إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في القرن الإفريقي





القرن الأفريقي

مناطق النزاع الإثيوبي ـ الإريتري
الهجوم الإثيوبي على الصومال
التوزيع الديموجرافي
الحدود السياسية لإثيوبيا
الحدود السياسية لإريتريا
الخريطة الإدارية لإريتريا
جمهورية الصومال الديموقراطية



الأكــــراد

 

رابعاً: الانقسامات بين فصائل الجبهة المسلحة

خططت جبهة التحرير الإريترية إستراتيجيتها، منذ نشأتها، على تجميع العناصر المناهضة لضم إريتريا، إلى إثيوبيا. وقد ضمت الجبهة المسلمين والمسيحيين، وقد أُقيل عدد من الحكام الإداريين المسيحيين من مناصبهم، بتهمة الاتصال والتعاون مع الجبهة.

قسمت جبهة التحرير الإريترية البلاد، إلى خمس مناطق عسكرية. وكانت تلك هي الخطوة الأولى، نحو بداية الانقسامات فيها، في محاولة منها، لتوزيع النشاط العسكري ـ مقتبسة ذلك من الثورة الجزائرية ـ على أساس قبلي وديني، إلى الأقسام الآتية: (اُنظر خريطة الخريطة الإدارية الجديدة لإريتريا)

·   المنطقة الأولى، وتشمل محافظة أجوردات.

·   المنطقة الثانية، وتشمل محافظتي كرن والساحل.

·   المنطقة الثالثة، وتشمل محافظتي سرأي وأكلى قوزاي.

·   المنطقة الرابعة وتشمل محافظتي دنكاليا والبحر الأحمر.

·   أمّا المنطقة الخامسة فتشمل محافظة خماسين.

وأُنشئت القوة العسكرية، من عددٍ يراوح بين 150 و200 فرد، بقيادة قائد، يعاونه مفوض سياسي، وهيئة أركان، وهم جميعاً من أبناء المنطقة.

وقد رُصدت شواهد، أدت إلى فشل هذا النظام، وأهمها:

1. عجز القيادة الثورية، عن وضع إستراتيجية موحدة، على مستوى المناطق، تحقق التنسيق والتكامل بينها.

2. صعوبة الاتصال بين المناطق، حيث أصبحت كل منطقة مستقلة بذاتها، سواء في إدارة شؤونها، أو في تجنيد الكوادر السياسية، وتدبير الموارد المالية، وإدارة عملياتها العسكرية.

3. عدم تجاوب السكان في المنطقة الخامسة، وأجزاء من المنطقة الثالثة، نتيجة للقصور في عملية التعبئة السياسية.

4. تورط بعض القادة، وأفراد القوة العسكرية، في أعمال النهب والاستغلال.

5. وقوع نزاعات مسلحة، بين قادة المناطق، حيث سعى بعضهم، إلى توسيع منطقته، على حساب المناطق الأخرى، وذلك لجمع الضرائب، مما أدى إلى ظهور قائد المنطقة، بمظهر الإقطاعي، والمناضلين بمظهر الجباة.

إضافة إلى أن التنافس على قيادة الجبهة، وتزعمها، كان له أثره الكبير، في الخلافات بين المنظمات، حيث ظهر أول نزاع، في أثناء اجتماع المجلس الأعلى، في دمشق عام 1967م، وكان الغرض من الاجتماع، هو توسيع القيادة الثلاثية، لتصبح من ثمانية أعضاء. فاعترض عثمان صالح سبي، نتيجة لتعيينه أميناً للشؤون الخارجية، بعد أن كان أميناً عاماً للمجلس، وبذا انقسم المجلس الأعلى إلى كتلتين:

الكتلة الأولى: بزعامة "إدريس محمد آدم"، رئيس المجلس، ومعه كل من "إدريس إقلاديوس"، و"سيد أحمد محمد هاشم".

الكتلة الثانية: بزعامة "عثمان صالح سبي"، ومعه كل من "طه محمد نور"، و"عثمان خيار"، و"تدلا بايرو".

1. مؤتمرات المصالحة لتوحيد الجبهات المسلحة

نتيجة للخلاف بين الفصائل المختلفة، وُجهت نداءات، لعقد مؤتمر عام، لمجابهة هذه المشاكل، وحلها. وقد أدى ذلك إلى تدخل قيادات جيش التحرير، وإعلانها عن فشل نظام المناطق العسكرية، وضرورة تغييره بنظام آخر. ووجهت الدعوة، لعقد مؤتمرات عسكرية.

أ. مؤتمر عراديب

عقد مؤتمر في عراديب، في يونيه 1968م، مهد إلى مؤتمر عنسبة، في سبتمبر 1968. وقد برز في مؤتمر عراديب اتجاهان محددان:

الاتجاه الأول: يطالب بالتغيير، ويرى أن الثورة في أزمة، وتحتاج إلى حل جذري. وقد طُرحت ثلاثة مطالب، هي: توحيد الجيش، وإلغاء نظام المناطق، وديموقراطية التنظيم والعلاقة بالجماهير.

أمّا الاتجاه الثاني: فقد حصر المشكلة، في نطاق عدم توفير الإمكانيات المادية، اللازمة للمنطقتين الثالثة والخامسة.

وقد اتخذت القرارات الآتية في المؤتمر:

(1) عقد اجتماع موسع لقيادة المناطق ومندوبيها الخمسة، في 30 يوليه 1968م.

(2) وضع بعض الحلول المؤقتة، للاحتياجات المادية، للمنطقتين الثالثة والخامسة.

(3) عقد الاجتماع في الميدان في إريتريا.

ب. مؤتمر عنسبة

عُقِدَ مؤتمر عنسبة، في مديرية كرن، واتخذت فيه القرارات التالية:

(1) إلغاء نظام المناطق العسكرية، وتوحيد المناطق الثالثة والرابعة والخامسة. ولم يشمل القرار المنطقتين الأولى والثانية، نتيجة لعدم اشتراكهما في المؤتمر.

(2) تشكيل قيادة ثورية مؤقتة في الميدان، وعدم الاعتراف بقيادة كسلا، لعجزها عن القيام بمسؤولياتها كاملة.

(3) تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، تُسجِّل ما حدث من أعمال القيادة القديمة.

(4) احترام الحقوق الديموقراطية للشعب، ومشاركته عملياً في الثورة، وتعميق الديموقراطية، في صفوف المقاتلين.

ج. مؤتمر كسلا

تحرك بعض أعضاء المجلس الأعلى، "للقيادة القديمة"، والعناصر الموالية له في المناطق، لإفشال الوحدة. فدعوا إلى اجتماع في "كسلا"، اتخذوا فيه قرارين:

القرار الأول: الدعوة إلى إجراء الحوار، من أجل الوحدة الوطنية.

القرار الثاني: الدعوة إلى تقوية الجبهة الداخلية.

د. المؤتمر العسكري في أدوبجا

في العاشر من أغسطس 1969م، عقد المؤتمر العسكري العام، في "أدوبجا"، واستمر لمدة خمسة عشر يوماً، واتخذ المؤتمر عدة قرارات أهمها:

(1) وحدة إدارة جيش، جبهة التحرير الإريترية.

(2) تكوين قيادة، أُطلق عليها "القيادة العامة، لجيش جبهة التحرير الإريتري، بالميدان" تم تكوينها، من 38 عضواً.

(3) الدعوة لعقد مؤتمر وطني عام، وإنشاء لجنة تحضيرية، من العسكريين والمدنيين.

(4) تشكيل لجنة تقصي الحقائق، للتحري عن الأخطاء، التي ارتُكبت بحق الشعب وثورته، وقد كونت من ثمانية عشر عضواً.

(5) تشكيل لجنة، لاستلام ممتلكات الثورة، من جميع أجهزتها.

(6) إصدار بيان بنتائج المؤتمر.

(7) لا يجوز لأي فرد أو جماعة، إصدار بيان باسم التنظيم، إلاّ عن طريق القيادة العامة لجيش التحرير الإريتري بالميدان.

(8) منع التكتلات والتجمعات الخارجة عن التنظيم، وعلى أي تجمع كان قائماً، قبل إصدار هذا البيان، أن يتقدم بإمكانياته للجبهة المسؤولة عن الجيش.

استطاعت القيادة القديمة للثورة، مجموعة "إدريس محمد آدم"، أن تسيطر على زمام الأمور، في جبهة التحرير الإريترية، مستندة على الأغلبية، التي استطاعت أن تفرضها على المؤتمر، حيث حضر أربعة وتسعون عضواً، من أعضاء المنطقتين الأولى والثانية، الذين لم يحضروا مؤتمر عنسبة، في حين مثّل المناطق الثلاث الأخرى، أربعة وسبعون عضواً.

وعلى الرغم من النجاح النسبي للمؤتمر، فيما يختص بالجناح العسكري، فإن الخلافات اشتدت بين السياسيين خارج إريتريا. وقد ظهر بوضوح، انقسام المجلس الأعلى إلى جناحين: الجناح الأول بزعامة إدريس محمد آدم، والثاني بزعامة عثمان صالح سبي، سكرتير الشؤون الخارجية، وأمين الصندوق، الذي لم يقنع بمنصبه الجديد، واستغل صلاته السابقة بالدول العربية، في محاولة طرد الجناح الآخر من قيادة الجبهة. وعلى الرغم من أن الطرفين التقيا في مؤتمر بغداد، في أكتوبر عام 1969م، فإنهما لم يتوصلا إلى أي اتفاق.

2. اجتماع العسكريين في الجبهة

ظهرت الخلافات الدينية، في هذه الآونة، حيث صدر بيان عن القيادة العامة، في أكتوبر 1969م، أدانت فيه تأييد الجبهة، على أسس دينية. وأكدت أن الثورة، التي تقودها الجبهة، ثورة وطنية، يشترك فيها المسلمون والمسيحيون على السواء. وقد دعت القيادة العسكرية في الميدان، إلى اجتماع للعسكريين، اتُخذت فيه القرارات التالية:

أ. عزل المجلس الأعلى من جميع مهامه.

ب. تولي القيادة العامة صلاحيات المجلس، لحين انتخاب مجموعه جديدة، تمثل قيادة الثورة الإريترية تمثيلا حقيقياً.

ج. تجميد نشاط كل المكاتب الخارجية، لحين انتخاب عناصر تتولى إدارة تلك المكاتب.

د. الاتصال بالدول الشقيقة، والصديقة، وجميع الحركات الثورية، ومنظمات المقاومة.

هـ. استلام ممتلكات الثورة الموجودة بالخارج، والإشراف عليها.

و. إصدار بيان بتلك القرارات، يتضمن شرحاً لجميع الأسباب، التي دعت إلى ذلك.

ز. انتخاب وفد من ثلاثة ممثلين، لشرح التطورات، للدول والمنظمات في الخارج، ولأعضاء المجلس الأعلى السابق.

ولكن عثمان صالح سبي رفض هذه القرارات، وشكل ما سُمى "بالقيادة الشعبية"، حيث تمكنوا من الدخول للميدان، عن طريق عدن، للقيام بنشاط عسكري مستقل. وأطلق عثمان صالح سبي، على جناحه "الأمانة العامة لجبهة تحرير إريتريا"، وأصبح هو الأمين العام.

وفي عام 1970م، أعلن "عثمان صالح سبي"، عن قيام "قوات التحرير الشعبية" People Liberation Forces وغير اسم القيادة العامة، لتكون "المجلس الثوري" Revolutionary Council، وبذا أصبح هناك تنظيمان إريتريان يطلق عليهما:

·   جبهة التحرير الإريترية ـ المجلس الثوري.

·   جبهة التحرير الإريترية ـ قوات التحرير الشعبية.

واشتد التنافس بين التنظيمين، نتيجة للخلافات القبلية والدينية. واغتال فدائيو المجلس الثوري، كُلاًّ من "كيداني كفلو"، و"ولدأي جدي"، وهما مسيحيان. وقد أدى ذلك إلى تفكير المسيحيين، في تكوين نظام مستقل بهم، ووصلت الخلافات إلى أقصى حد، عام 1972م، حيث شهدت إريتريا حرباً أهلية، بين صفوف المقاتلين من الجانبين، استمرت لعدة شهور.

لم تحظ الخطوات، التي اتخذت، لتوحيد صفوف الجبهات بالنجاح، على الرغم من المحاولة التي تمت عام 1974م . وحدث انشقاق، في صفوف قوات التحرير الشعبية، حيث انقسمت إلى: البعثة الخارجية، بقيادة "عثمان سبي"، واللجنة الإدارية العسكرية، بقيادة "أسياسي أفورقي" وهو مسيحي يساري.

وظهر الخلاف عند توقيع "اتفاقية الخرطوم"، في سبتمبر 1975، حين أعلنت مجموعة "أسياسي أفورقي"، أن البعثة الخارجية، لا تمثل قوات التحرير الشعبية كلها، مؤكدة اختلاف الفكر، والأيديولوجية بينهم، وبين هذه القوى.

3. اتفاق الخرطوم

جرت محاولة أخرى، لتوحيد صفوف الجبهات، حيث وقعت اتفاقية الخرطوم Khartoum Unity Agreement، وأهم نقاطها:

أ. التركيز على أهمية الوحدة الوطنية، واعتبارها هدفاً أساسياً، وأن الانقسام، الذي حدث في صفوف الجبهة، قد قلل من أداء الثورة داخلياً، وحدّ من قدر المساعدات المالية والمعنوية، التي كانت تأتيها من الدول العربية.

ب. ضرورة نبذ الخلافات الجانبية، خاصة التعصب الديني والقبلي، وضرورة مواجهة الصعوبات، التي تعرقل مسيرة الوحدة.

ج. الدعوة إلى مؤتمر توحيدي، يُمثل فيه الطلاب، والعمال، والمزارعون، والجنود، والمرأة، والتنظيمات الخاصة من الجانبين، وممثلون عن الدول الشقيقة، التي قدمت مساعدات، أو لعبت دوراً إيجابياً في النضال.

وتعد اتفاقية الخرطوم، أول اتفاقية لتوحيد الفصائل الإريترية، بعد الحرب الأهلية، وتعد تعبيراً واضحاً، عن موقف السودان، من مشكلة إريتريا، خلال تلك الفترة، نظراً للمشاركة الإيجابية، التي قدمتها الخرطوم للجبهات للوصول إلى هذا الاتفاق.

4. انقسام الجبهات

اختلف جناحا قوات التحرير الشعبية، حول اتفاقية الخرطوم. وبذلك صارت الجبهات ثلاثاً، بعد توقيع الاتفاقية. وقد أعلن أسياسي أفورقي، قيام تنظيم "الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا" Eritrean People’s Liberation Front، في أوائل عام 1976م، وهذه الجبهات الثلاث هي:

أ. جبهة تحرير إريتريا ـ المجلس الثوري Revolutionary Council

وتمثل الجسم الرئيسي للثورة، واستمرارية الجبهة، التي نشأت منذ عام 1960م . ويتشكل مجلسها المنتخب، من واحد وأربعين عضواً، طبقاً لقرارات المؤتمر الوطني الثاني، الذي عقدته في مايو 1975. وتتكون لجنتها التنفيذية، من تسعة أعضاء، من أبرزهم: "أحمد محمد ناصر" رئيس الجبهة. وهدفها الأساسي، التحرير الشامل لإريتريا.

واشتمل البرنامج السياسي للمجلس الثوري، على الآتي:

(1) أن الثورة الإريترية، ثورة وطنية ديموقراطية، معادية للاستعمار الإثيوبي.

(2) تعتمد اللغتان العربية والتجرينية، لغتين أساسيتين.

(3) تعد الوحدة الوطنية، هدفاً أساسياً.

(4) الدعوة إلى حرية الدين، والفكر، والعقيدة.

(5) تأكيد الاهتمام، بقيام أسس ثورية للاقتصاد، والإدارة للمناطق المحررة، وغير المحررة.

(6) وفي مجال السياسة الخارجية، تهتم الجبهة، بارتباطها الثقافي، والحضاري، والتاريخي، والسياسي بالأمة العربية، مركزة على نضالها المشترك، ضد الصهيونيه. وتدعو إلى تدعيم هذه الأواصر، إضافة إلى تدعيم صلاتها بالدول الأفريقية.

(7) تشير إلى مساندتها لنضال الشعب الفلسطيني، وشعوب آسيا وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية. كما تؤكد مساندتها، للقوميات المضطهدة داخل إثيوبيا.

ب. الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا Eritrean People’s Liberation Front E.P.L.F.

تكونت الجبهة بعد مجموعة من الانقسامات، في داخل جبهة تحرير إريتريا، اعتباراً من عام 1969م . وكانت تضم مجموعة كبيرة، من المسيحيين اليساريين، بقيادة أسياسي أفورقي، وقد تحالفت مع مجموعة البعثة الخارجية، بقيادة عثمان صالح سبي، بهدف الحصول على مساعدات خارجية، نتيجة لاتصالات عثمان سبي القوية بالعالم الخارجي. وكذلك، بهدف الخروج، من حصار جبهة تحرير إريتريا، وإجراءاتها التصفوية ضدهم.

تتكون قيادة الجبهة الشعبية من مجلس مركزي، يضم سبعة وثلاثين عضواً، ومكتب سياسي، مكون من أحد عشر عضواً، أبرزهم:

·   رمضان محمد نور: الأمين العام، وهو يساري، يعمل على تنمية علاقات الجبهة، بالاتحاد السوفيتي.

·   أسياسي أفورقي: الأمين العام المساعد، وهو القائد الفعلي للجبهة، على الرغم أنه الأمين المساعد.

ج. جبهة تحرير إريتريا ـ قوات التحرير الشعبية People’s Liberation Forces P.L.F.

وقد سميت بهذا الاسم بعد انفصال مجموعة أسياسي أفورقي، من البعثة الخارجية، ويقودها عثمان صالح سبي. وقد توفر لدى البعثة الخارجية بعض الإمكانيات، التي مكنتها من العمل والظهور، في المجال الدولي، أكثر من الجبهات الأخرى. حيث كان عثمان صالح، يتبوأ منصب المسؤول عن الاتصال الخارجي، في جبهة التحرير الإريترية، وهذا مكّنه من الاتصال بالعالم الخارجي، إضافة إلى أنه كان يُذيع بيانات باسم الجبهة، مما تسبب في كثير من الخلافات، بينه وبين الجبهات الأخرى، إضافة إلى توفر الإمكانيات الإعلانية، لدى البعثة الخارجية، مما جعل صوتها مسموعاً، سواء في الدول العربية، أو الأفريقية، والأوروبية، مما سهّل عرض وجهة نظر الجبهة، أكثر من وجهات نظر الجبهات الأخرى. وقد سهل كل ذلك، حصول الجبهة، على كثير من المساعدات، والمعونات الخارجية، باسم كل الجبهات الصومالية، وتستولى هي عليها.

وقد تشكل مجلس مركزي، لقيادة قوات التحرير الشعبية، (البعثة الخارجية)، يتكون من 27 عضواً، وشُكّلت اللجنة التنفيذية، من 9 أعضاء.

5. المواجهة المسلحة

كان سقوط الإمبراطور هيلاسيلاسي، في عام 1974م، فرصة مواتية للثورة الإريترية، للضغط على الحكومة الجديدة، لتحقيق مطالبها. وعلى الرغم من الخلافات الحادة، التي كانت بين أجنحة الثورة الإريترية، فإنها غامرت بهجوم مشترك، في أوائل عام 1975م، حقق بعض الأهداف الإعلامية والعسكرية، ولم يحقق باقي أهدافه.

كان لزاماً على الثورة أن تحتفظ بما تم تحريره من المناطق الريفية، مع تهديد المدن، وقطع المواصلات داخل الإقليم، وإزعاج القوات العسكرية الإثيوبية، حيث توجد الفرقة الثانية من المشاة. وعُين الجنرال "جيتاتشونادو"، حاكماً عسكرياً للإقليم، ومُنِحَ صلاحيات كبيرة، لمحاولة حل المشكلة سلماً أو حرباً، على أن يتم ذلك، بالتنسيق مع المجلس العسكري الإداري المؤقت، "الدرج"، وفُوِّضَ الميجور "سيسأي هايت" مسؤول لجنة الشؤون الخارجية، للتنسيق مع حاكم إريتريا، في أسلوب الحل السلمي للمشكلة، وقد اتسم عام 1976م و 1977م بسمتين ظاهرتين:

الأولى: عَقْدُ كُلٍ من الجبهة الشعبية، وقوات التحرير الشعبية، لمؤتمر عام، حددت خلاله كل جبهة، برنامجها وأهدافها.

الثانية: هي تحرير نسبة كبيرة من الريف الإريتري، مع الاستيلاء على بعض المدن المهمة.

6. مؤتمرات قوات التحرير الشعبية

عقدت قوات التحرير الشعبية، مؤتمرها في مارس 1977، وأعلنت برنامجها، الذي جاء أكثر تحديداً، حيث أعلنت أن الهدف الأساسي، الذي تحارب الجبهة من أجله، هو تحرير إريتريا بكامل حدودها الجغرافية، وتأسيس جمهورية إريتريا الديموقراطية.

أمّا في مجال العلاقات الخارجية، فقد أعلنت الآتي:

أ. اعترافها بأن هناك مصالح مشتركة، بين الشعبين الإريتري والإثيوبي، وتعتقد أنه يمكن الاتفاق على هذه المصالح، عندما يصبح مصير كل شعب بيده.

ب. إشادتها بالدعم المادي والأدبي، الذي لقيته الثورة الإريترية، من الوطن العربي، وتعمل من أجل زيادته، وتكاتفه معها، وقبولها الدعم من دول عدم الانحياز، ومصادقة كل من يمد يد الصداقة لإريتريا، باستثناء الأنظمة العنصرية، مثل إسرائيل، وجنوب أفريقيا.

7. موقف المجلس الثوري

أعلن المجلس الثوري، موقفه من الحكومة الإثيوبية، وحدده في النقاط الآتية:

أ. إتباع النظام الإثيوبي سياسة عدوانية، ضد جيرانه، مما يجعل الأراضي الإثيوبية، والوطن الإريتري، وشواطئه على البحر الأحمر، مرتعاً للدوائر الإمبريالية، وفي مقدمتها دولة إسرائيل، كما أن المجلس يعبر عن تضامنه مع الشعب الإثيوبي، في نضاله العادل.

ب. محاولة المجلس العسكري الإداري المؤقت بث الخلافات، وتعميقها بين الجبهات الإريترية.

ج. رفض الحل السلمي المقترح، بواسطة "الدرج"، في برنامج النقاط التسع.

د. يكون التفاوض مع إثيوبيا، للحل السلمي للمشكلة، بواسطة جميع فصائل الثورة الإريترية.

هـ. إدانة التسهيلات، التي منحتها إثيوبيا لإسرائيل، في البحر الأحمر، ومطالبة الدول المطلة على البحر الأحمر، عدم دعوة إثيوبيا، لأي مؤتمر خاص بالبحر الأحمر، وأن الثورة الإريترية هي الجهة الوحيدة، التي يحق لها التفاوض في أي مؤتمر.

و. إقرار علاقة الثورة بالوطن العربي وبأفريقيا، وحركات التحرر في العالم.

8. موقف الجبهة الشعبية

حددت الجبهة موقفها في الآتي:

أ. تحرير إريتريا، وإقامة دولة مستقلة، على أرضها.

ب. حرية الدين، والفكر، والعقيدة، لأبناء الشعب الإريتري.

ج. إقامة جيش قوي، يكون مسؤولاً عن تحرير إريتريا.

د. اعتماد الجبهة على سياسة خارجية، تتسم بالوضوح، تجاه المؤيدين لحق إريتريا العادل، والمشروع في الاستقلال.

هـ. المحافظة على المصالح المشتركة مع إثيوبيا، والاستعداد للدخول في مفاوضات معها لتحديد هذه المصالح وتقنينها.

9. تحرير الريف

في عام 1977م، نشطت الجبهات عسكرياً، حيث تمكنت قوات المجلس الثوري، من الاستيلاء على كل من: "تسيني"، و"على قدر". كما تمكنت الجبهة الشعبية، من الاستيلاء على "نقفة" و"كرن". أمّا قوات التحرير الشعبية، فكثفت من هجماتها قرب "أجوردات"، واستولت عليها في سبتمبر 1977، بعد معارك استمرت شهراً، وتمكنت الجبهات، في تلك الآونة، من تحرير نسبة كبيرة من الريف الإريتري، والسيطرة على الطرق، إضافة إلى المدن الكبرى.

هيأ قيام الجولة الثانية، بين الصومال وإثيوبيا، في مسرح الأوجادين، في يوليه 1977م، وانشغال معظم القوات الإثيوبية، في القتال ضد الصومال، التي تمكنت من اجتياح الأوجادين، فرصة للجبهات الإريترية، أن تستكمل تحرير إريتريا، والاستيلاء على أسمرة العاصمة، وإنهاء تحرير إريتريا لصالحها. ولكن رغبة كل جبهة، في أن تكون لها اليد العليا، والسيطرة على إريتريا، وخشيتها أن تقتحم العاصمة لتحريرها، فتُنهك قواها، ضد القوات الإثيوبية، بما يسمح للجبهات الأخرى، بمهاجمتها، والقضاء عليها، للانفراد بالسلطة، مثل ما حدث في أنجولا، جعل الجبهات تفضل الانتظار خارج أسمرة، وعدم مهاجمتها.