إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في القرن الإفريقي





القرن الأفريقي

مناطق النزاع الإثيوبي ـ الإريتري
الهجوم الإثيوبي على الصومال
التوزيع الديموجرافي
الحدود السياسية لإثيوبيا
الحدود السياسية لإريتريا
الخريطة الإدارية لإريتريا
جمهورية الصومال الديموقراطية



المبحث الخامس عشر

المبحث الرابع عشر

تطورات الأحداث الداخلية في المنطقة وتأثير الدور الإثيوبي

شهدت الساحة في القرن الإفريقي تطورات متلاحقة للأحداث، اشتملت على تطورات خاصة بالصراع الإريتري ـ الإثيوبي، وكذا تطورات على الساحة الصومالية من جانب الأطراف المتصارعة، إلى أن حدث التدخل الإثيوبي العسكري في الصومال، وتصدي الميليشيات المسلحة لقتال القوات الإثيوبية، ما أدى إلى خروجها من الصومال، في بداية عام 2009.

كذلك، تصاعدت الدعوة إلى المصالحة الوطنية في الصومال، التي نادت بها الأمم المتحدة، وانتهت بإقناع المحاكم الإسلامية بالانضمام للحكومة، ما أدى لانتخاب "شيخ شريف أحمد" رئيساً للحكومة، في يناير 2009.

أولاً: تطورات الصراع الإريتري ـ الإثيوبي

على الرغم من موافقتهما على وقف إطلاق النار، في ديسمبر 2000، وتوقيع اتفاق السلام بينهما في الجزائر، إلا أن الأوضاع ظلت متوترة، واستمرت الأعمال العدائية من الجانبين. عمدت إثيوبيا إلى حشد قواتها، فيما عدته إريتريا أعمالاً استفزازية. ومع الجهود المبذولة والمتواصلة للجنة ترسيم الحدود بين الطرفين، إلا أنها لم تتمكن من استئناف عملية الترسيم.

وقد صدرت العديد من قرارات مجلس الأمن، التي أكدت الالتزام بعملية السلام، وضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق السلام الشامل الموقع بين البلدين، منذ عام 2000، إلا أن الأوضاع ظلت على ما هي عليه، ويسودها جو من الشك في نوايا الطرفين تجاه بعضها.

في 13 سبتمبر 2005، أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1622، والذي يقضي بمد ولاية بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا حتى 15 مارس 2006. كما دعا القرار إلى الامتناع عن القيام بأي عمل يؤدي إلى تصعيد المواقف بين الطرفين.

في 6 ديسمبر 2005، أرسلت إريتريا رسالة إلى بعثة الأمم المتحدة، طالبت فيها بمغادرة موظفي الأمم المتحدة من الجنسيات الأمريكية والأوروبية والكندية والروسية الأراضي الإريترية خلال عشرة أيام، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى إصدار بيان يدين فيه هذا القرار، ودعا إريتريا إلى رفع القيود المفروضة على بعثة الأمم المتحدة لكي تؤدي عملها.

في 14 ديسمبر 2005، أصدر مجلس الأمن بياناً يدين فيه ما اتخذته إريتريا من إجراءات غير مقبولة، لإعاقة عمل البعثة.

في 15 ديسمبر 2005، أعادت بعثة الأمم المتحدة نشر بعض أفرادها، بواقع 77 من موظفيها المدنيين، و61 من أفرادها العسكريين، في إثيوبيا بدلاً من إريتريا.

في 23 ديسمبر 2005، أرسل وزير الخارجية الإثيوبي مذكرة إلى رئيس مجلس الأمن، يعلن  فيها قبول إثيوبيا للقرار الرقم 1640، وأنها سوف تعمل على الوصول لحل سلمي لخلافاتها مع إريتريا. ومن ثم أثبت الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره لمجلس الأمن أن إثيوبيا استجابت للقرار، بينما لم تستجب إريتريا له.

تظهر الأوضاع الراهنة عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار ملزم للطرفين، ما يتوقع معه استمرار حالة التوتر وعدم إمكانية تحسن العلاقات بينهما.

في بداية عام 2006، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً إلى مجلس الأمن، تضمن الآتي:

1. الاحتفاظ بالتشكيل الحالي للبعثة.

2. نقل المقر الرئيسي للبعثة من أسمرة إلى أديس أبابا، مع الإبقاء على مكتب اتصال بأسمرة.

3. تحويل البعثة إلى بعثة مراقبة على جانبي المنطقة الأمنية المؤقتة، أو على الجانب الإثيوبي فقط.

4. نشر قوة وقائية محدودة في المنطقة الأمنية المؤقتة، التي تسيطر عليها إثيوبيا.

في أكتوبر 2006، عبر ما يزيد عن 2000 جندي، من القوات الإريترية المسلحة بأسلحة ثقيلة، إلى القطاع الغربي في المنطقة الأمنية. وأعلن وزير الإعلام الإريتري أنهم دخلوا للإسهام في جني محاصيل المزارع، التي تمتلكها الدولة في المنطقة.

أما على الجانب الإثيوبي، فأدانت أثيوبيا التوغل الإريتري وعدته عملاً استفزازياً وانتهاكاً لاتفاق الجزائر.

في 9 نوفمبر 2006، أرسل رئيس لجنة الحدود بين إريتريا وإثيوبيا رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أوضح فيها أن اللجنة تقترح ترسيم الحدود بين البلدين وفقاً للإحداثيات،، بسبب عدم تعاون الطرفين، وعدم السماح للجنة الترسيم الدخول إلى منطقة الحدود لوضع الأعمدة الحدودية على الأرض. واعترضت إثيوبيا على مقترح اللجنة، بزعم أن ترسيم الإحداثيات يعد باطلاً من الناحية القانونية. كما رفضت إريتريا عدم تقيد اللجنة بترسيم الحدود على الأرض.

في النصف الثاني من عام 2006، امتد الصراع بين الجانبين إلى ما يشبه الحرب بالوكالة في الصومال، حيث تعبر القوات الإثيوبية لمساندة الحكومة الصومالية المؤقتة في صراعها ضد اتحاد المحاكم الإسلامية، بينما وقفت إريتريا إلى جانب اتحاد المحاكم الإسلامية. وقد أشارت بعض المصادر إلى دخول قوات إريترية الصومال لدعم قوات اتحاد المحاكم الإسلامية.

في 22 يناير 2007، قدم الأمين العام الجديد "بان كي مون"، استكمالاً لجهود "كوفي آنان" الأمين العام السابق، تقريراً لمجلس الأمن يحث فيه الدولتين على التعاون لحل النزاع، وحذر من إمكانية اندلاع حرب جديدة بين إثيوبيا وإريتريا.

في 30 يناير 2007، أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1741، وفيه:

1. طالب إثيوبيا بأن تقبل دون تأخير قرار لجنة الحدود بالترسيم، مع اتخاذ خطوات ملموسة.

2. طالب إريتريا بسحب قواتها ومعداتها من المنطقة الأمنية المؤقتة.

3. تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا حتى 31 يوليه 2007، مع تخفيض عدد العسكريين من 2300 جندي إلى 1700 جندي.

في منتصف فبراير 2007، عقد التحالف الديموقراطي الإريتري، وهو تحالف معارض يضم في عضويته 13 تنظيماً سياسياً إريترياً، مؤتمراً لمدة ستة أيام في أديس أبابا. وأكد المؤتمر تركيزه على المشكلات السياسية والاقتصادية، وأنه يعمل على إنقاذ الشعب الإريتري من الأوضاع التي سببها نظام "أفورقي".

في مارس 2007، دعا الرئيس الإثيوبي المجتمع الدولي للتدخل والعمل مع الطرفين، على حل النزاع من طريق التفاوض.

في 30 أبريل 2007، قدم الأمين العام تقريراً لمجلس الأمن، أفاد بأن الحالة متوترة في المنطقة الأمنية المؤقتة بين إثيوبيا وإريتريا، وأن إريتريا مستمرة في حشد قواتها في القطاع الغربي والأوسط، كما أن إثيوبيا كثفت وجودها العسكري، وبلغ عدد قواتها حوالي 1200 جندي مزودين بأسلحة ثقيلة على بعد سبعة كم من الحدود الجنوبية للمنطقة الأمنية، وأنه من المحتمل في ظل جمود الموقف الدولي استمرار الصراع إلى أمد غير معلوم.

ثانياً: تطورات الأوضاع في الصومال

أدى انهيار الدولة وتنامي الصراع المسلح إلى ازدياد نشاط المحاكم الإسلامية، وارتفاع عددها إلى 13 محكمة عسكرية في مقديشيو. وقد أنشئ اتحاد المحاكم الإسلامية، عام 2005.

في 25 يونيه 2006، كان اختيار "شيخ حسن ضاهر عويس" رئيساً لمجلس المحاكم الإسلامية، و"شيخ شريف شيخ أحمد" رئيساً للجنة التنفيذية المسؤولة عن إدارة المحاكم، والتي ستنفذ قرارات البرلمان. ومعلوم أن "شيخ شريف أحمد" يمثل التيار المعتدل.

مع ازدياد نفوذ المحاكم الإسلامية وتأثيرها في الواقع الصومالي، وقيامها بتطبيق الشريعة، وجهت الولايات المتحدة الأمريكية الاتهامات إلى اتحاد المحاكم الإسلامية بأنه مرتبط بتنظيم القاعدة. وعمدت إلى تبني سياسة جديدة إزاء الصومال، اعتبارا من أوائل عام 2006، وذلك ببناء تكتل سياسي عسكري مع الفصائل المسلحة، أُطلق عليه "تحالف إرساء السلام ومكافحة الإرهاب"، تأسس في 18 فبراير 2006، ليواجه ازدياد نفوذ اتحاد المحاكم الإسلامية.

اندلع الصراع المسلح بين اتحاد المحاكم الإسلامية، وتحالف إرساء السلام ومكافحة الإرهاب، المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية. واستطاع اتحاد المحاكم الإسلامية تحقيق انتصارات، ففرض سيطرته على العاصمة مقديشيو، في منتصف يونيه 2006، وطارد أمراء الحرب، واستولى على مدينة جوهر، في 15 يونيه 2006.

وفي إطار ازدياد نفوذ اتحاد المحاكم، استولى على مدينة سينكا، في 27 يونيه 2006، وعلى مدينة جاليكايو في بلاد بونت، في 12 أغسطس 2006.

وفي محاولة لمنع دخول قوات حفظ السلام الإفريقية، استولت المحاكم الإسلامية على ميناء كيسيمايو الإستراتيجي في منطقة جوبا بالجنوب، في 22 سبتمبر 2006، كما أغلقت الحدود مع كينيا، لمنع قوات حفظ السلام الدخول منها.

في 31 أكتوبر 2006، سيطرت المحاكم على مدينة هوبيو، ثم تابعت الاستيلاء على مجموعة من المدن والقرى في ولاية بلاند بونت، في نوفمبر 2006، وهي نياديرالي وسد هيجلي ودراجالي.

ويُلاحظ خلال هذه الفترة أن الحكومة والبرلمان لم يستطيعا الانتقال إلى الصومال من نيروبي، إلا في فبراير 2006؛ وعُقد أول اجتماع برلماني داخل الأراضي الصومالية؛ ولكن خلال أربعة أشهر، أي في شهر مايو 2006، نشب صراع مسلح من أجل فرص السيطرة على العاصمة، بين كل من اتحاد المحاكم الإسلامية وتحالف إعادة إرساء السلام.

بنجاح قوات المحاكم الإسلامية في السيطرة على مقديشيو، عمد البرلمان إلى الموافقة على نشر قوات حفظ سلام إفريقية لا تشارك فيها دول الجوار، وذلك في 14 يونيه 2006؛ لكن اتحاد المحاكم رفض هذا القانون لرغبتهم عدم تدخل أي أطراف خارجية في النزاعات الداخلية.

خالفت الحكومة الانتقالية نص القانون الذي وافق عليه البرلمان، ودعت قوات إثيوبية للتدخل، ما أدى إلى ازدياد تعقيد الموقف. وهددت المحاكم الإسلامية بإعلان الجهاد ضد إثيوبيا.

طرحت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع قرار على مجلس الأمن لنشر قوات حفظ سلام إفريقية، في نوفمبر 2006، ومن ثم صدر القرار الرقم 1725، في ديسمبر 2006.

1. التدخل العسكري الإثيوبي

أمَّنت إثيوبيا حدودها مع الصومال بنشر 20 ألف جندي على الحدود الإثيوبية ـ الصومالية، تحسباً لأي تطورات في المواقف. وقد أعلنت إثيوبيا الحرب رسمياً على المحاكم الإسلامية في الصومال، في 24 ديسمبر 2006.

إن هزيمة قوات المحاكم الإسلامية أمام مسلحي الحكومة الانتقالية، التي يدعمها الجيش الإثيوبي، وانسحاب قياداتها خارج الصومال، وتحالفها مع المعارضة الصومالية في مؤتمر أسمرة، في سبتمبر 2007، كان سبباً لانشقاق حركة الشباب الصومالية عن المحاكم الإسلامية. وقد شنت الحركة هجوماً انتحارياً على مقر رئيس الوزراء الصومالي "علي جيدي"، في يونيه 2007، قُتل فيه سبعة أشخاص، منهم خمسة من حراسه. ويظهر الهجوم أن حركة شباب المجاهدين، كفصيل منشق من قوات المحاكم الإسلامية، تركزت أعمالها على اغتيال مسؤولي الحكومة واستهداف معسكرات القوات الإثيوبية، وطائرات التجسس الأمريكية. فقد تمكنت من إسقاط طائرة تجسس، في 29 مارس 2008، وتصاعدت عملياتها خلال عام 2008. واستطاعت فرض سيطرتها على المدن الصومالية، وانتزاعها من سيطرة القوات الإثيوبية.

في 28 نوفمبر 2008، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي "ميليس زيناوي" أن قوات بلاده ستنسحب من الصومال في نهاية عام 2008، وأنه تم إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة ومفوضية الاتحاد الإفريقي، وعدّ الانسحاب بمثابة اعتراف غير رسمي بهزيمة القوات الإثيوبية.

2. اتفاق جيبوتي وانسحاب القوات الإثيوبية

من الناحية الرسمية، أعلنت إثيوبيا أنها اعتزمت مغادرة الصومال بعد توقيع اتفاق جيبوتي.

أ. اتفاق جيبوتي

وقّع الاتفاق، في 26 أكتوبر 2008، ممثلو الحكومة الانتقالية، وتحالف المعارضة من أجل تحرير الصومال، بزعامة "شيخ شريف أحمد"، وتحت إشراف الأمم المتحدة.

دعا الاتفاق إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين مقابل انسحاب القوات الإثيوبية، على أن تتولى قوات الاتحاد الإفريقي حفظ الأمن في المناطق التي خرجت منها القوات الإثيوبية. وقد قوبل الاتفاق بالرفض من قبل حركة شباب المجاهدين، وقوات اتحاد المحاكم الإسلامية، وتحالف تحرير الصومال.

في 26 نوفمبر 2008، وقع رئيس الوزراء السابق "نور حسين حسن"، و"شيخ شريف أحمد"، اتفاقاً لتقاسم السلطة بعد انسحاب القوات الإثيوبية. وتضمن الاتفاق زيادة عدد أعضاء البرلمان ليصبحوا 550 عضواً، على أن ينتخب البرلمان بعد تشكيله رئيس الدولة، وحكومة الوحدة الوطنية.

ب. الانسحاب الإثيوبي

انسحبت القوات الإثيوبية، مع بداية عام 2009، وكانت قد قدمت دعماً عسكرياً واستخباراتياً للحكومة المؤقتة.

وقد أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بياناً، في 3 يناير 2009، أكدت فيه اتخاذ التدابير لتفادي وقوع فراغ أمني نتيجة انسحاب القوات، وأنه تم الاتفاق على هذه التدابير خلال الاجتماع الذي عُقد في أديس أبابا بين قادة القوات الإفريقية لحفظ السلام، والقوات الإثيوبية، والجيش الصومالي.

ج. انتخاب "شيخ شريف أحمد" رئيساً للحكومة الانتقالية، في يناير 2009

شارك "شيخ شريف أحمد" في عملية مصالحة أطلقتها الأمم المتحدة، وانتهت بإقناع اتحاد المحاكم بالانضمام للحكومة، ثم انتُخب رئيساً للصومال، في 30 يناير 2009.

جرت عملية الانتخاب بين 11 مرشحاً في قاعة البرلمان الجيبوتي. وبدأت عملية التصويت صباح 30 يناير، وقد منح 50 عضواً أصواتهم، من 430 عضواً للشيخ شريف. وصدق البرلمان الصومالي على تعيين "عمر عبدالرشيد شرماركي" رئيساً للحكومة. ومن المعلوم أنه في ظل استمرار أعمال العنف، وسيطرة حركة شباب المجاهدين على مقر البرلمان الصومالي في مدينة بيداوة، اضطر أعضاء البرلمان للاجتماع خارج الصومال.