش الإيطالي. وأعلنت جبهة التحرير الإريترية، بدء كفاحها المسلح، وكان ذلك في منطقة جبل أدال، في المنطقة الغربية من إريتريا.

ونظراً لحداثة نشأة الجبهة، في تلك الفترة، فإن تشكيلاتها المسلحة، كانت ضعيفة عدداً وعدة، وركزت على التسلل إلى المدن، لتخريب المنشآت الحيوية. في حين أن القوات الإثيوبية، في إريتريا، كانت أكثر عدداً وعدة، وكان لطبيعة الأراضي الإريترية، أثره في مساندة الثوار، في عملياتهم.

وفي عام 1963م، ارتفع عدد المقاتلين الإريتريين، إلى حوالي مائتين وخمسين مقاتلاً. ومع النشاط المتزايد للجبهة، ازدادت السلطات الإثيوبية عنفاً، في الرد على عمليات الثوار، بهدف إيقاف استقطاب الجبهة، للإريتريين المناصرين للثورة.

نُظِّمَت الجبهة، على شكل هرمي، قمته المجلس الأعلى، "وهو أعلى سلطة"، وتنبثق منه اللجنة التنفيذية، وتلي اللجنة التنفيذية، لجنة سميت "القيادة الثورية"، تم تشكيلها في عام 1965م، وأُسند لها العمل الفدائي، وكان مقرها مدينة كسلا بالسودان. وشُكل المجلس الأعلى، من ثمانية أعضاء، برئاسة إدريس محمد آدم، ومن بينهم عضو مسيحي.

استمر نمو جبهة التحرير الإريترية، وأمكنها الحصول على دعم مادي وعسكري، من الإريتريين الذين يعملون في الدول العربية، وكذلك من سورية. وكانت الأسلحة، تُهرب عبر الحدود السودانية، مما حدا بإثيوبيا لتوقيع معاهدة الحدود، مع السودان عام 1965م، بهدف منع تسرب الأسلحة إلى إريتريا. وتُعد مشكلة إريتريا، هي الأساس الذي بسببه، تسوء العلاقات بين السودان وإثيوبيا، أو تتحسن.

في المجال السياسي، نجحت الجبهة، في أن تفتح لها مكاتب، في كل من السودان، ومصر، والصومال، وسورية، والعراق. وأمدت سورية الجبهة بالسلاح، ودربت مجموعة من الإريتريين في دمشق، مما مكّن الجبهة، من تطوير عملياتها القتالية، وزيادة عدد قواتها المسلحة، وزيادة فعاليتها. كما أمدت العراق، الجبهة بالمال والسلاح، وكذلك حصلت الجبهة على سلاح من اليمن.

وخشية من أن يمتد التأييد، السوري والعراقي، لجبهة التحرير الإريترية، ويشمل العالم العربي والإسلامي، فقد بادر الإمبراطور، باتخاذ الخطوات التالية:

1. الاستعانة بإسرائيل، لإعادة تنظيم قوات الكوماندوز الإثيوبية وتسليحها وتدريبها. وجاء ذلك، متمشياً مع اهتمام إسرائيل بإثيوبيا، للاستفادة من الجزر، والموانئ المطلة على البحر الأحمر.

2. تكثيف القوات المسلحة الإثيوبية، داخل إريتريا، وزيادة إمكانياتها، لتكون ثمانية آلاف جندي.

3. إنشاء منطقة عازلة غير مأهولة على الحدود السودانية لمنع الإمدادات عبر السودان.

4. شن حملات عسكرية إثيوبية، بهدف إبادة الإريتريين، مما أدى إلى لجوء حوالي 30 ألف إريتري إلى السودان.

5. القيام بعمل دبلوماسي مكثف، لشرح موقف إثيوبيا، من المشكلة الإريترية، معتمداً على صلاته الوثيقة، بالكثير من رؤساء الدول العربية والأفريقية وقادتها، ومعتمداً على مساندة الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية له.